المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابعرض الفتن على القلوب - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ١

[حمود بن عبد الله التويجري]

الفصل: ‌بابعرض الفتن على القلوب

‌باب

عرض الفتن على القلوب

عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها؛ نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها؛ نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا؛ إلا ما أشرب من هواه» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

قال النووي: "قال أهل اللغة: أصل الفتنة في كلام العرب: الابتلاء والامتحان. قال القاضي: ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء. قال أبو زيد: فتن الرجل يفتن فتونًا: إذا وقع في الفتنة، وتحول من حال حسنة إلى سيئة".

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وتطلق الفتنة على الكفر والغلو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة، والبلية، والعذاب، والقتال، والتحول من الحسن إلى القبيح، والميل إلى الشيء والإعجاب به، وتكون في الخير والشر؛ كقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} ". انتهى.

قلت: والمراد بما في حديث حذيفة رضي الله عنه: الفتنة في الشر؛ لقوله: «فأي قلب أشربها؛ نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها؛ نكت فيه نكتة بيضاء» . والله أعلم.

وعن ميمون بن أبي شبيب؛ قال: قيل لحذيفة رضي الله عنه: أكفرت بنو إسرائيل في يوم واحد؟ قال: "لا؛ ولكن كانت تعرض عليهم الفتنة، فيأبونها،

ص: 22

فيكرهون عليها، ثم تعرض عليهم فيأبونها، حتى ضربوا عليها بالسياط والسيوف، حتى خاضوا خاضة الماء، حتى لم يعرفوا معروفا ولم ينكروا منكرا".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن أبي ثعلبة رضي الله عنه: أنه قال: "أبشروا بدنيا عريضة تأكل إيمانكم، فمن كان منكم يومئذ على يقين من ربه؛ أتته فتنة بيضاء مسفرة، ومن كان منكم على شك من ربه؛ أتته فتنة سوداء مظلمة، ثم لم يبال الله في أي الأودية هلك".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

أن الفتن تذهب العقول

عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "ما الخمر صرفا بأذهب بعقول الرجال من الفتن".

رواه: ابن أبي شيبة، وأبو نعيم في "الحلية".

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "تكون فتنة تعوج فيها عقول الرجال، حتى ما تكاد ترى رجلا عاقلا ".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن". قال في "كنز العمال": "وهو صحيح".

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "ستكون فتنة بعدها جماعة، ثم تكون بعدها جماعة، ثم تكون فتنة لا تكون بعدها جماعة؛ ترفع فيها الأصوات، وتشخص الأبصار، وتذهل العقول، فلا تكاد ترى رجلا عاقلا".

رواه الديلمي.

ص: 23

وقد رواه: ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد بغير هذا اللفظ، وسيأتي في ذكر الفتن الكبار إن شاء الله تعالى.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "أخاف عليكم فتنا كأنها الليل؛ يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

ما تعرف به الفتنة

عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا؛ فلينظر، فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما؛ فقد أصابته الفتنة، وإن كان يرى حراما كان يراه حلالا؛ فقد أصابته ".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وقد رواه: ابن أبي شيبة، وأبو نعيم في "الحلية" بأبسط من هذا.

ولفظه عند أبي نعيم: "وقال: إن الفتنة تعرض على القلوب، فأي قلب أشربها؛ نكتت فيه نكتة سوداء، فإن أنكرها؛ نكتت فيه نكتة بيضاء، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا؛ فلينظر، فإن كان يرى حراما ما كان يراه حلالا، أو يرى حلالا ما كان يراه حراما؛ فقد أصابته الفتنة".

وفي رواية ابن أبي شيبة؛ قال: "إن الفتنة لتعرض على القلوب، فأي قلب أشربها؛ نقط على قلبه نقطة سوداء، وأي قلب أنكرها؛ نقط على قلبه نقطة بيضاء". والباقي بنحو ما تقدم.

ص: 24