المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(ابْن عمر) ابْن عَليّ بن أبي طَالب مُحَمَّد بن - الوافي بالوفيات - جـ ٤

[الصفدي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْجُزْء الرَّابِع)

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(ربِّ أَعِنْ)

- ‌(ابْن عبيد الله)

- ‌(ابْن عبد المتكبر)

- ‌(ابْن عبد الْمجِيد)

- ‌(ابْن عبد المحسن)

- ‌(ابْن عبد الْملك)

- ‌(ابْن عبد الْمُنعم)

- ‌(ابْن عبد الْهَادِي)

- ‌(ابْن عبد الْوَاحِد)

- ‌(ابْن عبد الْوَلِيّ)

- ‌(ابْن عبد الْوَهَّاب)

- ‌(ابْن عتاب)

- ‌(ابْن عَتيق)

- ‌(ابْن عُثْمَان)

- ‌(ابْن عقيل)

- ‌(ابْن عَليّ)

- ‌(ابْن عمرَان)

- ‌(ابْن عمر)

- ‌(ابْن عَمْرو)

- ‌(ابْن عَوْف)

- ‌(ابْن عِيسَى)

- ‌(ابْن غَازِي)

- ‌(ابْن غَالب)

- ‌(ابْن غَسَّان)

- ‌(ابْن فَارس)

- ‌(ابْن فتح)

- ‌(ابْن الْفرج)

- ‌(ابْن الْفضل)

- ‌(ابْن فضل الله)

- ‌(ابْن الْقَاسِم)

- ‌(ابْن قَائِد)

- ‌(ابْن قرطاي)

- ‌(ابْن قلاوون)

- ‌(ابْن قنان)

- ‌(ابْن كثير)

- ‌(ابْن كرام)

- ‌(ابْن كشتغدي)

- ‌(ابْن كناسَة)

- ‌(ابْن لوي)

- ‌(ابْن اللَّيْث)

- ‌(ابْن ماهان)

- ‌(ابْن الْمُبَارك)

- ‌(ابْن المتَوَكل)

- ‌(ابْن الْمثنى)

- ‌(ابْن المجلي)

- ‌(ابْن محبب)

- ‌(ابْن مَحْبُوب)

- ‌(ابْن مُحرز)

- ‌(ابْن المحسن)

- ‌(ابْن مَحْمُود)

الفصل: 3 - ‌ ‌(ابْن عمر) ابْن عَليّ بن أبي طَالب مُحَمَّد بن

3 -

(ابْن عمر)

ابْن عَليّ بن أبي طَالب مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه من سَادَات بني هَاشم

روى عَنهُ الْأَرْبَعَة توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة أَو مَا دونهَا

الْوَاقِدِيّ مُحَمَّد بن عمر بن وَاقد السّلمِيّ مَوْلَاهُم الْمَعْرُوف بالواقدي الإِمَام أَبُو عبد الله الْمدنِي

روى عَن مُحَمَّد بن عجلَان وَابْن جريج وثور بن يزِيد وَأُسَامَة ابْن زيد وَمعمر بن رَاشد وَابْن أبي ذِئْب وَهِشَام بن الْغَاز وَأبي بكر ابْن أبي سُبْرَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك وَأبي معشر وخلائق وَكتب مَا لَا يُوصف كَثْرَة ولد سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة وَهُوَ مَعَ عَظمته فِي الْعلم ضَعِيف

قَالَ ابْن حَنْبَل لم ندفع أَمر الْوَاقِدِيّ حَتَّى روى عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن نَبهَان عَن أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أفعمياوان أَنْتُمَا فجَاء بِشَيْء لَا حِيلَة فِيهِ وَهَذَا لم يروه غير يُونُس

ولي الْقَضَاء أَربع سِنِين بِبَغْدَاد لِلْمَأْمُونِ وَكَانَ عَالما بالمغازي والسيرة والفتوح وَالْأَحْكَام وَاخْتِلَاف النَّاس توفّي بِبَغْدَاد لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَمِائَتَيْنِ

وروى عَنهُ ابْن مَاجَه وَكَانَ يقلب الْأَسَانِيد وَيَأْتِي بمتن وَاحِد وَله تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي تَارِيخ ابْن عَسَاكِر وَحَاصِل الْأَمر أَنه مجمع على ضعفه وأجود الرِّوَايَات عَنهُ رِوَايَة ابْن سعد فِي الطَّبَقَات كَانَ

ص: 168

يَقُول مَا من أحد إِلَّا وَكتبه أَكثر من حفظه وحفظي أَكثر من كتبي

وَيُقَال أَنه حمل كتبه على مائَة وَعشْرين وقرا وَيُقَال أَن الْمَأْمُون قَالَ لَهُ لَا بُد أَن تصلي غَدا بِالنَّاسِ الْجُمُعَة فَقَالَ وَالله مَا أحفظ سُورَة الْجُمُعَة قَالَ أَنا أحفظك فَجعل يلقنه السُّورَة حَتَّى يبلغ النّصْف مِنْهَا فَإِذا حفظه ابْتَدَأَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي فَإِذا حفظ النّصْف الثَّانِي نسي الأول فأتعب الْمَأْمُون ونعس فَقَالَ لعَلي بن صَالح حفظه أَنْت قَالَ عَليّ فَلم يحفظ واستيقظ الْمَأْمُون وَلم يحفظ فَقَالَ الْمَأْمُون هَذَا رجل يحفظ التَّأْوِيل وَلَا يحفظ التَّنْزِيل اذْهَبْ فصل بهم واقرأ أَي سُورَة أردْت

قَالَ الْوَاقِدِيّ صَار إِلَيّ من السُّلْطَان سِتّ مائَة ألف دِرْهَم مَا وَجَبت عَليّ فِيهَا زَكَاة وَمَات وَهُوَ على الْقَضَاء وَلَيْسَ لَهُ كفن فَبعث الْمَأْمُون بأكفانه

روى عَنهُ بشر الحافي أَنه سَمعه يَقُول مَا يكْتب للحمى يُؤْخَذ ثَلَاث وَرَقَات زيتون تكْتب يَوْم)

السبت وَأَنت طَاهِر على وَاحِدَة مِنْهُنَّ جَهَنَّم غرثى وعَلى الْأُخْرَى جَهَنَّم عطشى وعَلى الْأُخْرَى جَهَنَّم مقرورة ثمَّ تجْعَل فِي خرقَة وتشد على عضد المحموم الْأَيْسَر قَالَ الْوَاقِدِيّ الْمَذْكُور جربته فَوَجَدته نَافِعًا قَالَ ابْن خلكان نقل هَذِه الْحِكَايَة أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الَّذِي وَضعه فِي أَخْبَار بشر الحافي

وَله كتاب التَّارِيخ والمغازي والمبعث كتاب أَخْبَار مَكَّة كتاب الطَّبَقَات كتاب فتوح الشَّام كتاب فتوح الْعرَاق كتاب الْجمل كتاب مقتل الْحُسَيْن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم الرِّدَّة وَالدَّار حروب الْأَوْس والخزرج أُمَرَاء الْحَبَشَة والفيل وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم كتاب المناكح السَّقِيفَة وبيعة أبي بكر ذكر الْأَذَان سيرة أبي بكر ووفاته التَّرْغِيب فِي علم الْمَغَازِي وَغلط الرِّجَال تداعي قُرَيْش وَالْأَنْصَار فِي القطائع وَوضع عمر الدَّوَاوِين مولد الْحسن وَالْحُسَيْن ومقتله ضرب الدَّنَانِير تَارِيخ الْفُقَهَاء التَّارِيخ الْكَبِير الْآدَاب غلط الحَدِيث السّنة وَالْجَمَاعَة وذم الْهوى وَترك الْخُرُوج فِي الْفِتَن اخْتِلَاف أهل الْمَدِينَة والكوفة فِي أَبْوَاب الْفِقْه

قَالَ الْمفضل بن غَسَّان عَن أَبِيه قَالَ صليت خلق الْوَاقِدِيّ صَلَاة الْجُمُعَة فَقَرَأَ إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى صحف عِيسَى ومُوسَى

الْمقدمِي الْبَصْرِيّ مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن عَطاء الْمقدمِي الْبَصْرِيّ

روى عَنهُ الْأَرْبَعَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق توفّي سنة خمين وَمِائَتَيْنِ أَو مَا قبلهَا

الْحَافِظ الجعابي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن سلم ابو بكر الجعابي بِالْجِيم وَالْعين الْمُهْملَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة التَّمِيمِي الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ قَاضِي الْموصل

صحب ابْن

ص: 169

عقدَة وَسمع كثيرا وصنف الْأَبْوَاب والشيوخ والتاريخ وتشيعه مَشْهُور

روى عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وَكَانَ يفضل الْحفاظ بِأَنَّهُ كَانَ يَسُوق الْأَلْفَاظ من الْمُتُون على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَأكْثر الْحفاظ يتسمحون فِي ذَلِك

وَكَانَ إِمَامًا فِي الْمعرفَة بعلل الحَدِيث وثقات الرِّجَال ومواليدهم ووفياتهم وَمَا يطعن بِهِ على كل وَاحِد مِنْهُم وَلم يبْق فِي زَمَانه من يتقدمه فِي الدُّنْيَا

قَالَ السّلمِيّ سَأَلت عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ خلط وَذكر مذْهبه فِي التَّشَيُّع وَكَذَا ذكر الْحَاكِم عَن الدَّارَقُطْنِيّ وَذكر عَنهُ قَالَ قَالَ لي الثِّقَة من أَصْحَابنَا مِمَّن كَانَ يعاشر الجعابي أَنه كَانَ نَائِما فَكتب على رجله فَكنت أرَاهُ ثَلَاثَة أَيَّام لم يمسهُ بِالْمَاءِ وَلما مَاتَ أوصى أَن تحرق كتبه فأحرقت)

وفيهَا كتب النَّاس

وَتُوفِّي سنة خمس وَخمسين وَثَلَاث مائَة وَأورد لَهُ الْخَطِيب من شعره قَوْله

(يَا خليليّّ جنباني الرحيقا

إِنَّنِي لست للرحيق مطيقا)

(غير أَنِّي وجدت للكأس نَارا

تلهب الْجِسْم والمزاج الرقيقا)

وَقَوله

(وَإِذا جدت للصديق بوعدٍ

فصل الْوَعْد بالفعال الْجَمِيل)

(لَيْسَ فِي وعد ذِي السماحة مطلٌ

إِنَّمَا المطل فِي وعود الْبَخِيل)

ابْن دوست اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن دوست العلاف ابو بكر اللّغَوِيّ النَّحْوِيّ من أَوْلَاد الْمُحدثين

كَانَ أحد النُّحَاة الأدباء يحفظ اللُّغَة ويتقن الْعَرَبيَّة قَرَأَ عَلَيْهِ الْخَطِيب ابو زَكَرِيَّاء التبريزي الْأَدَب وَكَانَ مَشْهُورا بالصلاح والديانة والعفة سمع الحَدِيث من أبي عَليّ الْحسن بن شَاذان وَأبي الْقَاسِم عَليّ السمسار وروى عَنهُ ابو عَليّ أَحْمد بن مُحَمَّد البرداني

توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبع مائَة

وَمن شعره

(إِذا شِئْت أَن تبلو مَوَدَّة صاحبٍ

بواطنه مطويةٌ عَن ظواهره)

(فقس مَا بِعَيْنيهِ إِلَى مَا بِقَلْبِه

تَجِد خطراتٍٍ من خَفِي سرائره)

(فَكل خَلِيل ماذقٍ فِي مناظره

إِلَيْك دَلِيل مخبرٌ عَن ضمائره)

ابْن اميرك الْحَازِمِي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد ابْن اميرك أَبُو بكر الْأنْصَارِيّ الْحَازِمِي من أهل هراة

كَانَ فَقِيها فَاضلا مناظراً أديباً بارعاً متديناً سمع بهراة أَبَا الْفَتْح نصر بن أَحْمد الْحَنَفِيّ وَعبد الرَّزَّاق الْمَالِينِي وَأَبا الْفضل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الفضيلي وَأَبا الْفَتْح الْمُخْتَار بن عبد الحميد البوشنجي وَجَمَاعَة وبنيسابور أَبَا عبد الله مُحَمَّدًا الفراوي وَإِسْمَاعِيل بن أَحْمد الْقَارئ وَغَيرهمَا وبسرخس أَبَا الْمَعَالِي خلف بن الْحسن الْحداد وَأَبا النَّصْر مُحَمَّد بن الشرهمرد وَغَيرهمَا وببلخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله البسطامي

وَقدم بَغْدَاد حَاجا وَسمع بهَا من جمَاعَة ثمَّ قدمهَا وَحج وَعَاد وَحدث سمع مِنْهُ أَبُو الْفضل أَحْمد)

بن صَالح بن شَافِع وَعمر بن أَحْمد بن بكرون وَنصر الله بن سَلامَة الهيتي

توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة

ص: 170

ابْن الْقُوطِيَّة اللّغَوِيّ مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز ابو بكر ابْن الْقُوطِيَّة هِيَ جدة أبي جده وَهِي سارة بنت الْمُنْذر من بَنَات الْمُلُوك الْقُوطِيَّة الَّذين بإقليم الأندلس من ذُرِّيَّة قوم بن حامبالقاف والطاء الْمُهْملَة الْقُرْطُبِيّ النَّحْوِيّ

سمع بقرطبة من طَاهِر بن عبد الْعَزِيز وَأبي الْوَلِيد الْأَعْرَج وَمُحَمّد بن عبد الْوَهَّاب بن مغيث وَغَيرهم وَسمع بإشبيلية من مُحَمَّد بن عبد الله الزبيدِيّ وَسَعِيد بن جَابر وَغَيرهمَا

وَكَانَ عَلامَة زَمَانه فِي اللُّغَة والعربية حَافِظًا للْحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأَخْبَار لَا يلْحق شأوه وَلَا يشق غباره وَكَانَ مضطلعاً بأخبار الأندلس مَلِيًّا بِرِوَايَة سير أمرائها وأحوال فقهائها وأدبائها وشعرائها يملي ذَلِك عَن ظهر قلب وَكَانَت كتب اللُّغَة أَكثر مَا تملى عَلَيْهِ وَلم يكن بالضابط لرِوَايَة الحَدِيث وَلَا الْفِقْه وَلَا كَانَت لَهُ أصُول يرجع إِلَيْهَا وَكَانَ الَّذِي يسمع عَلَيْهِ من ذَلِك إِنَّمَا يحمل على الْمَعْنى لَا على اللَّفْظ وَكَثِيرًا مَا يقْرَأ عَلَيْهِ من ذَلِك للتصحيح لَا للرواية

وصنف كتبا مفيدة مِنْهَا كتاب تصاريف الْأَفْعَال وَهُوَ الَّذِي فتح الْبَاب فجَاء من بعده ابْن طريف وَابْن القطاع وأفعال الْحمار هِيَ أَجود مَا فِي هَذَا الْبَاب وصنف تَارِيخا للأندلس وَله الْمَقْصُور والممدود جمع فِيهِ فأوعى حَتَّى أعجز من يَأْتِي بعده وفَاق فِيهِ على من تقدمه

وَكَانَ ابو عَليّ القالي يعظمه كثيرا وَكَانَ ناسكاً عابداً تزهد أخيراًص عَن نظم الشّعْر قَالَ أَبُو يحيى بن هُذَيْل التَّمِيمِي تَوَجَّهت إِلَى ضيعتي يَوْمًا بسفح جبل قرطبة فصادفت ابْن الْقُوطِيَّة صادراً عَنْهَا وَكَانَت لَهُ هُنَاكَ ضَيْعَة فَقلت لَهُ

