المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ابن عبد المنعم) - الوافي بالوفيات - جـ ٤

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْجُزْء الرَّابِع)

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(ربِّ أَعِنْ)

- ‌(ابْن عبيد الله)

- ‌(ابْن عبد المتكبر)

- ‌(ابْن عبد الْمجِيد)

- ‌(ابْن عبد المحسن)

- ‌(ابْن عبد الْملك)

- ‌(ابْن عبد الْمُنعم)

- ‌(ابْن عبد الْهَادِي)

- ‌(ابْن عبد الْوَاحِد)

- ‌(ابْن عبد الْوَلِيّ)

- ‌(ابْن عبد الْوَهَّاب)

- ‌(ابْن عتاب)

- ‌(ابْن عَتيق)

- ‌(ابْن عُثْمَان)

- ‌(ابْن عقيل)

- ‌(ابْن عَليّ)

- ‌(ابْن عمرَان)

- ‌(ابْن عمر)

- ‌(ابْن عَمْرو)

- ‌(ابْن عَوْف)

- ‌(ابْن عِيسَى)

- ‌(ابْن غَازِي)

- ‌(ابْن غَالب)

- ‌(ابْن غَسَّان)

- ‌(ابْن فَارس)

- ‌(ابْن فتح)

- ‌(ابْن الْفرج)

- ‌(ابْن الْفضل)

- ‌(ابْن فضل الله)

- ‌(ابْن الْقَاسِم)

- ‌(ابْن قَائِد)

- ‌(ابْن قرطاي)

- ‌(ابْن قلاوون)

- ‌(ابْن قنان)

- ‌(ابْن كثير)

- ‌(ابْن كرام)

- ‌(ابْن كشتغدي)

- ‌(ابْن كناسَة)

- ‌(ابْن لوي)

- ‌(ابْن اللَّيْث)

- ‌(ابْن ماهان)

- ‌(ابْن الْمُبَارك)

- ‌(ابْن المتَوَكل)

- ‌(ابْن الْمثنى)

- ‌(ابْن المجلي)

- ‌(ابْن محبب)

- ‌(ابْن مَحْبُوب)

- ‌(ابْن مُحرز)

- ‌(ابْن المحسن)

- ‌(ابْن مَحْمُود)

الفصل: ‌(ابن عبد المنعم)

3 -

(ابْن عبد الْمُنعم)

ابْن شقير ابْن حوارِي مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن نصر الله بن جَعْفَر بن أَحْمد بن حوارِي الشَّيْخ تَاج الدّين أَبُو المكارم التنوخي المعري الأَصْل الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ يعرف بِابْن شقير الأديب الشَّاعِر

ولد سنة سِتّ وست مائَة روى الْأَرْبَعين الَّتِي لهبة الرَّحْمَن الْقشيرِي عَن أبي الْفتُوح الْبكْرِيّ وَهُوَ أَخُو الْمُحدث الأديب نصر الله سمع الدمياطي مِنْهُمَا وَهُوَ من شعراء الْملك النَّاصِر وَله فِيهِ مدائح جمة وَكَانَ يُحِبهُ ويقدمه على غَيره من الشُّعَرَاء

من شعره

(مَا ضرّ قَاضِي الْهوى العذري حِين ولي

لَو كَانَ فِي حكمه يقْضِي عَليّ ولي)

(وَمَا عَلَيْهِ وَقد صرنا رَعيته

لَو أَنه مغمد عَنَّا ظبى الْمقل)

(يَا حَاكم الْحبّ لَا تحكم بسفك دمي

إِلَّا بفتوى فتور الْأَعْين النجل)

(وَيَا غَرِيم الأسى الْخصم الألد هوى

رفقا عَليّ فجسمي فِي هَوَاك بلي)

(أخذت قلبِي رهنا يَوْم كاظمةٍ

على بقايا دعاوٍ للهوى قبلي)

(ورمت مني كَفِيلا بالأسى عَبَثا

وَأَنت تعلم أَنِّي بالغرام ملي)

