الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 - سُؤْرُ الْهِرَّةِ
68 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَكَرَتْ كَلِمَةً مَعْنَاهَا فَسَكَبْتُ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ - قَالَتْ كَبْشَةُ - فَرَآنِى أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِى فَقُلْتُ نَعَمْ. قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِىَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» .
ــ
68 -
إسناده حسن ، يأتي برقم (340).
* إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة هو ابن زيد بن سهل الأنصاري المدنيُّ.
أخرج له الجماعةُ ، وهو ثقةٌ نبيل.
وثقة ابن معين وزاد: "حجةٌ" وأبو زرعة ، والمصنف ، وابن حبان ، وغيرهم.
وكان مالكٌ يثني عليه، ولا يُقدم عليه أحدًا
…
* حميدة بنت عبيد بن رفاعة الأنصارية الزرقية ، أم يحيى المدنية. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أخرج حديثها أصحابُ السنن، وروت عن خالتها كبشة بنت مالك، وروى عنها زوجها إسحق، وولدهُ يحيى، وروايته في "سنن أبي داود"(5036).
وأجمع الرواة عن مالك في نسبها: "
…
بن رفاعة"، إلا زيد بن الحباب، ويحيى بن يحيى.
فأما زيد بن الحباب، فقال: "
…
ابن رافع".
كذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة (1)، عن زيد. وكذا كل من رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأخطأ فيه زيد بن الحباب.
وتابعه الواقدى عند ابن سعد وهو متروك.
وأما يحيى بن يحيى فرواه عن مالكٍ، فقال:"حميدة بنت أبي عبيدة بن فروة".
قال ابنُ عبد البر في "التمهيد"(1/ 318):
"وهكذا قال يحيى، ولم يتابعه أحد على قوله ذلك، وهو غلطٌ منه، وإنما يقولُ الرواة للموطأ كلهم: "ابنة عبيد بن رفاعة". =
(1) تصرّف محقق كتاب "ابن أبي شيبة" في النص فأفسده. ففي (14/ 233) قال في الحاشية: "في الأصل: رافع" يشير إلي أنه خطأ، ولذلك صحيح ما في الأصل فجعله "رفاعة" ولم يفطن إلي أن زيد بن الحباب أخطأ فيه كما قال ابن عبد البر، وكذا في "سنن ابن ماجة" وقع في نسبها "رفاعة" مع أنه من طريق ابن أبي شيبة فأظنه خطأ من ناسخٍ أو طابعٍ والله تعالى أعلم. وقد رواه الحسن بن علي بن عفان زيد بن الحباب عن مالك مثل رواية الجماعة. أخرجه الحاكم ، فإن صح ذلك فلعل الخطأ ممن دون زيد الحباب. والله أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وذكرها ابن حبان في "الثقات".
* كبشة بنت كعب بن مالك الأنصارية.
أخرج حديثها أصحاب السنن.
وهي زوجة عبد الله بن أبي قتادة.
كذلك قال سائر الرواة عن مالك في هذا الحديث: "وكانت تحت ابن أبي قتادة" إلا ابن المبارك، فرواه عن مالك به.
فقال: "كبشة امرأة أبي قتادة".
قال ابن عبد البر:
"هو وهمٌ منه"(1). =
(1) وتابعه عبد الرزاق: في "مصنفه"(ج 1 /رقم 353) عن مالك فقال: "وكانت عند أبي قتادة"، وتصرف محقق الكتاب في النص فأفسده.
فقال: "في الأصل: عن أبي قتادة
…
فلذا زدت كلمة "ابن".
وقد ذكر السيوطي في "تنوير الحوالك"(1/ 46) أن رواية عبد الرازق فيها: "كانت تحت أبي قتادة".
وذكرها ابن الأثير في "أسد الغابة"(7/ 249) وقال: "كبشة بنت كعب امرأة أبي قتادة، وعزاه لأبي موسى الأصبهاني، وبدأ نقل السند من عند إسحق بن عبد الله، فلا أدرى من الذي رواه عن مالك.
وقال الترمذي: قد روى بعضهم عن مالك وكانت عند أبي قتادة والصحيح ابن أبي قتادة.
ولا شك أنّ الصواب: "كانت تحت ابن أبي قتادة" كما جزم بذلك الدارقطني في "المؤتلف والمختلف"(4/ 1971).
ثم اختلف في ابن أبي قتادة من هو؟. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وراوه أبو عبيد في "كتاب الطهور"(ق 26/ 2) ثنا ابن أبي مريم، وإسحق بن عيسى عن مالك بسنده وفيه:"وكانت تحت أبي قتادة، أو ابن أبي قتادة" هكذا على الشك (1)، ولا أدرى ممن؟.
فقد رواه إسحق بن عيسى عن مالك فقال: "وكانت تحت ابن أبي قتادة" كما عند أحمد والدارقطنيّ.
وابنُ أبي مريم هو سعيد بن الحكم ثقةٌ حجةٌ، فالله أعلمُ ومما يؤيد قول الجماعة رواية ابن سعد وفيها:"قالت كبشة: زارتا أبو قتادة".
ويؤيد رواية الجماعة أيضًا قوله أبي قتادة لها: "أتعجبين يا ابنة أخي" ولا يحسن تسمية الزوجة باسم المحارم كما قال السيوطي في "تنوير الحوالك"(1/ 46).
قال ابن حبان: =
= فقال ابنُ سعد في "الطبقات"(8/ 92): "تزوجها ثابت ابن أبي قتادة ونقله الحافظ في "الإصابة" (8/ 92) وأقره عليه، وذكره المزى وتبعه الحافظ في "التهذيب" أنها كانت تحت عبد الله ابن أبي قتادة وكذا في رواية همام بن يحيى عن إسحق بن عبد الله ابن أبي طلحة كما في رواية البيهقي (1/ 245).
(1)
قال السيوطي في "تنوير الحوالك": ووقع في "الأم" للشافعي. وكانت تحت ابن أبي قتادة أو أبي قتادة ، الشك من الربيع. كذا وقع في الأصل، قال الرافعي: وفي نسبة الشك إلي الربيع شبهة لأن أبا نعيم عد الملك بن محمد بن عدي روي عن الحسن ابن محمد الزعفراني عن الشافعي عن مالك الحديث وقال كذلك وهذا يوهم أن الشك من غير الربيع. وفي رواية عبد الرزاق عن مالك وكانت عن أبي قتادة وهذا يصدق على التقديرين ، وقال: والواقع ما رواه الأكثرون الأول وكذلك رواه الربيع عن الشافعي من غير شك في موضع آخر" اهـ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "وكبشة لها صُحبة".
وتبعه الزبير بن بكار، وأبو موسى الأصبهاني وأقرهم الحافظ في "التهذيب"، وفي "الإصابة"(8/ 92).
