الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(ابْن فضل الله)
بدر الدّين ابْن فضل الله مُحَمَّد بن فضل الله القَاضِي بدر الدّين الْموقع أحد الْأُخوة
توفّي سنة سِتّ وَسبع مائَة زهو عَم القَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد ابْن القَاضِي محيي الدّين يحيى كَاتب السِّرّ بِالشَّام وَسَيَأْتِي ذكره فِي مَوْضِعه
وَزِير بوسعيد بالمماليك القانية غياث الدّين مُحَمَّد بن فضل الله بن أبي الْخَيْر ابْن عَليّ الْوَزير الْكَبِير غياث الدّين خواجا ابْن الْوَزير رشيد الدولة الهمذاني
ولد هَذَا فِي الْإِسْلَام وَلما نكب وَالِده وَقتل سلم واشتغل مُدَّة وَصَحب أهل الْخَيْر فَلَمَّا توفّي عَليّ شاه الْوَزير طلب السُّلْطَان بوسعيد غياث الدّين الْمَذْكُور وفوض إِلَيْهِ الوزارة ومكنه ورد إِلَيْهِ الْأَمر وَألقى إِلَيْهِ مقاليد الممالك وَحصل لَهُ من الارتقاء وَالْملك مَا لم يبلغهُ وَزِير غَيره فِي هَذِه الْأَزْمَان وَكَانَت رتبته من نوع رُتْبَة نظام الْملك
وَكَانَ من أجمل النَّاس فِي الصُّورَة وَأمه تركية وَله عقل ودهاء وغور مَعَ ديانَة وَحسن إِسْلَام وكرم وسؤدد وخبرة بالأمور كَانَ خيرا من وَالِده بِكَثِير
لَهُ آثَار جميلَة خرب كنائس بَغْدَاد ورد أَمر الْمَوَارِيث إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة فورث ذَوي الْأَرْحَام وَكَانَ إِلَيْهِ تَوْلِيَة نواب الممالك وعزلهم لَا يُخَالِفهُ القان فِي شَيْء وخدم السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَاحب مصر كثيرا وراعى مَصَالِحه وحقن دِمَاء الْإِسْلَام وَقرر الصُّلْح وَمَشى الْأُمُور على أجمل مَا يكون
وَلما توفّي السُّلْطَان بو سعيد نَهَضَ الْوَزير إِلَى شَاب من بقايا النَّسْل يُقَال لَهُ ارباكوون فسلطنه وَأخذ لَهُ الْبيعَة على الْأُمَرَاء واستوسق لَهُ الْأَمر فَخرج عَلَيْهِمَا عَليّ باشا خَال بو سعيد وَابْن بيدو فانفل الْجمع وَقتل ارباكوون والوزير فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة
ابْن كَاتب المرج مُحَمَّد بن فضل الله ابْن أبي نصر بن أبي الرضى السديد ابْن كَاتب المرج القوصي
قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي فِي تَارِيخ الصَّعِيد أديب كَامِل شَاعِر فَاضل كَأَنَّمَا خلق حلقه من نسمات السحر وصور وَجهه من محَاسِن الْقَمَر مَعَ فصاحة لِسَان وقلم وحياء وكرم وَصدق لهجة يسير بهَا على أوضح محجة وَكَانَ وَالِده قد أعْطى فِي سَعَة الْعَطاء مَا يعز الْآن وجوده فجازاه الله بِمَا أسلف من خير إِسْلَام أبنائه أَجْمَعِينَ وهداهم إِلَى اتِّبَاع
سيد الْمُرْسلين وانتقلوا من)
شَرِيعَة عِيسَى إِلَى شَرِيعَة مُحَمَّد الْمُخْتَار وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار
وَله مُشَاركَة فِي النَّحْو وَالْأُصُول وَالْحكمَة والطب وَغَيرهَا قَرَأَ النَّحْو وَالْأُصُول وَالْأَدب على نجم الدّين الطوفي الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ بقوص ثمَّ قَرَأَ التَّقْرِيب على مُؤَلفه الْعَلامَة أثير الدّين أبي حَيَّان وتأدب على تَاج الدّين أبي الْفَتْح مُحَمَّد ابْن الدشناوي ومجير الدّين عمر ابْن اللمطي وَشرف الدّين مُحَمَّد النصيبي بقوص وَغَيرهم
