الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقوال العلماء في الاستقامة:
سُئل الصديق رضي الله عنه عن الاستقامة فقال: ألا تشرك بالله شيئًا. قال ابن القيم: يريد الاستقامة على محض التّوحيد (1) .
وفي قوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} (فصلت:30) . فسَّر السَّلف الاستقامة فقالوا: (2)
قال عمر رضي الله عنه استقاموا لله بطاعته، ولم يروغوا روغان الثّعالب.
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه استقاموا: أخلصوا العمل لله.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه استقاموا: أدّوا الفرائض.
وبمثل ذلك فسَّرها ابن عباس رضي الله عنه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: استقاموا على محبّته وعبوديَّته، فلم يلتفتوا عنه يُمنة ولا يُسرة.
و
من أقوال العلماء في الاستقامة:
قال ابن القيم: الاستقامة تتعلّق بالأقوال، والأفعال، والأحوال، والنِّيَّات، فالاستقامة فيها: وقوعها لله، وبالله، وعلى أمر الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة (3) .
(1) - انظر: مدارج السالكين (2 / 104) .
(2)
- انظر: تفسير الطبري (24 / 114) ، ومدارج السالكين (2 / 104) .
(3)
- انظر: مدارج السالكين (2 / 105) .
وأختم الكلام عن الاستقامة بما قاله ابن القيّم في مدارج السَّالكين ممَّا يتَّضح معه علاقة الاستقامَة بالوسطيَّة، وأنَّه لا استقامة بلا وسطيَّة، ولا وسطيَّة دون استقامة.
قال (1) وهي - أي الاستقامة - على ثلاث درجات: الدرجة الأولى: الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد، لا عاديًا رسم العلم، ولا متجاوزًا حدّ الإخلاص، ولا مخالفًا نهج السنَّة.
قال ابن القيم شارحًا قول الهروي: هذه درجة تتضمَّن سنَّة أمور: عملا واجتهادًا فيه، وهو بذل المجهود، واقتصادًا، وهو السلوك بين طرفي الإفراط - وهو الجور على النّفس - والتَّفريط بالإضاعة.
ووقوفًا مع ما يرسمه العلم، لا وقوفًا مع داعي الحال، وإفراد المعبود بالإرادة، وهو الإخلاص.
ووقوع الأعمال على الأمر، وهو متابعة السنة. فبهذه الأمور الستَّة تتمّ لأهل هذه الدّرجة استقامتهم، وبالخروج عن واحد منها يخرجون عن الاستقامة، إمَّا خروجًا كليًّا، وإمّا خروجًا جزئيًّا.
والسّلف يذكرون هذين الأصلين كثيرًا، وهما:
(1) - أي أبو إسماعيل الهروي صاحب منازل السائرين.
الاقتصاد في الأعمال، والاعتصام بالسنَّة، فإنَّ الشّيطان يشمّ قلب العبد ويختبره، فإن رأى فيه داعية للبدعة، وإعراضًا عن كمال الانقياد للسنَّة، أخرجه عن الاعتصام بها، وإن رأى فيه حرصًا على السنَّة، وشدَّة طلب لها: لم يظفر به من باب اقتطاعه عنها، فأمره بالاجتهاد، والجور على النّفس، ومجاوزة حدّ الاقتصاد فيها، قائلا له: إن هذا خير وطاعة، والزّيادة والاجتهاد فيها أكمل، فلا تفتر مع أهل الفتور، ولا تنم مع أهل النّوم، فلا يزال يحثّه ويحرّضه، حتَّى يخرجه عن الاقتصاد فيها، فيخرج عن حدّها، كما أن الأوّل خارج عن هذا الحدّ، فكذا هذا الآخر خارج عن الحدّ الآخر (1) .
وهذا حال الخوارج الذين يحقر أهل الاستقامة صلاتهم مع صلاتهم، وصيامهم مع صيامهم، وقراءتهم مع قراءتهم، وكلا الأمرين خروج عن السنَّة إلى البدعة، لكن هذا إلى بدعة التَّفريط والإضاعة، والآخر إلى بدعة المجاوزة والإسراف.
وقال بعض السَّلف: ما أمر الله بأمر إلا وللشّيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط، وإمّا إلى مجاوزة، وهي الإفراط، ولا يبالي بأيّهما ظفر، زيادة أو نقصان (2) .
وهذا الكلام عن الاستقامة هو عين الوسطيَّة وجوهرها.
(1) - تأمل هذا الكلام تجد علاقته بالوسطيَّة وثيقة.
(2)
- انظر: مدارج السالكين (2 / 107) .