(وَقد قضى حَاكم التبريح مُجْتَهدا

عَليّ بالوجد حَتَّى يَنْقَضِي أَجلي)

(لذا قذفت شُهُود الدمع فِيك عَسى

أَن الْوِصَال بِجرح الجفن يثبت لي)

(لَا تسطون بعسال القوام على

ضعْفي فَمَا آفتي إِلَّا من الأسل)

(هددتني بالقلى حسبي الجوى وَكفى

أَنا الغريق فَمَا خوفي من البلل)

توفّي تَاج الدّين سنة تسع وَسِتِّينَ وست مائَة

وَمن شعر تَاج الدّين ابْن شقير

(أما الْوَفَاء فشيءٌ لَيْسَ يتَّفق

من بعد مَا خُنْت يَا قلبِي بِمن أَثِق)

(أغراك طرفِي بِمَا أغراك من فتنٍ

حَتَّى سبتك القدود الهيف والحدق)

(وَقد تشاركتما فِي فتح بَاب هوى

سدت على سلوتي من دونه الطّرق)

(سعيتما فِي دمي بغياً فنالكما

لفرط بغيكما التبريح والأرق)

(حتام لَا ترعوي يَا قلب ذب كمداً

فحسبك المزعجان الشوق والقلق)

)

(تبيت صبا كئيباً نهب جند هوى

لَا قاتلي بك طول الدَّهْر تعتلق)

(طوراً بنجدٍ وَأَحْيَانا بكاظمةٍ

وَتارَة لَك تبدو بالحمى علق)

ص: 37

(وكل يَوْم تعنيني إِلَى أملٍ

من دونه المرهفات الْبيض تمتشق)

(أبْكِي لكَي تنطفي من أدمعي حرقي

وَكلما فاض دمعي زَادَت الحرق)

(وَكنت أَشْكُو ولي صبرٌ ولي رمقٌ

فَكيف حَالي وَلَا صبرٌ وَلَا رَمق)

وَمِنْه أَيْضا

(أَقْسَمت برشق المقلة النباله

قلبِي وبلين الْقَامَة العساله)

(مَا ألبسني حلَّة سقمٍ وضنىً

يَا هِنْد سوى جفونك الغزاله)

وَمِنْه

(وغزالٍ سبى فُؤَادِي مِنْهُ

ناظرٌ راشقٌ وقدٌ رَشِيق)

(رِيقه رائق السلافة والث

غر حبابٌ وخده الراووق)

(حل صدغيه ثمَّ قَالَ لي افرق

بَين هذَيْن قلت فرقٌ دَقِيق)

وَمِنْه

(واحيرة القمرين مِنْهُ إِذا بدا

وَإِذا انثنى يَا خجلة الأغصان)

(كتب الْجمال وَيَا لَهُ مَا كاتبٍ

سطرين فِي خديه بالريحان)

وَكَانَ تَاج الدّين يلقب بالهدهد فَأعْطَاهُ الْملك النَّاصِر ضَيْعَة على نهر ثورا فحسده جمَاعَة وَسعوا على إخْرَاجهَا من يَده فَكتب إِلَى الْملك النَّاصِر

(مَا قدر دَاري فِي الْبناء فسعيهم

فِي هدمها قد زَاد فِي مقدارها)

(هَب أَنَّهَا إيوَان كسْرَى رفْعَة

أوما بجودك كَانَ أصل قَرَارهَا)

(فَاكْتُبْ بِأَنِّي لَا أعارض كاتبٌ

عصبٌ يضن عَليّ فِي إنكارها)

فالنص جَاءَ عَن النَّبِي مُحَمَّد الْهَادِي أقرُّوا الطير فِي أوكارها ابْن هامل المحدّث مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن عمار بن هامل شمس الدّين أَبُو عبد الله الْحَرَّانِي

