الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحيح في اسم كتاب ابن الصلاح
قد بات شيئاً مهمّاً في قواعد علم تحقيق المخطوطات ونشرها، أن يثبت المحقق الاسم الصحيح للكتاب الذي أسماه به مؤلفه، إذ قد تتقاذف الكتاب أيادي الدهر وتتقادم عليه الأيام والسنون، فيبلى بمرورها اسمه ويندثر رسمه، ومن تلك المصنفات التي جرت عليها هذه الجواري كتاب " معرفة أنواع علم الحديث "لابن الصلاح، فقد اشتهر بين الناس أن اسمه " مقدمة ابن الصلاح " أو " علوم الحديث "، والحق أن واحداً من هذين الاسمين لَمْ يسمه به مؤلفه، وقد حقق هذا تحقيقاً علمياً الدكتور موفق بن
عبد الله بن عبد القادر في فصل نفيس ضمَّنه كتابه القيم " توثيق النصوص وضبطها عن المحدِّثين "(1)، رأيت أن أنقله بنصّه إذ لا مزيد عَلَى ما أتى به فقال - أيده الله -:
((ومثاله أيضاً كتاب " معرفة أنواع علوم الحديث " للإمام الحافظ أبي عمرو عثمان ابن عبد الرحمان الشهرزوري المتوفَّى سنة (643 هـ) . فإن هذا الكتاب عُرِف واشتُهِر بين طلَاّب العلم باسم "مقدِّمة ابن الصلاح" فَمِنْ أينَ جاءته هذه التسمية؟
1.
إن المصنِّف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لَمْ يسمِّ كتابه بـ " المقدمة " كما أن أحداً من أهل العلم ممَّن جاء بعد الصلاح لَمْ يسمِّ كتاب [ابن](2) الصلاح بـ " المقدِّمة ".
2.
إن ابن الصلاح قد سمَّى كتابه ونص عَلَى هذه التسمية في فاتحة كتابه فقال: ((
…
فحين كاد الباحث عن مشكلة لا يلقى له كاشفاً، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفاً، مَنَّ الله الكريم تبارك وتعالى، وله الحمد أجمع بكتاب:" معرفة أنواع علم الحديث "، هذا الذي باح بأسراره الخفية
…
)) (3) .
(1) 102 - 108.
(2)
سقطت من الأصل.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 6، 77 - 78 من طبعتنا.
3.
إن نسخة إستانبول المحفوظة في المكتبة السليمانية برقم (351)، والتي كان الفراغ من قراءتها عَلَى المصنِّف سنة (641 هـ) أي: قبل وفاة ابن الصلاح بعام واحد ونيِّف، والتي أثبت ابن الصلاح – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى – خطّه عليها في عدّة مواضع جاء في صورة السماع: ((سَمِعَ جميع هذا الكتاب وهو كتاب " معرفة أنواع علم الحديث " على مصنِّفه
…
)) . وكتب ابن الصلاح – رحمه الله – في آخر طبق السماع:
((صحَّ ذَلِكَ نفعه الله وبلَّغه
…
)) .
4.
وجاء اسم الكتاب في سماع النسخة المحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم: (155) مصطلح الحديث، وهي نسخة قيمة وموثقة: ((سمعت جميع هذا الكتاب المترجم بكتاب " معرفة أنواع علم الحديث "
…
)) .
5.
أطلق كثير من العلماء عَلَى الكتاب اسم " علوم الحديث " عَلَى اعتبار مضمونه ومادته العلمية.
6.
ومن هؤلاء الإمام محيي الدين يحيى بن زكريا النووي المتوفَّى سنة (667 هـ) في كتابه " التقريب "(1) ، وفي " إرشاد طلاب الحقائق " سمّاه "معرفة علوم الْحَدِيْث "(2) .
7.
وقال تلميذ ابن الصلاح شمس الدين أحمد بن مُحَمَّد بن خلكان المتوفَّى سنة (681هـ) في ترجمة ابن الصلاح: ((وصنّف في علوم الحديث كتاباً نافعاً
…
)) (3) .
8.
واختصره الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي المعروف بـ: ابن كَثِيْر المتوفَّى سنة (774 هـ) وسمّى هذا المختصر "اختصار علوم الحديث".
9.
