المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌63 - باب صب الخادم الماء على الرجل للوضوء - بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن - جـ ٢

[أبو إسحق الحويني]

فهرس الكتاب

- ‌44 - بابُ التَّوْقِيتِ فِى الْمَاءِ

- ‌45 - تَرْكُ التَّوْقِيتِ فِى الْمَاءِ

- ‌46 - بابُ الْمَاءِ الدَّائِمِ

- ‌47 - باب مَاءِ الْبَحْرِ

- ‌48 - باب الْوُضُوءِ بِالثَّلْجِ

- ‌49 - باب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الثَّلْجِ

- ‌50 - باب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَرَدِ

- ‌51 - باب سُؤْرِ الْكَلْبِ

- ‌52 - الأَمْرُ بِإِرَاقَةِ مَا فِى الإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ

- ‌53 - باب تَعْفِيرِ الإِنَاءِ الَّذِى وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ بِالتُّرَابِ

- ‌54 - سُؤْرُ الْهِرَّةِ

- ‌55 - باب سُؤْرِ الْحِمَارِ

- ‌56 - باب سُؤْرِ الْحَائِضِ

- ‌57 - باب وُضُوءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا

- ‌58 - باب فَضْلِ الْجُنُبِ

- ‌59 - بابُ الْقَدْرِ الَّذِى يَكْتَفِى بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ

- ‌60 - باب النِّيَّةِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌61 - باب الْوُضُوءِ مِنَ الإِنَاءِ

- ‌62 - باب التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ

- ‌63 - باب صَبِّ الْخَادِمِ الْمَاءَ عَلَى الرَّجُلِ لِلْوُضُوءِ

- ‌64 - باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

الفصل: ‌63 - باب صب الخادم الماء على الرجل للوضوء

‌63 - باب صَبِّ الْخَادِمِ الْمَاءَ عَلَى الرَّجُلِ لِلْوُضُوءِ

80 -

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ - وَاللَّفْظُ لَهُ - عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَيُونُسَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ سَكَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تَوَضَّأَ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ.

ــ

80 -

إِسْنَادهُ جيدٌ، والحديثُ صحيحٌ.

سليمانُ بْنُ داود، هو ابنُ حمَّادٍ، أبو الربيع.

أخرج له أبو داود، ووثَّقهُ هو والمصنَّفُ.

وقال ابنُ يونس:

"كان زاهدًا، وكان فقيهًا على مذهب مالكٍ".

وذكره ابنُ حبان في "الثقات"(8/ 279).

يونس: هو ابنُ يزيد. تقدت ترجمتهُ.

عمرو بن الحارث: هو ابنُ يعقوب، أبو أمية الضمريُّ.

أخرج له الجماعةُ، وهو ثقةٌ حُجَّةٌ. =

ص: 372

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= وثقه ابنُ معين، وأبو زرعة، وأبو حاتمٍ، ويعقوب بن شيبة، والعجليُّ، في آخرين.

وقال أبو حاتم الرازى:

"كان عمرو أحفظ أهل زمانه، لم يكن له نظيرٌ في الحفظ في زمانه".

وناهيك بهذا من أبي حاتم، فقد كان مع عمرو أئمة أعلامٌ كالليث، ومالك وابن عيينة ويونس وجماعة.

وقال ابنُ وهبٍ:

"ما رأيتُ أحفظ من عمرو".

وقال النسائيُّ المصنِّفُ:

"عمرو بن الحارث أحفظ من ابن جريجٍ".

* عبَّادُ بنُ زيادٍ، هو ابنُ أبي سُفْيانَ، ويُكْنَى أبا حربٍ.

لم يوثقه إلا ابنُ حبَّانَ (7/ 158).

وقال ابنُ المدينى:

"مجهولٌ، لم يرو عنه غير الزهريّ".

قُلْتُ: ذكر المزيُّ أن مكحول الشاميَّ روى عنه أيضًا، فتنتفى بذلك جهالةُ عينه، وقد روى له مسلم هذا الحديث الواحد.