* * *
والحديث أخرجه أبو داود (75)، والترمذي (92)، وابنُ ماجة (367) والدارمي (1/ 153) ، وأحمد (5/ 303، 309)، والشافعى في "المسند"(ص- 9)، وفي "الأم"(1/ 8) وأبو عبيد في "كتاب الطهور"(ق 26/ 2)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(ج 1/ رقم 353)، وابن أبي شيبة (1/ 31 و 14/ 232 - 233)، وابنُ سعد في "الطبقات"(8/ 478)، وابنُ خزيمة (ج 1/ رقم 104)، وابنُ حبان (121)، وابن المنذر في "الأوسط"(ج 1/ رقم 226)، والطحاوي في "المشكل"(3/ 270) وفي "شرح المعاني"(1/ 18 - 19)، وابن الجارود في "المنتقي"(60) ، وابن مندة في "صحيحه" -كما في "نصب الراية"(1/ 137) - ومحمد بن الحسن في "موطئه"(رقم90)، والدارقطنيّ (1/ 70)، والحاكم (1/ 159 - 160)، والبيقهي (1/ 245) ، وابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 319) ، وابن حزم في "المحلي"(1/ 117)، والبغوي في "شرح السنة"(2/ 69) ، وابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 44/ 63) ، جميعًا عن مالك ، وهو في "موطئه"(1/ 22/ 13) من طريق إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن حميدة بنت عبيد، عن كبشة بنت كعب بن مالك ، عن أبي قتادة به.
وقد رواه عن مالك جماعة من أصحابه منهم: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "الشافعي، وابنُ وهبٍ، والقعنبى عبد الله بنُ مسلمة، ومعن بن عيسى، وزيد بن الحباب، مطرف بن عبد الله، وعبد الله بن نافع، والحكم بن مبارك ، وإسحق بن عيسى، وأحمد بن إسماعيل السهميُّ، والواقدى، وعبد الرحمن بن مهدى، وحماد بن خالد الخياط، ويحيى بن يحيى، وعبد الرزاق ، وأبو مصعب، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم".
وقد توبع مالك عليه.
تابعه حسين المعلم، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أم يحيى، عن خالتها كبشة بنت كعب، عن أبي قتادة بنحوه.
أخرجه إسحق بن راهويه في "مسنده" كما في "النكت الظراف"(9/ 272) - والبيهقي (1/ 245)، وأبو يعلى -كما في "التلخيص" (1/ 41) وأم يحيى: هى حميدة بنت عبيد امرأة إسحق بن عبد الله كما قال أبو حاتم وأبو رزعة في "العلل"(ج1/ رقم 126) لأبن أبي حاتم ، وكذا قال الدارقطني في "العلل"، والبيهقي.
وكذا تابعه همام بن يحيى ، عن إسحق به.
أخرجه البيهقي (1/ 245).
وكذا رواه يونس بن عبيد ، عن إسحق.
ذكره الدارقطني في "العلل"(ج2 / ق61/ 1).
وتابعهم هشام بن عروة، واختلف عليه فيه.
فرواه ابن جريج ، عنه عن إسحق ، عن امرأته ، عن أمها (1) ، عن أبي قتادة بنحوه. =
(1) كذا وقع في "المخطوطة" ويمكن تأويله بأن الخالة بمنزلة الأم كما في الحديث الصحيح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أخرجه عبد الرزاق (ج1/ رقم352) عن ابن جريج.
وأخرجه الدارقطنيُّ في "الأفراد" من طريق ابن جريج وقال: "صحيحٌ من حديث هشام بن عروة، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، غريب من حديث ابن جريج عن هشام".
كذا في "أطراف الغرائب"(ق 281/ 2) لابن القيسرانى (1).
وكذلك رواه ابنُ نمير، عن هشام بن عروة بمثل رواية ابن جريج وخالفهما أبو معاوية، فرواه عن إسحق -من بني زريق- عن أبي قتادة.
وكذا رواه عبد الله بن إدريس، وعبد الله بن داود الخريبى، عن هشام، عن إسحق ، عن أبي قتادة.
ذكر ذلك الدارقطني في "العلل"(ج 2/ ق 61/ 1 - 2).
ورواه وكيع، عن هشام وعلي بن مبارك، عن إسحق، عن امرأة عبد الله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة مرفوعًا:"الهرُّ من الطوافين عليكم أو من الطوافات".
أخرجه ابنُ أبي شيبة (1/ 32) حدثنا وكيعٌ به.
* قُلت: فهذا الاختلاف على هشام أظنُّهُ منه، لثقة من روي عنه والله أعلم.
وقد رواه سفيانُ بْنُ عيينة، عن إسحق فلم يُقم إسناده. =
(1) أخرجه الدارقطني أيضًا في "الأفراد" من طريق الدارورديّ، عن أسيد بن أبي أسيد، عن أبيه ، أن أبا قتادة كان يصغي الإناء للهرة
…
فذكره.
قال شيخنا في "الإرواء"(1/ 193): "وأبو أسيد اسمه يزيد ولم أجد له ترجمة ، وبقيه رجاله ثقات".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= فأخرجه أحمد (5/ 296) ، والحميديُّ (430)، وأبو عبيد في "كتاب الطهور" (ق 26/ 2) قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنى إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثتني امرأة عبد الله بن أبي قتادة (1) أن أبا قتادة كان يأتيهم
…
فذكره بنحوه.
فنقص سفيان ذكر امرأةٍ من الإسناد.
ولكن رواه نصر بن عليٍّ، عن ابن عيينة، عن إسحق، عن امرأة أبي قتادة - أو عن امرأةٍ، عن امرأة أيضًا قتادة، عن أبي قتادة.
قال الدارقطنيّ في "العلل"(ج 2 / ق61/ 2):
"فإن كان ضبط هذا عن ابن عيينة، فقد أتى بالصواب" اهـ.
ثم ساق الدارقطنيّ بعض وجوه الاختلاف في الإِسناد وقال: "وأحسنها إسنادًا ما رواه مالك، عن إسحق، عن امرأته، عن أمها، عن أبي قتادة، وحفظ أسماء النسوة وأنسابهن، وجوَّد ذلك، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم" اهـ.
* قُلت: وكذا قال لعلماء، إن أصحَّ الروايات هى رواية مالك رحمة الله.
قال الترمذي:
"هذا حديث حسنٌ صحيحٌ، وقد وجود مالك هذا الحديث عن إسحق ابنُ عبد الله أبي طلحة، ولم يأت به أحدٌ أتمَّ من مالكٍ" اهـ.
