المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بابفضل من جنب الفتن - إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة - جـ ١

[حمود بن عبد الله التويجري]

الفصل: ‌بابفضل من جنب الفتن

‌باب

فضل من جنب الفتن

عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه؛ قال: ايم الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر؛ فواها» .

رواه أبو داود، وإسناده صحيح.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: أنه قال: "حبذا موتا على الإسلام قبل الفتن".

رواه نعيم بن حماد في "الفتن".

باب

الصبر عند الفتن

فيه حديث المقداد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر؛ فواها» .

قال الخطابي: " (واها) : كلمة معناها التلهف، وقد توضع أيضا موضع الإعجاب بالشيء". وكذا قال ابن الأثير وابن منظور؛ قالا: "وقد ترد بمعنى التوجع". وقال الجوهري: "إذا تعجبت من طيب الشيء؛ قلت: واها ما أطيبه".

قال أبو النجم:

واها لريا ثم واها واها

يا ليت عينيها لنا وفاها

بثمن نرضي به أباها

ص: 82

وزاد ابن منظور في "لسان العرب":

فاضت دموع العين من جراها

هي المنى لو أننا نلناها

قال ابن منظور: "ومن العرب من يتعجب بـ (واها) ، فيقول: واها لهذا؛ أي: ما أحسنه".

قلت: وعلى هذا؛ فمعنى الحديث: التعجب من حسن فعل الصابر على البلاء وطيبه، أو التلهف على ما حصل له والتوجع لمصابه، ويحتمل أن يكون كل من هذه الأمور مرادا. والله أعلم.

وعن أبي مالك والأشعري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الفتنة ترسل، ويرسل معها الهوى والصبر، فمن اتبع الهوى كانت قتلته سوداء، ومن اتبع الصبر كانت قتلته بيضاء» .

رواه الطبراني بإسناد ضعيف.

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "تعودوا الصبر قبل أن ينزل بكم البلاء؛ فإنه يوشك أن ينزل بكم البلاء، مع أنه لن يصيبكم أشد مما أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

رواه: نعيم بن حماد في "الفتن"، والبيهقي، وابن عساكر في "تاريخه".

وقد ورد الأمر بالصبر عند الفتن في أحاديث كثيرة تقدم ذكرها في (باب التحذير من الفتن) :

منها: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتنة» ....... الحديث، وفيه: قال: «أفرأيت إن دخل علي بيتي، فبسط يده إلي ليقتلني؟ قال: كن كابن آدم» .

رواه: الإمام أحمد، والترمذي.

ص: 83

ومنها: حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتن»

الحديث، وفيه:«فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: يبوء بإثمه وإثمك، ويكون من أصحاب النار» .

رواه: الإمام أحمد، ومسلم.

ومنها: حديث أبي موسى رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم» ........ الحديث، وفيه:«فإن دخل على أحدكم؛ فليكن كخير ابني آدم» .

رواه: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه.

ومنها: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تكون فتنة» ..... الحديث، وفيه:«قلت: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: اكفف نفسك ويدك، وادخل دارك. قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن دخل رجل علي داري؟ قال: فادخل بيتك. قال: قلت: أفرأيت إن دخل علي بيتي؟ قال: فادخل مسجدك، واصنع هكذا (وقبض بيمينه على الكوع) ، وقل: ربي الله؛ حتى تموت على ذلك» .

رواه: الإمام أحمد، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ومنها: حديث خرشة بن الحر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون بعدي فتنة» ..... الحديث، وفيه:«فمن أتت عليه فليمش بسيفه إلى صفاة، فليضربه بها حتى ينكسر، ثم ليضطجع لها حتى تنجلي عما انجلت» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، والطبراني.

ومنها: حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر

ص: 84

فتنة................ الحديث، وفيه: قال: «فإن أدركت ذلك؛ فكن عبد الله المقتول، (أحسبه قال:) ولا تكن عبد الله القاتل» .

رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، والطبراني.

ومنها: حديث جندب بن سفيان رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون بعدي فتن كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا. فقال رجل من المسلمين: كيف نصنع عند ذلك يا رسول الله؟ قال: "ادخلوا بيوتكم، وأخملوا ذكركم". فقال: أرأيت إن دخل على أحدنا بيته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليمسك بيده، وليكن عبد الله المقتول، ولا يكن عبد الله القاتل» .

رواه الطبراني.

ومنها حديث خالد بن عرفطة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يا خالد! إنه سيكون بعدي أحداث وفتن واختلاف، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل؛ فافعل» .

رواه: الإمام أحمد، والبزار، والطبراني، والحاكم.

