المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌61 - باب الوضوء من الإناء - بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن - جـ ٢

[أبو إسحق الحويني]

فهرس الكتاب

- ‌44 - بابُ التَّوْقِيتِ فِى الْمَاءِ

- ‌45 - تَرْكُ التَّوْقِيتِ فِى الْمَاءِ

- ‌46 - بابُ الْمَاءِ الدَّائِمِ

- ‌47 - باب مَاءِ الْبَحْرِ

- ‌48 - باب الْوُضُوءِ بِالثَّلْجِ

- ‌49 - باب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الثَّلْجِ

- ‌50 - باب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَرَدِ

- ‌51 - باب سُؤْرِ الْكَلْبِ

- ‌52 - الأَمْرُ بِإِرَاقَةِ مَا فِى الإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ

- ‌53 - باب تَعْفِيرِ الإِنَاءِ الَّذِى وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ بِالتُّرَابِ

- ‌54 - سُؤْرُ الْهِرَّةِ

- ‌55 - باب سُؤْرِ الْحِمَارِ

- ‌56 - باب سُؤْرِ الْحَائِضِ

- ‌57 - باب وُضُوءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا

- ‌58 - باب فَضْلِ الْجُنُبِ

- ‌59 - بابُ الْقَدْرِ الَّذِى يَكْتَفِى بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ

- ‌60 - باب النِّيَّةِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌61 - باب الْوُضُوءِ مِنَ الإِنَاءِ

- ‌62 - باب التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ

- ‌63 - باب صَبِّ الْخَادِمِ الْمَاءَ عَلَى الرَّجُلِ لِلْوُضُوءِ

- ‌64 - باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

الفصل: ‌61 - باب الوضوء من الإناء

‌61 - باب الْوُضُوءِ مِنَ الإِنَاءِ

76 -

أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِى ذَلِكَ الإِنَاءِ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

ــ

76 -

إسنَادهُ صحِيْحٌ.

* إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، الأنصاريُّ المدني.

أخرج له الجماعةُ، وهو ثقة نبيلٌ.

وثقه ابن معين وزاد: "لا حجة"، وأبو حاتم، والمصنِّفُ، وأبو زرعة وقال:"وهو أشهر إخوته وأكثرهم حديثًا"، وابنُ حبان وقال:"كان ينزل في دار أبي طلحة، وكان مقدَّمًا في رواية الحديث، والإتقان فيه".

والحديث أخرجه البخاري (1/ 271 - 6/ 580 فتح)، ومسلمٌ (15/ 39 نووى) والترمذي (3631)، وأحمد (3/ 132)، والشافعي في "المسند"(ص 15 - 16)، وفي "الأم"(1/ 28) والفريابي في "دلائل =

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= النبوة" (ق 6/ 1)، وابن حبان في "صحيحه" (ج8/ رقم 6505)، والبيهقيُّ (1/ 193) في "دلائل النبوة" (4/ 121)، والبغويُّ في "شرح السُّنة" (2/ 24) جميعًا عن مالك، وهذا في "موطئه" (1/ 32/32) عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنسٍ به.

قال الترمذيُّ:

"حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

وقد رواه عن مالكٍ جماعةٌ من أصحابه، منهم:

"قتيبة بنُ سعيد، وعبد الرحمن بن مهدى، ومعن بن عيسى، والقعنبى، وأبو مصعب ، وابنُ وهب، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى، والشافعيُّ".

وللحديث طرقٌ أخرى عن أنسٍ. منها:

1 -

ثابت البُنانى، عنه، قال:

"دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بماءٍ، فأُتى بقدحٍ وحراحٍ، فجعل القوم يتوضئون، فحزرت ما بين الستين إلى الثمانين، قال: فجعلتُ أنظر إلى الماء ينبُع من بين أصابعه".

أخرجه البخاريُّ (1/ 304 - فتح) ، ومسلمٌ (15/ 38 - نووى) ، وأحمد (3/ 147) وابنُ سعد في "الطبقات"(1/ 178) وابنُ خزيمة (ج 1 / رقم 124) والفريابى في "الدلائل"(ق 6/ 2)، وأبو يعلى (ج 6 / رقم 3329)، وابنُ حبان (ح8 / رقم 6512)، والبيهقيُّ (1/ 30) وفي =

ص: 315

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= "الدلائل"(4/ 122، 123) وفي "الاعتقاد"(273، 274)، والبغوى (2/ 25) من طرقٍ عن حماد بن زيد، عن ثابتٍ.

وقد رواه عن حماد جماعةٌ من أصحابه، منهم:

"مسدد بن مسرهد، وأبو الربيع الزهراني سليمان بن داود، وسليمان ابن حرب، ويونس بن محمد المؤدب ، وعفان بن مسلم، ومحمد بن عبيد ابن حسَّاب" كلُّهم قالوا في روايتهم: "بقدحٍ رحْرَاح".

وتابعهم أحمد بن عبدة عند ابن خزيمة لكنه خالفهم في هذا الحرف، فقال:"بقدح زجاج".

وبوَّب عليه ابنُ خزيمة بقوله: "بابُ إباحة الرضوء من أوانى الزجاج، ضد قول بعض المتصوفة الذي يتوهَّمُ أن اتخاذ أوانى الزجاج من الإسراف، إذ الخزفُ أصلبُ وأبقى من الزجاج".

