الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اضطراب في المتن
مَا روي عن عَمَّار بن ياسر من أحاديث في صِفَة التيمم فَقَدْ ذكر بَعْض العُلَمَاء
أنَّ هَذَا من المضطرب، وسأشرح ذَلِكَ بتفصيل:
فَقَدْ روى الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَني عبيد الله بن عَبْد الله، عن ابن عَبَّاس، عن عَمَّار بن ياسر؛ أن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم عَرَّسَ (1) بأولات الجيش ومعه عَائِشَة فانقطع عِقدٌ لَهَا من جَزْعِ ظِفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذَلِكَ، حَتَّى أضاء الفجر، وَلَيْسَ مَعَ الناس ماء فتغيظ عَلَيْهَا أبو بَكْر، وَقَالَ: حبستِ الناس، وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ، فأنزل الله تَعَالَى عَلَى رسولهِ صلى الله عليه وسلم رخصة التَّطَهُّرِ بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إِلَى الأرض، ثُمَّ رفعوا أيديهم، وَلَمْ يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بِهَا وجوههم، وأيديهم إِلَى المناكب، ومن بطون أيديهم إِلَى الآباط (2)
(1) التعريس: هُوَ النزول ليلاً من أجل الراحة. انظر اللسان 6/136 مادة عرس.
(2)
أخرجه أَحْمَد 4/263، وأبو دَاوُد (320) ، وَالنَّسَائِيّ 1/167 وَفِي الكبرى، لَهُ (300) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/110و111، والبَيْهَقِيّ 1/208، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/284 من طرق عن صالح.
وأخرجه أَبُو يعلى (1609) من طريق عَبْد الرحمان بن إسحاق.
وأخرجه أبو يعلى أَيْضاً (1630) من طريق مُحَمَّد بن إسحاق.
جميعهم (صالح، وعَبْد الرحمان بن إسحاق، ومحمد بن إسحاق) رووه عن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدَّثَني
عبيد الله ابن عَبْد الله بن عتبة، عن ابن عَبَّاس، عن عَمَّار. =
=وإسناده فِيهِ مقال؛ ذَلِكَ أن أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين غلطاها، وذكرا أن الصَّوَاب هِيَ رِوَايَة مَالِك وسفيان بن عيينة اللذين روياه عن الزُّهْرِيّ، عن عبيد الله، عن أبيه عن عَمَّار. (نصب الراية 1/155-156)، لَكِنْ النَّسَائِيّ ساق الرِّوَايَتَيْنِ في الكبرى (300) و (301) وَقَالَ:((كلاهما محفوظ)) .
وحديث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن أبيه عن عَمَّار:
أخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (86) بتحقيقنا وط العلمية (ص160) ، والحميدي (143) ، وابن ماجه (566) والطحاوي في شرح المعاني 1/111، من طرق عن سُفْيَان بن عيينة.
وأخرجه النَّسَائِيّ 1/168 وَفِي الكبرى، لَهُ (301) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/110، وابن حبان (1310) ، والبيهقي 1/208. من طريق مَالِك.
وأخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (87) بتحقيقنا وط العلمية (ص 160) أَخْبَرَنَا الثِّقَة عن معمر.
ثلاثتهم (سفيان، ومالك، ومعمر) رووه عن الزُّهْرِيّ، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة، عن أبيه، عن عَمَّار، بِهِ. وَهِيَ الرِّوَايَة المحفوظة كَمَا قَالَ الرازيان.
وله طريق آخر من حَدِيث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة، عن عَمَّار، بِهِ.
أخرجه الطَيَالِسِيّ (637) ، وأبو يعلى (1633) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/111،والبيهقي 1/208، من طريق ابن أبي ذئب.
وأخرجه عَبْد الرزاق (827) -ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (535) -،وأحمد 4/320، وأبويعلى (1632) ، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/285، من طريق معمر.
وأخرجه أحمد 4/321، وأبو دَاوُد (318) و (319) ، وابن ماجه (571) ، من طريق يونس بن يزيد.
وأخرجه ابن ماجه (565) ، من طريق الليث بن سعد.
جميعهم (ابن أبي ذئب، ومعمر، ويونس، والليث) رووه عن الزُّهْرِيّ عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن عَمَّار، بِهِ. وَهِيَ رِوَايَة محفوظة لَكِنْ عبيد الله لَمْ يَسْمَع من عَمَّار. تهذيب الكمال 5/42.
