الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهيباً شجاعاً حازماً ناهضاً بأعباء الْملك عديم النظير عَظِيم السطوة هزم الله جيوش الْكفْر على يَده سنة تسع عشرَة وأباد مُلُوك دين الصَّلِيب ثمَّ وثب عَلَيْهِ ابْن عَمه فَقتله فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ قتل قَاتله وأعوانه فِي يومهم وَذَلِكَ سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة وتملك مُحَمَّد وَلَده أعواماً
3 -
(مهذب الدّين الْحَمَوِيّ الطَّبِيب)
إِسْمَاعِيل بن الْفضل ابْن أبي الْفضل بن خلف بن عبد الله بن يَعْقُوب الْحَكِيم أَبُو الْفضل مهذب الدّين التنوخي الْحَمَوِيّ الطَّبِيب من كبار الْأَطِبَّاء بِالْقَاهِرَةِ ولد سنة ثمانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي صفر سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة)
3 -
(أَبُو الْعَتَاهِيَة)
إِسْمَاعِيل بن الْقَاسِم بن سُوَيْد بن كيسَان مولى عنزة الْمَعْرُوف بِأبي الْعَتَاهِيَة مولده بِعَين التَّمْر وَنَشَأ بِالْكُوفَةِ وَسكن بَغْدَاد وَكَانَ يَبِيع الجرار واشتهر بمحبة عتبَة جَارِيَة الْمهْدي وَأكْثر تشبيبه وتشبيهه فِيهَا فَمن ذَلِك قَوْله من الْكَامِل
(أعلَمتُ عُتْبةَ أنّني
…
مِنْهَا على شَرَفٍ مُطِلُّ)
(وشكوتُ مَا ألْقى إِلَيّ
…
هَا والمدامعُ تستهلُّ)
(حَتَّى إِذا برِمَتْ بِمَا
…
أَشْكُو كَمَا يشكو الأقَلُّ)
(قَالَت فأيُّ النَّاس يع
…
لم مَا تَقول فَقلت كلُّ)
وَاسْتَأْذَنَ أَن يهدي إِلَى الْمهْدي فِي النيروز والمهرجان فَأذن لَهُ فأهدى فِي أَحدهمَا برنية ضخمة فِيهَا ثوب ناعم مُطيب وَكتب فِي حَوَاشِيه من السَّرِيع
(نَفسِي بشيءٍ من الدُّنْيَا معلَّقة
…
اللهُ والقائمُ المهديُّ يكفيها)
(إنّي لأيْأَسُ مِنْهَا ثمّ يُطمِعني
…
فِيهَا احتقارُك بالدنيا وَمَا فِيهَا)
فهم بِدفع عتبَة إِلَيْهِ فَجَزِعت وَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حرمتي وخدمتي أفتدفعني إِلَى رجلٍ قَبِيح المنظر بَائِع جرار متكسب بالشعر فأعفاها وَقَالَ املأوا لَهُ البرنية مَالا فَقَالَ للْكتاب أَمر لي بِدَنَانِير فَقَالُوا مَا ندفع ذَلِك إِلَيْك وَلَكِن إِن شِئْت أعطيناك دَرَاهِم إِلَّا أَن يفصح بِمَا
أَرَادَ فَاخْتلف فِي ذَلِك حولا فَقَالَت عتبَة لَو كَانَ عَاشِقًا كَمَا يزْعم لم يكن يخْتَلف مُنْذُ حول فِي التَّمْيِيز بَين الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَقد أعرض عَن ذكري صفحاً وَقَالَ فِي عمر بن الْعَلَاء من الْكَامِل
(إنّي أمنِتُ من الزَّمَان وَصَرفه
…
لمّا علقتُ من الأميرِ حِبالا)
(لَو يَسْتَطِيع النَّاس من إجلاله
…
تَخِذوا لَهُ حرَّ الخدود نِعالا)
(إنّ المطايا تشتكيك لأنّها