وقد أخطأ مالكٌ في نسبه كما يأتي.

* عروة بن المغيرة بن شعبة، أبو يعفور الكوفيُّ.

أخرج له الجماعةُ.

قال الشعبيُّ:

"كان خير أهل بيته".

ووثقه ابنُ حبان (5/ 195) وقال:

ص: 373

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= "كان من أفاضل أهل بيته".

وقال العجليُّ:

"كوفيٌّ، تابعيٌّ، ثقةٌ".

والحديث أخرجه ابنُ وهبٍ في "موطئه" -كما في "التمهيد"(11/ 123) ومن طريقه المُخلَّص في "الفوائد"(ج 11 / ق 233/ 2)، وعنه ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق"(ج 8 / ق 881) عن مالكٍ، ويونس، وعمرو بن الحارث، وابن سمعان، أنَّ ابن شهابٍ أخبرهم، عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة ابن شعبة به.

قال المُخلَّص.

"لم يذكر مالكٌ: عروة بن المغيرة، ولم يذكر ابنُ سمعان: عبَّادًا".

وقال ابنُ عبد البرّ (11/ 123 - 124):

"ولم يذكر مالكٌ عروة بن المغيرة، ولم يذكر ابنُ سمعانَ عبادًا، هكذا قال ابنُ وهبٍ عن هؤلاء كُلِّهم، جمعهم في إسنادٍ واحدٍ، ولفظ واحدٍ كما ترى، إلَّا ما خصَّ من ذكر مالكٍ في عروة، وذكر ابن سمعان في عبَّاد ابن زياد من ولد المغيرة إلَّا من رواية ابن وهبٍ هذه، وإنما يُعرف هذا لمالكٍ. وأظنُّ ابْنَ وهبٍ حمل لفظ بعضهم على بعضٍ، وكان يتساهل في مثل هذا كثيرًا، وقد كان ابنُ شهابٍ ربما أرسل الحديث عن عروة بن المغيرة، ولا يذكرُ عبَّاد بْنَ زيادٍ في ذلك، فمن هنالك لم يذكر ابْنُ سمعان =

ص: 374

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= عبَّاد بْنَ زيادٍ. والله أعلمُ" اهـ.

وأخرجه ابْنُ خزيمة (ج1/ رقم 203)، وابنُ عساكر (ج8 / ق 882) عن ابن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث وحده، عن الزهرىّ به.

وأخرجه أبو داود (149)، وابنُ حبَّان (ج3/ رقم 2221)، وابْنُ عساكر (ج 8 / ق 881) عن ابن وهبٍ، عن يونس بن يزيد وَحْدَهُ، عن الزهريِّ به.

وأخرجه ابنُ عبد البر في "التمهيد"(11/ 123) عن سليمان بن بلال، عن يونسَ به وزاد "حمزة بن المغيرة" مع "عروة بن المغيرة".

وقد رواه عن الزُّهْريِّ جماعةٌ آخرون، منهم:

1 -

ابْنُ جريجٍ عنه.

أخرجه مسلمٌ (274/ 105)، وأبو عوانة (1/ 214 - 215)، والمصنِّفُ في "السنن الكبرى"(ج1/ ق 14/ 2)، وأحمدُ (4/ 251)، والشافعيُّ في "الأم"(1/ 32 - 33)، وفي "المسند"(1/ 28، 29، 32)، وعبد الرزاق في "المصنَّفِ"(ج1/ رقم 748)، وعبدُ بْنُ حُميدٍ (397)، وابنُ خزيمة (ج 3 / رقم 1515)، والطبرانيُّ في "الكبير"(ج20 / رقم 880)، وابْنُ عبد البر في "التمهيد"(11/ 125 - 126)، والبيهقيُّ (1/ 274 و 2/ 295 - 296)، وابنُ عساكر في "التاريخ"(ج 8 / ق 880)، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(1/ 455 - 456)، والمزيُّ في "تهذيب الكمال"(14/ 121 - 122) من طرقٍ عن ابن جريج، به مطوَّلًا.

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= 2 - صالحُ بْنُ كيسان، عَنْهُ.

