الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحقاف في أرضهم ونسبوه إلى عاد، واعتبروا سكانها القدامى قوم هود، حتى لا تكون للعرب الشماليين ميزة عليهم حتى ولو كان قوم هود هؤلاء قد عوقبوا جزاء تكذيبهم له. ولا يبعد مع هذا أن بئر برهوت التي دارت حولها أساطير قوم هود المعذبين كانت فوهة بركان صغير ثائر، خمدت ثورته مع مرور الزمن.
ثالثًا: الثموديون
توافر للثموديين حظ كبير من الشهرة بين المؤرخين المسلمين نظرًا لما ذكره القرآن الكريم عنهم. ولمعرفتهم بجزء من أرضهم، وبقاء بعض آثارهم حتى بداية العصور الإسلامية (وما بعدها). وكما سلك القرآن الكريم ثمودًا مع عاد. سلكه كذلك مع قوم لوط وأصحاب الأيكة وسماهم الأحزاب. ووصف الثموديين بأنهم الذين جابوا الصخر بالواد ربما بمعني الذين قطعوا صخر الجبال ونحتوا فيه مقابرهم أو بنوا به بيوتهم. وذكر القرآن الكريم العذاب الذي نزل بهم جزاء كفرهم بدعوة نبيبهم صالح عليه السلام في قوله:{فَأَخَذَتْهُمْ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} وقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} .
وأشارت النصوص الآشورية إلى قدامى الثموديين باسم ثمودي منذ أواخر القرن الثامن ق. م واعتبرتهم من أهل البرية، وذكرت أنهم وجيرانهم من الأعراب لم يألفوا الخضوع للملوك ولا للحكام. وليس ما يمنع من أن يكون أوائل جماعات الثموديين قد ظهروا قبل القرن الثامن ق. م. بكثير ولكنهم كانوا يزالون على حال متواضعة من البداوة، بحيث تجاهلهم فيما بعد كتبة قصص التوراة وتجاوزوا عن ذكرهم بينما ذكروا بعض أسماء القبائل التي جاورتهم في البادية مثل قبيلة خايابا وقبيلة عيفة اللتين ذكرتهما النصوص الآشورية مع الثموديين.
واتفق المؤرخون المسلمون على أن أهم ديار ثمود كانت بوادي القرى فيما بين الحجاز وبين الشام، ورووا أن النبي عليه السلام مر بجيشه على خرائب ديارهم في الحجر ونهى عن دخولها ربما لتأكيد كره الكافرين أو لأنه توجس أن تكون آبارها وعيونها قد سمت بفعل فاعل للإيقاع بالمسلمين الذين كانوا قد عانوا من شدة حرارة الصحراء في طريقهم إليها. كما تناقلوا القصص عن ناقة النبي صالح عليه السلام ومكان خروجه ومكان محلها
…
إلخ.
ولسنا على بينة من العهود التي تزايد الثموديون خلالها في شمال الحجاز أو العهد الذي بعث إليهم فيه النبي صالح عليه السلام. ولكن يمكم إيجاز ما عرف
عنهم تاريخيًا في أنهم تألفوا من قبائل وعشائر متعددة وأنهم لم يكونوا دولة مستقرة واضحة المعالم، وأنهم حين انتشروا في شمال الحجاز وسيطروا على بعض أجزائه في وادى القرى بخاصة كانت مدينة الحجر من أهم الحواضر التي عاشوا فيها، وهي مدينة ظنها بعض المؤرخين القدامى مدائن صالح الحالية نظرًا لكثرة آثارها المنحوتة في الجبال، ووضوح التدمير الذي لحق بها، وارتباط اسمها باسم النبي صالح. ولكن كثرة من الباحثين المحدثين حددوها ببلدة الخريبة التي تبعد عن مدائن صالح بنحو عشرة أميال وقد أصاب آثارها هي الأخرى خراب كبير. وبنوا رأيهم على غلبة النصوص الثمودية التي عثر عليها فيها، بينما رجحوا اعتبار مدائن صالح من مناطق الأنباط على أساس غلبة الآثار والنصوص النبطية فيها وإن تضمنت إلى جانبها نصوصًا ثمودية قليلة.
