المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابعلامة فتح القسطنطينية - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ١

[حمود بن عبد الله التويجري]

الفصل: ‌بابعلامة فتح القسطنطينية

‌باب

علامة فتح القسطنطينية

عن أبي ثعلبة الخشني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه: أنه قال وهو بالفسطاط في خلافة معاوية رضي الله عنه وكان معاوية أغزى الناس القسطنطينية - فقال: "والله؛ لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته؛ فعند ذلك فتح القسطنطينية ".

رواه: الإمام أحمد، والحاكم في "مستدركه"، وإسناد كل منهما صحيح على شرط مسلم، وقد روى أبو داود طرفا منه، وقال فيه:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "، ورواته ثقات.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج الدجال. ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبه، ثم قال: إن هذا الحق كما أنك هاهنا (أو: كما أنك قاعد) » ؛ يعني: معاذا.

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود. وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان: وثقه دحيم. وقال يعقوب بن شيبة: "كان رجل صدق". وقال المنذري: "كان رجلا صالحا، وثقه بعضهم، وتكلم فيه غير واحد". وبقية رجالهما ثقات. وقال ابن كثير في "النهاية" بعد إيراد هذا الحديث بإسناده عند الإمام أحمد وأبي داود ما نصه: "وهذا إسناد جيد وحديث حسن، وعليه نور الصدق وجلالة النبوة". انتهى.

وقد رواه الحاكم في "مستدركه" موقوفا على معاذ رضي الله عنه، وقال:"إسناده صحيح"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ص: 405

قال ابن كثير: "وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذلك في آخر الزمان؛ كما سيأتي بيانه في الأحاديث الصحيحة، بل يكون عمارة بيت المقدس سببا في خراب المدينة النبوية؛ فإنه قد ثبت في الأحاديث أن الدجال لا يقدر على دخولها، يمنع من ذلك بما على أنقابها من الملائكة بأيديهم السيوف الصلتة". انتهى.

باب

في تواتر الملاحم في آخر الزمان

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال؛ في سبعة أشهر» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه". وقال الترمذي:"هذا حديث حسن". قال: "وفي الباب عن الصعب بن جثامة وعبد الله بن بسر وعبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم".

وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج المسيح الدجال في السابعة» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، ورواته كلهم ثقات، وقد صرح بقية بن الوليد بالتحديث في رواية الإمام أحمد، فزال ما يخشى من تدليسه.

قال أبو داود: "وهذا أصح من حديث عيسى، يعني الحديث الذي قبله".

ص: 406

وهذا جواب عما يقال بين المحدثين من التعارض، فأشار أبو داود إلى أن الحديث الثاني أقوى إسنادا، فلا يعارضه الحديث الأول. وقيل: يمكن أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين، ويكون آخرها وفتح القسطنطينية وخروج الدجال في سبعة أشهر، وفي هذا جمع بين الحديثين. والله أعلم.

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "يابن أخي! لعلك تدرك فتح القسطنطينة؛ فإياك إن أدركت فتحها أن تترك غنيمتك منها؛ فإن بين فتحها وبين خروج الدجال سبع وسنين ".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "إذا أتاكم خبر الدجال وأنتم فيها فلا تدعوا غناءمكم فيها؛ فإن الدجال لم يخرج".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

في معاقل المسلمين من الملاحم

عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة، إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، ورجالهما رجال الصحيح؛ سوى زيد بن أرطاة، وهو ثقة.

وقد رواه الحاكم في "مستدركه"، ولفظه: قال: «يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها: الغوطة، فيها مدينة يقال لها: دمشق، خير»

ص: 407

«منازل المسلمين يومئذ» .

قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، ووفقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن جبير بن نفير؛ قال: حدثنا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ستفتح عليكم الشام، فإذا خيرتم المنازل فيها؛ فعليكم بمدينة يقال لها: دمشق؛ فإنها معقل المسلمين من الملاحم، وفسطاطها منها بأرض يقال لها: الغوطة» .

رواه الإمام أحمد، وفي إسناد ضعف.

وعن الحسن بن جابر وأبي الزاهرية عن كعب؛ قال: "إن المعاقل ثلاثة: فمعقل الناس يوم الملاحم بدمشق، ومعقل الناس يوم الدجال نهر أبي قطرس، ومن الناس من يقول: بيت المقدس، ومعقلهم يوم يأجوج ومأجوج بطور سيناء".

رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال الذهبي:"منقطع".

وقد رواه ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية مرسلا، ولفظه: قال: "معقل المسلمين من الملاحم دمشق، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج الطور".

باب

في تأييد الدين بالموالي إذا وقعت الملاحم

عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثًا من الموالي، هم أكرم العرب فرسًا، وأجوده سلاحًا،»

ص: 408

«يؤيد الله بهم الدين» .

رواه: ابن ماجه، والحاكم، وقال:"صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه "، وقال الذهبي في "تلخيصه":"وعلى شرط مسلم ".

باب

ما جاء في قتال اليهود

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله» .

رواه: الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي.

وفي رواية لمسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي؛ فتعال فاقتله» .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر، فيقول الحجر: يا مسلم! هذا يهودي يختبئ ورائي تعال فاقتله» .

رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وهذا لفظ أحمد، ولفظ البخاري نحوه.

ولفظ مسلم: قال: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي؛ فتعال فاقتله؛ إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود» .

ص: 409

ورواه الإمام أحمد أيضا بهذا اللفظ.

قال النووي: " (الغرقد) : نوع من شجر الشوك، معروف ببلاد بيت المقدس، وهناك يكون قتل الدجال واليهود". وقال أبو حنيفة الدينوري: "إذا عظمت العوسجة؛ صارت غرقدة".

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "وفي الحديث ظهور الآيات قرب قيام الساعة؛ من كلام الجماد من شجر وحجر، وظاهره أن ذلك ينطق حقيقة، ويحتمل المجاز؛ بأن يكون المراد أنهم لا يفيدهم الاختباء، والأول أولى".

قلت: بل هو المتعين، ولا ينبغي أن يقال فيه باحتمال المجاز، لا سيما وقد صرح في حديث أبي أمامة الآتي بأن الجمادات والدواب تنطق بالدلالة على اليهود، وهذا ينفي احتمال المجاز، وصرح أيضا في حديث سمرة الآتي بأن الجمادات تنادي المسلمين وتدلهم على اليهود، وهذا أيضا ينفي احتمال المجاز، وأيضا فحمل كلام الجمادات وندائها على المجاز ينفي وجود المعجزة في قتال اليهود في آخر الزمان، ويقتضي التسوية بينهم وبين غيرهم من أصناف الكفار الذين قاتلهم المسلمون وظهروا عليهم، إذ لا بد أن يختبئ المختبئ منهم بالأشجار والأحجار، ومع هذا لم يرد في أحد منهم مثل ما ورد في اليهود، فعلم اختصاص قتال اليهود بهذه الآية، وأن الجمادات تنطق حقيقة بنداء المسلمين ودلالتهم على اليهود.

ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده» .

رواه: الإمام أحمد، والترمذي؛ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله

ص: 410

عنه. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".

وروى الإمام أحمد أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه نحوه.

فتكليم السباع للإنس وتكليم العذبة والشراك والفخذ مثل نداء الشجر والحجر بالدلالة على اليهود، وذلك كله على الحقيقة لا على المجاز. والله أعلم.

قال الحافظ ابن حجر: "وفيه أن الإسلام يبقى إلى يوم القيامة.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «تقاتلكم اليهود» : جواز مخاطبة الشخص، والمراد من هو منه بسبيل؛ لأن الخطاب كان للصحابة، والمراد من يأتي بعدهم بدهر طويل، لكن لما كانوا مشتركين معهم في أصل الإيمان ناسب أن يخاطبوا بذلك". انتهى.

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال..... (فذكر الحديث بطوله وفيه:) «فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟ قال: "هم قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح؛ إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت. فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام: افتحوا الباب! فيفتح، ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هاربًا، ويقول عيسى عليه السلام: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها. فيدركه عند باب اللد الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء؛ لا حجر»

ص: 411

«ولا شجر ولا حائط ولا دابة - إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال اقتله» .

رواه ابن ماجه.

قال الجوهري: " (السياج) : الطيلسان الأخضر، والجمع سيجان". وقال ابن منظور في "لسان العرب": " (السياج) : الطيلسان الضخم الغليظ. وقيل: هو الطيلسان المقور ينسج كذلك. وقيل: هو طيلسان أخضر". وقال ابن الأعرابي: " (السيجان) : الطيالسة السود واحدها ساج".

وعن ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة؛ قال: شهدت يوما خطبة لسمرة بن جندب رضي الله عنه، فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي في غرضين لنا..... (فذكر الحديث في كسوف الشمس، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم، وخطبته بعد الصلاة، وإخباره بخروج الدجال، وفيه:)«وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس، فيزلزلون زلزالًا شديدًا، ثم يهلكه الله تبارك وتعالى وجنوده، حتى إن جذم الحائط وأصل الشجرة لينادي: يا مؤمن (أو قال: يا مسلم) ! هذا يهودي (أو قال: هذا كافر) ؛ تعال فاقتله» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، وابن خزيمة، والطبراني في "الكبير" وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

وعن سمرة أيضا رضي الله عنه مرفوعا: «لا تقوم الساعة حتى يدل الحجر على الرجل اليهودي مختبئًا كان يطرده رجل مسلم، فاطلع قدامه فاختبأ؛ يقول الحجر: يا عبد الله! هذا ما تبتغي» .

رواه الطبراني.

ص: 412

وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل الدجال في هذه السبخة بمرقناة، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطًا مخافة أن تخرج إليه، ثم يسلط الله المسلمين عليه فيقتلونه ويقتلون شيعته، حتى إن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر، فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم: هذا يهودي تحتي؛ فاقتله» .

رواه: الإمام أحمد، والطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي:"وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس".

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج الدجال.......... (فذكر الحديث بطوله، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يقتل الدجال، وقال في آخره:) حتى إن الشجرة والحجر ينادي: يا روح الله هذا يهودي؛ فلا تترك ممن كان يتبعه أحدًا؛ إلا قتله» .

رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

وهذا آخر الجزء الأول من كتاب "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة "، ويليه الجزء الثاني، وأوله:"كتاب أشراط الساعة".

ص: 413