الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر:
الأمر: ومن أنواع الإنشاء الأمر، والأظهر أن صيغته -من المقترنة باللام، نحو:"ليحضر زيد" وغيرها، نحو:"أكرم عمرا" و"رويد بكرا"- موضوعة لطلب الفعل استعلاء؛ لتبادر الذهن عند سماعها إلى ذلك، وتوقف ما سواه على القرينة.
قال السكاكي1: ولإطباق أئمة اللغة على إضافتها إلى الأمر بقولهم: "صيغة الأمر، ومثال الأمر، ولام الأمر"، وفيه نظر لا يخفى على المتأمل2.
ثم إنها -أعني: صيغة الأمر- قد تستعمل في غير طلب الفعل استعلاء، بحسب مناسبة المقام3؛ كالإباحة4؛ كقولك في مقام الإذن:"جالس الحسن أو ابن سيرين". ومن أحسن ما جاء فيه قول كثير "من الطويل":
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة
…
لدينا ولا مقلية إن تقلَّتِ5
أي: لا أنت ملومة ولا مقلية، ووجه حسنه: إظهار الرضا بوقوع الداخل تحت
لفظ الأمر حتى كأنه مطلوب، أي: مهما اخترتِ في حقي من الإساءة والإحسان؛ فأنا راضٍ به غاية الرضا؛ فعامليني بهما، وانظري: هل تتفاوت حالي معكِ في الحالين؟
والتهديد1 كقولك لعبد شتم مولاه وقد أدّبه: "اشتُم مولاك". وعليه قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] .
والتعجيز2 كقولك لمن يدعي أمرا تعتقد أنه ليس في وُسْعه: "افعلْه"، وعليه:{فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] .
والتسخير3 نحو: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] .
والإهانة4 نحو: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50]، وقوله تعالى:{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] .
والتسوية5 كقوله تعالى: {أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ} [التوبة: 53] ،
وقوله تعالى: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا} [الطور: 16] .
والتمني1 كقول امرئ القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي2
والدعاء: إذا استُعملتْ في طلب الفعل على سبيل التضرع3 نحو: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28] .
والالتماس: إذا استعملت فيه على سبيل التلطف4؛ كقولك لمن يساويك في الرتبة: "افعل" بدون الاستعلاء.
والاحتقار5 نحو: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} [الشعراء: 43] .
ثم الأمر: قال السكاكي6: "حقه الفور؛ لأنه الظاهر من الطلب، ولتبادر الفهم عند الأمر بشيء بعد الأمر بخلافه إلى تغيير الأمر الأول دون الجمع، وإرادة التراخي" والحق خلافه؛ لما تبين في أصول الفقه7.