وَقَدْ ورد حَدِيث آخر لعمار في التيمم بلفظ: ((أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين)) ، وَفِي رِوَايَة:((إنما يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا: ثُمَّ ضرب الأرض ضربة وَاحِدَة، ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين، وظاهر كفيه ووجهه)) ، وَفِي رِوَايَة:((ضرب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فِيْهما، ثُمَّ مسح بهما وجهه وكفيه)) ، وَفِي رِوَايَة:((ثُمَّ ضرب بيديه الأرض ضربة وَاحِدَة)) ، وَفِي رِوَايَة:((وأمرني بالوجه والكفين ضربة وَاحِدَة)) ، وَفِي رِوَايَة:((يكفيك الوجه والكفان)) (1) .
فهذا الحَدِيْث يختلف عن الحَدِيْث الأول مِمَّا دعى بَعْض العُلَمَاء إلى الحكم عليه بالاضطراب، قَالَ الإِمَام التِّرْمِذِي:((ضعف بَعْض أهل العِلْم حَدِيث عَمَّار عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في التيمم للوجه والكفين لما روي عَنْهُ حَدِيث المناكب والآباط)) (2) .
(1) أخرجه الطَيَالِسِيّ (638) ، وعَبْد الرزاق (915) ، وابن أبي شَيْبَة (1677) و (1678) و (1686) ، وأحمد 4/263 و 319 و 320، والدارمي (751) ، والبُخَارِيّ 1/92 (338) و 1/93 (339) ، وَمُسْلِم 1/192 (368)(110) ، وأبو دَاوُد (322) و (323) و (324) و (325) و (326) و (327) ، وابن ماجه (569) ، والنَّسَائِيّ 1/165 و 168 و169و 170 وَفِي الكبرى، لَهُ (302)(303) و (304) و (305) ، وابن الجارود (125) ، وابن خزيمة (266) و (267) و (268) ، وأبو عوانة 1/305 و 306، والطحاوي في شرح المعاني 1/112 و 113، وابن حبان (1264)(1300)(1303)(1305)(1306) وط الرسالة (1267) و (1303) و (1306) و (1308) و (1309) ، والدَّارَقُطْنِيّ 1/183، وأبو نُعَيْم في المستخرج (811) ، والبَيْهَقِيّ 1/209 و 210، والبَغَوِيّ (308) من طرق عن عَمَّار.
(2)
جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (144) .
وَقَالَ ابن عَبْد البر: ((كُلّ مَا يروى في هَذَا الباب فمضطرب مختلف فِيهِ)) (1) . إلا أن بَعْض العُلَمَاء حاولوا أن يوفقوا بَيْنَ الحَدِيْث الأول والثَّانِي باعتبار التقدم والتأخر، وباعتبار أن الأول من فعلهم دُوْنَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ الأثرم:((إِنَّمَا حكى فِيهِ فعلهم دُوْنَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كَمَا حكى في الآخر أَنَّهُ أجنب؛ فعلّمه عليه الصلاة والسلام)(2) .
وَقَالَ ابن حبان: ((كَانَ هَذَا حَيث نزل آية التيمم قَبْلَ تعليم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عماراً كَيْفِيَّة التيمم ثُمَّ علمه ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين لما سأل عمارٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن التيمم)) (3) .
وذهب الحنفية إلى ترجيح روايته إلى المرفقين لحديثين أحدهما حَدِيث أبي أمامة الباهلي وحَدِيث الأسلع (4) .
وَقَالَ البَغَوِيّ: ((وما روي عن عَمَّار أَنَّهُ قَالَ: تيممنا إلى المناكب، فَهُوَ حكاية فعله، لَمْ ينقله عن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم كَمَا حكى عن نَفْسه التمعك في حالة الجنابة، فلما سأل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأمره بالوجه والكفين انتهى إليه، وأعرض عن فعله)) (5) .
قُلْتُ: وما ذكر من توجيه عَلَى هَذَا النحو يشكل عَلَيْهِ أَنَّهُ ورد في الحَدِيْث
الأول: ((فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله فضربوا بأيديهم
…
)) .
(1) التمهيد 19/287.
(2)
نصب الراية 1/156
(3)
الإحسان عقب حَدِيث (1307) وط الرسالة (1310) .
(4)
المبسوط 1/107.
(5)
شرح السُّنَّة 2/114 عقب (309) .