سمع الزبيدِيّ وَابْن اللتي والإربلي والهمذاني وَابْن رَوَاحَة والسخاوي والقطيعي وَعمر بن كرم وَابْن رواج وَجَمَاعَة بديار مصر وعني بِالْحَدِيثِ عناية كَثِيرَة وَكتب الْكثير وتعب وَحصل روى عَنهُ ابْن الخباز والدمياطي وَابْن أبي الْفَتْح وَابْن الْعَطَّار)

توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسبعين وست مائَة ووقف أجزاءه بالضيائية وَكَانَ شيخ الحَدِيث بالعالمية

شهَاب الدّين ابْن الخيمي مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد شهَاب الدّين ابْن الخيمي الْأنْصَارِيّ اليمني الأَصْل الْمصْرِيّ الدَّار الشَّاعِر

حدث بِجَامِع التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن الْبناء الْمَكِّيّ وَأَجَازَ لَهُ ابْن سكينَة وَغَيره وعلت سنه وَحدث بِكَثِير من مروياته روى عَنهُ الدمياطي فِي

ص: 38

مُعْجَمه وَسمع مِنْهُ قطب الدّين ابْن مُنِير وفخر الدّين ابْن الظَّاهِرِيّ وَكَانَ هُوَ الْمُقدم على شعراء عصره مَعَ الْمُشَاركَة فِي كثير من الْعُلُوم وَكَانَ يعاني الخدم الديوانية وباشر وقف مدرسة الشَّافِعِي ومشهد الْحُسَيْن وَفِيه أَمَانَة وَمَعْرِفَة وَكَانَ مَعْرُوفا بالأجوبة المسكتة وَلم يعرف مِنْهُ غضب

عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة أَو أَكثر وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ سنة خمس وَثَمَانِينَ وست مائَة

وروى أَيْضا عَن عَتيق بن باقا وَابْن عبد الله بن الْبناء وَاتفقَ أَن نجم الدّين ابْن اسرائيل الشَّاعِر حج فَرَأى ورقة ملقاة فِيهَا القصيدة الَّتِي لِابْنِ الخيمي الْمَشْهُورَة البائية فادعاها

قَالَ قطب الدّين فَحكى لنا صاحبنا الْمُوفق عبد الله بن عمر أَن ابْن اسرائيل وَابْن الخيمي اجْتمعَا بعد ذَلِك بِحَضْرَة جمَاعَة من الأدباء وَجرى الحَدِيث فتحاكما إِلَى شرف الدّين ابْن الفارض فَقَالَ يَنْبَغِي لكل وَاحِد مِنْكُمَا أَن ينظم أبياتاً على هَذَا الْوَزْن والروي فنظم ابْن الخيمي لله قومٌ بجرعاء الْحمى غيب القصيدة ونظم ابْن اسرائيل لم يقْض فِي حبكم بعض الَّذِي يجب القصيدة فَلَمَّا وقف عَلَيْهِمَا ابْن الفارض أنْشد لِابْنِ اسرائيل لقد حكيت وَلَكِن فاتك الشنب وَحكم بالقصيدة لِابْنِ الخيمي واستجاد بعض الْحَاضِرين أَبْيَات ابْن اسرائيل وَقَالَ من ينظم مثل هَذَا مَا الْحَامِل لَهُ على ادِّعَاء مَا لَيْسَ بهفابتدر ابْن الخيمي وَقَالَ هَذِه سَرقَة عَادَة لَا سَرقَة حَاجَة وانفصل الْمجْلس وسافر ابْن اسرائيل لوقته من الديار المصرية وَقد طلب ابْن خلكان وَهُوَ نَائِب الحكم بِالْقَاهِرَةِ الأبيات من ابْن الخيمي فكتبها وذيل لَهُ فِي آخرهَا أبياتاً وَسَأَلَهُ الحكم بَينه وَبَين من ادَّعَاهَا وَالْقَصِيدَة المدعاة أنشدنيها من لَفظه الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ فتح الدّين مُحَمَّد)

بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سيد النَّاس الْيَعْمرِي قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ إجَازَة الشَّيْخ شهَاب الدّين مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم ابْن الخيمي وَفِي غَالب الظَّن أَنه سَماع

(يَا مطلباً لَيْسَ لي فِي غَيره أرب

إِلَيْك آل التَّقَصِّي وانْتهى الطّلب)

(وَمَا طمحت لمرأى أَو لمستمعٍ

إِلَّا لِمَعْنى إِلَى علياك ينتسب)

(وَمَا أَرَانِي أَهلا أَن تواصلني

حسبي علوا بِأَنِّي فِيك مكتئب)

(لَكِن يُنَازع شوقي تَارَة أدبي

فأطلب الْوَصْل لما يضعف الْأَدَب)

(وَلست أَبْرَح فِي الْحَالين ذَا قلقٍ

نامٍ وشوقٍ لَهُ فِي أضلعي لَهب)

(ومدمعٍ كلما كفكفت أدمعه

صونا لذكرك يعصيني وينسكب)

(وَيَدعِي فِي الْهوى دمعي مقاسمتي

وجدي وحزني فَيجْرِي وَهُوَ مختضب)

(كالطرف يزْعم تَوْحِيد الحبيب وَلَا

يزَال فِي ليله للنجم يرتقب)

يَا صَاحِبي قد عدمت المسعدين فساعدني على وَصبي لَا مسك الوصب

ص: 39

(بِاللَّه إِن جزت كثباناً بِذِي سلمٍ

قف لي عَلَيْهَا وَقل لي هَذِه الكثب)

(ليقضي الخد من أجراعها وطراً

فِي تربها يُؤَدِّي بعض مَا يجب)

(ومل إِلَى البان من شَرْقي كاظمةٍ

فلي إِلَى البان من شرقيها طرب)

(وَخذ يَمِينا لمغنىً تهتدي بشذا

نسيمه الرطب إِن ضلت بك النجب)

(حَيْثُ الهضاب وبطحاها يروضها

دمع المحبين لَا الأنواء والسحب)

(أكْرم بِهِ منزلا تحميه هيبته

عني وأنواره لَا السمر والقضب)

(دَعْنِي أعلل نفسا عز مطلبها

فِيهِ وَقَلْبًا لغدرٍ لَيْسَ يَنْقَلِب)

(فَفِيهِ عَايَنت قدماً حسن من حسنت

بِهِ الملاحة واعتزت بِهِ الريب)

(دانٍ وَأدنى وَعز الْحسن يَحْجُبهُ

عني وذلي والإجلال والرهب)

(أَحْيَا إِذا مت من شوقٍ لرُؤْيَته

بأنني لهواه فِيهِ منتسب)

(وَلست أعجب من جسمي وَصِحَّته

فِي حبه إِنَّمَا سقمي هُوَ الْعجب)

(والهف نَفسِي لَو أجدى تلهفها

غوثاً ووا حَربًا لَو ينفع الْحَرْب)

(يمْضِي الزَّمَان وأشواقي مضاعفةٌ

يَا للرِّجَال وَلَا وصلٌ وَلَا سَبَب)

(يَا بارقاً بأعالي الرقمتين بدا

لقد حكيت وَلَكِن فاتك الشنب)

)

(وَيَا نسيماً سرى من جو كاظمةٍ

بِاللَّه قل لي كَيفَ البان والعذب)

(وَكَيف جيرة ذَاك الْحَيّ هَل حفظوا

عهدا أراعيه إِن شطوا وَإِن قربوا)

(أم ضيعوا ومرادي مِنْك ذكرهم

هم الْأَحِبَّة إِن أعْطوا وَإِن سلبوا)

(إِن كَانَ يرضيهم إبعاد عبدهم

فَالْعَبْد مِنْهُم بِذَاكَ الْبعد مقترب)

(والهجر إِن كَانَ يرضيهم بِلَا سَبَب

فَإِنَّهُ من لذيذ الْوَصْل محتسب)

(وَإِن هم احتجبوا عني فَإِن لَهُم

فِي الْقلب مشهود حسنٍ لَيْسَ يحتجب)

