الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَيِّتَةٍ طَلْقًا فَهُوَ كَغَيْرِهِ غُسْلًا وَصَلَاةً وَغَيْرَهُمَا
(فَصْلٌ) فِي الدَّفْنِ وَمَا يَتْبَعُهُ
(أَقَلُّ الْقَبْرِ) الْمُحَصِّلِ لِلْوَاجِبِ (حُفْرَةٌ تَمْنَعُ) بَعْدَ طَمِّهَا (الرَّائِحَةَ) أَنْ تَظْهَرَ فَتُؤْذِيَ (وَالسَّبُعَ) أَنْ يَنْبُشَهُ وَيَأْكُلَهُ لِأَنَّ حِكْمَةَ وُجُوبِ الدَّفْنِ مِنْ عَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ بِانْتِشَارِ رِيحِهِ وَاسْتِقْذَارِ جِيفَتِهِ وَأَكْلِ السَّبُعِ لَهُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِحُفْرَةٍ وَضْعُهُ بِوَجْهِ الْأَرْضِ وَسَتْرُهُ بِكَثِيرِ نَحْوِ تُرَابٍ أَوْ حِجَارَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عِنْدَ إمْكَانِ الْحَفْرِ وَإِنْ مَنَعَ الرِّيحَ وَالسَّبُعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَفْنٍ وَبِتَمَنُّعِ ذَيْنِك مَا يَمْنَعُ أَحَدَهُمَا كَأَنْ اعْتَادَتْ سِبَاعُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْحَفْرَ عَنْ مَوْتَاهُ فَيَجِبُ بِنَاءُ الْقَبْرِ بِحَيْثُ تَمْنَعُ وُصُولَهَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا الْبِنَاءُ كَبَعْضِ النَّوَاحِي وَجَبَ صُنْدُوقٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَالْفَسَاقِيِ فَإِنَّهَا بُيُوتٌ تَحْتَ الْأَرْضِ وَقَدْ قَطَعَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِحُرْمَةِ الدَّفْنِ فِيهَا مَعَ مَا فِيهَا مِنْ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَإِدْخَالِ مَيِّتٍ عَلَى مَيِّتٍ قَبْلَ بَلَاءِ الْأَوَّلِ، وَمَنْعُهَا لِلسَّبُعِ وَاضِحٌ وَعُدْمُهُ لِلرَّائِحَةِ مُشَاهَدٌ فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ الْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِهِمَا إنْ كَانَا مُتَلَازِمَيْنِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَبَيَانُ وُجُوبِ رِعَايَتِهِمَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ التَّلَازُمَ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ الْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَبِالنَّظَرِ لِعَدَمِهِ الْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا فَجَزَمَ شَارِحُ الْأَوَّلِ فِيهِ تَسَاهُلٌ (وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ)
فَمَاتَتْ أَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ وَسَيَّرَ السَّفِينَةَ فِي وَقْتٍ لَا تَسِيرُ فِيهِ السُّفُنُ فَغَرِقَ لَمْ تَحْصُلْ الشَّهَادَةُ لِلْعِصْيَانِ بِالسَّبَبِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْعِصْيَانِ بِالْمُسَبَّبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مَعْصِيَةً حَصَلَتْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ قَارَنَهَا مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا اهـ قَالَ ع ش وَمِنْهُ مَا لَوْ صَادَ حَيَّةً وَهُوَ لَيْسَ حَاذِقًا فِي صَيْدِهَا وَنَحْوُ الْبَهْلَوَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاذِقًا فِي صَنْعَتِهِ بِخِلَافِ الْحَاذِقِ فِيهِمَا فَإِنَّهُ شَهِيدٌ لِعَدَمِ تَسَبُّبِهِ فِي هَلَاكِ نَفْسِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَيِّتَةٍ طَلْقًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَغَيْرِهِ) جَوَابُ " أَمَّا شَهِيدُ الْآخِرَةِ إلَخْ ".
[فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ وَمَا يَتْبَعُهُ]
(قَوْلُهُ وَمَا يَتْبَعُهُ) أَيْ الدَّفْنَ كَالتَّعْزِيَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ الْمُحَصِّلِ) إلَى قَوْلِهِ فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَى قَوْلِهِ وَبِتَمَنُّعٍ إلَى كَالْفَسَاقِيِ (قَوْلُهُ الْمُحَصِّلِ إلَخْ) صِفَةُ الْقَبْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسَّبُعَ) هَذَا ضَابِطُ الدَّفْنِ الشَّرْعِيِّ فَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَنْعِ الرَّائِحَةِ وَالسَّبُعِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي مَحَلٍّ لَا تَصِلَ إلَيْهِ السِّبَاعُ أَصْلًا وَلَا يَدْخُلُهُ مَنْ يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ أَصْلًا كَأَنْ جَفَّ اهـ وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ أَنْ تَظْهَرَ) إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْ يَنْبُشَهُ إشَارَةٌ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَتُؤْذِي) أَيْ الْحَيَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَأْكُلُهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي لِأَكْلِ الْمَيِّتِ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا لَا يَمْنَعُ انْتِشَارَ الرِّيحِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكَ حُرْمَتِهِ سم (قَوْلُهُ لَا تَحْصُلُ إلَخْ)
(فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَحَلٌّ يُدْفَنُ فِيهِ إلَّا مِلْكَ إنْسَانٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَفَنِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ سم (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِحُفْرَةٍ إلَخْ) الْحُفْرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ صَادِقَةٌ مَعَ بِنَائِهَا فَحَيْثُ مَنَعَتْ مَا ذُكِرَ كَفَتْ فَالْفَسَاقِي إنْ كَانَتْ بِنَاءً فِي حَفْرٍ كَفَتْ إنْ مَنَعَتْ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِإِطْلَاقِ مَا يَأْتِي سم (قَوْلُهُ وَسَتْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا يَمْنَعُ ذَيْنَك نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَ الْحَفْرُ لَمْ يُشْتَرَطْ كَمَا لَوْ مَاتَ بِسَفِينَةٍ وَالسَّاحِلُ بَعِيدٌ أَوْ بِهِ مَانِعٌ فَيَجِبُ غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُجْعَلُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ أَيْ نَدْبًا لِئَلَّا يَنْتَفِخَ ثُمَّ يُلْقَى لِيَنْبِذَهُ الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ كُفَّارًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فَيَدْفِنَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَثْقُلَ أَيْ بِنَحْوِ حَجَرٍ لِيَنْزِلَ إلَى الْقَرَارِ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَرِّ مُسْلِمِينَ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ وَلَا مَانِعَ فَيَلْزَمُهُمْ التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا يَمْنَعُ إلَخْ وَفِي حُكْمِهِ حُفْرَةٌ لَا تَمْنَعُ مَا مَرَّ إذَا وُضِعَ فِيهَا ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي اهـ.
وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ سم مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ وَيُمْتَنَعُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِحُفْرَةٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ اعْتَادَتْ إلَخْ) مِثَالٌ لِمَنْعِ الرِّيحِ دُونَ السَّبُعِ وَ (قَوْلُهُ وَكَالْفَسَاقِيِ) مِثَالٌ لِمَنْعِ السَّبُعِ دُونَ الرِّيحِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وُصُولُهَا إلَيْهِ) أَيْ وُصُولُ السِّبَاعِ إلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ فِي شَرْحٍ وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَالْفَسَاقِيِ) أَيْ الْمَعْرُوفَةِ بِبِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَغَيْرِهِمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا بُيُوتٌ تَحْتَ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَكْفِي الدَّفْنُ فِيهَا فَإِنَّهُ كَوَضْعِهِ فِي غَارٍ وَنَحْوِهِ وَيُسَدُّ بَابُهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَعُدْمُهُ لِلرَّائِحَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ فَفِيهِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَلَازِمَيْنِ كَالْفَسَاقِيِ الَّتِي لَا تَكْتُمُ الرَّائِحَةَ مَعَ مَنْعِهَا الْوَحْشَ فَلَا يَكْفِي الدَّفْنُ فِيهَا اهـ.
(قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَيْسَ فِيهِ دَعْوَى التَّلَازُمِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْحَمْلِ وَالتَّأْوِيلِ بَصْرِيٌّ وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى التَّلَازُمِ غَالِبًا وَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِهِ) أَيْ لِعَدَمِ التَّلَازُمِ عَلَى قِلَّةٍ (قَوْلُهُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ التَّلَازُمِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسِّعَ إلَخْ) وَيَنْبَغِي
فَصْلٌ فِي الدَّفْنِ وَمَا يَتْبَعُهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَحَلٌّ يُدْفَنُ فِيهِ إلَّا مِلْكُ إنْسَانٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْكَفَنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الْأَصَحِّ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا ثَوْبٌ مَعَ مَالِكٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ إلَخْ) الْحُفْرَةُ الْمَذْكُورَةُ صَادِقَةٌ مَعَ بِنَائِهَا فَحَيْثُ مَنَعَتْ مَا ذُكِرَ كَفَتْ فَالْفَسَاقِي إنْ كَانَتْ بِنَاءً فِي حُفَرٍ كَفَتْ إنْ مَنَعَتْ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِإِطْلَاقِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ بِانْتِشَارِ رِيحِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا لَا يَمْنَعُ انْتِشَارَ الرِّيحِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكَ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ لِلرَّائِحَةِ) لِلرَّائِحَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالضَّمِيرِ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لَا يَحْتَاجُ لِلْحَمْلِ فَضْلًا عَنْ تَعَيُّنِهِ كَمَا يُدْرَكُ
بِأَنْ يُزَادَ فِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ (وَيُعَمَّقُ) بِالْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ الْمُعْجَمَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «فِي قَتْلَى أُحُدٍ احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» أَنْ يَكُونَ التَّعْمِيقُ (قَامَةً) لِرَجُلٍ مُعْتَدِلٍ (وَبَسْطَةً) بِأَنْ يَقُومَ فِيهِ وَيَبْسُطَ يَدَهُ مُرْتَفِعَةً وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ وَالْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَلَا تَعَارُضَ إذْ الْأَوَّلُ فِي ذِرَاعِ الْعَمَلِ السَّابِقِ بَيَانُهُ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ وَالثَّانِي فِي ذِرَاعِ الْيَدِ
(وَاللَّحْدُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ فِي أَسْفَلِ جَانِبِ الْقَبْرِ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ الْقِبْلِيَّ قَدْرَ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ (أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّ سَعْدَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَمَرَ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ لَحْدٌ وَأَنْ يُنْصَبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ كَمَا فُعِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» أَمَّا فِي رِخْوَةٍ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ وَهُوَ حُفْرَةٌ كَالنَّهْرِ يُبْنَى جَانِبَاهَا وَيُوضَعُ بَيْنَهُمَا الْمَيِّتُ ثُمَّ تُسْقَفُ وَالْحَجَرُ أَوْلَى وَيُرْفَعُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّهُ وَيُسَنُّ أَنْ يُوَسَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِهِ
(وَيُوضَعُ) نَدْبًا (رَأْسُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرُهُ الَّذِي سَيَكُونُ عِنْدَ سُفْلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ (وَيُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ
أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ مَنْ يُنْزِلُهُ الْقَبْرَ وَمَنْ يَدْفِنُهُ لَا أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا عَلَى النَّاسِ ع ش (قَوْلُهُ بِأَنْ يُزَادَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ، وَقَوْلَهُ وَفِي خَبَرِ إلَى أَمَّا فِي رِخْوَةٍ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ جَرَى عَلَى التَّعَارُضِ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلُ قَوْلَ الْمَتْنِ (وَيُعَمَّقُ) أَيْ بِأَنْ يُزَادَ فِي نُزُولِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ احْفِرُوا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ع ش قَوْلُهُ وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا هُمَا مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ فَهَمْزَتُهُمَا مَفْتُوحَةٌ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ التَّعْمِيقُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ قَامَةً إلَخْ خَبَرٌ لِيَكُونَ الْمَحْذُوفَةِ (قَوْلُهُ وَيَبْسُطُ يَدَهُ) أَيْ غَيْرَ قَابِضٍ لِأَصَابِعِهَا ع ش (قَوْلُهُ وَلَا تَعَارُضَ) جَرَى عَلَيْهِ م ر اهـ سم.
(قَوْلُهُ إذْ الْأَوَّلُ فِي ذِرَاعِ الْعَمَلِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي اُعْتِيدَ الذَّرْعُ بِهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِذِرَاعِ النَّجَّارِ أَيْ وَهِيَ تَقْرَبُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَنِصْفٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَهُمَا ع ش (قَوْلُهُ السَّابِقِ بَيَانُهُ) وَهُوَ أَنَّهُ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ بِذِرَاعِ الْيَدِ فَيَكُونُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا ثُمُنُ ذِرَاعٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ وَنِصْفًا بِذِرَاعِ الْعَمَلِ بِأَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ إلَّا ثُمُنًا بِذِرَاعِ الْيَدِ فَقَوْلُهُ فَلَا تَعَارُضَ أَيْ تَقْرِيبًا بُجَيْرِمِيٌّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ) وَلَا يَكْفِي وَضْعُ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ الْآنَ أَيْ فِي الْفَسَاقِي فَالنَّاسُ آثِمُونَ بِتَرْكِ الدَّفْنِ فِي اللَّحْدِ أَوْ الشَّقِّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الْقِبْلِيَّ) أَيْ وَإِنْ حُفِرَ فِي الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْقِبْلَةِ كُرِهَ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ صَلُبَتْ) بِضَمِّ اللَّامِ مِنْ الصَّلَابَةِ وَهِيَ الْيُبُوسَةُ وَالشِّدَّةُ (قَوْلُهُ اللَّحْدُ لَنَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُحْتَمَلُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِصَلَابَةِ أَرْضِهِمْ وَيُلْحَقُ بِهِمْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ حُفْرَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ قَعْرَ الْقَبْرِ كَالنَّهْرِ وَيُبْنَى جَانِبَاهُ بِلَبِنٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مِمَّا لَمْ تَمَسَّهُ إلَخْ أَيْ الْأَوْلَى ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ يُبْنَى جَانِبَاهُ) هَلْ يُسَنُّ ذَلِكَ الْبِنَاءُ بِحَيْثُ يُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي غَايَةِ الصَّلَابَةِ أَوْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ نَوْعُ رِخْوَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي غَايَةِ صَلَابَةٍ لَا يُخْشَى مِنْ الِانْهِيَارِ أَصْلًا فَلَا يُنْدَبُ الْبِنَاءُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي أَوْ يُبْنَى إلَخْ بِأَوْ ثُمَّ رَأَيْت قَالَ شَيْخُنَا عَلِيٌّ الْغَزِّيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَيُبْنَى جَانِبَاهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْحَفْرِ وَالْبِنَاءِ وَلَيْسَ مُتَعَيِّنًا بَلْ يُمْكِنُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَتُجْعَلُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ثُمَّ تُجْعَلُ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَصُوَرُ الشَّقِّ ثَلَاثٌ صُوَرٍ فَتَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَفْرِ وَتَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَتَارَةً يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُوضَعُ بَيْنَهُمَا الْمَيِّتُ) وَلَوْ كَانَ بِأَرْضِ اللَّحْدِ أَوْ الشَّقِّ نَجَاسَةٌ فَهَلْ يَجُوزُ وَضْعُ الْمَيِّتِ عَلَيْهَا مُطْلَقًا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدِيدِ الْمَوْتَى كَمَا فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ فَيَجُوزُ وَضْعُهُ عَلَيْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فَلَا يَجُوزُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي اخْتِيَارُ الثَّانِي شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يُسْقَفُ) أَيْ بِلَبِنٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُرْفَعُ قَلِيلًا) هَلْ ذَلِكَ وُجُوبًا لِئَلَّا يَزْرِيَ بِهِ سم عَلَى حَجّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ كَالْجُمْهُورِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَسِّعَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ أَيْ فَقَطْ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ لِيَصُونَهُ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ مِنْ الِانْقِلَابِ اهـ.
قَالَ ع ش وَمَا ذَكَرَهُ م ر عَنْ الْمَجْمُوعِ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّقِّ وَاللَّحْدِ لِيُلَاقِيَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسِّعَ إلَخْ وَفَرَضَهُ حَجّ فِيهِمَا أَوْ يُقَالُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ ضَعِيفٌ اهـ وَقَالَ الْبَصْرِيُّ عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَيُوَسِّعُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ يُوَسِّعُ اللَّحْدَ نَدْبًا لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ فِي أَبِي دَاوُد اهـ فَفُهِمَ مِنْهُ تَخْصِيصُ تَأَكُّدِ تَوْسِعَةِ مَحَلِّ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ بِاللَّحْدِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مُصَرِّحَةٌ بِعُمُومِ التَّأَكُّدِ الْمَذْكُورِ اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ) أَيْ فَقَطْ شَرْحُ م ر اهـ سم
(قَوْلُهُ نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ وَفَارَقَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَدْبًا وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَشْكُلُ إلَى وَبَعْدَهُ الْمَحَارِمُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إلَى فَقِنُّهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَلُّ إلَخْ) أَيْ
بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَعَارُضَ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ م ر
(قَوْلُهُ وَيُرْفَعُ قَلِيلًا إلَخْ) هَلْ ذَلِكَ وُجُوبًا لِئَلَّا يَزْرِيَ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يُوَسَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) هَلْ هَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ وَعَنْ الْمَجْمُوعِ وَالْجُمْهُورِ ثُمَّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ سَنَّ التَّوْسِيعِ فِي غَيْرِ مَا يَلِي رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ أَيْضًا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى الْمَوْضِعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ) أَيْ فَقَطْ شَرْحٌ م ر
بِرِفْقٍ) لِمَا صَحَّ عَنْ صَحَابِيٍّ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ
(وَيُدْخِلُهُ) وَلَوْ أُنْثَى نَدْبًا (الْقَبْرَ الرِّجَالُ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ بِنْتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ لَا رُقْيَةَ» وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهَا كَانَ بِبَدْرٍ وَلِأَنَّهُمْ أَقْوَى نَعَمْ يَتَوَلَّيْنَ حَمْلَهَا مِنْ الْمُغْتَسَلِ إلَى النَّعْشِ وَتَسْلِيمَهَا لِمَنْ بِالْقَبْرِ وَحَلَّ شِدَادُهَا فِيهِ (وَأَوْلَاهُمْ) بِالدَّفْنِ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الدَّرَجَةُ وَالْقُرْبُ دُونَ الصِّفَاتِ إذْ الْأَفْقَهُ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَسَنِّ الْأَقْرَبِ عَكْسُ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَالِيَ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ أَحَقُّ فَلَهُ التَّقْدِيمُ أَوْ التَّقَدُّمُ (قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مُزَوَّجَةً فَأَوْلَاهُمْ الزَّوْجُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ يَنْظُرُ مَا لَا يَنْظُرُونَ وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مَفْضُولٌ عَلَى عُثْمَانَ مَعَ أَنَّهُ الزَّوْجُ الْأَفْضَلُ وَالْعُذْرُ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْخَبَرِ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ وَطِئَ سُرِّيَّةً لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ دُونَ أَبِي طَلْحَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا أَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ لَكِنْ يَسْهُلُ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُثْمَانَ لِفَرْطِ الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ
يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنْ النَّعْشِ مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ لِيُسَلَّمَ لِمَنْ فِي الْقَبْرِ.
وَ (قَوْلُهُ بِرِفْقٍ) أَيْ سَلَّا بِرِفْقٍ لَا بِعُنْفٍ (قَوْلُهُ لِمَا صَحَّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي إدْخَالِهِ أَمَّا الْوَضْعُ كَذَلِكَ فَلِمَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَأَمَّا السُّلُّ فَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ فَعَلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي وَشَرَحَ الْمَنْهَجُ نَحْوَهَا وَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا فِي صَنِيعِ الشَّارِحِ مِنْ إيهَامٍ أَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ لِلسَّلِّ أَوْ لَهُ وَلِلْوَضْعِ
(قَوْلُهُ نَدْبًا) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَلَامُ الشَّامِلِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ وَتَمَكُّنِهِمْ وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (الرِّجَالُ) أَيْ إذَا وُجِدَ بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّجَالِ مَا يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ الْإِنَاثُ كَانَ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ إلَخْ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا مَحَارِمُ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ وَغَيْرِهَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهَا رُقَيَّةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ عِنْدَ مَوْتِهَا) أَيْ وَدَفْنِهَا نِهَايَةٌ أَيْ رُقْيَةُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَقْوَى) أَيْ مِنْ النِّسَاءِ وَيُخْشَى مِنْ مُبَاشَرَتِهِنَّ هَتْكُ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ وَانْكِشَافِهِنَّ مُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ يَتَوَلَّيْنَ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ حَمْلَهَا مِنْ الْمُغْتَسَلِ إلَخْ) وَكَذَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى الْمُغْتَسَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ ع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمَهَا لِمَنْ بِالْقَبْرِ) فِيهِ تَوَقُّفٌ (قَوْلُهُ بِالدَّفْنِ) أَيْ الْإِدْخَالُ فِي الْقَبْرِ.
(قَوْلُهُ دُونَ الصِّفَاتِ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ يُقَدِّمْ هُنَا بِهَا بَلْ بِعَكْسِهَا فَلَا يُقَالُ إنَّ تَقْدِيمَ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَسَنِّ تَقْدِيمٌ بِالصِّفَاتِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ دُونَ الصِّفَاتِ سم وَع ش (قَوْلُهُ إذْ الْأَفْقَهُ إلَخْ) أَيْ وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا وَالْمُرَادُ بِالْأَفْقَهِ الْأَعْلَمُ بِذَلِكَ الْبَابِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْوَالِي هُنَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ جَزْمًا اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَأُولَاهُمْ الزَّوْجُ) وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ السَّيِّدَ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهَلْ يَكُونُ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا الْأَقْرَبُ نَعَمْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ حَتْمًا مُغْنِي وَأَسْنَى وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ فِيهَا الْأَوْجَهُ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ لِأَنَّهُ فِي النَّظَرِ وَنَحْوِهِ كَالْمَحْرَمِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَبْدِ الْمَرْأَةِ إذْ الْمَالِكِيَّةُ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ اهـ وَاعْتَمَدَهُ الْحَلَبِيُّ وَأَقَرَّهُ ع ش.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ وَتَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ مِنْ رِجَالِ الْأَقَارِبِ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ هَذَا لَا يُلَائِمُ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ لَهُ وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَجَانِبِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَحِينَئِذٍ فَحَقُّ الْغَايَةِ أَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا عَنْ الْأَقَارِبِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَأُولَاهُمْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ إنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَهُ) أَيْ الْوَطْءَ مَانِعًا (قَوْلُهُ لَكِنْ يَسْهُلُ ذَلِكَ) أَيْ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ وَ (قَوْلُهُ إنَّهَا إلَخْ) أَيْ الْوَاقِعَةَ فِي الْخَبَرِ كُرْدِيٌّ
قَوْلُهُ إذْ الْأَفْقَهُ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَسَنِّ الْأَقْرَبِ) لَا يُقَالُ تَقْدِيمُ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَسَنِّ تَقْدِيمٌ بِالصِّفَاتِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ دُونَ الصِّفَاتِ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ: دُونَ الصِّفَاتِ الْمُرَادُ فِيهِ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُقَدَّمْ هُنَا بِهَا بَلْ بِعَكْسِهَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ أَيْ بِالدَّفْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ وَالْأَسَنِّ وَالْبَعِيدِ كَالْعَمِّ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَقْرَبِ أَيْ وَالْأَسَنِّ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا قُدِّمَ الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي أَصْلِ الْفِقْهِ فَعَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي أَصْلِهِ بِالْأَوْلَى كَأَخٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَثَمَّ بِالْعَكْسِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ ثَمَّةَ اهـ لَكِنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ ثَمَّةَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ تَقْدِيمَ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ مَحَلُّهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ وَهُنَا لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا تُقَيِّدُهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ إلَخْ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ.
(فَرْعٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمَا بَلْ صَرِيحَهُ أَنَّ التَّرْتِيبَ السَّابِقَ فِي الْغُسْلِ وَاجِبٌ وَأَمَّا هَذَا التَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّفْنِ فَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ اهـ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ثَمَّ وَتَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ مِنْ رِجَالِ الْأَقَارِبِ
بِإِحْكَامِ الدَّفْنِ فَأَذِنَ أَوْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَيْهِ آثَارَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ فَقَدَّمَ أَبَا طَلْحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَخَصَّهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَارِفْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْأَجَانِبَ الْمُسْتَوِينَ فِي الصِّفَاتِ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ مُذَكِّرٍ يَحْصُلُ لَهُ لَوْ مَاسَّ الْمَرْأَةَ وَبَعْدَهُ الْمَحَارِمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ كَالصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَقْدِيمُ الزَّوْجِ عَلَى الْمَحْرَمِ الْأَفْقَهِ بَلْ الْفَقِيهِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ عُرِفَ مَا قُدِّمَ بِهِ فَقِنُّهَا فَمَسْمُوحٌ فَمَجْبُوبٌ فَخَصِيٌّ أَجْنَبِيٌّ لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ وَلِتَفَاوُتِهِمْ فِيهَا رُتِّبُوا كَذَلِكَ فَعَصَبَةٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ وَمُعْتَقٍ وَعَصَبَةٍ بِتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ فَذُو رَحِمٍ كَذَلِكَ فَصَالِحٌ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ قُرْبًا وَفَضِيلَةً أَقْرَعَ وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ فِي قِنِّهَا مَا مَرَّ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَغْسِلُ سَيِّدَهَا لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مُخْتَلَفٌ إذْ الرِّجَالُ ثَمَّ يَتَأَخَّرُونَ عَنْ النِّسَاءِ وَهُنَا يَتَقَدَّمُونَ وَلَوْ أَجَانِبَ عَلَيْهِنَّ وَقِنُّهَا أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ كَابْنِ الْعَمِّ لِأَنَّ لَنَا خِلَافًا أَنَّهُ يَغْسِلُهَا وَنَحْوُ ابْنِ الْعَمِّ لَا يَغْسِلُهَا قَطْعًا وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ
(وَيَكُونُونَ) أَيْ الدَّافِنُونَ (وِتْرًا نَدْبًا وَاحِدٌ فَثَلَاثَةٌ وَهَكَذَا)
قَوْلُهُ بِإِحْكَامِ الدَّفْنِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ إتْقَانِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُقَارِفْ) أَيْ لَمْ يُجَامِعْ.
