الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
ما جاء في الملحمة الكبرى وفتح القسطنطينية ورومية
عن أبي إدريس (وهو الخولاني) ؛ قال: سمعت عوف بن مالك رضي الله عنه؛ قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال:«اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطًا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا» .
رواه: البخاري، وابن ماجه، وهذا لفظ البخاري.
وقد رواه الحاكم في "مستدركه" بنحو رواية البخاري، وزاد: قال الوليد بن مسلم: فذاكرنا هذا الحديث شيخا من شيوخ أهل المدينة قوله: «ثم فتح بيت المقدس» ، فقال الشيخ: أخبرني سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يحدث بهذه الستة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول بدل:«فتح بيت»
«المقدس» : «عمران بيت المقدس» .
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
ورواه الحاكم أيضا من حديث الشعبي عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه؛ قال: «بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة من أدم؛ إذ مررت فسمع صوتي، فقال: "يا عوف بن مالك! ادخل" فقلت: يا رسول الله! أكلي أم بعضي؟ فقال: "بل كلك" قال: فدخلت، فقال: "يا عوف اعدد ستًا بين يدي الساعة". فقلت: ما هن يا رسول الله؟ قال: "موت رسول الله". فبكى عوف، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل إحدى". قلت: إحدى. ثم قال: "وفتح بيت المقدس، قل: اثنين". قلت: اثنين. قال: "وموت يكون في أمتي كقعاص الغنم، قل: ثلاث". قلت: ثلاث. قال: "وتفتح لهم الدنيا حتى يعطى الرجل المائة فيسخطها، قل: أربع. وفتنة لا يبقى أحد من المسلمين إلا دخلت عليه بيته، قل: خمس ". قلت: خمس. "وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر؛ يأتونكم على ثمانين غاية، كل غاية اثنا عشر ألفًا، ثم يغدرون بكم حتى حمل امرأة» . قال: فلما كان عام عمواس؛ زعموا أن عوف بن مالك قال لمعاذ بن جبل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: «اعدد ستًا بين يدي الساعة» ؛ فقد كان منهن ثلاث، وبقي الثلاث. فقال معاذ: إن لهذه مدة، ولكن خمس أظلتكم، من أدرك منهن شيئا، ثم استطاع أن يموت فليمت: أن يظهر التلاعن على المنابر، ويعطى مال الله على الكذب والبهتان، وسفك الدماء بغير حق، وتقطع الأرحام، ويصبح العبد لا يدري أضال هو أم مهتد.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقد رواه الإمام أحمد من حديث جبير بن نفير عن عوف بن مالك رضي الله عنه؛ قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، فقال: " عوف؟ " فقلت: نعم. فقال: "ادخل". قال: قلت: كلي أو بعضي؟ قال: "بل كلك". قال: "اعدد يا عوف ستًا بين يدي الساعة: أولهن موتي". قال: فاستبكيت حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكتني. قال: قلت: إحدى. "والثانية فتح بيت المقدس". قلت: اثنين. "والثالثة موتان يكون في أمتي يأخذهم مثل قعاص الغنم". قال: "ثلاثًا. والرابعة فتنة تكون في أمتي (وعظمها) ، قل: أربعًا. والخامسة يفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيتسخطا. قل: خمسًا. والسادسة هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيسيرون إليكم على ثمانين غاية ". قلت: وما الغاية؟ قال: "الراية، تحت كل راية اثنا عشر ألفًا، فسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها: الغوطة، في مدينة يقال لها: دمشق» .
إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه أيضا من حديث هشام بن يوسف عن عوف بن مالك رضي الله عنه بنحوه مختصرا، ورواته ثقات. ورواه أيضا من حديث محمد بن أبي محمد عن عوف بن مالك رضي الله عنه بنحوه، وفيه:«وفتنة تدخل بيت كل شعر ومدر» ، ورواته ثقات. وروى أبو داود طرفا من أوله، ثم روى عن صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن عثمان بن أبي العاتكة؛ قال: إنما قال: "أدخل كلي"؛ من صغر القبة.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "قوله: "غاية"؛ أي: راية، وسميت بذلك لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف". قال: "وجملة العدد المشار إليه تسعمائة ألف وستون ألفا، ولعل أصله ألف ألف، فألغيت كسوره. قال المهلب: فيه أن الغدر من أشراط الساعة، وفيه أشياء من علامات النبوة قد ظهر أكثرها. وقال ابن المنير: أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن، ولا بلغنا أنهم غزوا في البر في هذا العدد؛ فهي من الأمور التي لم تقع بعد. وفيه بشارة ونذارة،
وذلك أنه دل على أن العاقبة للمؤمنين مع كثرة ذلك الجيش، وفيه إشارة إلى أن عدد جيوش المسلمين سيكون أضعاف ما هو عليه". انتهى.
وقال ابن حجر أيضا: "والسادسة لم تجئ بعد".
قلت: ولم تقع إلى الآن، وستقع بلا شك، والله أعلم متى تكون.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ست من أشراط الساعة: موتي، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذ في الناس كقعاص الغنم، وفتنة يدخل حربها بيت كل مسلم، وأن يعطى الرجل ألف دينار فيتسخطها، وأن تغدر الروم فيسيرون في ثمانين بندًا، تحت كل بند أثنا عشر ألفًا» .
رواه: الإمام أحمد، والطبراني، وفيه النهاس بن قهم، وهو ضعيف، وحديث عوف بن مالك يشهد به ويقويه.
قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: " (القعاص) : داء يأخذ الغنم لا يلبثها أن تموت". وقال ابن منظور في "لسان العرب": " (القعاص) : داء يأخذ في الصدر، كأنه يكسر العنق. والقعاص داء يأخذ الدواب، فيسيل من أنوفها شيء.
والقعاص داء يأخذ الغنم، لا يلبثها أن تموت". انتهى.
وقوله: "حربها": قال ابن الأثير: " (الحرب) ؛ بالتحريك: نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له ".. وقال الخطابي: " (الحرب) : ذهاب المال والأهل، يقال: حرب الرجل فهو حريب: إذا سلب أهله وماله. و (البند) : العلم الكبير، فارسي معرب، قاله الجوهري وغيره من أهل اللغة، وجمعه بنود". قال ابن منظور: " و (البند) : كل علم من الأعلام، وفي المحكم من أعلام الروم يكون للقائد تحت كل علم عشرة آلاف رجل أو أقل أو أكثر".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: «دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم»
رواه: الإمام أحمد، والطبراني. قال الهيثمي:"وفيه أبو جناب الكلبي، وهو مدلس".
قلت: وحديث عوف بن مالك رضي الله عنه يشهد له ويقويه.