أخرجه أبو عوانة (1/ 215)، وأحمدُ (4/ 249)، وعنه ابنُ عبد البر (11/ 124 - 125)، وابنُ عساكر (ج8 / ق 880) من طريق يعقوب بن إبراهيم -زاد أحمدُ: وسعد بن إبراهيم- قالا: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهابٍ، قال: حدثني عبَّاد بْنُ زيادٍ -قال سعدٌ: ابنُ أبي سفيان (1) -، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه المغيرة بن شعبة

فذكره.

وأخرجه المصنِّفُ في "الكبرى"(ج1/ ق 14/ 2) أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، نا عمِّى، نا أبي، عن صالح بن كيسان به.

3 -

عُقَيْلُ بْنُ خالدٍ عَنْهُ.

أخرجه الدَّارميُّ (1/ 249) قال: أخبرنا عبدُ الله بْنُ صالح، حدَّثنى الَّليْثُ بْنُ سَعْدٍ، حدَّثني عقيلٌ، عن ابن شهابٍ، أخبرني عباد بن زيادٍ، عن عروة بن المغيرة وحمزة بن المغيرة، عن المغيرة فذكره.

وقد خولف الدَّارميُّ في سنده.

خالفه هارون بن كامل المصريُّ، ثنا عبد الله بْنُ صالحٍ، حدَّثنى الَّليْثُ، حدَّثنى يونسُ بن يزيد، عن ابن شهابٍ، عن عباد بن زيادٍ، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه. فجعل شيخ الليث هو "يونس" بدل "عقيل" =

(1) المرادُ: أنَّ سعد بْنَ إبراهيم نَسَبَ عبَّاد بن زيادٍ، فكأنه قال: هو عبَّادُ بْنُ زياد بن أبي سفيان. ووقع في "التمهيد": "

ابن شهاب، حدثني عباد بن زياد قال: حدثنا سعد بن أبي سفيان

" كذا!! وهو خطأٌ فاحشٌ جدًّا، ما أدرى كيف مرَّ على المحقق؟!! فالله المستعانُ.

ص: 376

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= أخرجه الطبرانيُّ في "الأوسط"(ج 2/ رقم 881) عن شيخه هارون ابْنِ كامل.

قُلْتُ: وشيخُ الطبرانيِّ لم أعرفهُ، وقد رأيتُ له في "المعجم الأوسط"(ج 2 ق 300/ 2 - 301/ 1) أربعة عشر حديثًا، شيوخُه فيها:"عبد الله ابن صالحٍ، وسعيد بن عُفير، وسعيد بن أبي مريم، ويحيى بن بكير، وعمرو بن خالد الحرَّانى، وعبد الغفار بن داود، أبو صالحٍ الحرانيّ".

وذكره المزيُّ في "التهذيب" في الرواة عن عبد الله بن صالح كاتبِ الَّليْثِ.

ثُمّ رأيتُ شيخنا الألباني -أيَّدهُ الله- قال في "الصحيحة"(4/ 186): "وهارونُ بْنُ كامل المصريُّ، لم أجدْ له ترجمةً"(1) اهـ.

لكنَّهُ لم يتفرَّد به.

فتابعه يعقوبُ بْنُ سفيان، فقال في "المعرفة" (1/ 398): حدثنا أبو صالح، عبد الله بن صالح، حدثنا الَّليْثُ بسنده سواء، غير أنه جعله عن "حمزة وعروة ابني المغيرة" كما في رواية الدارميّ السابقة. على أن الحديث محفوظٌ من روايتهما معًا، ومن رواية كل واحدٍ منهما منفردًا عن الآخر، كما يأتي إن شاء الله تعالى.

وهذا الاختلافُ -عندي- هو من كاتب الليث، ففي حفظه مقالٌ معروفٌ، مع الصدق والأمانة. رحمه الله تعالى. =

(1) وأخطأ محقق "المعجم الصغير" للطبرانيّ إذ قال "هارونُ بْنُ كامل المصريُّ، قال ابْنُ الجزرى: في "غاية النهاية" (2/ 347): مقرىءٌ، ثقةٌ، شيخُ القراء بدمشق" اهـ.