(قد نزه اللطف وَالْإِشْرَاق بهجته

عَن أَن تمنعها الأستار والحجب)

(مَا يَنْتَهِي نَظَرِي مِنْهُم إِلَى رتبٍ

فِي الْحسن إِلَّا ولاحت فَوْقهَا رتب)

(وَكلما لَاحَ معنى من جمَالهمْ

لباه شوقٌ إِلَى مَعْنَاهُ منتسب)

(أظل دهري ولي من حبهم طربٌ

وَمن أَلِيم اشتياقي نحوهم حَرْب)

وَالَّتِي نظمها ابْن اسرائيل مِنْهَا

(لم يقْض فِي حبكم بعض الَّذِي يجب

قلبٌ مَتى عنّ ذكراكم لَهُ يجب)

(ولي وفيٌ لرسم الدَّار بعدكم

دمعٌ مَتى جاد ضنت بالحيا السحب)

(أحبابنا والمنى تدني زيارتكم

وَرُبمَا حَال من دون المنى الْأَدَب)

ص: 40

(مَا رَأْيكُمْ من حَياتِي بعد بعدكم

وَلَيْسَ لي فِي حياةٍ بعدكم أرب)

(قاطعتموني فأحزاني مُوَاصلَة

وحلتم فحلالي فِيكُم التَّعَب)

(رحتم بقلبي وَمَا كَادَت لتسلبه

لَوْلَا قدودكم الخطية السَّلب)

(يَا بارقاً ببراق الْحزن لَاحَ لنا

أَأَنْت أم أسلمت أقمارها النقب)

(وَيَا نسيماً سرى والعطر يَصْحَبهُ

أجزت حَيْثُ مشين الخرد الْعَرَب)

(أَقْسَمت بالمقسمات الزهر تحجبها

سمر العوالي والهندية القضب)

(لكدت تشبه برقاً من ثغورهم

يَا در دمعي لَوْلَا الظُّلم والشنب)

أخبرنَا الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود قَالَ قلت لِابْنِ اسرائيل يَا شيخ نجم الدّين لأي شَيْء قصرت عَن ابْن الخيمي فِي هَذَا الْمَعْنى قَالَ وشاعر فَحل وَأخذ الْمَعْنى بكرا فجوده وَلم يدع فِيهِ فضلَة أَو كَمَا قَالَ وَالْقَصِيدَة الَّتِي نظمها ابْن الخيمي ثَانِيًا مَعَ ابْن اسرائيل هِيَ مَا أنشدنيه الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود قَالَ أَنْشدني شهَاب الدّين مُحَمَّد بن عبد)

الْمُنعم ابْن الخيمي لنَفسِهِ

(لله قومٌ بجرعاء الْحمى غيب

جنوا عَليّ وَلما أَن جنوا عتبوا)

(يَا رب هم أخذُوا قلبِي فَلم سخطوا

وَإِنَّهُم غصبوا عيشي فَلم غضبوا)

(هم العريب بنجدٍ مذ عرفتهم

لم يبْق لي مَعَهم مالٌ وَلَا نشب)

(شاكون للحرب لَكِن من قدودهم

وفاترات اللحاظ السمر والقضب)

(فَمَا ألموا بحيٍ أَو ألم بهم

إِلَّا أَغَارُوا على الأبيات وانتهبوا)

(عهِدت فِي دمن الْبَطْحَاء عهد هوى

إِلَيْهِم وتمادت بَيْننَا حقب)

(فَمَا أضااعوا قديم الْعَهْد بل حفظوا

لَكِن لغيري ذَاك الْعَهْد قد نسبوا)

(من منصفي من لطيف مِنْهُم غنجٍ

لدن القوام لاسرائيل ينتسب)

مبدل الْقَوْم ظلما لَا يَفِي بمواعيد الْوِصَال وَمِنْه الذَّنب وَالْغَضَب

(تبين لثغته بالراء نسبته

والمين مِنْهُ بزور الْوَعْد وَالْكذب)