ونظم ونثر وَجرى على مَذْهَب أهل الْآدَاب فِي أَنهم يسْتَحلُّونَ محَاسِن الشَّبَاب ويستحلون التشبيب فِي الشَّرَاب وَوصف الْحباب
وتقلب فِي الولايات السُّلْطَانِيَّة وَهُوَ فِي كلهَا مَحْمُود وَجلسَ بالوراقين بقوص وَولي وكَالَة بَيت المَال بقوص قَالَ وَهُوَ الْآن مُقيم بِمَدِينَة هُوَ
وَأورد لَهُ من شعره
(إِذا حملت طيب الشذا نسمَة الصِّبَا
…
فَذَاك سلامي والنسيم فَمن رُسُلِي)
(وَإِن طلعت شمس النَّهَار ذكرتكم
…
بصالحةٍ وَالشَّيْء يذكر بِالْمثلِ)
وَمِنْه
(أَقُول لجنح اللَّيْل لَا تحك شعر من
…
هويت وَهَذَا القَوْل من جهتي نصح)
(فقد رام ضوء الصُّبْح يَحْكِي جَبينه
…
مرَارًا فَمَا حاكاه وانفضح الصُّبْح)
وَمِنْه
(لمن أشتكي البرغوث يَا قوم أَنه
…
أراق دمي ظلما وأرق أجفاني)
(وَمَا زَالَ بِي كالليث فِي وثباته
…
إِلَى أَن رماني كالقتيل وعراني)
(إِذا هُوَ آذَانِي صبرت تجلداً
…
وَيخرج عَقْلِي حِين يدْخل آذَانِي)
وَمِنْه من قصيدة ورد الكأس فَهِيَ نَار إِذا كَانَ وَلَا بُد من وُرُود النَّار
(وتحدى الَّذين لمَم يردوها
…
بضروب من معجزات الْكِبَار)
(فاجل فِي اللَّيْل من سناها شموساً
…
وادر فِي النَّهَار مِنْهَا الدراري)
(وار الدّرّ من يغوص عَلَيْهِ
…
عائماً من حبابها فِي النضار)
(إِنَّمَا لَذَّة المدامة ملكٌ
…
لَك فَاشْرَبْ وَمَا سواهَا عوار)
)
وَمِنْه
(برقٌ بدا من دَار علوه
…
أَو قلب صبٍ صَار جذوه)
فِيهَا قُلُوب العاشقين تضرمت صداً وجفوه إِنِّي اجتهدت فصرت فِي العشاق قدوة كل قدوة
(لَو أَن قيسا مدركي
…
لمشى على نهجي وعروه)
(لَا عَيْش من بعد الصبى
…
يحلو سوى بجنون صبوه)
بمهفهف يسبي الْعُقُول كَانَ فِي جفنيه قهوه أبدا قضيب الْقد مِنْهُ يمِيل من لينٍ ونشوه
(قد أسكرت رشفاته
…
لَكِنَّهَا كالشهد حلوه)
وَمِنْه
(أما وَطيب عشياتٍ وأسحارٍ
…
من بعْدهَا أفلت شمسي وأقماري)
(بهَا أذكر دهري كي يجود بهَا
…
وَلَا يجود وَلَا يَأْتِي بإعذار)
(لَو أَن تِلْكَ من الْأَيَّام عدن بهَا
…
أَو اللَّيَالِي وَلم تحتج لتذكار)
(لله ليلانها الْبيض الْقصار فكم
…
سطوت مِنْهَا على دهري ببتار)
(أنْكرت إفشاء سرٍ كنت أكتمه
…
فِيهَا ولكنني أنْكرت إنكاري)
(يَا للعجائب ليلٌ مَا هجعت بِهِ
…
لنوره كَيفَ تخفى فِيهِ أسراري)
(إِن الضنى عَن جَمِيع النَّاس ميزني
…
فَكَانَ على إخفائي وإظهاري)
(فَلَا تَقولُوا إِذا استبطأتم خبري
…
أما النسيم عَلَيْهِ سائرٌ سَار)
(فَلَو يمر نسيم بِي لسار إِلَى
…
مغناكم بِي كَمَا يسري بإخباري)
وَمِنْه موشح كتبه إِلَى كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي بِي مربعٌ قد خلا من أَهله فِي السبسب عمرَان فَإِن يكن أمحلا فمدمعي كالسحب هتان سروا فؤاد الشميم وكل وادٍ عاطر ولي فؤاد يهيم بالعشق وَهُوَ شَاعِر حكوا ظباء الصريم لَو صيد مِنْهُم نافر)