وإنما قال ابنُ الجزريّ هذا في "هارون بن موسى الأخفش". فالله المستعانُ.

ص: 377

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= وقد خالف مالكٌ مَنْ تقدَّم ذكرُهُمْ، فرواه عن الزهريّ، عن عبَّاد بْنِ زيادٍ، من ولد المغيرة، عن أبيه، عن المغيرة بْنِ شعبة.

أخرجه في "موطئه"(1/ 35 - 36/ 41) برواية يحيى بن يحيى الَّليْثيِّ (1)، عنه.

وقد توبع يحيى بن يحيى عليه.

تابعه عبدُ الرحمن بْنُ مهدىٍ، عن مالكٍ بسنده سواء.

أخرجه أحمدُ (4/ 247)، وعنه ابنُ عبد البرِّ في "التمهيد"(11/ 122).

وتابعهما مصعبُ بنُ عبد الله الزبيريُّ، حدَّثنى مالكٌ بسنده سواء (2).

أخرجه أحمد (4/ 247)، وابنُ عبد البرِّ، وابنُ عساكر (ج8 / ق 880).

وفي آخر الحديث، قال مصعبٌ:

"أخطأ فيه مالكٌ خطأ قبيحًا".

واختُلف فيه على مالكٍ.

فرواه أبو مصعبٍ، عن مالكٍ، عن الزهريّ، عن عبَّادٍ، عن المغيرة. =

(1) وقد رأيتُ بعضَهُمْ يقولُ: إنَّ مُسْلِمًا يروى حديث مالكٍ في "صحيحه" عن يحيى ابن يحيى الليثى، راوى الموطأ، وليس ذا بصوابٍ، إنما يرويه عن يحيى بن يحيى بن بكير أبي زكريا النيسابورىّ، أمَّا الليثى فلم يرو عنه مسلمٌ شيئًا. والله الموفقُ.

(2)

هذا يدلُّ على أن رواية مصعبٍ مثل رواية ابن مهدى، ولكنى رأيتُ ابْنَ عبد البرِّ في "التمهيد"(11/ 121) وروى هذا الحديث من طريق أحمد، فقال فيه:" .... عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، عن أبيه .. " وذكر الحديث ثم قال: "فذكره سواء كما في الموطأ". وأحسبُ أن "المغيرة" سقط من السند، يدلُّ عليه ما في "المسند" و"الموطأ" والله أعلمُ.

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= فأسقط ذكر "عروة بن المغيرة".

أخرجه ابنُ عساكر (ج8 / ق 879).

* قُلْتُ: فهذا يدلُّ على أنَّ الخطأ فيه من مالكٍ، وقد صرَّح بذلك جماعةٌ من الحفاظ. وقد مرّ قولُ مصعبٍ الزبيرىّ.

* وقال الشافعيُّ رحمه الله:

"وهم مالكٌ رحمه الله فقال: عبَّادُ بْنُ زيادٍ من ولد المغيرة بن شعبة وإنما هو مولى المغيرة بن شعبة" اهـ.

ذكره البيهقيُّ في "مناقب الشافعيّ"(1/ 490)، وعنه ابنُ عساكر (ج 8/ ق 883) بسنده الصحيح إلى الشافعيّ.

* وقال ابنُ عساكر عقبهُ:

"أصاب الشافعيُّ رحمه الله في أَخذِهِ على مالكٍ رحمه الله ووهم في قوله: مولى المغيرة"!.

* وقال البخاريُّ في "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 32):

"وقال مالكٌ: عبَّاد بْن زيادٍ، من ولد المغيرة

ويقالُ: إنَّهُ وَهَم".

* وقال أبو حاتم الرازيُّ:

"وهم مالكٌ في نسب عبَّادٍ، وليس من ولد المغيرة".

ذكره عنه ولدهُ في "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 80).