(موحدٌ فَيرى كل الْوُجُود لَهُ

ملكا وَيبْطل مَا يَأْتِي بِهِ النّسَب)

(فَمن عجائبه حدث وَلَا حرجٌ

مَا يَنْتَهِي فِي الْمليح الْمُطلق الْعجب)

(بدرٌ وَكن هلالاً لَاحَ إِذْ هُوَ بَال

وردي من شفق الْخَدين منتقب)

(فِي كأس مبسمه من حُلْو ريقته

خمرٌ ودر ثناياه بهَا حبب)

(فلفظه أبدا سَكرَان يسمعنا

من مُعرب اللّحن مَا ينسى بِهِ الْأَدَب)

(تجني لواحظه فِينَا ومنطقه

جِنَايَة يجتنى من مرها الضَّرْب)

ص: 41

(حُلْو الْأَحَادِيث والألحاظ ساحرها

تلغى إِذا نطق الألواح والكتب)

(لم تبْق أَلْفَاظه معنى يروق لنا

لقد شكت ظلمه الْأَشْعَار والخطب)

(فداؤه مَا جرى فِي الدمع من مهجٍ

وَمَا جرى فِي سَبِيل الْحبّ محتسب)

(وَيْح المتيم شام الْبَرْق من إضمٍ

فهزه كاهتزاز البارق الْحَرْب)

(وأسكن الْبَرْق من وجدٍ وَمن كلفٍ

فِي قلبه فَهُوَ فِي أحشائه لَهب)

(وَكلما لَاحَ مِنْهُ بارقٌ بعثت

مَاء المدامع من أجفانه سحب)

(وَمَا أعادت نسيمات الغوير لَهُ

أَخْبَار ذِي الأثل إِلَّا هزه الطَّرب)

(واهاً لَهُ أعرض الأحباب عَنهُ وَمَا

أَجدت رسائله الْحسنى وَلَا الْقرب)

)

وأنشدني الشَّيْخ جمال الدّين مَحْمُود بن طيّ الحافي قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ عفيف الدّين سُلَيْمَان بن عَليّ التلمساني

(لَوْلَا الْحمى وظباء بالحمى عرب

مَا كَانَ فِي البارق النجدي لي أرب)

(حلت عُقُود اصْطِبَارِي دونه حللٌ

خفوقها كارتياحاتي لَهَا تجب)

(وَفِي رياض بيُوت الْحَيّ من إضمٍ

وردٌ جنيٌ وَمن أكمامه النقب)

(يسْقِي الأقاحي مِنْهَا قرقفٌ فَإِذا

لَاحَ الْحباب عَلَيْهَا فاسمه الشهب)

(يقْضِي بهَا لعيون الناظرين على

كل الْقُلُوب قَضَاء مَا لَهُ سَبَب)

(إِلَّا تمارض أجفانٍ إِذا سلبت

فَمُقْتَضى همها المسلوب لَا السَّلب)

(وَبِي لَدَى الْحلَّة الفيحاء غُصْن نقاً

يهفو فيجذبه حقفٌ فينجذب)

(لَا تقدر الْحجب أَن تخفي محاسنه

وَإِنَّمَا فِي سناه الْحجب تحتجب)

(أعَاهد الراح أَنِّي لَا أفارقها

من أجل أَن الثنايا شبهها الحبب)

(وأرقب الْبَرْق لَا سقياه من أربي

لكنه مثل خديه لَهُ لَهب)

(يَا سالما فِي الْهوى مِمَّا أكابده

رفقا بأحشاء صبٍ شفه الوصب)

(فالأجر يَا أملي إِن كنت تكسبه

من كل ذِي كبدٍ حراء يكْتَسب)

(يَا بدر تمٍ محاقي فِي زِيَادَته

مَا آن أَن تنجلي عَن أفقك السحب)

(صَحا السكارى وسكري دَامَ فِيك أما

للسكر لَا سببٌ يرْوى وَلَا نسب)