(من أَيْن أَقبلت يَا من لَا شَبيه لَهُ

وَمن هُوَ الشَّمْس وَالدُّنْيَا لَهُ فلك)

فَقَالَ

(من منزلٍ يعجب النساك خلوته

وَفِيه سترٌ عَن الفتاك إِن فتكوا)

وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة

وَمن شعر ابْن الْقُوطِيَّة

(ضحك الثرى وبدا لَك استبشاره

واخضر شَاربه وطر عذاره)

(ورنت حدائقه وآزر نبته

وتعطرت أنواره وثماره)

)

(واهتز ذابل كل مَاء قرارة

لما أَتَى متطلعاً آذاره)

(وتعممت صلع الرِّبَا بنباتها

وترنمت من عجمةٍ أطياره)

كاك الْحَنَفِيّ الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن طَاهِر أَبُو بكر الْمُقْرِئ

ص: 171

الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بكاك بكافين بَينهمَا ألف من أهل بخارا

نزل بِبَغْدَاد مُدَّة وَسمع بهَا الحَدِيث من جمَاعَة وجاور بِمَكَّة سِنِين وَكَانَ إِمَامًا لأَصْحَاب أبي حنيفَة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَكَانَ شَيخا أديباً فَاضلا متديناً صَالحا مكثراً من الحَدِيث

سمع ببخارا أَبَا الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن جذام وَأَبا نصر أَحْمد الريغذموني وبنسف ابا بكر مُحَمَّدًا الْبَلَدِي وبسمرقند أَبَا لقاسم عليا الصَّيْرَفِي الكشاني وبنيسابور أَبَا نصر الْوراق وَأَبا عَليّ نصر الله الخشنامي وَغَيرهمَا وبهمذان أَبَا مَنْصُور الْعجلِيّ وببغداد أَبَا عَليّ مُحَمَّد بن نَبهَان وَأَبا الْغَنَائِم النَّرْسِي وَغَيرهمَا وَحدث بِبَغْدَاد وَكتب عَنهُ أَبُو البركات ابْن السَّقطِي وروى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم مَحْمُود بن ماشاذه

توفّي فِي طَرِيق الْحجاز سنة خمس وَعشْرين وَخمْس مائَة

الْفَقِيه ابْن مازة الْحَنَفِيّ مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن مازة أَبُو جَعْفَر الْفَقِيه الْحَنَفِيّ من أهل بخارا رئيسها وَابْن رئيسها

كَانَ من فحول فقهائها الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ والنبل وَله التَّقَدُّم عِنْد الْمُلُوك والسلاطين قدم بَغْدَاد وَحدث عَن وَالِده روى عَنهُ أَبُو البركات مُحَمَّد بن عَليّ الْأنْصَارِيّ قَاضِي سيوط من أهل مصر فِي مشيخته

مولده سنة إِحْدَى عشرَة وَخمْس مائَة وَقتل سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة

الْحَافِظ ابو مَنْصُور الدينَوَرِي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد أَبُو مَنْصُور الدينَوَرِي الْحَافِظ

حدث بِبَغْدَاد عَن أبي الْحسن مُحَمَّد بن زَنْجوَيْه الْقزْوِينِي الْمُقْرِئ وَمُحَمّد بن عبد الله بن بزرج وروى عَنهُ عبد الرَّزَّاق الْأَصْبَهَانِيّ أَخُو أبي نعيم أَحْمد بن عبد الله الْحَافِظ فِي مُعْجم شُيُوخه

رَئِيس الطالبيين مُحَمَّد بن عمر بن يحيى بن الْحُسَيْن بن أَحْمد بن يحيى بن الْحُسَيْن بن الشَّهِيد زيد بن عَليّ الزيدي الْعلوِي ابو الْحسن الْكُوفِي نزيل بَغْدَاد

كَانَ رَئِيس الطالبيين مَعَ كَثْرَة الضّيَاع وَالْمَال قبض عَلَيْهِ عضد الدولة وسجنه وَأخذ أَمْوَاله وَبَقِي إِلَى أَن أطلقهُ شرف الدولة وَلَده يُقَال أَنه لما صادره أَخذ مِنْهُ ألف ألف دِينَار عينا توفّي)

سنة تسعين وَثَلَاث مائَة

سمع أَبَا الْعَبَّاس ابْن عقدَة وطبقته وروى عَنهُ أَبُو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ وشيوخ الْخَطِيب رفع ابو الْحسن عَليّ بن طَاهِر عَامل سقِِي الْفُرَات إِلَى شرف الدولة أَن الشريف زرع فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَثَلَاث مائَة ثَمَان مائَة ألف جريب وَأَنه يستغل ضيَاعه الفي ألف دِينَار وَبلغ الشريف ذَلِك فَدخل على شرف الدولة وَقَالَ يَا مَوْلَانَا وَالله مَا خاطبت بمولانا ملكا سواك وَلَا قبلت الأَرْض لملك سواك لِأَنَّك أخرجتني من محبسي وحفظت روحي ورددت عَليّ ضياعي وَقد أَحْبَبْت أَن أجعَل لَك النّصْف مِمَّا أملك وأطتبه باسم ولدك وَجَمِيع مَا بلغك عني صَحِيح فَقَالَ لَهُ شرف الدولة لَو كَانَ ارْتِفَاع ملكك أضعافه كَانَ قَلِيلا وَقد وفر الله مَالك عَلَيْك وأغنى وَلَدي عَنْك فَكُن على حالك وهرب ابْن طَاهِر إِلَى مصر فَلم يعد حَتَّى مَاتَ الشريف

وَلما بنى دَاره بِالْكُوفَةِ كَانَ فِيهَا حَائِط عَال فَسقط من الْحَائِط بِنَاء وَقَامَ سالما فَعجب النَّاس وَعَاد بِالْبِنَاءِ ليصلح الْحَائِط فَقَالَ لَهُ الشريف

ص: 172

قد بلغ أهلك سقوطك وهم لَا يصدقون بسلامتك وَكَأَنِّي بالنوائح وَقد أتين إِلَى بَابي فَاذْهَبْ إِلَيْهِم ليطمئنوا ويصدقوا أَنَّك فِي عَافِيَة وارجع إِلَى عَمَلك فَخرج الْبناء إِلَى أَهله مسرعاً فَلَمَّا بلغ عتبَة الْبَاب عثر فَوَقع مَيتا

خَال الشرفي النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْوَارِث أَبُو عبد الله الْقَيْسِي الْقُرْطُبِيّ النَّحْوِيّ وَيعرف بخال الشرفي

توفّي سنة تسع وَأَرْبع مائَة

الْحَافِظ ابْن الفخار المغربي مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف أَبُو عبد الله ابْن الفخار القطربي الْمَالِكِي الْحَافِظ عَالم الأندلس فِي زَمَانه

كَانَ إِمَامًا زاهداً من أهل الْعلم والورع ذكياًص عارفاًص بِمذهب الْأَئِمَّة وأقوال الْعلمَاء يحفظ الْمُدَوَّنَة جيدا والنوادر لِابْنِ أبي زيد كَانَ يُقَال أَنه مجاب الدعْوَة وفر عَن قرطبة لما نذرت البرابر دَمه

وَتُوفِّي سنة تسع عشرَة وَأَرْبع مائَة

أَبُو الْفضل الأرموي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف بن مُحَمَّد القَاضِي ابو الْفضل الأرموي الْفَقِيه الشَّافِعِي من أهل ارمية

قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ هُوَ فَقِيه إِمَام متدين ثِقَة صَالح الْكَلَام فِي الْمسَائِل كثير التِّلَاوَة حدث عَنهُ)

السلَفِي وَابْن عَسَاكِر وَابْن السَّمْعَانِيّ وَعبد الْخَالِق بن أَسد وَابْن طبرزد وتاج الدّين الْكِنْدِيّ وَجَمَاعَة كَثِيرَة كَانَ أسْند من بقى بِبَغْدَاد وَآخر من حدث عَنهُ بِالسَّمَاعِ الْفَتْح بن عبد السَّلَام توفّي سنة سبع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة

أَبُو جَعْفَر الْجِرْجَانِيّ مُحَمَّد بن عمر أَبُو جَعْفَر الْجِرْجَانِيّ أحد رُوَاة الْأَخْبَار وَأَيَّام النَّاس

ذكره أَبُو عبيد الله المرزباني فِي كتاب المقتبس فِي من كَانَ بِبَغْدَاد من الأدباء

من شعره

(إِنِّي لأعرض عَن أَشْيَاء تؤلمني

حَتَّى يظنّ رجالٌ أَن بِي حمقا)

(أخْشَى جَوَاب سفيهٍ لَا حَيَاء لَهُ

فسلٍ يظنّ رجالٌ أَنه صدقا)

الْمُقْرِئ الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ مُحَمَّد بن عمر الْمُقْرِئ الْكَاتِب من أهل الْجَانِب الشَّرْقِي بِبَغْدَاد

قَالَ ابْن النجار رَأَيْت لَهُ كتابا سَمَّاهُ تَفْضِيل أَخْلَاق الْكلاب على من أحْوج إِلَى العتاب من أهل الزيغ والارتياب روى فِيهِ عَن جمَاعَة سردهم ابْن النجار مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم عبد الله الْبَغَوِيّ

أَبُو جَعْفَر الْحَرْبِيّ مُحَمَّد بن عمر بن سعيد أَبُو جَعْفَر الْحَرْبِيّ

ذكره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح فِي كتاب الورقة فِي أَخْبَار الشُّعَرَاء وَقَالَ بغدادي راوية صَالح

من شعره

(أنيتك كشتاقاً وَجئْت مُسلما

عَلَيْك وَإِنِّي باحتجابك عَالم)

ص: 173

(فَأَخْبرنِي البواب أَنَّك نَائِم

وَأَنت إِذا استيقظت أَيْضا فنائم)

توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ

الأشتيخني النَّحْوِيّ مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس بن عَليّ الأديب ابو الْفضل الْقرشِي المَخْزُومِي الخالدي الإشتيخني السغدي السَّمرقَنْدِي

كَانَ أديباً نحوياً بارعاً صَالحا خيرا سريع الدمعة كتب بِنَفسِهِ أمالي أَئِمَّة سَمَرْقَنْد توفّي سنة سِتِّينَ وَخمْس مائَة أَو مَا دونهَا

الْحَافِظ ابو مُوسَى الْمَدِينِيّ مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الْحَافِظ الْكَبِير ابو مُوسَى بن أبي بكر ابْن أبي عِيسَى الْمَدِينِيّ الْأَصْبَهَانِيّ صَاحب التصانيف وَبَقِيَّة الْأَعْلَام

كَانَ وَاسع الدائرة فِي معرفَة الحَدِيث وَعلله وأبوابه وَرِجَاله وفنونه لم يكن فِي وقته أعلم مِنْهُ)

وَلَا أحفظ مِنْهُ وَلَا أَعلَى سنداً وروى عَنهُ جمَاعَة من الْحفاظ

لَهُ من التصانيف الْكتاب الْمَشْهُور فِي تَتِمَّة معرفَة الصَّحَابَة الَّذِي ذيل بِهِ على أبي نعيم يدل على تبحره والطوالات مجلدان وتتمة الغريبين والوظائف واللطائف وعوالي التَّابِعين وَعرض من حفظه كتاب عُلُوم الحَدِيث للْحَاكِم على إِسْمَاعِيل الْحَافِظ

وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة والمديني بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف نِسْبَة إِلَى مَدِينَة أَصْبَهَان

أَبُو نصر الْأَصْبَهَانِيّ مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد الرئيس أَبُو نصر الْأَصْبَهَانِيّ كَاتب الْوَزير نظام الْملك

قَالَ الباخرزي ورد علينا نيسابور وَكَانَ وُرُوده كورود الْورْد بعد انحسار برد الْبرد وَأورد لَهُ من شعره

(طويت رِدَاء ودي لَا كطيّ

يُرَاد بِهِ الْبَقَاء على النَّقَاء)

(وَمَا ظَنِّي بأعدائي إِذا مَا

يكون كَذَاك حَال الأصدقاء)

وَمِنْه

(شَرق وَغرب واغترب تلق الَّذِي

تهوى وتعزز أَي وجهٍ تشخص)

(وَأرى المهانة فِي اللُّزُوم فخله

إِن الْمَتَاع بأرضه يسترخص)

وَمِنْه

ص: 174

(بليت بمملوكٍ إِذا مَا بعثته

لأمرٍ أُعِيرَت رجله مشْيَة النَّمْل)

(بليد كَأَن الله خالقنا عَنَّا

بِهِ الْمثل الْمَضْرُوب فِي سُورَة النَّحْل)

وَمِنْه

(النَّاس أعداءٌ إِذا جربتهم

لمقلهم وأصادق المتمول)

(كَالرِّيحِ قد تطفي السراج لضَعْفه

وتزيد فِي ضوء الْحَرِيق المشعل)

الإِمَام حسام الدّين ابْن أُخْت صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن عمر بن لاجين ابْن أُخْت السُّلْطَان صَلَاح الدّين الْأَمِير حسام الدّين

توفّي فِي اللَّيْلَة الَّتِي توفّي فِيهَا صَاحب حماة تَقِيّ الدّين المظفر فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وحزن السُّلْطَان عَلَيْهِمَا وَدفن حسام الدّين فِي التربة الحسامية المنسوبة إِلَيْهِ من بِنَاء والدته)

سِتّ الشَّام وَهِي فِي الشامية الْكُبْرَى بِظَاهِر دمشق وَقيل اسْمه عمر بن لاجين

الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ مُحَمَّد بن عمر بن الْحُسَيْن بن الْحسن بن عَليّ الإِمَام الْعَلامَة فريد دهره ونسيج وَحده فَخر الدّين أَبُو عبد الله الْقرشِي التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ الطبرستاني الأَصْل الرَّازِيّ المولد ابْن خطيب الرّيّ الشَّافِعِي الْأَشْعَرِيّ

(عَلامَة الْعلمَاء وَالْبَحْر الَّذِي

لَا يَنْتَهِي وَلكُل بحرٍ سَاحل)

(مَا دَار فِي الحنك اللِّسَان وقلبت

قَلما بِأَحْسَن من ثناه أنامل)

ولد سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة واشتغل على وَالِده الإِمَام ضِيَاء الدّين وَكَانَ من تلامذة محيي السّنة أبي مُحَمَّد الْبَغَوِيّ وَكَانَ إِذا ركب يمشي حوله نَحْو ثَلَاث مائَة تلميذ فُقَهَاء وَغَيرهم وَكَانَ خوارزم شاه يَأْتِي إِلَيْهِ

وَكَانَ شَدِيد الْحِرْص جدا فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَالْحكمَة اجْتمع لَهُ

ص: 175

خَمْسَة أَشْيَاء مَا جمعهَا الله لغيره فِيمَا عَلمته من أَمْثَاله وَهِي سَعَة الْعبارَة فِي الْقُدْرَة على الْكَلَام وَصِحَّة الذِّهْن والاطلاع الَّذِي مَا عَلَيْهِ مزِيد والحافظة المستوعبة والذاكرة الَّتِي تعينه على مَا يُريدهُ فِي تَقْرِير الْأَدِلَّة والبراهين وَكَانَ فِيهِ قُوَّة جدلية وَنَظره دَقِيق وَكَانَ عَارِفًا بالأدب لَهُ شعر بالعربي لَيْسَ فِي الطَّبَقَة الْعليا وَلَا السُّفْلى وَشعر بالفارسي لَعَلَّه يكون فِيهِ مجيداً