(قَوْلُهُ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ إلَخْ) وَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يُجَامِعَ لَيْلَتَهَا لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْمَيْلِ إلَى مَا يُرَادُ مِنْ النِّسَاءِ لِأَنَّا نَقُولُ الْغَرَضُ ثَمَّ كَسْرُ الشَّهْوَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْجِمَاعِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْغَرَضُ هُنَا أَنْ يَكُونَ أَبْعَدَ مِنْ تَذَكُّرِ النِّسَاءِ وَبُعْدُ الْعَهْدِ مِنْهُنَّ أَقْوَى فِي عَدَمِ التَّذَكُّرِ ع ش (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الزَّوْجِ سم وَكُرْدِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيَلِيهِ الْأَفْقَهُ ثُمَّ الْأَقْرَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمَحَارِمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ كَالصَّلَاةِ) أَيْ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ مِنْهَا ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ مِنْهَا ثُمَّ عَبْدُهَا أَيْ الْمَيِّتَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى عَبِيدِهَا مَحَارِمُ الرَّضَاعِ وَمَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ أَسْنَى وَفِي سم عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ مَا قُدِّمَ بِهِ) يَعْنِي أَحْكَامَ الدَّفْنِ وَهَلْ الْمُرَادُ الْأَحْكَامُ الْوَاجِبَةُ فَقَطْ أَوْ هِيَ وَالْمَنْدُوبَةُ يَنْبَغِي الثَّانِي نَظَرًا لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَلْ الْفَقِيهُ كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَقِنُّهَا) وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرِّضَا وَمَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى عَبِيدِهَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ تَقْدِيمُ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ عَلَى مَحَارِمِ الْمُصَاهَرَةِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ (قَوْلُهُ فَخَصِيٌّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِنِّينَ وَالْهِمَّ مِنْ الْفُحُولِ أَضْعَفُ شَهْوَةً مِنْ شَبَابِ الْخُصْيَانِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَيْهِمْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمُعْتَقٌ) لَمْ يُرَتِّبْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ سم أَقُولُ بَلْ رَتَّبَهُ بِقَوْلِهِ بِتَرْتِيبِهِمْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فَذُو رَحِمٍ كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ مَحْرَمٍ كَبَنِي خَالٍ وَبَنِي عَمَّةٍ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَصَالِحٌ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ ثُمَّ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ ثُمَّ النِّسَاءُ كَتَرْتِيبِهِنَّ فِي الْغُسْلِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْخَنَاثَى عَلَى النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ إلَخْ) أَيْ وَتَنَازَعَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أُقْرِعَ) أَيْ نَدْبًا ع ش (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ) أَيْ وَهُوَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ هُنَا أَسْنَى (قَوْلُهُ إذْ الرِّجَالُ إلَخْ) فِي تَقْرِيبِهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي غُسْلِ الْمَرْأَةِ وَ (قَوْلُهُ وَهُنَا إلَخْ) أَيْ فِي دَفْنِ الْمَرْأَةِ سم (قَوْلُهُ كَابْنِ الْعَمِّ) أَيْ كَمَا أَنَّ قِنَّهَا أَوْلَى مِنْ ابْنِ الْعَمِّ (قَوْلُهُ إنَّهُ إلَخْ) أَيْ قِنَّهَا (قَوْلُهُ وَنَحْوُ ابْنِ الْعَمِّ) أَدْخِلْ فِي النَّحْوِ الْأَجَانِبَ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالزِّيَادِيُّ قَالَ سم وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ اهـ
قَوْلُهُ أَيْ الدَّافِنُونَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُسَدُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ إلَى حَرَمٍ وَقَوْلُهُ وَصَحَّ إلَى وَلَوْ مَاتَ (قَوْلُهُ أَيْ الدَّافِنُونَ) أَيْ الْمُدْخِلُونَ لِلْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْوَاجِبُ فِي الْمَدْخَلِ لَهُ فَهُوَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَثَلَاثَةٌ) يَنْبَغِي نَدْبُهَا مُوَافِقَةً لِمَا فُعِلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِوَاحِدٍ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَشَرْحَهُ تُرْشِدُ إلَى مَا ذَكَرْته
قَوْلُهُ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ) قَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّ الْقَرِيبَ الْعَهْدِ أَسْكَنُ نَفْسًا مِنْ ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي خَبَرِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ» (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الزَّوْجِ الْمَحَارِمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَمَحْرَمٌ مِنْ الْعَصَبَةِ ثُمَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ مِنْهَا ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ مِنْهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَحْرَمَ الْقَرَابَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمٌ فَعَبْدُ مَنْ تُطَمُّ أَيْ الَّتِي تُدْفَنُ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى عَبِيدِهَا مَحَارِمُ الرَّضَاعِ وَمَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي الدَّفْنِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهَلْ يَكُونُ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ أَحَقُّ بِدَفْنِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ حَتْمًا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ أَنَّ الْأَقَارِبَ أَحَقُّ مِنْهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الصَّلَاةِ وَقُلْنَا بِهَامِشِهِ إنَّ قِيَاسَهُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ وَمُعْتَقٌ) لَمْ يُرَتِّبْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ مَحْرَمٍ كَبَنِي خَالٍ وَبَنِي عَمَّةٍ (قَوْلُهُ إذْ الرِّجَالُ ثَمَّ يَتَأَخَّرُونَ) أَيْ فِي غُسْلِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَهُنَا يَتَقَدَّمُونَ) أَيْ فِي دَفْنِ الْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَرْعِ السَّابِقِ
بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِمَا صَحَّ «أَنَّ دَافِنِيهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ رضي الله عنهم» وَرِوَايَةٌ أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً بِزِيَادَةِ شُقْرَانُ مَوْلَاهُ صلى الله عليه وسلم وَقَثْمِ بْنِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنهم يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَدَّ فِيهَا مَنْ سَاعَدَهُمْ فِي نَقْلٍ أَوْ مُنَاوَلَةِ شَيْءٍ احْتَاجُوا إلَيْهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْحُفَّاظِ صَحَّحَهَا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهَا الْأَفْضَلُ
(وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ) أَوْ الشَّقِّ (عَلَى يَمِينِهِ) نَدْبًا كَالِاضْطِجَاعِ عِنْدَ النَّوْمِ وَيُكْرَهُ عَلَى يَسَارِهِ (لِلْقِبْلَةِ) وُجُوبًا لِنَقْلِ الْخَلَفِ لَهُ عَنْ السَّلَفِ وَمَرَّ فِي الْمُصَلِّي الْمُضْطَجِعِ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وُجُوبًا بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وَوَجْهِهِ فَلْيَأْتِ ذَلِكَ هُنَا إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا وَإِنْ كَانَتْ رِجْلَاهُ إلَيْهَا عَلَى الْأَوْجَهِ حَرُمَ وَنُبِشَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا يَأْتِي (وَيُسْنَدُ) نَدْبًا فِي هَذَا وَالْأَفْعَالُ الْمَعْطُوفَةُ عَلَيْهِ (وَجْهُهُ) وَرِجْلَاهُ (إلَى جِدَارِهِ) أَيْ الْقَبْرِ وَيَتَجَافَى بِبَاقِيهِ حَتَّى يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ هَيْئَةِ الرَّاكِعِ لِئَلَّا يُنْكَبَ (وَ) يُسْنَدَ (ظُهْرُهُ بِلَبِنَةٍ) طَاهِرَةٍ (وَنَحْوِهَا) لِتَمَنُّعِهِ مِنْ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى قَفَاهُ وَيُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ نَحْوُ لَبِنَةٍ وَيُفْضِي بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ بَعْدَ تَنْحِيَةِ الْكَفَنِ عَنْهُ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ لِيَكُونَ بِهَيْئَةِ مَنْ هُوَ فِي غَايَةِ الذُّلِّ وَالِافْتِقَارِ وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ النَّوْمِ يَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى» فَيُحْتَمَلُ دُخُولُهَا فِي نَحْوِ اللَّبِنَةِ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ لِأَنَّ الذُّلَّ فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ اللَّبِنَةِ أَظْهَرُ وَلَوْ مَاتَ صَغِيرٌ أَسْلَمَ دُفِنَ بِمَقَابِرِ الْكُفَّارِ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِهِمْ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ أَوْ كَافِرَةٌ بِبَطْنِهَا جَنِينٌ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ مَيِّتٌ مُسْلِمٌ دُفِنَتْ بَيْنَ مَقَابِرِنَا وَمَقَابِرِهِمْ وَجُعِلَ ظَهْرُهَا لِلْقِبْلَةِ لِيَتَوَجَّهَ لِأَنَّ وَجْهَهُ إلَى ظَهْرِهَا
(وَيُسَدُّ فَتْحُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (اللَّحْدِ بِلَبِنٍ) بِأَنْ يُبْنَى بِهِ ثُمَّ يُسَدُّ مَا بَيْنَهُ مِنْ الْفُرَجِ بِنَحْوِ كَسْرِ لَبِنٍ اتِّبَاعًا لِمَا فُعِلَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ عَنْ النَّبْشِ وَمَنْعِ التُّرَابِ وَالْهَوَامِّ وَكَاللَّبِنِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ وَآثَرُهُ
وَهِيَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ وَعَدَدُ الْغَاسِلِينَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ انْتَهَتْ اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) أَيْ فَلَوْ انْتَهَتْ الْحَاجَةُ بِاثْنَيْنِ مَثَلًا زِيدَ ثَالِثٌ مُرَاعَاةً لِلْوَتْرِيَّةِ ع ش (قَوْلُهُ فِي نَقْلٍ إلَخْ) بِلَا تَنْوِينٍ
(قَوْلُهُ أَوْ الشَّقِّ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَهُوَ لِعُمُومِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُنْبَشُ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِنَقْلِ الْخَلَفِ إلَخْ) جَعَلَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِلَّةً لِلْوَضْعِ عَلَى الْيَمِينِ وَعَلَّلَا وُجُوبَ تَوْجِيهِهِ لِلْقِبْلَةِ بِقَوْلِهِمَا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَرَّ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ مَاتَ مُلْتَصِقَانِ مَاذَا يَفْعَلُ بِهِمَا وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فَصْلُهُمَا لِيُوَجَّهَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْقِبْلَةِ وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا ضَرُورَةَ إلَى بَقَائِهِمَا مُلْتَصِقَيْنِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ مَا يُوَافِقُهُ ع ش وَفِيهِ تَوَقُّفٌ وَلَوْ قِيلَ بِالْإِقْرَاعِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ مُسْتَدْبِرًا) أَيْ أَوْ مُنْحَرِفًا وَ (قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَلْقِيًا) أَيْ أَوْ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الْمُضْطَجِعِ) لَعَلَّهُ الْمُسْتَلْقِي سم أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ جَعَلَ أَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ وَرُفِعَتْ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا يُفْعَلُ بِالْمُخْتَصَرِ عَمِيرَةُ اهـ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ م ر أَيْضًا ع ش (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) اعْتَمَدَهُ عَمِيرَةُ وَالنِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش.
وَقَالَ سم ظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَ بِأَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَمُقَدَّمَ بَدَنِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَمَرَّ فِي الْمُصَلِّي الْمُضْطَجِعِ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ اهـ وَقَوْلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَنُبِشَ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا وَالْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ النَّتْنُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِهِ الِانْفِجَارُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ الْقَبْرِ) أَيْ اللَّحْدِ أَوْ الشَّقِّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَنَحْوِهَا) أَيْ كَطِينٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ نَحْوُ لَبِنَةٍ) أَيْ كَحَجَرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَحْوِ اللَّبِنَةِ سم (قَوْلُهُ دُخُولُهَا إلَخْ) أَيْ الْيَدِ الْيُمْنَى أَيْ فَيَشْمَلُهَا لَفْظُ نَحْوِ لَبِنَةٍ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ إلَخْ) وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ) أَيْ بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ع ش قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِدْبَارُ فِي أُمِّهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُهُ حِينَئِذٍ نَعَمْ اسْتِقْبَالُهُ أَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ كَافِرَةٌ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَتُرَاعَى هِيَ لَا مَا فِي بَطْنِهَا ع ش (قَوْلُهُ دُفِنَتْ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يُدْفَنُ مُسْلِمٌ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَلَا كَافِرٌ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حَرَامٌ انْتَهَى وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لِدَفْنِ الذِّمِّيِّ غَيْرُ مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لِصَالِحٍ لِذَلِكَ هَلْ يَجُوزُ دَفْنُهُ حِينَئِذٍ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْنُهُ إلَّا فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ مَعَ مُسْلِمٍ هَلْ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ دَفْنٍ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الْمُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَتَيَسَّرْ دَفْنُهُ إلَّا مَعَ الذِّمِّيِّينَ ع ش (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ظَهْرَهَا إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِيَتَوَجَّهَ) أَيْ الْجَنِينُ لِلْقِبْلَةِ نِهَايَةٌ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَدُّ فَتْحُ اللَّحْدِ) وَكَذَا غَيْرُهُ وَ (قَوْلُهُ بِلَبِنٍ) أَيْ طُوبٍ لَمْ يُحْرَقْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَيُسَدُّ أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ بِلَبِنٍ أَيْ نَدْبًا
(فَرْعٌ) لَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ فِي غَيْرِ لَحْدٍ وَلَا شَقٍّ وَأُهِيلَ التُّرَابُ عَلَى جُثَّتِهِ فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت م ر أَفْتَى بِحُرْمَةِ ذَلِكَ
(فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا لَبِنٌ لِغَائِبٍ هَلْ يَجُوزُ أَخْذُهُ كَمَا فِي الِاضْطِرَارِ لَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ إذَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِنَحْوِ كَسْرِ لَبِنٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِكَسْرِ لَبِنٍ وَطِينٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ قَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ قَوْلُهُ وَطِينٍ نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّبِنَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي وَلَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ عِنْدَ سَدِّهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِرْمَاوِيٌّ. اهـ. (قَوْلُهُ: اتِّبَاعًا) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ ثُمَّ يُهَالُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ كَانَ إلَى وَوَقَعَ (قَوْلُهُ غَيْرُهُ) أَيْ
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ عَلَى يَسَارِهِ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لِلْقِبْلَةِ) هَذَا لِلْمُسْلِمِ فَلَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِالْكَافِرِ بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ وَالِاسْتِدْبَارُ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ وَمَرَّ فِي الْمُصَلِّي الْمُضْطَجِعِ) لَعَلَّهُ الْمُسْتَلْقِي وَإِنْ كَانَتْ رِجْلَاهُ إلَيْهَا عَلَى الْأَوْجَهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَ بِأَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَمُقَدَّمَ بَدَنِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَمَرَّ فِي الْمُصَلِّي الْمُضْطَجِعِ إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَحْوِ اللَّبِنَةِ (قَوْلُهُ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ) أَيْ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ دُفِنَتْ أُمُّهُ كَنُفَسَاءَ أَهْلِهَا لِأَنَّ دَفْنَهُ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ فَاسْتِقْبَالُهُ أَوْلَى وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبَسَطَ رَدَّ مَا اُعْتُرِضَ
لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ كَمَا تَقَرَّرَ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمَتْنِ أَنَّ أَصْلَ سَدِّ اللَّحْدِ مَنْدُوبٌ كَسَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ فَتَجُوزُ إهَالَةُ التُّرَابِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سَدٍّ وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَكِنْ بَحَثَ غَيْرُ وَاحِدٍ وُجُوبَ السَّدِّ كَمَا عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ مِنْ زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْآنَ فَتَحْرُمُ تِلْكَ الْإِهَالَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِزْرَاءِ وَهَتْكِ الْحُرْمَةِ وَإِذَا حَرَّمُوا مَا دُونَ ذَلِكَ كَكَبِّهِ عَلَى وَجْهِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ فَهَذَا أَوْلَى اهـ وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ فِي تَسْقِيفِ الشَّقِّ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ انْهَدَمَ الْقَبْرُ تَخَيَّرَ الْوَلِيُّ بَيْنَ تَرْكِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَنَقْلِهِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ اهـ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَأَلْحَقَ بِانْهِدَامِهِ انْهِيَارُ تُرَابِهِ عَقِبَ دَفْنِهِ وَوَاضِحٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ سَبُعٌ أَوْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحٌ وَإِلَّا وَجَبَ إصْلَاحُهُ قَطْعًا
(وَيَحْثُو مَنْ دَنَا) إلَى الْقَبْرِ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَفِيرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّأَكُّدِ (ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ تُرَابٍ) بِيَدَيْهِ جَمِيعًا مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ لِلِاتِّبَاعِ وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ وَيَقُولُ فِي الْأُولَى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّانِيَةِ {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَفِي الثَّالِثَةِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55]
(تَنْبِيهٌ) بَيَّنَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ يَحْثُو وَحَثَيَاتٍ الْمُنَاسِبِ لِيُحْثِيَ لَا لِيَحْثُوَ أَنَّهُ سُمِعَ حَثَا يَحْثُو حَثْوًا وَحَثَوَاتٍ وَحَثَى يَحْثِي حَثْيًا وَحَثَيَاتٍ وَالثَّانِي أَفْصَحُ (ثُمَّ) بَعْدَ حَثْيِ الْحَاضِرِينَ كَذَلِكَ وَيَظْهَرُ نَدْبُ الْفَوْرِيَّةِ كَمَا يُفْهِمُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي خِلَافَ مَا تَقْتَضِيهِ ثُمَّ (يُهَالُ) أَيْ يُرْدَمُ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ (بِالْمَسَاحِي) مَثَلًا لِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِتَكْمِيلِ الدَّفْنِ إذْ هِيَ جَمْعُ مِسْحَاةٍ بِالْكَسْرِ وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ جَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَى تُرَابِهِ أَيْ إنْ كَفَاهُ لِئَلَّا يَعْظُمَ شَخْصُهُ
كَالطِّينِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ إلَخْ) وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ اللَّبِنَاتِ الَّتِي وُضِعَتْ فِي قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعٌ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فَيُنْدَبُ كَوْنُ اللَّبِنَاتِ تِسْعًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَكِنْ بَحَثَ غَيْرُ وَاحِدٍ وُجُوبَ السَّدِّ إلَخْ) هُوَ الصَّوَابُ وَيُحْمَلُ الْمَتْنُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ السَّدِّ وُصُولُ التُّرَابِ لِلْمَيِّتِ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً سم أَقُولُ هَذَا الْحَمْلُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْمُحَالِ الْعَادِي قَوْلُهُ م ر فَهَذَا أَوْلَى إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ التُّرَابُ إلَى جَسَدِ الْمَيِّتِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ يَصِلُ التُّرَابُ إلَى جَسَدِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْهُ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَأَمَّا أَصْلُ السَّدِّ فَوَاجِبٌ إنْ أَدَّى عَدَمُهُ إلَى إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ اهـ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ م ر فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ السَّدَّ مَنْدُوبٌ ع ش وَتَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ (قَوْلُهُ عَقِبَ دَفْنِهِ) أَيْ فَلَوْ انْهَارَ قَبْلَ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَسَدِّهِ وَجَبَ إصْلَاحُهُ قَلْيُوبِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُهُ (وَجَبَ إصْلَاحُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ نَقْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بَصْرِيٌّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَحْثُو إلَخْ) أَيْ بَعْدَ سَدِّ اللَّحْدِ ع ش (قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ) أَيْ الدَّفْنَ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّأَكُّدِ نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ إلَخْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَعِيدِ إلَخْ أَيْ وَلِلنِّسَاءِ أَيْضًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَدِّ قُرْبُهَا مِنْ الْقَبْرِ إلَى الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً وَهُنَاكَ رُطُوبَةٌ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ تُرَابٍ) أَيْ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَلَعَلَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ تُرَابِهِ أَيْضًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَبَقِيَ مَا لَوْ فُقِدَ التُّرَابُ فَهَلْ يُشِيرُ إلَيْهِ بِيَدَيْهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَدْفُونُ
(فَائِدَةٌ) وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ الْعَلَوِيِّ عَنْ خَطِّ وَالِدِهِ قَالَ وَجَدْتُ مَا مِثَالُهُ حَدَّثَنِي الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَافِظُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ حَالَ الدَّفْنِ بِيَدِهِ أَيْ حَالَ إرَادَتِهِ وَقَرَأَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] سَبْعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ مَعَ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ لَمْ يُعَذَّبْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ» انْتَهَى عَلْقَمِيٌّ وَيَنْبَغِي أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِ التُّرَابِ فِي الْقَبْرِ إذَا كَانَتْ الْمَقْبَرَةُ مَنْبُوشَةً لَا فِي الْكَفَنِ لِنَجَاسَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَقُولُ فِي الْأُولَى إلَخْ) زَادَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِيهَا اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حُجَّتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَفِي الثَّالِثَةِ اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْله حَجَّتُهُ أَيْ مَا يَحْتَجْ بِهِ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِهِ وَإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُسْأَلُ كَالطِّفْلِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ أَيْضًا مَا لَوْ قَدَّمَ الْآيَةَ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ أَخَّرَهَا وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْآيَةِ عَلَى الدُّعَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ زَادَ الْمُحِبُّ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي أَفْصَحُ) وَفِي كَلَامِ الْمُخْتَارِ وَالْمَحَلِّيِّ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَفْصَحَ الْأَوَّلُ ع ش (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ حَثْيِ الْحَاضِرِينَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ انْتِظَارُ حَثْيِ جَمِيعِهِمْ وَفِيهِ بُعْدٌ عِنْدَ كَثْرَتِهِمْ جِدًّا لِتَفْوِيتِهِ الْمُبَادَرَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ التُّرَابُ قَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَإِنَّمَا كَانَ الْإِهَالَةُ بَعْدَ الْحَثْيِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ وُقُوعِ اللَّبِنَاتِ وَعَنْ تَأَذِّي الْحَاضِرِينَ بِالْغُبَارِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ يُرْدَمُ) أَيْ يُصَبُّ التُّرَابُ عَلَى الْمَيِّتِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مَثَلًا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مِسْحَاةٍ بِكَسْرِهَا وَهِيَ آلَةٌ تَمْسَحُ الْأَرْضَ بِهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ حَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّحْوِ أَيْ الْكَشْفِ وَظَاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هِيَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَحِكْمَةُ ذَلِكَ إسْرَاعُ تَكْمِيلِ الدَّفْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ هِيَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْحَدِيدِ وَمِنْ غَيْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى تُرَابِهِ) أَيْ الْقَبْرِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ إنْ كَفَاهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ بِتُرَابِهِ شِبْرًا وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا
بِهِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لَكِنْ بَحَثَ غَيْرُ وَاحِدٍ وُجُوبَ السَّدِّ إلَخْ) هُوَ الصَّوَابُ وَيُحْمَلُ الْمَتْنُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَرْكِ السَّدِّ وُصُولُ التُّرَابِ لِلْمَيِّتِ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً
(قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ) اُنْظُرْ لَوْ تَعَذَّرَ الْحَثْيُ فَهَلْ تُطْلَبُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِيَدَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ
(وَيُرْفَعُ) الْقَبْرُ إنْ لَمْ يُخْشَ نَبْشُهُ مِنْ نَحْوِ كَافِرٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ أَوْ سَارِقٍ (شِبْرًا فَقَطْ) تَقْرِيبًا لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ وَصَحَّ «أَنَّ قَبْرَهُ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ نَحْوَ شِبْرٍ» فَإِنْ اُحْتِيجَ فِي رَفْعِهِ شِبْرًا لِتُرَابٍ آخَرَ زِيدَ عَلَيْهِ كَمَا بُحِثَ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) لِمَا صَحَّ «عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَمَّتَهُ عَائِشَةَ رضي الله عنهم كَشَفَتْ لَهُ عَنْ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ فَإِذَا هِيَ مُسَطَّحَةٌ مَبْطُوحَةٌ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ» وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ مُسَنَّمٌ حَمَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ تَسْنِيمَهُ حَادِثٌ لَمَّا سَقَطَ جِدَارُهُ وَأُصْلِحَ زَمَنَ الْوَلِيدِ وَقِيلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه وَكَوْنُ التَّسْطِيحِ صَارَ شِعَارَ الرَّوَافِضِ لَا يُؤَثِّرُ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُتْرَكُ لِفِعْلِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ لَهَا
(وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ) أَيْ لَحْدٍ أَوْ شَقٍّ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ حَاجِزِ بِنَاءً بَيْنَهُمَا أَيْ يُنْدَبُ أَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِيهِ فَيُكْرَهُ إنَّ اتَّحَدَا نَوْعًا أَوْ اخْتَلَفَا وَلَوْ احْتِمَالًا كَخُنْثَيَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ أَوْ سَيِّدِيَّةٌ وَإِلَّا حَرُمَ فَالنَّفْيُ فِي كَلَامِهِ لِلْكَرَاهَةِ تَارَةً وَالْحُرْمَةِ أُخْرَى وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حُرْمَتِهِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا ضَعِيفٌ وَيَحْرُمُ أَيْضًا إدْخَالُ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ وَإِنْ اتَّحَدَا قَبْلَ بِلَى جَمِيعِهِ أَيْ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ لَا يَبْلَى كَمَا مَرَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحُسُّ فَلِذَا لَمْ يَسْتَثْنُوهُ وَيُرْجَعُ فِيهِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْأَرْضِ وَلَوْ وَجَدَ عَظْمَةً قَبْلَ كَمَالِ الْحَفْرِ طَمَّهُ وُجُوبًا مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ نَحَاهُ وَدَفَنَ الْآخَرَ فَإِنْ ضَاقَ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْنُهُ إلَّا عَلَيْهِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ نَحَاهُ حُرْمَةُ الدَّفْنِ هُنَا حَيْثُ لَا حَاجَةَ
أَنْ يُزَادَ لِهَذَا مُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُرْفَعُ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُخْشَ) إلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجِزٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ إلَى وَكَوْنُ التَّسْطِيحِ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُخْشَ نَبْشُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ خَشِيَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُرْفَعُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش هَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاجِبًا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فِعْلُهُمْ بِهِ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ كَافِرٍ إلَخْ) أَيْ كَعَدٍّ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (شِبْرًا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَانَ مَكْرُوهًا ع ش (قَوْلُهُ زِيدَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ قَدْ يَحْتَاجُ لِلزِّيَادَةِ كَأَنْ سَفَّتْهُ الرِّيحُ قَبْلَ إتْمَامِ حَفْرِهِ أَوْ قَلَّ تُرَابُ الْأَرْضِ لِكَثْرَةِ الْحِجَارَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنَّ تَسْطِيحَهُ) أَيْ جَعْلَهُ مُسَطَّحًا مُسْتَوِيًا لَهُ سَطْحٌ (أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) أَيْ جَعْلِهِ مُسَنَّمًا كَالْجَمَلُونِ عَلَى هَيْئَةِ سَنَامِ الْبَعِيرِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكَوْنُ التَّسْطِيحِ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُتْرَكُ إلَخْ) إذْ لَوْ رُوعِيَ ذَلِكَ لَأَدَّى إلَى تَرْكِ سُنَنٍ كَثِيرَةٍ مُغْنِي
قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا وَاحِدٌ وَبَعْضُ بَدَنِ آخَرَ
(فَرْعٌ) لَوْ وُضِعَتْ الْأَمْوَاتُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فِي لَحْدٍ أَوْ فَسْقِيَّةٍ كَمَا تُوضَعُ الْأَمْتِعَةُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَهَلْ يَسُوغُ النَّبْشُ حِينَئِذٍ لِيُوضَعُوا عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ إنْ وَسِعَ الْمَكَانُ وَإِلَّا نُقِلُوا لِمَحَلٍّ آخَرَ الْوَجْهُ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ وِفَاقًا ل م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ يُنْدَبُ إلَخْ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ ابْتِدَاءً بَلْ يُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ لِلِاتِّبَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ فَلَوْ دَفَنَهُمَا ابْتِدَاءً فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرُمَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ كَرَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَوْ أُمًّا مَعَ وَلَدِهَا وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ أَوْ مَمْلُوكِيَّةٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلسَّرَخْسِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ مُطْلَقًا لَا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ الْجَمْعِ التَّأَذِّي لَا الشَّهْوَةُ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ سَيِّدِيَّةٌ) قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ بِمَوْتِ الرَّقِيقِ أَوَّلًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِانْتِقَالِهِ لِلْوَارِثِ سم (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) أَفْتَى بِمَا فِيهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا) أَيْ وَبَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ سم (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ أَيْضًا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي ثُمَّ قَالَا وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ ذَلِكَ بِهَتْكِ حُرْمَتِهِ عَدَمُ حُرْمَةِ نَبْشِ قَبْرٍ لَهُ لَحْدَانِ مَثَلًا لِدَفْنِ شَخْصٍ فِي اللَّحْدِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ رَائِحَةٌ إذْ لَا هَتْكَ لِلْأَوَّلِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِيمَا أَعْلَمُ اهـ وَأَقَرَّهُ سم قَالَ ع ش قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَكَمَا يَحْرُم نَبْشُ الْقَبْرِ لِلدَّفْنِ يَحْرُمُ فَتْحُ الْفَسْقِيَّةِ لِلدَّفْنِ فِيهَا إنْ كَانَ هُنَاكَ هَتْكٌ لِحُرْمَةِ مَنْ بِهَا كَأَنْ تَظْهَرَ رَائِحَتُهُ كَأَنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالدَّفْنِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ هَتْكٌ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ مَكَانٌ م ر انْتَهَى ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا يُعْطِي قُوَّتَهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ يَجْرِي فِي حَقِّ الْكُفَّارِ أَيْضًا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْنَا دَفْنُ ذِمِّيَّيْنِ فِي لَحْدٍ وَاحِدٍ بِلَا ضَرُورَةٍ
(فَرْعٌ) لَوْ شَكَّ فِي ظُهُورِ الرَّائِحَةِ وَعَدَمِهَا هَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَرُبَ زَمَنُ الدَّفْنِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
(قَوْلُهُ إدْخَالُ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ إلَخْ) وَفِي الزِّيَادِيِّ وَمَحَلُّ تَحْرِيمِهِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَأَمَّا عِنْدَهَا فَيَجُوزُ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ رَمْلِيٌّ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ قَبْلَ بِلَى جَمِيعِهِ) أَفْهَمَ جَوَازُ النَّبْشِ بَعْدَ بِلَى جَمِيعِهِ وَيُسْتَثْنَى قَبْرُ عَالِمٍ مَشْهُورٍ أَوْ وَلِيٍّ مَشْهُورٍ فَيُمْتَنَعُ نَبْشُهُ مُطْلَقًا م ر اهـ سم (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ عَجْبُ الذَّنَبِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْبِلَى (قَوْلُهُ نَحَاهُ) أَيْ نَحَى الْعَظْمَ مِنْ
(قَوْلُهُ أَوْ سَيِّدِيَّةٌ) قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ بِمَوْتِ الرَّقِيقِ أَوَّلًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِانْتِقَالِهِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ضَعِيفٌ) أَفْتَى بِمَا فِيهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ مِنْ حُرْمَتِهِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا) وَبَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ أَيْضًا إدْخَالُ مَيِّتٍ عَلَى آخَرَ) عَلَّلُوهُ بِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ نَبْشِ قَبْرٍ لَهُ لَحْدَانِ مَثَلًا لِدَفْنِ شَخْصٍ فِي اللَّحْدِ الثَّانِي إنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ رَائِحَةٌ إذْ لَا هَتْكَ لِلْأَوَّلِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِيمَا أَعْلَمُ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ قَبْلَ بِلَى جَمِيعِهِ) أَفْهَمَ جَوَازُ النَّبْشِ بَعْدَ بِلَى جَمِيعِهِ وَيُسْتَثْنَى قَبْرُ عَالِمٍ مَشْهُورٍ أَوْ وَلِيٍّ مَشْهُورٍ فَيُمْتَنَعُ نَبْشُهُ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ بِأَنْ كَثُرَ الْمَوْتَى) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْعُسْرِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْمَوْتَى وَأَنْ
وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ هُنَا أَشَدُّ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ كَثُرَ الْمَوْتَى وَعَسُرَ إفْرَادُ كُلِّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا كَفَنٌ وَاحِدٌ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فِي دَفْنِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ» وَيُقَدَّمُ أَقْرَؤُهُمَا لِلْقِبْلَةِ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ تُرَابٍ وَهَذَا الْحَجْزُ مَنْدُوبٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَتَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ (فَيُقَدَّمُ) فِي دَفْنِهِمَا إلَى الْقِبْلَةِ (أَفْضَلُهُمَا) بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الْإِمَامَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ رَجُلٌ وَلَوْ مَفْضُولًا فَصَبِيٌّ فَخُنْثَى فَامْرَأَةٌ نَعَمْ يُقَدَّمُ أَصْلٌ عَلَى فَرْعِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ أَفْضَلَ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ أَوْ الْأُمُومَةِ بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ أُقْرِعَ وَأَنَّهُمْ لَوْ تَرَتَّبُوا لَمْ يُنَحَّ الْأَسْبَقُ الْمَفْضُولُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ
(وَلَا يُجْلَسُ عَلَى الْقَبْرِ)
الْقَبْرِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ فِي جَانِبٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كُرْدِيٌّ وَحَلَبِيٌّ وَزِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْحُرْمَةُ وَإِنْ وُضِعَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَمَا لَوْ فُرِشَ عَلَى الْعِظَامِ رَمْلٌ ثُمَّ وُضِعَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَلْيُرَاجَعْ ع ش أَقُولُ قَدْ يُوَافِقُ ذَلِكَ الظَّاهِرُ قَوْلَ شَيْخِنَا وَيَحْرُمُ جَمْعُ عِظَامِ الْمَوْتَى لِدَفْنِ غَيْرِهِمْ وَكَذَا وَضَعَ الْمَيِّتِ فَوْقَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ كَثُرَ) إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُمَا عَبَّرَا بِالْكَافِ بَدَلَ الْبَاءِ فِي بِأَنْ كَثُرَ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ كَثُرَ الْمَوْتَى) يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْعُسْرِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْمَوْتَى وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعُسْرِ مَا لَوْ كَانَ لَوْ أُفْرِدَ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ تَبَاعَدَتْ قُبُورُهُمْ بِحَيْثُ تَشُقُّ زِيَارَتُهُمْ بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ مَوَاضِعَ مُتَقَارِبَةٍ سم وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مَا فِي ع ش مِمَّا نَصُّهُ فَمَتَى سَهُلَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اُعْتِيدَ الدَّفْنُ فِيهِ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدًا وَجَبَ حَيْثُ كَانَ يُعَدُّ مَقْبَرَةً لِلْبَلَدِ وَيَسْهُلُ زِيَارَتُهُ وَغَايَتُهُ تَتَعَدَّدُ التُّرَبُ وَأَيُّ مَانِعٍ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرِنَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِدَرَاهِمَ تُصْرَفُ لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى التُّرْبَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِالدَّفْنِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا كَفَنٌ إلَخْ) أَيْ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ نَدْبًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي ع ش (قَوْلُهُ فَأَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ حَاجِزُ تُرَابٍ) أَيْ وَنَحْوُهُ كَإِذْخِرٍ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا الْحَجْزُ مَنْدُوبٌ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّ وَإِلَّا وَجَبَ بِرْمَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ اهـ فَجَعَلَا الْغَايَةَ اتِّحَادَ الْجِنْسِ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمُلَاحَظَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْمَحُ لَامِحٌ أَنَّ مَحَلَّ الْحَاجَةِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ وَأَمَّا عِنْدَ الِاتِّحَادِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْدَبَ فَأَشَارَ إلَى نَفْيِهِ وَقَدْ يَلْمَحُ آخَرُ أَنَّ مَحَلَّ النَّدْبِ عِنْدَ الِاتِّحَادِ أَمَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ فَأَشَارَ الشَّارِحِ إلَى رَدِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ مَا يُشْعِرُ بِخِلَافٍ فِي طَلَبِ الْحَاجِزِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَفِي الْغُرُرِ احْتِمَالٌ بِالْوُجُوبِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَكُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أَشَارَ إلَى رَدِّ أَحَدِ الْخِلَافَيْنِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ النَّدْبِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَسٌّ وَالْوُجُوبُ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ وَلِقَوْلِ الشَّوْبَرِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ الْجَمْعِ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ تَمَاسُّ عَوْرَتَيْهِمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمَا بِإِذْخِرٍ وَنَحْوِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الْإِمَامَةِ) أَيْ السَّابِقِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْجَدِيدِ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا فَيُقَدَّمُ الْأَبُ إلَخْ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهُوَ أَيْ الْأَفْضَلُ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ اهـ وَقَالَ سم كَأَنَّ الْمُرَادَ مَا يُقَدَّمُ بِهِ إلَى الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ سم (قَوْلُهُ فَخُنْثَى إلَخْ) وَهَلْ التَّقْدِيمُ فِي الْخُنْثَيَيْنِ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ عِنْدَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ يَتَخَيَّرُ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ سم وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ كَمَا يَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُقَدَّمُ أَصْلٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ عَلَا حَتَّى يُقَدَّمَ الْجَدُّ وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَكَذَا الْجَدَّةُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَيُقَدَّمُ أَبٌ عَلَى ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَكَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَأُمٌّ عَلَى بِنْتٍ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ عَلَى أُمِّهِ) وَهَلْ يُقَدَّمُ الْخُنْثَى عَلَى أُمِّهِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ أَوْ تُقَدَّمُ الْأُمُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذُّكُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَصَالَةَ مُحَقَّقَةٌ وَاحْتِمَالُ الذُّكُورَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ ع ش.
(قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ (قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) تَبِعَ فِيهِ شَرْحَ الرَّوْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا سَبَقَ وَضْعُ الْمَرْأَةِ مَثَلًا فِي اللَّحْدِ نُحِّيَتْ لِلذَّكَرِ وَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ وَيُتَّجَهُ خِلَافُهُ م ر
يَكُونَ مِنْ الْعُسْرِ مَا لَوْ كَانَ لَوْ أُفْرِدَ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ تَبَاعَدَتْ قُبُورُهُمْ بِحَيْثُ تَشُقُّ زِيَارَتُهُمْ بِأَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ مَوَاضِعُ مُتَقَارِبَةٌ (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزُ تُرَابٍ) كَيْفَ يَتَأَتَّى فِي صُورَةِ الْكَفَنِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ فِي الْإِمَامَةِ) كَانَ الْمُرَادُ مَا يُقَدَّمُ بِهِ الْإِمَامُ الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ (قَوْلُهُ فَخُنْثَى فَامْرَأَةٌ) وَهَلْ التَّقْدِيمُ فِي الْخُنْثَيَيْنِ بِمَا يُقَدَّمُ بِهِ عِنْدَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ يَتَخَيَّرُهُ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ عَلَى أُمِّهِ) هَلْ يُقَدَّمُ الْخُنْثَى عَلَى أُمِّهِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الذُّكُورَةِ أَوْ تُقَدَّمُ الْأُمُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الذُّكُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُمْ لَوْ تَرَتَّبُوا لَمْ يُنَحَّ الْأَسْبَقُ إلَخْ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ هَذَا هُوَ
الَّذِي لِمُسْلِمٍ وَلَوْ مُهْدَرًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ وَلَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُحَاذِي الْمَيِّتِ لَا مَا اُعْتِيدَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُحَاذٍ لَهُ لَا سِيَّمَا فِي اللَّحْدِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ مَا قَرُبَ مِنْهُ جِدًّا بِهِ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ مُحَاذٍ لَهُ (وَلَا يُوطَأُ) احْتِرَامًا لَهُ إلَّا الضَّرُورَةَ كَأَنْ لَمْ يَصِلْ لِقَبْرِ مَيِّتِهِ وَكَذَا مَا يُرِيدُ زِيَارَتَهُ وَلَوْ غَيْرَ قَرِيبٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْحَفْرِ إلَّا بِهِ وَالنَّهْيُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا لِلْكَرَاهَةِ وَقَالَ كَثِيرُونَ لِلْحُرْمَةِ وَاخْتِيرَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ الْمُصَرِّحِ بِالْوَعِيدِ عَلَيْهِ لَكِنْ أَوَّلُوهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْقُعُودُ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (وَيَقْرُبُ) نَدْبًا (زَائِرُهُ) مِنْ قَبْرِهِ (كَقُرْبِهِ مِنْهُ) إذَا زَارَهُ (حَيًّا) احْتِرَامًا لَهُ وَالْتِزَامُ الْقَبْرِ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ تَابُوتٍ وَلَوْ قَبْرَهُ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِ يَدِهِ وَتَقْبِيلِهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَبِيحَةٌ
(وَالتَّعْزِيَةُ) بِالْمَيِّتِ وَأُلْحِقَ بِهِ
اهـ سم عِبَارَةُ ع ش قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْفَضِيلَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَأَنَّهُمْ إذَا تَرَتَّبُوا لَا يُنَحَّى الْأَسْبَقُ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ يَأْتِي هُنَا وَأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا انْتَهَى وَقَدْ سُئِلَ م ر عَنْ هَذَا الْكَلَامِ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا سَبَقَ وَضْعُ أَحَدِهِمَا فِي اللَّحْدِ لَا يُنَحَّى إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ فَيُنَحَّى وَيُؤَخَّرُ فَأَبَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ مَنْ وُضِعَ أَوَّلًا فِي اللَّحْدِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَذَلِكَ الْغَيْرُ أَبَاهُ لِأَنَّهُ بِسَبَقِهِ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ قَالَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ السَّبْقُ بِالْوَضْعِ عِنْدَ الْقَبْرِ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْهُ السَّابِقُ وَيُقَدَّمُ غَيْرُهُ بِالْوَضْعِ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ ثُمَّ أَخْذُهُ وَوَضْعُهُ فِي اللَّحْدِ أَوَّلًا إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَانْظُرْ لَوْ دُفِنَ ذِمِّيَّانِ فِي لَحْدٍ هَلْ يُقَدَّمُ إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ أَخَفُّهُمَا كُفْرًا وَعِصْيَانًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ الْقِيَاسُ نَعَمْ اهـ
(قَوْلُهُ الَّذِي لِمُسْلِمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي الْمُحْتَرَمُ أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَقَبْرِ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَزِنْدِيقٍ فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ شَيْءٌ أَيْ سِوَى عَجْبِ الذَّنَبِ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا يُكْرَهُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْمَقَابِرِ بِالنَّعْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِقَبْرِ الذِّمِّيِّ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لِأَجْلِ كَفِّ الْأَذَى عَنْ أَحْيَائِهِمْ إذَا وُجِدُوا وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُكْثِ فِي مَقَابِرِهِمْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ الْجُلُوسُ وَالْوَطْءُ وَيَنْبَغِي عَدَمُ حُرْمَةِ الْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ عَلَى قَبْرِهِمْ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَأَذِّي الْأَحْيَاءِ وَقَوْلُهُ م ر وَلَا يُكْرَهُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْمَقَابِرِ بِالنَّعْلِ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَنَجِّسًا بِنَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ فَيَحْرُمُ إنْ مَشَى بِهِ عَلَى الْقَبْرِ أَمَّا غَيْرُ الرَّطْبَةِ فَلَا وَقَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ أَيْ وُجُوبًا فِي الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَنَدْبًا فِي نَحْوِ الْجُلُوسِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ مُهْدَرًا كَمُحَارِبٍ) وِزَانُ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ بِشَرْطِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَيْهِ) أَيْ بِظَهْرِهِ (وَلَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ) أَيْ بِجَنْبِهِ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ حِفْنِي (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ) إلَى الْمَتْنِ أَقَرَّهُ الشَّوْبَرِيُّ وَع ش (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَخْ) التَّعْلِيلُ بِالِاحْتِرَامِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَلَوْ لَمْ تُطْلَقْ عَلَيْهِ الْمُحَاذَاةُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ احْتِرَامًا) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُحْتَمَلُ إلَى أَمَّا تَعْزِيَتُهَا وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) الْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ مَا يَشْمَلُ الْحَاجَةَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ) أَيْ بِالْجُلُوسِ فِي الْخَبَرِ وَ (قَوْلُهُ الْقُعُودُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (كَقُرْبِهِ مِنْهُ حَيًّا) نَعَمْ لَوْ كَانَ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدُ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا مَنْ كَانَ يَهَابُهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِكَوْنِهِ جَبَّارًا كَالْوُلَاةِ الظُّلْمَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ احْتِرَامًا لَهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ زُوَّارِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ دَقِّهِمْ التَّوَابِيتِ وَتَعَلُّقِهِمْ بِهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِمْ التَّأَدُّبُ فِي زِيَارَتِهِمْ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُمْ وَالْبُعْدُ عَنْهُمْ قَدْرَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زِيَارَتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِكْرَامًا ع ش (قَوْلُهُ وَتَقْبِيلُهُ) أَيْ تَقْبِيلُ الْقَبْرِ وَاسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُ الْأَعْتَابِ عِنْدَ الدُّخُولِ لِزِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِدْعَةٌ إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ يُسَنُّ أَنْ يُشِيرَ بِعَصًا وَأَنْ يُقَبِّلَهَا وَقَالُوا أَيْ أَجْزَاءَ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بِتَقْبِيلِ أَضْرِحَتِهِمْ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا كَالْأَعْتَابِ وَقَوْلُهُ فَقَدْ صَرَّحُوا إلَخْ أَيْ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَحَلَّاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَنَحْوَهَا الَّتِي تُقْصَدُ زِيَارَتُهَا كَسَيِّدِي أَحْمَدْ الْبَدْوِيِّ إذَا حَصَلَ فِيهَا زِحَامٌ يَمْنَعُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْقَبْرِ أَوْ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ لَا يَقْرُبُ مِنْ الْقَبْرِ بَلْ يَقِفُ فِي مَحَلٍّ
الظَّاهِرُ وَزَادَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَأْتِي هُنَاكَ قَالَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِهَا ثَمَّ وَبِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَالْأَفْضَلُ أَوْلَى بِهِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا سَبَقَ وَضْعُ الْمَرْأَةِ مَثَلًا فِي اللَّحْدِ نُحِّيَتْ لِلذَّكَرِ وَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ وَيُتَّجَهُ خِلَافُهُ م ر
(قَوْلُهُ الَّذِي لِمُسْلِمٍ) أَيْ أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَقَبْرِ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِقَبْرِ الذِّمِّيِّ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لِأَجْلِ كَفِّ الْأَذَى عَنْ أَحْيَائِهِمْ إذَا وُجِدُوا وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُكْثِ فِي مَقَابِرِهِمْ وَمَحَلُّ مَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُتَيَقَّنُ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ مَضَتْ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ -
مُصِيبَةُ نَحْوِ الْمَالِ لِشُمُولِ الْخَبَرِ الْآتِي لَهَا أَيْضًا (سُنَّةٌ) لِكُلِّ مَنْ يَأْسَفُ عَلَيْهِ كَقَرِيبٍ وَزَوْجٍ وَصِهْرٍ وَصَدِيقٍ وَسَيِّدٍ وَمَوْلًى وَلَوْ صَغِيرًا. نَعَمْ الشَّابَّةُ لَا يُعَزِّيهَا إلَّا نَحْوُ مَحْرَمٍ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَابْتِدَائِهَا بِالسَّلَامِ وَيَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ وَكَلَامُهُمْ إلَيْهَا أَقْرَبُ لِأَنَّ فِي التَّعْزِيَةِ مِنْ الْوَصْلَةِ وَخَشْيَةِ الْفِتْنَةِ مَا لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ السَّلَامِ أَمَّا تَعْزِيَتُهَا لَهُ فَلَا شَكَّ فِي حُرْمَتِهَا عَلَيْهَا كَسَلَامِهَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» وَفِي خَبَرٍ لِابْنِ مَاجَهْ «أَنَّهُ يُكْسَى حُلَلَ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ تَعْزِيَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمَعْنَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا (قَبْلَ دَفْنِهِ) إنْ رَأَى مِنْهُمْ شِدَّةَ جَزَعٍ لِيُصَبِّرَهُمْ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ لِاشْتِغَالِهِمْ بِتَجْهِيزِهِ (وَ) تَمْتَدُّ (بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) تَقْرِيبًا لِسُكُونِ الْحُزْنِ بَعْدَهَا غَالِبًا وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا تُجَدِّدُهُ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الدَّفْنِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَاعْتَرَضَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ هَذَا إنْ حَضَرَ الْمُعَزِّي وَالْمُعَزَّى وَعُلِمَ وَإِلَّا فَمِنْ الْقُدُومِ أَوْ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَكَغَائِبٍ نَحْوِ مَرِيضٍ أَوْ مَحْبُوسٍ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا وَهِيَ الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ
يَتَمَكَّنُ مِنْ الْوُقُوفِ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَيَقْرَأُ مَا تَيَسَّرَ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ أَوْ نَحْوِهَا إلَى الْوَلِيِّ الَّذِي قَصَدَ زِيَارَتَهُ أَيْ ثُمَّ قَبَّلَ ذَلِكَ اهـ ع ش. وَاعْتَمَدَ
شَيْخُنَا ذَلِكَ أَيْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَع ش وَقَالَ الْبَصْرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ النِّهَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَذَكَرَ السُّيُوطِيّ فِي التَّوْشِيحِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ مِنْ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ تَقْبِيلَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ انْتَهَى اهـ أَقُولُ فِي الِاسْتِنْبَاطِ الْمَذْكُورِ مَعَ صِحَّةِ النَّهْيِ عَمَّا يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِ الْقُبُورِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرٌ وَلَوْ سَلَّمَ فَيَنْبَغِي لِمَنْ يَقْتَدِي بِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ نَحْوَ تَقْبِيلِ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ فِي حُضُورِ الْجُهَلَاءِ الَّذِينَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ التَّعْظِيمِ وَالتَّبَرُّكِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ مُصِيبَةُ نَحْوِ الْمَالِ) أَيْ وَلَوْ هِرَّةً شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (سُنَّةٌ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ مُؤَكَّدَةٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِي الْجُمْلَةِ تَعْزِيَةُ الذِّمِّيِّ بِذِمِّيٍّ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لَا مَنْدُوبَةٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِكُلِّ مَنْ يَأْسَفُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَتُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِأَضْعَفِهِمْ عَنْ حَمْلِ الْمُصِيبَةِ مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا) أَيْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ الصَّحِيحَةِ وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ هُنَا أَيْضًا انْتَهَى وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ فِيهَا جَبْرًا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَكَسْرًا لِسُورَةِ الْحُزْنِ بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْمُصَافَحَةِ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ وَتَحْصُلُ سُنَّةُ التَّعْزِيَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَوْ كَرَّرَهَا هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَجْدِيدِ الْحُزْنِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الِاقْتِصَارِ فِي الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ عَدَمُ كَرَاهَةِ التَّكْرِيرِ فِي الثَّلَاثَةِ سِيَّمَا إذَا وُجِدَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ جَزَعًا عَلَيْهِ ع ش وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ شَيْخُنَا بِكَرَاهَةِ التَّكْرَارِ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا نَحْوَ مَحْرَمٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ إلَّا مَحَارِمَهَا وَزَوْجَهَا وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ فِي جَوَازِ النَّظَرِ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا اهـ أَيْ كَعَبْدِهَا ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) وَكَذَا يُكْرَهُ رَدُّ الْأَجَانِبِ عَلَيْهَا إذَا عَزَّتْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْحُرْمَةُ إلَخْ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ أَخَذَ الْحُرْمَةَ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفُتُوحِ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ يُتَأَمَّلُ فِيهِ أَيْ فِي الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ وَفِي مُسْتَنَدِهِ وَتَعْلِيلِهِ فَإِنَّ التَّعْزِيَةَ حَالَ اشْتِغَالِ الْقَلْبِ عَادَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ خَالِيَةٌ عَنْ دَوَاعِي الْفِتْنَةِ وَالْحَصْرِ فِي كَلَامِهِمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّدَبِ وَالْمَشْرُوعِيَّةِ لِلَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ لَا لِلْجَوَازِ اهـ وَقَوْله فَإِنَّ التَّعْزِيَةَ إلَخْ فِي عُمُومِ وُجُودِهِ بَاطِنًا أَيْضًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَمَّا تَعْزِيَتُهَا لَهُ) أَيْ لِلْأَجْنَبِيِّ (فَلَا شَكَّ فِي حُرْمَتِهَا عَلَيْهَا) وَكَذَلِكَ رَدَّهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمِعْزَى بِنَحْوِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْك حَرَامٌ سم وَع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَسَلَامِهَا إلَخْ) قَضِيَّةُ الْقِيَاسِ عَلَى السَّلَامِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَ جَمْعٍ مِنْ النِّسْوَةِ تُحِيلُ الْعَادَةَ أَنَّ مِثْلَهُ خَلْوَةٌ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ سِيَّمَا إذَا قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الرِّيبَةِ ع ش (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ ع ش وَكَذَا شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ وَيُسَنُّ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ تَعْزِيَةٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَمَا أَجَابَ بِهِ الرَّمْلِيُّ فَيُسَنُّ لِلْأَخِ أَنْ يُعَزِّيَ أَخَاهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مُصَابٌ.
وَيُسَنُّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ وَالنِّهَايَةُ إجَابَةُ التَّعْزِيَةِ بِنَحْوِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْك وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ الْآنَ مَا أَحَدٌ يَمْشِي لَك فِي سُوءٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُعَزِّي الْمُسْلِمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مِنْ الدَّفْنِ إلَى مِنْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ تَقْرِيبًا) أَيْ فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ بَعْضِ يَوْمٍ شَيْخِنَا أَيْ لَا تُكْرَهُ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ تَمَّمَ مِنْ الرَّابِعِ ع ش (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّهُ مِنْ الْمَوْتِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمَنْهَجٌ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ حَضَرَ الْمُعَزِّي إلَخْ) أَيْ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَلَدِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْبَلَدِ مَا جَاوَرَهَا ع ش (قَوْلُهُ وَكَغَائِبٍ نَحْوِ مَرِيضٍ إلَخْ) أَيْ مِمَّا يُشْبِهُهُ مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ وَتَحْصُلُ بِالْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْغَائِبِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْحَاضِرُ الْمَعْذُورُ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَفِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَقْفَةٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ الِاجْتِمَاعُ بِمَكَانٍ لِتَأْتِيَهُمْ النَّاسُ لِلتَّعْزِيَةِ اهـ قَالَ ع ش.
وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ الْجُلُوسِ ضَرَرٌ كَنِسْبَتِهِمْ الْمُعِزِّي إلَى كَرَاهَتِهِ لَهُمْ حَيْثُ لَمْ يَجْلِسْ لِتَلَقِّيهمْ وَإِلَّا فَتَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْجُلُوسُ وَاجِبًا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ لَوْ لَمْ يَجْلِسْ ذَلِكَ اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ التَّعْزِيَةُ اصْطِلَاحًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّعْزِيَةَ إنَّمَا تُحَقَّقُ بِمَجْمُوعِ مَا يَأْتِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِالصَّبْرِ) هُوَ حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى كَرِيهٍ يَتَحَمَّلُهُ أَوْ لَذِيذٍ يُفَارِقُهُ وَهُوَ مَمْدُوحٌ وَمَطْلُوبٌ ع ش قَوْلُهُ بِوَعْدِ الْأَجْرِ أَيْ إنْ كَانَ
وَيَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ) ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ أَخَذَ الْحُرْمَةَ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفُتُوحِ (قَوْلُهُ أَمَّا تَعْزِيَتُهَا لَهُ) بِنَحْوِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْك وَهُوَ نَظِيرُ رَدِّهَا سَلَامَهُ (قَوْلُهُ: وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الدَّفْنِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) وَاعْتَرَضَهُ جَمْعٌ بِأَنَّ
(وَ) حِينَئِذٍ (يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ يُقَالُ فِي تَعْزِيَتِهِ (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ) أَيْ جَعَلَهُ عَظِيمًا بِزِيَادَةِ الثَّوَابِ وَالدَّرَجَاتِ فَانْدَفَعَ مَا جَاءَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِتَكْثِيرِ الْمَصَائِبِ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ إعْظَامَ الْأَجْرِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي تَكْثِيرِ الْمَصَائِبِ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5] عَلَى أَنَّ هَذَا هُنَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا «عَزَّى مُعَاذًا بِابْنٍ لَهُ» (تَنْبِيهٌ) وَقَعَ لِلْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْمَصَائِبَ نَفْسَهَا لَا ثَوَابَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْكَسْبِ بَلْ فِي الصَّبْرِ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَصْبِرْ كَفَّرَتْ الذَّنْبَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَفِّرِ أَنْ يَكُونَ كَسْبًا بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ كَسْبٍ كَالْبَلَاءِ فَالْجَزَعُ لَا يَمْنَعُ التَّكْفِيرَ بَلْ هُوَ مَعْصِيَةٌ أُخْرَى وَرَدَ بِنَقْلِ الْإِسْنَوِيِّ كَالرُّويَانِيِّ عَنْ الْأُمِّ فِي بَابِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ نَفْسَ الْمُصِيبَةِ يُثَابُ عَلَيْهَا لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَرِيضِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ مَأْجُورٌ مُثَابٌ مُكَفَّرٌ عَنْهُ بِالْمَرَضِ فَحَكَمَ بِالْأَجْرِ مَعَ انْتِفَاءِ الْعَقْلِ الْمُسْتَلْزِمِ لِانْتِفَاءِ الصَّبْرِ وَيُؤَيِّدُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ ظَاهِرَ النُّصُوصِ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» مَعَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ صَحِيحًا مُقِيمًا» فَفِيهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابٌ مُمَاثِلٌ لِفِعْلِهِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ قَبْلُ بِسَبَبِ الْمَرَضِ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.
وَحِينَئِذٍ أَفَادَ مَجْمُوعُ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ فِي الْمُصِيبَةِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ جَزَاءَيْنِ أَيْ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهَا وَالْآخَرُ لِلصَّبْرِ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ إلَّا مَعَ الْكَسْبِ وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَرِيضٍ صَبَرَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ ثُمَّ اسْتَمَرَّ صَبْرُهُ إلَى زَوَالِ عَقْلِهِ يَرُدُّهُ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْمَجْنُونِ فِي الثَّوَابِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَجْنُونِ فَالْحَمْلُ الْمَذْكُورُ غَلَطٌ مُنْشَؤُهُ الْغَفْلَةُ عَمَّا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْنُونِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ عَقِبَ هَذَا الْحَمْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّهُ لَمَحَ مَا ذَكَرْته وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ أُصِيبَ وَصَبَرَ حَصَلَ لَهُ ثَوَابَانِ غَيْرُ التَّكْفِيرِ لِنَفْسِ الْمُصِيبَةِ وَلِلصَّبْرِ عَلَيْهَا وَمِنْهُ كِتَابَةُ مِثْلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنْ الْخَيْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ وَبَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِي فِي الْعِيَادَةِ وَأَنَّ مَنْ انْتَفَى صَبْرُهُ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَجُنُونٍ فَهُوَ كَذَلِكَ
مُسْلِمًا رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ سُنَّتْ التَّعْزِيَةُ أَوْ حِينَ إذْ أَرَادَهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُعَزَّى إلَخْ) بِفَتْحِ الزَّايِ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَهُ بِمَا وَرَدَ مِنْ تَعْزِيَةِ الْخَضِرِ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَوْتِهِ أَنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَبِاَللَّهِ ثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ مُغْنِي زَادٌ النِّهَايَةُ وَوَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَزَّى مُعَاذًا بِابْنٍ لَهُ بِقَوْلِهِ عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَك وَأَلْهَمَك الصَّبْرَ وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ الشُّكْرَ» وَمِنْ أَحْسَنِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلَّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ جَعَلَهُ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ إعْظَامَ الْأَجْرِ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ إعْظَامُ أَجْرِ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي وَقَعَتْ وَلَا بُدَّ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي طَلَبَ مِثْلِهَا وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ سم (قَوْلُهُ أَنَّ هَذَا) أَيْ الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ (هُنَا) أَيْ فِي التَّعْزِيَةِ (قَوْلُهُ لِتَصْرِيحِهِ) أَيْ الْأُمِّ وَكَذَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي فَحُكِمَ (قَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي عَنْهُ وَعَنْ سم مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ وَجْهُ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) فَاعِلُ يُؤَيِّدُ (قَوْلُهُ مِنْ نَصَبٍ) أَيْ تَعَبٍ (وَلَا وَصَبٍ) أَيْ مَرَضٍ (قَوْلُهُ لِفِعْلِهِ إلَخْ) أَيْ لِثَوَابِهِ هَذَا إذَا كَانَ قَوْلُهُ ثَوَابٌ مُمَاثِلٌ تَرْكِيبًا وَصْفِيًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ تَرْكِيبًا إضَافِيًّا فَلَا حَذْفَ وَلَا تَقْدِيرَ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَفَادَ إلَخْ) مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَفَادَ مَجْمُوعُ الْحَدِيثَيْنِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ أَفَادَ مُجَرَّدَ التَّكْفِيرِ لَا الثَّوَابَ وَالثَّانِي أَفَادَ ثَوَابَ مَا كَانَ يَعْمَلُ قَبْلَ لَا ثَوَابًا عَلَى نَفْسِ الْمَرَضِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُخَالِفُ فِي التَّكْفِيرِ سم زَادَ الْبَصْرِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ كُلًّا مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى نِعْمَةٍ وَنِقْمَةٍ تَصِلُ إلَى الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ فِي مُقَابَلَةِ كَسْبٍ يُنَاسِبُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي يَكْثُرُ دَوَرَانُهُ فِي الْإِطْلَاقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدْ يُطْلَقُ بِإِزَاءِ النِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ الْوَاصِلَانِ إلَى الْعَبْدِ مِنْ مَوْلَاهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ أَنَّ لَهُ عز وجل إنَابَةَ الْعَاصِي وَتَعْذِيبَ الْمُطِيعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الْعِزِّ مِنْ الْأَوَّلِ وَفِي النَّصِّ مِنْ الثَّانِي.