حذرت أَن لَا يريم فرام مَا أحاذر فَإِن سري فِي بهيم ليلٍ فبدرٌ سَافر وَإِن يسر عجلا فالظبي عِنْد الْهَرَب عجلَان أَو حلّ وسط الفلا فقومه من عرب غزلان يَقُول خل انطلاق الدمع قصد السمعة فَمَا لأهل النِّفَاق ووجنة كالجنة فَقلت دمعٌ يراق هَل رده فِي الْحِيلَة
كلفت مَا لَا يُطَاق فِي شرعة الْمحبَّة وَلَا وعدت العناق وقهوة الرِّيق الَّتِي من حاسديها الطلا وَحسن نظم الحبب خجلان لَا لَغْو فِيهَا وَلَا يحرسها من شنب رضوَان لَيست كراحٍ يُطَاف بهَا حَرَامًا لإحلال تدق عِنْد اختطاف عقول قوم كالجبال كم أمنت من يخَاف إِمَّا بِحَق أَو محَال وهونت من تلاف عرضٍ ودينٍ بعد مَال فدع كؤوس السلاف واستجل أَوْصَاف الْكَمَال فَإِنَّمَا يجتلى على الْكِرَام النجب إِحْسَان من عِنْده بالغلا يستعبد الْحر الأبي أَثمَان أثنت عَلَيْهِ العدا وعددت مآثره مَرْكَز بذل الجدا وَمن سواهُ الدائره بِلَا حُرُوف الندا لبت لهاة الغامره اسلف كلا يدا حَتَّى السَّحَاب الهامره وَقد ملا بالندى كل بقاع القاهره حَتَّى رَأينَا الملا لفضله وَالْأَدب قد دانوا إِذْ هم رعايا الْعلَا وجعفر بن تغلب سُلْطَان)
مِنْهُ يفاد الْكَلَام فَمَا يَقُول النَّاظِم فِي الْعلم حبرٌ أَمَام وَفِي السخاء حَاتِم فيا أَبَا الْفضل دَامَ لي ببقاك الْعَالم فَأَنت عين الْأَنَام يقظى وكلٌ نَائِم بك الجدود الْكِرَام تسر حَتَّى آدم أَنْت لمن قد تَلا على صميم النّسَب عنوان يَا آخرا أَولا كَأَنَّك فِي الْكتب قُرْآن وغادةٌ تنجلي فينجلي الْقلب الحزين بهَا يحلى الحليّ ويسحر السحر الْمُبين قلت لَهَا والخلي لم يدر مَا الدَّاء الدفين
بِاللَّه من ينطلي عَلَيْك أَو تألفين ابْن عليٍ بعلي قَالَت نعم يَا مُسلمين لَوْلَا عَليّ انطلا تركت أُمِّي وَأبي من شانو كِفَايَة الله البلى يبيت سواي وَذَا الصَّبِي فِي أحضانو وَمن موشحاه أَيْضا افتك بِنَا فِي السقم والهم كل فتك بخمرةٍ كالعندم أَو مرشف ابْن تركي فلونها لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك كم صبرت ذَا ألم من كدرٍ وضنك والعيش مِنْهُ يصفو والطيش يستخف وللسرور زحف مِنْهُ الهموم تهرب وَلَو أَتَت فِي ألف مِنْهُ فِي الخرجة يَا مرْحَبًا بالغائب إِذْ جَاءَ فِي العذار يزري بِكُل كاعب تزور فِي الْإِزَار فَلم أكن بخائب عَلَيْهِ فِي انْتِظَار)
وَلم أقل كالعاتب أَبْطَأت فِي مزاري إِلَّا الْتفت لخلفو وَقَالَ يُشِير بكفو وحاجبو لردفو هَذَا الثقيل حَقًا اعتبوا على انقطاعو خَلْفي نَاظر الْجَيْش مُحَمَّد بن فضل الله القَاضِي الْكَبِير الرئيس فَخر الدّين نَاظر الجيوش بالديار المصرية كَانَ متألهاً عمره لما كَانَ نَصْرَانِيّا وَلما أسلم
حُكيَ لي الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس عَن خَاله القَاضِي شرف الدّين ابْن زنبور قَالَ هَذَا ابْن أُخْتِي متعبد لأننا لما كُنَّا نَجْتَمِع على الشَّرَاب فِي ذَلِك الدّين يتركنا وينصرف ونفتقده إِذا طَالَتْ غيبته فنجده وَاقِفًا يُصَلِّي وَلما ألزموه بِالْإِسْلَامِ امْتنع وهم بقتل نَفسه بِالسَّيْفِ وتغيب أَيَّامًا ثمَّ أسلم وَحسن إِسْلَامه إِلَى الْغَايَة وَلم يقرب نَصْرَانِيّا وَلَا آواه وَلَا اجْتمع بِهِ وَحج غير مرّة وزار الْقُدس غير مرّة
