الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
جواز التعرب في الفتنة
فيه: حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة؛ القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت؛ فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه» .
الحديث رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، وقد تقدم بتمامه في (باب ذكر الفتن والتحذير منها) .
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من بدا بعد هجرته؛ إلا في الفتنة؛ فإن البدو خير من المقام في الفتنة» .
رواه الطبراني.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمًا يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن» .
رواه: مالك، وأحمد، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
رواه: الإمام أحمد، والترمذي، وهذا لفظه، وقال:"هذا حديث غريب"، قال: "وفي الباب عن أم مبشر وأبي سعيد الخدري وابن عباس رضي
الله عنهم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «غشيتكم الفتن كقطع الليل المظلم، أنجى الناس فيها رجل صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه، أو رجل آخذ بعنان فرسه من وراء الدرب يأكل من سيفه» .
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن كرز بن علقمة الخزاعي رضي الله عنه؛ قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي، فقال: يا رسول الله! هل لهذا الأمر من منتهى؟ قال: نعم؛ فمن أراد الله به خيرًا من أعجم أو عرب؛ أدخله عليهم، ثم تقع فتن كالظلل؛ تعودون فيها أساود صبًا يضرب بعضكم رقاب بعض، وأفضل الناس يومئذ مؤمن معتزل في شعب من الشعاب؛ يتقي ربه تبارك وتعالى، ويدع الناس من شره» .
رواه: الإمام أحمد، والبزار، والطبراني. قال الهيثمي:"وأحد أسانيده رجاله رجل الصحيح".
قلت: وقد رواه: ابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في "الفتن"؛ بنحوه.
ورواه أبو داود الطيالسي مختصرا، وإسناده على شرط الشيخين. ورواه أيضا: ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه" مختصرا وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه. وقد تقدم ذكره في (باب ذكر الفتن الكبار) .
وعن أبي التياح؛ قال: صلينا الجمعة، فانضم الناس بعضهم إلى بعض حتى كانوا كالرحى حول أبي رجاء العطاردي، فسألوه عن الفتنة؟ فقال: جاء رجلان إلى مجلس عبادة بن الصامت رضي الله عنه، فقالا: يابن الصامت! تعيد الحديث الذي حدثتناه؟ فقال: نعم؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يوشك أن يكون خير المال شاتين مكية ومدنية؛ ترعى فوق رؤوس الضراب،»
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن مخول البهزي رضي الله عنه؛ قال: أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدثنا، فقال:«إنه سيأتي على الناس زمان يكون خير مال الناس غنم بين شجر؛ تأكل الشجر، وترد المياه، يأكل أهلها من رسلها، ويشربون من ألبانها، ويلبسون من أشعارها (أو قال: من أصوافها) ، والفتن ترتكس بين جراثيم العرب؛ يفتنون والله، يفتنون والله، يفتنون والله (يقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا) » .
رواه الطبراني بإسناد ضعيف، والحديث قبله يشهد له ويقويه.
وقد تقدم حديث أبي الغادية المزني رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستكون فتن غلاظ شداد، خير الناس فيها مسلمو أهل البوادي الذين لا ينتدون من دماء الناس ولا أموالهم شيئًا» .
رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير". قال الهيثمي: "وفيه حيان بن حجر، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
وتقدم أيضا قول ابن مسعود رضي الله عنه: " خير الناس في الفتنة أهل شاء سود ترعى في شعف الجبال ومواقع القطر، وشر الناس فيها كل راكب موضع وكل خطيب مصقع".
رواه نعيم بن حماد في "الفتن ".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين على الناس زمان خير منازلهم البادية".
رواه نعيم بن حماد في "الفتن ".
وعن طاوس: أنه قال: "ليأتين على الناس زمان، وخير منازلهم التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ البادية".
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص: أن أخاه عمر انطلق إلى سعد رضي الله عنه في غنم له خارجا من المدينة، فلما رآه سعد رضي الله عنه؛ قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب. فلما أتاه قال: يا أبت أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة؟ ! فضرب سعد رضي الله عنه صدر عمر وقال: اسكت! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل يحب العبد التقي الغني الخفي» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وهذا لفظ أحمد.