وكذا سمّاه " علوم الحديث " الإمام الحافظ أحمد بن محمد بن عثمان الذهبي المتوفَّى سنة (748 هـ) في كتابه " سير أعلام النبلاء "(4) .
(1) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1/61.
(2)
إرشاد طلاب الحقائق 1/107.
(3)
وفيات الأعيان 3/244.
(4)
23/141.
10.
وكذا قال قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن جماعة المتوفَّى سنة (767هـ) فألَّف كتاب "الجواهر الصحاح في شرح علوم الحديث لابن الصلاح"، وله نسخة خطية في دار الكُتُب المصرية تحت رقم (873 هـ) مصطلح الحديث.
11.
وكذا سمَّاه الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفَّى سنة (806 هـ) في كتابه " التقييد والإيضاح لما أُطلِق وأُغلِقَ من كتاب ابن الصلاح"(1) .
12.
وكذا سمَّاه " علوم الحديث " مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الشهير بالملَاّ كاتب الجلبي والمعروف بحاجي خليفة المتوفَّى سنة (1067 هـ) في كتابه: " كشف الظنون عن أسامي الكُتُب والفنون "(2) .
13.
وكذا سمّاه " علوم الحديث " مُحَمَّد بن سليمان الروداني في " صلة الخلف بموصول السلف "(3) .
14.
وكذا سمّاه "علوم الحديث"السيد مُحَمَّد بن جعفر الكتَّاني في كتابه " الرسالة المستطرفة "(4) .
15.
وكذا عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني المتوفَّى سنة (1382 هـ) في كتابه " فهرس الفهارس والأثبات "(5) .
16.
وجاء اسم الكتاب على لوحة العنوان في النسخة الموصلية المحفوظة بخزانة دار الكتب المصرية تحت رقم (1) مصطلح الحديث " علوم الحديث ".
وجاءت في اللوحة الأخيرة: ((تمت أنواع علوم الحديث بمشيئة الله تعالى عَلَى يدي عليِّ بن يوسف الموصليِّ – عفا الله عنه – في مستهل جُمادَى الآخرة سنة إحدى وستين وست مئة
…
)) ، وهي نسخة قديمة وقَيِّمة ومنقولة من أصل عليه سماعات ((وعرضاً في مجالس آخرها يوم الأحد التاسع من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وست مئة)) . وفي آخرها توقيع ابن الصلاح بخطه وجاء فيه:((هذا صحيح نفعه الله وبلّغه وإياي، وكتب مؤلفه – عفا الله عنه وعنهم –)) .
(1) التقييد والإيضاح: 2.
(2)
كشف الظنون 2 / 1161.
(3)
صلة الخلف: 306.
(4)
الرسالة المستطرفة: 214.
(5)
فهرس الفهارس والأثبات 2/722، 816.
17.
إن " المقدمة " في " علوم الحديث " هو اسم لـ" المقدمة " التي كتبها الإمام الحافظ مجد الدين أبو السعادات المبارك بن مُحَمَّد المعروف بـ: ابن الأثير الجزري المتوفَّى سنة (606 هـ) في " مقدمة " كتابه الجليل " جامع الأصول في أحاديث الرسول " 1/35–178.
فإنه قال في فاتحة كتابه " جامع الأصول " الباب الأول: في الباعث عَلَى عمل الكتاب، وفيه مقدمة (1) وأربعة فصول " المقدمة "(2) .
وقال في آخر " المقدمة " وهي مقَدمة في " علوم الحديث ": ((هذا آخر القول في الباب الثالث من هذه المقدمة))
18.
لذا لا يمكن التسليم من الناحية العلمية أن كتاب " معرفة أنواع علم الحديث " للإمام الحافظ ابن الصلاح أنّه ((شهير، أو معروف بالمقدمة)) .
19.
ويبقى السؤال قائماً: مَن الذي سمّى كتاب ابن الصلاح "معرفة أنواع علم الحديث" بـ " المقدمة "؟
والجواب عَلَى ذَلِكَ:
أ. إنّ أول من طبع الكتاب عَلَى الحجر هم الهنود سنة (1304هـ) بعناية الشَّيْخ عبد الحي اللكنوي باسم " مقدمة ابن الصلاح ".
ب. ثُمَّ طبع للمرة الثانية في مطبعة السعادة بالقاهرة سنة (1326هـ) بتصحيح الشَّيْخ محمود السكري الحلبي، بعنوان:" كتاب علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح" كما كتب اسم الكتاب بأعلى كل صفحة منها "مقدمة ابن الصلاح".
