المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الأصل الثاني مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة] ‌ ‌[تعريف الإيمان] الأصل الثاني مسمى - الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة - جـ ١

[عبد الله بن عبد الحميد الأثري]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد]

- ‌[المقدمة]

- ‌[تعريفات ضرورية]

- ‌[تعريف العقيدة]

- ‌[تعريف السلف]

- ‌[تعريف أهل السنة والجماعة]

- ‌[صفات وميزات أهل السنة والجماعة]

- ‌[صفوة القول في مفهوم أَهل السُّنَة والجماعة]

- ‌[خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة ولماذا هي أَولى بالاتباع]

- ‌[أصول عقيدة السلف الصالح]

- ‌[الأصل الأول الإيمان وأركانه]

- ‌[الركن الأول الإيمان بالله]

- ‌[تعريف الإيمان بالله]

- ‌[من الإيمان بالله تعالى الإِقرار بأَنواع التوحيد الثلاثة]

- ‌[أقوال أئمة السلف في الصفات]

- ‌[الركن الثاني الإِيمان بالملائكة]

- ‌[كفر من ينكر وجود الملائكة]

- ‌[أصناف الملائكة]

- ‌[الركن الثالث الإيمان بالكتب]

- ‌[الله أنزل الكتب لهداية البشرية]

- ‌[القرآن الكريم]

- ‌[الركن الرابع الإيمان بالرسل]

- ‌[الإِيمان بالرسل مُجْمَلٌ والإِيمان بنبينا مُفَصل]

- ‌[معجزات الرسول]

- ‌[الركن الخامس الإيمان باليوم الآخر]

- ‌[الاعتقاد الجازم والتصديق الكامل بيوم القيامة]

- ‌[علاماتُ الساعة الصغرى]

- ‌[علاماتُ الساعة الكبرى]

- ‌[الركن السادس الإيمان بالقدر]

- ‌[الأصل الثاني مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة]

- ‌[تعريف الإيمان]

- ‌[الاستثناء في الإِيمان]

- ‌[الأصل الثالث موقف أهل السنة من مسألة التكفير]

- ‌[لا يكفرون أَحدا بعينه من المسلمين ارتكب مكفِّرا إِلا بعد إِقامة الحجة التي يكفر بموجبها]

- ‌[فرق بين الحكم على القول والمعين]

- ‌[أنواع الكفر]

- ‌[الأصل الرابع الإيمان بنصوص الوعد والوعيد]

- ‌[الأصل الخامس الموالاة والمعاداة في عقيدة أهل السنة]

- ‌[الأصل السادس التصديق بكرامات الأولياء]

- ‌[الأصل السابع منهج أهل السنة والجماعة في التلقي والاستدلال]

- ‌[الأصل الثامن وجوب طاعة ولاة أمر المسلمين بالمعروف]

- ‌[الأصل التاسع عقيدة أهل السنة في الصحابة وآل البيت والخلافة]

- ‌[الأصل العاشر موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع]

- ‌[يُبْغِضُون أَهل الأَهواء والبدع الذين أَحدثوا في الدِّين ما ليس منه]

- ‌[من وصايا أئمِّة السلف فِي التحذير مِن أهل البدعِ]

- ‌[الأصل الحادي عشر منهج أهل السُّنَّة في السلوك والأخلاق]

الفصل: ‌ ‌[الأصل الثاني مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة] ‌ ‌[تعريف الإيمان] الأصل الثاني مسمى

[الأصل الثاني مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة]

[تعريف الإيمان]

الأصل الثاني

مسمى الإيمان

عند أهل السنة والجماعة

ص: 101

ومن أُصول عقيدة السَّلف الصالح، أَهل السنة والجماعة:

أَنَ الإِيمان عندهم: تصديق بالجنانِ، وقول باللسانِ، وعملٌ بالجوارح والأَركانِ، يزيدُ بالطاعةِ، وينقصُ بالمعصيةِ.

والإِيمان (1) قولٌ وعمل:

قولُ القلبِ واللسانِ

وعملُ القلبِ واللسانِ والجوارح.