وَكَانَ عبل الْبدن ربع اقامة كَبِير اللِّحْيَة فِي صورته فخامة كَانُوا يقصدونه من أَطْرَاف الْبِلَاد على اخْتِلَاف مقاصدهم فِي الْعُلُوم وتفننهم فَكَانَ كل مِنْهُم يجد عِنْده النِّهَايَة فِيمَا يرومه مِنْهُ

قَرَأَ الْحِكْمَة على الْمجد الْجبلي والجيلي من كبار الْحُكَمَاء وَقَرَأَ بعد وَالِده على الْكَمَال السمناني وَقيل على الطبسي صَاحب الْحَائِز فِي علم الروحاني وَالله أعلم

وَله تصانيف ورزق الإِمَام فَخر الدّين السَّعَادَة الْعُظْمَى فِي تصانيفه وانتشرت فِي الْآفَاق وَأَقْبل النَّاس على الِاشْتِغَال بهَا ورفضوا كتب الأقدمين وَكَانَ فِي الْوَعْظ باللسانين مرتبَة عليا وَكَانَ يلْحقهُ الوجد حَال وعظه ويحضر مَجْلِسه أَرْبَاب المقالات والمذاهب ويسألونه وَرجع بِسَبَبِهِ خلق كثير من الكرامية وَغَيرهم إِلَى مَذْهَب السّنة وَكَانَ يلقب بهراة شيخ الْإِسْلَام يُقَال أَنه حفظ الشَّامِل فِي أصُول الدّين لإِمَام الْحَرَمَيْنِ

قصد خوارزم وَقد تمهر فَجرى بَينه وَبَين أَهلهَا كَلَام فِيمَا يرجع إِلَى العقيدة فَأخْرج من الْبَلَد وَقصد مَا وَرَاء النَّهر فَجرى لَهُ أَيْضا مَا جرى بخوارزم فَعَاد إِلَى الرّيّ وَكَانَ بهَا طَبِيب)

حاذق لَهُ ثروة وَله بنتان فزوجهما بِابْني فَخر الدّين وَمَات الطَّبِيب فاستولى على جَمِيع نعْمَته وَمن ثمَّ كَانَت لَهُ النِّعْمَة وَلما وصل السُّلْطَان شهَاب الدّين الغوري صَاحب غزنة بَالغ فِي إكرامه وحصلت لَهُ أَمْوَال عَظِيمَة مِنْهُ وَعَاد إِلَى خُرَاسَان واتصل بالسلطان خوارزم شاه مُحَمَّد بن تكش وحظي عِنْده وَأَظنهُ توجه رَسُولا مِنْهُ إِلَى الْهِنْد

وَهُوَ أول من اخترع هَذَا التَّرْتِيب فِي كتبه وأتى فِيهَا بِمَا لم يسْبق إِلَيْهِ لِأَنَّهُ يذكر الْمَسْأَلَة وَيفتح بَاب تقسيمها وَقِسْمَة فروع ذَلِك التَّقْسِيم ويستدل بأدلة السبر والتقسيم فَلَا يشذ مِنْهُ عَن تِلْكَ الْمَسْأَلَة فرع لَهَا بهَا علاقَة فانضبطت لَهُ الْقَوَاعِد وانحصرت لَهُ الْمسَائِل وَكَانَ ينَال من الكرامية وينالون مِنْهُ

نقلت من خطّ الْفَاضِل عَلَاء الدّين الوداعي من تَذكرته أَن الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ رحمه الله كَانَ يعظ النَّاس على عَادَة مَشَايِخ الْعَجم وَأَن الْحَنَابِلَة كَانُوا يَكْتُبُونَ لَهُ قصصاً تَتَضَمَّن شَتمه ولعنه وَغير ذَلِك من الْقَبِيح فاتفق أَنهم رفعوا إِلَيْهِ يَوْمًا قصَّة يَقُولُونَ فِيهَا أَن ابْنه يفسق ويزني وَأَن امْرَأَته كَذَلِك فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ هَذِه الْقِصَّة تَتَضَمَّن أَن ابْني يفسق ويزني وَذَلِكَ مَظَنَّة الشَّبَاب فَإِنَّهُ شُعْبَة من الْجُنُون وَنَرْجُو الله تَعَالَى إِصْلَاحه وَالتَّوْبَة وَأما امْرَأَتي فَهَذَا شَأْن النِّسَاء إِلَّا من عصمه الله تَعَالَى وَأَنا شيخ مَا فيّ للنِّسَاء مستمتع هَذَا كلهَا يُمكن وُقُوعه وَأما أَنا فوَاللَّه لَا قلت أَن البارئ سبحانه وتعالى جسم وَلَا شبهته بخلقه وَلَا حيزته انْتهى

ذكرت هُنَا مَا يحْكى من أَنه رفع لبَعض الوعاظ مِمَّن يحسده ورقة فِيهَا إِن زَوجتك تَزني هِيَ وبناتك وأولادك يفسقون ويفعلون ويصنعون وَأَشْيَاء من هَذِه الْمَادَّة فقرأها فِي نَفسه وَقَالَ يَا جمَاعَة هَذِه الورقة فِيهَا سبّ أهل الْبَيْت وذمهم العنوا من كتبهافقال النَّاس كلهم لَعنه الله

وَلما توفّي الإِمَام فَخر الدّين بهراة فِي

ص: 176

دَار السلطنة يَوْم عيد الْفطر سنة سِتّ وست مائَة كَانَ قد أمْلى رِسَالَة على تِلْمِيذه ومصاحبه إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عَليّ الْأَصْبَهَانِيّ تدل على حسن عقيدته وظنه بكرم الله تَعَالَى ومقصده بتصانيفه والرسالة مَشْهُورَة وَلَوْلَا خوف الإطالة لذكرتها وَلَكِن مِنْهَا وَأَقُول ديني مُتَابعَة سيد الْمُرْسلين وقائد الْأَوَّلين والآخرين إِلَى حظائر قدس رب الْعَالمين وكتابي هُوَ الْقُرْآن الْعَظِيم وتعويلي فِي طلب الدّين عَلَيْهِمَا اللَّهُمَّ يَا سامع الْأَصْوَات وَيَا مُجيب الدَّعْوَات وَيَا مقيل العثرات وَيَا رَاحِم العبرات وَيَا قيام المحدثات والممكنات أَنا كنت)

حسن الظَّن بك عَظِيم الرَّجَاء فِي رحمتك وَأَنت قلتأنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي خيرا وَأَنت قلتأمن يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ وَأَنت قلتوغذا سالك عبَادي عني فَإِنِّي قريب فَهَب أَنِّي جِئْت بِشَيْء فَأَنت الْغَنِيّ الْكَرِيم وَأَنا الْمُحْتَاج اللَّئِيم وَأعلم أَنه لَيْسَ لي أحد سواك وَلَا أحد كريم سواك وَلَا أحد محسن سواك وَأَنا معترف بالزلة والقصور وَالْعَيْب والفتور فَلَا تخيب رجائي وَلَا ترد دعائي واجعلني آمنا من عذابك قبل الْمَوْت وَعند الْمَوْت وَبعد الْمَوْت وَسَهل عَليّ سَكَرَات الْمَوْت وخفض عني نزُول الْمَوْت وَلَا تضيق عَليّ سَبَب الآلام والسقام فَإنَّك أرْحم الرَّاحِمِينَ

ثمَّ قَالَ فِي آخرهَا واحملوني إِلَى الْجَبَل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هُنَاكَ وَإِذا وضعتموني فِي اللَّحْد فاقرؤوا عَليّ مَا تقدرون عَلَيْهِ من آيَات الْقُرْآن الْعَظِيم ثمَّ ردوا عَليّ التُّرَاب بِالْمَسَاحِي وَبعد إتْمَام ذَلِك قُولُوا مبتهلين إِلَى الله مُسْتَقْبلين الْقبْلَة على هَيْئَة الْمَسَاكِين المحتاجين يَا كريم يَا كريم يَا عَالما بِحَال هَذَا الْفَقِير الْمُحْتَاج احسن إِلَيْهِ واعطف عَلَيْهِ فَأَنت أكْرم الأكرمين وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ وَأَنت الفعال بِهِ وَبِغَيْرِهِ مَا تشَاء فافعل بِهِ مَا أَنْت أَهله فَأَنت أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة انْتهى

قلت وَمن وقف على هَذِه الْأَلْفَاظ علم مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا الإِمَام من صِحَة الِاعْتِقَاد ويقين الدّين وَاتِّبَاع الشَّرِيعَة المطهرة

(صلوةٌ وَتَسْلِيم وروح وراحة

عَلَيْهِ وممدود من الظل سَجْسَج)

وَأكْثر شناع عَلَيْهِ لخصومه أَنه أَكثر من إِيرَاد الشّبَه والأدلة للخصوم وَلم يجب عَنْهَا بطائل حضرت أَنا وَالشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس رحمه الله عِنْد الشَّيْخ أثير الدّين أبي حَيَّان فجَاء ذكر الإِمَام فَخر الدّين فَذكر ابْن سيد النَّاس أَن ابْن جُبَير ذكر عَنهُ فِي رحلته قَالَ ثمَّ دخلت الرّيّ فَوجدت ابْن خطيبها قد الْتفت عَن السّنة وشغلهم بكتب ابْن سينا وأرسطو فَقَالَ لي الشَّيْخ أثير الدّين وَأَظنهُ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق العيديقول فَخر الدّين وَإِن كَانَ قد أَكثر من إِيرَاد شبه الفلاسفة وملأ بهَا كتبه فَإِنَّهُ قد زلزل قواعدهم قلت الْأَمر كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إِذا ذكر للفلاسفة أَو غَيرهم من خصومه شُبْهَة ثمَّ أَخذ فِي نقضهَا فإمَّا أَن يَهْدِمهَا ويمحوها ويمحقها وَإِمَّا أَن يزلزل أَرْكَانهَا من ذَلِك أَنه أَتَى إِلَى شُبْهَة الفلاسفة فِي أَن وجود الله تَعَالَى عين ذَاته وَلَهُم فِي)

ذَلِك شبه وحجج قَوِيَّة مَبْنِيَّة على أصولهم الَّتِي قرؤها فَقَالَ هَذَا كُله مَا نعرفه وَلَكِن نَحن نعلم قطعا أَن الله تَعَالَى مَوْجُود ونشك فِي ذَاته مَا هِيَ فَلَو كَانَ وجوده عين ذَاته لما كُنَّا نعلم وجوده من وَجه ونجهله من وَجه إِذْ الشَّيْء

ص: 177

لَا يكون فِي نَفسه مَعْلُوما مَجْهُولا

هَذَا أَمر قَطْعِيّ فَانْظُر إِلَى هَذِه الْحجَّة مَا أقواها وأوضحها وأجلاها كَيفَ تهدم مَا بنوه وتدكدك مَا شيدوه وعلوه وَمَا رَأَيْت أحدا يَقُول إِذا عابه غير ذَلِك وَلم يَأْتِ بِشَيْء من عِنْده حَتَّى يَقُول كَانَ يَنْبَغِي أَن نجيب عَن كَذَا وَكَذَا فَيكون قد استدرك مَا أهمله وأغفله والأعمال بِالنِّيَّاتِ

وَلما مَاتَ الإِمَام فَخر الدّين خلف ثَمَانِينَ ألف دِينَار سوى الدَّوَابّ وَالْعَقار وَغير ذَلِك وَخلف وَلدين الْأَكْبَر مِنْهُمَا تجند فِي حَيَاة أَبِيه وخدم خوارزم شاه وَالْآخر اشْتغل وَلم نعلم لَهُ تَرْجَمَة وَأَظنهُ الَّذِي صنف لَهُ الْأَرْبَعين فِي أصُول الدّين لكنه قَالَ لأكبر أَوْلَادِي مُحَمَّد وَالله أعلم

وَكَانَ الإِمَام فِي أَيَّامه لَهُ صُورَة كَبِيرَة وجلالة وافرة وعظمة زَائِدَة

ذكر ابْن مسدي فِي مُعْجَمه عَن ابْن عنين رحمه الله يَقُول سَمِعت أَبَا المحاسن مُحَمَّد بن نصر الله ابْن عنين رحمه الله يَقُول كنت بخراسان فِي مجْلِس الْفَخر الرَّازِيّ إِذْ أَقبلت حمامة يتبعهَا جارح فَسَقَطت فِي حجر الرَّازِيّ وعاذت بِهِ وَهُوَ على منبره فَقُمْت وأنشدت بديهاً

(يَا ابْن الْكِرَام المطعمين إِذا شتوا

فِي كل مسغبةٍ وثلجٍ خاشف)

(والعاصمين إِذا النُّفُوس تطايرت

بَين الصوارم والوشيج الراعف)

(من نبأ الورقاء أَن محلكم

حرمٌ وَأَنَّك ملْجأ للخائف)

(وافت إِلَيْك وَقد تدانى حتفها

فحبوتها ببقائها المستأنف)

(وَلَو أَنَّهَا تحبى بمالٍ لانثنت

من راحتيك بنائلٍ متضاعف)

(جَاءَت سُلَيْمَان الزَّمَان حمامةٌ

وَالْمَوْت يلمع من جناحي خاطف)

فَخلع عَلَيْهِ جُبَّة كَانَت عَلَيْهِ قَالَ فَكَانَ هَذَا سَببا لإقبال السُّعُود عَليّ وتسني الآمال لدي انْتهى

واقترح الإِمَام عَلَيْهِ قصيدة فِي كل كلمة مِنْهَا سين فنظمها ابْن عنين وأولها

(مرسى السِّيَادَة سنة سيفية

محروسة مسعودة التأسيس)

واقترح عَلَيْهِ قصدة أُخْرَى فِي كل كلمة مِنْهَا حاء فنظمها أَيْضا وأولها

(حيى مَحل الحاجبية بالحمى

والسفح سيح مدلح سحاح)

والقصيدتان مثبتتان فِي ديوانه ومدحه بقصيدة سَيرهَا إِلَيْهِ من نيسابور مِنْهَا)

(من دوحةٍ فخريةٍ عمريةٍ

طابت مغارس مجدها المتأثل)

(مَكِّيَّة الْأَنْسَاب زاكٍ أَصْلهَا

وفروعها فَوق السماك الأعزل)

(بحراً تصدر للعلوم وَمن رأى

بحراً تصدر قبله فِي محفل)

ص: 178

(ومشمراً بِهِ بدعٌ تَمَادى عمرها

قهرا وَكَاد ظلامها لَا ينجلي)

(فعلا بِهِ الْإِسْلَام أرفع هضبةٍ

ورسا سواهُ فِي الحضيض الْأَسْفَل)

(غلط امرؤٌ بِأبي عليّ قاسه

هَيْهَات قصر عَن مداه أَبُو عَليّ)

(لَو أَن رسطاليس يسمع لَفْظَة

من لَفظه لعرته هزة أفكل)

(ولحار بطليموس لَو لاقاه من

برهانه فِي كل شكل مُشكل)

(فَلَو أَنهم جمعُوا لَدَيْهِ تيقنوا

أَن الْفَضِيلَة لم تكن للْأولِ)

وَقَالَ ابْن عنين حصلت بِلَاد الْعَجم من جِهَة فَخر الدّين وبجاهه نَحوا من ثَلَاثِينَ ألف دِينَار ذكر ذَلِك ابْن أبي أصيبعة فِي تَارِيخه