(1) جامع الأصول 1 / 35.
(2)
المصدر السابق 1 / 178.
ج. ثُمَّ نشر الكتاب في المطبعة العلمية بحلب سنة (1350 هـ) بعناية السيد مُحَمَّد راغب الطباخ ومذيلاً بذيلين أحدهما كتاب " التقييد والإيضاح لما أُطلِق وأُغلِق من كتاب ابن الصلاح " للحافظ العراقي، والثاني " المصباح عَلَى مقدمة ابن الصلاح " للشيخ مُحَمَّد راغب الطبَّاخ، غير أن الشيخ مُحَمَّد راغب الطبَّاخ سمَّى كتاب " التقييد " بـ:" التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصَّلَاح "، وأطلق عَلَى كتاب " مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث" لابن الصَّلَاح اسم " المقدمة "(1) .
د. ثُمَّ جاءت المحقِّقة الفاضلة الدكتورة عائشة عبد الرحمان (بنت الشاطئ) فطبعت كتاب ابن الصلاح مذيلاً بكتاب " محاسن الاصطلاح " للحافظ سراج الدين البلقيني سنة (1393 هـم) تحت عنوان " مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح " في حين أن اسم الكتاب عَلَى لوحة المخطوط هو " محاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح ".
وهكذا اشتُهِر الكتاب باسم "المقدمة" تبعاً لطبعتي الهند (1304،1357هـ) ، وطبعة القاهرة (1326 هـ) ، والطبعة الحلبية الأولى (1350 هـ) ، والحلبية الثانية (1386 هـ) .
هـ. أمَّا ما جاء عن أرجوزة قاضي القضاة شهاب الدين أبي عبد الله مُحَمَّد بن أحمد بن أحمد بن خليل الخويِّي المتوفَّى سنة (693هـ) ، والمسمَّاة بـ" أقصى الأمل والسول في أحاديث الرَّسُوْل "، والموجود منها نسخة في دار الكُتُب المصرية تحت رقم (256) مصطلح حديث من القول:((هي أرجوزة نظم فيها مقدمة ابن الصلاح)) (2) ، فهذا القول قاله مؤلفو كتاب " فهرست المخطوطات " لدار الكُتُب المصرية.
(1) انظر: 2، 4، 6، 14، 16، 419.
(2)
فهرست دار الكتب المصرية: 160.
و. وكذا ما جاء في تسمية كتاب قاضي القضاة مُحَمَّد بن إبراهيم ابن جماعة المتوفَّى سنة (733هـ)"مختصر تلخيص مقدمة ابن الصلاح في معرفة أنواع علوم الحديث" الموجودة في دار الكتب المصرية تحت رقم (352) مصطلح حديث فإن هذه التسمية هي تسمية النسَّاخ وصانعو فهرست دار الكتب المصرية (1) . وأن اسم الكتاب هو "المنهل الروي في الحديث النبوي" كما جاء في النسخة المحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم (217 طلعت)(2) وتحت هذا الاسم نشر الكتاب.
لذا فإن الصواب في اسم كتاب ابن الصلاح هو " معرفة أنواع علم الحديث " وأن تسميته بـ: " المقدمة " هُوَ اجتهاد من ناشري الكِتَاب في الطبعة الهندية الأولى
والثانية، وكذا الطبعة المصرية
…
ثُمَّ سار الناس عَلَى هذه التسمية، وهي تسمية حديثة لَمْ يقلها أحد من أهل العلم)) (3) .
الدكتور ماهر ياسين الفحل
(1) فهرست المخطوطات، دار الكتب المصرية، المجلد الأول، مصطلح الحديث:288.
(2)
فهرست المخطوطات 1 / 310 (مصطلح الحديث) .
(3)
لذا سمينا نشرتنا هذه بـ: " معرفة أنواع علم الحديث " وممن وجدناه من القدماء سمى الكتاب باسمه الصحيح القرطبي في تفسيره 4/3109 طبعة دار الشعب.
المقبول.
المقبول لغةً: ضد المردود، وهو المأخوذ المرضي (1) .
وهو بنفس المعنى في اصطلاح المحدثين، قال الحافظ ابن حجر:((المقبول: وهو ما يجب العمل به عند الجمهور)) (2) .