فَلَا تَعَارُضَ لِتَغَيُّرِ الْمَوْرِدِ وَفِي تَعْلِيلِ الْعِزِّ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِ مُطْلَقَ الثَّوَابِ بَلْ الثَّوَابُ الْمَنُوطُ بِالْكَسْبِ وَفِي النَّصِّ إنَاطَةُ الثَّوَابِ بِالْمَرَضِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ الْكَسْبِ فِي شَيْءٍ فَتَأَمَّلْهُ سَالِكًا جَادَّةَ الْإِنْصَافِ مُغْضِيًا عَنْ ثَنِيَّةِ التَّكَلُّفِ وَالِاعْتِسَافِ اهـ أَقُولُ قَوْلُهُمَا لَا ثَوَابًا إلَخْ ظَاهِرُ الْمَنْعِ وَمَا زَادَهُ السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيِّ نَاشِئٌ عَنْ كَمَالِ الْعِلْمِ لَكِنَّهُ مَشُوبٌ بِالتَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ إنَّهُ إلَخْ) أَيْ النَّصَّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَجْنُونِ) قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي الْجُنُونِ قَبْلَ تَمَامِ زَوَالِ التَّمْيِيزِ سم وَلَك أَنْ تُجِيبَ بِعُرُوضِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْجُنُونِ دُفْعَةً بِلَا تَدْرِيجٍ وَبِأَنَّ النَّصَّ كَالصَّرِيحِ فِي حُصُولِ الْأَجْرِ لِأَجْلِ مَرَضٍ بَعْدَ زَوَالِ الْعَقْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لِنَفْسِ الْمُصِيبَةِ وَلِلصَّبْرِ إلَخْ) أَيْ ثَوَابُ لِنَفْسِ الْمُصِيبَةِ وَثَوَابٌ آخَرُ لِلصَّبْرِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَنْ انْتَفَى إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ مَنْ أُصِيبَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَجُنُونٍ إلَخْ) يَقْتَضِي حُصُولَ ثَوَابِ الصَّبْرِ أَيْضًا وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا كَانَ شَأْنُهُ الصَّبْرَ عَلَى الْمَصَائِبِ وَهُوَ عَازِمٌ عَلَيْهِ فَمُحْتَمَلٌ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الْمَارِّ
الْمَنْقُولَ أَنَّهُ مِنْ الْمَوْتِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر وَأَوَّلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ إعْظَامَ الْأَجْرِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي تَكْثِيرِ الْمَصَائِبِ) وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ إعْظَامُ أَجْرِ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي وَقَعَتْ، وَلَا بُدَّ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي طَلَبَ مِثْلِهَا وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَفَادَ مَجْمُوعُ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ فِي الْمُصِيبَةِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ جَزَاءَيْنِ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ أَفَادَ مُجَرَّدَ التَّكْفِيرِ لَا الثَّوَابَ وَالثَّانِي أَفَادَ ثَوَابَ مَا كَانَ يَعْمَلُ قَبْلُ لَا ثَوَابًا عَلَى نَفْسِ الْمَرَضِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُخَالِفُ فِي التَّكْفِيرِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَجْنُونِ) قَدْ يُمْنَعُ
أَوْ لِنَحْوِ جَزَعٍ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ ذَيْنِك الثَّوَابَيْنِ شَيْءٌ فَإِنْ قُلْت الْمُقَرَّرُ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ اُخْتِيرَ خِلَافُهُ أَنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا قُلْت يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْفِعْلِ بِكَمَالِهِ ضَرُورَةَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةً وَغَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قِرَاءَةِ الْإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَلَا شَاهِدَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] لِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يَصِلُ إلَيْهِ دُعَاءُ الْغَيْرِ وَصَدَقَتُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِمَا وَبِغَيْرِهِ كَالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَ سُلُوَّك وَصَبْرَك حَسَنًا (وَغَفَرَ لِمَيِّتِك) وَقَدَّمَ الْمُعَزَّى لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ أَحْوَجُ
(وَ) يُعَزَّى الْمُسْلِمُ (بِالْكَافِرِ) أَيْ يُقَالُ لَهُ (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) وَيَضُمُّ إلَيْهِ إمَّا (وَصَبَّرَكَ) وَأَمَّا وَجَبَرَ مُصِيبَتَك أَوْ نَحْوَهُ وَأَمَّا وَأَخْلَفَ عَلَيْك فِيمَنْ يُخْلَفُ أَوْ وَخَلَفَ عَلَيْك فِي نَحْوِ أَبٍ أَيْ كَانَ خَلِيفَةً عَلَيْك وَلَا يَدْعُو لِلْمَيِّتِ بِنَحْوِ مَغْفِرَةٍ لِحُرْمَتِهِ
(وَ) يُعَزَّى (الْكَافِرُ) إنْ احْتَرَمَ لَا كَحَرْبِيٍّ فَتَحْرُمُ تَعْزِيَتُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْكَرَاهَةُ نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا تَوْقِيرُهُ حَرُمَتْ حَتَّى لِذِمِّيٍّ وَقَدْ تُسَنُّ تَعْزِيَتُهُ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ (بِالْمُسْلِمِ غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) وَتُبَاحُ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ مُحْتَرَمٍ لِمِثْلِهِ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ نَدْبُهَا لِمَنْ تُسَنُّ عِيَادَتُهُ فَيُقَالُ لَهُ أَخْلَفَ أَوْ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك وَلَا نَقَصَ عَدَدُكَ أَيْ لِتَكْثُرَ الْجِزْيَةُ بِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْفِدَاءُ لَهُمْ بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ فَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ بِدَوَامِ كُفْرٍ بَلْ قَالَ شَارِحٌ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَصْلًا أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ كَوْنُهُ بِوَصْفِ الْكُفْرِ
بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ وَهُوَ عَازِمٌ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ تَصْوِيرُهُ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِنَحْوِ جَزَعٍ) سَكَتَ عَنْ التَّكْفِيرِ فَظَاهِرُهُ حُصُولُهُ مَعَ الْجَزَعِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ سم (قَوْلُهُ لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) فِيهِ وَقْفَةٌ فَإِنَّ قِيَاسَ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْمُصِيبَةِ وَمَعْصِيَةُ الْجَزَعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) أَيْ مُعْتَرِضًا عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَمِنْهُ كِتَابَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ قُلْت يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) فِي التَّعَيُّنِ كَالْمَحْمُولِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ يَحْصُلُ كَمَالُ الثَّوَابِ سم (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ وَنَظَائِرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ وَلَا شَاهِدَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) فِيهِ الشَّاهِدُ الْوَاضِحُ مَا لَمْ يَثْبُتْ مُخَصِّصٌ بِأَنَّ نَفْسَ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَصَائِبِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ثَوَابٌ غَيْرُ التَّكْفِيرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ لَا دَلَالَةَ فِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ مَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ) أَيْ مِنْهُ دُعَاءُ الْغَيْرِ وَصَدَقَتُهُ وَنَحْوُ الْمَرَضِ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ يَعْنِي مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ مَنْ أَصَابَتْهُ الْمُصِيبَةُ بِسَبَبِ الْإِجْمَاعِ اهـ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْبَصْرِيِّ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْأَوَّلِ سم وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِثَابَةِ عَلَى الدُّعَاءِ حُصُولُ خَيْرٍ لَهُ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْمُعَزَّى) بِفَتْحِ الزَّايِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْكَافِرِ) أَيْ الذِّمِّيِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَضُمُّ إلَيْهِ أَمَّا وَصَبَّرَكَ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَصَبَّرَك وَأَخْلَفَ عَلَيْك أَوْ جَبَرَ مُصِيبَتَك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَخْ أَنَّ وَصَبَّرَك لَا بُدَّ مِنْهُ فِي حُصُولِ النَّدْبِ وَإِنَّمَا التَّرْدِيدُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فِيمَنْ يَخْلُفُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ وَلَدًا أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ يَخْلُفُ بَدَلَهُ أَسْنَى عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ إذَا احْتَمَلَ حُدُوثُ مِثْلِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ يُقَالُ أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك بِالْهَمْزِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ رُدَّ عَلَيْك مِثْلُ مَا ذَهَبَ مِنْك وَإِلَّا خَلَفَ عَلَيْك أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً عَلَيْك مِنْ فَقْدِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَدْعُو) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى فَيُقَالُ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ إلَى بَلْ قَالَ شَارِحٍ
(قَوْلُهُ إنْ اُحْتُرِمَ) يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْمُعَاهِدَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَيُعَزَّى الْكَافِرُ إلَخْ) أَيْ جَوَازًا مَا لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لَا كَحَرْبِيٍّ) أَيْ وَمُرْتَدٍّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَتُسَنُّ تَعْزِيَتُهُ إلَخْ) أَيْ الْكَافِرُ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك إلَخْ) وَقَدَّمَ الدُّعَاءَ هُنَا لِلْمَيِّتِ لِأَنَّهُ الْمُسْلِمُ فَكَانَ أَوْلَى بِتَقْدِيمِهِ تَعْظِيمًا لِلْإِسْلَامِ وَالْحَيُّ كَافِرٌ وَلَا يُقَالُ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك لِأَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فِي التَّعْزِيَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا مَشَى لَكُمْ أَحَدٌ فِي مَكْرُوهٍ وَقَوْلُهُمْ هُوَ قَاطِعُ السُّوءِ عَنْكُمْ هَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ أَوْ حَرَامٌ لِأَنَّ فِيهِ الدُّعَاءَ لَهُمْ بِالْبَقَاءِ وَهُوَ مُحَالٌ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ الْجَوَازُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الدُّعَاءِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ بِعَدَمِ تَوَالِي الْهُمُومِ وَتَرَادُفِهَا بِمَوْتِ غَيْرِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ قَرِيبًا مِنْهُ اهـ (قَوْلُهُ وَتُبَاحُ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ مُحْتَرَمٍ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُرْجَ إسْلَامُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ نَظِيرُ هَذَا الْكَلَامِ فِي تَهْيِئَةِ الطَّعَامِ مِنْ جِيرَانِ أَهْلِ الْكَافِرِ فَيُقَالُ تُبَاحُ إذَا كَانَ الْكَافِرُ مُحْتَرَمًا بَلْ يُتَّجَهُ نَدْبُهُ لِمَنْ تُسَنُّ عِيَادَتُهُ عَلَى بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ فَلْيُرَاجَعْ سم (قَوْلُهُ وَلَا نَقَصَ عَدَدَك) بِنَصْبِهِ وَرَفْعِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مَعَ تَخْفِيفِ الْقَافِ وَبِتَشْدِيدِهَا مَعَ النَّصْبِ ع ش (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ مَعَ قَوْلِهِ أَيْ لِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ شَارِحٌ) وَهُوَ ابْنُ النَّقِيبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ مُحَارِبٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ
ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي ابْتِدَاءِ الشُّرُوعِ فِي الْجُنُونِ قَبْلَ تَمَامِ زَوَالِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ أَوْ لِنَحْوِ جَزَعٍ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ ذَيْنِكَ الثَّوَابَيْنِ شَيْءٌ) سَكَتَ عَنْ التَّكْفِيرِ فَظَاهِرُهُ حُصُولٌ مَعَ الْجَزَعِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ قُلْت يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) فِي التَّعَيُّنِ كَالْمَحْمُولِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ يَحْصُلُ كَمَالُ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ فِي الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ نَظِيرُ هَذَا الْكَلَامِ فِي تَهْيِئَةِ الطَّعَامِ مِنْ جِيرَانِ أَهْلِ الْكَافِرِ فَيُقَالُ تُبَاحُ إذَا كَانَ الْكَافِرُ مَحْرَمًا بَلْ يُتَّجَهُ نَدْبُهُ لِمَنْ تُسَنُّ عِبَادَتُهُ عَلَى بَحْثِ الْإِسْنَوِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ بِدَوَامِ كُفْرٍ) فِيهِ شَيْءٌ مَعَ قَوْلِهِ أَيْ لِتَكْثِيرِ الْجِزْيَةِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ
وَظَاهِرُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ بِمُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ بِخِلَافِ نَحْوِ مُحَارِبٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَإِنْ قُتِلَ حَدًّا
(وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ) هُوَ بِالْقَصْرِ الدَّمْعُ وَبِالْمَدِّ رَفْعُ الصَّوْتِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) إجْمَاعًا (وَبَعْدَهُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى قَبْرِ بِنْتِهِ وَزَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» نَعَمْ هُوَ اخْتِيَارٌ لِخِلَافِ الْأَوْلَى بَلْ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «فَإِذَا وَجَبَتْ فَلَا تَبْكِينِ بَاكِيَةٌ قَالُوا وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمَوْتُ» وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ أَسَفٌ عَلَى مَا فَاتَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَنَدْبُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي قَالَ إظْهَارًا لِكَرَاهَةِ فِرَاقِهِ وَعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِي مَالِهِ وَقَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْوَارِثِ قَالَ شَارِحٌ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ
(وَيَحْرُمُ النَّدْبُ بِتَعْدِيدٍ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ إذْ حَقِيقَةُ النَّدْبِ تَعْدَادُ (شَمَائِلِهِ) نَحْوُ وَاكَهْفَاهْ وَاجَبَلَاهْ لِمَا فِي الْخَبَرِ الْحَسَنِ «أَنَّ مَنْ يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ يُوَكَّلُ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ وَيَقُولَانِ لَهُ أَهَكَذَا كُنْت» وَاللَّهْزُ الدَّفْعُ فِي الصَّدْرِ بِالْيَدِ مَقْبُوضَةً وَاشْتَرَطَ فِي الْمَجْمُوعِ لِلتَّحْرِيمِ اقْتِرَانَ التَّعْدَادِ بِالْبُكَاءِ وَغَيْرِهِ اقْتِرَانُهُ بِنَحْوِ وَاكَذَا وَإِلَّا دَخَلَ الْمَادِحُ وَالْمُؤَرِّخُ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمِ النَّدْبُ لَا الْبُكَاءُ لِأَنَّ اقْتِرَانَ الْمُحَرَّمِ بِجَائِزٍ لَا يُصَيِّرُهُ حَرَامًا خِلَافًا لِجَمْعٍ وَمِنْ ثَمَّ رَدَّ أَبُو زُرْعَةَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَحْرُمُ الْبُكَاءُ عِنْدَ نَدْبٍ أَوْ نِيَاحَةٍ أَوْ شَقِّ جَيْبٍ أَوْ نَشْرِ شَعْرٍ أَوْ ضَرْبِ خَدٍّ بِأَنَّ الْبُكَاءَ جَائِزٌ مُطْلَقًا
تَعْزِيَةُ الْمُسْلِمِ بِنَحْوِ مُحَارِبٍ إلَخْ لَكِنْ فِي الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ وَتُكْرَهُ لِنَحْوِ تَارِكِ صَلَاةٍ وَمُبْتَدِعٍ اهـ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ إلَخْ)
(فَائِدَةٌ) سُئِلَ أَبُو بَكْرَةَ عَنْ مَوْتِ الْأَهْلِ فَقَالَ مَوْتُ الْأَبِ قَصْمُ الظُّهْرِ وَمَوْتُ الْوَلَدِ صَدْعٌ فِي الْفُؤَادِ وَمَوْتُ الْأَخِ قَصُّ الْجَنَاحِ وَمَوْتُ الزَّوْجَةِ حُزْنُ سَاعَةٍ وَلِذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يُعَزَّى الرَّجُلُ فِي زَوْجَتِهِ وَهَذَا مِنْ تَفَرُّدَاتِهِ «وَلَمَّا عُزِّيَ صلى الله عليه وسلم فِي بِنْتِهِ رُقْيَةَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ دَفْنُ الْبَنَاتِ مِنْ الْمَكْرُمَاتِ» رَوَاهُ الْعَسْكَرِيِّ فِي الْأَمْثَالِ مُغْنِي وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ فِي هَامِشِهِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ حُزْنُ سَاعَةٍ أَيْ حَيْثُ لَا أَوْلَادَ لَهُ مِنْهَا وَإِلَّا فَهُوَ حُزْنٌ كَثِيرٌ لَا سِيَّمَا إذَا تَزَوَّجَ فَإِنَّهُ لَا يَهْنَأُ لَهُ عَيْشٌ فَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْأَوْلَادِ اهـ
(قَوْلُهُ هُوَ بِالْقَصْرِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ هُوَ بِالْقَصْرِ إلَخْ) أَيْ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَأَمَّا الْبُكَاءُ بِالْمَدِّ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ النِّهَايَةِ وَأَمَّا فِيهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ بِحَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ عَلَى قَبْرِ بِنْتِهِ) وَهِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَبَعْدَهُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ إلَخْ) أَيْ الْبُكَاءُ بَعْدَ الْمَوْتِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ اخْتِيَارًا) أَيْ أَمَّا الْقَهْرِيُّ فَلَا يَدْخُلَ تَحْتَ التَّكْلِيفِ ع ش عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَيْ قَيْدُ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْأَحْكَامِ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ الِاخْتِيَارِيِّ فَذِكْرُهُ لِمُجَرَّدِ الْإِيضَاحِ اهـ.
(قَوْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا هَذَا فِي الْبُكَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَمُبَاحٌ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْبُكَاءُ لِرِقَّةٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَكُونُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ لِلْجَزَعِ وَعَدَمِ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ فَيُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ انْتَهَى وَالثَّانِي أَظْهَرُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا غَلَبَهُ الْبُكَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْبَشَرُ وَهَذَا ظَاهِرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ لِمَحَبَّةٍ وَرِقَّةٍ كَالْبُكَاءِ عَلَى الطِّفْلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالصَّبْرُ أَجْمَلُ وَإِنْ كَانَ لِمَا فُقِدَ مِنْ عِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ وَبَرَكَتِهِ وَشُجَاعَتِهِ فَيَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ أَوْ لِمَا فَاتَهُ مِنْ بِرِّهِ وَقِيَامِهِ بِمَصَالِحِ حَالِهِ فَيَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لِتَضَمُّنِهِ عَدَمُ الثِّقَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ أَمَّا بِمُجَرَّدِ دَمْعِ الْعَيْنِ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ انْتَهَى اهـ مُغْنِي وَشَيْخُنَا وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى وَالْمُغْنِي حَيْثُ قَالُوا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْبُكَاءُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْلَى مِنْهُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ الصَّبَّاغِ بَلْ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ يَكُونُ أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُهُ إلَخْ) هَذِهِ الْقَضِيَّةُ مُسَلَّمَةٌ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ الْأُولَى الْعُمُومُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ شَارِحُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (شَمَائِلِهِ) جَمْعُ شِمَالٍ كَهِلَالٍ وَهُوَ مَا اتَّصَفَ بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ الطِّبَاعِ الْحَسَنَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ نَحْوِ وَاكَهْفَاهْ) إلَى قَوْلِهِ وَاشْتُرِطَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِمَا فِي الْخَبَرِ وَاشْتُرِطَ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ إلَى وَمَعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِمَا فِي الْخَبَرِ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِهِ أَوْ كَانَ كَافِرًا مُغْنِي (قَوْلُهُ وَاشْتَرَطَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ فَالْبُكَاءُ وَحْدَهُ لَا يَحْرُمُ وَعَدُّ الشَّمَائِلِ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ لَا يَحْرُمُ حَلَبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الِاقْتِرَانُ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ دَخَلَ) أَيْ فِي النَّدْبِ الْحَرَامِ (الْمَادِحُ وَالْمُؤَرِّخُ) أَيْ مَعَ أَنَّ تَعْدَادَهُمَا شَمَائِلَ الْأَمْوَاتِ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَالْمُؤَرِّخُ مَنْ يَذْكُرَ التَّوَارِيخَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ الْمُحَرَّمِ النَّدْبُ) إنْ أَرَادَ فِي ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الِاقْتِرَانِ
نَعَمْ هُوَ اخْتِيَارُ خِلَافِ الْأَوْلَى إلَخْ) وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبُكَاءُ لِرِقَّةٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ لَمْ يُكْرَهْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ لِلْجَزَعِ وَعَدَمِ التَّسْلِيمِ لِلْقَضَاءِ فَيُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ أَمَّا مُجَرَّدُ دَمْعِ الْعَيْنِ فَلَا دَفْعَ مِنْهُ وَاسْتَثْنَى الرُّويَانِيُّ مَا إذَا غَلَبَهُ الْبُكَاءُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْبَشَرُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَ لِمَحَبَّةٍ وَرِقَّةٍ كَالْبُكَاءِ عَلَى الطِّفْلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَالصَّبْرُ أَجْمَلُ وَإِنْ كَانَ لِمَا فُقِدَ مِنْ عِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ وَبَرَكَتِهِ وَشَجَاعَتِهِ فَيَظْهَرُ اسْتِحْبَابُهُ أَوْ لِمَا فَاتَهُ مِنْ بِرِّهِ وَقِيَامِهِ بِمَصَالِحِهِ فَيَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لِتَضَمُّنِهِ عَدَمَ الثِّقَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بَلْ مَكْرُوهٌ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمِ النَّدْبُ لَا الْبُكَاءُ) قَدْ يَشْكُلُ الِاشْتِرَاطُ حِينَئِذٍ
وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُحَرَّمَةٌ مُطْلَقًا وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ فِي اجْتِمَاعِ آلَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَآلَةٍ مُبَاحَةٍ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ
(وَ) يَحْرُمُ (النَّوْحُ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ لِمَا صَحَّ فِي النَّائِحَةِ مِنْ التَّغْلِيظَاتِ الشَّدِيدَةِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ كَبِيرَةً كَاَلَّذِي بَعْدَهُ
(وَ) يَحْرُمُ (الْجَزَعُ بِضَرْبِ صَدْرِهِ وَنَحْوِهِ) كَشَقِّ ثَوْبٍ وَنَشْرِ أَوْ قَطْعِ شَعْرٍ وَتَغْيِيرِ لِبَاسٍ أَوْ زِيٍّ أَوْ تَرْكِ لُبْسٍ مُعْتَادٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرُهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِجَهَلَةِ الْمُتَفَقِّهَةِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَيَحْرُمُ الْإِفْرَاطُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ وَنَقَلَهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْأَصْحَابِ
(فَرْعٌ) لَا يُعَذَّبُ مَيِّتٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَمَا وَرَدَ مِنْ تَعْذِيبِهِ بِهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِهِ وَقِيلَ يُعَذَّبُ مَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ فَيَتَأَكَّدُ نَهْيُ الْأَهْلِ عَنْ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ هَذَا الْخِلَافِ فَإِنَّ فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ مَا يَشْهَدُ لَهُ بَلْ لِلْإِطْلَاقِ
(قُلْت هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) أَيْ مُبَدَّدَةٌ بَعْضُهَا مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَهَكَذَا (يُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ نَدْبًا (بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ) عَقِبَ مَوْتِهِ إنْ أَمْكَنَ مُسَارَعَةً لِفَكِّ نَفْسِهِ عَنْ حَبْسِهَا بِدَيْنِهَا عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ كَمَا صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ مَحَلَّهُ
بِالْبُكَاءِ فَيُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَإِنْ أَرَادَ بِشَرْطِ الِاقْتِرَانِ بِهِ فَلَا يَظْهَرُ التَّعْلِيلُ الْآتِي فَلَعَلَّ الظَّاهِرَ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْحَلَبِيِّ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ فِي ذَاتِهِ ثُمَّ رَأَيْت سم وَالرَّشِيدِيُّ أَشَارَ إلَى الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمِ النَّدْبُ إلَخْ قَدْ يَشْكُلُ الِاشْتِرَاطُ حِينَئِذٍ اهـ وَقَالَ الثَّانِي قَوْلُهُ وَاشْتَرَطَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ هَذَا لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَعَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمُ إلَخْ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّدْبَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُحَرَّمٌ سَوَاءٌ اقْتَرَنَ بِالْبُكَاءِ أَمْ لَا فَتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْأُمُورُ مُحَرَّمَةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّدَبِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْبُكَاءَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِرُدَّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ الْبُكَاءِ وَبِدُونِهِ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم وَالرَّشِيدِيُّ
قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ النَّوْحُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ رَثْيُ الْمَيِّتِ يُذْكَرُ مَآثِرَهُ وَفَضَائِلَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمَرَاثِي وَالْأَوْلَى الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَيَظْهَرُ حَمْلُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى مَا يَظْهَرُ فِيهِ تَبَرُّمٌ أَوْ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ الِاجْتِمَاعِ لَهُ أَوْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ أَوْ عَلَى مَا يُجَدِّدُ الْحُزْنَ دُونَ مَا عَدَا ذَلِكَ فَمَا زَالَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَفْعَلُونَهُ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ
…
أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا
…
صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا
نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ) فَالنَّوْحُ مُرَكَّبٌ مِنْ شَيْئَيْنِ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالنَّدْبِ فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا حُرْمَةَ فَمَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ كَانَ عَالِمًا أَوْ كَانَ كَرِيمًا لَا حُرْمَةَ فِيهِ بَلْ يُسَنُّ لِخَبَرِ «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ» وَمِنْ ذَلِكَ الْمَرْثِيَةُ الَّتِي تُفْعَلُ فِي الْعُلَمَاءِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ كَبِيرَةً إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَمَالَ ع ش إلَى خِلَافِهِ فَقَالَ كُلُّ مِنْ النَّدْبِ وَالنَّوْحِ صَغِيرَةٌ لَا كَبِيرَةٌ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ انْتَهَى خَطِيبٌ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ النَّوْحَ وَالْجَزَعَ كَبِيرَةٌ اهـ
(قَوْلُهُ كَشَقِّ ثَوْبٍ إلَخْ) أَيْ وَتَسْوِيدِ وَجْهٍ وَإِلْقَاءِ الرَّمَادِ عَلَى الرَّأْسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَمِثْلُهُ الطِّينُ بِالْأَوْلَى سَوَاءٌ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَنَشْرً إلَخْ) أَيْ وَضَرْبِ يَدٍ عَلَى أُخْرَى عَلَى وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى إظْهَارِ الْجَزَعِ ع ش (قَوْلُهُ وَتَغْيِيرِ لِبَاسٍ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ وَلِذَا أَسْقَطَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ لَوْ تُرِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَتُرِكَ إلَخْ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مُعْتَادٌ) أَيْ لِلْمُصَابِ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُ إظْهَارَ جَزَعٍ يُنَافِي الِانْقِيَادَ وَالِاسْتِسْلَامَ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مُحَرَّمٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْإِفْرَاطُ إلَخْ) خَرَجَ غَيْرُ الْإِفْرَاطِ سم (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ أَيْ مُبَدَّدَةٌ إلَخْ) أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ وَالْفَطِنُ يُرَدُّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْهَا إلَى مَا يُنَاسِبُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا جَمَعَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَوْ فَرَّقَهَا لَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ فِي أَوَّلِ كُلٍّ مِنْهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَيُؤَدِّي إلَى التَّطْوِيلِ الْمُنَافِي لِغَرَضِهِ مِنْ الِاخْتِصَارِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم فَإِنْ قُلْت فَهَلَّا فَعَلَ كَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ قُلْت لِقِلَّةِ الزِّيَادَاتِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ قَالَ إلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَوْلُهُ بَلْ صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَقِبَ مَوْتِهِ) أَيْ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِغُسْلِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِفَكِّ نَفْسِهِ) أَيْ رُوحِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا قَالُوهُ لَيْسَ قَطْعِيًّا فَالِاحْتِيَاطُ الْمُبَادَرَةُ مُطْلَقًا سم عِبَارَةُ ع ش أَفَادَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَبْسِ رُوحِهِ بَيْنَ مَنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَغَيْرُهُ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ حَبْسِهَا بِدَيْنِهَا إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا أُخِذَ بِالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَالْمُعَاطَاةِ حَيْثُ لَمْ يُوَفِّ الْعَاقِدُ بَدَلَ الْمَقْبُوضِ كَأَنْ اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَ الْمَبِيعُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُوَفِّ بَدَلَهُ أَمَّا مَا قَبَضَ بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَفِي الدُّنْيَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا وَلَا مُطَالَبَةً لِأَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخِرَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي نَعَمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَّ الْإِقْدَامُ عَلَى
(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْإِفْرَاطُ) خَرَجَ غَيْرُ الْإِفْرَاطِ
(قَوْلُهُ أَيْ مُبَدَّدَةٌ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَحَالِّهَا اللَّائِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ كُلًّا مِنْهَا فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الطُّولِ لِاحْتِيَاجِهِ حِينَئِذٍ إلَى أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ قُلْت وَفِي آخِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنْ قُلْت فَهَلَّا فَعَلَ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ قُلْت الزِّيَادَاتُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ
فِيمَنْ لَمْ يَخْلُفُ وَفَاءً أَوْ فِيمَنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالتَّرِكَةِ جِنْسُ الدَّيْنِ أَيْ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَسْهُلْ الْقَضَاءُ مِنْهُ فَوْرًا فِيمَا يَظْهَرُ سَأَلَ نَدْبًا الْوَلِيُّ غُرَمَاءَهُ أَنْ يَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِمُجَرَّدِ رِضَاهُمْ بِمَصِيرِهِ فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ وَإِنْ لَمْ يُحَلِّلُوهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ بَلْ صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى قَاعِدَةِ الْحَوَالَةِ وَلَا الضَّمَانِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم امْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَدِينٍ حَتَّى قَالَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَيَّ دَيْنُهُ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «أَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ الدِّينَارَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِ جَعَلَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هُمَا عَلَيْك وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ قَالَ نَعَمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ» أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ كَالْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَخْلُفَ الْمَيِّتُ تَرِكَةً وَأَنْ لَا وَيَنْبَغِي لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَنْ يَسْأَلَ الدَّائِنَ تَحْلِيلَ الْمَيِّتِ تَحْلِيلًا صَحِيحًا لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ ذَلِكَ التَّحَمُّلَ وَالضَّمَانَ لَا يَصِحُّ قَالَ جَمْعٌ وَصُورَةُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ مِنْ الْحَوَالَةِ أَنْ يَقُولَ لِلدَّائِنِ أَسْقِطْ حَقَّك عَنْهُ أَوْ أَبْرِئْهُ وَعَلَيَّ عِوَضُهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَرِئَ الْمَيِّتُ وَلَزِمَ الْمُلْتَزِمُ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ اسْتِدْعَاءُ مَالٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ اهـ وَقَوْلُهُمْ أَنْ يَقُولَ إلَى آخِرِهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُجَرَّدَ تَرَاضِيهِمَا بِمَصِيرِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ يُبَرِّئُ الْمَيِّتَ فَيَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ تَلْفِت التَّرِكَةُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا لَا يَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ يَدُومُ رَهْنُهَا بِالدَّيْنِ إلَى الْوَفَاءِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْمَيِّتِ أَيْضًا وَنُوَزِّعُ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ احْتِمَالَ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ الْوَلِيُّ يُسَاعِدُهُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ الْبَرَاءَةِ بِمُجَرَّدِ التَّحَمُّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ قَطْعِيًّا بَلْ ظَنِّيًّا فَاقْتَضَتْ مَصْلَحَةُ الْمَيِّتِ وَالِاحْتِيَاطُ لَهُ بَقَاءَ الْحَجْرِ فِي التَّرِكَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ (وَ) تَنْفِيذِ (وَصِيَّتِهِ) اسْتِجْلَابًا لِلْبِرِّ وَالدُّعَاءِ لَهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الْمُبَادَرَةِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَطَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَا فِي وَصِيَّةِ نَحْوِ الْفُقَرَاءِ أَوْ إذَا أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا
(وَيُكْرَهُ تَمَّنِي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ) أَيْ بِبَدَنِهِ
الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ع ش (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ) أَيْ الْحَبْسِ بِالدَّيْنِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَالًا سَأَلَ وَلِيُّهُ غُرَمَاءَهُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إلَخْ) هَلْ لِلْوَلِيِّ حِينَئِذٍ التَّوْفِيَةُ مِنْ غَيْرِ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَالَ لَزِمَهُ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ وَلَا التَّوْفِيَةُ مِنْ غَيْرِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِيهِ نَظَرٌ سم وَيَأْتِي عَنْ الْبَصْرِيِّ اسْتِظْهَارُ الثَّانِي وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَيَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ التَّرِكَةُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ الْبَحْثُ الْآتِي وَجَوَابُ النِّزَاعِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ بَلْ صَرَّحَ بِهِ إلَخْ) لِأَحْسَنَ لِهَذَا الْإِضْرَابِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الْبَرَاءَةُ بِذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ قَالَهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ إنَّ الْأَجْنَبِيَّ إلَخْ) مَقُولُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَسْقَطَ حَقَّك إلَخْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فِي الْإِسْقَاطِ وَالْمَاضِي فِي الْإِبْرَاءِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ جَرَيَانَهُمَا عَلَى مِنْوَالٍ وَاحِدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَقْرَأَ أَبْرِنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْأَمْرِ الْمُؤَكَّدِ بِالنُّونِ فَيُنَاسِبُ أَسْقَطَ بَصَرِيٌّ أَقُولُ وَرَسْمُ النُّسْخَةِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى أَصْلِ الشَّارِحِ مِرَارًا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَأْكِيدٍ (قَوْلُهُ اسْتِدْعَاءُ مَالٍ) أَيْ الْتِزَامُهُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْجَمْعُ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ) أَيْ التَّرَاضِي (قَوْلُهُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ بِتَسْلِيمِهِ فِيمَا إذَا انْحَصَرَتْ التَّرِكَةُ فِي الْمُلْتَزَمِ وَإِلَّا فَيَتَعَلَّقُ بِنَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ مَنْ عَدَاهُ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بِالْكُلِّيَّةِ حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَقُلْنَا أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ أَقُولُ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَاحِثِ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً إلَخْ الْإِطْلَاقُ وَعَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِصُورَةِ الِانْحِصَارِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ يُسَاعِدُهُ) أَيْ الْبَحْثَ وَكَذَا ضَمِيرٌ وَلَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَطْعِيًّا إلَخْ) أَيْ أَوْ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِحُصُولِ الْوَفَاءِ فَالِاحْتِيَاطُ بَقَاءُ التَّعَلُّقِ بِالتَّرِكَةِ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ أَوْ يُقَالُ بَرَأَ بَرَاءَةً مَوْقُوفَةً فَإِنْ تَبَيَّنَ الْأَدَاءُ تَحَقَّقْنَا الْبَرَاءَةَ بِمُجَرَّدِ التَّحَمُّلِ وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأَدَاءِ تَحَقَّقْنَا الْبَقَاءَ وَالتَّعَلُّقَ بِالتَّرِكَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ اسْتِجْلَابًا) إلَى قَوْلِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وُجُوبَ الْمُبَادَرَةِ) أَيْ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَ (قَوْلُهُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ) أَيْ تَمَكُّنِ الْقَضَاءِ مِنْ التَّرِكَةِ وَ (قَوْلُهُ وَطَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ مَعَ طَلَبِهِ حَقَّهُ (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ بِمَطْلِ أَوْ غَيْرِهِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا نِهَايَةٌ وَسم (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي وَصِيَّةِ نَحْوِ الْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِتَنْفِيذِهَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَذَلِكَ مَنْدُوبٌ بَلْ وَاجِبٌ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعِينُ وَكَذَا عِنْدَ الْمُكْنَة فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ أَوْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ -
مَحَلُّهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا قَالُوهُ لَيْسَ قَطْعِيًّا فَالِاحْتِيَاطُ الْمُبَادَرَةُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِمُجَرَّدِ رِضَاهُمْ) هَلْ لِلْوَلِيِّ حِينَئِذٍ التَّوْفِيَةُ مِنْ غَيْرِ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْمَالَ لَزِمَهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ وَلَا التَّوْفِيَةُ مِنْ غَيْرِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ إلَخْ) قَدْ يُنَاقِشُ فِي الْأَخْذِ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ ظَاهِرٌ فِي الضَّمَانِ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الضَّامِنِ دَيْنٌ فَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ كَالْوَلِيِّ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ بَرَاءَةُ الْمَيِّتِ بِالضَّمَانِ لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْفِقْهِ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَا تَرِكَةَ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الضَّمَانِ وُجُودُ مَرْجِعٍ فِي الْحَالِ لِلدَّيْنِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَطْعِيًّا) أَيْ أَوْ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِحُصُولِ الْوَفَاءِ فَالِاحْتِيَاطُ بَقَاءُ التَّعَلُّقِ بِالتَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَتَنْفِيذُ وَصِيَّتُهُ) وَذَلِكَ مَنْدُوبٌ بَلْ وَاجِبٌ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنُ وَكَذَا عِنْدَ الْمُكْنَةِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ أَوْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ -
أَوْ مَالِهِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ (لَا لِفِتْنَةِ دَيْنٍ) أَيْ خَوْفِهَا فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُسَنُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ اتِّبَاعًا لِكَثِيرٍ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ تَمَنِّيهِ بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ يُسَنُّ تَمَنِّيهِ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ أَيْ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا مَحَالُّ الصَّالِحِينَ وَبَحَثَ أَنَّ الدَّفْنَ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ بِمَكَّةَ لِعِظَمِ مَا جَاءَ فِيهِ بِهَا وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ يَرُدُّهُ.