ثُمَّ ذكر ابنُ خزيمة أن غير واحدٍ رواه عن حماد بن زيد بلفظ "رحراح" ثم قال: "والرحراح إنما يكون الواسعُ من أوانى الزجاج لا العميق منه" فوفق بين الروايتين.

ولكن قال الحاقظ في "الفتح"(1/ 304):

"وصرّح جمعٌ من الحُذَّاق بأن أحمد بن عبدة صحَّفها، ويقوى ذلك أنه أتى في روايته بقوله "أحسبُهُ" فدلَّ على أنّه لم يُتقنْهُ، فإن كان ضبطها فلا منافاة بين روايته ورواية الجماعة، لاحتمال أن يكونوا وصفوا هيئته، وذكر هو جنسه" اهـ.

* قُلْتُ: وهذا الاحتمال الأخير أولى. والله أعلمُ.

وتابعه حمَّادُ بنُ سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: =

ص: 316

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= "حضرت الصلاة، فقام جيران المسجد يتوضئون، وبقى ما بين السبعين والثمانين وكانت منازلهم بعيدة، فدعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمخضبٍ فيه ماء، ما هو بملآن، فوضع أصابعه فيه، وجعل يصبُ عليهم ويقول: "توضئوا" حتى توضئوا كلُّهم، وبقى في المخضب نحو ما كان فيه، وهم نحو السبعين إلى المائة".

أخرجه أحمد (3/ 175، 248) عن عفان ومؤمل وابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 218) عن عفان، ثنا حماد بن سلمة به وسندهُ صحيحٌ على شرط مسلم.

وأخرجه ابنُ سعدٍ في "الطبقات"(1/ 178) أخبرنا عفان، أخبرنا حماد ابن سلمة به.

وتابعه أيضًا سليمان بن المغيرة، عن ثابتٍ قال: قلت لأنس: يا أبا حمزة! حدَّثْنا من هذه الأعاجيب شيئًا شهدته، لا تُحدِّثُهُ عن غيرك (1)، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر يومًا ثم انطلق حتى قعد على المقاعد التي كان يأتيه جبريل عليها، فجاء بلالٌ فناداه بالعصر فقاء كلُّ من كان له بالمدينة أهلٌ حتى يقضى الحاجة، ويصيبَ من الوضوء، وبقى رجالٌ من المهاجرين ليس لهم أهالى بالمدينة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدحٍ أرْوح فيه ماءٌ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفَّهُ في الإناء، فما وسع الإناء كفَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّها، فقال بهؤلاء الأربع في الإناء ثم قال:"ادنوا فتوضئوا" ويدهُ في الإناء، =

(1) كذا عند جميع المخرجين، ووقع عند أبي يعلى:"لا يحدِّثهُ غيرك" وقد رواه ابن حبان عن أبي يعلى وفيه: "لا تحدثه عن غيرك"، وكذا هو عند الفريابي.

ص: 317

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= فتوضأوا حتى ما بقى منهم أحدٌ إلَّا توضأ. قال: قلت: يا أبا حمزة!

كم تراهم؟ قال: ما بين السبعين والثمانين".

أخرجه أحمد (3/ 139، 169)، والَّلفْظُ له، وابنُ سعد (1/ 177 - 178) وعبدُ بن حميد في "المنتخب"(1284) والفريابى في "الدلائل"(ق 6/ 2)، وأبو يعلى (ج 6 / رقم 3327)، وابنُ حبان (ج8 / رقم 6509) من طرق عن سليمان بن المغيرة (1).

* قُلْتُ: وما وقع في رواية حماد بن سلمة أن العدد كان نحو السبعين إلى المائة يُجمع بينه وبين الرواية الأخرى أنهم كانوا ما بين السبعين والثمانين بأنَّ أنسًا لم يكن يضبط عدَّتهم، وقد وقع في رواية حميد لمطويل، عن أنسٍ:"أنهم كانوا ثمانين وزيادة" فالمائة زيادةٌ على الثمانين، فلربما جزم بالمجاوزة حيثُ يغلب ذلك على ظنِّه، والله أعلمُ.

وتابعهم عبيد الله بن عمر، عن ثابت به.

أخرجه البيهقيُّ في "الدلائل"(4/ 123).

2 -

حميد الطويل، عن أنسٍ، قال:

"حضرت الصلاةُ فقام مَنْ كان قريب الدار إلى أهله وبقى قومٌ، فأُتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمخضبٍ من حجارةٍ فيه ماءٌ، فصغُر المخضبُ أن يبسُط فيه كفَّهُ، فتوضأ القومُ كلُّهم. قلنا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة. =

(1) ورواه عن سليمان جماعة منهم: "هاشم بن القاسم، وحجاج، وعفان بن مسلم وهُدْبة بن خالدٍ".

ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= أخرجه البخاريُّ (1/ 301 - فتح) والَّلفْظ له وأبو يعلى (ج 4 / رقم 3745) والبيهقيُّ في "الدلائل"(4/ 123)، وابنُ حبان (ج 8 / رقم 6511) عن عبد الله بن بكر، حدثنا حميد به.

ولم يذكر ابن حبان لفظة: "وزيادة".