ومنها: حديث حذيفة رضي الله عنه يرفعه؛ قال: «أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم» ....، ثم أمر باعتزالها حتى تأتي يد خاطئة أو منية قاضية.

رواه الطبراني.

ومنها: حديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان كذلك؛ فأت بسيفك أحدًا، فاضربه حتى ينقطع، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية» .

رواه: الإمام أحمد، وابن ماجه، والطبراني.

ص: 85

ومنها: حديث سعيد بن زيد الأشهلي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى محمد بن مسلمة سيفا، فقال:«جاهد بهذا في سبيل الله، فإذا اختلفت أعناق الناس؛ فاضرب به الحجر، ثم ادخل بيتك، فكن حلسًا ملقى، حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية» .

رواه الطبراني.

ومنها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما بنحو حديث سعيد بن زيد الأشهلي.

وكذلك ابن عمر رضي الله عنهما بمثله.

رواه الطبراني.

ومنها: حديث عديسة بنت أهبان عن أبيها رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون فرقة وفتنة واختلاف، فإذا كان ذلك؛ فاكسر سيفك، واقعد في بيتك؛ حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية» .

رواه الإمام أحمد.

ومنها حديث أبي الأشعث الصنعاني عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه؛ قال: «أوصاني أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إن أنا أدركت شيئًا من هذه الفتن: أن أعمد إلى أحد، وأكسر سيفي، وأقعد في بيتي، فإن دخل علي بيتي؛ قال: اقعد في مخدعك، فإن دخل عليك فاجث على ركبتيك، وتقول: بؤ بإثمي وإثمك؛ فتكون من أصحاب النار، وذلك جزاء الظالمين» .

رواه: الإمام أحمد، والبزار.

ومنها حديث ربعي بن حراش عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قيل له: يا أبا عبد الله! ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: "آمرك أن تنظر أقصى بيت من

ص: 86

دارك، فتلج فيه، فإن دخل عليك؛ فتقول: ها! بؤ بإثمي وإثمك، فتكون كابن آدم".

رواه الحاكم وقال: "على شرط الشيخين".

ومنها: «حديث أبي ذر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف أنت وقتلًا يصيب الناس حتى تغرق حجارة الزيت بالدم؟ قلت: ما خار الله لي ورسوله. قال: "الحق بمن أنت منه". قال: قلت: يا رسول الله! أفلا آخذ بسيفي فأضرب به من فعل ذلك؟ قال: "شاركت القوم إذًا، ولكن ادخل بيتك" قلت: يا رسول الله! فإن دخل بيتي؟ قال: "إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف؛ فألق طرف ردائك على وجهك، فيبوء بإثمه وإثمك، فيكون من أصحاب النار» .

رواه: أبو داود الطيالسي، وأبو داود السجستاني، وابن ماجه، والحاكم، وقال:"على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ومنها: حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "إني لأعلم فتنة يوشك أن يكون الذي قبلها معها كنفجة أرنب، وإني لأعلم المخرج منها". قلنا: وما المخرج منها؟ قال: "أمسك يدي حتى يجيء من يقتلني".

رواه الحاكم، وقال:"على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ومنها: حديث حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "إياكم والفتن، لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد؛ إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن، إنها مشبهة مقبلة حتى يقول الجاهل: هذه تشبه، وتبين مدبرة، فإذا رأيتموها فاجثموا في بيوتكم، وكسروا سيوفكم، وقطعوا أوتاركم، وغطوا وجوهكم".

رواه: الحاكم، وأبو نعيم، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي في

ص: 87

"تلخيصه".

وعن حذيفة أيضا رضي الله عنه: أنه قال: "كيف أنتم إذا سئلتم الحق فأعطيتموه وسألتم حقكم فمنعتموه؟ ". قالوا: نصبر. قال: "دخلتموها ورب الكعبة (يعني: الجنة) ".

رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، وابن جرير، وهذا لفظه.

باب

الحث على كثرة الدعاء عند ظهور الفتن

فيه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «أسعد الناس في الفتن كل خفي تقي، إن ظهر لم يعرف، وإن غاب لم يفتقد، وأشقى الناس فيها كل خطيب مصقع أو راكب موضع، لا يخلص من شرها إلا من أخلص الدعاء كدعاء الغرق في البحر» .

رواه نعيم بن حماد في "الفتن"، وتقدم في (باب ذكر الذين وكلت بهم الفتنة) .

وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه: أنه قال: "تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاء كدعاء الغرق".

رواه ابن أبي شيبة.

وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغرق".

رواه: ابن أبي شيبة، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".

ص: 88