وقال العقيلي في "الضعفاء"(2/ 142):
"إسنادٌ ثابتٌ صحيحٌ". =
(1) وقع في "مسند أحمد": "عبد الله بن أبي طلحة" كذا! وصوابه: "عبد الله بن أبي قتادة" ووقع عند أبي عبيد: "إسحق، عن امرأةٍ، عن أبي قتادة".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وقال الدارقطني:
"صحيحٌ".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه، على ما أصَّلاهُ في تركه غير أنهما قد شهدا جميعًا لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين. وهذا الحديث مما صحَّحه مالك، واحتج به في "الموطأ"، ووافقه الذهبيُّ.
"وصححه البخاري".
وصحّحه النووي في "المجموع"(1/ 171) ونقل عن البيهقي أنه قال:
"إسنادُهُ صحيحٌ".
وأمَّا ابنُ مندة فأعلَّهُ.
قال ابنُ دقيق العيد في "الإِمام"(ق 59/ 1 - 2):
"وأمّا ابنُ مندة فخالف في التصحيح، فإنه لما أخرج الحديث في "صحيحه" بالاتفاق والاختلاف. قال: وأُم يحيى اسمُها حُميدة، وخالتُها كبشة، ولا يُعرف لهما روايةٌ إلا في هذا الحديث، ومحلُّها محلُّ الجهالة، ولا يثبُتُ هذا الخبر من وجه من الوجوه وسبيلُهُ المعلولُ".
فأجاب ابنُ دقيق العيد بقوله:
"فجرى ابنُ مندة على ما اشتهر عن أهل الحديث أنه من لا يروى عنه إلَّا راوٍ واحدٌ فهو مجهولٌ، ولعل من صحَّحه اعتمد على كون مالك رواه وأخرجه مع ما عُلم من تشدده، وتحرزه في الرجال. قرأت بخط الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر وروايته في سؤالات أبي زرعة" قال: سمعتُ الإِمام أحمد بن حنبل يقول: مالكٌ إذا روى عن رجل لم يعرف فهو =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= حجةٌ .. وروى طاهر بن خالد بن نزار عن أبيه، عن سفيان بن عيينة أنه ذكر مالك ابن أنس فقال: كان لا يبلغ من الحديث إلا صحيحًا، ولا يُحدت إلا عن ثقات الناس ، وما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موت مالك بن أنس، وهذا اللفظ الذي لسفيان أعمُّ من كلام أحمد الذي قبله، مع احتمال كلام أحمد لموافقته
…
وذكر بشر بن عمر الزهراني قال: سكت مالك بن أنس عن رجل ، فقال: هل رأيته في كتبي؟ قلت: لا. قال: لو كان ثقة لرأيته في كتبي ، وهذا يُفهم منه أن كل من في كتبه ثقة ، وإن كان قد شغَّب في هذا بعض المتأخرين ، لأنه يلزم من كون كل ثقة في كتابه أن يكون كل من في كتابه ثقة ، إلا أن هذا يبطل فائدة هذا الكلام بالنسبة إلى السائل ، لأنه لو كان في كتابه غير ثقة لم يدل وجوده في كتابه على أنه ثقة ، وكلام مالك يدل على أنه أحاله في الثقة علي وجوده في كتابه ، وبالجملة فإن سلكت هذا الطريق في تصحيح هذا الحديث أعني الاعتماد على تخريج مالك له وإلا فالقول ما قال ابن مندة ، وقد ترك الشيخان إخراجه في "صحيحهما" اهـ.
ونقل ابنُ الملقن في "خلاصة البدر المنير"(1/ 20) كلام ابن مندة ثم دفعه ، وقال:
"والعجب من الشيخ تقي الدين كان تابعه في "الإِمام" على هذه المقولة".
* قلت: وسرُّ تعجب ابن الملقن من ابن دقيق العيد أنه تابع ابن مندة في الحكم علي حميدة وكبشة بالجهالة ، وقد ذكرت قبل ذلك أن حميدة بنت عبيد روي عنها اثنان. وذكر ابن الملقن أنه روى عنها ثلاثة ، وذكرها ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= حبان في "ثقاته" ، وخرّج مالكٌ حديثها في الموطأ، فلا نحكم عليها بالجهالة.
وأما كبشة، فهي صحابية، فلا يضرُّ الجهل بها.
وأمَّا قولُ ابْنِ مندة عن حميدة:
"ولا يعرف لها ذكر إلا في هذا الحديث".
فمتعقَّب بأن أبا داود أخرج في "سننه"(5036) لها حديثًا آخر من طريق ابنها يحيى بن إسحق عنها عن أبيها مرفوعًا:
"تشمت العاطس ثلاثًا، فإن شئت أن تشمته، وإن شئت فكُفَّ".
وذكر الحافظُ في "التلخيص"(1/ 42) أنَّ لها حديثًا ثالثًا رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة".
ولذلك قال الزركشي في "المعتبر"(ص230):
"صحَّحه الترمذي، وتكلَّم فيه ابنُ مندة بما بان فيه عدمُ تأثيرهِ، كما ذكرتُه في "الذهب الإبريز" (1) اهـ.
ثم اعلم أن للحديث طرقًا أخرى عن أبي قتادة.
فيرويه عنه ابنه عبد الله بن أبي قتادة:
فأخرجه البيهقي في "سننه"(1/ 246) عن عبد الواحد بن زياد، ثنا الحجاج، عن قتادة بن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: كان أبو قتادة يصغى الإناء للهر فيشربُ، ثمّ يتوضأ به، فقيل له في ذلك، فقال: ما صنعتُ إلا ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. =
(1) هو كتاب "الذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وتابعه معمرُ بْنُ سليمان الرقى، ثنا حجاجٌ به لكن بلفظ:
"أنه وضع له -يعني أبا قتادة- وضوء، فولغ فيه السنور، فأخذ يتوضأ. فقالوا: يا أبا قتادة! قد ولغ فيه السنور. فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "السنور من أهل البيت، وإنه من الطوافين أو الطوافات عليكم".
أخرجه أحمدُ (5/ 309) حدثنا معمر بن سليمان به.
قال الهيثميُّ في "المجمع"(1/ 217):
"رجاله ثقات، غير أنَّ فيه الحجاج بن أرطاة، وهو ثقةٌ مدلسٌ".
* قُلت: حجاج بن أرطاة، صدوق، في حديثه بعضُ الغلط، أشهر ما نقموا به عليه كان التدليس، ولم يصرح بتحديثٍ، وقتادةُ الواقع في السند هو ابن عبد الله بن أبي قتادة كما بيَّن ذلك عبد الواحد بن زياد (1) في رواية البيهقي.
فترجمه البخاري في "الكبير"(4/ 1/ 187)، وابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 2 /135)، وابنُ حبان في "الثقات"(7/ 341) ولم يذكروا عنه راويًا إلا الحجاج بن أرطأة. فهو مجهول على هذا الرسْم، فيستدرك بهذا على الهيثمى في قوله:"رجاله ثقات".