ورواه يزيد بن هارون، أخبرنا حميد به.

أخرجه البخاريُّ (6/ 581 فتح)، وابن أبي شيبة (11/ 475)، وأحمد (3/ 106)، والفريابى في "الدلائل"(ق 6/ 2 - 7/ 1). وقد وقعت الزيادة عند أحمد.

3 -

قتادةُ، عن أنسٍ، قال:

"أُتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بإناءٍ وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبُع من بين أصابعه، فتوضأ القومُ".

قال قتادةُ: قلتُ لأنسٍ: كم كنتم؟

قال: ثلاثمائة، أو زهاء ثلاثمائة.

أخرجه البخاري (6/ 850 - فتح)، والَّلفْظُ لَهُ، ومسلمٌ (2279/ 6)، وأحمدُ (3/ 170، 215)، وأبو يعلى (ج 5 / رقم 3193)، واللالكائى في "أصول الاعتقاد"(رقم 1480) والبيهقى في "الدلائل"(4/ 124 - 125) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنسٍ به.

ورواه عن قتادة جماعةٌ من أصحابه، منهم: =

ص: 319

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= "محمد بن جعفر، وابنُ أبي عدىّ، وخالد بن الحارث، ومحمد بن بكر".

وخالفهم مكيُّ بن إبراهيم، فرواه عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن أنسٍ به.

أخرجه أبو نعيم في "الدلائل".

ورواية الجماعة أرجح من رواية مكيّ بن إبراهيم.

قال الحافظ في "الفتح"(6/ 585):

"فلو كان هذا محفوظًا اقتضى أنَّ في رواية الصحيح انقطاعًا، وليس كذلك، لأنَّ مكىَّ بْنَ إبراهيم ممن سمع من سعيد بن أبي عروبة بعد الاختلاط" اهـ.

* قُلْتُ: ووقع للحافظ ذهولٌ غريب، فقال في الموضع المتقدم:

"لم أره من رواية قتادة إلا معنعنًا"!!

وقد صرّح قتادة بالتحديث عن أنسٍ في "صحيح مسلمٍ".

وقد توبع سعيد، عن قتادة.

فتابعه همام بن يحيى، عن قتادة به.

أخرجه أحمد (3/ 289) والفريابى في "الدلائل"(ق 6/ 1 - 2)، وأبو يعلى (ج 5 / رقم 2895)، وابنُ حبان (ج 8 / رقم 6513) ، وأبو نُعيم في "الدلائل"(رقم 317).

وتابعه أيضًا شعبةُ، عن قتادة.

أخرجه أبو يعلى (ج 5/ رقم 3172) حدثنا أبو موسى، حدثنا محمد =

ص: 320

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= ابن جعفر، حدثنا شعبة.

* قُلْتُ: هكذا رواه أبو يعلى عن أبي موسى محمد بن المثنى.

وقد أخرجه مسلمٌ، والبزار (ج 3/ رقم 2416) وقوام السنة الأصبهانيُّ في "الدلائل"(رقم 131) عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن سعيد بن أبي عروبة. وتابعه أحمد بن حنبل، فرواه في "مسنده"(3/ 170) عن محمد بن جعفر، عن سعيد بن أبي عروبة به.

قال المزىّ في "الأطراف"(1/ 311، 334): "وقال بعضُهم: غُنْدر، عن شعبة، والصحيح: عن سعيد" اهـ. فإن ثبت هذا الوهم فهو ممن دون محمد بن المثنى لمتابعة الإِمام أحمد إياه، مع أنه ليس هناك ما يمنع أن يرويه محمد بن جعفر على الوجهين.

[تنبيه]: وهم الهيثميُّ وهمًا غريبًا عندما أثبت حديث أنس في "روائد البزار" ثم قال: "هو في الصحيح خلا قوله "ثلاث مائة" وبهذا السند والَّلفظ في "صحيح مسلم" كما مرّ بك آنفًا.

4 -

الحسن البصريّ، قال: حدثنا أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال:

"خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بعض مخارجه ومعه ناسٌ من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاةُ فلم يجدوا ماءً يتوضئون. فانطلق رجلٌ من القوم، فجاء بقدحٍ من ماءٍ يسير، فأخذه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثمَّ مدَّ أصابعه الأربع على القدح، ثم قال: "قوموا =

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= فتوضئوا"، فتوضأ القومُ حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء، وكانوا سبعين أو نحوه".

أخرجه البخاريُّ (6/ 581 - فتح) والَّلفْظُ لَهُ، وأحمد (3/ 216)، وابنُ سعدٍ في "طبقاته"(1/ 178 - 179)، وأبو يعلى (ج 5/ رقم 2759)، والفريابي في "دلائل النبوة"(ق 12/ 2) والبيهقي في "الدلائل"(4/ 124) من طريق حزم بن مهران القطعيّ، عن الحسن به.

5 -

سعيد بن سليم الضبيُّ، حدثنا أنسُ بنُ مالكٍ ..