وَحكى لي بعض الأفاضل أَن بعض الملوكأنسيتهسأله أَن يضع لَهُ شَيْئا فِي الْأُصُول يقرأه فَقَالَ لَهُ بِشَرْط أَنَّك تحضر إِلَى درسي وتقرأه عَليّ فَقَالَ نعم وَأَزِيدك على هَذَا فَوضع لَهُ المحصل قَالَ الحاكي والعهدة عَلَيْهِ فِي ذَلِك أَن السُّلْطَان كَانَ يَجِيء وَيقف وَيَأْخُذ مداسه يَعْنِي مداس الإِمَام ويحمله فِي كمه وَيسمع الدَّرْس فِي الْكتاب قلت إِذا كَانَ السُّلْطَان كَذَلِك كَيفَ لَا يرغب أهل الْعلم ويزادون نشاطاً ويجتهدون فِي طلب الغايات وَقَالَ لي يَوْمًا الشَّيْخ فتح الدّين ابْن سيد النَّاس مَا أعجب إِلَّا من فَخر الدّين كَونه وضع تَفْسِيرا أَنْت من أَيْن وَالتَّفْسِير من أَيْن كَمَا أعجب من تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية كَونه يرد على فَخر الدّين وَابْن سينا فَقلت لَهُ مَا الْقيَاس صَحِيحا وَلَا المسألتان متقابلتين لِأَن الإِمَام إِذا عمل تَفْسِيرا يحسن أَن يَقُول قَالَ فلَان كَذَا وَقَالَ فلَان كَذَا فينقل أَقْوَال الْمُفَسّرين وَلَكِن إِذا أَخذ الْآيَة وَذكر أَدِلَّة الشَّافِعِيَّة مِنْهَا وأدلة الْحَنَفِيَّة مِنْهَا وَبحث بَين الْفَرِيقَيْنِ من هُوَ الَّذِي يجْرِي مَعَه فِي ذَلِك الميدان وَإِن كَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أقعد بِعلم الرِّوَايَة

وَقلت يوماًص للشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة أبي الْحسن عَليّ السُّبْكِيّ قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية وَقد ذكر تَفْسِير الإِمَام فِيهِ كل شَيْء إِلَّا التَّفْسِير فَقَالَ قَاضِي الْقُضَاة مَا الْأَمر كَذَا إِنَّمَا فِيهِ مَعَ التَّفْسِير كل شَيْء انْتهى)

وَمن تصانيف الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى التَّفْسِير الَّذِي لَهُ وَهُوَ فِي سِتَّة وَعشْرين مجلداً ذكر تَفْسِير الْفَاتِحَة مِنْهُ فِي مجلدة وَهُوَ على تجزئة الْفَاتِحَة فِي أَكثر من ثَلَاثِينَ مجلداً وأكمل التَّفْسِير على الْمِنْبَر إملاءً تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة على الْوَجْه الْعقلِيّ لَا النقلي أسرار التَّنْزِيل وأخبار التَّأْوِيل نِهَايَة الْعُقُول فِي أصُول الدّين يكون فِي أَربع مجلدات المطالب الْعَالِيَة فِي الْأُصُول أَيْضا فِي أَرْبَعَة كبار كتاب الْأَرْبَعين فِي مجلدة كَبِيرَة المحصل مجلدة كتاب الْخمسين صَغِير المعالم فِي أصُول الدّين وَالْفِقْه الْخلق والبعث مجلدة تأسيس التَّقْدِيس مجلدة الْبَيَان والبرهان فِي الرَّد على أهل الزيغ والطغيان الْمَحْصُول فِي أصُول الْفِقْه فِي مجلدين الْمُنْتَخب فِي أصُول الْفِقْه مجلدة النِّهَايَة البهائية فِي المباحث القياسية أجوبة الْمسَائِل النجارية الطَّرِيقَة

ص: 179

العلائية فِي الْخلاف أَربع مجلدات شرح أَسمَاء الله الْحسنى إبِْطَال الْقيَاس الْملَل والنحل المباحث الْعمادِيَّة فِي المطالب المعادية تَحْصِيل الْحق عُيُون الْمسَائِل إرشاد النظار إِلَى لطائف الْأَسْرَار فَضَائِل الصَّحَابَة الْقَضَاء وَالْقدر ذمّ الدُّنْيَا نفثة المصدور إحكام الْأَحْكَام الرياض المؤنقة عصمَة الْأَنْبِيَاء تعجيز الفلاسفة بالفارسي الْأَخْلَاق اللطائف الغياثية الرسَالَة الكمالية فِي الْحَقَائِق الإلهية بالفارسي عربها تَاج الدّين الأرموي رِسَالَة الْجَوْهَر الْفَرد الْآيَات الْبَينَات فِي الْمنطق تَرْجِيح مَذْهَب الشَّافِعِي وأخباره شرح أَبْيَات الشَّافِعِي الْأَرْبَعَة الَّتِي أَولهَا وَمَا شِئْت كَانَ وَإِن لم أشأ أَظُنهُ كتاب الْقَضَاء وَالْقدر الزبدة نِهَايَة الإيجاز اخْتِصَار دَلَائِل الإعجاز الْمُحَرر فِي النَّحْو قِطْعَة من شرح الْوَجِيز شرح الْمفصل لم يتمه شرح ديوَان المتنبي شرح سقط الزند لباب الإشارات شرح الإشارات الإشارات لَهُ أَيْضا شرح نهج البلاغة وَلم يتم الْحِكْمَة المشرقية تكون فِي ثَلَاثَة الْمُخْتَص تكون فِي مجلدين شرح كليات القانون الطِّبّ الْكَبِير وَلم يتم عُيُون الْحِكْمَة مصادرات إقليدس التشريح وَلم يتم النبض الاختيارات السماوية السِّرّ المكتوم فِي علم الطلاسم والنجوم منتخب درج تنكلوشا وَقيل أَنه شرحها رِسَالَة فِي النبوات رِسَالَة فِي النَّفس مبَاحث الْوُجُود مبَاحث الْحُدُود رِسَالَة فِي التَّنْبِيه على الْأَسْرَار المودعة فِي بعض سور الْقُرْآن

وَكَانَ الشَّيْخ ركن الدّين ابْن القوبع يَقُول أَنه شرح الشِّفَاء وَإِن كَانَ هَذَا صَحِيحا فَأَقل مَا يكون فِي خمس وَعشْرين مجلدة رَأَيْت بَعضهم قد كتب على كتاب المحصل الَّذِي للْإِمَام فَخر الدّين بَيْتَيْنِ وهما

(محصلٌ فِي أصُول الدّين حَاصله

من بعد تَحْصِيله أصلٌ بِلَا دين)

)

(بَحر الضلالات وَالشَّكّ الْمُبين وَمَا

فِيهِ فأكثره وَحي الشَّيَاطِين)

فَكتبت تحتهما من نظمي

(عميت عَن فهم مَا ضمت مسَائِله

ونورها قد تجلى بالبراهين)

(فملت عَجزا إِلَى التَّقْلِيد وَهُوَ مَتى

حققت لم تلق أمرا غير مظنون)

(وَالنَّاس أَعدَاء مَا لم يعرفوه فَلَا

بدعٌ إِذا قلت ذَا وَحي الشَّيَاطِين)

وكتبت على كتاب لَهُ فِي أصُول الدّين

(علم الْأُصُول بفخر الدّين منتصرٌ

بِهِ نصول بإعجابٍ وإعجاز)

(أضحت بِهِ السّنة الغراء وَاضِحَة

قد استقامت لمختارٍ ومجتاز)

(لَهُ مبَاحث كم قد أحرقت شبها

بشهبها فَمن الرَّازِيّ على الرَّازِيّ)

وكتبت على كتاب الطِّبّ الْكَبِير الَّذِي لَهُ

(قد كنت يَا ابْن خطيب الرّيّ معْجزَة

بذهنك الْمشرق الْخَالِي من الكدر)

(دخلت فِي كل علمٍ للأنام وَقد

حررته بدقيق الْفِكر وَالنَّظَر)

ص: 180

(إِذا انتصرت لرأيٍ أَو لمسألةٍ

ترجحت لأولي الْأَلْبَاب والفكر)

(وكل علمٍس لَك الْفَصْل الْمُبين بِهِ

فَأَنت حَقًا جمال الْكتب وَالسير)

قَالَ أَبُو عَليّ الْحُسَيْن الوَاسِطِيّ سَمِعت فَخر الدّين بهراة ينشد على الْمِنْبَر عقيب كلامٍ عَاتب أهل الْبَلَد فِيهِ

(الْمَرْء مَا دَامَ حياًص يستهان بِهِ

ويعظم الرزء فِيهِ حِين يفتقد)

وَمن شعر الإِمَام فَخر الدّين مَا أنْشدهُ ابْن أبي أصيبعة قَالَ أَنْشدني بديع الزَّمَان البندهي قَالَ أَنْشدني الإِمَام فَخر الدّين لنَفسِهِ

(فَلَو قنعت نَفسِي بميسور بلغةٍ

لما سبقت فِي المكرمات رجالها)

(وَلَو كَانَت الدُّنْيَا مُنَاسبَة لَهَا

لما استحقرت نقصانها وكمالها)

(وَلَا أرمق الدُّنْيَا بِعَين كرامةٍ

وَلَا أتوقى سوءها واختلالها)

(وَذَاكَ لِأَنِّي عارفٌ بفنائها

ومستيقنٌ ترحالها وانحلالها)

(أروم أموراً يصغر الدَّهْر عِنْدهَا

وتستعظم الأفلاك طراً وصالها)

وَمِنْه)

(أَرْوَاحنَا لَيْسَ نَدْرِي أَيْن مذهبها

وَفِي التُّرَاب توارى هَذِه الجثث)

(كونٌٌ يرى وفسادٌ جَاءَ يتبعهُ

وَالله يعلم مَا فِي خلقه عَبث)

وَمِنْه

(نِهَايَة إقدام الْعُقُول عقال

وَأكْثر سعي الْعَالمين ضلال)

(وأرواحنا فِي وَحْشَة من جسومنا

وَحَاصِل دُنْيَانَا ردىًً ووبال)

(وَلم نستفد من بحثنا طول دَهْرنَا

سوى أَن جَمعنَا فِيهِ قلت وَقَالُوا)

(وَكم قد رَأينَا من رجالٍ ودولةٍ

فبادوا جَمِيعًا مُسْرِعين وزالوا)

(وَكم من جبالٍ قد علت شرفاتها

وعالً فَزَالَتْ وَالْجِبَال جبال)

وَله قصيدة نونية طَوِيلَة سَمَّاهَا الهادية للتقليد المؤدية إِلَى التَّوْحِيد أَولهَا

(يَا طَالب التَّوْحِيد وَالْإِيمَان

أبشر بِكُل كرامةٍ وأمان)

(وَاعْلَم بِأَن أجلّ أَبْوَاب الْهدى

تَقْرِير دين الله بالبرهان)

ورجمه الكرامية يَوْمًا على الْمِنْبَر وزرقوا عَلَيْهِ من سقَاهُ السم وَالله أعلم فَمَاتَ من ذَلِك قَالَ ياقوت وجدت على ظهر كتابٍ من تصانيف فَخر الدّين الرَّازِيّ مَا صورته قَالَ الأديب الأخسيكتي

(إِن بالمشرق فِينَا

جبل الْعلم ابْن سينا)

ص: 181

(فدع الْمغرب يذكر

ذرة ص من طور سينا)

فَقَالَ السراج

(اعلماً علما يَقِينا

أَن رب العالمينا)

(لَو قضى فِي عالميهم

خدمَة للعالمينا)

(خدم الرَّازِيّ فخراً

خدمَة العَبْد ابْن سينا)

وَقيل أَيْضا

(قد تركنَا قد نَسِينَا

حِكْمَة الشَّيْخ ابْن سينا)

(حِين شاهدنا عيَانًا

حِكْمَة الرَّازِيّ فِينَا)

(نَحن قد بعنا حَصَاة

واشترينا طور سينا)

وَقيل أَيْضا)

(نَحن بِالْجَهْلِ ابتلينا

نَحن بالحمق رمينَا)

(نَحن قضينا زَمَانا

فِي تصانيف ابْن سينا)

(ثمَّ صرنا آمنينا

عَن مقَال الطاعنينا)

(حِين طالعنا كلَاما

يشبه الدّرّ الثمينا)

(صاغه ارازي فِينَا

كَامِلا فخماً مُبينًا)

(ربّ فاجعله بحالٍ

يشبه الرّوح الآمنينا)

الْجمال الْكَاتِب الْمصْرِيّ مُحَمَّد بن عمر الْمصْرِيّ الْكَاتِب المجود المنعوت بالجمال

كَانَ بارع الْخط حسن التَّوْقِيف انْتفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرَة وَله شعر وَتُوفِّي سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة

صدر الدّين شيخ الشُّيُوخ ابْن حمويه مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن حمويه صدر الدّين ابو الْحسن شيخ الشُّيُوخ ابْن شيخ الشُّيُوخ عماد الدّين أبي الْفَتْح الْجُوَيْنِيّ البحيراباذي الصُّوفِي

ولي تدريس الشَّافِعِي ومشهد الْحُسَيْن وسيره الْكَامِل رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة وَكَانَت دَاره مجمع الْفُضَلَاء توفّي سنة سبع عشرَة وست مائَة

الْمَنْصُور صَاحب حماة مُحَمَّد بن عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب السُّلْطَان الْملك

ص: 182

الْمَنْصُور ابْن الْملك المظفر تَقِيّ الدّين ابْن الْأَمِير نور الدولة صَاحب حماة وَابْن صَاحبهَا

سمع الحَدِيث بالإسكندرية من السلَفِي وَكَانَ شجاعاً يحب الْعلمَاء وَجمع تَارِيخا على السنين فِي عدَّة مجلدات فِيهِ فَوَائِد

قَالَ شهَاب الدّين القوصي قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من كِتَابه مضمار الْحَقَائِق وسر الْخَلَائق وَهُوَ كَبِير نَفِيس يدل على فَضله وَلم يسْبق إِلَى مثله وَله كتاب طَبَقَات الشُّعَرَاء يكون فِي عشرَة وَجمع من الْكتب مَا لَا مزِيد لَهُ وَكَانَ فِي خدمته مَا يناهز مِائَتي متعمم من الْفُقَهَاء والأدباء والنحاة والمشتغلين بالحكمة والمنجمين وَالْكتاب

وأقامت دولته ثَلَاثِينَ سنة وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وست مائَة

وَمن شعره

(زاغ وَلَو شَاءَ زار

مهفهفٌ ذُو احورار)

(مرنح يسقيني

من مقلتيه الْعقار)

)

وَمِنْه

(ادعني باسمها فَإِنِّي مُجيب

وادر أَنِّي مِمَّا تحب قريب)

(حكم الْحبّ أَن أذلّ لَدَيْهَا

نخوة الْملك والغرام عَجِيب)

وَمِنْه أربي رَاح وَرَيْحَان ومحبوب وشادي وَالَّذِي سَاق لي الْملك لَهُ دفع الأعادي وَمن شعر الْمَنْصُور صَاحب حماة

(سَحا الدُّمُوع فَإِن الْقَوْم قد بانوا

وأقفر الصَّبْر لما أقفر البان)

(وأسعداني بدمعٍ بعد بَينهم

فالشأن لما نأوا عني لَهُ شَأْن)

(لَا تبعثوا فِي نسيم الرّيح نشركم

فإنني من نسيم الرّيح غيران)

(سقاهم الْغَيْث من قبلي كاظمةٍ

سَحا وروى ثراهم أَيْنَمَا كَانُوا)

ابْن اللهيب الْمَالِكِي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن جَعْفَر الإِمَام شرف الدّين ابو عبد الله الْأَزْدِيّ الغساني الْمصْرِيّ الْمَالِكِي الْمَعْرُوف بِابْن اللهيب