هذا فيما يخص الحديث: نعني متنه، أما لفظة:((المقبول)) من حيث إطلاقها كحكم على أحد رجال السند، فتختلف تبعاً لاختلاف مناهج الأئمة النقاد في جرح الرواة وتعديلهم، واختلاف اصطلاحاتهم بخصوص هذا.
إلا أن الذي يهمنا من هذا معناها عند الحافظ ابن حجر، وهو أمر ميسور لنا إذ أن الحافظ بيّن مراده فقال:((السادسة: مَن ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث)) (3)
من هذا يتضح أن الحافظ ابن حجر يضع ثلاثة شروط للمقبول عنده وهي:
1 -
قلة الحديث.
2 -
عدم ثبوت ما يترك حديث الراوي من أجله.
3 -
المتابعة.
فالأصل في المقبول عند الحافظ أنه ضعيف، إذ ((لين الحديث)) من ألفاظ التجريح (4) ، فإذا توبع الراوي رفعته المتابعة إلى مرتبة القبول، فالمتابعة شرط لارتقاء الراوي من الضعف إلى القبول عند الحافظ ابن حجر، و ((المقبولية)) أول درجات سلّم القبول بمعناه الأعم.
ولكن ينبغي لنا أن لا نَغْفل عن أن الحافظ ابن حجر يضع أصلاً آخر للمقبول عنده، وهو كونه ((قليل الحديث)) ، وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا قلة الحديث؟
(1) لسان العرب (11 / 540) مادة (قبل) .
(2)
نزهة النظر (ص 71) مع نكت علي الحلبي.
(3)
تقريب التهذيب (1 / 24 طبعة مصطفى) .
(4)
أنظر: شرح التبصرة والتذكرة (2 / 12) . فقد جعلها من المرتبة الخامسة.
نقول: إن الراوي إذا كان قليل الحديث كان من السهل عليه ضبط حديثه وإتقان حفظه، إلا أنه لم يكن ذا شهرة تجعله محط رحال المحدثين، فيشتهر بينهم وتنطلق ألسنتهم بمدحه والثناء عليه، أو ذمه والحط منه، لذا بقي هذا الراوي دائراً في فلك خاص به، فليس هو بالحافظ المشهور فيرتقي إلى مصافهم وليس بالضعيف المعروف فينزل إلى سننهم، ولما كان هو خالياً عن كل حكم من النقاد، وكان حديثه قليلاً ليس فيه ما يدل على خطئه، وتوبع على أحاديثه القليلة، خرج عن حيز الضعف، وصار إلى مرتبة القبول، فإذا اختل شرط من هذه الشروط عدنا إلى الأصل فيه وهو الضعف. ولذا كان من منهجه – رحمه الله – أن الراوي إذا كان بهذه الصورة، إلا أنه قد وجد جرح لأحد النقاد فيه قُدِّمَ الجرح؛ لأنه صار بمثابة مرجح لأحد الطرفين (1) .
والشيء الملاحظ على هؤلاء الرواة المقبولين عند الحافظ ابن حجر، أن كثيراً منهم وصف بالجهالة، وهذه فائدة عزيزة يجب التنبه لها، إذ الغالب على هؤلاء – كما سبق – عدم الشهرة، لذا فإن كل راوٍ منهم لم يكن له نصيب وافر من التلامذة الذين حدثوا عنه، وكثير منهم لم يكن له إلا راوٍ واحد، فوصف أحد من الأئمة لأحد هؤلاء الرواة بـ (الجهالة) لا يقدح في اشتراطنا: عدم ثبوت ما يترك حديثه لأجله.
(1) أنظر: لسان الميزان (1 / 15، 16) ، ونزهة النظر (ص 193) .
وهذا المنحى من الحافظ قائم على أساس تصحيحه لاختيار أبي الحسن القطان في أن من زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قُبلَ وإلا فلا (1) . خلافاً للقاعدة المشهورة عند جمهور المحدثين في اشتراط راويين لرفع الجهالة (2) فإذا انتفى التعديل عدنا بالراوي إلى الأصل فيه وهو جهالته، وقد نص الحافظ على هذا، فقال في مقدمة التقريب:((التاسعة: مَن لم يروِ عنه غير واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مجهول)) (3) ، فتعديل واحد من النقاد لهؤلاء " الوحدان " – كما هو معروف في اصطلاح أهل الحديث – قائم عند الحافظ مقام الراوي الثاني، المشترط عند الجمهور في رفع الجهالة.