وعن ذي مخمر (رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ابن أخي النجاشي رضي الله عنه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تصالحون الروم صلحًا آمنًا، حتى تغزون أنتم وهم عدوًا من ورائهم، فتنصرون وتغنمون وتنصرفون، حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيقول قائل من الروم: غلب الصليب، ويقول قائل من المسلمين: بل الله غلب، فيتداولانها بينهم، فيثور المسلم إلى صليبهم وهم منه غير بعيد فيدفعه، ويثور الروم إلى كاسر صليبهم فيقتلونه، ويثور المسلمين إلى أسلحتهم، فيقتتلون، فيكرم الله عز وجل تلك العصابة من المسلمين بالشهادة، فيقول الروم لصاحب الروم: كفيناك حد العرب، فيغدرون، فيجتمعون للملحمة، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وهذا لفظه، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن إسحاق بن عبد الله: «أن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح له، فسلم عليه، ثم قال: هنيئًا لك يا رسول الله! قد أعز الله نصرك، وأظهر دينك، ووضعت الحرب أوزارها بجرانها. قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة من أدم، فقال: "ادخل يا عوف! ". فقال: أدخل كلي أو بعضي؟ فقال: "ادخل كلك". فقال: "إن الحرب لن تضع أوزارها حتى تكون ست: أولهن موتي". فبكى عوف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل: إحدى. والثانية فتح بيت المقدس، والثالثة موت يكون في الناس كقعاص الغنم، والرابعة فتنة تكون في الناس، لا يبقى أهل بيت إلا دخل عليهم نصيبهم منها، والخامسة يولد في بني الأصفر غلام من أولاد الملوك يشب في اليوم كما يشب الصبي في الجمعة، ويشب في الجمعة كما يشب الصبي في الشهر، ويشب في الشهر كما يشب الصبي في السنة، فلما بلغ اثنتي عشرة سنة ملكوه عليهم، فقام بين أظهرهم فقال: إلى متى يغلبنا هؤلاء القوم على مكارم أرضنا؟ إني رأيت أن أسير إليهم حتى أخرجهم منها. فقام الخطباء، فحسنوا له رأيه، فبعث في الجزائر والبرية بصنعة السفن، ثم حمل فيها المقاتلة، حتى ينزل بين أنطاكية والعريش» . قال ابن شريح (أحد رواته) : فسمعت من يقول: «"إنهم اثنا عشر غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفًا، فيجتمع المسلمون إلى صاحبهم ببيت المقدس، فأجمعوا رأيهم أن يسيروا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يكون مسالحهم بالسرح وخيبر» . قال ابن أبي جعفر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرجون أمتي من منابت الشيح» . قال: وقال الحارث بن يزيد: إنهم سيقيمون فيها هنالك، «فيفر منهم الثلث، فيهزمهم الله بالثلث»
«الصابر» . وقال خالد بن يزيد: «يومئذ يضرب الله بسيفه ويطعن برمحه، ويتبعهم المسلمون حتى يبلغوا المضيق الذي عند القسطنطينية، فيجدونه قد يبس ماؤه، فيجيزون إلى المدينة حتى ينزلوا بها، فيهدم الله جدرانهم بالتكبير، ثم يدخلونها، فيقسمون أموالهم بالأترسة» . وقال أبو قبيل المعافري: «فبينما هم على ذلك إذ جاءهم راكب، فقال: أنتم هاهنا والدجال قد خالفكم في أهليكم؟ وإنما كانت كذبة، فمن سمع العلماء في ذلك أقام على ما أصابه، وأما غيرهم فانفضوا، ويكون المسلمون يبنون المساجد في القسطنطينية، ويغزون وراء ذلك، حتى يخرج الدجال، السادسة» .
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاعا.
قلت: ولبعضه شواهد مما تقدم وما يأتي.
رواه ابن أبي حاتم.
وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والذي نفسي بيده؛ ليأرزن الإسلام إلى ما بين المسجدين كما تأزر الحية إلى جحرها، وليأرزن الإيمان إلى المدينة كما يحوز السيل الدمن، فبينما هم على ذلك استغاث العرب بأعرابها، فخرجوا في مجلبة لهم كالصالح ممن مضى وخير من بقي، فاقتتلوا هم والروم؛ فتنقلب بهم الحرب حتى يردوا عميق أنطاكية، فيقتتلون بها ثلاث ليال، فيرفع الله النصر عن كلا الفريقين حتى تخوض الخيل في الدم إلى ثنتها، وتقول الملائكة: أي رب! ألا تنصر عبادك؟ ! فيقول: حتى تكثر شهداؤهم. فيستشهد ثلث، وينصر ثلث، ويرجع ثلث شاكًا فيخسف بهم. فتقول الروم: لن ندعكم إلا أن تخرجوا إلينا كل من كان أصله منا. فتقول العرب للعجم: الحقوا بالروم. فتقول العجم: الكفر بعد الإيمان؟ ! فيغضبون عند ذلك، فيحملون على الروم، فيقتتلون، فيغضب الله عند ذلك، فيضرب بسيفه ويطعن برمحه» . قيل: يا عبد الله بن عمرو! وما سيف الله ورمحه؟ قال: سيف المؤمن ورمحه، «"حتى يهلك الروم جميعًا، فيفتحون حصونها ومدائنها بالتكبير؛ يكبرون تكبيرة فيسقط جدار، ثم يكبرون تكبيرة أخرى فيسقط جدار، ثم يكبرون تكبيرة أخرى فيسقط جدار آخر، ويبقى جدارها البحري لا يسقط، ثم يستجيزون إلى رومية، فيفتحونها بالتكبير، ويتكايلون يومئذ غنائمهم كيلًا بالغرائز» .