وَقيل أَنه فِي آخر أمره كَانَ يتَصَدَّق كل شهر بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَبنى مَسَاجِد كَثِيرَة فِي الديار المصرية وَعمر أحواضاً كَثِيرَة فِي الطرقات وَبنى بنابلس مدرسة وَبنى بالرملة بيمارستاناً وَكثر من أَعمال الْبر
وَأَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن فضل الله أَنه كَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب انْتهى وزار الْقُدس
غير مرّة وَفِي بعض المرات أحرم من الْقُدس وَتوجه إِلَى الْحجاز
وَكَانَ إِذا خدمه الْإِنْسَان مرّة فِي عمره بَقِي صَاحبه إِلَى آخر وَقت وَقضى أشغاله وَكَانَت فِيهِ عصبية لأَصْحَابه وانتفع بِهِ خلق كثير فِي الدولة الناصرية من الْأُمَرَاء والنواب والقضاة وَالْفُقَهَاء والأجناد وَغَيرهم من أهل الشَّام ومصر لوجاهته عِنْد أستاذه وإقدامه عَلَيْهِ لم يكن لأحد من التّرْك وَلَا من المتعممين إقدامه عَلَيْهِ
أما أَنا فَسمِعت السُّلْطَان الْملك النَّاصِر يَقُول يَوْمًا فِي خانقاه سرياقوس لجندي وَاقِف بَين يَدَيْهِ يطْلب إقطاعاً لَا تطول وَالله لَو أَنَّك ابْن قلاون مَا أَعْطَاك القَاضِي فَخر الدّين خبْزًا يعْمل أَكثر من ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم
وَحكى القَاضِي عماد الدّين ابْن القيسراني أَنه قَالَ لَهُ فِي يَوْم خدمَة وَنحن فِي دَار الْعدْل يَا فَخر الدّين تِلْكَ الْقَضِيَّة طلعت فاشوش فَقَالَ لَهُ مَا قلت لَك أَنَّهَا عَجُوز نحسيريد بذلك بنت كوكاي امْرَأَة السُّلْطَان لِأَنَّهَا ادَّعَت أَنَّهَا حُبْلَى وأخباره مَعَه من هَذِه النِّسْبَة كَثِيرَة وَكَانَ أَولا كَاتب)
المماليك ثمَّ انْتقل إِلَى نظر الْجَيْش ونال من الوجاهة مَا لم ينله غَيره
وَكَانَ الْأَمِير سيف الدّين أرغون النَّائِب على عَظمته يكرههُ وَإِذا قعد للْحكم أعرض عَنهُ وأدار كتفه إِلَيْهِ وَلم يزل فَخر الدّين يعْمل عَلَيْهِ إِلَى أَن توجه أرغون إِلَى الْحجاز
فَقيل أَنه أَتَى بِذكرِهِ يَوْمًا وَقَالَ لَهُ يَا خوند مَا يقتل الْمُلُوك إِلَّا نوابهم هَذَا بيدراً قتل أَخَاك الْأَشْرَف وحسام الدّين لاجين الْمَنْصُور قتل بِسَبَب نَائِبه منكوتمر فتخيل السُّلْطَان مِنْهُ وَلما جَاءَ من الْحجاز لم يره وجهزه إِلَى حلب نَائِبا
وَهُوَ الَّذِي حسن لَهُ أَن لَا يكون لَهُ وَزِير بعد الجمالي وَلذَلِك بقيت جَمِيع أُمُور المملكة مُتَعَلقَة بِهِ فِي الجيوش وَالْأَمْوَال وَغَيرهَا
وَلما غضب عَلَيْهِ وَولى القَاضِي قطب الدّين ابْن شيخ السلامية صادره وَأخذ مِنْهُ أَربع مائَة ألف دِرْهَم فَلَمَّا رَضِي عَلَيْهِ أَمر بإعادتها إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا خوند أَنا خرجت عَنْهَا لَك فَابْن بهَا لَك جَامعا فَبنى بهَا الْجَامِع الَّذِي فِي موردة الحلفاء