أَخذ الْمَذْهَب عَن الإِمَام ظافر بن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ وَغَيره وناظر وَسمع وتصدر بالجامع الْعَتِيق وَكَانَ بَصيرًا بِالْمذهبِ ولي الْوكَالَة السُّلْطَانِيَّة وَنظر دمياط ودرس بالصالحبية باقاهرة وَكَانَ من الأذكياء الموصوفين وَله شعر وفضائل وَهُوَ من بَيت فِيهِ جمَاعَة فضلاء

توفّي سنة سبع وَعشْرين وست مائَة

ابْن مغايظ مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الإِمَام أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الْقُرْطُبِيّ الْمَالِكِي الْمَعْرُوف بِابْن مغايظ بالغين الْمُعْجَمَة والظاء الْمُعْجَمَة

انْتقل بِهِ أَبوهُ إِلَى فاس فَنَشَأَ بهَا وَحج وَسمع بِمَكَّة والإسكندرية وَكَانَ إِمَامًا صَالحا مجوداً للقراآت عَارِفًا بوجوهها بَصيرًا

ص: 183

بِمذهب مَالك حاذقاً بفنون الْعَرَبيَّة وَله يَد طولى فِي التَّفْسِير وَتخرج بِهِ جمَاعَة وَجلسَ بعد موت الشاطبي فِي مَكَانَهُ للإقراء ونوظر عَلَيْهِ فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ وجاور بِالْمَدِينَةِ وَعرف بِالْفَضْلِ وَالصَّلَاح وأمّ بِمَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ ابْن الطيلسان توفّي بِمصْر وَدفن بقرافتها سنة إِحْدَى وثلاثيت وست مائَة

الْفَخر ابْن الْمَالِكِي الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْكَرِيم الإِمَام فَخر الدّين الْحِمْيَرِي الدِّمَشْقِي)

الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بالفخر ابْن الْمَالِكِي

ولد ظنا سنة ثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَسمع من الخشوعي وَالقَاسِم ابْن عَسَاكِر وحنبل وَابْن طبرزذ وَأكْثر عَن الْمُتَأَخِّرين كَأبي مُحَمَّد ابْن البن وزين الْأُمَنَاء وَكتب الْأَجْزَاء والطباق وخطه مليح دَقِيق مُعَلّق وَكَانَ لَهُ بَيت بالمنارة الشرقية وخزانة كتب تجاه محراب الصَّحَابَة وَكَانَ قد ولي إِمَامَة الكلاسة بعد الشَّيْخ تَاج الدّين فِي السنه وَتُوفِّي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وست مائَة

مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن الْحُسَيْن بن عبد الله بن أَحْمد ابو عبد الله الْقُسْطَلَانِيّ التوريزي المولد الْمَكِّيّ الدَّار والوفاة الْمَالِكِي أَمَام حطيم الْمَالِكِيَّة بِمَكَّة

مولده سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة سمع من أبي حَفْص عمر بن مُحَمَّد السهروردي وَغَيره وَحدث بِمَكَّة وَكَانَ شَيخا عَالما صَالحا وَله نظم وَدفن لما توفّي بالمعلى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وست مائَة

ابْن الشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الله ابو جَعْفَر التَّيْمِيّ الْبكْرِيّ السهروردي المولد الْبَغْدَادِيّ الدَّار الصُّوفِي

ولد سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة سمع من أبي الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ وَغَيره وَكَانَ وَالِده شهَاب الدّين شيخ وقته فِي الطَّرِيقَة وتربية المريدين وَتُوفِّي ابو جَعْفَر فِي عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَخمسين وست مائَة

ابْن الزقزوق مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ زين الدّين الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ الصُّوفِي الأديب الْمَعْرُوف بِابْن الزقزوق

مولده سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبعين وست مائَة وَمن نظمه مَا رَوَاهُ الدمياطي فِي مُعْجَمه نقلته من خطّ الْجَزرِي المؤرخ

(مر فَقُلْنَا من فتونٍ بِهِ

لله هَذَا من فَتى نابه)

(فَقَالَ بعض الْقَوْم لما رنا

للْبَعْض يَا قوم فتنا بِهِ)

وَقَوله فِي مليح يَرْمِي

(وساهم فِي فُؤَادِي بدر تمٍّ

فحاز فؤاد عاشقه بسهمه)

(وناضل من كِنَانَته فأصمى

بِسَهْم جفونه من قبل سَهْمه)

خطيب كفربطنا مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْملك الْخَطِيب جمال الدّين أَبُو البركات الدينَوَرِي)

الصُّوفِي الشَّافِعِي خطيب كفربطنا

ولد سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة بالدينور وَقدم مَعَ وَالِده وَسكن سفح قاسيون وَنسخ الْأَجْزَاء وروى وَكَانَ لَهُ أَصْحَاب يَعْتَقِدُونَ فِيهِ وروى عَنهُ البرزالي وَابْن الخباز وَابْن الْعَطَّار توفّي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وست مائَة

ص: 184

الشريف الدَّاعِي الْمُقْرِئ مُحَمَّد بن عمر بن أبي الْقَاسِم الشريف أَبُو عبد الله الدَّاعِي الرَّشِيدِيّ الْهَاشِمِي الْمُقْرِئ شيخ الْقُرَّاء بالعراق ومسند الْآفَاق كَانَ أحد من عني بِهَذَا الشَّأْن

قَرَأَ الْعَرَبيَّة على أبي بكر ابْن الباقلاني وَأبي يَعْقُوب الْمُبَارك بن الْمُبَارك الْحداد وَعمر دهراً وَجلسَ للإقراء بِبَغْدَاد وَقَرَأَ عَلَيْهِ القراآت الْمُوفق عبد الله بن مظفر بن عَلان البعقوبي وَأَجَازَ لِابْنِ خروف بِخَط شَدِيد الِاضْطِرَاب وروى عَنهُ إِذْنا برهَان الدّين الجعبري شيخ الْحرم بِبَلَد الْخَلِيل عليه السلام

وَتُوفِّي سنة خمس وَسِتِّينَ وست مائَة

ابْن شرف الدّين ابْن الفارض مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن مرشد كَمَال الدّين ابو حَامِد ابْن الشَّيْخ شرف الدّين ابْن الفارض

سمع من أَبِيه وَمن ابْن رواج وَأَجَازَ لَهُ الْمُؤَيد الطوسي وابو روح وَجَمَاعَة وَكتب عَنهُ المصريون والبرزالي وَتُوفِّي سنة تسع وَثَمَانِينَ وست مائَة

الصاحب جمال الدّين ابْن العديم مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن هبة الله بن أَحْمد بن يحيى بن أبي جَرَادَة الصاحب الْعَالم البارع جمال الدّين ابو غَانِم ابْن الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم العقبلي الْحلَبِي الْحَنَفِيّ الْكَاتِب

حضر على الْحَافِظ أبي عبد الله البرزالي وَسمع من أبي رَوَاحَة وَابْن قميرة وَابْن خَلِيل وَجَمَاعَة بحلب ورحل بِهِ وَالِده قبل الْخمسين مَعَ الدمياطي إِلَى بَغْدَاد وأسمعه من شيوخها وطلع من أذكياء الْعلم وتأدب وشارك فِي الْفَضَائِل وبرع فِي كِتَابَة الْمَنْسُوب وَسكن حماة وَحدث بهَا وَمَشى السُّلْطَان الْملك المظفر وَمن دونه فِي جنَازَته وَهُوَ وَالِد القَاضِي نجم الدّين عمر وَدفن بتربته بعقبة نقيرين سنة خمس وَتِسْعين وست مائَة

ابْن العقادة الْحَنَفِيّ مُحَمَّد بن عمر بن حَافظ بن خَليفَة بن حفاظ أَبُو عبد الله ابْن أبي الْخطاب السَّعْدِيّ الْحَمَوِيّ الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن العقادة)

درس بمدرسة طمان بحلب وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وست مائَة قَالَ الصاحب كَمَال الدّين ابْن العديم كتب إِلَيّ يعْتَذر من انْقِطَاعه عني من أَبْيَات

(عِنْدِي مريضٌق قد تَمَادى ضعفه

متضاعفاً وتورمت أقدامه)

(طَال الْقيام بِهِ فيا عجبا لمن

ورمت قوائمه وَطَالَ قِيَامه)

(غصنٌ ذَوي غض الشَّبَاب كَأَنَّمَا

مر النسيم بِهِ فَمَال قوامه)

(فلأجل ذَلِك مَا انْقَطَعت وَقد بدا

عُذْري وأمري فِي يَديك زمامه)

ص: 185

ووالده الإِمَام الْمَشْهُور توفّي بحماة سنة عشر وست مائَة ونظم مُخْتَصر القذوري أرجوزة فِي مجلدة

الشَّيْخ صدر الدّين مُحَمَّد بن عمر بن مكي بن عبد الصَّمد الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة ذُو الْفُنُون البارع ابْن المرحل وَيعرف فِي الشَّام بِابْن وَكيل بَيت المَال الْمصْرِيّ الأَصْل العثماني الشَّافِعِي أحد الْأَعْلَام وفريد أَعَاجِيب الزَّمَان فِي الذكاء والحافظة والذاكرة

(كم مقفلٍ ضلّ فِيهِ الْعقل فانفرجت

أرجاؤه لحجاه عَن مَعَانِيه)

(يُفْتِي فيروى غليل الدّين من حصرٍ

أدناه نقلاًص وَقد شطت مراميه)

(ومؤنق قد سقَاهُ غيث فطنته

مزناً أيادي ريَاح الْفِكر تمريه)

ولد فِي شَوَّال سنة خمس وَسِتِّينَ بدمياط وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ وَدفن عِنْد الشَّافِعِي سنة سِتّ عشرَة وَسبع مائَة

رثاه جمَاعَة فِي الشَّام ومصر وَحصل التأسف عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّيْخ الإِمَام تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية لما بلغته وَفَاته أحسن الله عزاء الْمُسلمين فِيك يَا صدر الدّين أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن الْحَافِظ نَاظر جَيش صفد

(مَا مَاتَ صدر الدّين لكنه

لما عدا جَوْهَرَة فاخره)

(لم تعرف الدُّنْيَا لَهُ قيمَة

فَعجل السّير إِلَى الْآخِرَه)

وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول الْقَائِل

(قد كَانَ صَاحب هَذَا الْقَبْر جَوْهَرَة

غراء قد صاغها الْبَارِي من النطف)

(عزت فَلم تعرف الْأَيَّام قيمتهَا

فَردهَا غيرَة مِنْهُ إِلَى الصدف)

نَشأ بِدِمَشْق وتفقه بوالده وبالشيخ شرف الدّين الْمَقْدِسِي وَأخذ الْأُصُول عَن صفي الدّين الْهِنْدِيّ)

وَسمع من الْقَاسِم الإربلي وَالْمُسلم بن عَلان وَجَمَاعَة وَكَانَ لَهُ عدَّة محفوظات قيل أَنه حفظ الْمفصل فِي مائَة يَوْم وَيَوْم والمقامات الحريرية فِي خمسين يَوْمًا وديوان المتنبي على مَا قيل فِي جُمُعَة وَاحِدَة وَكَانَ من أذكياء زَمَانه فصيحاً مناظراً لم يكن أحد من الشَّافِعِيَّة يقوم بمناظرة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية غَيره ناظره يَوْمًا فِي الكلاسة فاضطر الْكَلَام الشَّيْخ تَقِيّ الدّين إِلَى أحد الْحَاضِرين وَقَالَ لَهُ هَذَا الَّذِي أقوله مَا هُوَ الصوابفأنشده صدر الدّين

(إِن انتصارك بالأجفان من عجبٍ

وَهل رأى النَّاس منصوراً بمنكسر)

ص: 186

وَجَرت بَينهمَا مناظرات عديدة فِي غير مَوضِع

وَتخرج بِهِ الْأَصْحَاب والطلبة وَكَانَ بارعاً فِي العقليات وَأما الْفِقْه وأصول الْفِقْه فَكَانَا قد بقيا لَهُ طباعاًص لَا يتكلفهما أفتى ودرس وَبعد صيته ولي مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية سبع سِنِين وَجَرت لَهُ أُمُور وتنقلات وَكَانَ مَعَ اشْتِغَاله يتنزه ويعاشر ونادم الأفرم نَائِب دمشق ثمَّ توجه إِلَى مصر وَقَامَ بهَا إِلَى أَن عَاد السُّلْطَان من الكرك فِي سنة تسع وَسبع مائَة فجَاء بَعْدَمَا خلص من وَاقعَة الجاشنكيرفإنه نسب إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاء وعزم الصاحب فَخر الدّين ابْن الخليلي على الْقَبْض عَلَيْهِ تقرباًً إِلَى خاطر السُّلْطَان وَهُوَ بالرمل فَعَفَا عَنهُ السلطانوجاء إِلَى دمشق

فَعمل عَلَيْهِ زمَان قراسنقر وَتوجه إِلَى حلب وأقرأ بهَا ودرس وَأَقْبل عَلَيْهِ الحلبيون إقبالاً زَائِدا وعاشرهم وخالطهم قَالَ وصلني من مكارمات الحلبيين فِي مُدَّة عشر أشهر فَوق الْأَرْبَعين ألف دِرْهَم وَأَقْبل عَلَيْهِ نائبها أسندمر

وَكَانَ مَحْفُوظًا لم يَقع بَينه وَبَين أحد من الْكِبَار إِلَّا وَعَاد من أحب النَّاس فِيهِ وَكَانَ حسن الشكل تَامّ الْخلق حسن البزة حُلْو المجالسة طيب المفاكهة وَعِنْده كرم مفرط كل مَا يحصل لَهُ يُنْفِقهُ على خلطائه وخلصائه بِنَفس متسعة ملوكية وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الصلحاء ويلتمس دعاءهم وَيطْلب بركتهم

أَخْبرنِي من لَفظه الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن العسجدي الشَّافِعِي قَالَ كنت مَعَه وَكَانَت لَيْلَة عيد فَوقف لَهُ فَقير وَقَالَ شَيْء لله فَالْتَفت إِلَيّ وَقَالَ ايش معكفقلت مِائَتَا دِرْهَم فَقَالَ ادفعها إِلَى هَذَا الْفَقِير فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي اللَّيْلَة الْعِيد وَمَا مَعنا نَفَقَة غَد فَقَالَ امْضِ إِلَى القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير وَقل لَهُ الشَّيْخ يهنيك بِهَذَا الْعِيد فَلَمَّا رَآنِي كريم الدّين قَالَ كَأَن الشَّيْخ يعوز نَفَقَة فِي هَذَا الْعِيد وَدفع إِلَيّ ألفي دِرْهَم للشَّيْخ وَثَلَاث مائَة دِرْهَم لي فَلَمَّا حضرت إِلَى)

الشَّيْخ وعرفته ذَلِك قَالَ صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمالحسنة بعشرةٍ مِائَتَان بِأَلفَيْنِ وَحكى لي عِنْد غير وَاحِد مِمَّن كَانَ يخْتَص بِهِ مَكَارِم كَثِيرَة ولطفاً زَائِدا وَحسن عشرَة وَأما أَوَائِل عشرته فَمَا كَانَ لَهَا نَظِير لكنه رُبمَا يحصل عِنْده ملل فِي آخر الْحَال حَتَّى قَالَ فِيهِ الْقَائِل

(وداد ابْن الْوَكِيل لَهُ شبيهٌ

بلبادين جلق فِي المسالك)