رواه نعيم بن حماد.
قوله: «حتى تخوض الخيل في الدم إلى ثننها» : قال ابن الأثير: " (الثنن) : شعرات في مؤخر الحافر من اليد والرجل".
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة؛ قال: "أتيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في بيته، وحوله سماطان من الناس، وليس على فراشه أحد، فجلست على فراشه مما يلي رجليه، فجاء رجل أحمر عظيم البطن، فجلس، فقال: من الرجل؟ قلت: عبد الرحمن بن أبي بكرة. فقال: ومن أبو بكرة؟ فقال: وما تذكر الرجل الذي وثب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من سور الطائف؟ فقال: بلى. فرحب، ثم أنشأ يحدثنا، فقال: يوشك أن يخرج ابن حمل الضأن (ثلاث مرات) . قلت: وما حمل الضأن؟ قال: رجل أحد أبويه شيطان؛ يملك الروم، يجيء في ألف ألف من الناس، خمسمائة ألف في البر وخمسمائة ألف في البحر، ينزلون أرضا يقال لها: العميق، فيقول لأصحابه: إن لي في سفينتكم بقية، فيحرقها بالنار، ثم يقول: لا رومية لكم ولا قسطنطينية لكم؛ من شاء أن يفر، ويستمد المسلمون بعضهم بعضا، حتى يمدهم أهل عدن أبين، فيقول لهم المسلمون: الحقوا بهم! فكونوا سلاحا واحدا. فيقتتلون شهرا، حتى تخوض في سنابكها الدماء، وللمؤمن يومئذ كفلان من الأجر على من كان قبله؛ إلا ما كان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كان آخر يوم من الشهر؛ قال الله تبارك وتعالى: اليوم أسل سيفي وأنصر ديني، وأنتقم من عدوي. فيجعل الله لهم الدائرة عليهم، فيهزمهم الله حتى تستفتح القسطنطينية، فيقول أميرهم: لا غلول اليوم. فبينما هم كذلك يقتسمون بترسهم الذهب والفضة؛ إذ نودي فيهم: ألا إن الدجال قد خلفكم في دياركم، فيدعون ما بأيديهم ويقتلون الدجال".
رواه البزار موقوفا، وله حكم الرفع؛ لأنه لا دخل للرأي في مثل هذا، وإنما يقال عن توقيف. قال الهيثمي:"وفيه علي بن زيد، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات".
وسيأتي نحوه في حديث طويل في ذكر نزول عيسى ابن مريم إن شاء الله تعالى.
وعن ابن سيرين عن عقبة بن أوس الدوسي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: "يكون على الروم ملك لا يعصونه (أو: لا يكادون بعصونه) ، فيجيء حتى ينزل بأرض كذا وكذا". قال عبد الله: "أنا ما نسيتها". قال: "ويستمد المؤمنون بعضهم بعضا، حتى يمدهم أهل عدن أبين على قلصاتهم". قال عبد الله: "إنه لفي الكتاب مكتوب: فيقتتلون عشرا لا يحجز بينهم إلا الليل، ليس لكم طعام إلا ما في أداويكم، لا تكل سيوفهم وأنتم أيضا كذلك، ثم يأمر ملكهم بالسفن فتحرق (يعني: ملك الروم) ".