وَسمعت من قزمان شخص كَانَ كَاتبا يحدث أَنه جَاءَ مرّة إِلَى الْقُدس وَكنت هُنَاكَ فَتوجه إِلَى قمامة وَكنت من خَلفه وَهُوَ لَا يراني وَهُوَ يمشي فِيهَا وَينظر إِلَى تِلْكَ المعابد وَيَقُول رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وعَلى الْجُمْلَة فَكَانَ للْملك وَالزَّمَان بِهِ جمال
وَكَانَ فِي آخر أمره يُبَاشر بِلَا مَعْلُوم وَترك الْجَمِيع إِلَّا كماجة تحضر لَهُ كل يَوْم من المخابز السُّلْطَانِيَّة وَيَقُول أتبرك بهَا
وَلما قيل للسُّلْطَان أَنه مَاتَ لَعنه وَقَالَ لَهُ خمس عشرَة سنة مَا يدعني أعمل مَا أُرِيد وَمن بعده تسلط السُّلْطَان على النَّاس وصادر وعاقب وتجرأ على كل شَيْء
وَتُوفِّي رحمه الله فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة ووصى من مَاله للسُّلْطَان بِأَرْبَع مائَة ألف دِرْهَم فَأخذ مِنْهُ أَكثر من ألف ألف دِرْهَم
الْمسند الْمُحدث الأندلسي مُحَمَّد بن فطيس بن وَاصل أَبُو عبد الله الغافقي الأندلسي الإلبيري مُحدث مُسْند بِتِلْكَ الديار قَالَ ابْن الفرضي كَانَ ضابطاً نبيلاً صَدُوقًا توفّي سنة تسع عشرَة وَثَلَاث مائَة
مُحَمَّد بن فليح بن سُلَيْمَان قَالَ الْعقيلِيّ لَا يُتَابع على بعض حَدِيثه
قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين كثير من الثِّقَات قد تفردوا وَيصِح أَن يُقَال فيهم لَا يتابعون على بعض)
حَدِيثهمْ انْتهى وَقد روى عَنهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة
المازيار صَاحب طبرستان مُحَمَّد بن قَارن المازيار صَاحب طبرستان
كَانَ مبايناً لعبد الله بن طَاهِر وَكَانَ الأفشين يدس إِلَيْهِ ويشجعه ويحمله على خلاف المعتصم فَخَالف وصادر النَّاس وأذلهم بطبرستان وَجعل السلَاسِل فِي أَعْنَاقهم وَهدم المدن فهرب النَّاس مِنْهُ إِلَى خُرَاسَان وَكتب المعتصم إِلَى عبد الله بن طَاهِر يَأْمُرهُ بقتاله فَبعث إِلَيْهِ عَمه الْحسن بن الْحُسَيْن بن مُصعب فحاربه وأحاط بِهِ وَأَخذه أَسِيرًا وَقتل أَخَاهُ شهريار وَجَاء بِهِ إِلَى عبد الله بن طَاهِر فوعده إِن هُوَ أظهره على كتب الأفشين إِلَيْهِ أَن يشفع لَهُ عِنْد المعتصم فَأقر لَهُ المازيار بالكتب فَأَخذهَا ابْن طَاهِر وَبعث بهَا وبالمازيار إِلَى المعتصم فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَلم يقر بهَا فَأمر بضربه حَتَّى مَاتَ وصلبه إِلَى جَانب بابك بَعْدَمَا ضرب المازيار أَربع مائَة وَخمسين سَوْطًا وَطلب المَاء فَلم يسق فَمَاتَ من وقته عطشاً
وَكَانَ الْمَأْمُون يعظمه وَيكْتب إِلَيْهِ من عبد الله الْمَأْمُون إِلَى أصبهبذ أصبهبذان وَصَاحب مُحَمَّد بن قَارن مولى أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَفِيه يَقُول أَبُو تَمام الطَّائِي من قصيدة
(وَلَقَد شفيت الْقلب من برحائها
…
أَن صَار بابك جَار مازيار)
(ثَانِيه فِي كبد السَّمَاء وَلم يكن
…
كاثنين ثانٍ إِذْ هما فِي الْغَار)
قلت وَقد غلط ابو تَمام فِي هَذَا التَّرْكِيب لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَال ثَانِي اثْنَيْنِ وثالث ثَلَاثَة ورابع أَرْبَعَة وَلَا يُقَال اثْنَيْنِ ثَان وَلَا ثَلَاثَة ثَالِث وَلَا أَرْبَعَة رَابِع