الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدوث الفتن كقطع الليل المظلم، ووقوع التناكر بين الناس، والتهاون بالسنن التي رَغَّبَ فيها الإسلام، وتشبه الشيوخ بالشباب. وكلام السباع والجمادات للإِنس، وحسر ماء الفرات عن جبلٍ من ذهب، وصدق رؤيا المؤمن.
وما يقع من مدينة رسول الله- صلى الله عليه وسلم حيث تنفي الخبثَ، فلا يبقى فيها إِلَّا الأَتقياء الصَّالحون، وعودة جزيرة العرب مروجا وأَنهارا، وخروج رجل من قحطان يدين له الناس.
وكثرة الروم وقتالهم للمسلمين، وقتال المسلمين لليهود حتى يقول الحجر والشجر:«يا مُسْلِمُ هَذا يَهُودِيّ؛ فَتَعالَ فَاقتُلهُ» (1) . وفتح روما كما فتحت القسطنطينية. . إِلى غير ذلك من علامات الساعة الصغرى الثابتة في الأَحاديث الصحيحة.
[علاماتُ الساعة الكبرى]
علاماتُ الساعة الكبرى: وهذه هي التي تدلُ على قرب قيام الساعة، فإِذا ظهرت كانت الساعة على إِثرها، وأَهل السّنة يؤمنون بها كما جاءت عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومنها:
ظهور المهدي: وهو محمَد بن عبد الله؛ من أَهل بيت النَّبِيّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويخرج من قِبَل المشرق يملك
(1) رواه البخاري.
سبع سنين، يملأ الأَرض قسطا وعدلا بعدما مُلئت ظلما وجورا، تنعم الأُمة في عهده نعمة لم تَنْعَمْها قط، تُخرِج الأَرض نباتها، وتُمطِر السماء قطرها، ويُعطي المال بغير عدد.
وخروج المسيح الدجال (1) ونزول المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشام، وينزل حاكما بشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عاملا بها، وأَنَّه يقتل الدجال، ويحكم في الأَرض بالإِسلام، ويكون نزوله على الطائفة المنصورة التي تُقاتل على الحق، وتكون مُجتمعة لقتال الدَّجَّال، فينزل وقت إِمامة الصلاة يصلي خلف أَمير تلك الطائفة.
وخروج يأجوج ومأجوج، والخُسوفات الثلاثة: خَسْفٌ بالمشرق، وخَسْف بالمغرب، وخَسْف بجزيرة العرب، وخروج الدخان، وطُلوعُ الشمس من مغرِبها، وخروج دابَّة الأَرض وتكليمها للناس، والنار التي تحشر الناس.
وأَهل السُنة والجماعة: يؤمنون بكل ما يكون من أُمور الغيب بعد الموت، مما أَخبر به الله ورسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من سكرات
(1) وفتنة ظهور المسيح الدجال من أَعظم الفتن؛ لأن الدجال هو منبع الكفر والضلال والفتن، ومن أجل ذلك فقد حذر منه الأنبياء أقوامهم، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم -يستعيذ من فتنة الدجال دبر كل صلاة، وحذر منه أمته.
الموت، وحضور ملائكة الموت، وفرح المؤمن بلقاء رَبِّه، وحضور الشيطان عند الموت، وعدم قبول إيمان الكافر عند الموت، وعالَم البَرْزَخ، ونعيم القبر وعذابِه وفتنتِه، وسؤال الملكين وأَن الشهداءَ أحياء عند ربهم يُرزقون، وأَنَ أَرواح أَهل السعادة مُنَعَّمَةٌ، وأَرواح أهل الشقاوة مُعَذبة.
ويؤمنون بيوم القيامة الكبرى الذي يحيي الله فيه الموتى، ببعث العباد من قبورهم، ثمَ يحاسبهم.
ويؤمنون بالنفخ في الصور، وهي ثلاث نفخات:
الأولى: نفخة الفزع.
الثانية: نفخة الصعق؛ التي يتغير بها العالم المشاهد، ويختلف نظامه، وفيها الفناء والصعق، وفيها هلاك من قضى الله إِهلاكه.
الثالثة: نفخة البعث والنشور والقيام لِرَبِّ العالمين.
ويؤمنون بالبَعْثِ والنُّشُور، وأَنَّ الله يَبْعثُ مَن في القبور؛ فيقوم الناس لرَبِّ العالمين حفاة عراة غُرْلا، تدنو منهم الشمس، ومنهم مَن يلجمه العرق، وأَول مَن يُبْعَث وتنشق عنه الأَرض هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -وعلى آله وسلم.
وفي ذلك اليوم العظيم يخرج النَاس من الأَجداث كأَنَهم جراد نشر، مسرعين مهطعين إِلى الداعي، وقد خفتت كلُّ حركة، وخيم الصمت الرهيب، حيث تنشر صحف الأَعمال؛ فيكشف
المخبوء، ويظهر المستور، ويفتضح المكنون في الصدور، ويكلم الله عباده يوم القيامة ليس بينه وبينهم ترجمان، ويدعى النَّاس بأسمائهم وأسماء آبائهم.
ويؤمنون بالميزان الذي له كفتان تُوزن به أَعمال العباد.
ويؤمنون بما يكون من نشر الدواوين، وهي صحائف الأَعمال، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذٌ كتابه بشماله، أَو من وراء ظهره.