…
قطعتْ إِلَيْك سباسباً ورِمالا)
(فَإِذا وَرَدْت بِنَا وَرَدْنَ خفائفاً
…
وَإِذا صَدَرْنَ بِنَا صَدَرْنَ ثقالا)
فَأَبْطَأَ بره عَنهُ قَلِيلا فَكتب إِلَيْهِ من الطَّوِيل
(أَصَابَت علينا جودَك العينُ يَا عمرْ
…
فَنحْن لَهَا نبغي التمائمَ والنُّشَرْ)
(سنرقيك بالأشعار حَتَّى تملّها
…
وَإِن لم تُفِقْ مِنْهَا رقيناك بالسُّوَرْ)
)
فَأعْطَاهُ سبعين ألف دِرْهَم وخلع عَلَيْهِ حَتَّى عجز عَن الْقيام فغار الشُّعَرَاء لذَلِك فَجَمعهُمْ ثمَّ قَالَ يَا معشر الشُّعَرَاء عجبا لكم مَا أَشد حسدكم بَعْضًا لبَعض إِن أحدكُم يأتينا يمدحنا بقصيدة يشبب فِيهَا بصديقته خمسين بَيْتا فَمَا يبلغنَا حَتَّى تذْهب لذاذة مدحه ورونق شعره وَقد أَتَانَا أَبُو الْعَتَاهِيَة فشبب بِأَبْيَات يسيرَة ثمَّ قَالَ وَأنْشد الأبيات وَقَالَ أَشْجَع السّلمِيّ أذن الْخَلِيفَة الْمهْدي للنَّاس فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَدَخَلْنَا وأمرنا بِالْجُلُوسِ فاتفق أَن جلس إِلَى جَانِبي بشار بن برد وَسكت الْمهْدي وَسمع بشار حسا فَقَالَ لي من هَذَا فَقلت أَبُو الْعَتَاهِيَة فَقَالَ أتراه ينشد فِي هَذَا المحفل فَقلت أَحْسبهُ سيفعل قَالَ فَأمره الْمهْدي أَن ينشد فَأَنْشد من المتقارب
(أَلا مَا لسيّدتي مَا لَهَا
…
تُدِلّ وأَحمِلُ إدلالها)
(وإلاّ فَفِيمَ تجنَّتْ وَلَا
…
جنيتُ سقى الله أطلالها)
(أَلا إنّ جَارِيَة للإما
…
م قد أسكن الحسنُ سربالَها)
(مشت بَين حورٍ قصار الخطا
…
تُجاذبِ فِي الْمَشْي أكفالها)
(وَقد أتْعب الله نَفسِي بهَا
…
وأتعبَ باللوم عُدّالها)
فَقَالَ بشار وَيحك يَا أَخا سليم مَا أَدْرِي من أَي أمريه أعجب أَمن ضعف شعره أم تشبيبه بِجَارِيَة الْخَلِيفَة ويسمعه ذَلِك بِإِذْنِهِ حَتَّى أَتَى على قَوْله من المتقارب
(أَتَتْهُ الْخلَافَة منقادة
…
إِلَيْهِ تُجرِّر أذيالها)
(فَلم تَكُ تصلح إلاّ لَهُ
…
وَلم يَك يصلح إلاّ لَهَا)
(وَلَو رامها أحدٌ غيرهُ
…
لزُلزِلت الأَرْض زلزالَها)
(وَلَو لم تُطِعْه بناتُ الْقُلُوب
…
لما قَبِل الله أَعمالهَا)
(وَإِن الخليفةَ من بُغضِ لَا
…
إِلَيْهِ لَيُبْغِضُ مَن قَالَهَا)
فَقَالَ بشار وَيحك يَا أَشْجَع هَل طَار الْخَلِيفَة عَن فرشه قَالَ أَشْجَع فو الله مَا انْصَرف أحد عَن ذَلِك الْمجْلس بجائزة غير أبي الْعَتَاهِيَة ونسك آخر عمره وَقَالَ فِي الزّهْد أشعاراً كَثِيرَة
وَقد عجز الروَاة أَن يضبطوا شعر بشار بن برد وَالسَّيِّد الْحِمْيَرِي وَأبي الْعَتَاهِيَة لِكَثْرَة أشعارهم ولقب أَبَا الْعَتَاهِيَة لاضطراب كَانَ فِيهِ وَقيل بل كَانَ يحب الخلاعة والمجون فلقب بذلك لعتوه وَكَانَ أَبُو نواس يعظمه ويخضع لَهُ وَيَقُول وَالله مَا رَأَيْته إِلَّا أَنِّي أرضي وَأَنه سماوي وَحكي أَن أَبَاهُ كَانَ حجاماً وَلذَلِك قَالَ من الطَّوِيل)