وأعتقد أن الهيثمي رحمه الله ظنَّ أن "قتادة" الواقع في السند هو ابن دعامة السدوسي، لأن شيخ أحمد لم ينسبه ولم يذكر العلماء أن لقتادة ابن دعامة رواية عن عبد الله ابن أبي قتادة فالله تعالى أعلمُ بذلك. =
(1) أشار إلى ذلك البخاري في "تاريخه".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وأخرجه أبو طاهر المُخلص في "فوائده"(ج 11/ ق 220/ 2) قال: حدثنا إسماعيل ابن العباس، ثنا أحمدُ بن منصور بن سيار، ثنا عكرمة بن قتادة بن يحيى ابن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاريّ، حدثني أبي: قتادةُ بْن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه، عن أمه، عن عبد الله بن أبي قتادة أنَّ أبا قتادة دعا ذات يومٍ بوضوء، وكبشة بنتُ كعب واقفةٌ، فأجازت به هرة، فأصغى إليها الإناء، فتعجبت كبشةُ ، فقال: كأنك تعجبت يا ابنة أخي، سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول:"هي من الطوافين أو الطوافات عليكم".
* قُلْتُ: وهذا سندٌ ضعيفٌ.
فإسماعيل بن العباس هو أبو علي الوراق. حدَّث عن ابن عرفة وطبقته.
ترجمه الخطيب في "تاريخه"(6/ 300) ونقل توثيقه عن الدارقطني. وأحمد ابن منصور هو الرماديُّ، ثقةٌ من رجال ابن ماجة.
وعكرمةُ بنُ قتادة ترجمه ابنُ أبي حاتم (3/ 2/ 11) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وأبوهُ: قتادة بن يحيى، لم أجد له ترجمة ويحيى بن عبد الله ابن أبي قتادة ترجمه البخاريُّ في "الكبير"(4/ 2/ 285) ، وابن أبي حاتم (4/ 2/ 160 - 161) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولم أره في "الثقات" لابن حبان.
وأمُّهُ عن كبشة بنت كعب.
وله طريق آخر عن عبد الله بن أبي قتادة.
يرويه يحيى بن أبي كثير، عنه، عن أبي قتادة أنه كان يتوضأ فمرت به هرَّةٌ فأصغى إليها، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "إنها ليست بنجسة".
أخرجه البيهقيّ (1/ 246) من طريق عفان، عن (1) همام، ثنا يحيى بن أبي كثير به.
قال البيهقيّ.
"وقد رواه الشافعيّ عن الثقة، عن يحيى بن أبي كثير".
* قلْتُ: وهذا سندٌ صحيحٌ، لولا تدليسُ يحيى بن أبي كثير.
فالله تعالى أعلم.
وله طريق آخر عن أبي قتادة، رضي الله عنه.
يرويه كعب بن عبد الرحمن، عن جده أبي قتادة، قال: رأيتُه يتوضأ فجاء الهرُّ، فأصغى له حتى شرب من الإناء. فقلتُ: يا أبتاه، لم تفعل هذا؟ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلُهُ، أو قال:"هي من الطوافين عليكم".
أخرجه الطحاويُّ في "شرح المعاني"(1/ 19) من طريق قيس بن الربيع، عن كعبٍ به.
* قُلْتُ: وهذا سندٌ ضعيفٌ.
وقيسُ بنُ الربيع، فيه مقالٌ.
وكعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة، ترجمه البخاري في "الكبير " (4/ 1/ 225 - 226) وقال: =
(1) وقع في "المطبوعة""عفان بن همام"! وهو تصحيفٌ لا ريب والصواب كما أثبت. والله الموفق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "كعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة، عن أبيه. قال عبد الله بن محمد، عن أبي داود، عن محمد بن درهم. وقال عبد الله، عن شبابة، عن محمدٍ، عن كعب بن عبد الرحمن: الأنصاري، عن جده أبي قتادة.
وقال أبو سعيد عبد الرحمن: عن محمد، عن كعب بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي قتادة، قال: مرّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأناسٍ من الأنصار يبنون مسجدًا، فقال: أوسعوه تملأوه".
وقد اختُلف على محمد ابن درهم في نسب عبد الرحمن والد كعب فرواه زيدُ بْنُ الحُباب، وعليُّ بن عاصم، وحجاجُ بْنُ منهال وغيرُهُمْ عن محمد ابن درهمٍ، عن كعب بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على قومٍ من الأنصار يبنون مسجدًا
…
الحديث".
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 1/ 226)، وابنُ خزيمة (ج 2 / رقم 1320)، والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 65) ، والبيهقي (2/ 439)، والخطيبُ في "تاريخه (5/ 268)، وابنُ الجوزى في "الواهيات" (1/ 401/ 672).
وتابعهم الطيالسي، أنبأ محمد بن درهم، عن كعب بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي قتادة به.
أخرجه البيهقي (2/ 493) عن يحيى بن أبي طالب، ثنا أبو داود الطيالسي.
* قُلْتُ: كذا روى يحيى بن أبي طالب، عن الطيالسي.
وخالفه يونس بن حبيب، فرواه عن الطيالسي، وهذا في "مسنده"(5 - 6) حدثنا محمد بن درهم الأسدى، قال: حدثني كعب بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= عبد الرحمن الأسدي، عن ابن أبي قتادة، عن أبيه
…
فذكره.
وكعب بن عبد الرحمن في رواية هؤلاء، هو ابن كعب بن مالك، وكذا في رواية يحيى بن أبي طالب عن الطيالسي وأما رواية يونس بن حبيب، عن الطيالسي، فيظهر لي أنها تلتقى مع رواية يحيى بن أبي طالب في أنه كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك؛ لأنَّ كعب بن مالك "أسدى" بخلاف "أبي قتادة الأنصارى" لكن الخلاف بينهما في شيخ كعب هل هو "ابن أبي قتادة" أم "عبد الرحمن بن كعب".
أمًّا عبد الله بن محمد (1)، فرواه عن الطيالسي، عن محمد بن درهم عن كعب بن عبد الرحمن الأنصارى عن جدّه أبي قتَادة.
أخرجه البخاريُّ في "الكبير"(4/ 1/ 225 - 226).
فيقتضى هذا أن كعبًا هو ابن عبد الرحمن بن أبي قتادة.
وكذلك رجح البخاري ففرق بينه وبين كعب بن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك، وكذا فعل ابنُ حبان، فترجم لكعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة، في "الثقات" (5/ 335) وقال:"يروى عن جدِّه، إنْ كان سمع منه، روى عنه محمد بن درهم".