(تَنْبِيهٌ) تَنَافَى مَفْهُومَا كَلَامِهِ فِي مُجَرَّدِ تَمَنِّيهِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ عِلَّتَهَا أَنَّهُ مَعَ الضُّرِّ يُشْعِرُ بِالتَّبَرُّمِ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِهِ مَعَ عَدَمِهِ بَلْ هُوَ حِينَئِذٍ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النُّفُوسِ النَّفْرَةَ عَنْ الْمَوْتِ فَتَمَنِّيهِ لَا لِضُرٍّ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّةِ الْآخِرَةِ بَلْ حَدِيثُ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ» يَدُلُّ عَلَى نَدْبِ تَمَنِّيهِ مَحَبَّةً لِلِقَاءِ اللَّهِ كَهُوَ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ بَلْ أَوْلَى
(وَيُسَنُّ التَّدَاوِي) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْهَرَمِ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» فَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا فَهُوَ فَضِيلَةٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَاسْتَحْسَنَ الْأَذْرَعِيُّ تَفْضِيلَ غَيْرِهِ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّيَ تَوَكُّلَهُ فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَإِنْ لَا فَفِعْلُهُ أَوْلَى ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَيِّدُ الْمُتَوَكِّلِينَ وَقَدْ فَعَلَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ أَجَابَ بِهِ وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِوُجُوبِهِ إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ
قَدْ أَوْصَى إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ أَيْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَطْلُبْ وَكَانَ قَدْ أَوْصَى بِتَعْجِيلِهَا اهـ
(قَوْلُهُ أَوْ مَالِهِ) أَيْ أَوْ ضِيقٍ فِي دُنْيَاهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ كَتَحْدِيدِ ظَالِمٍ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ خَوْفِهَا) أَيْ أَوْ خَوْفِ زِيَادَتِهَا ع ش (قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي فَتَاوِيهِ غَيْرِ الْمَشْهُورَةِ وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَمَّا تَمَنِّيهِ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ فَمَحْبُوبٌ كَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَتَمَنَّ نَبِيٌّ الْمَوْتَ غَيْرُ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا تَمَنَّى الْوَفَاةَ عَلَى الْإِسْلَامِ لَا الْمَوْتَ اهـ.
(قَوْلُهُ نُدِبَ تَمَنِّيهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ تَمَنِّي الْمَوْتِ أَيْضًا شَوْقًا إلَى لِقَاءِ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَمُشَاهَدَةِ الْأَرْوَاحِ الْمُقَدَّسَةِ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ كَمَا صَرَّحَ الشَّارِحُ بِالْأَوَّلِ وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ أَمَّا تَمَنِّيه لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ فَمَحْبُوبٌ وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «وَأَسْأَلُك شَوْقًا إلَى لِقَائِك مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ» أَيْ غَيْرِ مَشُوبٍ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِلَلِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ يُسَنُّ تَمَنِّيهِ بِبَلَدٍ إلَخْ) بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ يَظْهَرُ أَنَّ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَتَمَنِّي الْمَوْتِ بِمَحِلٍّ شَرِيفٍ لَيْسَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ بَلْ تَمَنِّي صِفَةٍ أَوْ لَازِمٍ لَهُ عِنْدَ عُرُوضِهِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَهَذَا فِيمَا إذَا تَمَنَّى ذَلِكَ وَأَطْلَقَ وَأَمَّا إذَا تَمَنَّى مَا ذُكِرَ وَقَيَّدَهُ بِنَحْوِ سَفَرٍ أَوْ عَامٍّ مَخْصُوصٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ عِبَارَةُ ع ش وَلَا يَتَأَتَّى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ إلَّا إذَا تَمَنَّاهُ حَالًا أَوْ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى إذَا تَوَفَّيْتنِي فَتَوَفَّنِي شَهِيدًا أَوْ فِي مَكَّةَ إلَخْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ سَيِّدِنَا يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَئِمَّةِ يَرُدُّهُ) إنْ كَانَ لِلْأَئِمَّةِ كَلَامٌ فِي خُصُوصِ الدَّفْنِ فَمُسَلَّمٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ عُمُومِ تَفْضِيلِ مَكَّةَ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِأَنَّ تَفْضِيلَ مَكَّةَ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَمَلَ بِهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الْعَمَلِ بِالْمَدِينَةِ لَا غَيْرَ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لِمَنْ دُفِنَ بِالْمَدِينَةِ خُصُوصِيَّاتٍ لَيْسَتْ لِمَنْ دُفِنَ بِمَكَّةَ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَفْضَلُ مِنْ الطَّائِفِ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مَا يَقْتَضِي خُصُوصِيَّةَ الدَّفْنِ بِالطَّائِفِ عَلَيْهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ) إلَى الْمَتْنِ أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ تُنَافِي مَفْهُومَا كَلَامِهِ) أَيْ إذْ مَفْهُومُ لِضُرٍّ إلَخْ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَمَفْهُومُ لِفِتْنَةٍ إلَخْ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ كَهُوَ بِبَلَدٍ إلَخْ) فِي هَذَا الْقِيَاسِ مَا لَا يَخْفَى سم
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ أَيْ لِلْمَرِيضِ التَّدَاوِي) وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى طِبِّ الْكَافِرِ وَوَصْفِهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ عِبَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمِنْهُ الْأَمْرُ بِالْمُدَاوَاةِ بِالنَّجَسِ سم وَع ش (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَجُوزُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ثُمَّ رَأَيْت إلَى وَنُقِلَ وَقَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَى وَفَارَقَ وَقَوْلُهُ قَالَ شَارِحٌ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْهَرَمِ) وَهُوَ كِبَرُ السِّنِّ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ فَضِيلَةٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَهُوَ أَفْضَلُ اهـ وَقَالَ سم قَوْلُهُ فَهُوَ فَضِيلَةٌ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّدَاوِي أَفْضَلُ اهـ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّدَاوِي أَفْضَلُ لِأَنَّهُ سُنَّتُهُ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا وَفِعْلًا وَدَعْوَى أَنَّهُ تَشْرِيعٌ مَحْضٌ تَكَلُّفٌ لَا حَامِلَ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَاسْتَحْسَنَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي ثُمَّ قَالَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّيَ تَوَكُّلَهُ) أَيْ بِأَنْ لَا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ مِنْ التَّضَجُّرِ بِدَوَامِ الْمَرَضِ وَرِزْقِ الرِّضَا بِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ بِأَنَّ إطْلَاقَ التَّشْرِيعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِيهِ كَغَيْرِهِ كَمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاضِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَكْفِي فِي التَّشْرِيعِ مُجَرَّدُ الْجَوَازِ سم (قَوْلُهُ وَجْهًا بِوُجُوبِهِ)
كَأَنْ كَانَ قَدْ عَصَى بِالتَّأْخِيرِ لِمَطْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَضَمَانِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ
(قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ) فِي الْفَتَاوَى عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ نُدِبَ تَمَنِّيهِ) أَيْ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ كَهُوَ بِبَلَدٍ شَرِيفٍ) فِي هَذَا الْقِيَاسِ مَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ تَوَكُّلًا فَهُوَ فَضِيلَةٌ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّدَاوِي أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ بِأَنَّ إطْلَاقَ التَّشْرِيعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ كَمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاضِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَكْفِي فِي التَّشْرِيعِ مُجَرَّدُ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِوُجُوبِهِ إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ) فِي بَابِ ضَمَانِ الْوُلَاةِ مِنْ الْأَنْوَارِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الشِّفَاءَ فِي الْمُدَاوَاةِ وَجَبَتْ اهـ وَلَعَلَّ مَحَلُّهُ الشِّفَاءُ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ وَنَحْوُهُ لَا نَحْوُ بُطْءِ الْبُرْءِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى طِبِّ الْكَافِرِ وَوَصْفِهِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ عِبَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُعْتَمَدُ فِيهِ شَيْءٌ وَمِنْهُ
وَفَارَقَ وُجُوبُ نَحْوِ إسَاغَةٍ مَا غَصَّ بِهِ بِخَمْرٍ وَرَبْطُ مَحَلِّ الْفَصْدِ لِتَيَقُّنِ نَفْعِهِ (وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّدَاوِي وَتَنَاوُلِ الدَّوَاءِ لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ قَالَ شَارِحٌ وَكَذَا عَلَى تَنَاوُلِ طَعَامٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى تَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ
(وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ) كَأَصْدِقَائِهِ (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ وَجْهَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رضي الله عنه بَعْدَ مَوْتِهِ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ سُنَّةٌ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِنَحْوِ أَهْلِهِ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى صَالِحٍ فَيُسَنُّ لِكُلِّ أَحَدٍ تَقْبِيلُهُ تَبَرُّكًا بِهِ وَعَلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَالتَّقْبِيلُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ خِلَافُ الْأَوْلَى حَمْلًا لِلْجَوَازِ فِيهِ عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(وَلَا بَأْسَ بِالْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ) بَلْ يُنْدَبُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِالنِّدَاءِ وَنَحْوِهِ (لِلصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (وَغَيْرِهَا) كَالدُّعَاءِ وَالتَّرَحُّمِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَعَى النَّجَاشِيَّ يَوْمَ مَوْتِهِ» (بِخِلَافِ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) وَهُوَ النِّدَاءُ بِذِكْرِ مَفَاخِرِهِ فَيُكْرَهُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَيُكْرَهُ تَرْثِيَتُهُ بِذِكْرِ مَحَاسِنِهِ فِي نَظْمٍ أَوْ نَثْرٍ لِلنَّهْيِ عَنْهَا وَمَحَلُّهَا حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَعَهَا النَّدْبُ السَّابِقُ وَإِلَّا حَرُمَتْ وَحَيْثُ حُمِلَتْ عَلَى تَجْدِيدِ حُزْنٍ أَوْ أَشْعَرَتْ بِتَبَرُّمٍ أَوْ فُعِلَتْ فِي مَجَامِعَ قُصِدَتْ لَهَا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ بِحَقٍّ فِي نَحْوِ عَالِمٍ وَخَلَتْ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهِيَ بِالطَّاعَاتِ أَشْبَهُ
(وَلَا يَنْظُرُ الْغَاسِلُ) وَلَا يَمَسُّ مِنْ غَيْرِ خِرْقَةٍ شَيْئًا (مِنْ بَدَنِهِ) فَيُكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِهِ مَا يُكْرَهُ اطِّلَاعُ أَحَدٍ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا رَأَى مَا يُسِيءُ ظَنَّهُ بِهِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ الْخِلَافُ فِي حُرْمَتِهِ (إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) كَمَعْرِفَةِ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى لِعُذْرِهِ
وَفِي الْأَنْوَارِ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي بَابِ ضَمَانِ الْوُلَاةِ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ الشِّفَاءُ فِي الْمُدَاوَاةِ وَجَبَتْ اهـ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ الشِّفَاءُ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ وَنَحْوُهُ لَا نَحْوُ بُطْءِ الْبُرْءِ سم (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ التَّدَاوِي (قَوْلُهُ بِخَمْرٍ) الْأَوْلَى وَلَوْ بِخَمْرٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَيَقُّنِ نَفْعِهِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بِإِفَادَةِ التَّدَاوِي وَجَبَ وَهُوَ قَرِيبٌ ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ الْأَنْوَارِ مِثْلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ إلَخْ) أَيْ الْإِلْحَاحُ عَلَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ نَفْعُهُ لَهُ بِمَعْرِفَةِ طَبِيبٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي هُوَ التَّهْدِيدُ بِعُقُوبَةٍ عَاجِلَةٍ ظُلْمًا إلَى آخِرِ شُرُوطِهِ ع ش (قَوْلُهُ قَالَ شَارِحٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَكَذَا إكْرَاهُهُ عَلَى الطَّعَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ» إلَخْ فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَادَّعَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ اهـ وَفِي سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي لَيْسَ كَمَا قَالَ إلَخْ مُنَاقَشَةً فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ لَا فِي الْحُكْمِ وَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ مَا هُنَا لِلسَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ مِنْ أَنَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى النَّقْلِ عَنْ شَارِحٍ قَدْ يُنَافِي لِمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ نَقْلِ هَذَا الْحُكْمِ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَنَّى يُعْتَمَدُ فِي التَّصْحِيحِ عَلَى التَّحْسِينِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَقَدْ ضَعَّفَهُ إلَخْ) أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهُ حَسَنٌ لِأَنَّ مَعَ مَنْ ضَعَّفَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالْجَرْحِ لِلرَّاوِي ع ش
(قَوْلُهُ كَأَصْدِقَائِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) أَيْ أَوْ يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْوَجْهِ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ ع ش (قَوْلُهُ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ وَلِمَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَبَّلَ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى صَالِحٍ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِأَهْلِهِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَجَوَازُهُ لِغَيْرِهِمْ وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ فَقَيَّدَهُ بِالصَّالِحِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ اهـ وَأَقَرَّهُ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِأَهْلِهِ إلَخْ أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ صَالِحٍ وَقَوْلُهُ م ر وَجَوَازُهُ لِغَيْرِهِمْ أَيْ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِرَجُلٍ وَلَا عَكْسُهُ وَقَوْلُهُ م ر وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ الْمَيِّتِ أَيْ فِي أَيِّ مَحَلِّ كَانَ كَمَا يُفِيدُهُ إطْلَاقُهُ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَأَنَّهُ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ الرِّقَّةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ م ر وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي إلَخْ هُوَ ظَاهِرُ إنْ كَانَ الْغَيْرُ مَعْرُوفًا بِالْمَعَاصِي أَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يُوصَفْ بِصَلَاحٍ بِحَيْثُ يَتَبَرَّكُ بِهِ وَلَا بِفَسَادٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا ع ش (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ
(قَوْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَنْظُرُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ إلَخْ) أَيْ لِوَلِيِّهِ ع ش وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَإِرْسَالِ مَنْ يُخْبِرُ أَهْلَ الْبَلَدِ فَرْدًا فَرْدًا (قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ بِمَوْتِهِ لَمْ يُكْرَهْ أَوْ قَصَدَ بِهِ الْإِخْبَارَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ كَالدُّعَاءِ إلَخْ) أَيْ وَالْمَحَالَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَى النَّجَاشِيَّ) أَيْ أَوْصَلَ خَبَرَهُ لِأَصْحَابِهِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَصْدَرُ نَعَاهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ تَرْثِيَتُهُ بِذِكْرِ مَحَاسِنِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ إذْ حَقِيقَتُهَا ذِكْرَ مَحَاسِنِهِ كَمَا فِي النَّدْبِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ النَّدْبُ السَّابِقُ) أَيْ الْمَقْرُونُ بِالْبُكَاءِ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى تَجْدِيدِ حُزْنٍ) أَيْ لِغَيْرِ نَحْوِ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ فُعِلَتْ فِي مَجَامِعَ) أَيْ أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ بِحَقٍّ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ تُكْرَهَ أَيْضًا إذَا كَانَتْ بِحَقٍّ وَخَلَتْ عَمَّا ذُكِرَ وَلَكِنَّهَا كَانَتْ فِي ظَالِمٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ بَصْرِيٌّ أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي نَحْوِ عَالِمٍ
(قَوْلُهُ وَلَا يَمَسُّ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ تَضْعِيفٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا نَظَرَ إلَى وَنَظَرُ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ النَّظَرِ وَالْمَسِّ اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَرُبَّمَا رَأَى مَا يُسِيءُ إلَخْ) أَيْ رُبَّمَا رَأَى سَوَادًا وَنَحْوَهُ فَيَظُنُّهُ عَذَابًا فَيُسِيءُ بِهِ ظَنًّا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ) أَيْ الْكَرَاهَةُ قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي تَصْوِيرِ الْحَاجَةِ لِلْمَسِّ بِلَا حَائِلٍ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ
الْأَمْرُ بِالْمُدَاوَاةِ بِالنَّجَسِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَكَذَا عَلَى تَنَاوُلِ طَعَامٍ) جَزَمَ فِي الْعُبَابِ بِكَرَاهَةِ هَذَا وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِهِ عَنْ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَوَائِلَ النِّكَاحِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ
وَمَحَلُّ جَوَازِ ذَلِكَ إنْ مَسَّ أَوْ نَظَرَ (مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ) وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا إلَّا نَظَرَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ السَّيِّدِ بِلَا شَهْوَةٍ وَإِلَّا الصَّغِيرَ لِمَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ وَنَظَرُ الْمُعِينِ لِغَيْرِهَا مَكْرُوهٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَيُسَنُّ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ مِنْ أَوَّلِ غُسْلِهِ إلَى آخِرِهِ وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ
(وَمَنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ) لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ لِنَحْوِ حَرْقٍ أَوْ لَدْغٍ وَلَوْ غُسِّلَ تَهَرَّى أَوْ خِيفَ عَلَى الْغَاسِلِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَفُّظُ (يُمِّمَ) وُجُوبًا كَالْحَيِّ وَلِيُحَافِظَ عَلَى جُثَّتِهِ لِتُدْفَنَ بِحَالِهَا وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ خَشْيَةُ تَسَارِّ الْفَسَادِ إلَيْهِ لِقُرُوحٍ فِيهِ لِأَنَّهُ صَائِرٌ لِلْبِلَى وَمَرَّ حُكْمُ مَا لَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ
(وَيُغَسَّلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ) وَمِثْلُهُمَا النُّفَسَاءُ (الْمَيِّتُ بِلَا كَرَاهَةٍ) لِأَنَّهُمَا طَاهِرَانِ وَفِيهِ تَضْعِيفٌ لِمَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ مِنْ حُرْمَةِ حُضُورِهِمَا عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ وَوَجْهٌ بِمَنْعِهِمَا لِمَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ لِمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ» إذْ لَوْ نَظَرَ لِذَلِكَ لَحَرُمَ تَغْسِيلُهُمَا لَهُ أَيْضًا وَلَا قَائِلَ بِهِ وَتَوَهُّمُ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّتِ لَا يُجْدِي لِاحْتِيَاجِ كُلٍّ إلَى حُضُورِ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ (وَإِذَا مَاتَا غُسِّلَا غُسْلًا فَقَطْ) لِلْمَوْتِ لِانْقِطَاعِ مَا عَلَيْهِمَا بِهِ
(وَلْيَكُنْ الْغَاسِلُ أَمِينًا) وَكَذَا مُعِينُهُ نَدْبًا فِيهِمَا لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَوْثُقُ بِهِ فِي الْإِتْيَانِ بِمَا طُلِبَ مِنْهُ نَعَمْ يُجْزِئُ غُسْلُ فَاسِقٍ كَالْكَافِرِ وَأَوْلَى وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ تَفْوِيضُ غُسْلِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي أَذَانِهِ وَكَذَا لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ يَكْفِي قَوْلُ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ غَسَّلْته لَا غُسْلَ (فَإِنْ رَأَى) الْغَاسِلُ أَوْ مُعِينُهُ (خَيْرًا) كَطِيبِ رِيحٍ وَاسْتِنَارَةِ وَجْهٍ (ذَكَرَهُ) نَدْبًا لِأَنَّهُ أَدْعَى لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَالدَّاعِينَ لَهُ (أَوْ) رَأَى (غَيْرَهُ) كَسَوَادِ وَجْهٍ (حَرُمَ ذِكْرُهُ) لِأَنَّهُ غِيبَةٌ وَقَدْ صَحَّ الْأَمْرُ بِالْكَفِّ عَنْ ذِكْرِ مَسَاوِئِ الْمَوْتَى (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) فِيهِمَا فَيُسِرُّ الْخَيْرَ
مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ) وَهِيَ مَا بَيْنَ رُكْبَتِهِ وَسُرَّتِهِ شَرْحُ م ر اهـ سم أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِحَاجَةٍ بَلْ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي جَوَازُهُ إذَا كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ وَاحْتَاجَ لِإِزَالَتِهَا ع ش (قَوْلُهُ إلَّا نَظَرَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) أَخْرَجَ الْمَسَّ وَتَقَدَّمَ بِهَامِشٍ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ إلَخْ مَا فِيهِ كَالنَّظَرِ سم عِبَارَتُهُ هُنَاكَ حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا جَوَازُ نَظَرِ الْعَوْرَةِ بِلَا شَهْوَةٍ وَحُرْمَةُ مَسِّهَا كَذَلِكَ لَكِنَّهُ كَغَيْرِهِ ذُكِرَ فِي بَابِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ نَظَرِ الْعَوْرَةِ بِلَا شَهْوَةٍ وَنَقَلَهُ الدَّمِيرِيِّ وَالسَّيِّدُ الْبَكْرِيُّ هُنَاكَ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُ وَحَمَلَ م ر الْمَذْكُورَ فِي بَابِ النِّكَاحِ عَلَى مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ شَهْوَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا الصَّغِيرَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ مَحَلَّ الشَّهْوَةِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ أَجْنَبِيًّا ع ش (قَوْلُهُ وَنَظَرُ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا غَيْرُ الْغَاسِلِ مِنْ مُعَيَّنٍ وَغَيْرِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ النَّظَرُ إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ غَسَلَ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَوْ خِيفَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَهَرَّى أَيْ وَلَوْ غَسَّلَ تَهَرَّى الْمَيِّتُ أَوْ خِيفَ عَلَى الْغَاسِلِ مِنْ سِرَايَةِ السُّمِّ إلَيْهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ مَاءٍ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ الْفَقْدِ مَا لَوْ وُجِدَ مَاءٌ يَكْفِي لِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَقَطْ أَوْ لِطُهْرِ الْحَيِّ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْحَيَّ تُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالتَّيَمُّمِ إنْ وَجَدَ تُرَابًا أَوْ فَاقِدًا لِلطَّهُورَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَطَهَّرَ بِهِ الْحَيُّ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى دَفْنِ الْمَيِّتِ بِلَا صَلَاةٍ عَلَيْهِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهِ سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (يَمَّمَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي هَذَا التَّيَمُّمِ النِّيَّةُ إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ مُبَدَّلِهِ وَهُوَ الْغُسْلُ إيعَابٌ (قَوْلُهُ كَالْحَيِّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلْيُحَافِظْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْحَيِّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ التَّعَذُّرِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَهُ يَمَّمَهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ وَجَبَ غُسْلُهُ كَمَا مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر ثُمَّ وَجَدَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفِعْلِنَا مَا كَلَّفْنَا بِهِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ اهـ.
(قَوْلُهُ حُكْمُ مَا لَوْ وُجِدَ إلَخْ) وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ دَفْنِهِ
(قَوْلُ الْمَتْنِ بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا ع ش قَالَ الْبَصْرِيُّ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِلْحَدِيثِ الْآتِي اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي (قَوْلِهِمْ وَيُغَسِّلُ الْجَنْبُ إلَخْ)(قَوْلَهُ وَوَجْهُ إلَخْ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ نَظَرَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّضْعِيفِ وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ كُرْدِيٌّ أَقُولُ بَلْ إشَارَةٌ إلَى مَنْعِهِمَا لِمَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهِيدِ الْجُنُبِ وَانْفَرَدَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِإِيجَابِ غُسْلَيْنِ مُغْنِي
(قَوْلُهُ وَكَذَا مُعِينُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُكْرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُعْلَمُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ وَالدَّفْنُ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَا يَوْثُقُ بِهِ بِالْإِتْيَانِ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ يُظْهِرُهُ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ سِرٍّ وَيَسْتُرُ عَكْسَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْإِجْزَاءِ (قَوْلُهُ يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَوِلَايَةٌ وَلَيْسَ الْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِهَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ م ر فِي الْأَذَانِ مِنْ أَنَّ التَّوْلِيَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ نَصْبُهُ حَرَامًا أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا اهـ أَيْ عَلَى مُخْتَارِ الرَّمْلِيِّ دُونَ الشَّارِحِ حَجّ (قَوْلُهُ فِي أَذَانِهِ) أَيْ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ يَحْرُمُ التَّفْوِيضُ وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ الْإِجْزَاءُ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْغُسْلِ اهـ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ رَأَى خَيْرًا ذَكَرَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَجِبُ كَتْمُ خَيْرٍ رَآهُ مِنْ مُتَجَاهِرٍ بِنَحْوِ فِسْقٍ أَوْ مُسْتَتِرٍ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ حَالُهُ إنْ خَشِيَ تَرَتُّبَ ضَرَرٍ عَلَى ذِكْرِهِ وَيَجِبُ ذِكْرُ شَرٍّ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَسَاهُلِ مَنْ سَمِعَهُ فِيهِ ارْتِكَابُ مَا كَانَ الْمَيِّتُ مُتَّصِفًا بِهِ بَصْرِيٌّ وَمَا اسْتَظْهَرَهُ أَوَّلًا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ كَسَوَادِ وَجْهٍ) أَيْ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ وَانْقِلَابِ صُورَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ) أَيْ لِمَنْ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ
(غَرِيبَةٌ) حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ مَالِكٍ غَسَّلَتْ امْرَأَةً فَالْتَصَقَتْ يَدُهَا عَلَى فَرْجِهَا فَتَحَيَّرَ النَّاسُ فِي أَمْرِهَا هَلْ تُقْطَعُ يَدُ الْغَاسِلَةِ أَوْ فَرْجُ الْمَيِّتَةِ فَاسْتُفْتِيَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سَلُوهَا مَا قَالَتْ لَمَّا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَيْهَا فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ قُلْتُ طَالَ مَا عَصَى هَذَا الْفَرْجُ -
وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ فَقَيَّدَهُ بِالصَّالِحِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ) أَيْ وَهِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ م ر (قَوْلُهُ إلَّا نَظَرَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَخْرَجَ الْمَسَّ وَتَقَدَّمَ بِهَامِشٍ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ
فِي نَحْوِ مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ أَوْ بِدْعَةٍ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ وَيُظْهِرَ الشَّرَّ فِيهِ لِيَنْزَجِرَ عَنْ طَرِيقَتِهِ غَيْرُهُ بَلْ بَحَثَ وُجُوبَ الْكَتْمِ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ
(وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ) أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ كُلِّ اثْنَيْنِ اسْتَوَيَا قُرْبًا أَوْ نَحْوُهُ وَلَا مُرَجِّحَ (أَوْ زَوْجَتَانِ) وَلَا مُرَجِّحَ أَيْضًا (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ عَلَى نَحْوِ قَاضٍ رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ) فِي تَجْهِيزِهِ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ
(وَيُكْرَهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ نَقْلًا لَا وَصِيَّةَ كَمَا مَرَّ آخِرَ اللِّبَاسِ (الْكَفَنُ الْمُعَصْفَرُ) لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ الْمُزَعْفَرُ لِلْمَرْأَةِ وَيَحْرُمُ الْمُزَعْفَرُ كُلُّهُ وَكَذَا أَكْثَرُهُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَرِيرُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَا تُكْرَهُ الْحِبَرَةُ وَهِيَ بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ نَوْعٌ مُخَطَّطٌ مِنْ ثِيَابِ الْقُطْنِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ يُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ وَنَحْوُهُ مِنْ ثِيَابِ الزِّينَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَصْبُوغِ قَبْلَ النَّسْجِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلٌ الْقَاضِي يَحْرُمُ الثَّانِي ضَعِيفٌ وَإِنْ صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَحْرُمُ عَلَى الْحَيِّ لُبْسُ الثَّانِي إنْ صَبَغَ لِلزِّينَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا كَمَا بَيَّنْته بِمَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (وَ) يُكْرَهُ حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ مُسْتَغْرِقٌ وَلَا فِي وَرَثَتِهِ غَائِبٌ أَوْ مَحْجُورٌ وَإِلَّا حَرُمَتْ (الْمُغَالَاةُ فِيهِ) بِارْتِفَاعِ ثَمَنِهِ عَمَّا يَلِيقُ بِهِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَمَّا تَحْسِينُهُ بِبَيَاضِهِ وَنَظَافَتِهِ وَسُبُوغِهِ وَكَثَافَتِهِ فَسُنَّةٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ خَبَرَ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ» وَقِيلَ الْمُرَادُ بِتَحْسِينِهَا كَوْنُهَا مِنْ حِلٍّ (وَالْمَغْسُولُ) اللَّبِيسُ (أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ الصِّدِّيقُ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ نَقْلًا وَدَلِيلًا أَوْلَوِيَّةُ الْجَدِيدِ وَمِنْ ثَمَّ كُفِّنَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم
رَبَّهُ فَقَالَ مَالِكٌ هَذَا قَذْفٌ اجْلِدُوهَا ثَمَانِينَ تَتَخَلَّصُ يَدُهَا فَجَلَدُوهَا ذَلِكَ فَخَلَصَتْ يَدُهَا فَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَا يُفْتَى وَمَالِكٌ فِي الْمَدِينَةِ مُغْنِي وَبَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى فِي مُتَجَاهِرٍ بِنَحْوِ فِسْقٍ إلَخْ أَيْ كَالظُّلْمِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ الشَّرُّ فِيهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِذَلِكَ عَنْ الْمُسْتَتِرِ بِبِدْعَتِهِ عِنْدَ الْمُطَّلِعِينَ عَلَى حَالِهِ الْمَائِلِينَ إلَيْهَا لَعَلَّهُمْ يَنْزَجِرُونَ انْتَهَى نِهَايَةٌ أَقُولُ وَعَلَى قِيَاسِهِ يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْفَاسِقِ الْمُسْتَتِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُطَّلِعَيْنِ عَلَى حَالِهِ الْمَائِلِينَ إلَيْهِ وَفِي كَتْمِ خَيْرٍ رَآهُ فِي الْفَاسِقِ الْمَذْكُورِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ ذُكِرَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بَحَثَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ فِي الْمُبْتَدِعِ دُونَ الْفَاسِقِ عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يُقَالَ إذَا رَأَى مِنْ مُبْتَدِعٍ أَمَارَةَ خَيْرٍ كَتَمَهَا وَلَا يَبْعُدُ إيجَابُهُ لِئَلَّا يُحْمَلَ النَّاسُ عَلَى الْإِغْرَاءِ بِبِدْعَتِهِ وَيُسَنُّ كِتْمَانُهَا مِنْ الْمُتَجَاهِرِ بِالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِذِكْرِهَا أَمْثَالُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا إذَا رَأَى خَيْرًا فِي نَحْوِ مُتَجَاهِرٍ بِفِسْقٍ أَوْ بِدْعَةٍ
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وُجُوبُ الْإِقْرَاعِ أَيْ عَلَى نَحْوِ قَاضٍ إلَخْ) وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ التَّرْتِيبِ مُسْتَحَبًّا لِأَنَّهُ يَجِبُ قَطْعُ النِّزَاعِ وَقَطْعُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقُرْعَةِ فَوَجَبَتْ لِذَلِكَ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فَلَا يَظْهَرُ الْوُجُوبُ حَيْثُ فُرِضَ اسْتِحْبَابُ التَّرْتِيبِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُخَالِفَة التَّرْتِيبِ مَعَ عَدَمِ التَّسَاوِي فَكَيْفَ مَعَهُ بَصْرِيٌّ وَع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ إلَخْ) مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ نَقْلًا لَا وَصِيَّةً) أَيْ الْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ نَصِّهِ عَلَى حِلِّ الْمُعَصْفَرِ لَا عَلَى وَصِيَّتُهُ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ آخَرَ اللِّبَاسِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَكَذَا الْمُعَصْفَرُ عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ وَاخْتَارَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُبَالُوا بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى حِلِّهِ تَقْدِيمًا لِلْعَمَلِ بِوَصِيَّتِهِ اهـ أَيْ بِأَنَّهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي (قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ) إلَى قَوْلِهِ كُلِّهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَكَذَا أَكْثَرُهُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ الزَّعْفَرَانُ بِحَيْثُ يُسَمَّى مُزَعْفَرًا فِي الْعُرْفِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ م ر وَيَنْبَغِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي كَرَاهَةِ الْمُعَصْفَرِ.