قال: "ثم يقول: من شاء الآن فليفر. فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة لم ير مثلها (أو: لا يرى مثلها) ، حتى إن الطائر ليمر بهم فيقع ميتا من نتنهم، للشهيد يومئذ كفلان على من مضى قبله من الشهداء، وللمؤمن يومئذ كفلان على من مضى قبله من المؤمنين". قال: "وبقيتهم لا يزلزلهم شيء أبدا، وبقيتهم يقاتل الدجال". قال ابن سيرين: فكان عبد الله بن سلام يقول: إن أدركني هذا القتال وأنا مريض؛ فاحملوني على سريري حتى تجعلوني بين الصفين.
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، ورواته ثقات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق (أو: بدابق) ، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدًا، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتح الثلث لا يفتنون أبدًا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون؛ إذ صاح فيهم الشيطان: إن»
رواه مسلم.
قال النووي: " (الأعماق) و (دابق) : موضعان بالشام بقرب حلب". وقال صاحب "القاموس": " (الأعماق) : بلد بين حلب وأنطاكية، مصب مياه كثيرة لا تجف إلا صيفا، وهو العمق، جمع بأجزائه". وذكر مرتضى الحسيني في "تاج العروس" أنه بقرب دابق. وقال صاحب "القاموس" أيضا: " (دابق) : قرية بحلب". قال مرتضى الحسيني: "وهي على أربعة فراسخ من حلب".
وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيش الروم على وال من عترتي، اسمه يواطئ اسمي، فيلتقون بمكان يقال له: العماق، فيقتتلون، فيقتل من المسلمين الثلث أو نحو ذلك، ثم يقتتلون يومًا آخر، فيقتل من المسلمين نحو ذلك، ثم يقتتلون اليوم الثالث، فيكون على الروم، فلا يزالون حتى يفتحوا القسطنطينية، فبينما هم يقتسمون فيها بالأترسة؛ إذ أتاهم صارخ أن الدجال قد خلفكم في ذراريكم» .
رواه الخطيب في "المتفق والمفترق".
وعن يسير بن جابر؛ قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجيرى إلا يا عبد الله بن مسعود! جاءت الساعة. قال: فقعد وكان متكئا، فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة. ثم قال بيده هكذا ونحاها نحو الشام، فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل
الإسلام. قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة (إما قال: لا يرى مثلها، وإما قال: لم ير مثلها) ، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة، فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد؛ فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم؟ ! فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم، ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، (أو: من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ) » .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم. وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وزاد بعد قوله:"أو أي ميراث يقاسم؟ ": "قال معمر: وكان قتادة يصل هذا الحديث. قال: فينطلقون حتى يدخلوا قسطنطينية، فيجدون فيها من الصفراء والبيضاء ما إن الرجل يتحجل حجلا". وزاد أيضا بعد قوله: «هم خير الفوارس في الأرض» : «فيقاتلهم الدجال فيستشهدون» .
قوله: (هجيرى) ؛ بكسر الهاء والجيم المشددة؛ أي: شأنه ودأبه ذلك.
وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه؛ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «"لا»
رواه: ابن ماجه مختصرا، والطبراني وهذا لفظه، والحاكم في "مستدركه" بنحوه. قال الهيثمي:"وفيه كثير بن عبد الله، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه".
وقد رواه الديلمي مختصرا، ولفظه:«لا تقوم الساعة حتى يفتح الله على المؤمنين القسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير» .
قال ابن الأثير وابن منظور: " "فيخرج إليهم روقة المؤمنين"؛ أي: خيارهم وسراتهم، وهي جمع رائق، من: راق الشيء: إذا صفا وخلص". انتهى.