وترجم لكعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك في موضع آخر (7/ 355) وقال: "من أهل المدينة، يروي عن أبيه، روي عنه عتاب بن محمد بن شوذب". =
(1) لا أدري هل هو ابن أبي شيبة، أم عبد الله بن محمد المسندي، فهما معًا من شيوخ البخاري، وكلاهما يروى عن الطيالسي وعن شبابة بن سوار، وعلي كل حال فكلاهما ثقة. والله أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= ما ابن أبي حاتم فذكر في "كتابه"(3/ 2 /162) أنه "كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك"، وذكر حديث المسجد والاختلاف فيه، ولم يترجم لـ "كعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة".
ويرجح ما فعله ابنُ أبي حاتم ، صنيع الطبراني.
فقد أخرج الحديث في "معجمه الكبير"(ج 19/ رقم 180، 181) وجعله في "مسند كعب بن مالك"(1)، ولكن يستدرك عليه أن المحفوظ كون الحديث من "مسند أبي قتادة" وليس من "مسند كعب بن مالك" وكذا رجح الدارقطني كما في "تاريخ بغداد"(5/ 269)، والذهبى في "الميزان"(3/ 541) وهو ظاهر صنيع ابن أبي حاتم في "الجرح" =
(1) كذا رواه قيس بن الربيع وطلق بن غنام ، عن محمد بن درهم ، عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، عن جده.
وكذا أخرجه ابن عدي (6/ 2206) عن عثمان بن أبي شيبة ثنا طلق بن غنام ، عن قيس بن الربيع ، وعن محمد بن درهم ، عن كعب بن عبد الرحمن بن مالك عن جده كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على نفر من الأنصار وهم يحصبون مسجدًا
…
الحديث.
* قلت: كذا وقع في "المطبوعة" -وهي كثيرة التحريف لا يوثق بها البتة- "
…
طلق ابن غنام عن قيس". وهذا خطأ ، صوابه عندي ، عن طلق بن غنام وقيس ، لأن الطبراني رواه من طريق عثمان ابن شيبة ، ثنا طلق بن غنام ، ثنا محمد ابن درهم. وكذلك كعب ابن عبد الرحمن لا يرويه جده، ولكن المحفوظ أنه يرويه عن أبيه ، عن جده فقط سقط ذكر "أبيه" من السند والجملة فالحديث ضعيف والله أعلم.
ونقل الخطيب في "تاريخه"(5/ 269) عن الدارقطني قال: "محمد بن درهم ضعيف والحديث غير ثابت" وقال ابن الجوزي: "لا يصحُّ" وكذا يعرف من صنيع العقيلي. والله أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= (3/ 2/ 162). وبالجملة، فأخشى أن يكون قيس بن الربيع أخطأ في قوله:"عن كعب بن عبد الرحمن، عن جدِّه أبي قَتادة".
فإن كان حفظه، فقد شكك ابن حبان في سماعه من جده، والله تعالى أعلم بحقيقة ذلك.
* * *
قال الترمذي:
"وفي الباب عن عائشة، وأبي هريرة".
* * *
* أولًا: حديث عائشة، رضي الله عنها.
أخرجه البزار (ج 1 /رقم 275)، والدارقطني (1/ 66 - 67) ، وابنُ شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(ج 2 / ق 215/ 1) والخطيب في "الموضح"(2/ 193) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة، قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ به الهرُّ، فيصغي له الإناء، فيشرب منه، فتوضأ بفضله".
قال الهيثمي في "المجمع"(1/ 216):
"رواه البزار والطبرانيُّ في "الأوسط" ورجاله موثقون"!!.
فتعقبه أحدهم فكتب على هامش النسخة:
"بل في رجال البزار مندلُ بْنُ عليٍّ وهو ضعيفٌ"!.
* قلت: ومندلُ بن علي مع ضعفه فقد توبع؛ تابعه يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وابن يوسف القاضى صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= ولكن العلَّة التي فاتت الهيثمي هى عبد الله بن سعيد المقبرى، فإنه متروكٌ كما قال أحمد، والبخاري، وغيرهما. وقال النسائيُّ:"ليس بثقةٍ".
ولكنه لم يتفردْ به.
فيرويه عبد الحميد بن عمران ابن أبي أنس، عن أبيه، عن عروة عن عائشة .. فذكر نحوه.
أخرجه البزار (ج 1/ رقم 276) والدارقطنيّ (1/ 70) ، وعنه ابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 45/ 65) عن الواقدى محمد بن عمر، ثنا عبد الحميد به.
وقال البزَّارُ:
"لا نعلم روى عمران عن عروة إلا هذا".
* قلْتُ: وسندُهُ ساقط، والواقدي تالفٌ (1).
وأخرجه الطحاويّ (1/ 19) من طريق خالد بن عمرو الخراساني، قال: ثنا صالح بن حسّان، قال: ثنا عروة بن الزبير، عن عائشة بنحوه.
وسندهُ ضعيف جدًّا.
خالد بن عمرو أظنه الأموي ، متروك اتهمه صالح جزرة، وابن عديّ بالوضع. وصالح ابن حسان.
تركه النسائي وأبو نعيم. =
(1) قال الزيعلي في "نصب الراية"(1/ 133): "والواقدي فيه مقالٌ"!! كذا، وهو تليين هيِّن بشعر بأن الجرح فيه غير مؤثر ، والحق غير ذلك قد كذبه جماهير النقاد، ولكن موقف الأحناف من الواقدي معروف ، حتى قال ابن الهمام:"والواقدي حسن الحديث عندنا"!!.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وضعّفه أحمد وابن معين وأبو داود والدارقطنيُّ.
وقال البخاري وأبو حاتم:
"منكرُ الحديث".
وله طريق آخر عن عائشة.
يرويه الدراوردى، عن داود بن صالح، عن أمِّه أن مولاةً لها أهدت إلى عائشة صحفة هريسة، فجاءت بها وعائشةُ قائمةٌ تصلى، فأشارت إليها عائشةُ أنْ ضعيها، فوضعتها. وعند عائشة نسوةٌ، فجاءت الهرةُ فأكلت منها أكلة -أو قال: لقمة-، فلما انصرفت، قالت عائشة للنسوة: كُلْنَ. فجعلن يتقين موضع فم الهرة، فأخذتها عائشة فأدارتها ثم أكلتها، وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنا ليست بنجسٍ، إنها من الطوافين والطوافات عليكم" وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها.
أخرجه أبو داود (76)، وأبو عبيد في "كتاب الطهور"(ق 26/ 2 - 27/ 1)، والطبراني في "الأوسط"(ج 1/ رقم 366)، والدارقطني (1/ 70) والطحاوي في "المشكل"(3/ 270)، والبيهقي (1/ 246 - 247) والمزي في "تهذيب الكمال"(8/ 403) من طرق عن عبد العزيز ابن محمد الدراوردي به.
