المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ رد الله على أولئك الذين انحرفت عقيدتهم في رسل الله وأنبيائه - الوسطية في ضوء القرآن الكريم

[ناصر العمر]

الفصل: ‌ رد الله على أولئك الذين انحرفت عقيدتهم في رسل الله وأنبيائه

1-

‌ ردّ الله على أولئك الذين انحرفت عقيدتهم في رسل الله وأنبيائه

، وردّهم عن الانحراف إلى المنهج الحق تقريرًا لهذا المنهج الذي أمر الله باتباعه والالتزام به، وهو العدل والصواب فيما يجب أن يعتقده المسلم ويعامل به أنبياء الله ورسله.

فقد ردّ الله على الذين فرّقوا بين الله ورسله، وآمنوا ببعضهم وكفروا ببعض، وبينّ خطأ اعتقادهم وضلال طريقهم، فقال - سبحانه -:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (النساء:151) .

قال القرطبي رحمه الله: قوله - تعالى -: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} (النساء: من الآية 151) تأكيد يزيل التوهّم في إيمانهم حين وصفهم بأنهم يقولون نؤمن ببعض، وأن ذلك لا ينفعهم إذا كفروا برسوله، وإذا كفروا برسوله فقد كفروا به عز وجل وكفروا بكل رسول مُبشرٍ بذلك الرسول، فلذلك صاروا الكافرين حقًا (1) .

(1) - انظر: تفسير القرطبي (6 / 5) .

ص: 164

أمّا الذين نقضوا العهود والمواثيق التي أخذها الله عليهم بالإيمان بالرسل ونصرتهم، فقد قال - سبحانه - مبينًا عاقبة جريرتهم:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} (المائدة: من الآية 13) . وقال في موضع آخر مبينًا عاقبة نقض العهد والميثاق: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} (الرعد:25) .

والذين كفروا بالأنبياء، وفرّقوا بينهم قد نقضوا عهد الله وخانوا مواثيقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل.

قال القرطبي: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} (الرعد: من الآية 25) أي: من الأرحام، والإيمان بجميع الأنبياء (1) .

(1) - انظر: تفسير القرطبي (9 / 314) .

ص: 165

أمّا الذين آذوا الأنبياء، وتنقّصوهم، واتهموهم بأبشع التهم، فقد جاء الردّ عليهم إمّا مباشرًا أو غير مباشر، فالذين اتهموا هارون بأنه أمرهم بالشرك وصنع لهم العجل، قال الله مبرءا هارون:{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي} (طه:90) .

وقال عن سليمان {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (صّ: من الآية 30) .

ص: 166

أما نوح ولوط وداود، عليهم السلام، فقد قال الله عنهم وعن غيرهم من الأنبياء والرسل الذين ذكرهم - سبحانه - في سورة الأنعام:{أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} (الأنعام:89) . وقال بعد ذلك مزكّيًا لهم وآمرًا رسوله، صلى الله عليه وسلم أن يقتدى بهم:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (الأنعام: من الآية 90) . وقال عن نوح: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (الإسراء:3) . وقال عن داود: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (صّ: من الآية 17) .

ص: 167