(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ حُكْمِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مِصْرِنَا وَقُرَاهَا مِنْ جَعْلِ الْحِنَّاءِ فِي يَدِ الْمَيِّتِ وَرِجْلَيْهِ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ وَيُكْرَهُ فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ع ش عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ وَكَذَا أَكْثَرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعَصْفَرُ كَذَلِكَ إنْ قُلْنَا بِتَحْرِيمِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَرِيرُ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الصَّبِيِّ لِجَوَازِ الْحَرِيرِ لَهُ فِي الْحَيَاةِ سم (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُ شَرْحِ مُسْلِمٍ (وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَيْ فِي الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ يَحْرُمُ الثَّانِي) أَيْ الْمَصْبُوغُ بَعْدَ النَّسْجِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ إلَخْ) أَيْ قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَحْرُمُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِارْتِفَاعِ ثَمَنِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَاعْتَرَضَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ عَمَّا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ اعْتَادَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ بِرْمَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَسُبُوغِهِ) أَيْ كَوْنُهُ سَابِغًا كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ كَوْنُهُ سَابِلًا اهـ.
(قَوْلُهُ فَلْيُحْسِنْ إلَخْ) أَيْ يَتَّخِذُهُ أَبْيَضَ نَظِيفًا سَابِغًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ اسْتِمْرَارُ الْأَكْفَانِ حَالَ تَزَاوُرِهِمْ وَهُوَ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَقَدْ يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ م ر فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ أَنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُسْلَبُ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الَّتِي نُشَاهِدُهَا كَتَغَيُّرِ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُمْ إذَا تَزَاوَرُوا يَكُونُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي دُفِنُوا بِهَا وَأُمُورُ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُصَرِّحُ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِتَحْسِينِهَا إلَخْ) يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْأَمْرَيْنِ سم (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كُفِّنَ فِيهِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ اللَّبِيسُ الصَّالِحُ بِنَحْوِ السُّبُوغِ وَالْكَثَافَةِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ سم (قَوْلُهُ
وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ سَوْأَتَيْهِ مَا فِيهِ كَالنَّظَرِ
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ آخِرَ اللِّبَاسِ) أَيْ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَصِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَرِيرُ) خَرَجَ نَحْوُ الصَّبِيِّ لِجَوَازِ الْحَرِيرِ لَهُ فِي الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِتَحْسِينِهَا كَوْنُهَا مِنْ حِلٍّ) يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كُفِّنَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ اللُّبْسُ الصَّالِحُ بِنَحْوِ السُّبُوغِ وَالْكَثَافَةِ جَمْعًا
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِاتِّفَاقِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إجْزَاءُ اللَّبِيسِ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ قُوَّةٌ أَصْلًا وَمَرَّ مَا فِيهِ
(وَالصَّبِيُّ كَبَالِغٍ فِي تَكْفِينِهِ بِأَثْوَابٍ) وَالصَّبِيَّةُ كَبَالِغَةٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ مَرَّا وَأَشَارَ بِأَثْوَابٍ إلَى أَنَّهُ مِثْلُهُ عَدَدًا لَا صِفَةً لِحِلِّ الْحَرِيرِ لِلصَّبِيِّ دُونَ الْبَالِغِ
(وَالْحَنُوطُ) أَيْ ذَرُّهُ السَّابِقُ (مُسْتَحَبٌّ) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ وَلَا يُفْعَلُ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ التَّرِكَةِ ثُمَّ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِغَرِيمٍ وَلَا وَارِثٍ مَنْعُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ حَتَّى عَلَى النَّدْبِ وَيُوَجَّهُ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ غَالِبًا مَعَ مَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ لِلْمَيِّتِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْأُمِّ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَطْرَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَنُوطٌ وَلَا كَافُورٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ رَجَوْت أَنْ يُجْزِئَ لِأَنَّ هَذَا فِي الْإِجْزَاءِ الْمُنَافِي لِلْوُجُوبِ وَالْأَوَّلُ فِي أَنَّهُ مَعَ نَدْبِهِ لَا يَفْتَقِرُ لِرِضَا وَارِثٍ وَلَا غَرِيمٍ وَلَا يُجْزِئُ خِلَافُ الْحَنُوطِ فِي الْكَافُورِ عِنْدَ جَمْعٍ وَلَا فِي الْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ عِنْدَ الْكُلِّ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ نَاظِرَ بَيْتِ الْمَالِ وَوَقْفِ الْأَكْفَانِ لَا يُعْطَى قُطْنًا وَلَا حَنُوطًا أَيْ إلَّا إنْ اطَّرَدَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَعَلِمَ بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَشَرْطِهِ كَمَا يَأْتِي (وَقِيلَ وَاجِبٌ) فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ وَيَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ عُرْفًا لِلْإِجْمَاعِ الْفِعْلِيِّ عَلَيْهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُوبَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ وُجُوبُ الطِّيبِ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ
(وَلَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ وَإِنْ كَانَتْ) خُنْثَى أَوْ (أُنْثَى) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ كَالْخَنَاثَى وَيُحْمَلُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ مَحْمَلٍ وَأَيُّ شَيْءٍ حُمِلَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي نَحْوِ قُفَّةٍ أَوْ غِرَارَةٍ وَكَحَمْلِ كَبِيرٍ عَلَى نَحْوِ يَدٍ أَوْ كَتِفٍ (وَهَيْئَةٍ يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ لِإِهَانَتِهِ مَا لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ قَبْلَ تَهْيِئَةِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ كَذَا قَالُوهُ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا وَجَبَ حَمْلُهُ كَذَلِكَ وَلَا بَأْسَ فِي الطِّفْلِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَيْدِي مُطْلَقًا
(وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُهَا كَتَابُوتٍ) يَعْنِي قُبَّةً مُغَطَّاةً لِإِيصَاءِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ رضي الله عنها بِهِ وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قِيلَ هِيَ أَوَّلُ مَنْ حُمِلَتْ كَذَلِكَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَتْ أَنْ يُتَّخَذَ لَهَا ذَلِكَ فَفَعَلُوهُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ قَبْلَ زَيْنَبَ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ وَزَعْمُ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا اُتُّخِذَ فِي جِنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمْرِهِ بَاطِلٌ اهـ مُلَخَّصًا وَبِفَرْضِ صِحَّةِ ذَلِكَ قَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يُنَافِي مَا قِيلَ إنَّ أَوَّلَ مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ زَيْنَبُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ مَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ الَّذِي رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ
أَنَّهُ بِاتِّفَاقِهِمْ) أَيْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي التَّكْفِينِ
(قَوْلُهُ وَالصَّبِيَّةُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ مُسْتَحَبٌّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالصَّبِيَّةُ) أَيْ وَالْخُنْثَى مُغْنِي
(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَكْفَانِ وَالِاغْتِسَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ مَا فِي الْأُمِّ آخِرًا وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ) أَيْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ عِنْدَ جَمْعٍ) أَيْ وَيَجْرِي عِنْدَ جَمْعٍ آخِرَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ اطَّرَدَ ذَلِكَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الِاطِّرَادُ مِنْ التَّرِكَاتِ لِتَحَقُّقِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا لَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّ الْمُرَادَ الِاطِّرَادُ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَاتِ سم (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَشَرْطِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ كَوْنِ الِاطِّرَادِ مَعَ الْعِلْمِ كَشَرْطِهِ أَنْ يُعْطِيَ أَيْضًا الثَّوْبَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثُ بِشَرْطِ الِاطِّرَادِ وَالْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِسُهُولَةِ أَمْرِ الْقُطْنِ وَالْحَنُوطِ وَفِيهِ نَظَرٌ سم وَتَقَدَّمَ فِي التَّكْفِينِ عَنْ الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّ قَيْدَ الْوَاقِفِ أَيْ بِالْأَكْفَانِ بِالْوَاجِبِ أَوْ الْأَكْمَلِ اتَّبَعَ وَإِنْ أَطْلَقَ وَاقْتَضَتْ الْعَادَةُ شَيْئًا نَزَلَ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قَالُوهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ) أَيْ حَالَ حَيَاتِهِ فَيَتْرُكُ لَهُ الْكِسْوَةَ وُجُوبًا دُونَ الطِّيبِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا الرِّجَالَ) أَيْ نَدْبًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ عَنْ الْحَمْلِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُنَّ تَعَيَّنَ عَلَيْهِنَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى إلَى إزْرَاءِ حَرَمٍ سم (قَوْلُهُ أَجْزَأَ) أَيْ كَفَى فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَشَرْطِ جَوَازِهِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَمْلُ عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ وَمِنْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ وَكَحَمْلِ كَبِيرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي وَكَذَا صَغِيرٌ عَلَى نَحْوِ كَتِفٍ سم وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْكَبِيرِ هُنَا الْكَبِيرُ بِالْجُثَّةِ فَنَحْوُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَالِغِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ دَعَتْ حَاجَةٌ لِذَلِكَ أَمْ لَا ع ش (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ يَعْنِي) إلَى قَوْلِهِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قِيلَ (قَوْلُهُ يَعْنِي قُبَّةً إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَهُوَ سَرِيرٌ فَوْقَهُ خَيْمَةٌ أَوْ قُبَّةٌ أَوْ مِكَبَّةٌ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا اهـ (قَوْلُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) رَجَّحَهُ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وَأَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَانَتْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ فَقَالَ عُمَرُ نَعَمْ خِبَاءُ الظَّعِينَةِ اهـ وَالظَّعِينَةُ اسْمٌ لِلْمَرْأَةِ فِي الْهَوْدَجِ ع ش (قَوْلُهُ أَوَّلُ مَا اُتُّخِذَ) مُبْتَدَأٌ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَ (قَوْلُهُ فِي جِنَازَةِ إلَخْ) خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إنَّ وَ (قَوْلُهُ بِأَمْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاتُّخِذَ (قَوْلُهُ بَاطِلٌ خَبَرٌ وَزَعَمَ إلَخْ)(قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَبِفَرْضِ صِحَّةِ ذَلِكَ) أَيْ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (قَوْلُهُ الَّتِي رَأَتْهُ إلَخْ) صِفَةٌ مِنْ فَعَلَ إلَخْ
بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ
(قَوْلُهُ إلَّا إنْ اطَّرَدَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الِاطِّرَادُ مِنْ التَّرِكَاتِ لِتَحَقُّقِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا لَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْمُرَادَ الِاطِّرَادُ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَاتِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَشَرْطِهِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ كَوْنِ الِاطِّرَادِ مَعَ الْعِلْمِ كَشَرْطِهِ أَنْ يُعْطَى أَيْضًا الثَّوْبَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِشَرْطِ الِاطِّرَادِ وَالْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِسُهُولَةِ أَمْرِهِ الْقُطْنَ وَالْحَنُوطَ وَفِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ) وَإِنْ أَدَّى إلَى إزْرَاءِ حَرَمٍ (قَوْلُهُ وَكَحَمْلِ كَبِيرٍ عَلَى نَحْوِ يَدٍ أَوْ كَتِفٍ) يَنْبَغِي وَكَذَا صَغِيرٌ عَلَى نَحْوِ كَتِفٍ
(قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قِيلَ هِيَ أَوَّلُ مَنْ حُمِلَ كَذَلِكَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَأَوَّلُ مَنْ -
وَفَاطِمَةُ الظَّاهِرُ أَنَّهَا إنَّمَا عَلِمَتْ ذَلِكَ مِنْ زَيْنَبَ فَاسْتَحْسَنَتْهُ وَأَمَرَتْ بِهِ
(وَلَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الرُّجُوعِ مِنْهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ «لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِخِلَافِهِ فِي الذَّهَابِ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا مَرَّ (وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ) بِالتَّشْدِيدِ (الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنْ يُوَارِيَ أَبَا طَالِبٍ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ كَمُؤْنَتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ غَيْرُهُ وَبِفَرْضِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَلِّي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَكَانَ الدَّلِيلُ فِي تَوَلِّيهِ لَهُ بِنَفْسِهِ وَيَجُوزُ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ أَيْضًا وَكَالْقَرِيبِ زَوْجٌ وَمَالِكٌ قَالَ شَارِحٌ وَجَارٌ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ تَقْيِيدُهُ بِرَجَاءِ إسْلَامٍ أَيْ لِنَحْوِ قَرِيبِهِ أَوْ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ حُرْمَةَ اتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ كَافِرٍ غَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاشِيُّ
(وَيُكْرَهُ اللَّغَطُ) وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ وَلَوْ بِالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ (فِي) الْمَشْيِ مَعَ (الْجِنَازَةِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَرِهُوهُ حِينَئِذٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَكَرِهَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِقَائِلِهِ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك بَلْ يَسْكُتُ مُتَفَكِّرًا فِي الْمَوْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَفِنَاءِ الدُّنْيَا ذَاكِرًا بِلِسَانِهِ سِرًّا
قَوْلُهُ وَفَاطِمَةُ) مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ الظَّاهِرِ أَنَّهَا إلَخْ خَبَرُهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ إلَخْ) أَيْ لَا بَأْسَ بِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ الْجِنَازَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَقَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَقَوْلُهُ قَالَ شَارِحٌ وَقَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَى وَأَفْهَمَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَرُدُّ إلَى وَيَجُوزُ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ كَضَعْفٍ وَبُعْدِ مَكَان نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ) أَيْ مَشْيِهِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) وَلَا يَبْعُدُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلْحَاقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوكِ بِالْقَرِيبِ وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا الْمَوْلَى وَالْجَارُ كَمَا فِي الْعِيَادَةِ فِيمَا يَظْهَرُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ إنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمْرٌ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ خَبَرِ أَبِي دَاوُد عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُحَلَّى لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت لَهُ إنَّ عَمَّك الضَّالَّ قَدْ مَاتَ قَالَ انْطَلَقَ فَوَارِهِ» اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ فِي الْخَبَرِ عَلَى مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ) أَيْ نِزَاعَ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ وَبِفَرْضِهِ) أَيْ فَرْضِ لُزُومِ تَجْهِيزِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ اسْتِخْلَافِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ) أَيْ قَبْرِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَالْقَرِيبِ زَوْجٌ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ نَحْوِ قَرِيبٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي عَنْ الشَّاشِيِّ وَلَوْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ هُنَا كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَةُ اتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا هَذَا وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ م ر أَنَّ زِيَارَةَ قُبُورِ الْكُفَّارِ مُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا وَهُوَ بِعُمُومِهِ شَامِلٌ لِلْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مُقَابَلَتُهُ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ ع ش (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ تَقْيِيدُهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَقَدْ يُقَالُ بَعْدَ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ لَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ بِالْجَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لِنَحْوِ قَرِيبِهِ) أَيْ قَرِيبِ الْجَارِ وَاللَّامُ مُتَعَلِّقٌ بِإِسْلَامٍ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ حُرْمَةَ إلَخْ) سَيَأْتِي خِلَافُهُ فِي هَامِشِ وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِالتَّحْرِيمِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (اللَّغَطُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالذِّكْرِ إلَخْ) فَرَضُوا كَرَاهَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِمَا فِي حَالِ السَّيْرِ وَسَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ فِي الْحُضُورِ عِنْدَ غَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَوَضْعِهِ فِي النَّعْشِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَقْبَرَةِ إلَى دَفْنِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَرِهُوهُ حِينَئِذٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَرِهُوا رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ وَالْقِتَالِ وَالذِّكْرِ وَالْمُخْتَارِ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ مِنْ السُّكُوتِ فِي حَالِ السَّيْرِ مَعَ الْجِنَازَةِ اهـ قَالَ ع ش وَلَوْ قِيلَ بِنَدْبِ مَا يَفْعَلُ الْآنَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ مِنْ الْيَمَانِيَةِ وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ وَتَعَرُّضًا لِلتَّكَلُّمِ فِيهِ وَفِي وَرَثَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ) أَيْ قَوْلُ الْمُنَادِي مَعَ الْجِنَازَةِ اسْتَغْفِرُوا إلَخْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك) كَانَ مُرَادُهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُسْتَغْفَرُ لَهُ أَيْ لَا يُشْتَغَلُ بِهِ الْآنَ بِاللِّسَانِ جَهْرًا لِكَوْنِهِ بِدْعَةً ثُمَّ ابْتَدَأَ الدُّعَاءَ بِقَوْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَك أَمْرُك بِالْبِدْعَةِ فَكَانَ الظَّاهِرُ الْإِتْيَانَ بِالْوَاوِ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَرْكِهَا خُرُوجُهُ مَخْرَجَ الزَّجْرِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِالْجَهْرِ بِالذِّكْرِ يَمْنَعُ مِنْ مَعْصِيَةٍ كَنَحْوِ غَيْبَةِ نُزُولِ الْكَرَاهَةِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ تَأْوِيلُهُ الْحَدِيثَ بِمَا ذُكِرَ حَسَنٌ جَيِّدٌ فِي الْغَايَةِ وَحَمَلَهُ سم عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ جَوَازُ التَّأْدِيبِ وَالزَّجْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ لَكِنْ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِ نَحْوِ الْعَالِمِ نَظَرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ بَلْ يَسْكُتُ) أَيْ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَلْ
غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَانَتْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ بِرَجَاءِ إسْلَامٍ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ حُرْمَةً إلَخْ) سَيَأْتِي خِلَافُهُ فِي هَامِشِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ) فَرَضُوا كَرَاهَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهِمَا فِي حَالِ السَّيْرِ وَسَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ فِي الْحُضُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَوَضْعِهِ فِي النَّعْشِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَقْبَرَةِ إلَى دَفْنِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ جَوَازُ التَّأْدِيبِ وَالزَّجْرِ بِالدُّعَاءِ
لَا جَهْرًا لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ (وَإِتْبَاعُهَا) بِإِسْكَانِ التَّاءِ (بِنَارٍ) بِمِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إجْمَاعًا لِأَنَّهُ تَفَاؤُلٌ قَبِيحٌ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ وَكَذَا عِنْدَ الْقَبْرِ نَعَمْ الْوُقُودُ عِنْدَهَا الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّجْمِيرِ عِنْدَ الْغُسْلِ
(وَلَوْ اخْتَلَطَ) مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِمَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَأَنْ اشْتَبَهَ (مُسْلِمُونَ) أَوْ مُسْلِمٌ (بِكُفَّارٍ) أَوْ شَهِيدٌ أَوْ سِقْطٌ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ حَيَاةٍ بِغَيْرِهِ وَتَعَذَّرَ تَمْيِيزُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ (وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ) وَتَكْفِينُهُمْ وَدَفْنُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَغْنِيَاءُ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ تَجْهِيزُ وَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُغْتَفَرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ تَفَاوُتُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِمْ لِلضَّرُورَةِ (وَالصَّلَاةُ) عَلَيْهِمْ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ إلَّا بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ هَذَا تَرَدَّدَ بَيْنَ وَاجِبٍ وَحَرَامٍ فَلْيُقَدَّمْ الْحَرَامُ عَلَى الْقَاعِدَةِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَرَامًا إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْنِهِ وَأَمَّا مَعَ الْجَهْلِ فَلَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ فِي الصَّلَاةِ أَصْلًا لِأَنَّهُ يَخُصُّهَا بِالْمُسْلِمِ وَغَيْرِ نَحْوِ الشَّهِيدِ فِي نِيَّتِهِ وَلَا فِي غُسْلِ الْكَافِرِ لِإِبَاحَتِهِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَشَارَ لِذَلِكَ (فَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ) صَلَاةً وَاحِدَةً (بِقَصْدِ الْمُسْلِمِ) وَغَيْرِ نَحْوِ الشَّهِيدِ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ) وَلَيْسَ هُنَا صَلَاةٌ عَلَى كَافِرٍ حَقِيقَةً وَالنِّيَّةُ جَازِمَةٌ
يَشْتَغِلُ بِالتَّفَكُّرِ فِي الْمَوْتِ إلَخْ وَهِيَ أَحْسَنُ (قَوْلُهُ لَا جَهْرًا لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ إلَخْ) وَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُرَّاءِ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَحَرَامٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَحَرَامٌ إلَخْ أَيْ وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْمَيِّتِ بَلْ هُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ قِرَاءَةِ الرُّؤَسَاءِ وَنَحْوِهِمْ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَاتِّبَاعُهَا بِنَارٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ ع ش (قَوْلُهُ نَعَمْ الْوَقُودُ عِنْدَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ لَوْ اُحْتِيجَ إلَى الدَّفْنِ لَيْلًا فِي اللَّيَالِيِ الْمُظْلِمَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَمْلُ السِّرَاجِ وَالشَّمْعَةِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا سِيَّمَا حَالَةَ الدَّفْنِ لِأَجْلِ إحْسَانِ الدَّفْنِ وَإِحْكَامِهِ اهـ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ اخْتَلَطَا إلَخْ) يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي اشْتِبَاهِ الْمُحَرَّمِ بِغَيْرِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ نَحْوُ الطِّيبِ يُرَاعَى الْمُحْرِمُ لِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى ارْتِكَابِ مُحَرَّمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ بِخِلَافِ تَرْكِهِ فَإِنَّ غَايَتَهُ تَرْكُ سُنَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّكْفِينُ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْوَاجِبَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ وَأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لَا يُؤْثِمُ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِلَّا فَمَحَلُّ نَظَرٍ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَكَتَبَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ اُنْظُرْ لَوْ اخْتَلَطَ الْمُحْرِمَ بِغَيْرِهِ هَلْ يُغَطِّي رَأْسَ الْجَمِيعِ احْتِيَاطًا لِلسِّتْرِ أَوْ لَا احْتِيَاطًا لِلْإِحْرَامِ وَقَدْ يُتَّجَهُ الثَّانِي لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ مُحَرَّمَةٌ جَزْمًا بِخِلَافِ سَتْرِ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ اهـ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ التَّغْطِيَةَ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَلَا يُتْرَكُ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ وَلَا نَظَرَ لِلْقَطْعِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم مَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ تَغْطِيَةِ الْجَمِيعِ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ اهـ وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ سم إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَيْلُ كَلَامِ سم كَمَا يَأْتِي إلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ حَيَاةٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَوْ سِقْطٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِسِقْطٍ لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ تَجْهِيزُ وَاحِدٍ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ أَقَلُّ كِفَايَةِ وَاحِدٍ وَمَا زَادَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْأَمْوَالِ فَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَحَلٌّ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا زَادَ أُخِذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ لَا مَالَ لَهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَبَهُ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَكَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ فِيهِ لِأَنَّهُمَا لَا يُجَهَّزَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُجَهَّزَانِ هُنَا وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَجْهِيزِ الْمُسْلِمِ ع ش أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ بِالْقُرْعَةِ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ الْإِقْرَاعَ لَيْسَ لِلْإِخْرَاجِ بَلْ لِتَخْصِيصِ الْمُخْرَجِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ ع ش.
(قَوْلُهُ وَيُغْتَفَرُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تَرِكَةٍ كُلَّ مَا يَلِيقُ بِهِ وَمَعْنَى الِاغْتِفَارِ احْتِمَالُ أَنَّ الْقُرْعَةَ تُؤَدِّي إلَى أَنْ يُجَهِّزَ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ بِمَا أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَةِ الْغَيْرِ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ تَرِكَةٍ كُلَّ تَجْهِيزٍ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمْ وَمَعْنَى الِاغْتِفَارِ أَنَّا حِينَئِذٍ لَمْ نَعْتَبِرْ مَا هُوَ الْأَوْلَى مِنْ كَوْنِ تَجْهِيزِ كُلٍّ لَائِقًا بِهِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ فَيَظْهَرُ أَنَّا نَعْتَبِرُ أَقَلَّهُمْ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ بَصْرِيٌّ أَقُولُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالصَّرِيحِ فِي الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ بِتَجْهِيزِ الْكُلِّ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ) أَيْ مُعَارِضًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ تَجْهِيزُ الْكُلِّ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ تَرَدَّدَ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي (قَوْلُهُ بَيْنَ وَاجِبٍ) أَيْ نَظَرَ الِاحْتِمَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ (وَحَرَامٍ) أَيْ نَظَرَ الِاحْتِمَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي (قَوْلُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ) أَيْ قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي يُقَدَّمُ الْمَانِعُ وَيَحْتَمِلُ قَاعِدَةَ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ يَرِدُ إلَخْ) خَبَرٌ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونَ حَرَامًا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الرَّدِّ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ مُحْرِمٌ بِغَيْرِهِ جَازَ بَلْ وَجَبَ سَتْرُ رَأْسِ الْجَمِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ امْتِنَاعُ الْمَخِيطِ عَلَى الْجَمِيعِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ التَّكْفِينِ عَلَيْهِ بَلْ اللَّفَائِفُ أَوْلَى مَعَ حُرْمَتِهِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَتَقَدَّمَ اسْتِقْرَابُ ع ش الْقَضِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ.