وهو عند بعضهم مختصرٌ.
قال الدارقطنيّ:
"رفعه الدراوردى عن داود بن صالح، ورواه عنه هشام بن عروة ووقفه على عائشة". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= وقال في "العلل"(ج 5/ق 104/ 1):
"يرويه داود بن صالح التمار، واختلف عنه. فرواه عبد العزيز بن محمد الدراورديّ، عن داود بن صالح، عن أمه، عن عائشة، (موقوفًا)(1).
واختُلف عن هشام بن عروة. فرواه عن داود بن صالح، عن أمه، عن عائشة موقوفًا. واختُلف عن هشام. فقال عيسى بن يونس وأبو أسامة، عن هشام، عن داود، عن أمه. وقال عليٌّ بن مسهر وأبو معاوية ويحيى بن سعيد الأموي، عن هشام عن داود بن صالح، عن جدَّته، عن عائشة.
ولم يختلف عن هشامٍ في إيقافه على عائشة" اهـ.
* قُلْتُ: وسندهُ ضعيفٌ لجهالة أم داود بن صالح.
قال الطحاوي في "المشكل":
"ليست من أهل الروايات التي يؤخذُ مثل هذا عنها، ولا هي معروفةٌ عند أهل العلم".
وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 42): "قال الدارقطني: تفرد برفعه داود بن صالح (2)، وكما قال الطبراني والبزار، وقال: لا يثبت" اهـ.
وقال صاحبُ "آثار السنن"(ص- 11): "إسنادُهُ حسنٌ"!! وفيما تقدم ردٌّ عليه.
وله طريق ثالث عن عائشة:
ترويه صفيَّةُ بنتُ شيبة، عن عائشة مرفوعًا: =
(1) كذا في "المخطوطة" والصواب: "مرفوعًا".
(2)
كذا، والذي قاله الدارقطني:"رفعه الدراوردي عن داود بن صالح" ونقل في "نصب الراية"(1/ 133) عن الدارقطني قال: "تفرد به عبد العزيز الدراوردي عن داود بن صالح عن أمه بهذه الألفاظ" اهـ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "إنها ليست بنجسٍ، هي كبعض أهل البيت". يعني الهرة.
أخرجه ابنُ خزيمة (ج1/ رقم 102)، والدارقطني (1/ 69)، والعقيليُّ في "الضعفاء"(2/ 141)، والحاكم (1/ 160)، والبيهقيُّ (1/ 246)، وابنُ الجوزيّ في "التحقيق"(1/ 45/ 64) من طريق سليمان بن مسافع، عن منصور ابن صفية، عن أمه، عن عائشة.
قال الحاكم:
"إسنادٌ صحيحٌ"(1). ووافقه الذهبيُّ!!
* قُلْتُ: وهو عجبٌ، لا سيما من الذهبي، فإنَّه ذكر سليمانَ بْنَ مُسافعٍ في "الميزان" وقال:"لا يُعرفُ، أتى بخبرٍ منكرٍ" وهو يعني به هذا.
وتعقَّبه الحافظ في "اللسان"(3/ 106) فقال:
"وليس في نكارةٌ، كما زعم المصنِّفُ" اهـ.
وأظن أنَّ النكارة التي عناها الذهبي ليست في معنى الحديث، بل لأن سليمان بن مسافع مع كونه لا يُعرف فإنه رفع الحديث فقد خالفه عبد الملك بن مسافع الحجبي، فرواه عن منصور، عن أُمِّه، عن عائشة قالت:"الهرَّةُ ليست بنجسةٍ، إنَّها من عيال البيت". موقوفٌ.
أخرجه العقيليُّ (2/ 142) وقال:
"هذا أولى"(2). =
(1) ونقل شمس الحق آبادي في "التعليق المغني"(1/ 70) أن الحاكم قال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وأظنه نقله من "نصب الراية"(1/ 134).
(2)
وزعم محقق "الضعفاء" أن ابن حجر تعقّب العقيلي في قوله، وهذا خطأ، وإنما ابنُ حجر تعقب الذهبي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= يعني من حديث سليمان بن مسافع المرفوع، فلعلَّ الذهبيَّ تابع العقيلي في ترجيحه، والله أعلمُ.
وله طريقٌ رابعٌ عن عائشة.
أخرجه ابنُ شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(ج 2/ ق 21/ 2) من طريق أبي يوسف القاضى، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الشعبيِّ، عن عائشة، رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ذات يومٍ، فجاءت الهرَّةُ فشربت من الإناء، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرب منه ما بقي.
* قُلْتُ: وفيه ضعْفٌ وانقطاعٌ.
قال ابن معين والحاكم:
"الشعبي لم يسمع من عائشة".
وقال الحافظ في "التلخيص"(1/ 42):
"فيه انقطاعٌ".
وقد مرّ منذ قليلٍ أن أبا يوسف يرويه عن عبد الله بن سعيد المقبري، فلعلَّ هذا من الاختلاف على أبي يوسف في إسناد. والله أعلم.
وطريقٌ خامسٌ (1). أخرجه ابنُ عديّ (5/ 1882) عن عبد الله بن شقيق عن عائشة بنحوه. وسنده ضعيفٌ. والله أعلم.
(1) وله طريقٌ سادسٌ:
ترويه عمرة بنت عبد الرحمن عنها.
ويأتي تخريجُه في الحديث رقم (72).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= * ثانيًا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
أخرجه ابنُ ماجة (369)، وابنُ خزيمة (ج 2/ رقم 828)، والحاكمُ (1/ 254 - 255)، وأبو طاهر المُخلَّص في "الفوائد"(ج 12/ ق 274/ 1)، وابنُ عديّ في "الكامل"(4/ 1586) من طريق أبي عليٍّ الحنفي (1) عبيد الله بن عبد المجيد، نا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعًا:"الهرَّةُ لا تقطعُ الصلاة، لأنها من متاع البيت".
وتابعه مهدى بن عيسى، ثنا ابنُ أبي الزناد بسنده سواء.
أخرجه البزار (ج 1/ رقم 584) حدثا فردوس الواسطي (2)، ثنا مهدى بن عيسى.
قال الحاكمُ:
"هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم، لاستشهاده بعبد الرحمن بن أبي الزناد مقرونًا بغيره".
* قلت: كذا قال! والصواب أنه ليس على شرط مسلم لأنه استشهد =
(1) هذه كنية عبيد الله بن عبد المجيد، ووقع في "ابن ماجه":"أبو بكر الحنفي" ولا أدري عن السبب في هذا، والمعروف أن كنية عبيد الله هي "أبو علي". ولعلَّ في العبارة سقطًا وهو:"وهو أخو أبو بكر الحنفي" والله أعلم.