(أَلا إنّما التَّقْوَى هِيَ الْعَزْم والكرَمْ
…
وحبّك للدنيا هُوَ الْفقر والعدّمْ)
(وَلَيْسَت على عبدٍ تقيّ نقيصةٌ
…
إِذا صحّح التَّقْوَى وَإِن حاك أَو حجمْ)
وَمن شعره من الطَّوِيل
(إِذا الْمَرْء لم يعْتق من المَال نَفسه
…
تملّكه المالُ الَّذِي هُوَ مالكُهُ)
(أَلا إنّما مَالِي الَّذِي أَنا منفقٌ
…
وَلَيْسَ ليَ المَال الَّذِي أَنا تاركُهُ)
(إِذا كنتَ ذَا مالٍ فبادِرْ بِهِ الَّذِي
…
يحقُّ وإلاّ استهلكَتْه مَهالكُهُ)
فَقيل لَهُ لما أنْشد هَذِه الأبيات كَيفَ تَقول هَذَا وتحبس عنْدك سبعا وَعشْرين بدرة فِي دَارك لَا تَأْكُل مِنْهَا وَلَا تشرب وَلَا تزكي فَقَالَ لَهو الْحق وَلَكِنِّي أَخَاف الْفقر وَالْحَاجة وَلَقَد أَشْتَرِي من عيد إِلَى عيد وَلَقَد اشْتريت فِي يَوْم عَاشُورَاء لَحْمًا وتوابله بِخَمْسَة دَرَاهِم وَكَانَ لَهُ جَار ضَعِيف الْحَال جدا متجمل يلتقط النَّوَى وَكَانَ يمر بِأبي الْعَتَاهِيَة فَيَقُول اللَّهُمَّ أعنه على مَا هُوَ بسبيله وَيَدْعُو لَهُ إِلَى أَن مَاتَ الشَّيْخ نَحوا من عشْرين سنة وَلم يزده على الدُّعَاء شَيْئا فَقيل لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاق نرَاك تكْثر الدُّعَاء لذَلِك الشَّيْخ وتزعم أَنه فَقير معيل فَلم لَا تَتَصَدَّق عَلَيْهِ بِشَيْء فَقَالَ أخْشَى أَن يعْتَاد الصَّدَقَة وَالصَّدَََقَة آخر مكاسب العَبْد وَإِن فِي الدُّعَاء لخيراً كثيرا
وَقَالَ مُحَمَّد بن عِيسَى الحرقي وَكَانَ جاراً لأبي الْعَتَاهِيَة قَالَ كَانَ سَائل من العيارين الظرفاء وقف على أبي الْعَتَاهِيَة وَجَمَاعَة جِيرَانه حوله فَسَأَلَهُ فَقَالَ صنع الله لَك فَأَعَادَ السُّؤَال ورد مثل ذَلِك فَأَعَادَ الثَّالِثَة فَرد مثل ذَلِك فَغَضب وَقَالَ أَلَسْت الَّذِي يَقُول من المديد
(كلّ حيٍ عِنْد ميتَته
…
حظُّه من مَاله الكفنُ)
قَالَ نعم قَالَ فبالله أَتُرِيدُ أَن تعد مَالك كُله لثمن كفنك قَالَ لَا قَالَ بِاللَّه كم قدرت لكفنك قَالَ خَمْسَة دَنَانِير قَالَ هِيَ حظك إِذا من مَالك قَالَ نعم قَالَ فَتصدق عَليّ من غير حظك بدرهم وَاحِد قَالَ لَو تَصَدَّقت عَلَيْك لَكَانَ حظي قَالَ فاعمل على أَن دِينَارا من الْخَمْسَة وضيعته قِيرَاط وادفع إِلَيّ قيراطاً وَاحِدًا وَإِلَّا فَوَاحِدَة أُخْرَى قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ الْقُبُور تحفر بِثَلَاثَة دَرَاهِم فَأعْطِنِي درهما وأقيم لَك كَفِيلا بِأَنِّي أحفر لَك قبرك مَتى مت وتربح دِرْهَمَيْنِ لم يَكُونَا فِي حِسَابك فَإِن لم أحفر لَك رَددته على وَرثتك أَو رده كفيلي عَلَيْهِم فَخَجِلَ أَبُو الْعَتَاهِيَة وَقَالَ