وعن الحسين بن خارجة؛ قال: "لما كانت الفتنة الأولى أشكلت علي؛ فقلت: اللهم أرني أمرا من أمر الحق أتمسك به. قال: فأريت الدنيا والآخرة، وبينهما حائط غير طويل، وإذا أنا بجائز، فقلت: لو تشبثت بهذا الجائز؛ لعلي أهبط إلى قتلى أشجع فيخبروني. قال: فهبطت بأرض ذات شجر، وإذا أنا بنفر جلوس، فقلت: أنتم الشهداء؟ قالوا: لا؛ نحن الملائكة. قلت: فأين الشهداء؟ قالوا: تقدم إلى الدرجات العلى، إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فتقدمت؛ فإذا أنا بدرجة الله أعلم ما هي في السعة والحسن؛ فإذا أنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهو يقول لإبراهيم: استغفر لأمتي. فقال له إبراهيم: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؛ أراقوا دماءهم، وقتلوا إمامهم، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد؟
قلت: أراني قد أريت، أذهب إلى سعد فأنظر مع من هو فأكون معه، فأتيته فقصصت عليه الرؤيا، فما أكثر بها فرحا، وقال: قد شقي من لم يكن له إبراهيم خليلا. قلت: في أي الطائفتين أنت؟ قال: لست مع واحد منهما. قلت: فكيف تأمرني؟ قال: ألك ماشية؟ قلت: لا. قال: فاشتر ماشية واعتزل فيها حتى تنجلي".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن ثعلبة بن ضبيعة؛ قال: "دخلنا على حذيفة رضي الله عنه، فقال: إني لأعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا. قال: فخرجنا؛ فإذا فسطاط مضروب فدخلنا؛ فإذا فيه محمد بن مسلمة، فسألناه عن ذلك فقال: ما أريد أن يشتمل على شيء من أمصاركم حتى تنجلي عما انجلت".
رواه: أبو داود، والحاكم في "مستدركه"، وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه.
وفي رواية لأبي داود عن محمد بن سيرين؛ قال: قال حذيفة رضي الله عنه: ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه؛ إلا محمد بن مسلمة؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تضرك الفتنة» .
باب
فضل العبادة في زمن الفتن
عن معقل بن يسار رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العبادة في الهرج كهجرة إلي» .
رواه: أبو داود الطيالسي، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب".
ورواه الإمام أحمد، ولفظه: قال: «العبادة في الفتنة كالهجرة إلي» .
ورواه الطبراني في "الصغير"، ولفظه: قال: «العمل في الهرج والفتنة كالهجرة إلي» .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيها بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه ويعبد ربه، ويتبع مراضيه، ويجتنب مساخطه؛ كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مؤمنا به، متبعا لأوامره، مجتنبا لنواهيه". انتهى.
باب
النهي عن بيع السلاح في الفتنة
عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع السلاح في الفتنة» .
رواه البزار بإسناد ضعيف.
باب
تحريم قتال المسلمين والتشديد في ذلك
عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حمل علينا السلاح؛ فليس منا» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والشيخان، والنسائي، وابن ماجه.
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «من حمل علينا السلاح؛ فليس منا» .
رواه: الشيخان، والترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي:"حديث حسن صحيح".
ولفظ ابن ماجه: «من شهر علينا السلاح؛ فليس منا» .
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «من سل علينا السيف؛ فليس منا» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والدارمي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح؛ فليس منا» .
رواه: مسلم، وابن ماجه.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح؛ فليس منا» .
رواه الإمام أحمد.
وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهر علينا السلاح؛ فليس منا» .
رواه البزار.
وعن ابن الزبير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «ليس منا من حمل»
«علينا السلاح» .
رواه الطبراني.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «من حمل علينا السلاح؛ فليس منا» .
رواه الطبراني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رمانا بالنبل؛ فليس منا» .
رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "وفيه يحيى بن أبي سليمان؛ وثقه ابن حبان، وضعفه آخرون، وبقية رجاله رجال الصحيح".