(2)
وفردوس الواسطيّ لم أجد له ترجمة في "تاريخ واسط" ولا غيره من الكتب التي عندي، ولكنه لم يتفرَّد به.
فقد تابعه أبو غسَّان، نا مهدى، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا:"الهرَّةُ من متاع البيت".
أخرجه البزار (ج2 /ق185/ 1) نا غسَّان به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= بابن أبي الزناد ولم يحتج به ففيه مقالٌ معروف، ولعلَّ الذهبيَّ لم يوافقه، لأنه قال:"قد استشهد"(م) بابن أبي الزناد، ولم ينقل عبارة الحاكم التي فيها ذكر التصحيح كعادته، فلا أدري أوافقه واختصر العبارة، أم أنه قصد موافقة الحاكم على هذه الجزئية دون التصحيح؟
وقد ذكر ابنُ خزيمة علَّةً للحديث، فقال:
"إن صحَّ الخبرُ مسندًا، فإن في القلب من رفعه".
ثم رواه من طريق ابن وهبٍ، عن ابن أبي الزناد بسنده، موقوفًا وقال:
"ابنُ وهبٍ أعلم بحديث أهل المدينة من عبيد الله بن عبيد المجيد".
* قُلْتُ: فجعل ابن خزيمة العلة من عبيد الله بن عبد المجيد، وأرى أن العلة هي من ابن أبي الزناد، لأن مهدي بن عيسى قد تابع أبا علي الحنفي عليه، وهو وإن كان مجهول الحال كما قال ابن القطان إلَّا أنه يصلحُ في المتابعات، ويؤيِّدُهُ أن ابن عديّ أورد الحديث في ترجمة ابن أبي الزناد.
وله طريق آخر عن أبي هريرة.
فأخرجه ابن عدي (2/ 794) من طريق حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة موفوعًا:"الهرُّ من متاع البيت".
وقال بعد أن سرد أحاديث أخرى:
"وهذه الأحاديث عن الحكم بن أبان يرويها عنه حفص بن عمر العدني، والحكمُ بنُ أبان وإن كان فيه لينٌ، فإن حفصًا هذا ألينُ منه بكثير، والبلاء من حفصٍ، لا من الحكم" اهـ.
* قُلْتُ: لم يتفرَّدْ به حفصٌ، فقد تابعه إبراهيم بن الحكم بن أبان عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أبيه، قال: حدثني أبي، عن عكرمة، عن أبي هريرة مرفوعًا:"الهرُّ من متاع البيت".
أخرجه البزار (ج 2/ ق 196/ 1) حدَّثنا سلمةُ بْنُ شبيب، نا إبراهيمُ به.
وقال:
"هذا الحديث لا نعلمه رواه عن عكرمة، عن أبي هريرة إلَّا الحكمُ بنُ أبان، ولا رواه عنه إلا إبراهيمُ بن الحكم. وإبراهيمُ بْنُ الحكم ليس بالحافظ، في حديثه لِيْن، وإنْ كان قد روى عنه جماعة" اهـ.
* قُلْتُ: وقول البزار: "ولا رواه عنه إلا إبراهيم" متعقَّبٌ برواية ابن عدي. وأمَّا إبراهيم بن الحكم فقد تركوه، وقلَّ من مشَّاهُ كما قال الذهبي.
وقد ذكر عباس العنبريُّ أن هذه الأحاديث كانت في كتاب إبراهيم مراسيل، ليس فيها "ابنُ عباس" ولا "أبو هريرة" يعني أحاديث أبيه عن عكرمة، فوصلها.
[تنبيه]:
ذكر المباركفوري في "تحفة الأحوذي"(1/ 309 - 310) أنَّ حديث أبي هريرة الذي عناه الترمذيُّ، هو ما أخرجه الدارقطنيُّ بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار ودونهم دارٌ، فشقَّ عليهم، فقالوا: يا رسول الله! تأتي دار فلان، ولا تأتي دارنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام:"لأن في داركم كلبًا" قالوا: فإن في دارهم سِنَّورًا: فقال: "السِّنَّور سبعٌ".
* قُلْتُ: أخرجه أحمد (2/ 442)، وابنُ أبي شيبة (1/ 32)، والطحاويّ في "المشكل"(3/ 272)، والدارقطنيّ (1/ 63)، والحاكم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= (1/ 183)، والعقيليُّ في "الضعفاء"(3/ 386 - 387)، وإسحق بن راهويه في "مسنده" -كما في "نصب الراية"(1/ 135) -، والبيهقيُّ (1/ 251 - 252) وابن الجوزى في "الواهيات"(1/ 334) من طريق عيسى بن المسيب (1)، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة مرفوعًا به.
قال الحاكم:
"هذا حديث صحيحٌ ولم يخرجاه، وعيسى بن المسيب تفرَّد عن أبي زرعة إلَّا أنه صدوق، ولم يجرح قطُّ"(2)!!
فتعقبه الذهبيُّ بقوله:
"قال أبو داود: ضعيفٌ، وقال أبو حاتم: ليس بالقويّ".
وكذا تعقبه العراقي في "طرح التثريب"(2/ 123).
وقال الدارقطنيُّ:
"تفرَّد به عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة وهو صالحُ الحديث".
وقال العقيلي: "لا يتابعه إلَّا من هو مثله أو دونه".
* قلْتُ: خالفه أبو نعيم. =
(1) وقع في "المشكل": "عيسى بن يونس"!! والنسخة سقيمة.
(2)
نقل صاحب "التعليق المغني"(1/ 63) عبارة الحاكم هكذا: "حديث صحيح ولم يخرجاه. وعيسى هذا ليس بالقوي تفرد عن أبي زرعة .... إلخ" وعبارة "ليس بالقوي" زيادة وهي لا تتسق مع مراد الحاكم وقال الحافظ في "التعجيل"(ص 328/ رقم 740):
"جازف الحاكم في "مستدركه" وأخرج حديثه وصححه وقال: لم يُجرح قط. كذا قال" اهـ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قال أبو زرعة الرازي:
"لم يرفعه أبو نعيم، وهو أصحُّ وعيسى ليس بقويٍّ".
ذكره ابنُ أبي حاتم عنه في "العلل"(ج 1/ رقم 98).
* قُلْتُ: وواضحٌ أنَّ الحديث ليس هو مراد الترمذيّ، لأن الترمذيّ ذكره كشاهدٍ في أن سؤر الهرة ليس بنجس، وهذا الحديث احتج به الأحناف مع ضعفه على كراهة سؤر الهرَّة لأنها من السباع، وبوَّب عليه ابن أبي شيبة بقوله:"من قال: لا يجزئ ويغسل منه الإناء" يعني من سؤر الهرَّة.