والصراط منصوب على متن جهنم، يتجاوزه الأَبرار، ويزل عنه الفجَّار (1) .
والجنة والنار مخلوقتان، وموجودتان الآن، لا تَفْنَيان أَبدا، وقد خلقهما الله تعالى قبل الخلق، والجنة دار المؤمنين الموحِّدين والمتقين، والنَّار دار الكافرين؛ من المشركين، واليهود، والنصارى، والمنافقين، والملحدين، والوثنيين؛ ودار المذنبين.
(1) وهو الجسر الذي يمرون عليه إِلى الجنة، ويمر الناس على الصراط بقدر أعمالهم فمنهم مَن يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح المرسلة ومنهم من يمر كالفرس الجواد، ومنهم من يمر كركاب الإبل، ومنهم من يعدو عدوا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من يخطف ويلقى في جهنم؛ كل بحسب عمله، حتى يَطهر من ذنوبه وآثامه ومن اجتاز الصراط تهيأ لدخول الجنة؛ فإِذا عبروا الصراط وقفرا على قنطرة بين الجنة والنار؛ فيقتص لبعضهم من بعض فإِذا هذبوا ونُقوا أُذن لهم في دخول الجنة.
ويؤمنون بأن أمة محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أُولى الأمم محاسبة يوم القيامة، وأُولى الأُم في دخول الجنة، وهم نصف أَهل الجنة، ويدخلُ الجنَّة منهم سبعون أَلفا بغير حساب.
ويؤمنون بعدم خلود الموحدين في النار، وهم الذين دخلوا النَّار بمعاص ارتكبوها غير الإِشراك بالله تعالى، لأنَ المشركين خالدون في النَار لا يخرجون منها أَبدا، والعيِاذ بالله.
ويؤمنون بأَن حوض نبيِّنا- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في عرصات القيامة ماؤه أَشَدُّ بياضا من اللبن، وأَحلى من العسل، وريحهُ أَطيبُ من المسك، وآنيته عدد نجوم السماء، وطوله شهر وعرضه شهر، مَن شرب منه لا يظمأ أَبدا، ويَحرم ذلك على من ابتدع في الدِّين، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
«حَوضي مَسيرةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَريحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المسكِ، وكيزانُهُ كنُجوم السَّماء، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظمأ أَبدا» (1) وقال: «إِنِّي فَرَطُكُم عَلَى الحَوْضِ، مَنْ مرّ عَلي شَرِبَ وَمَنَ شَربَ لَمْ يَظمأ أَبدا. لَيَردَنَّ عَليَّ أَقْوَامٌ أَعرِفُهُم وَيَعرفونَني، ثم يُحَالُ بَيني وَبْينهُم» . وفي رواية: «فَأَقولُ: إِنَهُمْ منِّي؛ فيقالُ: إنكَ لَا تَدري مَا أَحْدَثُوا بَعدَكَ، فَأَقولُ: سُحْقَاَ سحْقا لِمَنْ غيَّرَ بَعْدِي» (2) .
(1) رواه البخاري.
(2)
رواه البخاري.
والشفاعة والمقام المحمود لنبيِّنا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم القيامة، وشفاعته لأَهل الموقف لفصل القضاء بينهم هي المقام المحمود، وشفاعته لأَهل الجنة أَن يدخلوا الجنَّة، ويكون الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أَول داخل فيها، وشفاعته لعمه أَبي طالب أَن يُخفَّف عنه من العذاب.
وهذه الشفاعات الثلاث خاصة بالنَبِيِّ- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وليست لأَحد غيره.
وشفاعته- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لرفع درجات بعض أُمَّته ممن يدخلون الجنة إِلى درجات عليا، وشفاعته- صلى الله عليه وآله وسلم لطائفة من أُمَّته يدخلون الجنة بغير حساب.
وشفاعته- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في أَقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة، وفي أَقوام آخرين قد أُمِرَ بهم إِلى النَّار أَن لا يدخلوها.
والشفاعة في إِخراج عصاة الموحِّدين من النَار، فيشفع لهم فيدخلون الجنَّة.
وهذه الشفاعة تُشاركه فيها الملائكة، والنبيُّون، والشهداء، والصدِّيقون، والصالحون، والمؤمنون، ثم يُخرِجُ الله- تبارك
وتعالى- من النَار أَقواما بغير شفاعة؛ بل بفضله ورحمته (1) فأَما الكفار فلا شفاعة لهم، لقوله تعالى:
{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48](2) .
وعمل المؤمن يوم القيامة يشفع له أَيضا، كما أَخبر بذلك النبِي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال:
«الصَيامُ وَالقرآن يَشْفَعانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ القِيامَةِ» (3) والموت يؤتى به يوم القيامة؛ فيُذبَحُ كما أَخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(1) ويشترط لهذه الشفاعة شرطان: الأول: إِذن الله تعالى في الشفاعة، لقوله: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ سورة البقرة: الآية، 255. الثاني: رضا الله تعالى عن الشافع والمشفوع له، لقوله: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى. سورة الأنبياء: الآية، 28.
(2)
سورة المدثر: الآية، 48.
(3)
انظر: (صحيح الجامع الصغير) للألباني، برقم:(3882) .
(4)
رواه مسلم.