قلت: إذا كان الأمر هكذا فيمن رمى المسلمين بالنبل؛ فكيف بمن رماهم بالقنابل ونحوها من الأسلحة المدمرة التي تهلك الحرث والنسل؛ كما يفعله بعض المنتسبين إلى الإسلام في زماننا؟ وهؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} .
وعن أبي هريرة أيضا رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار» .
متفق عليه.
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال أبو القاسم
صلى الله عليه وسلم: «من أشار إلى أخيه بحديدة؛ فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه» .
ورواه الإمام أحمد بنحوه.
ورواه الترمذي مختصرا، وقال:"هذا حديث حسن صحيح غريب"، قال:"وفي الباب عن أبي بكرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم".
وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يشهرن أحد على أخيه بالسيف؛ لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من حفر النار» .
رواه الطبراني.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شهر المسلم على أخيه سلاحًا؛ فلا تزال ملائكة الله تلعنه حتى يشيمه عنه» .
رواه البزار.
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان ينهى أن يسل المسلم على المسلم السلاح» .
رواه: البزار والطبراني.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أشار المسلم على أخيه المسلم بالسلاح؛ فهما على جرف جهنم، فإذا قتله خرا جميعًا فيها» .
رواه: أبو داود الطيالسي، والنسائي.
ورواه: الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا
»
«المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح؛ فهما على جرف جهنم، فإذ قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعًا» .
ورواه النسائي بهذا اللفظ ولم يرفعه.
وعن الحسن - البصري - عن الأحنف بن قيس؛ قال: خرجت وأنا أريد هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة رضي الله عنه، فقال: أين تريد يا أحنف؟ قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله - يعني: عليا - قال: فقال لي: يا أحنف ارجع؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار» . قال: فقلت (أو قيل) : يا رسول الله! هذا القاتل؛ فما بال المقتول؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه.
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي، وهذا لفظ مسلم.
وفي رواية للبخاري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار. فقلت: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ ! قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» .
ورواه النسائي أيضا بنحوه.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار» . قال: فقلت (أو قيل) : يا رسول الله هذا القاتل؛ فما بال المقتول؟ قال: «إنه قد أراد قتل صاحبه» .
رواه: الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه؛ بأسانيد صحيحة.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «ما من مسلمين التقيا بأسيافهما؛ إلا كان القاتل والمقتول في النار» .
رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قتال المسلم كفر، وسبابه فسوق» .
رواه: الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وأبو يعلى، والطبراني والضياء في "المختارة".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» .
رواه ابن ماجه، وإسناده حسن.
وعن عمرو بن النعمان بن مقرن رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "ورجاله رجال صحيح؛ غير أبي خالد الوالبي، وهو ثقة".
وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» .
رواه الطبراني في "الأوسط"، وفي إسناده ضعف.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال في حجة الوداع:
«ويحكم (أو قال: ويلكم) ؛ لا تراجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
زاد النسائي: «ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه» .
وعن جرير رضي الله عنه؛ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «استنصت الناس. ثم قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: أبو داود الطيالسي، والشيخان، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: الإمام أحمد، والبخاري، والترمذي، وقال:"هذا حديث حسن صحيح"، قال:"وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وجرير وابن عمر وكرز بن علقمة وواثلة بن الأسقع والصنابحي رضي الله عنهم".
وعن أبي بكرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وهذا لفظ البخاري.
ولفظ مسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارًا أو ضلالًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
ورواه: أبو داود الطيالسي، والنسائي، ولفظهما؛ قال:«لا ترجعوا بعدي كفارًا أو ضلالًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، والبزار، والطبراني. قال الهيثمي:"ورجالهم رجال الصحيح".
وزاد في رواية للبزار: «ولا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه» .
قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".
وعن الصنابحي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني مكاثر بكم الأمم؛ فلا ترجعن بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى.
ورواه ابن ماجه بإسناد صحيح، ولفظه: عن الصنابح الأحمسي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إني فرطكم على الحوض، وإني مكاثر بكم الأمم؛ فلا تقتلن بعدي» .
ورواه الإمام أحمد بنحوه، وإسناده صحيح.