وَأَمَّا قَوْلُ سم وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ هَذَا فِي نَفْسِ الْكَفَنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ سَتْرِ الرَّأْسِ وَعَدَمِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ يُمْكِنُ أَنْ يُعَارَضَ بِمِثْلِهِ فَيُقَالُ لَا يَكُونُ وَاجِبًا إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْنِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ الْجَوَابِ الْعَلَوِيِّ (قَوْلُهُ صَلَاةً وَاحِدَةً) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُشْتَرَطُ
عَلَى مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا لَا يَلِيقُ لَكِنْ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لِغَيْرِ نَحْوِ الْعَالِمِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَرَامًا إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْنِهِ) قَضِيَّةُ هَذَا الرَّدِّ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ مُحْرِمٌ بِغَيْرِهِ جَازَ بَلْ وَجَبَ سَتْرُ رَأْسِ الْجَمِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ امْتِنَاعُ الْمَخِيطِ عَلَى
وَيَقُولُ هُنَا فِي الْأُولَى اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمْ (أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) أَوْ غَيْرَ نَحْوِ شَهِيدٍ وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِإِمْكَانِ الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى وَيُجَابُ بِأَنَّهَا قَدْ تُشَقُّ بِتَأْخِيرِهِ مِنْ غُسْلٍ إلَى فَرَاغِ غُسْلِ الْبَاقِينَ بَلْ قَدْ يَتَعَيَّنُ إنْ أَدَّى التَّأْخِيرُ إلَى تَغَيُّرٍ وَكَذَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَى لَوْ تَمَّ غُسْلُ الْجَمِيعِ وَكَانَ الْإِفْرَادُ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ الْمُتَأَخِّرِ (وَيَقُولُ) فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ وَفِي الثَّانِيَةِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَلَا يَقُولُ فِي اخْتِلَاطِ نَحْوِ الشَّهِيدِ بِغَيْرِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ بَلْ يُطْلِقُ وَيُدْفَنُونَ فِي الْأُولَى بَيْنَ مَقَابِرِنَا وَمَقَابِرِ الْكُفَّارِ
(وَيُشْتَرَطُ) اتِّفَاقًا (لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ تَقَدُّمُ غُسْلِهِ) أَوْ تَيَمُّمِهِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ وَتَنْزِيلًا لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَنْزِلَةَ صَلَاتِهِ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ طَهَارَةُ كَفَنِهِ أَيْضًا إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَخَفُّ بِدَلِيلِ النَّبْشِ لِلْغُسْلِ دُونَهُ وَأَنَّ مَنْ صَلَّى بِلَا طُهْرٍ يُعِيدُ وَعَارِيًّا لَا يُعِيدُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَجَابَ بِذَلِكَ
(فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَوُقُوعِهِ فِي عَمِيقٍ أَوْ بَحْرٍ (وَ) قَدْ (تَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ) مِنْهُ (وَغَسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَطَالُوا بِمَا مِنْهُ بَلْ أَمْتَنُهُ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِصِحَّةِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ بَلْ وُجُوبُهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّ الشَّارِعُ طَرَفَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا (وَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ (أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ
فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَقُولُ هُنَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ هُنَا فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ صُورَةُ اخْتِلَاطِ الْمُسْلِمِينَ بِكُفَّارٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصُّوَرِ كَاخْتِلَاطِ الشَّهِيدِ بِغَيْرِهِ بَصْرِيٌّ أَيْ فَيُطْلَقُ الدُّعَاءُ فِيهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ نَحْوِ الشَّهِيدِ) أَيْ يَقُولُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ وَفِي الثَّالِثَةِ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يَتَعَيَّنُ) أَيْ إفْرَادُ كُلٍّ بِصَلَاةٍ (قَوْلُهُ إنْ أَدَّى التَّأْخِيرُ إلَى تَغَيُّرٍ) أَيْ لِشِدَّةِ حَرٍّ وَكَثْرَةِ الْمَوْتَى نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِيهِ مَعَ مَا مَرَّ تَكْرَارًا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَقُولُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ دُعَاؤُهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْكَافِرِ وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ بِإِسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ غُسِّلَ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ فِي تَوْرِيثِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ مِنْهُ وَلَا حِرْمَانِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعُهَا فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْقَبُولُ اهـ قَالَ ع ش وَعَلَيْهِ فَيَجْزِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يُعَلِّقُهَا (قَوْلُهُ غَيْرَ شَهِيدٍ) أَيْ أَوْ سِقْطًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُدْفَنُونَ فِي الْأُولَى إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ الْكَافِرُ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا لِأَنَّ الدَّفْنَ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا كُفَّارٌ ع ش
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) أَيْ فَلَا تَحْرُمُ وَلَوْ بِدُونِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْأَوْلَى الْمُبَادَرَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْحَالَةِ إذَا خِيفَ مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى تَمَامِ التَّكْفِينِ خُرُوجُ نَجَسٍ مِنْهُ كَدَمٍ أَوْ نَحْوِهِ ع ش (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ بِأَنْ جُعِلَ أَحَدُهُمَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ دُونَ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْغُسْلِ مِنْ كَوْنِهِ مَنْقُولًا وَتَنْزِيلُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَنْزِلَةَ صَلَاتِهِ مَوْجُودٌ فِي التَّكْفِينِ أَيْضًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَخَفُّ) أَيْ تَرْكُ السَّتْرِ أَخَفُّ مِنْ تَرْكِ الطَّهَارَةِ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِأَنَّ بَابَ التَّكْفِينِ أَوْسَعُ مِنْ الْغُسْلِ اهـ
(قَوْلُهُ وَقَدْ تَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَغُسْلُهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَيِّتِ سم وَمَرَّ عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ بَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَيُرَدُّ إلَخْ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إلَخْ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا وَجْهَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ إلَى أَنْ قَالَ وَبَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَمْيَلُ لَكِنَّ الَّذِي تَلَقَّيْنَاهُ عَنْ مَشَايِخِنَا مَا فِي الْمَتْنِ اهـ وَيَنْبَغِي تَقْلِيدُ ذَلِكَ الْجَمْعِ لَا سِيَّمَا فِي الْغَرِيقِ عَلَى مُخْتَارِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ تَحَرُّزًا عَنْ إزْرَاءِ الْمَيِّتِ وَجَبْرًا لِخَاطِرِ أَهْلِهِ (قَوْلُهُ بِمَا مِنْهُ) أَيْ بِأَدِلَّةٍ بَعْضُهَا قَوْلُهُ بَلْ أَمْتَنُهُ أَيْ أَقْوَاهَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهُ وَإِفْرَادُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ مَا.
(قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) أَيْ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُحَدِّدْ لِصَلَاتِهِ وَقْتًا وُجُوبُ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّفْنِ لَا يَسْتَدْعِي إلْحَاقَ ذَلِكَ بِالْوَقْتِ الْمَحْدُودِ ع ش (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِمَا تَقَرَّرَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ هُوَ لَقَبٌ إلَى سُهَيْلٍ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا تَنْزِيلًا لِلْمَيِّتِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ
الْجَمِيعِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ التَّكْفِينِ عَلَيْهِ بَلْ اللَّفَائِفُ أَوْلَى مَعَ حُرْمَتِهِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ هُنَا فِي الْأَوْلَى) أَيْ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَسُوغُ الدُّعَاءُ لِلْجَمِيعِ لِأَنَّ الشَّهِيدَ وَإِنْ امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا يَمْتَنِعُ الدُّعَاءُ لَهُ بِنَحْوِ الْمَغْفِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ تَقَدَّمَ غُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ) اُنْظُرْ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَصْلُحُ فَرْقًا لَوْ دَلَّ عَلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ
(قَوْلُهُ وَقَدْ تَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْهُ وَغُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ ذَاكَ إلَخْ) قَدْ يُنَازِعُ فِي هَذَا الرَّدِّ وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ الْقَضَاءِ كَصَلَاةِ الْمُتَيَمِّمِ فِي الْحَضَرِ فَقَدْ رَاعُوا حُرْمَتَهُ هُنَا كَمَا رَاعُوا حُرْمَتَهُ ثَمَّ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ أَيْ الْإِمَامِ وَبَيْنَهَا
وَلَا) عَلَى (الْقَبْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) اتِّبَاعًا لِلْأَوَّلَيْنِ وَكَالْإِمَامِ أَمَّا الْغَائِبَةُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا كَوْنُهَا وَرَاءَ الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ (وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) بَلْ تُسَنُّ (فِي الْمَسْجِدِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ» أَيْ هُوَ لَقَبُ أُمِّهِمَا وَمَعْنَاهُ كَفُلَانٍ أَبْيَضَ نَقَاءَ الْعِرْضِ مِنْ الدَّنَسِ وَالْعَيْبِ سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ وَزَعْمُ أَنَّهُمَا كَانَا خَارِجَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ وَلِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الظَّرْفَ بَعْدَ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ فِي الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ كَالصَّلَاةِ هُنَا يَكُونُ لَهُمَا بِخِلَافِهِ بَعْدَ غَيْرِ الْحِسِّيِّ يَكُونُ لِلْفَاعِلِ فَقَطْ.
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَصْحَابُنَا فِي إنْ قَتَلْت زَيْدًا فِي الْمَسْجِدِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمَا فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي إنْ قَذَفْته فِيهِ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقَاذِفِ فَقَطْ فِيهِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي بَحْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ نَفِيسٌ بَعْدَ قَوْلِهِ مَفْهُومُ ظَرْفِ الْمَكَانِ حُجَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ مُقْتَضَى كَلَامِ النُّحَاةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فِي الظَّرْفِ اهـ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ لِأَنَّ الظَّرْفَ الْمَكَانِيَّ مِنْ الْحِسِّيَّاتِ فَإِذَا جُعِلَ ظَرْفًا لِفِعْلٍ حِسِّيٍّ مُتَعَدٍّ لَزِمَ كَوْنُ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فِيهِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِوُجُودِهِمَا بِخِلَافِ الْفِعْلِ الْمَعْنَوِيِّ فَإِنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الظَّرْفِ الْحِسِّيِّ فَاكْتَفَى بِمَا هُوَ لَازِمٌ لَهُ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَهُوَ الْفَاعِلُ فَقَطْ.
وَأَمَّا مَا قَالَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ فَهُوَ لَا يَتَمَشَّى عَلَى مُرَجِّحِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ فِي الْقَتْلِ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَقْتُولِ فِيهِ لَا الْقَاتِلُ وَفِي الْقَذْفِ بِعَكْسِهِ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسْجِدِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الزَّجْرُ عَنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ وَانْتِهَاكُهَا يَحْصُلُ بِوُجُودِ الْمَقْتُولِ فِيهِ لِاسْتِلْزَامِ وُقُوعِ مَعْصِيَةِ الْقَتْلِ فِيهِ وَبِوُجُودِ الْقَاذِفِ لِأَنَّ الْقَذْفَ يَحْصُلُ مَعَ غَيْبَةِ الْمَقْذُوفِ فَإِنْ قُلْت هَلْ لِمَا ذَكَرَهُ وَجْهٌ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَمَّا اسْتَلْزَمَ غَالِبًا وُجُودَ أَثَرٍ حِسِّيٍّ حَالَ صُدُورِهِ مِنْ الْفَاعِلِ وَحَالَ وُصُولِهِ لِلْمَفْعُولِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْحِسِّيِّ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمَا فِيهِ بِخِلَافِ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ صِدْقِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْمَقْذُوفِ فَاشْتُرِطَ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ فَقَطْ وَخَرَجَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذِكْرَ الْمَسْجِدِ قَرِينَةٌ إلَى آخِرِهِ مَا لَوْ أَبْدَلَهُ بِالدَّارِ كَأَنْ قَتَلْته أَوْ قَذَفْته فِي الدَّارِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ.
وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْحِسِّيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ وُجُودُهُمَا فِيهِمَا وَفِي الْقَذْفِ وُجُودُ الْقَاذِفِ فَقَطْ لَكِنَّ الْمَبْحُوثَ فِي هَذِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمَا فِيهَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ لَمَّا لَمْ تَطَّرِدْ وَجَبَ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُطَرَّدَةِ وَهِيَ أَنَّ الْقَيْدَ الْمُتَأَخِّرَ يَرْجِعُ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَخَبَرُ «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» ضَعِيفٌ وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ «فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ» وَقَدْ صَلَّى عُمَرُ وَالصَّحَابَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهم فِيهِ وَأَوْصَى عُمَرُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ فَنَفَّذَهَا الصَّحَابَةُ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ فِي مَعْنَى الْإِجْمَاعِ نَعَمْ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ مِنْهُ حَرُمَ
(وَيُسَنُّ) حَيْثُ كَانُوا سِتَّةً فَأَكْثَرَ (جَعْلُ صُفُوفِهِمْ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ صَلَّى
مُسَاوَاتِهِ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ ذَلِكَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ الْحَاضِرِ سم أَيْ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي تَيَقَّنَ كَوْنُ الْمَيِّتِ فِيهِ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقَبْرِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْإِمَامِ فَإِنْ تَقَدَّمَ فِيهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَانْظُرْ بِمَاذَا يُعْتَبَرُ التَّقَدُّمُ بِهِ هُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِالتَّقَدُّمِ بِالْعَقِبِ عَلَى رَأْسِ الْمَيِّتِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش.
(قَوْلُهُ هُوَ لَقَبُ أُمِّهِمَا إلَخْ) فِيهِ نَوْعُ تَنَافٍ بَيْنَ جَعْلِهِ لَقَبًا وَقَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ إلَخْ فَمُرَادٌ وَمَعْنَاهُ بِحَسَبِ أَصْلِ الْوَضْعِ لَا فِي حَالِ كَوْنِهِ لَقَبًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا دَلَالَةَ لَهُ إلَّا عَلَى الشَّخْصِ وَكَانَ مَأْخَذُهُ كَلَامَ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ لَكِنَّهُ تَصَرَّفَ بِمَا اقْتَضَى إيرَادَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ فَلَا غُبَارَ عَلَيْهَا نَصُّهَا وَاسْمُهُ أَيْ أَخِي سُهَيْلٍ سَهْلٌ وَالْبَيْضَاءُ وَصْفُ أُمِّهِمَا وَاسْمُهُمَا دَعْدُ وَفِي تَكْمِلَةِ الصَّغَانِيِّ إذَا قَالَتْ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةُ بَيْضَاءُ فَالْمَعْنَى نَقِيُّ الْعِرْضِ مِنْ الدَّنَسِ وَالْعُيُوبِ انْتَهَى بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم وَصَلَّى أَيْضًا فِي مَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ عَلَى أَبِي الرَّبِيعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ هَنَةَ قَالَهُ صَاحِبُ النُّورِ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى ابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ فِي الْوُفُودِ ع ش (قَوْلُهُ وَلِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ بَعْدَ فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ) أَيْ فَاعِلٍ وَمَفْعُولِ عَامِلِهِ (قَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ) أَيْ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَصْحَابُنَا إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْحِسِّيِّ الْمُدْرَكَ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ خَاصَّةً اتَّجَهَ هَذَا التَّفْرِيعُ وَإِلَّا فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِأَنَّ الْقَذْفَ مَحْسُوسٌ بِحَاسَّةِ السَّمْعِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِذَكَرَ (قَوْلُهُ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ) أَيْ لَازِمًا أَوْ مُتَعَدِّيًا (قَوْلُهُ بِعَكْسِهِ) أَيْ بِشَرْطِ وُجُودِ الْقَاذِفِ لَا الْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرَهُ) أَيْ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ اشْتِرَاطِ وُجُودِهِمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْفَاعِلِ فَقَطْ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَبْحُوثَ) أَيْ الَّذِي بُحِثَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ) أَيْ صُورَةُ الْإِبْدَالِ بِالدَّالِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ مَا فِي هَذَا الَّذِي أَطْنَبَ بِهِ وَقَالَ إنَّهُ مُهِمٌّ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ مَعَ رِعَايَةِ الْقَوَاعِدِ سم (قَوْلُهُ وَخَبَرُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَدْ «صَلَّى إلَى نَعَمْ» (قَوْلُهُ ضَعِيفٌ) صَرَّحَ بِضَعْفِهِ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْبَيْهَقِيُّ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ إلَخْ) وَلَوْ صَحَّ الْأَوَّلُ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ إدْخَالِهِ قَوْلُهُ (حَرُمَ) أَيْ إدْخَالُهُ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ حَيْثُ كَانُوا سِتَّةً) إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ السِّتَّةِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ وَفِي سم
أَيْ الْجِنَازَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَوْقَ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا مَكَانٌ وَاحِدٌ تَنْزِيلًا لِلْجِنَازَةِ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ تَأْتِي هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا الْقَبْرِ) أَيْ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِمَا فِيهِ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ حِسِّيَّتِهِمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ دُونَ الْآتِي (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ) لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ مَا فِي هَذَا الَّذِي أَطْنَبَ بِهِ وَقَالَ إنَّهُ مُهِمٌّ فَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ مَعَ رِعَايَةِ الْقَاعِدَةِ
(قَوْلُهُ حَيْثُ كَانُوا سِتَّةً فَأَكْثَرَ) قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ كَانُوا سِتَّةً فَقَطْ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَفِّهِ وَالْأَرْبَعَةُ صَفَّانِ اهـ فَإِنْ كَانُوا
عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ فَقَدْ أَوْجَبَ أَيْ غُفِرَ لَهُ» كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَالْمَقْصُودُ مَنْعُ النَّقْصِ عَنْ الثَّلَاثَةِ لَا الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فَأَكْثَرَ وَفِي مُسْلِمٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَمَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» وَفِيهِ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعِينَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وِفَاقًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّ الصُّفُوفَ الثَّلَاثَةَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْفَضِيلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ وَقَدْ اصْطَفَّ الثَّلَاثَةُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلُ لِأَنَّا إنَّمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ لِئَلَّا يَتْرُكُوهَا بِتَقْدِيمِ كُلِّهِمْ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا مُنْتَفٍ هُنَا وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا سِتَّةٌ بِالْإِمَامِ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَهُ وَاثْنَانِ صَفًّا وَاثْنَانِ صَفًّا
(وَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِ فَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَّى) نَدْبًا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى عَلَى قُبُورٍ جَمَاعَةً وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا دُفِنُوا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ» وَمِنْ هَذَا أَخَذَ جَمْعٌ أَنَّهُ يُسَنُّ تَأْخِيرُهَا عَلَيْهِ إلَى بَعْدَ الدَّفْنِ وَتَقَعُ فَرْضًا فَيَنْوِيهِ وَيُثَابُ ثَوَابُهُ وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ بِالْأَوَّلِينَ لِبَقَاءِ الْخِطَابِ بِهِ نَدْبًا وَقَدْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ سُنَّةً وَإِذَا وَقَعَ وَقَعَ وَاجِبًا كَحَجِّ فِرْقَةٍ تَأَخَّرُوا عَمَّنْ وَقَعَ بِإِحْرَامِهِمْ الْإِحْيَاءُ الْآتِي (وَمَنْ صَلَّى) نُدِبَ لَهُ أَنَّهُ (لَا يُعِيدُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ
عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَقَطْ فَهَلْ يَقِفُ الزَّائِدُ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ صَفَّيْنِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدَدِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الصُّفُوفُ وَلِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ بِالْإِمَامِ أَوْ صَفًّا وَاحِدًا لِعَدَمِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ وَجِيهٌ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَقَفُوا خَلَفَ الْإِمَامِ وَلَوْ قِيلَ يَقِفُ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ وَاثْنَانِ صَفًّا لَمْ يَبْعُدْ لِقُرْبِهِ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ.
وَأَمَّا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَيَنْبَغِي وُقُوفُ كُلِّ اثْنَيْنِ صَفًّا خَلَفَ الْإِمَامِ لِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةً لِمَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الثَّلَاثَةِ الصُّفُوفِ أَيْضًا ع ش وَقَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَيْنُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ سم (قَوْلُهُ وَالْمَقْصُودُ) أَيْ مِنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ لَا الزِّيَادَةِ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى النَّقْصِ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلِهَذَا أَيْ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ آكَدُ أَيْ مِمَّا بَعْدَهُ اهـ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ م ر بَعْدَ الثَّلَاثَةِ لَعَلَّهُ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهُنَا فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفَضِيلَةُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ لِلنَّصِّ عَلَى كَثْرَةِ الصُّفُوفِ هُنَا اهـ وَمُقْتَضَاهَا بَلْ صَرِيحُهَا أَنَّ الثَّلَاثَةَ فَأَكْثَرَ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْفَضِيلَةِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْأَوَّلَ) أَيْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَخْ) تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ كَانُوا سِتَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَفَ وَاحِدٌ مَعَهُ) إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ أَقَلَّ الصَّفِّ اثْنَانِ وَإِلَّا لَجُعِلَتْ الْخَمْسَةُ صَفَّيْنِ وَالْإِمَامُ صَفًّا ع ش (قَوْلُهُ وَاثْنَانِ صَفًّا) فَرْعٌ يَتَأَكَّدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَيَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا وَحُضُورُ دَفْنِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَكُّدِ أَنَّ مَوْتَهُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ عَلَامَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الرَّحْمَةِ لَهُ فَيُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ تَبَرُّكًا بِهِ حَيْثُ اُخْتِيرَ لَهُ الْمَوْتُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عُرِفَ بِغَيْرِ الصَّلَاحِ اهـ
قَوْلُ الْمَتْنِ (فَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ فَيَجُوزُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَدْبًا وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ هَذَا إلَى وَتَقَعُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ تَأْخِيرُهَا إلَخْ) أَيْ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مُسَارَعَةً إلَى دَفْنِهِ ع ش وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ فَرْضًا) أَيْ تَقَعُ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَرْضًا كَالْأُولَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ سَقَطَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي لَا يُقَالُ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْأُولَى فَامْتُنِعَ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ فَرْضًا لِأَنَّا نَقُولُ السَّاقِطُ بِالْأُولَى حَرَجُ الْفَرْضِ لَا هُوَ وَأَوْضَحَ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذَا لَمْ يَتِمَّ بِهِ الْمَقْصُودُ بَلْ تَجَدَّدَ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِ الْفَاعِلَيْنِ كَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَحِفْظِ الْقُرْآنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذْ مَقْصُودُهَا الشَّفَاعَةُ لَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَإِنْ سَقَطَ الْحَرَجُ وَلَيْسَ كُلُّ فَرْضٍ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا اهـ.
(قَوْلُهُ بِالْأَوَّلَيْنِ) الْأُولَى بِالْأُولَى (قَوْلُهُ نَدْبًا) يَنْبَغِي إسْقَاطُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) جَوَابٌ ثَانٍ أَيْ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ السَّاقِطَ بِالْأُولَى الْفَرْضُ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَقَعَ الثَّانِيَةُ نَفْلًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَحَجِّ فِرْقَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَحَجِّ التَّطَوُّعِ وَأَحَدُ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ اهـ.
(قَوْلُهُ الْآتِي) أَيْ فِي السَّيْرِ كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ صَلَّى) أَيْ عَلَى مَيِّتٍ جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا لَا يُعِيدُهَا أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا لَا فِي جَمَاعَةٍ وَلَا انْفِرَادًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَا تُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَتُهَا أَيْ فَتَكُونُ مُبَاحَةً اهـ أَيْ
خَمْسَةً فَقَطْ فَهَلْ يَقِفُ الزَّائِدُ عَلَى الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ صَفَّيْنِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدَدِ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الصُّفُوفُ وَلِأَنَّهُمْ يَصِيرُونَ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ بِالْإِمَامِ أَوْ صَفًّا وَاحِدًا لِعَدَمِ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الصُّفُوفِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ بَلْ هُوَ وَجِيهٌ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالثَّلَاثَةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّفِّ الْوَاحِدِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ اهـ
(قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ الدَّفْنِ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّفْنِ وَيَحْرُمُ دَفْنُهُ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ نُدِبَ لَهُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ سَوَاءٌ صَلَّى مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً أَعَادَهَا فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا حَضَرَتْ الْجَمَاعَةُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ نَفْيُهُ بِتَصْرِيحٍ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ إعَادَتِهَا فِي جَمَاعَةٍ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُطْلَبُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا قَالَ
لَا يَنْتَفِلُ بِهَا وَمَرَّ فِي التَّيَمُّمِ حُكْمُ مَا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَهَا مَعَ حُكْمِ صَلَاةِ نَحْوِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَإِذَا أَعَادَ وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا فَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا (وَلَا تُؤَخَّرُ) أَيْ لَا يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ (لِزِيَادَةِ مُصَلِّينَ) أَيْ كَثْرَتِهِمْ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ وَاخْتَارَهُ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ يَنْبَغِي انْتِظَارُ مِائَةٍ أَوْ أَرْبَعِينَ رُجِيَ حُضُورُهُمْ قَرِيبًا لِلْحَدِيثِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ آخَرِينَ لَمْ يَلْحَقُوا وَذَلِكَ لِلْأَمْرِ السَّابِقِ بِالْإِسْرَاعِ بِهَا نَعَمْ تُؤَخَّرُ لِحُضُورِ الْوَلِيِّ إنْ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرٌ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا بَأْسٍ بِذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ لَهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ فَرْعِ الْجَدِيدِ
(وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ) وَغَيْرِهِمَا لِخَبَرِ «الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» وَهُوَ مُرْسَلٌ اعْتَضَدَ بِقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ» أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَالْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لِلزَّجْرِ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ
(وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ صَلَاةَ غَائِبٍ وَالْمَأْمُومُ صَلَاةَ حَاضِرٍ أَوْ عَكَسَ جَازَ) كَمَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْف مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَبِهِ
خِلَافًا لِلتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ لَا يُتَنَفَّلُ بِهَا) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا مَرَّةً ثَانِيَةً لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ شَرْعًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمَرَّ فِي التَّيَمُّمِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَعَمْ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى ثُمَّ وَجَدَ مَاءً يَتَطَهَّرُ بِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْمَكْتُوبَةِ لِخَلَلٍ يُصَلِّي هُنَا وَيُعِيدُ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَعَيُّنِ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا أَوَّلًا فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ حُصُولِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِ اهـ قَالَ سم.
وَقَوْلُهُ م ر فَإِنَّهُ يُعِيدُ إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ طَلَبِ إعَادَتِهِ مَا لَمْ يَقَعْ الْفَرْضُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ اهـ.
وَفِي الْإِيعَابِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي التُّرَاب إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ آخِذًا مِمَّا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بَلْ لَا يَنْبَغِي إلَخْ عِبَارَتُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ صَلَاتِهِ أَيْ الْمُتَيَمِّمِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْصُلُ الْفَرْضُ بِهِ اهـ وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مَا هُنَا جَرَى فِيهِ عَلَى غَيْرِ مَا اسْتَوْجَهَهُ ثَمَّةَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَعَادَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَفَعَلَهَا مِرَارًا ع ش عِبَارَةُ سم قَالَ م ر ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ إعَادَتِهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَأَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الدُّعَاءُ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا) أَيْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذِهِ خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ إذْ الصَّلَاةُ لَا تَنْعَقِدُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً بَلْ قِيلَ إنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ تَقَعُ فَرْضًا كَصَلَاةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَيُوَجَّهُ انْعِقَادُهَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ لَهُ وَقَدْ لَا تُقْبَلُ الْأُولَى وَتُقْبَلُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْغَرَضُ يَقِينًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهَا نَفْلٌ لَا يُقَالُ تُقَاسُ عَلَى الْمُعَادَةِ لِأَنَّ الْمُعَادَةَ مَطْلُوبَةٌ إعَادَتُهَا وَأَيْضًا اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ الْفَرْضُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا هُنَا فَالْإِعَادَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بِالْمَرَّةِ فَافْتَرَقَا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَيَقْطَعُوهَا ع ش عِبَارَةُ سم هَلْ الْمُعَادَةُ مِنْ الْخَمْسِ كَذَلِكَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ فَعَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ يُفَرَّقُ بِأَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ لَا يُنْدَبُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ يَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ قَتْلَى إلَى وَيَحْرُمُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ مَالَ إلَى مَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي انْتِظَارُهُ مِائَةً أَوْ أَرْبَعِينَ إلَخْ) أَيْ انْتِظَارُ كَمَالِهِمْ إذَا كَانَ الْحَاضِرُونَ دُونَهُمْ لِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ مَطْلُوبٌ فِيهَا وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ لِلْأَرْبَعَيْنِ قِيلَ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ أَرْبَعُونَ إلَّا كَانَ لِلَّهِ فِيهِمْ وَلِيٌّ وَحُكْمُ الْمِائَةِ كَالْأَرْبَعِينَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مُغْنِي قَالَ ع ش وَجَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُسَنُّ انْتِظَارُهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَيِّتِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ عَلَى الْقَبْرِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي شَرْحٍ وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْأَمْرِ السَّابِقِ) أَيْ وَلِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ حُضُورِهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَالَ ع ش وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ عَدَمُ صَلَاتِهِمْ عَلَى الْقَبْرِ أَخَّرَ لِزِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ حَيْثُ أَمِنَ مِنْ تَغَيُّرِهِ عَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِجَمَاعَةٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِزِيَادَةِ مُصَلِّينَ سم (قَوْلُهُ لَمْ يَلْحَقُوا) أَيْ الصَّلَاةَ الْأُولَى إذَا صَلَّى عَلَيْهِ مَنْ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِحُضُورِ وَلِيٍّ) أَيْ عَنْ قُرْبٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَتَبِعَا النِّهَايَةَ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ) أَيْ بِانْتِظَارِ الْوَلِيِّ إذَا رُجِيَ حُضُورُهُ عَنْ قُرْبٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ
(قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ لَا بِوَاجِبَةٍ (قَوْلُهُ اعْتَضَدَ إلَخْ) أَيْ فَصَحَّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَلِّ إلَخْ) أَيْ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مُغْنِي
قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ
م ر ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ إعَادَتِهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَأَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الدُّعَاءُ اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ حُكْمِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ) فِي شَرْحِ م ر نَعَمْ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى ثُمَّ وَجَدَ مَا يَتَطَهَّرُ بِهِ يُعِيدُ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الْمَكْتُوبَةِ لِخَلَلٍ يُصَلِّي هُنَا وَيُعِيدُ أَيْضًا لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَعَيُّنِ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ أَوْ لَا فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ حُصُولِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِ اهـ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ طَلَبِ إعَادَتِهِ مَا لَمْ يَقَعْ الْفَرْضُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا) هَلْ الْمُعَادَةُ مِنْ الْخَمْسِ كَذَلِكَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ فَعَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ يُفَرَّقُ أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ (قَوْلُهُ أَوْ لِجَمَاعَةٍ آخَرِينَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِزِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ
(قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لِلزَّجْرِ عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ) إنْ كَانَ غَيْرُهُ عليه الصلاة والسلام -
عُلِمَ بِالْأَوْلَى جَوَازُ اخْتِلَافِهِمَا فِي حَاضِرَيْنِ أَوْ غَائِبَيْنِ
(وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) لِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَهُ بِتَكْرِيرِ الزَّائِرِينَ وَالْمَارِّينَ وَدَفْنُهُ صلى الله عليه وسلم بِحُجْرَةِ عَائِشَةَ لِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ وَإِفْتَاءُ الْقَفَّالِ بِكَرَاهَةِ الدَّفْنِ بِالْبَيْتِ ضَعِيفٌ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ نَدْبَ غَيْرِ الْمَقْبَرَةِ لِنَحْوِ شُبْهَةٍ بِأَرْضِهَا أَوْ مُلُوحَةٍ أَوْ نَدَاوَةٍ أَوْ لِنَحْوِ مُبْتَدِعَةٍ أَوْ فَسَقَةٍ فِسْقًا ظَاهِرًا بِهَا وَنُدِبَ دَفْنُ الشَّهِيدِ بِمَحَلِّهِ أَيْ وَلَوْ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّ «قَتْلَى أُحُدٍ نُقِلُوا لِلْمَدِينَةِ فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِرَدِّهِمْ لِمَضَاجِعِهِمْ فَرُدُّوا إلَيْهَا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ لِلْمَقْبَرَةِ إنْ أَدَّى لِانْفِجَارِهِ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ انْفِجَارَهُ مَنْ حَمَلَهُ عَنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ وَجَبَ دَفْنُهُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ وَلَوْ مَلَكَهُ
(وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ بِهَا) لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ نَعَمْ لَوْ قِيلَ بِنَدْبِهِ حَيْثُ تَيَقَّنَ انْتِفَاءُ الْوَحْشَةِ وَحَمْلُهُ ذَلِكَ عَلَى دَوَامِ تَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْبِلَى الْمُسْتَلْزِمِ لِلْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَبْعُدْ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي أَنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ
(وَيُنْدَبُ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) مَثَلًا عِنْدَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (رَجُلًا) لِئَلَّا يَنْكَشِفَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لِخُنْثَى وَامْرَأَةٍ آكَدَ احْتِيَاطًا (وَأَنْ يَقُولَ) الَّذِي يُدْخِلُهُ
بِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ عُلِمَ بِالْأَوْلَى إلَخْ) فَالْحَاصِلُ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ نَوَى الْمَأْمُومُ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ مَنْ نَوَاهُ الْإِمَامُ لَشَمِلَ الْأَرْبَعَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ إلَخْ) وَيُسَنُّ الدَّفْنُ فِي أَفْضَلِ مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ كَالْمَقْبَرَةِ الْمَشْهُورَةِ بِالصَّالِحِينَ وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُدْفَنُ فِي مُلْكِي أَوْ فِي أَرْضِ التَّرِكَةِ وَالْبَاقُونَ فِي الْمَقْبَرَةِ أُجِيبَ طَالِبُهَا فَإِنْ دَفَنَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ لَمْ يُنْقَلْ أَوْ فِي أَرْضِ التَّرِكَةِ فَلِلْبَاقِينَ لَا الْمُشْتَرِي نَقْلُهُ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ وَالْمَدْفِنُ لَهُ إنْ بَلِيَ الْمَيِّتُ أَوْ نُقِلَ مِنْهُ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي مَقْبَرَتَيْنِ وَلَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا أُجِيبُ الْمُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً أُجِيبَ الْقَرِيبُ دُونَ الزَّوْجِ وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّهُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ التُّرْبَتَيْنِ وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ لِلْمَيِّتِ فَيُجَابُ الدَّاعِي إلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ إحْدَاهُمَا أَقْرَبَ وَأَصْلَحَ أَوْ مُجَاوَرَةَ الْأَخْيَارِ وَالْأُخْرَى بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ بَلْ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلَحِ مَنَعَهُمْ الْحَاكِمُ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْبَرَةُ مَغْصُوبَةً أَوْ اشْتَرَاهَا ظَالِمٌ بِمَالٍ خَبِيثٍ ثُمَّ سَلَبَهَا أَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَهْلَ بِدْعَةٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ كَانَتْ تُرْبَتُهَا فَاسِدَةً لِمُلُوحَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ كَانَ نَقْلُ الْمَيِّتِ إلَيْهَا يُؤَدِّي إلَى انْفِجَارِهِ.