وقد بوّب ابنُ ماجة على ذلك بقوله:
"باب الوضوء بسؤر الهرَّة والرخصة في ذلك". والله أعلمُ.
…
* قلْتُ: وفي الباب مما لم يذكره الترمذيُّ:
* ثالثًا: حديث أنسٍ، رضي الله عنه.
أخرجه الطبرانيُّ في "الصغير"(1/ 227 - 228)، وعنه أبو نُعيم في "أخبار أصبهان"(2/ 71) من طريق جعفر بن عنبسة الكوفي، حدثنا عمر ابن حفص المكيُّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرضٍ بالمدينة يقالُ لها: بَطحان، فقال:
"يا أنس! اسكب لي وضوءًا" فسكبتُ له، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته، أقبل إلى الإِناء وقد أتى هِرٌّ فولغ في الإِناء، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= فوقف له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقفةً حتى شرب الهرُّ، ثمَّ توضأ، فذكرتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الهِرَّ، فقال:"يا أنس! إنَّ الهرَّ من متاع البيت، لن يقذر شيئًا، ولن يُنجِّسهُ".
قال الطبرانيُّ:
"لم يروه عن جعفر إلا عمر بن حفص، ولا روى عن علي بن الحسين عن أنس حديثًا غير هذا" اهـ.
قال الهيثميُّ في "المجمع"(1/ 216):
"فيه حفص بن عمر وثقه ابنُ حبان، وقال الذهبيُّ: لا يُدرى من هو".
* قُلْتُ: ويظهر أنَّ الذهبيَّ أخذ هذا من ابن القطان الفاسي.
فقد قال في "بيانُ الوهم والإيهام"(ج 1/ ق 225/ 2) بعد أن ذكر حديثًا أخرجه الدَّارقطنيُّ (1/ 304) من طريق جعفر بن عنبسة ثنا عمر بن حفص المكيّ في الجهر بالبسملة، قال:
"عِلَّتُهُ الجهلُ بحال عمر بن حفص المكيّ، بل لا أعرفُه مذكورًا في مظانِّ ذكره وذكر أمثاله. قال: وكذلك راويه عنه جعفر بن عنبسة". اهـ مختصرًا.
ولكني رأيتُ البيهقيَّ روى في "سننه"(2/ 9 - 10) حديثًا آخر لعمر بن حفص المكيّ عن ابن جريج في باب "من طلب باجتهاده جهة الكعبة" ثم قال: "تفرَّد به عمرُ بْنُ حفص المكيُّ، وهو ضعيفٌ لا يُحتجُّ به"(1) =
(1) ثُمَّ رأيته في "نصب الراية"(1/ 347) نقل كلام البيهقي وزاد: "والحمل فيه عليه" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= فكان يمكن أن يستدرك على ابن القطان بتضعيف البيهقيّ له لولا أنه قال: "في مظانّ ذكره وذكر أمثاله"(1).
وذكر ابنُ الجوزى في "التحقيق"(1/ 309) حديث البسملة المتقدم وقال:
"يرويه عمر بن حفص وأجمعوا على ترك حديثه" اهـ.
وأقرَّه عليه ابنُ عبد الهادي في "التنقيح"(ق 100/ 2).
وهذا عندي وهمٌ من ابْن الجوزيِّ، فإن الذي تركوا حديثه هو "عمر بن حفص أبو حفص العبدي" الذي يروي عن ثابت البناني وأبان بن أبي عياش وغيرهما.
وقد فرَّق الذهبي بينه وبين "عُمَرَ بْن حفص المكيِّ" الذي يروي عن ابن جريج.
وأمَّا قولُ الهيثميّ: "وثقه ابنُ حبَّان".
فقد ذكر في "ثقاته"(7/ 174): "حفص بن عمر، أبو حفص المكيّ. يروي عن سالم، روى عنه هاشم بن القاسم".
فإن كان هو، فيستدرك بذلك على ابن القطان، والله أعلمُ.
والراوي عنه جعفر بن عنبسة جهله ابنُ القطان كما تقدَّم.
ورأيتُ في "دلائل النبوة"(2/ 427) للبهيقيّ في باب "عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب" أنه روى حديثًا من طريق =
= وهذه الجملة ليست موجودة في المطبوعة من "السنن". والله أعلمُ.
(1)
مع أن تضيف البيهقيّ لا ينافي تجهيل ابن القطان، فإن الجمهور إذا انفرد بشىء خولف فيه فيضعف به عند النقاد. والله أعلمُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أبي محمد جعفر بن عنبسة الكوفي، وقال:
"إِسنادٌ مجهولٌ".
فهذا يلتقى مع حكم ابن القطان.
وذكر الحافظ في "اللسان"(2/ 120) أن الطوسي ذكره في رجال الشيعة وقال: "ثقة".
* قُلْتُ: الطوسي (1) الرَّافضيُّ ليس بعمدةٍ، وكان يسبُّ السَّلف؛ وهو يحتاجُ إلى من يزكيه. فالله المستعان.
وبالجملة فالحديثُ ضعيفٌ. والله أعلمُ.
…
* رابعًا: حديثُ جابر بْنِ عبد الله، رضي الله عنهما.
أخرجه ابنُ شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(ج 2/ ق 215/ 2) من طريق سلمة بن عبد الملك العوصي، قال: حدَّثنا أبو الحسن -يعني علي بن صالح-، عن محمد بن إسحق، عن صالح، عن جابر بن عبد الله، قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعُ الإناء للسنور، فيلغ فيه ثمَّ يتوضأ من فضله".
* قُلْتُ: وسنده ضعيف لتدليس محمد بن إسحق.
وصالح هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، لكنه لم يدرك جابرًا فيما يظهر، فنقل في "التهذيب" (4/ 380): "ذكره ابن حبان في =
(1) وهو محمد بن الحسن بن علي أبو جعفر الطوسي. له ترجمة في "لسان الميزان"(5/ 135).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= "الثقات" وقال: روى عن أنسٍ إنْ كان سمع منه" (1).
* قُلْتُ: ومات أنس على الراجح سنة (93 هـ)، فلأن يكون لم يسمع من جابر أولى، لأنه مات سنة (73) وأقصى ما قيل في وفاته (سنة 78).
…
* خامسًا: حديثُ عليِّ بْنِ أبي طالب، رضي الله عنه، موقوفٌ.
أخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه"(58/ 1) من طريق يحيى بن مسلم أبي الضحاك، عن أبيه، عن أبي سعيد الجابري، أنَّ عليًّا سئل عن سؤر الهرِّ يشربُ من الإناء، قال:
"لا بأس بسؤر الهرِّ".
وفي سنده ضعفٌ.
(1) عبارة ابن حبان في "الثقات"(6/ 454): "وقد قيل: إنه سمع من أنس بن مالك".