فإذا علمنا هذا وجب علينا أن نجعل اصطلاح الحافظ نصب أعيننا إذا ما رمنا تعقبه، وكذلك الحال مع كل إمام له اصطلاح على أمر خاص به، ولا يصح بحال من الأحوال محاكمته إلى غيرها، وإن كانت قواعد مشهورة قال بها الجمهور، وإلا كان هذا من باب المشاحة في الاصطلاح، وهي مسألة غير مقبولة عند الجميع.
وهذا الفهم الصحيح السديد – إن شاء الله – كان حظه الغياب من ذهن المحررين، لذا نجدهما تخبطا إزاء الموقف ممن يقول فيه الحافظ:((مقبول)) فتارة يوثقانه، وأخرى يجهلانه، وثالثة يصفاه بالصدوق الحسن الحديث ورابعة يضعفانه، فكان هذا الموقف المتصلب من الحافظ وأحكامه من أدل الأدلة على أن المحررين لم يكونا ذوي منهج واحد، متصف بالأصالة والإنصاف، فكانت النتيجة أن جاء تحريرهما مشحوناً بألوان التناقض، ويتضح لك هذا جلياً من خلال الإحصائية الآتية:
(1) أنظر: بيان الوهم والإيهام (4 / 139 و 285) ، تدريب الراوي (1 / 317) وشرح ألفية العراقي في الحديث للسيوطي (ص 245) .
(2)
أنظر: الكفاية (ص 150) .
(3)
تقريب التهذيب (1 / 25) .
1 – من قال فيه الحافظ ابن حجر: ((مقبول)) . وقالا: ((حسن الحديث)) أو: ((صدوق حسن الحديث)) ، ومجموع هذا (260) ترجمة، وإليك أرقامها في تحريرهما:
11، 19، 525، 713، 753، 764، 809، 851، 857، 931 933، 995، 996، 1094، 1107، 1205، 1327، 1368 1448، 1664، 1694، 1797، 1786، 1874، 1832، 1905 1949، 2005، 2023، 2053، 2173، 2193، 2211، 2310 2375، 2385، 2596، 2693، 2731، 2751، 2880، 2882 2886، 2912، 2956، 3016، 3167، 3174، 3244، 3261 3273، 3321، 3362، 3368، 3386، 3423، 3451، 3595 3599، 3610، 3685، 3689، 3719، 3732، 3752، 3785 3802، 3818، 3845، 3864، 3916، 3920، 3970، 3988 4019، 4026، 4037، 4038، 4071، 4072، 4089، 4097 4112، 4135، 4153، 4155، 4173، 4177، 4202، 4207 4220، 4226، 4243، 4265، 4284، 4302، 4304، 4337 4338، 4383، 4441، 4460، 4474، 4475، 4487، 4499 4505، 4514، 4524، 4533، 4538، 4556، 4567، 4572 4749، 4780، 4788، 4824، 4852، 4868، 4879، 4921 4930، 4931، 4938، 4970، 5005، 5029، 5047، 5058 5166، 5216، 5225، 5245، 5289، 5293، 5304، 5313 5330، 5339، 5349، 5356، 5359، 5436، 5442، 5519 5525، 5527، 5560، 5562، 5571، 5587، 5599، 5608 5619، 5622، 5626، 5825، 5832، 5858، 5915، 5920 5928، 5929، 5960، 5991، 5994، 6012، 6024، 6047 6063، 6073، 6119، 6205، 6212، 6278، 6350، 6500 6581، 6582، 6640، 6649، 6650، 6653، 6659، 6660 6670، 6679، 6739، 6746، 6757، 6778، 6803، 6817 6822، 6836، 6888، 6922، 6924، 6926، 6950، 6965 6983، 6991، 7015، 7025، 7039، 7043، 7060، 7090 7167، 7168، 7281، 7284، 7339، 7377،
7448، 7506 7547، 7553، 7597، 7621، 7673، 7693، 7732، 7739 7742، 7746، 7765، 7771، 7787، 7832، 7857، 7944 7947، 7956، 7983، 8070، 8073، 8092، 8106، 8132 8137، 8168، 8180، 8229، 8230، 8232، 8233، 8252 8287، 8295، 8349، 8366، 8379، 8452، 8551، 8578 8680، 8729.