* وقال ابنُ أبي حاتم في "العلل"(ج1/ رقم 182):

"سمعتُ أبي، وذكر الحديث الذي رواه مالكُ بنُ أنسٍ، عن ابن شهاب،

فذكره. فسمعتُ أبي يقولُ: وهم مالكٌ في هذا الحديث في =

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= نسب عبَّاد بْنِ زيادٍ، وليس هو من ولد المغيرة، ويُقال له: عباد بن زياد بن أبي سفيان، وإنما هو: عباد بن زياد، عن عروة وحمزة ابني المغيرة ابن شعبة، عن المغيرة بن شعبة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم" اهـ.

* وقال الدارقطنيُّ في "العلل"(ج 2/ ق 101/ 1).

"وهم فيه مالكٌ رحمه الله وهذا ممَّا يعتدُّ به عليه، لأنَّ عباد بن زياد ابن أبي سفيان، وهو يروى هذا الحديث عن عروة بن المغيرة، عن أبيه" اهـ.

* وقال ابنُ عبد البرّ في "التمهيد"(11/ 120):

"هكذا قال مالكٌ في هذا الحديث: عن عبَّاد بْنِ زيادٍ وهو من ولد المغيرة بْنِ شعبة، لم يختلفْ رواةُ الموطأ عنه في ذلك، وهو وَهَمٌ وغلطٌ منه، ولم يتابِعْهُ أحدٌ من رواة ابن شهابٍ ولا غيرهم عليه، وليس هو من ولد المغيرة عند جميعهم" اهـ.

* وقال المزيُّ في "التهذيب"(14/ 119):

"وقال مالكٌ: عباد بن زياد من ولد المغيرة، وذلك معدودٌ من أوهامه" اهـ.

وقد حاول بعضُهُمْ دفع كلام الحفاظ في توهيم مالكٍ رحمه الله فقال الشيخ محمد زكريا الكاندهلوى في "أوجز المسالك"(1/ 244 - 245):

"الأوجهُ عندي أنَّه وقع التحريفُ في سند هذا الحديث من النُّسَّاخ، لا وهم فيه عن الإِمام مالكٍ، والصوابُ: عن ولد المغيرة بن شعبة، عن أبيه المغيرة بن شعبة، فوقع الغلط من النُّسَّاخ في لفظ "عن" قبل قوله: "ولد المغيرة"، فكتبوا لفظ "مِنْ" بدلها!!، والثاني في زيادة لفظ "عن"، كما في نسخة الزرقاني بعد قوله: "عن أبيه" والصوابُ إسقاطُهُ. =

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= ومثلُ هذا الغلط، بل أشدُّ منه بكثير لا يبعُدُ من النُّسَّاخ كما لا يخفى على من عالجهم، ويؤيدهُ ما تقدَّم عن البخاريِّ أنَّ بعضَهُمْ رواه عن مالكٍ على الصواب، فتأمَّلْ" اهـ.

* قُلْتُ: تأمَّلْتُ قولك - رضى الله عنك - فوجدتُهُ حقيقًا بالوهاء، لا يجرى على طريقة العلماء!، فإنَّ هذه الدعوى تتمُّ إذا اختلفت النُّسخ، أمَّا أن يقول ابنُ عبد البرِّ -وهُوَ مَنْ هُوَ في سبر روايات الموطأ-: لم يختلف رواةُ الموطأ عنه في ذلك، فلا يتجه القول بالتصحيف البتة، لا سيما وقد حكم على الإمام بالوهم جماعةٌ من القدماء كمصعب الزبيرىّ، والشافعيِّ وأبي حاتمٍ، وهؤلاء كانوا يأخذون الرواية مشافهة وليس من الصُّحف حتى يتجه قولُك.

ولا شكَّ أنَّ النُّسَّاخ يقعُ منهم ما هو أشدُّ من ذلك، ولكن لا يتمُّ لك تعصيب الجناية بهم في هذا الموضع لعدم قيام الدليل على ذلك.