وقد زعم أبو عبية في تعليقه على هذا الحديث في (صفحة 77) من
"النهاية" لابن كثير: أن روقة الإسلام يهزمون أعداءهم بقوة الإيمان وثبات اليقين الذي ينعكس أثره على الألسنة تسبيحا وتكبيرا. انتهى.
وهذا واضح في إنكاره أن يكون الفتح بالتسبيح والتكبير الذي يكون للمؤمنين في ذلك الزمان أعظم من الأسلحة الثقلية والفتاكة.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في " صحيحه": «أن المسلمين إذا نزلوا على المدينة التي جانب منها في البر وجانب منها في البحر؛ لم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم؛ قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر؛ فيفرج لهم فيدخلوها» .
ونظير هذا ما يأتي في باب قتال اليهود: «أن الحجر والشجر يقول: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي؛ فتعال فاقتله» .
وهذا من كرامات الأولياء وخوارق العادات، ومن أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات، فمن لم يصدق بما ثبتت به الأخبار من ذلك فقد اتبع غير سبيل المؤمنين. والله أعلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «"سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ " قالوا: نعم يا رسول الله. قال: "لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفًا من بني إسحاق، فإذا جاؤوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها (قال ثور - وهو ابن زيد الديلي أحد رواته -: لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر) ، ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم، فيدخلوها، فيغنموا، فبينما»
«هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ، فقال: إن الدجال قد خرج، فيتركون كل شيء ويرجعون» .
رواه مسلم.
قوله: «من بني إسحاق» : قال النووي: "قال القاضي: كذا هو في جميع أصول "صحيح مسلم ": «من بني إسحاق» . قال: قال بعضهم: المعروف المحفوظ: «من بني إسماعيل» ، وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه؛ لأنه إنما أراد العرب، وهذه المدينة هي القسطنطينية ".
قلت: ومما يدل على أنه إنما أراد العرب - وهم بنو إسماعيل - ما تقدم في حديث ذي مخمر رضي الله عنه: أن الروم يقولون لصاحبهم: كفيناك حد العرب، ثم يغدرون ويجتمعون للملحمة. فدل هذا على أن الملحمة تكون بين العرب وبين الروم.
وظواهر أحاديث هذا الباب تدل على ذلك أيضا، والذين يباشرون القتال في الملحمة الكبرى هم الذين يفتحون القسطنطينية.
ويدل على ذلك أيضا قوله في حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه: «ثم يخرج إليهم روقة المسلمين أهل الحجاز» ، فدل على أنهم بنو إسماعيل لا بنو إسحاق. والله أعلم.
وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم ستفتحون مدينة هرقل (أو قيصر) ، وتقتسمون أموالها بالأترسة، ويسمعهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في أهاليهم، فيلقون ما معهم، ويخرجون فيقاتلونه» .
رواه الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله ثقات". وقد رواه
نعيم بن حماد في "الفتن"، ولفظه: قال: «لا تقوم الساعة حتى تفتح مدينة قيصر أو هرقل، ويؤذن فيها المؤمنون، ويقتسمون الأموال فيها بالأترسة، فيقبلون بأكثر أموال على الأرض، فيلقاهم الصريخ أن الدجال قد خلفكم في أهليكم، فيلقون ما معهم ويجيئون فيقاتلونه» .
ورواه ابن أبي شيبة بنحو هذا اللفظ.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: "إنكم ستغزون القسطنطينية ثلاث غزوات: الأولى يصيبكم فيها بلاء، والثانية يكون بينكم وبينهم صلح حتى تبنوا في مدينتهم مسجدا، وتغزون أنتم وهم عدوا وراء القسطنطينية، ثم ترجعون إلى القسطنطينية، وأما الثالثة؛ فيفتحها الله عليكم بالتكبيرات، فيخرب ثلثها، ويحرق الله ثلثها، وتقتسمون الثلث الباقي كيلا".
رواه نعيم بن حماد في "الفتن".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: "لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية، فيفعل إلى القسطنطينية، فيرى أن قد فعل".