(فأوله حليٌ ثمَّ طيبٌ

وَآخره زجاجٌ مَعَ لوالك)

وشعره الْجيد مِنْهُ مليح إِلَى الْغَايَة وَرُبمَا يَقع فِيهِ اللّحن الْخَفي وَكَانَ ينظم الشّعْر والمخمس والدوبيت والموشح والزجل وَغير ذَلِك من أَنْوَاع النّظم وَيَأْتِي فِيهِ على اخْتِلَاف الْأَنْوَاع بالمحاسن

وَمن تصانيفه مَا جمعه فِي سفينة سَمَّاهُ الْأَشْبَاه والنظائر فِي الْفِقْه يُقَال أَنه شَيْء غَرِيب وَعمل مجلدة فِي السُّؤَال الَّذِي حضر من عِنْد أسندمر نَائِب طرابلس فِي الْفرق بَين الْملك وَالنَّبِيّ والشهيد وَالْوَلِيّ والعالم

وَلما كَانَ بحلب حضر الْأَمِير سيف الدّين أرغون الدوادار نَائِب السُّلْطَان أَظُنهُ متوجهاًص إِلَى مهنا بن عِيسَى فَاجْتمع بِهِ هُنَاكَ وَقدم لَهُ ربعَة عَظِيمَة كَانَ قد وَهبهَا لَهُ أسندمر نَائِب حلب فَقَالَ هَذِه مَا تصلح إِلَّا لمولانا السُّلْطَان ووعده بِطَلَبِهِ إِلَى الديار المصرية

ص: 187

ووفى لَهُ بوعده وَطلب إِلَى مصر وَلم يزل بهَا فِي وجاهة وَحُرْمَة إِلَى أَن توفّي رحمه الله وجهزه السُّلْطَان رَسُولا إِلَى مهنا مَعَ الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا الْحَاجِب فَقَالَ الشَّيْخ إِنَّه حصل لي تِلْكَ السفرة ثَلَاثُونَ ألف دِرْهَم

وَمن شعره قصيدة بائية أَولهَا

(ليذهبوا فِي ملامي أَيَّة ذَهَبُوا

فِي الْخمر لَا فضةٌ تبقى وَلَا ذهب)

(لَا تأسفن على مالٍ تمزقه

أَيدي سقاة الطلا والخرد الْعَرَب)

(فَمَا كسوا راحتي من راحها حللاً

إِلَّا وعروا فُؤَادِي الهمّ واستلبوا)

(راحٌ بهَا راحتي فِي راحتي حصلت

فتمّ عجبي بهَا وازداد لي الْعجب)

(أَن يَنْبع الدّرّ من حلوٍ مذاقته

والتبر منسبكٌ فِي الكأس منسكب)

(وَلَيْسَت الكيميا فِي غَيرهَا وجدت

وكل مَا قيل فِي أَبْوَابهَا كذب)

)

(قِيرَاط خمرٍ على القنطار من حزنٍ

يُعِيد ذَلِك أفراحاً وينقلب)

(عناصرٌ أربعٌ فِي الكأس قد جمعت

وفوقها الْفلك السيار والشهب)

(ماءٌ ونارٌ هواءٌ أرْضهَا قدحٌ

وطوفها فلكٌ والأنجم الحبب)

(مَا الكأس عِنْدِي بأطراف الأنامل بل

بالخمس تقبض لَا يحلو لَهَا الْهَرَب)

(شججت بِالْمَاءِ مِنْهَا الرَّأْس مُوضحَة

فحين أعقلها بالخمس لَا عجب)

قلت لَو لم يقل الشَّيْخ صدر الدّين من الشّعْر إِلَّا هَذَا الْبَيْت لَكَانَ قد أَتَى بِشَيْء غَرِيب نِهَايَة فِي البديع لقد غاص فِيهِ على الْمَعْنى ودق تخيله فِيهِ

(وَمَا تركت بهَا الْخمس الَّتِي وَجَبت

وَإِن رَأَوْا تَركهَا من بعض مَا يجب)

(وَإِن أقطب وَجْهي حِين تَبَسم لي

فَعِنْدَ بسط الموَالِي يحفظ الْأَدَب)

هَذَا الْبَيْت أَيْضا بديع الْمَعْنى دقيقه وَقد اعتذر عَن تقطيبه بِأَحْسَن عذر وأوضحه عَمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ الشُّعَرَاء فِي ذَلِك وقبحوا فعله مثل قَول ابْن أبي الْحداد

(بِالرَّاحِ رح فَهِيَ المنى

وعَلى جماع الكأس كس)

لَا تلقها إِلَّا ببشرك فالقطوب من الدنس

(مَا أنصف الصَّهْبَاء من

ضحِكت إِلَيْهِ وَقد عبس)

(وَإِذا سكرت فغن لي

ذهب الرقاد فَمَا يحس)

وَمَا أحسن قَول ابْن رَشِيق القيرواني

(أحب أخي وَإِن أَعرَضت عَنهُ

وَقل على مسامعه كَلَامي)

(ولي فِي وَجهه تقطيب راضٍ

كَمَا قطبت فِي وَجه المدام)

وتتمة أَبْيَات صدر الدّين

ص: 188

(عاطيتها من بَنَات التّرْك عاطيةً

لحاظها للأسود الغلب قد غلبوا)

(هيفاء جاريةٌ للراح ساقيةٌ

من فَوق ساقيةٍ تجْرِي وتنسكب)

(من وَجههَا وتثنيها وقامتها

تخشى الْأَهِلّة والقضبان والكتب)

(يَا قلب أردافها مهما مَرَرْت بهَا

قف لي عَلَيْهَا وَقل لي هَذِه الكثب)

(وَإِن مَرَرْت بِشعر فَوق قامتها

بِاللَّه قل لي كَيفَ البان والعذب)

(تريك وجنتها مَا فِي زجاجتها

لَكِن مذاقته للريق تنتسب)

)

(تحكي الثنايا الَّذِي أبدته من حببٍ

لقد حكيت وَلَكِن فاتك الشنب)

فِي هَذِه الأبيات تضمين إعجاز أَبْيَات من قصيدة ابْن الخيمي الْآتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَقَالَ أَيْضا

(سرى وستور الْهم بالكأس تهتك

وَسَاكن وجدي بِالْغنَاءِ يُحَرك)

(فعاطيته كأساً فحيى بفضلها

ومازج ذَاك الْفضل ريقٌ مُمْسك)

(أرقت دم الراووق حلا لأنني

رَأَيْت صليباً فَوْقه فَهُوَ مُشْرك)

(وسالت دموع الْعين مِنْهُ وَكلما

بَكَى بالدما مِمَّا جرى مِنْهُ أضْحك)

(وزوجت بنت الْكَرم بِابْن غمامةٍ

فصح على التَّعْلِيق وَالشّرط أملك)

وَهَذِه القصيدة وَالَّتِي قبلهَا حذفت مِنْهُمَا جملَة لِأَن هَذَا خُلَاصَة مَا فيهمَا وَقَالَ

(وعارضٍ قد لَام فِي عارضٍ

وطاعنٍ يطعن فِي سنه)

(وَقَالَ لي قد طلعت ذقنه

فَقلت لَا أفكر فِي ذقنه)

وَقَالَ وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن

(شبّ وجدي بشائبٍ

من سنا الْبَدْر أوجه)

(كلما شَاب ينحني

بيض الله وَجهه)

وَقَالَ

(وَلما جلا فصل الرّبيع محاسناً

وصفق مَاء النَّهر إِذْ غرد الْقمرِي)

(أَتَاهُ النسيم الرطب رقص دوحه

فنقط وَجه المَاء بِالذَّهَب الْمصْرِيّ)

وَقَالَ

(عيرتني بِالسقمِ طرفك مشبهي

وكذاك خصرك مثل جسمي ناحلا)

(وأراك تشمت إِذْ أَتَيْتُك سَائِلًا

لَا بُد أَن يَأْتِي عذارك سَائِلًا)

وَقَالَ فِي مليح بِهِ يرقان

(رَأَيْت فِي طرفه اصفراراً

سبا فُؤَادِي فَقلت مهلا)

ص: 189

(أيا مليك الْأَنَام حسنا

الْعَفو من سَيْفك الْمحلى)

قلت وَهَذَا مثل قَول الوداعي

(قَالَ قومٌ قد شانه يرقانٌ

قلت أخطأتم وحاشى وكلا)

)

(إِنَّمَا الخد واللواحظ مِنْهُ

مصحفٌ مذهبٌ وَسيف محلى)

وَقَالَ

(أقْصَى مناي أَن أَمر على الْحمى

ويلوح نور رياضه فيفوح)

(حَتَّى أرِي سحب الْحمى كَيفَ البكا

وَأعلم الورقاء كَيفَ تنوح)

وَقَالَ أَيْضا

(بعيشك خلّ عاذلتي تلمني

وَمِنْهَا فِي ملامتها ومني)

(فَإِن نجحت فَلَا نجحت طريقي

وَأدْركت الْمنية لَا التَّمَنِّي)

(وَإِن خابت فَلَا خابت طريقي

وَإِن كَانَ الْهوى ثَانِيه عني)

(فيا غُصْن النقا وَيحل قدرا

قوامك أَن أشبهه بِغُصْن)

(لحاظك بالمها فتكت عناداً

وَلَا تسْأَل عَن الظبي الأغن)

(وعطفك قد كسا الأغصان وجدا

فمالت بالهوى لَا بالتثني)

(ورقت روقها فَبَكَتْ عَلَيْهَا

وَفِي الأفنان أبدت كل فن)

(وَقد طارحتها شجناً فَلَمَّا

بَكَيْت صبَابَة أخذت تغني)

وَقَالَ أَيْضا

(يَا لَيْلَة فِيهَا الْأمان والمنى

وكل مَا أطلبه تهيا)

(لَا تقصري فالصبح قد شربته

مدامةً عنقودها الثريا)

وَقَالَ أَيْضا

(تِلْكَ المعاطف أم غصون البان

لعبت ذؤابتها على الكثبان)

(وتضرجت تِلْكَ الخدود فوردها

قد شقّ قلب شقائق النُّعْمَان)

(مَا يفعل الْمَوْت المبرح فِي الورى

مَا تفعل الأحداق فِي الْأَبدَان)

(أخليل قلبِي وَهُوَ يُوسُف عصره

قلبِي الكليم رميت فِي النيرَان)

(قطعته مذ كَانَ قلباً طائراً

ودعوته فَأتى بِغَيْر توان)

(يَا نور عَيْني لَا أَرَاك وَهَكَذَا

إِنْسَان عَيْني لَا يرَاهُ عياني)

وَقَالَ أَيْضا

(أخفيت حبك عَن جَمِيع جوانحي

فوشت عيوني والوشاة عُيُون)

ص: 190

)

(ووددت أَن جوانحي وجوارحي

مقلٌ تراك وَمَا لَهُنَّ جفون)

(ووددت دمع الخافقينا لمقلتي

حَتَّى عَزِيز الدمع فِيك يهون)

(يَا لَيْت قيسا فِي زمَان صبابتي

حَتَّى أريه الْعِشْق كَيفَ يكون)

وَقَالَ أَيْضا

(يَا وجنةً هِيَ جنَّة قد زخرفت

وردا وَمن آس العذار تحصرت)

(عينٌ بِنور جمال وَجهك متعت

وَسوى جمالك أَبْصرت لَا أَبْصرت)

وَقَالَ فِي مليح يلقب بالحامض وبديع الْجمال معتدل الْقَامَة كالغصن والقنا الأملود

(لقَّبُوه بحامضٍ وَهُوَ حلوٌ

قولَ مَن لم يصل إِلَى العنقود)

وَقَالَ أَيْضا

(راحٌ بهَا الْأَعْمَى يرى مَعَ الْعَمى

وهاك برهاناً على هذي الْمَدْح)

(الْخمر للأقداح قلبٌ دَائِما

والحدق انظرها تَجِد قلب الْقدح)

وَقَالَ أَيْضا

(قَالَ لي من أحب والبدر يَبْدُو

من خلال السَّحَاب ثمَّ يغيب)

(مَا حكى البدرقلت وَجهك لما

يختفي عِنْدَمَا يلوح الرَّقِيب)

وَقَالَ أَيْضا

(كَأَنَّمَا الْبَرْق خلال السما

من فَوق غيمٍ لَيْسَ بالكابي)

(طراز تبرٍ فِي قبا أزرقٍ

من تَحْتَهُ فَرْوَة سنجاب)

وَقَالَ أَيْضا

(يَا غَايَة منيتي وَيَا معشوقي

من بعْدك لم أمل إِلَى مَخْلُوق)

(يَا خير نديمٍ كَانَ لي يؤنسني

من بعْدك قد صلبت على الراووق)

وَقَالَ أَيْضا

(فِي خدك خطّ مشرف الصدغ ستور

وَالشَّاهِد ناظرٌ على الفتك يَدُور)

(يَا عَارضه بِالشَّرْعِ لَا تقتلي

الشَّاهِد فاتكٌ وَذَا خطك زور)

وَقَالَ أَيْضا)

(تعطف على مهجةٍ ظاميه

وتقذفها عبرةٌ هاميه)

(فقد طَال سقمي فَقل لي مَتى

تَجِيء إِلَى عَبدك العافيه)

(وأرخصت دمعي يَوْم النَّوَى

لأجل سوالفك الغاليه)

ص: 191

(فصبراً على مَا قضى لم أقل

فيا ليتها كَانَت القاضيه)

(وَنحن عبيدك ذبنا أساً

فرفقاً على رقة الحاشيه)

(فَقَالَ بعيني أقيك الردى

فَقلت على عَيْنك الواقيه)

(فشنف سَمْعِي بِهَذَا الحَدِيث

فَمَا ذكرت قُرْطهَا ماريه)

(فيا عاذلي لَو دعَاك الْهوى

لقد كنت تسمع يَا ساريه)

وَقَالَ أَيْضا من دمي أنتِ كنتِ فِي أوسع الْحل ومني خذي ثَوَاب الشهاده

(واحمليني على الترائب مهلا

واحسبي أنني خييط القلاده)

وَقَالَ أَيْضا

(تغنت فِي ذرى الأوراق ورقٌ

فَفِي الأفنان من طربٍ فنون)

(وَكم بسمت ثغور الزهر عجبا

وبالأكمام كم رقصت غصون)

وَقَالَ أَيْضا رَحمَه الله تَعَالَى

(وَبِي من قسا قلبا وَلِأَن معاطفا

إِذا قلت أدناني يُضَاعف تبعيدي)

(أقرّ برقٍ إِذْ أَقُول أَنا لَهُ

وَكم قلها أَيْضا وَلَكِن لتهديدي)

قلت من العجيب أَن الباخرزي ذكر فِي الدمية تَرْجَمَة الْفَقِيه أبي نصر عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي أورد فِيهَا قَول الشَّيْخ أبي عَامر الْجِرْجَانِيّ

(عذيري من شادنٍ أغضبوه

فَجرد لي مرهفا باتكا)

(وَقَالَ أَنا لَك يَا ابْن الْوَكِيل

وَهل لي رجاءٌ سوى ذالكا)

أَيهَا الْوَاقِف أنعم النّظر فِي مَا أوردته وتعجب من هَذَا الِاتِّفَاق وَكَون صدر الدّين ابْن الْوَكِيل أَخذ هَذَا الْمَعْنى الَّذِي لَهُ فِي الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلين من قَول الْجِرْجَانِيّ والجرجاني أَتَى بالْقَوْل بِالْمُوجبِ فِي بيتيه خفِيا لِأَنَّهُ قَالَ غضب وجر المرهف وَقَالَ أَنا ابْن الْوَكِيل وَهَذَا بِقَرِينَة تَجْرِيد المرهف لفظ تهديد فقلبه الْجِرْجَانِيّ وَقَالَ بِمُوجبِه وَنَقله إِلَى التَّمْلِيك فَأتى بِهِ الشَّيْخ صدر الدّين وَاضحا)