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لأصحابه: «لا أعرفنكم ترجعون بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه: البزار، وأبو يعلى؛ بإسناد ضعيف.
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قي حجة الوداع: «لا ترتدوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض، لا يؤخذ الرجل بجريرة أخيه ولا بجريرة أبيه» .
رواه الطبراني بإسناد ضعيف.
وعن أبي حرة الرقاشي عن عمه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته في وسط أيام التشريق: «ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه الإمام أحمد.
وعن حجير بن أبي حجير رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع (فذكر الحديث، وفيه) : «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه الطبراني. قال الحافظ ابن حجر: "وإسناده صالح".
وعن أبي غادية الجهني رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العقبة (فذكر الحديث، وفيه) : «ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» .
رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح".
قلت: ورواه يعقوب بن شيبة في "مسنده"، ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في "الكبير" بإسنادين. قال الهيثمي:"رجال أحدهما رجال الصحيح".
باب
تعظيم قتل المسلم بغير حق
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لزوال الدنيا
»
«أهون عند الله من قتل رجل مسلم» .
رواه: النسائي، والترمذي مرفوعا وموقوفا، ورجح الترمذي الموقوف.
وعن بريدة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا» .
رواه: النسائي، والبيهقي.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق» .
رواه ابن ماجه. قال المنذري: "وإسناده حسن". وقال البوصيري في "الزوائد": "وإسناده صحيح، ورجاله موثقون".
ورواه البيهقي والأصبهاني، وزادا فيه:«ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن؛ لأدخلهم الله النار» .
وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من دم سفك بغير حق» .
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن؛ لأكبهم الله في النار» .
رواه الترمذي، وقال:"هذا حديث حسن غريب".
وعن أبي بكرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على قتل مسلم؛ لكبهم الله جميعًا على وجوههم في النار» . رواه الطبراني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لو اجتمع أهل»
«السماء والأرض على قتل مؤمن؛ لكبهم الله في النار» .
رواه الطبراني.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: «قتل بالمدينة قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم من قتله، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر، فقال: يا أيها الناس! يقتل قتيل وأنا فيكم ولا يعلم من قتله! لو اجتمع أهل السماء والأرض على قتل مؤمن لعذبهم الله؛ إلا أن يفعل ما يشاء» .
رواه البيهقي، ورواه الطبراني بنحوه؛ إلا أنه قال:«لعذبهم الله بلا عدد ولا حساب» . قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح، غير عطاء بن أبي مسلم؛ وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة ".
وعن أبي سعيد رضي الله عنه؛ قال: «قتل قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر خطيبا، فقال: ألا تعلمون من قتل هذا القتيل؟ بين أظهركم (ثلاث مرات) . قالوا: اللهم لا. فقال: والذي نفس محمد بيده؛ لو أن أهل السماوات والأرض اجتمعوا على قتل مؤمن؛ أدخلهم الله جميعًا جهنم» .
رواه: البزار، والحاكم؛ بإسناد ضعيف.
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرئ مسلم يهريقه كأنما يذبح دجاجة، كلما تعرض لباب من أبواب الجنة؛ حال بينه وبينه، ومن استطاع منكم أن لا يجعل في بطنه إلا طيبًا؛ فليفعل؛ فإن أول ما ينتن من الإنسان بطنه» .
رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط". قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح". وقال المنذري: "رواته ثقات ". ورواه البيهقي مرفوعا وموقوفا،
وقال: "والصحيح أنه موقوف".
قلت: وقد رواه البخاري في كتاب "الأحكام" من صحيحه موقوفا، وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" رواية الطبراني له مرفوعا، ثم قال:"وهذا لو لم يرد مصرحا برفعه لكان في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بالرأي، وهو وعيد شديد لقتل المسلم بغير حق" انتهى.
وعن عبد الملك بن مروان؛ قال: كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن ألي هذا الأمر، فكانت تقول: يا عبد الملك إني لأرى فيك خصالا، وخليق أن تلي أمر هذه الأمة، فإن وليته فاحذر الدماء؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«إن الرجل ليدفع عن باب الجنة أن ينظر إليها على محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق» .