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، ورجاله كلهم ثقات.
وعن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش» . قال: فدعاني مسلمة بن عبد الملك، فسألني فحدثته، فغزا القسطنطينية.
رواه: الإمام أحمد، وابنه عبد الله، والبزار، وابن خزيمة، والطبراني.
قال الهيثمي: "ورجاله ثقات". ورواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي قبيل؛ قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وسئل: أي المدينتين تفتح أولا: القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق. قال: فأخرج منه كتابا. قال: فقال عبد الله: «بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب؛ إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تفتح أولًا: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينة هرقل تفتح أولًا» ؛ يعني: قسطنطينية.
رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح، غير أبي قبيل، وهو ثقة". ورواه الدارمي في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه قال: " فتح القسطنطينية مع قيام الساعة".
رواه الترمذي؛ قال: "وقال محمود (وهو ابن غيلان شيخ الترمذي) : هذا حديث غريب، والقسطنطينية هي مدينة الروم، تفتح عند خروج الدجال، والقسطنطينية قد فتحت في زمان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ". انتهى كلام الترمذي.
قال ابن كثير: "هكذا قال: إنها فتحت في زمن الصحابة! وفي هذا نظر؛ فإن معاوية رضي الله عنه بعث إليها ابنه يزيد في جيش فيهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، ولكن لم يتفق فتحها، وحاصرها مسلمة بن عبد الملك بن مروان في زمان دولتهم، ولم تفتح أيضا، ولكن صالحهم على بناء مسجد بها".
قلت: وقد فتحت القسطنطينية في سنة سبع وخمسين وثمانمائة على يد السلطان العثماني التركماني محمد الفاتح (وسمي الفاتح لفتحه القسطنطينية) ، ولم تزل القسطنطينية في أيدي العثمانيين إلى زماننا هذا في آخر القرن الرابع
عشر من الهجرة، وهذا الفتح ليس هو المذكور في الأحاديث التي تقدم ذكرها؛ لأن ذاك إنما يكون بعد الملحمة الكبرى، وقبل خروج الدجال بزمن يسير؛ كما تقدم بيان ذلك في عدة أحاديث من أحاديث هذا الباب، وكما سيأتي أيضا في حديثي معاذ وعبد الله بن بشر رضي الله عنهما، ويكون فتحها بالتسبيح والتهليل والتكبير لا بكثرة العدد والعدة؛ كما تقدم مصرحا به في غير ما حديث من أحاديث هذا الباب، ويكون فتحها على أيدي العرب لا أيدي التركمان؛ كما يدل على ذلك قوله في حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه:«ثم يخرج إليهم روقة المسلمين أهل الحجاز، الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، حتى يفتح الله عليهم قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير» . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم: «فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ» .
وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «ويستمد المسلمون بعضهم بعضًا حتى يمدهم أهل عدن أبين» . وفي حديث ذي مخمر رضي الله عنه: «أن الروم يقولون لصاحبهم: كفيناك حد العرب، ثم يغدرون ويجتمعون للملحمة» . فدل هذا على أن الملحمة الكبرى تكون بين العرب والروم، والذين يباشرون القتال في الملحمة الكبرى هم الذين يفتحون القسطنطينية، وأمير الجيش الذي يفتحها في آخر الزمان عند خروج الدجال هو الممدوح هو وجيشه؛ كما تقدم ذلك في حديث عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه رضي الله عنه، وتقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الخطيب في "المتفق والمفترق ":"أن أمير الجيش إذ ذاك من عترة النبي صلى الله عليه وسلم ".
والمقصود هاهنا التنبيه على أن الفتح المنوه بذكره في أحاديث هذا الباب لم يقع إلى الآن، وسيقع في آخر الزمان عند خروج الدجال، ومن حمل ذلك على ما وقع في سنة سبع وخمسين وثمانمائة؛ فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به. والله أعلم.