جلياً صَرِيحًا ظَاهرا وَمحل التَّعَجُّب قَوْله أَنا لم يَا ابْن الْوَكِيل كَأَن هَذَا الْمَعْنى قَالَ

ص: 192

أَنا لَك يَا ابْن الْوَكِيل تنظمني فَيَجِيء أحسن وَأبين وَتَكون أَنْت أَحَق بِي من الْجِرْجَانِيّ وَهَذَا اتِّفَاق عَجِيب إِلَى الْغَايَة مَا مر بِي مثله وَالظَّاهِر أَن الشَّيْخ صدر الدّين لما وقف على هَذَا الْمَعْنى تنبه لَهُ وَأَخذه فَكَانَ لَهُ وَهُوَ بِهِ أَحَق وَهَذَا الْمَعْنى قد ابتكره الْجِرْجَانِيّ أَبُو عَامر وَترك فِيهِ فضلَة فجَاء الشَّيْخ صدر الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وجوده وَلم يبْق لأحد بعده مطمح إِلَى زِيَادَة وَلَا مطمع فِي إِفَادَة وَمَا بَقِي إِلَّا اخْتِصَار أَلْفَاظه فَقَط فَقلت

(قَالَ حبي أَنا لَهُ

وَلكم قلت سرمدا)

(أَنا للْملك قلتهَا

وَهُوَ للغيظ هددا)

وَقَالَ الشَّيْخ صدر الدّين

(غازل وَخذ من نرجسٍ من لحظه

منثور دمعٍ كُلهنَّ نظام)

(وَاحْذَرْ إِذا بعث السَّلَام إِلَيْك من

نبت العذار فَإِنَّهُ نمام)

وَقَالَ أَيْضا دوبيت

(كم قَالَ معاطفي حكتها الأسل

وَالْبيض سرقن مَا حوته الْمقل)

(الْآن أوامري عَلَيْهِم حكمت

الْبيض تحدّ والقنا تعتقل)

وَقَالَ أَيْضا

(عانقت وبالعناق يشفى الوجد

حَتَّى شفي الصب وَمَات الصد)

(من أَخْمُصُهُ لثماً إِلَى وجنته

حَتَّى اشتكت القضب وضج الْورْد)

وَقَالَ

(بكف الثريا وَهِي جذما تقاس لي

شقَاق دجىً مدت من الشرق للغرب)

(وَلَو ذرعوها بالذراع لما انْقَضتْ

فَمَا تَنْقَضِي يَا ليل أَو يَنْقَضِي نحبي)

وَأَنا شَدِيد التَّعَجُّب مِنْهُ رَحمَه الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لم يكن عَاجِزا عَن النّظم الْجيد وَبعد هَذَا كَانَ يَأْخُذ أَشْيَاء من قصائد ومقاطيع ويدعيها من ذَلِك أَنه امتدح السُّلْطَان بقصيدة عِنْدَمَا فرغ الْقصر الأبلق من الْعِمَارَة بقلعة الْجَبَل وَهِي بمجموعها لِابْنِ التعاويذي أَولهَا

(لولاك يَا خير من يمشي على قدم

خَابَ الرَّجَاء وَمَاتَتْ سنة الْكَرم)

مِنْهَا)

(بنيت دَارا قضى بالسعد طالعها

قَامَت لهيبتها الدُّنْيَا على قدم)

فَغَيره وَقَالَ بنيت قصراً وَكَانَ ينظم الشَّاهِد شعرًا على الْفَوْر إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ وينشده تأييداً لما قَالَه وادعاه من ذَلِك مَا أَخْبرنِي بِهِ قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن السُّبْكِيّ عَمَّن أخبرهُ قَالَ ادّعى يَوْمًا فِي الطَّائِفَة المنسوبة إِلَى ابْن كرام أَنهم الكرامية بتَخْفِيف الرَّاء فَقَالَ الْحَاضِرُونَ الْمَعْرُوف فيهم تَشْدِيد الرَّاء فَقَالَ لَا التَّخْفِيف وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول الشَّاعِر

ص: 193

(الْفِقْه فقه أبي حنيفَة وَحدَه

وَالدّين دينُ مُحَمَّد بن كرام)

انْتهى قلت وَهَذَا فِي البديهة مخرع لَا يتَّفق ذَلِك لأحد غَيره من حسن هَذَا النّظم وإبرازه فِي هَذَا القالب هَكَذَا شاعت هَذِه الْوَاقِعَة عَن الشَّيْخ صدر الدّين فِي الديار المصرية وَكُنَّا نعتقد صِحَّتهَا دهراً حَتَّى ظفرنا بِالْبَيْتِ الْمَذْكُور وَهُوَ من جملَة بَيْتَيْنِ من شعر الْمُتَقَدِّمين وَالْأول مِنْهُمَا

(إِن الَّذين لجهلهم لَا يقتدوا

فِي الدّين بِابْن كَرام غير كِرام)

وَكَانَ الظفر بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسبع مائَة

وَجمع موشحاته وسمى الْكتاب طراز الدَّار وَهَذَا فِي غَايَة الْحسن لِأَنَّهُ أَخذ اسْم كتاب ابْن سناء الْملك وَهُوَ دَار الطّراز فقلبه وَقَالَ طراز الدَّار لِأَن طراز الدَّار أحسن مَا فِيهَا وَكَانَ الْأَدَب قد امتزج بِلَحْمِهِ وَدَمه

حكى لي قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الْحسن عَليّ السُّبْكِيّ الشَّافِعِي قَالَ دخلت عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ فَقلت كَيفَ تجدكأو كَيفَ حالكفأنشدني

(وَرجعت لَا أَدْرِي الطَّرِيق من البكا

رجعت عداك المبغضون كمرجعي)

فَكَانَ ذَلِك آخر عهدي بِهِ أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين ابْن فضل الله قَالَ وَكَانَ عَارِفًا بالطب والأدوية علما لَا علاجاً فاتفق أَن شكا إِلَيْهِ الأفرم سوء هضم فَركب لَهُ سفوفاً وأحضره فَلَمَّا اسْتعْمل مِنْهُ أفرط بِهِ الإسهال جدا فأمسكه مماليك الأفرم ليقتلوه وأحضر امين الدّين سُلَيْمَان الْحَكِيم لمعالجة الأفرم فعالجه باستفراغ بَقِيَّة الْموَاد الَّتِي اندفعت وَأَعْطَاهُ أمراق الفراريج ثمَّ أعطَاهُ الممسكات حَتَّى صلح حَاله فَلَمَّا صلحت حَاله سَأَلَ الأفرم عَن الشَّيْخ صدر الدّين فَأخْبرهُ المماليك مَا فَعَلُوهُ بِهِ فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِم ثمَّ أحضرهُ وَقَالَ لَهُ يَا صدر الدّين جِئْت تروحني غَلطا وَهُوَ يضْحك فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان الْحَكِيم يَا صدر الدّين اشْتغل بفقهك ودع الطِّبّ فغلط الْمُفْتِي)

يسْتَدرك وَغلط الطَّبِيب مَا يسْتَدرك فَقَالَ لَهُ الأفرم صدق لَك لَا تخاطر ثمَّ قَالَ لمماليكه مثل صدر الدّين مَا يتهم وَالله الَّذِي جرى عَلَيْهِ مِنْكُم أصعب مِمَّا جرى عَليّ وَمَا أَرَادَ وَالله إِلَّا الْخَيْر فَقبل يَده وَبعث إِلَيْهِ الأفرم لما انْصَرف جملَة من الدَّرَاهِم والقماش

وَأَخْبرنِي أَيْضا أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية كَانَ يَقُول عَنهُ ابْن الْوَكِيل مَا كَانَ يرضى لنَفسِهِ بِأَن يكون فِي شَيْء إِلَّا غَايَة ثمَّ يعدد أنواعاً من الْخَيْر وَالشَّر فَيَقُول فِي كَذَا كَانَ غَايَة وَفِي كَذَا كَانَ غَايَة قَالَ وَلما أنكر الْبكْرِيّ اسْتِعَارَة الْبسط والقناديل من الْجَامِع الْعمريّ بِمصْر لبَعض كنائس القبط فِي يَوْم من أَيَّام مهماتهم ونسبت هَذِه الفعلة إِلَى كريم الدّين وَفعل مَا فعل ثمَّ طلع إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان وَكَلمه فِي هَذَا وَأَغْلظ فِي القَوْل لَهُ وَكَاد يجوز ذَلِك على السُّلْطَان لَو لم يحلَّ بعض الْقُضَاة الْحَاضِرين على الْبكْرِيّ وَقَالَ مَا قصر الشَّيْخ كالمستزري بِهِ والمستهزئ بنكيره فحينئذٍ أغْلظ السُّلْطَان فِي القَوْل للبكري فخارت قواه وَضعف ووهن فازداد تأليبُ بعض الْحَاضِرين عَلَيْهِ فَأمر السُّلْطَان بِقطع لِسَانه فَأتى الْخَبَر إِلَى الشَّيْخ صدر الدّين وَهُوَ فِي زَاوِيَة السعودي فطلع إِلَى القلعة على حمَار فاره اكتراه قصدا للسرعة فَرَأى الْبكْرِيّ وَقد أُخذ ليُمضى فِيهِ مَا أُمر بِهِ فَلم يملك دُمُوعه

ص: 194

أَن تساقطت وفاضت على خدِّه وبلَّت لحيته فاستمهل الشرطة عَلَيْهِ ثمَّ أَنه صعد الإيوان وَالسُّلْطَان جَالس بِهِ وَتقدم إِلَى السُّلْطَان بِغَيْر اسْتِئْذَان وَهُوَ باكٍ فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان خيرٌ يَا صدر الدّين فَزَاد بكاؤه ونحيبه وَلم يقدر على مجاوبة السُّلْطَان فَلم يزل السُّلْطَان يرفق بِهِ وَيَقُول لَهُ خيرٌ مَا بك إِلَى أَن قدر على الْكَلَام فَقَالَ لَهُ هَذَا البكريُّ من الْعلمَاء الصلحاء وَمَا أنكر إلَاّ فِي مَوضِع الْإِنْكَار وَلكنه لم يحسن التلطف فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان إِي وَالله أَنا أعرف هَذَا مَا هَذَا إِلَّا حطبة ثمَّ انْفَتح الْكَلَام وَلم يزل الشَّيْخ صدر الدّين يرفق السُّلْطَان ويلاطفه حَتَّى قَالَ لَهُ خُذْهُ وروح فَأَخذه وَانْصَرف هَذَا كلُّه والقضاةُ حضورٌ وأمراء الدولة ملْء الإيوان مَا فيهم مَن ساعده وملا أَعَانَهُ إِلَّا أَمِير وَاحِد شَذَّ عني اسْمه

وَحدث عَنهُ من كَانَ يَصْحَبهُ فِي خلواته أَنه كَانَ إِذا فرغ مِمَّا هُوَ فِيهِ قَامَ فَتَوَضَّأ ومرغ وَجهه على التُّرَاب وَبكى حَتَّى يبل ذقنه بالدموع ويستغفر الله ويسأله التَّوْبَة حَتَّى قَالَ بَعضهم لقد رَأَيْته وَقد قَامَ من سُجُوده ولصق بجدار الدَّار كَأَنَّهُ اسطوانة ملصقة

وللشيخ صدر الدّين ابْن الْوَكِيل رَحمَه الله تَعَالَى ديوَان موشحات مِنْهَا قَوْله يُعَارض السراج المحار)

مَا أخجل قده غصون البان بَين الْوَرق إِلَّا سلب المها مَعَ الغزلان حسن الحدق قاسوا غَلطا من حَاز حسن الْبشر بالبدر يلوح فِي دياجي الشّعْر لَا كيد وَلَا كرامةٌ للقمر الْحبّ جماله مدى الْأَزْمَان مَعْنَاهُ بَقِي وازداد سنا وَخص بِالنُّقْصَانِ بدر الْأُفق الصِّحَّة والسقام فِي مقلته وَالْجنَّة والجحيم فِي وجنته من شَاهده يَقُول من دهشته هَذَا وَأَبِيك فر من رضوَان تَحت الغسق للْأَرْض يعيذه من الشَّيْطَان رب الفلق قد أَنْبَتَهُ الله نباتاً حسنا وازداد على المدى سناءً وسنا من جاد لَهُ بِرُوحِهِ مَا غبنا قد زين حسنه مَعَ الْإِحْسَان حسن الْخلق لَو رمت لحسنه شَبِيها ثَان لم يتَّفق فِي نرجس لحظه وزهر الثغر روضٌ نضرٌ قطافه بِالنّظرِ قد دبج خَدّه بنبت الشّعْر فالورد حواه ناعم الريحان بالظل سقِِي وَالْقد يمِيل مَيْلَة الأغصان للمعتنق أحيى وأموت فِي هَوَاهُ كمدا

ص: 195

من مَاتَ جوىً فِي حبه قد سَعْدا يَا عاذل لَا أترك وجدي أبدا لَا تعذلني فَكلما تلحاني زَادَت حرقي يستأهل من يهم بالسلوان ضرب الْعُنُق الْقد وطرفه قناةٌ وحسام والحاجب واللحاظ قوسٌ وسهام والثغر مَعَ الرضاب كأسٌ ومدام والدر منظمٌ مَعَ المرجان فِي فِيهِ نقي قد رصع فَوْقه عقيقٌ قان نظم النسق)

وَأما الموشحة الَّتِي للسراج المحار فَهِيَ مذ شمت سنا البروق من نعْمَان باتت حدقي تذكي بمسيل دمعها الهتان نَار الحرق مَا أومض بارق الْحمى أَو خفقا إِلَّا وَأَجد لي الأسى والحرقا هَذَا سببٌ لمحنتي قد خلقا أمسي لوميضه بقلبٍ عان بَادِي القلق لَا أعلم فِي الظلام مَا يَغْشَانِي غير الأرق أضنى جَسَدِي فِرَاق إلفٍ نزحا أفنى جلدي ودمع عَيْني نزحا كم صحت وزند لوعتي قد قدحا لم تبد يَد السقام من جثماني غير الرمق مَا أصنع والسلو مني فان والوجد بَقِي أَهْوى قمراً حُلْو مذاق الْقبل لم يكحل طرفه بِغَيْر الْكحل تركي اللحظات بابلي الْمقل زاهي الوجنات زَائِد الْإِحْسَان حُلْو الْخلق عذب الرشفات سَاحر الأجفان ساجي الحدق مَا حط لثامه وأرخى شعره أَو هز معاطفاً رشاقاً نضره إِلَّا وَيَقُول كل راءٍ نظره هَذَا قمرٌ بدا بِلَا نُقْصَان تَحت الغسق أَو شمس ضحى فِي غُصْن فينان غض الْوَرق مَا أبدع معنى لَاحَ فِي صورته أيناع عذاره على وجنته لما سقِِي الْحَيَاة من ريقته فاعجب لنبات خَدّه الريحان من حَيْثُ سقِِي يُضحي ويبيت وَهُوَ فِي النيرَان لم يَحْتَرِق

ص: 196

والمحار عَارض بِهَذَا قَول أَحْمد بن حسن الْموصِلِي وَهُوَ مذ غردت الْوَرق على الأغصان بَين الْوَرق أجرت دمعي وَفِي فُؤَادِي العاني أذكت حرقي لما برزت فِي الدوح تشدو وتنوح)