أمَّا ما ذكره البخاريُّ في "التاريخ الكبير"(3/ 2/ 32) عن بعضهم قال: عن مالكٍ، عن الزهريِّ، عن عباد، عن ابن المغيرة، عن أبيه، فإننا لا ندرى شيئًا عن حال هذا "البعض"، فهو مجهول عينًا وحالًا، ومثل هذا لا قيمة لروايته ما لم نعرف قدره من الضبط والإتقان والثقة، فلا تُدفع رواية الفحول بنقل مجهول، ولعلَّ البخاريَّ أبهمه لضعفه أو وهمه. والله أعلمُ.

نَعَمْ!

روى هذا الحديث روحُ بْنُ عبادة، عن مالكٍ، عن الزهرىّ، عن عبَّاد بن زيادٍ، عن رجلٍ من ولد المغيرة، عن المغيرة.

ذكره الدارقطنيُّ في "العلل"(ج 2 / ق 101/ 1) وقال:

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= "فإن كان روحٌ حفظه عن مالكٍ هكذا، فقد أتى بالصواب عن الزهريِّ" اهـ.

قُلْتُ: والمطالع لكلام ابن عبد البرِّ، مع ارتياب الدَّارقطنيِّ يعلم أنه ليس بمحفوظ، وكأن الدارقطنيَّ توقف في رواية روحٍ لعدم معرفة القدماء لها إذ المشهور عن مالكٍ رحمه الله أنَّهُ كان يقول:"من ولد المغيرة" كما قال الحافظُ في "التهذيب"، والله أعلمُ.

فالحاصلُ أن مالكًا رحمه الله وهم في موضعين:

* الأولُ: في نسب عباد بن زياد، وقد تقدَّم ذلك.

* الثاني: في إسقاطه "عروة بن المغيرة" من السند.

قال ابنُ عبد البرِّ في "التمهيد"(11/ 121):

"وروايةُ مالكٍ لهذا الحديث عن ابن شهابٍ، عن عبَّاد بن زياد، عن المغيرة، مقطوعةٌ، وعباد بن زياد لم ير المغيرة، ولم يسمعْ منه شيئًا" اهـ.

نَعَمْ!

رواه مكحولٌ، عن عباد بن زياد، عن المغيرة.

ذكره الدارقطنيُّ في "العلل" وقال:

"الصحيحُ: قول يونس، وعمرو بن الحارث ومن تابعهما".

وخالف الجميعَ معمرُ بْنُ راشد، فرواه عن الزهريّ، عن المغيرة، فأعضله.

أخرجه عبد الرزاق في "المصنَّف"(ج 1/ رقم 747) عن معمر.

والصوابُ رواية ابن جريجٍ ومن معه، عن الزهريّ. =

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= وللحديث طرقٌ كثيرةٌ يأتى تفصيلُها بعد حديثين، والله تعالى يعيننا على إتمامه بخير، والحمد لله على التوفيق.

[تنبيه] حديثُ الباب دليل ظاهرٌ على جواز الاستعانة بالغير في الوضوء، وهو ما فهمه المصنِّفُ رحمه الله، فهذا دليلٌ على بطلان ما أخرجه البزار (ج1/ رقم 260)، وأبو يعلى (ج1/ رقم 231) من طريق النضر بن منصور، حدثنا أبو الجنوب، قال: رأيتُ عليًّا يستقى ماءً لوضوئه، فبادرتُه أستقى له، فقال: مَهْ يا أبا الجنوب! فإنى رأيتُ عمر يستقى ماءً لوضوئه، فبادرتُهُ أستقى له، فقال: مه يا أبا الحسن! فإنى رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقى ماءً لوضوئه، فبادرتُه أستقى له، فقال:"مه يا عمرُ! فإنى أكره أن يشركنى في طهورى أحدٌ".

قال البزَّار:

"لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلَّا عن عمر بهذا الإسناد".

وقال الهيثميُّ في "المجمع"(1/ 237):

"فيه أبو الجنوب وهو ضعيفٌ" اهـ، كذا اقتصر الهيثميُّ، وهناك علَّةٌ أخرى وهي النَّضرُ بْنُ منصور منكرُ الحديث.