(قد أيأس الصَّبْر والسلوان أيسره

وعاقه الصب عَن آماله الوصب)

(وَكلما لَاحَ يَا عَيْني وميض سنا

تهمي وَإِن هَب يَا قلبِي صبا تجب)

قلت فِيهِ مد حرى وَهِي مَقْصُورَة وَذكر ضمير الصِّبَا وَهِي مُؤَنّثَة

وأنشدني جمال الدّين مَحْمُود الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني عفيف الدّين لنَفسِهِ أَيْضا

ص: 42

(أينكر الوجد أَنِّي فِي الْهوى شجب

وَدون كل دُخان ساطعٌ لَهب)

(وَمَا سلوت كَمَا ظن الوشاة وَلَا

أسلو كَمَا يترجى الواله الوصب)

(فَإِن بَكَى لصباباتي عذول هوى

فلي بِمَا مِنْهُ يبكي عاذلي طرب)

(ناشدتك الله يَا روحي اذهبي كلفاً

بحب قومٍ عَن الجرعاء قد ذَهَبُوا)

(لَا تسأليهم ذماماً فِي محبتهم

فطالما قد وفى بِالذِّمةِ الْعَرَب)

)

(هم أهل ودي وَهَذَا واجبٌ لَهُم

وَإِنَّمَا ودهم لي فَهُوَ لَا يجب)

(هم ألبسوني سقاماً من جفونهم

أَصبَحت أرفل فِيهِ وَهُوَ ينسحب)

(وصيرت أدمعي حمراً خدودهم

فَكيف أجحد مَا منوا وَمَا وهبوا)

(هَل السَّلامَة إِلَّا أَن أَمُوت بهم

وجدا وَإِلَّا فبقياءي هِيَ العطب)

(إِن يسلبوا الْبَعْض مني والجميع لَهُم

فَإِن أشرف جزءي الَّذِي سلبوا)

(لَو تعلم العذبات المائسات بِمن

قد بَان عَنْهَا إِذا مَا اخضرت العذب)

(وَلَو درى منهل الْوَادي الَّذِي وردوا

من واردو مَائه لاهتزه الطَّرب)

(إِنِّي لأكظم أنفاسي إِذا ذكرُوا

كي لَا يحرقهم من زفرتي اللهب)

(أسائل البان عَن ميل النسيم بهم

سُؤال من لَيْسَ يدْرِي فِيهِ مَا السَّبَب)

(وَتلك آثَار لينٍ فِي قدودهم

مرت بهَا الرّيح فاهتزت لَهَا القضب)

(يصحو السكارى وَلَا أصحو ظماً بكم

ويسكر السكر من بعض الَّذِي شربوا)

وأنشدني من لَفظه لنَفسِهِ فِي هَذِه الْمَادَّة الْعَلامَة شهَاب الدّين مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد

(قضى وَهَذَا الَّذِي فِي حبهم يجب

فِي ذمَّة الوجد تِلْكَ الرّوح تحتسب)

(مَا كَانَ يَوْم رحيل الْحَيّ عَن إضمٍ

لروحه فِي بَقَاء بعدهمْ أرب)

(صبٌ بَكَى أسفا والشمل مجتمعٌ

كَأَنَّهُ كَانَ للتفريق يرتقب)

(نأوا فذابت عَلَيْهِم روحه كمداً

مَا كَانَ إِلَّا النَّوَى فِي حتفه سَبَب)

(لم يدر أَن قدود السمر مشبهةٌ

للبيض لَو لم يكن أسماءها القضب)

(وَظن كأس الْهوى يصحو النزيف بهَا

إِذْ أوهمته الثنايا أَنَّهَا الحبب)

(طُوبَى لمن لم يُبدل دين حبهم

بل مَاتَ وَهُوَ إِلَى الْإِخْلَاص منتسب)

(لَو لم يمت فيهم مَا عَاشَ عِنْدهم

حَيَاته من وَفَاة الْحبّ تكتسب)