فذكر حديثًا طويلًا وفيه: " .... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه "قوموا واقضوا حاجتكم"، ففعلوا ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: "هل مع أحدٍ منكم ماءٌ؟ " قال رجل منهم: يا رسول الله ميضأةٌ فيها شىءٌ من ماءٍ. قال: "جىء بها"، فجاء بها، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحها بكفيه ودعا بالبركة، ثم قال لأصحابه: "تعالوا فتوضأوا" فجاءوا، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ عليهم حتى توضئوا، وأذَّن رجل منهم وأقام، قال: فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لصاحب الميضأة: "ازدهر بميضأتك، فسيكون لها نبأ"

الحديث.

أخرجه أبو يعلى (ج 7 / رقم 4238).

قال الهيثميُّ في "المجمع"(8/ 300):

"فيه سعيد بن سليم الضبى وثقه ابن حبان وقال: "يخطىء" وضعّفه =

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= غيرهُ وبقية رجاله رجال الصحيح".

* قُلْتُ: ويظهر أن صاحب الميضأة هو أبو قتادة الأنصارىّ.

وقد أخرج حديثه مسلم (681/ 311)، وأحمد (5/ 302)، وابنُ أبي شيبة (ج 14 / رقم 18812)، وعبد الرزاق (ج 11 / رقم 20538) والفريابى في "الدلائل"(8/ 2 - 9/ 1) وابن سعد (1/ 180 - 182).

وأبو نعيم في "الدلائل"(رقم 315، 316) من طرق عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة وساق حديثًا طويلًا وفيه. "

ثم دعا بميضأةٍ كانت معي فيها شىء من ماءٍ، فتوضأ منها وضوء دون وضوءٍ. قال: وبقى فيها شىء من ماء، ثم قال لأبي قتادة: "احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ

الحديث".

وسيأتي تخريجه في "كتاب الصلاة" إن شاء الله تعالى.

قال الترمذيُّ:

"وفي الباب عن عمران بن حصين، وابن مسعودٍ، وجابرٍ، وزياد بن الحارث الصدائى".

* أولًا: حديث عمران بن حصين، رضي الله عنه.

يأتي برقم (321).

* ثانيًا: حديث ابن مسعود، رضي الله عنه.

يأتي في الحديث القادم. =

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

* ثالثًا: حديث جابر رضي الله عنه. يأتي بعد حديثٍ.

* رابعًا: حديث زياد بن الحارث الصدائى، رضي الله عنه.

أخرجه الفسويُّ في "تاريخه"(2/ 495 - 496)، وابنُ عبد الحكم في "فتوح مصر"(ص 312، 313) والطبرانيُّ في "الكبير"(ج 5 / رقم 5285)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(رقم 321)، والفريابى في "دلائل النبوة"(ق 11/ 2)، والبيهقيُّ في "السنن"(1/ 380 - 381)، وفي "الدلائل"(4/ 125 - 127 و 5/ 355 - 357).

من طريق عبد الرحمن بن زياد الأفريقى، ثنا زياد بن نعيم، قال: سمعتُ زياد بن الحارث الصدائى. فساق حديثًا طويلًا وفيه: "حتى إذا طلع الفجر نزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فتبرز، ثم انصرف إلى وهو يتلاحق أصحابه فقال: "هل من ماءٍ يا أخا صداء؟ " قلتُ: لا إلَّا شىءٌ قليل لا يكفيك. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "اجعلْهُ في إناءٍ ثمَّ ائتنى به". ففعلتُ، فوضع كفَّهُ في الماء. قال الصدائيُّ: فرأيتُ بين أصبعين من أصابعه عينًا تفورُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أنى أستحيى من ربى عز وجل لسقينا واستقينا، ناد أصحابى من له حاجة إلى الماء"، فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم شيئًا. ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فأراد بلالُ أن يُقيم، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إن أخا صداءٍ هو أذَّن، فهو يُقيم"

الحديث.

وأخرج آخره من هذا الوجه:

أبو داود (514)، والترمذيُّ (199)، وابنُ ماجة (717)، =

ص: 324

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= والبخاريُّ في "التاريخ الكبير"(2/ 1/ 344)، وأحمد (4/ 169)، وابنُ أبي شيبة (1/ 216)، وعبد الرزاق (ج1/ رقم 1833) وعنه الطبرانى في "الكبير"(ج 5/ رقم 5286 - 5287)، وابنُ سعدٍ في "الطبقات"(1/ 326 - 327)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 265 - 266) وفي "الحلية"(7/ 114) وعنه الخطيب في "السابق واللاحق"(ص 120).

قال الترمذيُّ:

"وحديثُ زياد إنما نعرفه من حديث الأفريقى، وهو ضعيفٌ عند أهل الحديث ضعّفه يحيى بنُ سعيد القطان وغيرهُ، قال أحمدُ: لا أكتبُ حديث الأفريقى. قال: ورأيتُ محمد بن إسماعيل يُقوى أمرهُ، ويقول: هو مقاربُ الحديث" اهـ.

وحسَّن هذا الحديث ابن عساكر، فتعقَّبه شيخُنا الألباني في "الضعيفة"(رقم 35) بما يُنظر فيه. والله أعلمُ.