(1) الإيمان: لغة التصديق وإظهار الخضوع والإقرار، وشرعا: جميع الطاعات الباطنة والظاهرة؛ فالباطنة كأعمال القلب وهو تصديق القلب، والظاهرة هي أفعال البدن من الواجبات والمندوبات، وملخصه: هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، وبَدَت ثمراتهُ واضحة في امتثال أوامر الله والابتعاد عن نواهيه؛ فإذا تجرد العلم عن العمل؛ فلا فائدة فيه، ولو كان العلم المجرد في العمل ينفعُ أحدا لنفع إِبليس؛ فقد كان يعرف أَن الله واحد لا شريك له، وأَن مصيره لا شك إِليه؛ لكن حين صدر إِليه الأمر من الله تعالى: أَن اسجد لآدم، أبى واستكبر وكان من الكافرين، ولم يشفع له علمه بالوحدانية؛ ذلك أَن العلم المجرد عن العمل لا وزن له عند رب العالمين، وهكذا كان فهم السلف. والإيمان لم يأت في القرآن مجردا عن العمل؛ بل عطف عليه العمل الصالح في كثير من الآيات.

ص: 103

فقول القلبِ: اعتقادهُ، وتصديقهُ، وإقراره، وإيقانه.

وقولُ اللسانِ: إقرارهُ العمل؛ أَي النطق بالشهادتين، والعمل بمقتضياتها.

وعملُ القلبِ: نيَّتهُ، وتسليمهُ، وإخلاصهُ، وإذعانهُ، وحُبُّه وإرادته للأعمال الصالحة.

وعملُ اللسان والجوارح: فعلُ المأمورات، وتركُ المنهيات.

(ولا إيمان إِلا بالعملِ، ولا قول ولا عمل إِلا بنيَّة، ولا قول ولا عمل ولا نيهَ إِلَّا بموافقة السنة)(1) .

وقد أَطلق الله تعالى صفة المؤمنين حقا في القرآن للذين آمنوا، وعملوا بما آمنوا به من أُصول الدِّين وفروعه، وظاهره وباطنه وظهرت آثار هذا الإِيمان في عقائدهم، وأَقوالهم، وأَعمالهم الظاهرة والباطنة، قال الله تبارك وتعالى:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 2 - 4](2) .

(1) قال هذا الإمام الأوزاعي وسفيان الثوري والحميدي وغيرهم، وهو مشهورَ عنهم؛ كما رواه اللالكائي وابن بطة.

(2)

سورة الأنفال: الآيات، 2 - 4.

ص: 104

وقد قرن الله- عز وجل الإِيمان مع العمل في كثير من الآيات في القرآن الكريم، فقال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107](1) . وقال: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا} [فصلت: 30](2) . وقال: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72](3) . وقال: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3](4) .

وقال النَّبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «قل آمنت بالله؛ ثم استقم» (5) وقال: «الإِيمانُ بِضْع وسَبْعونَ شُعْبَة؛ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَدْناهَا إمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شعبة مِنَ الإِيمانِ» (6) .

(1) سورة الكهف: الآية، 107.

(2)

سورة فصلت: الآية، 30.

(3)

سورة الزخرف: الآية، 72.

(4)

سورة العصر: الآيات، 1-3.

(5)

رواه مسلم.

(6)

رواه البخاري.

ص: 105

فالعلم والعمل متلازمان لا ينفك أَحدهما عن الآخر، والعمل صورة العلم وجوهره.

وقد وردت أَدلة كثيرة من الآيات والأحاديث على أَنَّ الإِيمان درجات وشعب، يزيد وينقص، وأَنَّ أهله يتفاضلون فيه.

قال الله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31](1) وقال: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124](2) . وقال: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2](3) . وقال: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: 4](4) .

وقال النبِيُ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ أَحَبَّ للهِ، وَأبْغَضَ لله فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمان» (5) .

وقال: «مَنْ رَأى مِنْكُمْ منْكَرا فَلْيُغَيِّرهُ بِيَدِه، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِه، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمان» (6) .

(1) سورة المدثر: الآية، 31.