(بانوا وفبي الْحَيّ ميتٌ ناح بعدهمْ

لَهُ الْحمام وسحت دمعها السحب)

(وشق غُصْن النقا من أَجله حزنا

جيوبه وأديرت حوله العذب)

ص: 43

(وَشَاهد الْغَيْث أنفاساً يصعدها

فَعَاد والبرق فِي أحشائه لَهب)

(لَو أنصفوا وقفُوا حفظا لمهجته

إِن الْوُقُوف على قَتْلَى الْهوى قرب)

(يَا بارق الثغر لَو لاحت ثغورهم

وشمت بارقها مَا فاتك الشنب)

)

(وَيَا حَيا جادهم إِن لَك تكن كلفاً

مَا بَال عَيْنَيْك مِنْهَا المَاء منسبك)

(وَيَا قضيب النقا لَو لم تَجِد خَبرا

عِنْد الصِّبَا مِنْهُم مَا هزك الطَّرب)

(بِاللَّه يَا نسمات الرّيح ايْنَ هم

وَهل نأوا أم دموعي دونهم حجب)

(بِاللَّه لما استقلوا عَن دِيَارهمْ

أحنت الدَّار من شوقٍ أم النجب)

(وَهل وجدت فُؤَادِي فِي رحالهم

فَإِنَّهُ عِنْدهم فِي بعض مَا سلبوا)

(نأوا غضاباً وقلبي فِي إسارهم

يَا ليتهم غصبوا روحي وَلَا غضبوا)

(طُوبَى لقلبٍ غَدا فِي الركب عِنْدهم

فَإِنَّهُ عِنْدهم ضيفٌ وهم عرب)

(وَإِن رجعت إِلَيْهِم فاذكري خبري

إِنِّي شَرقَتْ بدمع الْعين مذ غربوا)

(ثمَّ اذكري سفح دمعي فِي معاهدهم

لَا يذكر السفح إِلَّا حن مغترب)

(عساك أَن تعطفي نحوي معاطفهم

فالغصن بِالرِّيحِ ينأى ثمَّ يقترب)

وَقلت أَنا فِي هَذِه الْمَادَّة وَإِن لم أسلك الجادة

(يَا جيرةً مذ نأوا قلبِي بهم يجب

وَلَو قضى مَا قضى بعض الَّذِي يجب)

(سِرْتُمْ وقلبي أَسِير فِي حمولكم

فَكيف يرجع مضناكم وينقلب)

(وَأي عَيْش لَهُ يصفو ببعدكم

وَالْقلب مضطرم الأحشاء مُضْطَرب)

(أضرمتم نَار أشواقي ببينكم

فالجسم منسكبٌ والدمع منسكب)

(ناحت عَليّ حمامات اللوى ورثت

وَلَو رثتني مَا فِي فعلهَا عجب)

(تملي عَليّ من الأوراق مَا صنعت

سجعاً فتهتز من ألحانها القضب)

(والغيث لما رأى مَا قد منيت بِهِ

فكله مقلٌ بالدمع تنسكب)

(بِاللَّه يَا صَاح روحني بذكرهم

وزد عَسى أَن يخف الوجد والوصب)

(وَيَا رَسُولي إِلَيْهِم صف لَهُم أرقي

وَأَن طرفِي لضيف الطيف مرتقب)

(وأسأل مواهبهم للعين بعض كرى

عساي أَن يهبوا لي بعض مَا نهبوا)

(ولطف القَوْل لَا تسأم مُرَاجعَة

وأشك الْهوى والنوى قد ينجح الطّلب)

(عرض بذكرى فَإِن قَالُوا أتعرفه

فأسأل لي الْوَصْل وانكرني إِذا غضبوا)

(ذكرهم بليالٍ قد مَضَت بهم

وهم نجومي بهَا لَا السَّبْعَة الشهب)

(هم الرضى والمنى وَالْقَصْد من زمني

وكل مَا أرتجي والسول والأرب)

ص: 44