* قُلْتُ: وفي الباب أيضًا عن ابن عباس، رضي الله عنهما:

أخرجه أحمدُ (1/ 324،251)، والفريابى في "الدلائل"(ق 12/ 1)، والبيهقيُّ أيضًا في "الدلائل"(4/ 127 - 128) من طرق عن أبي كدينة، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباسٍ، قال:"أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في العسكر ماءٌ، فقال رجلٌ: يا رسول الله! ليس في العسكر ماءٌ، قال: "هل عندك شىءٌ" قال =

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= نعم. فأتى بإناءٍ فيه ماءٌ. قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في فم الإِناء، وفتح أصابعه، قال: فرأيتُ العيون تتبع من بين أصابعه، قال: فأمر بلالًا ينادى في الناس: "الوضوء المبارك".

* قُلْتُ: وأبو كدينة واسمه يحيى بن المهلب وثقه ابنُ معين، وأبو داود، والنسائيُّ، والعجليُّ، والفسويُّ، وابنُ حبان وقال:"ربما أخطأ".

وقد خالفه خلف بنُ خليفة، فرواه عن عطاء بن السائب، عن الشعبى، عن ابن عباس به وفيه زيادةٌ في آخره.

أخرجه الطبرانيُّ في "الكبير"(ج 12/ رقم 12560) والطحاوي في "المشكل"(3/ 179 - 180) بالزيادة، والبزار (ج3 / رقم 2415) من طريقين عن خلف بن خليفة به.

قال البزَّارُ:

"لا نعلمُ أحدًا حدَّث به عن عطاء، عن الشعبى إلا خلف، ولا نعلم أسند عطاء عن الشعبى إلَّا هذا، ورواه أبو كدينة عن عطاء، عن أبي الضحى، عن ابن عباس" اهـ.

فهذا تعليلٌ من البزار لرواية خلف، ولا شك أن أبا كدينة أقوى من خلف بن خليفة، فروايته أرجح، ولكن تبقى في الحديث علةُ اختلاط عطاء ابن السائب، غير أن الحديث يتقوى بشواهده. والله أعلمُ.

* وفي الباب عن البراء بن عازب، رضي الله عنه:

أخرجه البخاريُّ (6/ 581 و 7/ 441 فتح) والَّلفْظُ له، وابنُ أبي شيبة =

ص: 326

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= (11/ 475 - 476 و 14/ 435)، والفريابى (ق 9/ 2) وقوام السنة الأصبهانى (129)، وأبو نعيم (318)، والبيهقيُّ (4/ 110) أربعتهم في "الدلائل"، وهذا أيضًا في "الاعتقاد"(275) من طريق أبي إسحق، عن البراء رضي الله عنهما أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة أو أكثر، فنزلوا على بئر فنزحوها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى البئر وقعد على شفيرها ثم قال:"ائتونى بدلوٍ من مائها" فأتى به، فبصق فدعا، ثم قال:"دعوها ساعة" فأرووا أنفسهم وركابهم حتى ارتحلوا.

وقد صرّح أبو إسحق بالتَّحديث في روايةٍ للبخارىّ.

وتابعه يونس بن جبير، عن البراء بسياقٍ آخر.

أخرجه أحمدُ (4/ 292، 297)، والفريابى (ق 9/ 1 - 2)، والطبرانى في "الكبير"(ج 2/ رقم 1177) من طريق سليمان بن المغيرة، ثنا حميد ابن هلالٍ، ثنا يونس بن جبير.

قال الهيثميُّ في "المجمع"(8/ 300):

"رجالُه رجالُ الصَّحيْح".

[تنبيهٌ]: قد رأيت أنَّ أحاديث تكثير المَاءِ ببركتِهِ صلى الله عليه وسلم كثيرةٌ، قد رواها غير واحدٍ من الصحابة، فيستغربُ أن يقول ابنُ بطَّال رحمه الله:

"هذا الحديث شهده جماعةٌ كثيرةٌ من الصحابة، إلَّا أنه لم يرو إلَّا من طريق أنسٍ، وذلك لطول عمره وتطلب الناس العلو في السند" اهـ.

فتعقَّبه الحافظ في "الفتح"(6/ 585) بقوله:

"وهو ينادى عليه بقلة الاطلاع والاستحضار لأحاديث الكتاب الذي شرحه، وبالله التوفيق" اهـ.

ص: 327

77 -

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَأُتِىَ بِتَوْرٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَيَقُولُ «حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ عز وجل» .

ــ

77 -

إِسْنَادهُ صَحِيْحٌ.

* سفيان: هو الثوريُّ.

* إبراهيم: هو النخعيُّ.

والحديث أخرجه أحمد (1/ 401 - 402)، وابن حبان في "صحيحه"(ج 8/ رقم 6506)، والبيهقيُّ في "دلائل النبوة"(4/ 129 - 130) من طريق عبد الرزاق، ثنا سفيان الثورى، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ.

وقد خولف عبد الرزاق فيه.

خالفه قبيصة بنُ عقبة، فرواه عن الثورىّ، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ به.

فجعل شيخ الثورىّ هو "منصور" لا: "الأعمش".

أخرجه ابنُ صاعد في "حديث ابن مسعودٍ"(ج 2/ ق 9/ 1 - 2). =

ص: 328

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= قال: نا محمد بن عثمان بن كرامة، نا قبيصةُ، عن سفيان به.

