الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسباب القلب
مِمَّا لا شك فِيْهِ أن قابليات الرُّوَاة تتفاوت ما بَيْنَ إتقان وضبط وتعاهد للمحفوظ، ثُمَّ إنهم مختلفون في ما ركزه الله فِيْهِمْ من العدالة أو ضدها، وعليه فَقَد اختلفت دوافع القلب في المرويات تبعاً لهذا التفاوت، ويمكن أن نجعل جملة الأسباب الَّتِيْ تؤدي بوقوع القلب في حَدِيْث الرُّوَاة ثلاثة، هِيَ (1) :
1.
رغبة الرَّاوِي في إيقاع الغرابة في حديثه ليُرَغِّبَ الناس
حَتَّى يظنوا أنه يروي ما ليس عِنْدَ غيره فيقبلوا عَلَى التحمل مِنْهُ. عَلَى نحو ما وقع في حَدِيْث حماد بن عمرو النصيبي الَّذِيْ سقناه قَبْلَ قليل (2) .
ولهذا السبب كره أهل الْحَدِيْث تتبع الغرائب، قَالَ الإمام أحمد:((لا تكتبوا هَذِهِ الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء)) (3) .
2.
الإمعان في التثبت من حال المحدِّث أحافظ هُوَ أم غَيْر حافظ؟ وهل يفطن لما وقع في الْحَدِيْث من القلب أم لا؟
فإن تبين لَهُ أنه حافظ متيقظ يطمئن القلب في الْحَدِيْث عَنْهُ، أقبل عَلَى التحمل عَنْهُ، وإن تبين لَهُ خلاف ذَلِكَ، بأن كانت فِيْهِ غفلة أو بلادة ذهن أعرض عَنْهُ وتركه.
كَمَا وقع للبخاري والعقيلي والفضل بن دكين ومحمد بن عجلان والمزي وغيرهم - مِمَّا أسلفنا ذكرهم - (4) .
3.
خطأ الرَّاوِي وغلطه
بأن يقع القلب في حديثه من باب السهو لا العمد، وهذا النوع راويه معذور فِيْهِ؛ لأنه لَمْ يقصد إيقاعه، إلا أنه إذا كثر في حديثه استحق الترك (5) .
(1) انظر: إرشاد طلاب الحقائق 1/267، والباعث الحثيث: 90، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلَاحِ 1/641، وفتح المغيث 1/256، وتوضيح الأفكار 2/110-111.
(2)
ص: 530.
(3)
الكامل 1/111، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/77 طبعتنا، وطبعة العلمية 2/270.
(4)
الصفحة: 229.
(5)
انظر: منهج النقد في علوم الْحَدِيْث: 435.
مثاله: الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ جرير بن حازم، عن ثابت البناني، عن أنس قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني)) (1) .
فهذا الْحَدِيْث انقلب إسناده عَلَى جرير، وإنما هُوَ مشهور ليحيى بن أبي كثير، عن عَبْد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، هكذا رَوَاهُ الجمع، عن يحيى بن أبي كثير مِنْهُمْ:
أبان: عِنْدَ أبي داود (2) .
حجاج بن أَبِي عثمان الصواف (3) : عِنْدَ مُسْلِم (4) ، وابن خزيمة (5) ، وأبي عوانة (6) ، وابن حبان (7) ، وأبي نعيم في " المستخرج "(8) .
شيبان (9) : عِنْدَ البُخَارِيّ (10) ، ومسلم (11) ، وأبي عوانة (12) ، وأبي نعيم في "المستخرج"(13) .
(1) عِنْدَ: الطيالسي (2128) ، وعبد بن حميد (6259) ، والترمذي في " علله " الكبير (146) ، والطبراني في " الأوسط "(9387) .
(2)
في سننه (539) .
(3)
هُوَ حجاج بن أبي عثمان، واسم أبي عثمان: ميسرة، وَقِيْلَ: سالم، الصواف، أبو الصلت الكندي مولاهم، البصري: ثقة حافظ، توفي سنة (143 هـ) .