وساعد الثموديين على الاستمرار الحضاري أنهم اتصلوا في شمال الحجاز بطوائف متحضرة قديمة فانتفعوا بحضارتها ومنها طوائف ددان ولحيان التي أحاطت ببلدة الخريبة، وعندما امتدوا إلى الشمال أكثر انتفعوا ببعض حضارات جنوب فلسطين كما جاوروا امتداد الحضارة المصرية في شبه جزيرة سيناء. وعندما امتد نشاطهم إلى الجنوب اتصلوا ببعض الجماعات المتحضرة في انحاء اليمن.
وكان من أهم ما استفادوا به حضاريًا من هذه الاتصالات المتعددة، هو الكتابة بخط متميز اشتقوه أساسًا من الخط المسند الجنوبي الذي يحتمل أنهم تعلموه عن أهل منطقة ددان ولحيان إن لم يكن عن كتبة الجنوب العربي الذين اتصلوا بهم اتصالًا مباشرًا في شئون التجارة، ثم طعموا هذا الخط ببعض خصائص الخط السينيائي المصري في سيناء.
وأصبحت نصوص الثموديين هي الشاهد الحي على مدى انتشارهم، وهي نصوص قصيرة سريعة، ولكنها كثيرة تدل على كثرة من كانوا يعرفون الكتابة بينهم لأغراض التجارة. وقد وجدت نماذجها خارج وادي القرى في تبوك والطائف وفي قلب نجد وشمالها وفي شبه جزيرة سيناء، وفي مناطق متفرقة من شرق الأردن، وفي شرقي دمشق، وفي أطراف اليمن أيضًا، وكل ذلك مما يدل على سعة انتشار قوافلهم وكثرة اتصالاتهم التجارية ولاسيما في العهود المتأخرة في الزمن نسبيًا فيما قبل الميلاد بقليل وفيما بعده بقليل أيضًا.
وشاعت بين الثموديين أسماء عربية خالصة مثل: سعد وقيس ومالك ووائل وزيد وأوس وعاصم وعمر وعقرب وواسط وكعب وحارثة، وسعدة ومسكة وسهرة وهانئة
…
إلخ.
كما وجدت بينهم أسماء قل استعمالها قبيل الإسلام ويبدو أنهم تأثروا فيها بأسماء من كانوا يخالطونهم من الآراميين وغيرهم ومنها ثريت، وهمل، وببي
…
إلخ.
وأخذ الثموديون بتعدد المعبودات كغيرهم من الجماعات القديمة ذات الديانات الوضعية، فقدسوا الشمس وودا وكاها وبعلة ومناة
…
إلخ. ومن أجل إصلاح هذه العقائد أرسل فيهم نبيهم صالح، ولكنهم خالفوه.
وظل لبقايا الثموديين كيانهم حتى غلب الأنباط على وادي القرى، فتفرقوا ولكنهم ظلوا معروفين خلال القرون الأولى بعد الميلاد، فأشار إليهم مؤلف كتاب الطواف حول البحر الإريتري في بادية القرن الثالث الميلادي وذكر أنهم انتشروا في أيامه على ساحل صخري طويل لا توجد به خلجان صالحة تحتمي بها السفن.
ويبدو أن جيوش الروم ظلت تتقبل أعدادًا منهم في قواتها المساعدة حتى القرن الخامس الميلادي. وأخيرًا ربط بعض النسابين بين أواخر الثموديين أو نسلهم وبين قبائل ثقيف العربية. ولكن الثقفيين أبوا هذه النسبة واستنكروها.
من المؤلفات المختارة في دراسات الفصل:
Branden، A. van den Histoire de Thamoud، Les Inscriptions
Thamoudeenes de Philby. 1950، Essai de Solution de Probleme
Thamoudeens، in BR، 1958 7-12، Studia Islamica، 1957،5-27
Hardings، L.، Some Thamudic Inscriptions
…
1952
Iamme، A.، Thamudic Studies، 1967
Jaussen et Savignac، op. cit
Littmann، E.، Thamud and Safa، 1940
Musil. A.، The Norethern Hegaz، 1926
Philby، J، The Land of Midian، 1957
Ryckmans، R.، in Studia lslamica، 1956، 8 f.، Museon. 1959. 177-189
winnett. F.V.. op. cit
جواد علي: المرجع السابق.
دائرة المعارف الإسلامية-واد ومدين وعاد وثمود.