* قُلْتُ: وهذا عندي ليس بقادح، لأن الحديث محفوظٌ من رواية منصور والأعمش معًا عن إبراهيم كما يأتي قريبًا ومما يدلُّ على ذلك أن قييصة رواه عن الثوريّ عن الأعمش مثل رواية عبد الرزاق.

أخرجه ابن صاعدٍ أيضًا (ق 9/ 2).

فهذا يدلُّ على أن قبيصة كان يرويه على الوجهين، وهو وإن تكلَّم فيه بعض النقاد في خصوص روايته عن الثورى، فإنَّ في ذلك نظرًا كما بينته في الحديث رقم (37) من هذا الكتاب فراجعه.

هذا:

وقد رواه آخرون عن الأعمش، منهم:

1 -

عمَّار بن رزيق، عنه:

أخرجه الدَّارميُّ (1/ 22)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة"(311) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبو الجواب، عن عمار بن رزيق بسنده سواء.

وهذا سندٌ صحيحٌ.

2 -

أبو إسحق الهمدانى، عنه:

أخرجه الإِسماعيليُّ في "معجمه"(ق 57/ 2)، والطبرانيُّ في "الصغير"(2/ 59) وأبو الشيخ في "ذكر رواية الأقران"(ق 4/ 1)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(2/ 156) والذهبيُّ في "تذكرة الحفاظ"(3/ 848) من طريق عن يحيى بن إسحق، حدثنا عبد الكبير بن دينار، =

ص: 329

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= حدثنا أبو إسحق الهمدانيُّ، حدثنا الأعمش بسنده سواء.

قال الطبرانيُّ:

"لم يروه عن أبي إسحق إلا عبد الكبير بنُ دينار، ولا عنه إلَّا يحيى ابن إسحق".

* قُلْتُ: أمَّا يحيى بن إسحق، فهو الكاشَغُونى -بضم الغين بعدها واو ساكنة ثم نون-.

قال الحافظ في "التبصير"(ص 1202):

"روى عن عبد الكبير بن دينار الصائغ؛ وعنه محمد بن عبد الله بن قهزاذ، حديثُه في "معجم الطبرانيّ".

وذكره ابن حبان في "الثقات" في ترجمة عبد الكبير بن دينار، ولم أقف على حاله.

وعبد الكبير بن دينار، ذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 139).

ووقع عند الدّارميِّ وغيره:

"

أن الأرض زلزت على عهد عبد الله -يعني: ابن مسعود- فأُخبر بذلك، فقال: إنَّا كنا أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم نرى الآيات بركات، وأنتم ترونها تخويفًا، بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، إذ حضرت الصلاةُ وليس معنا ماء إلا يسير

ثم ساق الحديث بنحوه.

وقد توبع الأعمش.

وتابعه منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، بسنده سواء.

ص: 330

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= أخرجه البخاريُّ (6/ 587 - فتح)، والترمذيُّ (3633)، والدَّارميُّ (1/ 22)، وأحمدُ (1/ 460)، وابنُ أبي شيبة (11/ 475)، وكذا ابنُ خزيمة (ج 1 / رقم 204) والفريابى في "الدلائل"(ق 9/ 1)، وأبو يعلى في "مسنده"(ج 9 / رقم 5372)، والطبرانيُّ في "الصغير"(1/ 227)، وابنُ عبد البر في "التمهيد"(1/ 219) وابن صاعد في "حديث ابن مسعود"(ج2 / ق 8/ 2، 9/ 1)، وأبو نعيم في "الدلائل"(312) ، واللالكائى في "أصول الاعتقاد"(1479)، والبيهقيُّ في "الدلائل"(4/ 129)، وفي "الاعتقاد"(139 - 140)، وقوام السُّنة الأصبهانى في "دلائل النبوة"(رقم 5، 128) والبغوي في "شرح السنة"(13/ 290) من طرق عن إسرائيل بن يونس، عن منصور بن المعتمر.

قال الطبرانيُّ:

"لم يروه عن منصور، إلا إسرائيل".

* قُلْتُ: وهو ثقةٌ نبيلٌ (1).

وتابعه عمرو بن أبي قيس، عن منصور بسنده سواء، وفيه:"وجعلتُ -القائلُ: ابنُ مسعودٍ- لا آلو ما جعلت في بطنى، وعرفتُ أنها بركةٌ من الله نزلت".

أخرجه ابنُ صاعد في "حديث ابن مسعودٍ"(ج 2 / ق 9/ 2) نا محمد ابن إسحق، نا محمد بن حميدٍ، نا هارون بنُ المغيرة، عن عمرو بن أبي قيسٍ به. =

(1) وقد رواه عنه جماعة من أصحابه منهم: "عبيد الله بن موسى، والوليد بن القاسم بن الوليد، وأبو أحمد الزبيرى محمد بن عبد الله بن الزبير: وإسماعيل بن عمرو البجلي".

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= وهذا سندٌ واهٍ، ومحمد بن حميد هو الرازى؛ تالفٌ مع حفظه كما تقدَّم ذكرهُ في هذا الكتاب. ومحمد بن إسحق هو الصاغانى.

وخالفهما جرير بن عبد الحميد، فرواه عن منصور، عن إبراهيم، قال: بلغ عبد الله خسفًا

فذكره.

فأسقط "علقمة".

أخرجه ابنُ صاعدٍ أيضًا، وقال:

"رواه جرير مرسلًا" اهـ.