2 – من قال فيه الحافظ ابن حجر: ((مقبول)) . وقالا عنه: ((مجهول)) أو ((مجهول الحال)) ، ومجموع ذلك (657) ترجمة، وإليك أرقامها:
22، 40، 462، 555، 647، 651، 656، 672، 719، 787 806، 815، 843، 848، 855، 860، 863، 892، 901 914، 949، 972، 983، 986، 997، 1013، 1023، 1066 1074، 1096، 1108، 1143، 1148، 1155، 1157، 1170 1171، 1283، 1294، 1297، 1298، 1307، 1328، 1362 1386، 1387، 1402، 1409، 1413، 1466، 1482، 1522 1535، 1539، 1540، 1569، 1573، 1574، 1595، 1598 1621، 1665، 1758، 1771، 1782، 1792، 1819، 1829 1833، 1838، 1860، 1910، 1922، 1929، 1931، 1951 1998، 2000، 2006، 2012، 2021، 2058، 2065، 2079 2089، 2091، 2094، 2108، 2109، 2119، 2135، 2137 2141، 2142، 2164، 2167، 2168، 2182، 2187، 2188 2203، 2244، 2256، 2257، 2268، 2271، 2301، 2324 2341، 2357، 2364، 2371، 2383، 2392، 2407، 2428 2440، 2452، 2454، 2481، 2483، 2525، 2537، 2548 2567، 2569، 2579، 2585، 2586، 2607، 2673، 2679 2707، 2708، 2717، 2760، 2784، 2786، 2800، 2804 2812، 2823، 2827، 2835، 2840، 2856، 2858، 2868 2875، 2876، 2878، 2883، 2895، 2899، 2900، 2903 2906، 2924، 2926، 2957، 2958، 2964، 2979، 2981 3006، 3031، 3049، 3107، 3119، 3124، 3166، 3240 3243، 3249، 3254، 3267، 3294، 3314، 3316، 3334 3340، 3349، 3351، 3355، 3367، 3372، 3398، 3426 3428، 3432، 3433، 3453، 3460، 3463، 3480، 3483 3494، 3496، 3503، 3507، 3509، 3514، 3517، 3559 3561، 3566، 3584، 3597، 3612، 3618، 3642، 3644 3647، 3655، 3663، 3681، 3716، 3725، 3769، 3772 3777، 3787، 3805، 3817، 3837، 3841، 3863، 3870 3871، 3872، 3884، 3889، 3894، 3899، 3904، 3908 3912، 3951، 3955، 3957، 3975
، 3976، 3979، 3998 4003، 4004، 4052، 4076، 4084، 4093، 4123، 4128 4157، 4188، 4203، 4212، 4222، 4232، 4250، 4311 4333، 4340، 4342، 4352، 4363، 4381، 4391، 4396 4405، 4406، 4413، 4420، 4447، 4453، 4454، 4456 4465، 4470، 4486، 4512، 4557، 4570، 4581، 4596 4607، 4609، 4610، 4611، 4619، 4632، 4637، 4658 4659، 4676، 4683، 4712، 4746، 4767، 4772، 4774 4778، 4782، 4789، 4822، 4825، 4827، 4831، 4854 4869، 4899، 4901، 4916، 4932، 4957، 4985، 4987 4998، 5000، 5006، 5018، 5023، 5027، 5037، 5038 5056، 5061، 5068، 5069، 5076، 5080، 5116، 5124 5149، 5151، 5173، 5176، 5193، 5257، 5261، 5264 5279، 5316، 5324، 5352، 5353، 5363، 5386، 5414 5464، 5467، 5478، 5480، 5493، 5500، 5516، 5563 5592، 5595، 5612، 5623، 5634، 5654، 5659، 5662 5672، 5699، 5702، 5746، 5838، 5839، 5857، 5879 5891، 5941، 5946، 5955، 5959، 6000، 6004، 6008 6015، 6026، 6037، 6041، 6042، 6059، 6061، 6096 6099، 6102، 6111، 6147، 6148، 6155، 6166، 6191 6240، 6273، 6280، 6283، 6292، 6317، 6406، 6428 6431، 6438، 6447، 6449، 6450، 6452، 6462، 6514 6515، 6518، 6522، 6532، 6536، 6546، 6556، 6560 6568، 6569، 6578، 6585، 6592، 6593، 6618، 6630 6631، 6636، 6639، 6645، 6651، 6654، 6668، 6677 6680، 6697، 6711، 6717، 6731، 6754، 6780، 6786 6792، 6810، 6831، 6841، 6847، 6865، 6866، 6881 6891، 6892، 6902، 6906، 6913، 6914، 6919، 6928 6961، 6974، 6981، 6990، 7008، 7012، 7041، 7052 7058، 7085، 7091، 7096، 7101، 7102، 7106، 7117 7134، 7138