وقال عثمان الدارميُّ: قلتُ لابن معين: النضر بن منصور، عن أبي الجنوب، وعنه ابنُ أبي معشر، تعرفُهُ؟ قال:"هؤلاء حمالة الحطب"!!.

وقال الحافظ ابنُ كثير في "مسند عمر"(1/ 114):

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= "النضر بنُ منصور الباهليُّ ضعّفه عدولٌ من الأئمة، وشيخُهُ أبو الجنوب عقبة بن علقمة، ضعّفه أبو حاتم الرازى" اهـ.

ولذلك قال النووي في "المجموع"(1/ 339): "باطلٌ لا أصل له".

فتعقَّبه ابنُ المُلقِّن في "خلاصة البدر المنير"(ق 19/ 2) بقوله: "في ذلك نظرٌ" اهـ.

* قُلْتُ: لو أراد النوويُّ رحمه الله بقوله: "لا أصل له" ما هو مستقرٌ عند المتأخرين أنه "لا إسناد له" لتوجه تعقُّبُ ابْنِ الملقن، مع أن عبارة النووي تحتمل نفى الصحة، فيعنى بها "لا أصل له صحيحٌ" كما يقع في كلام ابن حبَّان وابن الجوزيّ، والبطلان الذي عناه النووي يرادف النكارة، ومن النقاد من يطلق لفظة البطلان يريد بها النكارة كأبي حاتم الرازى وغيره، والنكارة في هذا الحديث تكمُنُ في مخالفته لأحاديث كثيرة استعان فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بغيره في الوضوء، سنذكر بعضها قريبًا إنْ شاء الله.

* وفي الباب عن ابن عبَّاسٍ، رضي الله عنهما.

أخرجه ابنُ ماجة (362) من طريق مطهر بن الهيثم، ثنا علقمة بن أبي جمرة الضبعيّ، عن أبيه أبي جمرة، عن ابن عبَّاسٍ، قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلُ طهوره إلى أحدٍ، ولا صدقته التي يتصدق بها، يكون هو الذي يتولاها بنفسه".

قال البوصيرىّ في "الزوائد"(154/ 1):

"هذا إسنادٌ ضعيفٌ. علقمةُ بن أبي جمرة مجهولٌ، ومطهر بن الهيثم ضعيفٌ". =

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= وقال مُغلُطاي في "شرح ابن (1) ماجة":

"علقمة مجهول، ومطهر بن الهيثم متروكٌ".

* وله شاهدٌ من حديث عائشة رضي الله عنها.

أخرجه أحمدُ بْنُ منيع في "مسنده" -كما في "المطالب العالية"(ق 5/ 1) - قال: حدثنا أبو العلاء -هو الحسن بنُ سوّار (2) -، عن معاوية بن صالح، أنَّ أبا حمزة حدَّثه عن عائشة رضي الله عنها قالت:"ولا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلُ صدقةً إلى غير نفسه حتى يكون هو الذي يضعُها في يد السائل، ولا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلُ وضوءه إلى غير نفسه، حتى يكون هو الذي يُهيىء وضوءه لنفسه حين يقوم من الليل".

* قُلْتُ: وهذا سندٌ رجالُهُ ثقات، لكنه منقطع، وأبو حمزة هو عيسى ابْنُ سليم الحمصيُّ لم يدرك أحدًا من الصحابة.

وله شاهدٌ مرسلٌ.

أخرجه ابنُ أبي شيبة (3/ 206) قال: حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن عباس بن عبد الرحمن المدنيُّ، قال:"خصلتان لم يكن النبيُّ صلى الله عليه وسلم يكلهما إلى أحدٍ من أهله: كان يناول المسكين بيده، ويضع الطهور لنفسه".

وهذا مرسلٌ ضعيفُ الإِسناد، لأجل موسى بن عبيدة وهو الرَّبذى فإنه ضعيفُ الحفظ.

(1) واسم هذا الشرح "الإِعلام بسنته عليه السلام" وقفت عليه في دار الكتب المصرية العامرة، في ثلاثة مجلدات منقولة من خط المؤلف برقم (275) فلعل الله يقيّض له من ينشره ففيه نفائسُ.