والزيادة مع الواصل، وقد قبلها البخاريُّ وغيرهُ.

قال الترمذيُّ:

"حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

وعند الدَّارميِّ وغيره:

"

سمع عبدُ الله بخسفٍ، فقال: كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفًا

ثم ساق الحديث بنحوه.

وفي آخره: قال عبدُ الله: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل".

***

ص: 332

87 -

قَالَ الأَعْمَشُ فَحَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ.

ــ

78 -

إسْنَادهُ صَحِيْحٌ.

وهو معطوف على الإِسناد السابق.

وأخرجه أحمدُ (1/ 402) مثل رواية المصنف، وكذا ابن حبان (ج 8/ رقم 6506).

والحديث أخرجه البخاريُّ (10/ 101 - فتح)، والَّلفْظُ لَهُ، ومسلمٌ (1856/ 73) والدارميُّ (1/ 22) مختصرًا، والفريابى في "الدلائل"(ق 9/ 2) وابن حبان (ج 8/ رقم 6504، 6506)، والبيهقيُّ في "الدلائل"(4/ 116 - 117) من طرق عن جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، حدثني سالم بنُ أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما هذا الحديث، قال:"قد رأيتُنى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حضرت العصر وليس معنا ماءٌ، غير فضلة، فجُعل في إناءٍ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم به، فأدخل يده فيه وفرَّج أصابعه ثم قال: "حي على أهل الوضوء. البركةُ من الله"، فلقد رأيتُ الماء يتفجَّرُ من بين أصابعه، فتوضأ الناسُ وشربوا، فجعلتُ لا آلو ما جعلتُ في بطنى منه، فعلمتُ أنه بركة.

قلت لجابر: كم كنتم يومئذٍ؟

قال ألفُ وأربعمائة. =

ص: 333

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= وقد رواه عن جرير بن عبد الحميد جماعةٌ، منهم:

"إسحق بن راهوية، وقتيبةُ بنُ سعيد، وعثمان بن أبي شيبة".

وهذا الاختلاف في العدد سيأتي تأويلُه إنْ شاء الله تعالى.

وقد توبع الأعمش.

تابعه اثنان ممن وقفت عليهما:

1 -

حصين بن عبد الرحمن، عن سالم، عن جابرٍ قال:

"عطش الناسُ يوم الحديبية، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين يديه رَكْوةٌ، فتوضأ منها ثُمَّ أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لكم؟ " قالوا: يا رسول الله! ليس عندنا ماءٌ نتوضأُ به ولا نشربُ إلَّا ما في ركوتك. قال: فوضع النبيُّ صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون. قال: فشربنا وتوضأنا.

فقلتُ لجابرٍ: كم كنتم يومئذٍ؟

قال: لو كنا مائة ألفٍ لكفانا، كنَّا خمس عشرة مائة".

أخرجه البخاريُّ (6/ 581 و 7/ 441 فتح)، والَّلفْظُ لَهُ، ومسلمٌ (1856/ 73) وأبو عوانة (4/ 488 - 489) مختصرًا، وأحمدُ (3/ 329)، وابنُ أبي شيبة (14/ 444) وابن خزيمة (ج 1/ رقم 125)، والفريابي في "الدلائل"(ق 9/ 1 - 2)، وابنُ حبان (ج 8 / رقم 6507، 6508)، وأبو نعيم (313، 314)، وقوام السُّنة الأصبهاني (130)، والبيهقيُّ (4/ 115 - 116) ثلاثتهم في "الدلائل"، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(13/ 291) من طرق عن حصين. =

ص: 334

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= 2 - عمرو بن مرة، عن سالم بنحوه:

أخرجه البخاريُّ (8/ 587 - فتح)، ومسلمٌ (1856/ 72)، وأبو عوانة (4/ 488) وأحمد (3/ 308)، والفريابى (9/ 2)، وقوام السُّنة الأصبهاني (25) كلاهما في "الدلائل"، وابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 220)، وأبو طاهر المخلص في "الفوائد"(ج 6 / ق 186/ 1)، والبيهقي في "الاعتقاد"(238)، وعبد بن حميد في "المنتخب"(1104)، والحميديُّ (1225)، وابنُ سعد في "الطبقات"(2/ 98)، والطيالسيُّ (239).

وأخرجه المصنِّفُ في "كتاب التفسير"(ج 2/ رقم 526) والدارميُّ (1/ 21)، وأحمدُ (3/ 353، 365) وابنُ سعد (1/ 182 - 183)، وأبو القاسم البغوىّ في "مسند ابن الجعد"(1/ 285/ 84)، واللالكائى في "أصول الاعتقاد"(1481، 1482) والبيهقيُّ في "الدلائل"(6/ 11) وفي "الاعتقاد"(272) وابنُ مندة في "التوحيد"(177)، وقوام السُّنة الأصبهانى في "الدلائل"(130)(294) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، وحصين معًا، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

ثم اعلم -علَّمنى الله وإياك- أن للحديث طرقًا أخرى عن جابر.

1 -

أنس بن مالكٍ، عنه.