، 7142، 7156، 7169، 7171، 7188، 7191 7214، 7229، 7267، 7272، 7310، 7313، 7326، 7331 7335، 7342، 7351، 7353، 7354، 7363، 7409، 7410 7415، 7441، 7458، 7459، 7460، 7476، 7533، 7567 7595، 7596، 7609، 7611، 7613، 7615، 7666، 7691 7692، 7705، 7750، 7757، 7768، 7800، 7814، 7827 7838، 7846، 7848، 7850، 7863، 7879، 7884، 7910 7927، 7929، 7930، 7932، 7933، 7935، 7936، 7938 7942، 7954، 7969، 7977، 7982، 8012، 8014، 8017 8018، 8028، 8039، 8043، 8045، 8050، 8058، 8060 8071، 8084، 8089، 8100، 8101، 8121، 8123، 8124 8125، 8135، 8139، 8148، 8153، 8159، 8170، 8171 8173، 8177، 8181، 8189، 8200، 8202، 8210، 8216 8240، 8243، 8247، 8255، 8264، 8268، 8279، 8306 8309، 8313، 8320، 8325 م، 8363، 8365، 8368 8369، 8392، 8400، 8401، 8405، 8409، 8420، 8427 8430، 8432 8438، 8446، 8478، 8483، 8484، 8486 8493، 8530، 8533 8549، 8559، 8560، 8566، 8569 8570، 8579، 8580 8582، 8583، 8587، 8589، 8596 8603، 8610، 8626 8649، 8656، 8664، 8677، 8679 8681، 8682، 8685 8692، 8697، 8698، 8700، 8706 8714، 8733، 8736 8745، 8746، 8749، 8750، 8759 8766، 8767، 8769 8774، 8776.
3 – من قال فيه الحافظ: ((مقبول)) . وقالا عنه: ((ضعيف)) أو: ((ضعيف يعتبر به)) ، ومجموع ذلك (20) ترجمة، وإليك أرقامها:
857، 880، 922، 929، 741، 1802، 1370، 1571، 1640 1643، 1671، 1881، 1997، 2180، 2803، 3187، 3748 4530، 4574، 5964.
4 – من قال فيه الحافظ ابن حجر: ((مقبول)) . وقالا عنه: ((مستور)) وذلك ترجمتان: 1301، 1309.
5 – من قال فيه الحافظ: ((مقبول)) . وقالا عنه: ((ثقة)) أو: ((ثقة له مناكير)) أو: ((ثقة له أفراد)) ، ومجموع ذلك (27) ترجمة، وإليك أرقامها:
256، 360، 413، 774، 1419، 1626، 1722، 1009 2351، 2773، 3050، 3154، 5091، 5329، 5485، 6323 6396، 6678، 6759، 6814، 6880، 6911، 6929، 6946 7015، 7036، 7056.
وخلاصة هذا المبحث:
إن مجموع هذه التراجم البالغ تعدادها (1139) ترجمة، لا يرد منها شيء على الحافظ ابن حجر البتة؛ وذلك لأن المحررين بنيا أساس استدراكهما عليه بمحاكمته إلى غير اصطلاحه، وهي عملية في غاية الضعف، والثاني أن الحافظ قد بين منهجه في الكتاب، فمن استشكل شيئاً منه فإنما هو لقصورٍ في فهمه، لا لتقصير الحافظ، فالتعقب عليه بهذا النحو: تسويد أوراق لا طائل تحته، ولم نشأ تعقب المحررين في كل ترجمة مما ذكر خشية الإطالة، وتضخم الكتاب، وهذه ومثيلاتها جعلت المحررين يفرحان بازدياد العدد وتكاثره من أجل الحط من صنيع الحافظ ابن حجر، ولكن يأبى الله إلا أن يحق الحق. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الدكتور ماهر ياسين الفحل