(2)

لم يذكر المزى في "التهذيب"(6/ 169) معاوية بن صالح في شيوخ الحسن بن سوار وفي ترجمة "معاوية"(جـ 3 / ل 1345) لم يذكر "الحسن بن سوار" في جملة الآخذين عنه، فيستفاد.

ص: 385

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= ثُمَّ في هذا والذي قبله نكارةٌ.

فقد أخرج مسلمٌ (746/ 19)، وأبو عوانة (2/ 231، 323)، وأبو داود (56، 1342، 1346)، والمصنِّفُ (3/ 199 - 200) وغيرُهُم عن عائشة رضي الله عنها أنَّها ذكرت حديثًا وفيه: " .. كُنَّا نُعِدُّ له سواكه، وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ، ويصلى

الحديث".

فهذا يدلُّك على أنهم كانوا يُعدُّون له طهوره، ولو صحت أحاديثُ ترك الاستعانة لحُمل على وقتٍ دون وقتٍ. والله أعلمُ.

ثُمَّ اعلم -رَضىَ الله عنك- أن الأحاديث التي دلَّتْ على جواز الاستعانة بالغير في الوضوء كثيرةٌ، ليس من غايتنا استقصاؤها، ولكنى أنبه على جملةٍ منها. فالله الموفق.

* أولًا: أسامة بن زيدٍ، رَضىَ الله عَنْهُمَا.

أخرجه البخاريُّ (3/ 519 - فتح) ومسلمٌ (1280/ 266) من طريق كريب مولى ابْنِ عبَّاس، عن أسامة بن زيدٍ قال:"ردفتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفاتٍ، فلمَّا بلغ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الشِّعْب الأيسر، الذي دون المزدلفة، أناخ، فبال، ثُمَّ جاء فصببتُ عليه الوضوء، فتوضأ وضوء خفيفًا، ثُمَّ قلتُ: الصلاة يا رسول الله! فقال: "الصلاة أمامك"

الحديث".

ويأتي تخريجه والكلام على الاختلاف في سنده عند الحديث رقم (610) إن شاء الله تعالى. =

ص: 386

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= [تنبيه] قال الحافظ في "التلخيص"(1/ 97):

"ليس في "البخارىّ" ذكر الصبِّ" اهـ.

وهو وَهَمٌ، فهو مذكورٌ في الموضع الذي أشرتُ إليه. والحمدُ لله.

* ثانيًا: حديثُ الرُّبيِّع بِنْتِ مُعَوِّذٍ، رضي الله عنها، قَاْلَتْ:

"أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بميضأةٍ، فقال: "اسكبى" فسكبتُ، فغسل وجهه وذراعيه

الحديث".

أخرجه أحمد (6/ 358، 359) وأبو داود (126)، والترمذيُّ (33)، وابْنُ ماجة (390) وأبو عبيد في "كتاب الطهور"(ق 38/ 1)، والبيهقيُّ (1/ 64، 237).

قال الترمذيُّ:

"هذا حديثٌ حسنٌ" وتعقبه الشيخ أبو الأشبال بما يستحق النظر، وسيأتي في "مسح الرأس" إنْ شاء الله تعالى.

* ثالثًا: حديث ثوبان، رضى الله عنه.

أخرجه أبو داود (2381)، والنسائيُّ في "الكبرى" -كما في "أطراف المزيّ"(8/ 234) -، والترمذيُّ (87)، وأحمد (6/ 443)، والطبرانيُّ في "الأوسط"(ج 1/ ق 216/ 1)، وغيرُهم عن معدان بن أبي طلحة أنَّ أبا الدرداء حدَّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، فلقيتُ =

ص: 387

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إنَّ أبا الدرداء حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، قال: صدق، وأنا صببتُ له وضوءه.

وهو حديث صحيح: تكلمت عليه في "غوث المكدود"(رقم 8).

وفي الباب أحاديث أخرى ذكرتها في "مسيس الحاجة" فلله الحمدُ.

ص: 388