(2)

سورة التوبة: الآية، 124.

(3)

سورة الأنفال: الآية، 2.

(4)

سورة الفتح: الآية، 4.

(5)

صحيح سنن أبي داود: للألباني.

(6)

رواه مسلم.

ص: 106

وهكذا تَعلَم الصَّحابة وفَهِمُوا - رضوان الله تعالى عليهم- من رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أَن الإٍيمان اعتقاد، وقول، وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.

قال أَمير المؤمنين عليّ بن أَبي طالب رضي الله عنه: (الصَّبْرُ مِن الإِيمان بِمَنْزِلَة الرَأْسِ مِن الجَسَد، مَنْ لا صَبْرَ لَهُ لا إِيمانَ لَه)(1) .

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (اللَهُمّ زِدْنا إِيمانا، ويَقينا، وفِقْها)(2) .

وكانَ عبدُ الله بن عباس، وأَبو هريرة، وأَبو الدرداء رضي الله عنهم يقولون:(الإِيمانُ يَزيدُ ويَنْقُص)(3) .

وقال وكيعُ بن الجرَّاح رحمه الله تعالى: (أَهْلُ السُّنَة يقولون: الإِيمانُ قولٌ وعمل)(4) .

وقال إِمام أَهل السُّنَّة أَحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: (الإِيمانُ يَزيدُ وَيَنْقُص؛ فَزِيادَتُهُ بالعَمَلِ، ونُقْصَانُهُ بِتَرْكِ العَمَل)(5) .

(1) أَخرج هذه الآثار بأسانيد صحيحة الإمام اللالكائي في كتابه القيم: " شرح أصول اعتقاد أَهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ".

(2)

أَخرج هذه الآثار بأسانيد صحيحة الإمام اللالكائي في كتابه القيم: " شرح أصول اعتقاد أَهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة إجماع الصحابة والتابعين ".

(3)

أَخرج هذه الآثار بأسانيد صحيحة الإمام اللالكائي في كتابه القيم: " شرح أصول اعتقاد أَهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة إجماع الصحابة والتابعين ".

(4)

أَخرج هذه الآثار بأسانيد صحيحة الإمام اللالكائي في كتابه القيم: " شرح أصول اعتقاد أَهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة إجماع الصحابة والتابعين ".

(5)

أَخرج هذه الآثار بأسانيد صحيحة الإمام اللالكائي في كتابه القيم: " شرح أصول اعتقاد أَهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة إجماع الصحابة والتابعين ".

ص: 107

وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (لَيْسَ الإِيمانُ بالتَحلي وَلا بالتَمَنّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ في القُلوب وَصدقَتْهُ الأَعْمالُ)(1) .

وقال الإِمام الشافعي رحمه الله تعالى: (الإِيمانُ قولٌ وعمل، يزيدُ وينقص، يزيدُ بالطاعة وينقص بالمعصية، ثم تلا: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31] (2) .

وقال الحافظ أَبو عمر بن عبد البر، في " التمهيد ":(أَجْمَعَ أَهْلُ الِفقهِ وَالحَديثِ عَلَى أَن الإِيمانَ قَولٌ وَعَمَل، وَلا عَمَلَ إِلا بنية، والإِيمانُ عِنْدَهُمْ يَزيدُ بالطاعَة، ويَنْقُص بالمعْصيَة، وَالطَاعَاتُ كلها عِنْدَهُمْ إِيمان)(3) .

وعلى هذا كان جميع الصحابة والتابعين ومَن تبعهم بإِحسان من المحدِّثين والفقهاء وأَئمة الدِّين ومَن تبعهم، ولم يخالفهم أَحد من السَّلف والخلف؛ إِلا الذين مالوا عن الحقِ في هذا الجانب.

وأَهلُ السنَّة يقولون: من أَخرج العمل عن الإِيمان فهو مرجئ مبتدع ضال.

(1) انظر: (كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية.

(2)

انظر: " فتح الباري " ج1، ص 62؛ كتاب الإيمان.

(3)

انظر: " كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية.

ص: 108