رواه الطبراني، وفي إسناده ضعف.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرفعه؛ قال: «لا يعجبك رحب الذراعين يسفك الدماء؛ فإن له عند الله قاتلًا لا يموت» .
رواه: أبو داود الطيالسي والطبراني؛ بإسناد ضعيف.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا» .
رواه: الإمام أحمد، والبخاري.
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله» .
رواه البخاري.
وعن خالد بن دهقان؛ قال: كنا في غزوة القسطنطينية بذلقية، فأقبل رجل
من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم، يعرفون ذلك له، يقال له: هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني، فسلم على عبد الله بن أبي زكريا، وكان يعرف له حقه. قال لنا خالد: فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا؛ قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره؛ إلا من مات مشركًا، أو مؤمنًا قتل مؤمنًا متعمدًا» .
فقال هانئ بن كلثوم: سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «من قتل مؤمنًا، فاعتبط بقتله؛ لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا» . قال لنا خالد: ثم حدثنا ابن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال المؤمن معنقًا صالحًا ما لم يصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا؛ بلح» . وحدث هانئ بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء.
رواه أبو داود، وإسناده جيد.
ثم روى أبو داود عن خالد بن دهقان: سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله: "اعتبط بقتله"؟ قال: الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، فلا يستغفر الله تعالى؛ يعني: من ذلك.
قال ابن الأثير في "النهاية": "وهذا تفسير يدل على أنه من الغبطة؛ بالغين المعجمة، وهي الفرح والسرور وحسن الحال؛ لأن القاتل يفرح بقتل خصمه، فإذا كان المقتول مؤمنا، وفرح بقتله؛ دخل في هذا الوعيد".
وقال الخطابي في "معالم السنن": "قوله: "فاعتبط قتله"؛ يريد أنه قتله ظلما لا عن قصاص، يقال: عبطت الناقة واعتبطتها: إذا نحرتها من غير داء أو آفة تكون بها، ومات فلان عبطة: إذا كان شابا واحتضر قبل أوان الشيب والهرم،
قال أمية بن أبي الصلت:
من لم يمت عبطة يمت هرما
"
وقال ابن الأثير: "كل من مات بغير علة فقد اعتبط، ومات فلان عبطة؛ أي: شابا صحيحا".
وقوله: "معنقا": قال الخطابي: "يريد خفيف الظهر، يعنق في مشيه سير المخف، والعنق: ضرب من السير وسيع، يقال: أعنق الرجل في سيره فهو معنق، وهو من نعوت المبالغة". وقال ابن الأثير: "معنقا صالحا؛ أي: مسرعا في طاعته، منبسطا في عمله، وقيل: أراد يوم القيامة".
وقوله: "بلح": قال الخطابي: "معناه: أعيا وانقطع، ويقال: بلح علي الغريم: إذا قام عليك فلم يعطك حقك، وبلحت الركية: إذا انقطع ماؤها".
وقال ابن الأثير: "بلح الرجل: إذا انقطع من الإعياء، فلم يقدر أن يتحرك، وقد أبلحه السير فانقطع به، يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام، وقد تخفف اللام ". انتهى.
وعن معاوية رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره؛ إلا الرجل يموت كافرًا، أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا» .
رواه: الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره؛ إلا الرجل يموت مشركًا أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا» .
رواه: أبو داود وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سأله سائل؟ فقال: يا أبا العباس! هل للقاتل من توبة؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما كالمعجب من شأنه: ماذا تقول؟ ! فأعاد عليه مسألته. فقال: ماذا تقول؛ مرتين أو ثلاثا؟ ! قال ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: «يأتي المقتول؛ معلقًا رأسه بإحدى يديه، ملببًا قاتله باليد الأخرى، تشخب أوداجه دمًا، حتى يأتي به العرش، فيقول المقتول لرب العالمين: هذا قتلني. فيقول الله عز وجل للقاتل: تعست! ويذهب به إلى النار» .
رواه الطبراني في "الأوسط"، وقال المنذري والهيثمي:"رواته رواة الصحيح".