تهذيب الكمال 2/62 (1108) ، والكاشف 1/313 (938) ، والتقريب (1131) .
(4)
في صحيحه 2/111 (604) .
(5)
في صحيحه (1526) .
(6)
في صحيحه (1335) .
(7)
في صحيحه (2242) .
(8)
عَلَى صَحِيْح مُسْلِم (1341) .
(9)
هُوَ شيبان بن عَبْد الرَّحْمَان التميمي، مولاهم النحوي، أَبُو معاوية البصري، نزيل الكوفة: ثقة، صاحب كتاب، يقال: إنَّهُ منسوب إِلَى ((نحوة)) بطن من الأزد، لا إِلَى علم النحو، توفي سنة (164 هـ) .
تهذيب الكمال 3/412-413 (2770) ، والكاشف 1/491 (2316) ، والتقريب (2833) .
(10)
في صحيحه 1/164 (638) .
(11)
في صحيحه 2/101 (654) .
(12)
في صحيحه (1339) و (1340) .
(13)
1340) .
علي بن المبارك (1) : عِنْدَ البخاري (2) ، وأبي عوانة (3) ، وابن حبان (4) .
معاوية بن سلام (5) : عِنْدَ ابن خزيمة (6) .
معمر: عِنْدَ عَبْد الرزاق (7) ، وابن أبي شيبة (8) ، ومسلم (9) ، والترمذي (10) ، وأبي عوانة (11) ، وابن حبان (12) ، وأبي نعيم في " المستخرج "(13) .
هشام: عِنْدَ البُخَارِيّ (14) ، والدارمي (15) ، وأبي نعيم في "مستخرجه"(16) ، والبيهقي (17) .
همام: عِنْدَ الدارمي (18) .
(1) هُوَ عَلِيّ بن المبارك الهنائي – بضم الهاء وتخفيف النون – البصري: ثقة، كَانَ لَهُ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر كتابان، أحدهما سَمَاع والآخر إرسال.
تهذيب الكمال 5/295-296 (4713) ، والكاشف 2/45 (3957) ، والتقريب (4787) .
(2)
في صحيحه 2/9 (909) .
(3)
في مسنده (1341) .
(4)
في صحيحه (1755) .
(5)
هُوَ معاوية بن سلاّم – بالتشديد – بن أبي سلاّم – واسم أبي سلاّم ممطور الحبشي ويقال: الألهاني، أبو سلاّم الدمشقي، وَكَانَ يسكن حمص: ثقة، توفي بَعْدَ سنة (170 هـ) .
تهذيب الكمال 7/154-155 (6650) ، والكاشف 2/276 (5525) ، والتهذيب (6761) .
(6)
في صحيحه (1644) .
(7)
في مصنفه (1932) .
(8)
في مصنفه (4093) .
(9)
في صحيحه 2/101 (604) .
(10)
في الجامع الكبير (592) .
(11)
في مسنده (1337) .
(12)
في صحيحه (2223) .
(13)
المستخرج (1341) .
(14)
في صحيحه 1/164 (637) .
(15)
في سننه (1261) .
(16)
المستخرج (1340) .
(17)
في السنن الكبرى 2/20.
(18)
في سننه (1262) .
قَالَ الترمذي: ((سألت محمداً عن هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ: هُوَ حَدِيْث خطأ، أخطأ فِيْهِ جرير بن حازم. ذكروا أن الحجاج الصوّاف كَانَ عِنْدَ ثابت البناني، وجرير بن حازم في المجلس، فحدّث الحجاج، عن يحيى بن أبي كثير، عن عَبْد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني)) ، فوهم فِيْهِ جرير بن حازم فظن أن ثابتاً حدّثه عن أنس بهذا)) (1) .
(1) علل الترمذي: 89 عقيب (146)، وانظر: العلل ومعرفة الرجال 2/243، والمراسيل: 94، وجامع الترمذي عقيب (527) ، والضعفاء الكبير 1/198، وعلل الدَّارَقُطْنِيّ 4/الورقة 21.