أضحى دمعي بِسَاحَة السفح سفوح والفكر نديمي فِي غبوق وصبوح قد هيجت الَّذِي بِهِ أضناني مِنْهُ قلقي وَالْقلب لَهُ من بعد صبري الفاني والوجد بَقِي مَا لَاحَ بريق رامةٍ أَو لمعا إِلَّا وسحاب عبرتي قد همعا والجسم على المزمع هجري زمعا بالنازح والنازح عَن أوطاني ضَاقَتْ طرقي مَا أصنع قد حملت من أحزاني مَا لم أطق قلبِي لهوى ساكنه قد خفقا والوجد حبيس واصطباري طلقا والصامت من سري بدمعي نطقا فِي عشق منعمٍ من الْولدَان أَصبَحت شقي من جفوته وَلم يزر أجفاني غير الأرق فالورد مَعَ الشَّقِيق من خديه قد صانهما النرجس من عَيْنَيْهِ والآس هُوَ السياج من صدغيه وَاللَّفْظ وريق الأغيد الروحاني عِنْد الحذق حلوان على غصنٍ من المران غض رشق الصَّاد من المقلة من حَقَّقَهُ وَالنُّون من الْحَاجِب من عرقه وَاللَّام من الْعَارِض من علقه قد سطره بالقلم الريحاني رب الفلق بالمسك على الكافور كالعنوان فَوق الْوَرق الملحة لمع الصَّلْت بالإيضاح والغرة بالتبيان كالمصباح والمنطق نثر الدّرّ بالإصلاح والثغر هُوَ الصِّحَاح كالعقيان كالعقد نقي وَالرَّدّ مَعَ الْخلاف للسلوان عَنهُ خلقي مَا أبدع وضع الْخَال فِي وجنته خطّ الشكل الرفيع من نقطته)

قد حير إقليدس فِي هَيئته

ص: 197

كالعنبر فِي نَار الأسيل القاني للمنتشق فاعجب لعبير وَهُوَ فِي النيرَان لم يَحْتَرِق وَقلت أَنا مُعَارضا لذَلِك وزدته توشيح الحشوات مَا هز قضيب قده الريان للمعتنق إِلَّا استترت معاطف الأغصان تَحت الْوَرق أفدي قمراً لم يبْق عِنْدِي رمقا لما رمقا قد زَاد صبابتي بِهِ والحرقا شوقاً وشقا لَو فَوق سهم جفْنه أَو رشقا فِي يَوْم لقا أبطال وغىً تميس فِي غُدْرَان نسج الْخلق أبصرتهم فِي معرك الفرسان صرعى الحدق بدرٌ منعته قسوة الأتراك رحمى الشاكي من ناظره حبائل الشرَاك والإشراك كم ضل بهَا قلبِي من النساك والفتاك قاني الوجنات ينتمي للقان صَعب الْخلق إِن قلت أَمُوت فِي الْهوى ناداني هَذَا يسْقِي كم جَاءَ جَبينه الدجا واقترضا صبحاً فأضا كم جرد جفْنه حساماً ونضا والصب قضى كم أودع رِيقه فؤاداً مَرضا من جمر غضا فاعجب لرضابه شفا الظمآن يذكي حرقي والخد بِهِ الْخَال على النيرَان لم يَحْتَرِق يَا خجلة خد الْورْد فِي جنته من وجنته يَا كسرة غُصْن البان فِي حَضرته من خطرته يَا حسرة بدر الْأُفق من غرته فِي طرته لَا تعتقد الأقمار بالبهتان وسط الْأُفق أَن تشبهه فَلَيْسَ فِي الْإِمْكَان مَا لم تطق مَا أسعد من أَصَابَهُ بالحور سهم النّظر مَا أنعم من يصليه نَار الْفِكر طول الْعُمر أَو قَيده الْحبّ بِقَيْد الشّعْر عِنْد السحر أَو طوقه بذلك الثعبان فَوق الْعُنُق أَو بَات بقفل صُدْغه الريحاني تَحت الغلق ابْن قوام مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر بن قوام الشَّيْخ الزَّاهِد الْعَالم الْقدْوَة البالسي)

روى للْجَمَاعَة عَن أَصْحَاب ابْن طبرزذ وَكَانَ يحب الحَدِيث وَيسمع أَوْلَاده وَفِيه تواضع

ص: 198

ومروءة وَعَلِيهِ سكينَة وهيبة وَفِيه صدق وإخلاص وَتمسك بالسنن وَله قبُول عَظِيم ومحبة فِي الْقُلُوب عرض الدولة عَلَيْهِ راتباً على زاويته فَامْتنعَ ووقف عَلَيْهَا بعض التُّجَّار بعض قَرْيَة وَجمع سيرة لجده وَكَانَ لَهُ حَظّ من تعبد وتجهد وكرم وَانْقِطَاع عَن النَّاس قل أَن ترى الْعُيُون مثله

توفّي سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة وَدفن بزاويته بسفح قاسيون وَله ثَمَان وَثَمَانُونَ سنة

البانياسي مُحَمَّد بن عمر بن أبي بكر البانياسي

شَاب ذكي متيقظ قَرَأَ القرآات وبرع فِيهَا وَقَرَأَ الْفِقْه والعربية وَله شعر أَفَادَ فِي القرآات

وَمَات صَغِيرا وَلم تطلع لَهُ لحية وَلَا بلغ الْعشْرين ووفاته سنة تسع وَتِسْعين وستّ مائَة وَمن شعره

ابْن رشيد السبتي مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر بن إِدْرِيس بن سعيد بن مَسْعُود بن حسن بن عمر بن مُحَمَّد بن رشيد أَبُو عبد الله الفِهري السبتي

أَخذ الْعَرَبيَّة عنابن أبي الرّبيع ونظرائه واحتفل فِي صغره بالأدبيات وبرع فِيهَا وروى البُخَارِيّ عَن عبد الْعَزِيز الغافقي قِرَاءَة من لَفظه

وارتحل إِلَى فاس واشتغل بِالْمذهبِ وَرجع إِلَى سبته وتصدر لإقراء الْفِقْه خَاصَّة وتأدب مَعَ أشياخه أَن يقرئ غَيره ثمَّ ارتحل إِلَى تونس واشتغل بالأصلين على ابْن زيتون ثمَّ رَحل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَحج سنة خمس وَثَمَانِينَ وجاور بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَنزل مصر

وَله مصنفات كَثِيرَة مِنْهَا الرحلة الشرقية أَربع مجلدات وفهرست مشايخه والمقدمة الْمعرفَة فِي علو الْمسَافَة وَالصّفة والصراط السوي فِي اتِّصَال سَماع جَامع التِّرْمِذِيّ وإفادة النصيح فِي مَشْهُور رُوَاة الصَّحِيح وجزء فِيهِ مسأله العنعنة والمحاكمة بَين الْإِمَامَيْنِ وإيضاح الْمذَاهب فِي تعْيين من ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الصاحب وجزء فِيهِ حكم رُؤْيَة هِلَال شَوَّال ورمضان وتلخيص كتاب القوانين فِي النَّحْو وَشرح جُزْء التَّجْنِيس لحلزم بن حَازِم الإشبيلي وَحكم الِاسْتِعَارَة وَغير ذَلِك من الْخطب والقصائد النَّبَوِيَّة والمقطعات البديعة

وَكَانَ ارتحاله إِلَى سبته فِي حُدُود سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسبع مائَة

أَخْبرنِي العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ قدم الْمَذْكُور علينا بِالْقَاهِرَةِ حَاجا وَسمع مَعنا)

الحَدِيث وعني بِهِ وَكَانَ قد بحث سِيبَوَيْهٍ على الْأُسْتَاذ أبي الْحُسَيْن ابْن أبي الرّبيع وَلما توجه إِلَى الْحَج صُحْبَة أبي عبد الله ابْن الْحَكِيم اتّفق أَن السُّلْطَان أَبَا عبد الله ابْن السُّلْطَان أبي عبد الله بن الْأَحْمَر استوزر ابْن الْحَكِيم فولى ابْن رشيد الْإِمَامَة وَالْخطْبَة بِجَامِع غرناطة وَلما قتل الْوَزير أخرج أهل غرناطة ابْن رشيد إِلَى العدوة فَأحْسن إِلَيْهِ العدوة ابو سعيد عُثْمَان بن السُّلْطَان أبي يُوسُف يَعْقُوب بن عبد الْحق وَبَقِي فِي إيالته إِلَى أَن توفّي ابْن رشيد وَكَانَ فَاضلا سرياً حسن الْأَخْلَاق سَأَلته أَن يكْتب لي من شعره وَكَانَ مِمَّن

ص: 199

ينظم بالعروض إِذْ لم يكن الْوَزْن فِي طبعه فَكتب لي بِخَطِّهِ

(يَا من يفوق النَّجْم موطنه

كلفتني مَا لَيْسَ أحْسنه)

(ولتغض عَمَّا فِيهِ من خللٍ

خلدت فِي عزٍ تزينه)

وَله أَبْيَات كتبهَا على حَذْو نعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم بدار الحَدِيث الأشرفية

(هَنِيئًا لعَيْنِي إِن رَأَتْ نعل أَحْمد

فيا سعد جدي قد ظَفرت بمقصدي)

(وقبلتها أشفي الغليل فزادني

فيا عجبا زَاد الظما عِنْد موردي)

(وَللَّه ذَاك الْيَوْم عيداً ومعلماً

بمطلعه أرخت مولد أسعدي)

(عَلَيْهِ صلاةٌ نشرها طيبٌ كَمَا

يحب ويرضى رَبنَا لمُحَمد)

الْبَدْر المنبجي مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن الْمثنى الشَّافِعِي الشَّاعِر

ولد بمنبج قبل الْخمسين وَسمع من ابْن عبد الدَّائِم بِدِمَشْق وَمن النجيب بِمصْر وَتخرج فِي الْأَدَب بمجد الدّين ابْن الظهير الإربلي وَتُوفِّي بِمصْر سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسبع مائَة

أَنْشدني الْعَلامَة أثير الدّين أَبُو حَيَّان إجَازَة قَالَ أَنْشدني المنبجي لنَفسِهِ

(ومهفهف ناديته ومحاجري

تذري دموعاً كالجمان مبددا)

(يَا من أرَاهُ على الملاح مؤمراً

بِاللَّه قل لي هَل أَرَاك مُجَردا)

قَالَ وأنشدني أَيْضا

(وَبدر دجىً وافى إِلَيّ بوردةٍ

وَمَا حَان من ورد الرّبيع أَوَانه)

(فَقَالَ وَقد أبديت مِنْهُ تَعَجبا

رويدك لَا تعجب فعندي بَيَانه)

(هُوَ الْورْد من روضٍ بخدي دنيته

وَورد خدودي كل وَقت زَمَانه)

قَالَ وأنشدني أَيْضا)

(وَكَأن زهر اللوز صبٌ عاشقٌ

قد هزه شوقٌ إِلَى أحبابه)

(وَأَظنهُ من هول يَوْم فراقهم

وبعادهم قد شَاب قبل شبابه)

قَالَ وأنشدني أَيْضا

(وَمن عجبٍ سيفٌ بجفنك ينتضى

فيفتك فِي العشاق وَهُوَ كليل)

(وأعجب من ذَا لحظ طرفك فِي الْهوى

يداوي من السقام وَهُوَ عليل)

القَاضِي أَخَوَيْنِ الشَّافِعِي مُحَمَّد بن عمر بن الْفضل قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين التبريزي الشَّافِعِي الملقب بأخوين

ولد سنة ثَمَان وَسِتِّينَ ككان صَاحب مُشَاركَة وفنون وتؤدة ومروءة وحلم أتقن علم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَنسخ كتبا كَثِيرَة وَلم يكن من قُضَاة الْعدْل توفّي بِبَغْدَاد

ص: 200

سنة ثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَكَانَ قَاضِي بَغْدَاد

نجم الدّين وَكيل بَيت المَال مُحَمَّد بن عمر الشَّيْخ نجم الدّين ابْن أبي الطّيب وَكيل بَيت المَال بِدِمَشْق

كَانَ قد تزوج بنت القَاضِي محيي الدّين ابْن فضل الله فَحصل لَهُ لما توجه القَاضِي محيي الدّين إِلَى كِتَابَة السِّرّ بالديار المصرية كل خير وَولي الْوَظَائِف لكبار مثل نظر الخزانة بقلعة دمشق ووكالة بَيت المَال وَكَانَ بِيَدِهِ نظر الرباع السُّلْطَانِيَّة وتدريس الْمدرسَة الكروسية والمدرسة الصلاحية

وسوف يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة وَالِده عمر بن أبي الْقَاسِم فِي حرف الْعين التَّنْبِيه على تَسْمِيَة بَيتهمْ ببني أبي الطّيب وَأم نجم الدّين هَذَا بنت شمس الدّين ابْن القَاضِي نجم الدّين أبي بكر مُحَمَّد ابْن قَاضِي الْقُضَاة صدر الدّين ابْن سني الدولة وَولي هُوَ الْوكَالَة بعد عزل ابْن الْمجد عبد الله لما ولي قَضَاء الْقُضَاة بِدِمَشْق وَكَانَ وَليهَا بعد عزل القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن القلانسي لما غضب عَلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين تنكز وعزله عَن وظائفه وَكَانَ قد وَليهَا بعد وَفَاة أَخِيه القَاضِي جمال الدّين أَحْمد ابْن القلانسي لما توفّي عَنْهَا وَكَانَ قد وَليهَا بعد الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الشريشي وَكَانَ قد وَليهَا بعد الشَّيْخ كَمَال الدّين ابْن الزملكاني ووليها بعد ابْن الشريشي الْمَذْكُور ووليها بعد نجم الدّين عمر وَالِد نجم الدّين الْمَذْكُور

وَكَانَ نجم الدّين الْمَذْكُور شَافِعِيّ الْمَذْهَب حسن الشكل تَامّ الْخلق لَهُ تودد وملقى وملق)

توفّي فِي حمرَة ظَهرت بِوَجْهِهِ فِي يَوْمَيْنِ وَكَانَت وَفَاته فِي رَابِع شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة وَكَانَ حفظَة لأخبار أهل عصره وتواريخهم ووقائعهم لَا يدانيه أحد فِي ذَلِك واعترف لَهُ بذلك شهَاب الدّين ابْن فضل الله

شمس الدّين ابْن الرهاوي مُحَمَّد بن عمر بن إلْيَاس شمس الدّين أَبُو الْعِزّ الرهاوي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْكَاتِب

سمع بِمصْر صَحِيح مُسلم بفوتٍ من ابْن الْبُرْهَان وَسمع من النجيب وَابْن أبي الْيُسْر وَابْن الأوحد وَطَائِفَة وَدَار على الشُّيُوخ وَكتب الطباق وَسمع الْكتب وَتُوفِّي رحمه الله سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة روى عَنهُ الشَّيْخ شمس الدّين فِي المعجم

ابْن المشهدي مُحَمَّد بن عمر بن سَالم الْعدْل الْفَاضِل نَاصِر الدّين المشهدي الْمصْرِيّ

سمع من غَازِي الحلاوي وَخلق وعني بذلك وَكتب الطباق وبرع فِي كِتَابَة السجلات وَحصل مِنْهَا وَأقَام بِدِمَشْق مُدَّة قَالَ الشَّيْخ شمس الدّين وَقد تكلمُوا فِي عَدَالَته

توفّي رَحمَه الله تَعَالَى كهلاً سنة بضع وَعشْرين وَسبع مائَة

ص: 201