وقد رواه: الترمذي، والنسائي؛ من حديث عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:«يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة؛ ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دمًا؛ يقول: يا رب! قتلني هذا، حتى يدنيه من العرش» . قال: فذكروا لابن عباس رضي الله عنهما التوبة، فتلا هذه الآية:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} . قال: ما نسخت هذه الآية ولا بدلت، وأنى له التوبة؟ !.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن".
وسيأتي نحو هذا عن ابن مسعود وجندب في (باب القتال على الملك) إن شاء الله تعالى.
وعن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا أتاه فقال: أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا؟ قال: جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. قال: لقد أنزلت في آخر ما نزل، ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: أرأيت
إن تاب وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال: وأنى له بالتوبة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثكلته أمه، رجل قتل رجلًا متعمدًا، يجيء يوم القيامة آخذًا قاتله بيمينه (أو بيساره) ، وآخذًا رأسه بيمينه (أو شماله) ، تشخب أوداجه دمًا، في قبل العرش؛ يقول: يا رب سل عبدك فيم قتلني؟» .
رواه: الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وابن جرير، وهذا لفظ أحمد.
وعن سعيد بن جبير؛ قال: "سألت ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: لما نزلت التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} ؛ قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلها آخر، وأتينا الفواحش. فأنزل الله:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} ؛ فهذه لأولئك.
قال: وأما التي في النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} .... الآية؛ قال: الرجل إذا عرف شرائع الإسلام ثم قتل مؤمنا متعمدا؛ فجزاؤه جهنم، لا توبة له. فذكرت هذا لمجاهد، فقال: إلا من ندم".
رواه: الشيخان، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، وهذا لفظ أبي داود، وقد رواه الحاكم في "مستدركه" بنحو رواية أبي داود، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه؛ قال: "نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} ، بعد التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} ؛ بستة أشهر ".
رواه: أبو داود، والنسائي.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يخرج عنق من النار يتكلم؛ يقول: وكلت اليوم بثلاثة: بكل جبار عنيد، ومن جعل مع الله إلهًا آخر، ومن قتل نفسًا بغير حق، فينطوي عليهم، فيقذفهم في حمراء جهنم» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في "الأوسط" بإسنادين؛ قال المنذري والهيثمي:"رواة أحدهما رواة الصحيح".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» .
رواه: الشيخان، وأبو داود، والنسائي.
(الموبقات) : هن المهلكات.
وقد جاء ذكر قتل النفس بغير حق مع الكبائر في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فرواه: الإمام أحمد، والشيخان؛ من حديث أنس رضي الله عنه. ورواه: الإمام أحمد، والنسائي؛ من حديث أبي أيوب رضي الله عنه. ورواه: أبو داود، والنسائي، والحاكم؛ من حديث عمير بن قتادة رضي الله عنه. ورواه ابن جرير، وابن مردويه؛ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ورواه ابن
مردويه عن عمرو بن حزم رضي الله عنه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا حرج إلا في قتل مسلم (ثلاث مرات) » .
رواه الطبراني.
قال ابن الأثير: "الحرج: الضيق، ويقع على الإثم والحرام، وقيل: الحرج: أضيق الضيق". انتهى.
وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله عز وجل لا يشرك به شيئًا، لم يتند بدم حرام؛ دخل الجنة» .
رواه: الإمام أحمد، وابن ماجه.
وفي رواية أحمد؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من عبد يلقى الله عز وجل؛ لا يشرك به شيئًا، لم يتند بدم حرام؛ إلا دخل الجنة، من أي أبواب الجنة شاء» .
ورواه الحاكم في "مستدركه"، وصححه الذهبي في "تلخيصه".
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات لا يشرك بالله شيئًا، ولم يتند بدم حرام؛ دخل من أي أبواب الجنة شاء» .
رواه الحاكم في "مستدركه".
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إذا أصبح إبليس؛ بث جنوده، فيقول: من أضل اليوم مسلمًا؛ ألبسته التاج. قال: فيجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته. فيقول: يوشك أن يتزوج. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه. فيقول: يوشك أن يبرهما. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك. فيقول: أنت أنت. ويجيء هذا فيقول: لم»
«أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت. ويلبسه التاج» .
رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه".
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه» .
رواه البخاري.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: "أخبر صلى الله عليه وسلم أن أبغض الناس إلى الله هؤلاء الثلاثة، وذلك لأن الفساد إما في الدين وإما في الدنيا، فأعظم فساد الدنيا قتل النفوس بغير حق، ولهذا كان أكبر الكبائر بعد أعظم فساد الدين الذي هو الكفر". انتهى.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعتى الناس على الله من قتل في حرم الله، أو قتل غير قاتله، أو قتل بذحول الجاهلية» .
رواه: الإمام أحمد، والطبراني، ورجاله ثقات.
(الذحول) : جمع ذحل؛ بفتح الذال وسكون الحاء.
قال ابن الأثير: "الذحل: الوتر، وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه من قتل أو جرح ونحو ذلك، والذحل: العداوة أيضا". انتهى.
وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: وجد في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابان: «إن أشد الناس عتوا: رجل ضرب غير ضاربه، ورجل قتل غير قاتله، ورجل تولى غير أهل نعمته، فمن فعل ذلك فقد كفر بالله ورسوله، ولا يقبل منه صرف ولا عدل» .
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي شريح العدوي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أعتى الناس على الله تعالى من قتل غير قاتله، أو طلب بدم في الجاهلية من أهل الإسلام، ومن يصر عينيه في النوم ما لم تبصر» .
رواه: الإمام أحمد، والحاكم وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي.
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي.
وفي رواية لمسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال: قلت: يا رسول الله! إنما قالها خوفًا من السلاح. قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ "» .
وقد رواه ابن إسحاق من حديث أسامة بن محمد بن أسامة عن أبيه عن جده أسامة رضي الله عنه بنحوه، وزاد فيه:«فقلت: إني أعطي الله عهدًا أن لا أقتل رجلًا يقول لا إله إلا الله أبدًا. فقال: بعدي يا أسامة. فقلت: بعدك» .
رواه: مسلم.
رواه: الإمام أحمد، والنسائي، وأبو يعلى، والطبراني. قال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح؛ غير بشر بن عاصم الليثي، وهو ثقة".
«بين صدفي جبل، وألقوا عليه من الحجارة، ونزلت:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}
…
الآية» .
رواه ابن ماجه، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وفي رواية له عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما؛ قال: «بعثنا رسول»
إسناده حسن.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك؛ ماله ودمه وأن نظن به إلا خيرًا» .
رواه ابن ماجه، وإسناده حسن.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلمًا؛ إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه كان أول من سن القتل» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
باب
ما جاء فيمن أمر بقتل مسلم
عن مرثد بن عبد الله المزني عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القاتل والآمر؟ فقال: «قسمت النار سبعين جزءًا؛ فللآمر تسعة»
رواه الإمام أحمد.
قال الهيثمي: "ورجاله رجال صحيح؛ غير محمد بن إسحاق، وهو ثقة، ولكنه مدلس".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جزأ النار سبعين جزءًا، تسعة وستون للآمر، وجزء للقاتل، وحسبه» .
رواه الطبراني في "الصغير"، وفي إسناده ضعف.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يؤتى بالقاتل والمقتول يوم القيامة، فيقول: أي رب! سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: أي رب! أمرني هذا. فيؤخذ بأيديهما جميعًا، فيقذفان في النار» .
رواه الطبراني.
قال الهيثمي: " رجاله كلهم ثقات".
وعنه رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقعد المقتول بالجادة، فإذا مر به القاتل أخذه، فيقول: يا رب! هذا قطع علي صومي وصلاتي. قال: "فيعذب القاتل والآمر به» .
رواه الطبراني. قال الهيثمي: "وفيه شهر بن حوشب، وقد وثق، وفيه ضعف".
قلت: قد وثقه أحمد وابن معين وحسبك بتوثيقهما، ووثقه أيضا العجلي والفسوي، وقال أبو زرعة:"لا بأس به"، وروى له مسلم مقرونا بغيره، واحتج به غير واحد، وعلى هذا فحديثه صحيح إن شاء الله.