أخرجه الدارميُّ (1/ 22)، وأحمدُ (3/ 343)، وأبو يعلى (ج4 / رقم =

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= 2107)، والبيهقيُّ في "الدلائل"(6/ 12) من طرقٍ عن جعفر بن سليمان، أخبرنا الجعد أبو عثمان، عن أنس بن مالك، عن جابر بن عبد الله، قال:"شكا الناسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا العطشَ، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِعُسٍّ. قال: وقال: "عند أحدٍ منكم ماءٌ؟ ". قال: فأُتى بميضأةٍ فصَبَّ فيه. قال: ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في العُسِّ. قال جابر: فكنتُ أنظرُ إلى العيون تنبعُ بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناسُ يستقون.

* قُلْتُ: وسندهُ قوىٌّ.

2 -

نُبيح العنزىّ، عنه.

أخرجه الدَّارميُّ (1/ 21) والَّلفظُ لَهُ، وأحمدُ (3/ 292، 358)، وابنُ أبي شيبة (11/ 474 - 475)، والفريابى (9/ 1)، وابنُ خزيمة (1/ 56 - 57)، والبيهقيُّ في "الدلائل"(4/ 117) من طريق الأسود بن قيس، عن جابرٍ قال: غزونا أوسًا، فسرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن يومئذٍ بضعة عشر ومائتين، فحضرت الصلاةُ، فقال رسول الله صلى الله عليه رسلم:"هل في القوم من طهور؟ " فجاء رجلٌ يسعى بإداوةٍ فيها شىءٌ من ماءٍ، وليس في القوم ماءٌ غيرهُ، فصبَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في قدحٍ، ثمَّ توضأ فأحسن الوضوء، ثمَّ انصرف وترك القدح، فركب الناسُ ذلك القدح، وقالوا: تمسحوا، تمسحوا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"على رسلكم" حين سمعهم يقولون ذلك، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفَّهُ في الماء والقدح وقال:"بسم الله"، ثمَّ قال:"أسبغوا الطهور"، فوالذى هو ابتلانى ببصرى، لقد رأيتُ =

ص: 336

. . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= العيون، عيون الماء، تخرج من بين أصابعه، فلم يرفعها حتى توضئوا جميعًا".

* قُلْتُ: وهذا سندٌ صحيحٌ.

وهو حديثٌ طويلٌ، أخرج الحاكم بعضه (4/ 111) وصححه ووافقه الذهبيُّ.

3 -

عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عنه.

وقد ساق حديثًا طويلًا، وفيه:

"

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا جابر! ناد بوضوءٍ". فقُلتُ: ألا بوَضُوْءٍ؟ قال: قلت: يا رسول الله! ما وجدت في الرَّكب من قطرةٍ. وكان رجل من الأنصار يُبَرِّدُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشجابٍ (1) له على حِمَارةٍ (2) من جريد. قال: فقال لي: "انطلقَ إلى فلان بن فلان الأنصارى فانظر هل في أشجابه من شيءٍ". قال: فانطلقتُ إليه فنظرتُ فيها فلم أجد فيها إلا قطرةً في عزلاء شجْبٍ منها لو أني أفرغهُ لشربه يابِسُهُ (3)!!، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول الله! إني لم أجد فيه إلَّا قطرةً في عزلاء شجبٍ منها لو أني أُفْرِغُهُ لشربه يابِسُهُ. قال: "اذهب فائتني" فأتيتُه به، فأخذه بيده، =

(1) الأشجاب جمع شَجْبٍ وهو السقاء البالي.

(2)

الحمارةُ بكسر الحاء وتخفيف الميم هى أعواد تُعلَّقُ عليها أسقيةُ الماء.

(3)

ومعناه أن الماء قليل جدًّا فلو أردت أن أفرغه لاشتفه جلدُ السقاء اليابس ولم ينزل منه شيء.

ص: 337

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= فجعَل يتكلَّمُ بشيءٍ لا أدري ما هو، ويغمز بيديه، ثم أعطانيه فقال:"يا جابر! ناد بجفنةٍ" فقلتُ: يا جفنة الركب!، فأتيتُ بها تُحملُ، فوضعتُها بين يديْ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في الجفنة هكذا، فبسطها، وفرَّق بين أصابعه، ثمَّ وضعها ثم قعر الجفنة، وقال:"خذْ يا جابر فصُبَّ عليَّ وقلْ بسم الله". فصببتُ عليه وقلتُ: بسم الله، فرأيتُ الماء يتفَوَّرُ من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ فارت الجفنةُ ودارت حتى امتلأت.

فقال: "يا جابر! ناد من كان له حاجةٌ بماءٍ". فأتى الناس فاستقوا حتى رووا. قال: فقلتُ: هل بقى أحدٌ له حاجةٌ؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة، وهى ملأى .... ".

أخرجه مسلمٌ (18/ 145 - 146 نووي) والَّلفْظُ لَهُ، وقوامُ السُّنة الأصبهاني، (37)، والبيهقي (6/ 7 - 10) كلاهما في "الدلائل" من طريق يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد.

وقد رواه عن جابر آخرون كأبي الزبير، وعمرو بن دينار وغيرُهما.

ثُمَّ اعلم أن هذه الأحاديث جرت في وقائع متعددة كما صرَّح بذلك ابنُ حبان وغيره، فصلى الله وسلم على نبينا ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون.

***

ص: 338