فَالْأَفْضَلُ اجْتِنَابُهَا بَلْ يَجِبُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ فِي سَفِينَةٍ وَأَمْكَنَ مِنْ هُنَاكَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ وَلَا مَانِعَ لَزِمَهُمْ التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ وَإِلَّا جُعِلَ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَأُلْقِيَ لِيَنْبِذَهُ الْبَحْرُ إلَى مَنْ لَعَلَّهُ يَدْفِنُهُ وَلَوْ ثَقُلَ بِشَيْءٍ لِيَنْزِلَ إلَى الْقَرَارِ لَمْ يَأْثَمُوا وَإِذَا أَلْقُوهُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ أَوْ فِي الْبَحْرِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَلَا عَكْسُهُ وَإِذَا اخْتَلَطُوا دُفِنُوا فِي مَقْبَرَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ كَمَا مَرَّ وَمَقْبَرَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا انْدَرَسَتْ جَازَ أَنْ تُجْعَلَ مَقْبَرَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَسْجِدًا لِأَنَّ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ كَذَلِكَ وَلَوْ حَفَرَ شَخْصٌ قَبْرًا فِي مَقْبَرَةٍ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ مَيِّتٍ آخَرَ يَحْضُرُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي بِأَيِّ أَرْضٍ يَمُوتُ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُزَاحِمَ عَلَيْهِ أَيْ إذَا مَاتَ وَحَضَرَ مَيِّتٌ آخَرُ وَلَمْ يُدْفَنْ فِيهِ أَحَدٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِفْتَاءُ الْقَفَّالِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الدَّفْنَ بِالْبَيْتِ مَكْرُوهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ اهـ قَالَ سم وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ يَصْدُقُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِنَحْوِ شُبْهَةٍ إلَخْ) أَيْ شُبْهَةِ غَصْبٍ وَادْخُلْ بِالنَّحْوِ كَوْنُ ثَمَنِهَا خَبِيثًا (قَوْلُهُ أَوْ لِنَحْوِ مُبْتَدِعَةٍ إلَخْ) أَيْ كَظُلْمَةٍ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ بِغَالِبِ أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَهْلَ بِدْعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى نَدْبِ غَيْرِ الْمَقْبَرَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا الدَّلِيلِ وُجُوبُ دَفْنِهِ بِمَحِلِّهِ لَا نَدْبُهُ سم أَيْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ) أَيْ نَقْلُ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَهُ) لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ مِلْكَ غَيْرِهِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ بِهَا) أَيْ الْمَقْبَرَةُ وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي الْقَبْرِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِصَحْرَاءَ أَوْ فِي بَيْتٍ مَسْكُونٍ انْتَهَى وَالتَّفْرِقَةُ أَوْجَهُ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ التُّرَبِ مَسْكُونَةٌ كَالْبُيُوتِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا فِي الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ زِيَارَةٍ لَمْ يُكْرَهْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ عِنْدَ إدْخَالِ الْمَيِّتِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ ذَلِكَ عِنْدَ وَضْعِهِ فِي النَّعْشِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا ع ش (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ) أَيْ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «سَتَرَ قَبْرَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَانَ لِخُنْثَى أَوْ امْرَأَةٍ آكَدُ) أَيْ مِنْهُ لِرَجُلٍ وَلِامْرَأَةٍ
أَيْضًا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ أَشْكَلَ جَوَابُ الْجُمْهُورِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ تَرْكِنَا لَهَا أَيْضًا وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الزَّجْرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ عليه السلام وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ عليه السلام صَلَّى عَلَيْهِ لَمْ يُحْتَجْ لِجَوَابٍ
(قَوْلُهُ وَإِفْتَاءُ الْقَفَّالِ بِكَرَاهَةِ الدَّفْنِ بِالْبَيْتِ ضَعِيفٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ يَصْدُقُ بِخِلَافِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِمَّا أَحْدَثَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا الدَّلِيلِ وُجُوبُ دَفْنِهِ بِمَحَلِّهِ لَا نَدْبُهُ (قَوْلُهُ فَرَدُّوا إلَيْهَا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ نُقِلَ عَنْ مَحَلِّهِ طُلِبَ رَدُّهُ إلَيْهِ
(بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ أُدْخِلُك (وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ أَدْفِنُك لِلِاتِّبَاعِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَفِي رِوَايَةٍ " سُنَّةِ " بَدَلَ مِلَّةِ وَفِي أُخْرَى زِيَادَةُ بِاَللَّهِ (وَلَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ شَيْءٌ وَلَا) يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ أَيْ لَكِنَّهُ لِنَوْعِ غَرَضٍ قَدْ يُقْصَدُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْمُعَلَّلِ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ حَيْثُ لَا غَرَضَ أَصْلًا قِيلَ تَعْبِيرُهُ فِيهِ رِكَّةٌ لِأَنَّ الْمِخَدَّةَ غَيْرُ مَفْرُوشَةٍ فَإِنْ أُخْرِجَتْ مِنْ الْفُرُشِ لَمْ يَبْقَ لَهَا عَامِلٌ يَرْفَعُهَا اهـ وَهُوَ عَجِيبٌ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ
وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
عَطْفِ الْعُيُونِ لَفْظًا عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُتَعَذِّرِ إضْمَارًا لِعَامِلِهِ الْمُنَاسِبِ وَهُوَ كَحَّلْنَ فَكَذَا هُنَا كَمَا قَدَّرْتُهُ
(وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ) إجْمَاعًا لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ (إلَّا) لِعُذْرٍ كَكَوْنِ الدَّفْنِ (فِي أَرْضٍ نَدِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ (أَوْ رِخْوَةٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ أَوْ بِهَا سِبَاعٌ تَحْفِرُ أَرْضَهَا وَإِنْ أُحْكِمَتْ أَوْ تَهَرَّى بِحَيْثُ لَا يَضْبِطُهُ إلَّا التَّابُوتُ أَوْ كَانَ امْرَأَةً لَا مَحْرَمَ لَهَا فَلَا يُكْرَهُ لِلْمَصْلَحَةِ بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ فِي مَسْأَلَةِ السِّبَاعِ إنْ غَلَبَ وُجُودُهَا وَمَسْأَلَةِ التَّهَرِّي، وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ مِنْ الثُّلُثِ بِمَا نُدِبَ فَإِنْ لَمْ يُوصِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ رَضُوا وَلَا تَنْفُذُ بِمَا كُرِهَ
(وَيَجُوزُ الدَّفْنُ لَيْلًا) بِلَا كَرَاهَةٍ خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَحْدَهُ مَعَ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِخَبَرٍ فِي مُسْلِمٍ لَا يَدُلُّ لَهُ وَذَلِكَ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ
آكَدُ مِنْ الْخُنْثَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ وَيَقُولُ (بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ مِنْ الدُّعَاءِ مَا يُنَاسِبُ الْحَالَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ كَاللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَوَسِّعْ لَهُ فِي قَبْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ الَّذِي يَدْخُلُهُ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ أَدْفِنُك) يُمْكِنُ تَعَلُّقُ الظَّرْفَيْنِ بِهِ سم (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ سُنَّةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ وَعَلَيْهَا فَيَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَقُولَ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ أَكْمَلُ أَوْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَسُنَّتِهِ وَ (قَوْلُهُ وَفِي أُخْرَى زِيَادَةٌ وَبِاَللَّهِ) لَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحِ مَحَلَّهَا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ ذِكْرُهَا إثْرَ بِاسْمِ اللَّهِ فَلْيُحَرَّرْ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ.
عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اهـ وَفِيهَا إشَارَةٌ إلَى كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ بِأَنْ يَقُولَ وَعَلَى مِلَّةِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَتَصْرِيحٌ بِمَحَلِّ بِاَللَّهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ شَيْءٌ) قَالَ الْبَغَوِيّ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُبْسَطَ تَحْتَ جَنْبِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ «جَعَلَ فِي قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةً حَمْرَاءَ» وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ صَادِرًا عَنْ جُلِّ الصَّحَابَةِ وَلَا بِرِضَاهُمْ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ شُقْرَانُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَلْبَسَهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم وَفِي الِاسْتِيعَابِ أَنَّ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ أُخْرِجَتْ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ التُّرَابُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَفِي الِاسْتِيعَابِ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُوضَعُ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَجَمْعُهَا مَخَادُّ بِفَتْحِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا آلَةٌ لِوَضْعِ الْخَدِّ عَلَيْهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي الْوَارِثِ قَاصِرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ سم (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ) أَيْ بَلْ يُوضَعُ بَدَلَهَا حَجَرٌ أَوْ لَبِنَةٌ وَيُفْضِي بِخَدِّهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أُخْرِجَتْ مِنْ الْفُرُشِ) أَيْ وَهُوَ الصَّوَابُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ إلَخْ) أَيْ وَعَنْ نَصِّ النُّحَاةِ عَلَى جَوَازِ مِثْلِهِ فِي الْمُتُونِ وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَلْفِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَهِيَ أَيْ الْوَاوُ انْفَرَدَتْ بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ مَعْمُولُهُ وَعَنْ تَمْثِيلِهِمْ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [الحشر: 9] أَيْ وَأَلِفُوا الْإِيمَانَ سم (قَوْلُهُ عَطْفِ الْعُيُونِ إلَخْ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ وَيُحْتَمَلُ نَصْبُهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِعَطْفِ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ الْمُتَعَذِّرِ) صِفَتُهُ وَ (قَوْلُهُ إضْمَارًا إلَخْ) مَفْعُولٌ لَهُ لِلْعَطْفِ أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِهِ الْمَحْذُوفِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي تَابُوتٍ) أَيْ أَوْ نَحْوٍ مِنْ كُلِّ مَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُوصِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ لَا يَبْعُدُ إلَى وَتَنْفُذُ (قَوْلُهُ بِتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ) أَيْ وَسُكُونِ الدَّالِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ إلَخْ) وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهِ وَحُكِيَ فِيهِ الضَّمُّ أَيْضًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَهَرَّى إلَخْ) أَيْ الْمَيِّتُ بِحَرِيقٍ أَوْ لَدْغٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَذَلِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى كَوْنِ الدَّفْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ امْرَأَةً إلَخْ) أَيْ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِئَلَّا يَمَسَّهَا الْأَجَانِبُ عِنْدَ الدَّفْنِ وَغَيْرِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ سم وَعَقَّبَ شَرْحُ الرَّوْضِ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي بِقَوْلِهِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ وَتَنْفُذُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ أَيْ حَالَةِ وُجُودِ الْمَصْلَحَةِ كَالصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ (قَوْلُهُ إنْ رَضُوا) يُتَأَمَّلُ مَعَ إطْلَاقِهِمْ الْآتِي فِي الْفَرَائِضِ فِي مُؤَنِ التَّجْهِيزِ وَتَصْرِيحِهِمْ بِالْحَنُوطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ وَالْحَنُوطُ مُسْتَحَبٌّ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ التَّأَمُّلُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِمَا كُرِهَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَجُوزُ الدَّفْنُ إلَخْ) أَيْ لِلْمُسْلِمِ أَمَّا مَوْتَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ إظْهَارِ جَنَائِزِهِمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ لِمَا صَحَّ إلَخْ)
(قَوْلُهُ أَيْ أَدْفِنُك) يُمْكِنُ تَعْلِيقُ الظَّرْفَيْنِ بِهِ (قَوْلُهُ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي الْوَرَثَةِ قَاصِرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ وَكَانَ قَائِلُهُ غَفَلَ عَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِنَادِ فِي الرَّدِّ لِقَوْلِ الشَّاعِرِ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا كَمَا لَا يَخْفَى فَإِنَّ النُّحَاةَ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمُتُونِ وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَلْفِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَهِيَ أَيْ أَنَّ الْوَاوَ انْفَرَدَتْ بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ مَعْمُولُهُ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [الحشر: 9] أَيْ وَأَلِفُوا الْإِيمَانَ
(قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِئَلَّا يَمَسَّهَا الْأَجَانِبُ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً لَا مَحْرَمَ لَهَا) نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ حِكَايَةِ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ قُلْت فِيهِ نَظَرٌ اهـ
(وَوَقْتُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ) إجْمَاعًا وَكَالصَّلَاةِ ذَاتِ السَّبَبِ الْآتِي (إذَا لَمْ يَتَحَرَّهُ) لِأَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْمَوْتُ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ أَمَّا إذَا تَحَرَّاهُ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا يَأْتِي لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِنَّ وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا وَذَكَرَ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَالطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَقِبَهُ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُمْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ دَلَّ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ فِي الدَّفْنِ وَعَنْ آخَرِينَ أَنَّهُمْ أَجَابُوا بِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَحَرِّي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِلدَّفْنِ فَهَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ وَهُوَ مُرَادُ الْحَدِيثِ قَالَ وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ وَهُوَ مَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى الطُّلُوعِ وَالْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ فَلَا يَحْرُمُ فِيهِ وَإِنْ تَحَرَّى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِالْخَبَرِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ نُوَزِّعُ فِيهِ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ التَّحَرِّي التَّأْخِيرُ بِقَصْدِ زِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ لِتَعْلِيلِهِمْ الْبُطْلَانَ فِي التَّحَرِّي بِأَنَّ فِيهِ مُرَاغَمَةَ الشَّرْعِ وَهَذَا لَا مُرَاغَمَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ كَمَا مَرَّ.
(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرُوهُ هُنَا بَيْنَ حَرَمِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ اتِّحَادَ الْمَحَلَّيْنِ الْمُعْتَمَدُ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَوْقَاتِ الزَّمَانِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ كَهُوَ ثَمَّ وَإِنَّ الْأَصْحَابَ هُنَا أَطْلَقُوا الْكَرَاهَةَ عِنْدَ التَّحَرِّي وَاخْتَلَفُوا ثُمَّ هَلْ تُكْرَهُ أَوْ تَحْرُمُ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ قَالَ جَمْعٌ فَقِيَاسُهُ الْحُرْمَةُ هُنَا فَهَذَا الْقِيَاسُ صَرِيحٌ فِي اسْتِثْنَاءِ حَرَمِ مَكَّةَ هُنَا وَإِنْ تَحَرَّى كَهُوَ ثَمَّ وَافْتِرَاقُهُمَا مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ قَصْرِ التَّحْرِيمِ عِنْدَ التَّحَرِّي عَلَى الْأَوْقَاتِ الزَّمَانِيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَمَا قَالُوهُ هُنَا أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّحَرِّي لَا كَرَاهَةَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا هُنَا مِنْ حَيِّزِ ذِي السَّبَبِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ الْمُقَارِنِ كَمَا تَقَرَّرَ وَمَا هُوَ كَذَلِكَ لَا حُرْمَةَ أَوْ كَرَاهَةَ فِيهِ ثَمَّ إلَّا عِنْدَ التَّحَرِّي فَكَذَا هُنَا فَمِنْ ثَمَّ انْتَفَى النَّهْيُ عِنْدَ عَدَمِ التَّحَرِّي نَظَرًا لِلسَّبَبِ بِقِسْمَيْهِ هُنَا وَثَمَّ وَبِهَذَا يُتَّجَهُ تَرْجِيحُ الْمُعْتَمَدِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَقْتِ الْفِعْلِيِّ وَالزَّمَانِيِّ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّحَرِّي وَهُوَ عَامٌّ فِي الْوَقْتَيْنِ ثَمَّ فَكَذَا هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ اتِّحَادِهِمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا تَمَيَّزَتْ فِيهِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِهِ بِالْمُضَاعَفَةِ
عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دُفِنَ لَيْلًا» وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَوَقْتُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَالصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ الْآتِي) أَيْ آنِفًا فِي التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ مُتَقَدِّمٌ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ (أَوْ مُقَارِنٌ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِمْرَارِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ) سَيَأْتِي مُحْتَرِزُهُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ إمَّا أَوَّلًا فَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَإِمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ فِي وَقْتِ أَدَائِهِ فَهُوَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ الْمُؤَدَّاةِ إذَا تَحَرَّى بِهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ كَالْعَصْرِ إذَا تَحَرَّى بِهَا وَقْتَ الِاصْفِرَارِ فَإِنَّهَا مَعَ كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ تَنْعَقِدُ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنْ تَحَرَّاهُ كُرِهَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَتْنُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ.
وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَعَلَى الْكَرَاهَةِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) يَعْنِي بِالْمَعْنَى الْآتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَأَنْ نَقْبُرَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ إلَخْ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْغُرُوبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ قُرْبُ الْغُرُوبِ وَهُوَ الِاصْفِرَارُ سم (قَوْلُهُ أَجَابُوا عَنْهُ) أَيْ عَنْ خَبَرِ مُسْلِمٍ الظَّاهِرِ فِي التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُرَادُ الْحَدِيثِ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُكْرَهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِالْخَبَرِ) أَيْ الْمَارِّ آنِفًا وَمَفْهُومُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ نُوزِعُ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَصَوَّبَ فِي الْخَادِمِ كَرَاهَةَ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا فَرْقَ) أَيْ بَيْنَ الْأَوْقَاتِ الزَّمَانِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ فَيُكْرَهُ فِي كُلِّهَا مَعَ التَّحَرِّي (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ النِّزَاعِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ لِتَعْلِيلِهِمْ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ الْبُطْلَانُ) أَيْ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْكَرَاهَةِ بِقَصْدِ زِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تُؤَخَّرُ لِزِيَادَةِ الْمُصَلِّينَ (قَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرُوهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ مَعَ التَّحَرِّي (هُنَا) أَيْ فِي الدَّفْنِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَدَمُ الْفَرْقِ هُنَا (قَوْلُهُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ اتِّحَادُ الْمَحَلَّيْنِ) أَيْ الدَّفْنِ وَالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) فَاعِلُ يُؤَيَّدُ (قَوْلُهُ إنَّهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُعْتَمَدِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ كَهُوَ ثَمَّ) أَيْ كَعَدَمِ الْفَرْقِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْأَصْحَابَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْمُعْتَمَدِ إلَخْ وَمَحَطُّ التَّأْيِيدِ قَوْلُهُ قَالَ جَمْعٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَقِيَاسُهُ) أَيْ التَّحْرِيمِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ كَهُوَ ثَمَّ) أَيْ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَافْتِرَاقُهُمَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى اتِّحَادِ الْمَحَلَّيْنِ يَعْنِي مِمَّا يُؤَيِّدُ افْتِرَاقَ الْمَحَلَّيْنِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا مَا مَرَّ قَبِيلَ التَّنْبِيهِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالثَّانِي مَا قَالُوهُ إلَخْ وَلَكِنَّهُمَا مَرْدُودَانِ لِمَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَك إلَخْ فَثَبَتَ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فَقَوَّى الْإِشْكَالَ ثَمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَيُفَرِّقُ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ) أَيْ التَّحْرِيمُ فِي الصَّلَاةِ فَيَعُمُّ الزَّمَانِيَّةَ وَالْفِعْلِيَّةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَنْعِ فِي الصَّلَاةِ فَيَعُمُّ التَّحَرِّي وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) أَيْ رَادُّ التَّأْبِيدِ الِافْتِرَاقُ بِمَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ فَمِنْ ثَمَّ انْتَفَى النَّهْيُ إلَخْ) فِي هَذَا التَّفْرِيعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِعَدَمِ افْتِرَاقِ الْمَحَلَّيْنِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ) أَيْ حَيْثُ يُكْرَهُ الدَّفْنُ مَعَ
قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ أَمَّا أَوَّلًا فَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ فِي وَقْتِ أَدَائِهِ فَهُوَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ الْمُرَادُ إذَا تَحَرَّى بِهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ كَالْعَصْرِ إذَا تَحَرَّى بِهَا وَقْتَ الِاصْفِرَارِ فَإِنَّهَا مَعَ كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ تَنْعَقِدُ (قَوْلُهُ وَالْغُرُوبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ قُرْبُ الْغُرُوبِ وَهُوَ الِاصْفِرَارُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
الْآتِيَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ أَصْلًا فِي غَيْرِهِ نَاسَبَ أَنْ يُوَسِّعَ فِيهِ لِمُرِيدِهَا وَإِنْ تَحَرَّاهَا فِيهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِتَأْخِيرِهَا إلَى خَارِجِهِ حِيَازَةً لِتِلْكَ الْمُضَاعَفَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا وَأَيْضًا فَالتَّحَرِّي الْمُنْتَجُ لِمُرَاغَمَةِ الشَّرْعِ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ مَعَ قَوْلِ الشَّارِعِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ» وَلَا كَذَلِكَ الدَّفْنُ فِي الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ مِنْ الْحَرَمِ فَلَا يُخْشَى فَوَاتُ شَيْءٍ وَأَيْضًا فَتَحَرِّي الدَّفْنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِتَأْخِيرِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فِيهِ مُرَاغَمَةٌ ظَاهِرَةٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي كَوْنَهُ تَارَةً فِي الْحَرَمِ وَتَارَةً خَارِجَهُ فَوَسَّعَ لَهُ اغْتِنَامَ الْحَرَمِ وَلَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ مُرَاغَمَةٌ وَالدَّفْنُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَتُصُوِّرَتْ الْمُرَاغَمَةُ فِيهِ (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ اللَّيْلِ وَوَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ مَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ (أَفْضَلُ) لِلدَّفْنِ مِنْهُمَا أَيْ فَاضِلٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ بِخِلَافِهِمَا نَعَمْ إنْ خُشِيَ مِنْ التَّأْخِيرِ إلَى الْوَقْتِ الْمَنْدُوبِ تَغَيُّرُ حَرَمٍ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى الْإِسْرَاعِ الْمَطْلُوبِ نُدِبَ تَرْكُهُ فِيمَا يَظْهَرُ
(وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ) أَيْ تَبْيِيضُهُ بِالْجِصِّ وَهُوَ الْجِبْسُ وَقِيلَ الْجِيرُ وَالْمُرَادُ هُنَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا تَطْيِينُهُ (وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ فِي حَرِيمِهِ وَخَارِجِهِ نَعَمْ إنْ خُشِيَ نَبْشٌ أَوْ حَفْرُ سَبُعٍ أَوْ هَدْمُ سَيْلٍ لَمْ يُكْرَهْ الْبِنَاءُ وَالتَّجْصِيصُ بَلْ قَدْ يَجِبَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَسَيَعْلَمُ مَنْ هَدَمَ مَا بِالْمُسَبَّلَةِ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ فِيهَا إذْ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُهْدَمُ إلَّا مَا حَرُمَ وَضْعُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ
التَّحَرِّي فِيهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ الْآتِيَةِ) أَيْ فِي الِاعْتِكَافِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فِيهِ) لَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُرِيدِهَا وَالضَّمِيرُ لِحَرَمِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَحَرَّاهَا) أَيْ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ (فِيهِ) أَيْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُؤْمَرْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَاسَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَى خَارِجِهَا) أَيْ خَارِجِ حَرَمِ مَكَّةَ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَكَذَا ضَمِيرُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فِي الْأَمْرَيْنِ) أَيْ فَوْتُ الْمُضَاعَفَةِ بِالتَّأْخِيرِ وَعَدَمِ تَصَوُّرِ الْمُرَاغَمَةِ بِالتَّحَرِّي (وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إلَخْ) أَيْ حَاصِلُ الْأَمْرَيْنِ الْمُقْتَضَيَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي حَرَمِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ إنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي كَوْنَهُ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ الشَّارِعُ فِي أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ شَاءَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُتَصَوَّرْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالدَّفْنُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَأْذَنْ الشَّارِعُ بِفِعْلِهِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ أُرِيدَ بَلْ نَهَى عَنْ تَحَرِّي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لَهُ (قَوْلُهُ فَتُصُوِّرَتْ إلَخْ) أَيْ فَكُرِهَ الدَّفْنُ عِنْدَ التَّحَرِّي فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَلَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ عِنْدَ التَّحَرِّي فِيهِ سم (قَوْلُهُ أَفْضَلُ لِلدَّفْنِ مِنْهُمَا)
فَرْعٌ
يَحْصُلُ مِنْ الْأَجْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ أَيْ مَنْ مَنْزِلُهُ مَثَلًا قِيرَاطٌ وَيَحْصُلُ مِنْهُ بِهَا وَبِالْحُضُورِ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ لَا لِلْمُوَارَاةِ فَقَطْ قِيرَاطَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ» قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ وَلِمُسْلِمٍ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ وَهَلْ ذَلِكَ بِقِيرَاطِ الصَّلَاةِ أَوْ بِدُونِهِ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ قَرَارِيطَ فِيهِ احْتِمَالٌ لَكِنْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ التَّصْرِيحُ بِالْأَوَّلِ وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَرْفُوعًا «مِنْ شِيَعِ جِنَازَةٍ حَتَّى يَقْضِيَ دَفْنُهَا كُتِبَ لَهُ ثَلَاثَةُ قَرَارِيطَ» وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ وَحْدَهُ وَمَكَثَ حَتَّى دُفِنَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْقِيرَاطُ الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَهُ أَجْرٌ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجَنَائِزُ وَاتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً هَلْ يَتَعَدَّدُ الْقِيرَاطُ بِتَعَدُّدِهَا أَوَّلًا نَظَرًا لِاتِّحَادِ الصَّلَاةِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ التَّعَدُّدُ وَبِهِ أَجَابَ قَاضِي حَمَاةَ الْبَارِزِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ مُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ إلَى وَبِمَا تَقَرَّرَ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ وَحْدَهُ إلَخْ أَيْ مَشَى وَحْدَهُ إلَى مَحَلّ الدَّفْنِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَارَ مِنْ مَوْضِعِ الصَّلَاةِ مَعَ الْمُشَيِّعِينَ اهـ أَيْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فَاضِلٌ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ زِيَادَةٍ إلَى الْمَتْنِ قَوْلُهُ بَلْ يَجِبَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَسَيَعْلَمُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِمَا) أَيْ فَإِنَّهُمَا خِلَافُ السُّنَّةِ.
(قَوْلُهُ بِالْجِصِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْجِيرُ) وَهُوَ النُّورَةُ الْبَيْضَاءُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لَا تَطْيِينُهُ) أَيْ لَا يُكْرَهُ تَطْيِينُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزِّينَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ فِي حَرِيمِ الْقَبْرِ وَهُوَ مَا قَرُبَ مِنْهُ جِدًّا وَخَارِجُ الْحَرِيمِ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحِ وَأَمَّا فِيهَا فَسَيَأْتِي كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ الْبِنَاءُ إلَخْ) هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ فِي مُسَبَّلَةٍ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ صَرَّحَ بِهِ فِيمَا سَيَأْتِي بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش يَنْبَغِي وَلَوْ فِي الْمُسَبَّلَةِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُجْعَلُ فِي بِنَاءِ الْحِجَارَةِ عَلَى الْقَبْرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُنْبَشَ قَبْلَ بَلَاءِ الْمَيِّتِ لِدَفْنِ غَيْرِهِ اهـ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَيْضًا إلَخْ سَيَأْتِي عَنْ سم مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَالتَّجْصِيصُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْبِنَاءُ بِالْجِصِّ لَا الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ أَيْ التَّبْيِيضُ وَإِلَّا فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي دَفْعِ نَحْوِ النَّبْشِ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يَجِبَانِ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ أَقَلِّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَسَيَعْلَمُ مِنْ هَدْمِ مَا فِي الْمُسَبَّلَةِ إلَخْ) أَيْ فَافْهَمْ أَنَّ ذَلِكَ مُخَصَّصٌ لِمَا هُنَا سم (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَقَرَّ الْمُغْنِي الِاعْتِرَاضَ عِبَارَتَهُ
(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْبِنَاءَ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ مَكْرُوهٌ وَلَكِنْ يُهْدَمُ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْبِنَاءِ وَفَصَّلَ فِي الْهَدْمِ بَيْنَ الْمُسَبَّلَةِ وَغَيْرِهَا وَلَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِتَحْرِيمِ الْبِنَاءِ فِيهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ صَرَّحَ بِهِ هُنَا كَانَ أَوْلَى فَإِنْ قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ هَدْمُ الْحُرْمَةِ أُجِيبَ بِالْمَنْعِ فَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ
قَوْلُهُ وَالدَّفْنُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ) قَدْ يَعْكِسُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ الْمُصَلِّي مَا ذُكِرَ كَانَ فِيهِ مُرَاغَمَةٌ (قَوْلُهُ فَتَصَوَّرَتْ الْمُرَاغَمَةُ فِيهِ) أَيْ فَكُرِهَ الدَّفْنُ عِنْدَ التَّحَرِّي فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَلَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ عِنْدَ التَّحَرِّي فِيهِ
(قَوْلُهُ وَسَيَعْلَمُ مَنْ هَدَمَ مَا بِالْمُسَبَّلَةِ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ فِيهَا) أَيْ فَافْهَمْ أَنَّ ذَلِكَ مُخَصَّصٌ لِمَا هُنَا
عَنْ الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كِتَابَةُ اسْمِهِ وَغَيْرِهِ فِي لَوْحٍ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَةَ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ لِتَعْرِيضِهِ لِلِامْتِهَانِ بِالدَّوْسِ وَالتَّنْجِيسِ بِصَدِيدِ الْمَوْتَى عِنْدَ تَكْرَارِ الدَّفْنِ وَوُقُوعِ الْمَطَرِ وَنُدِبَ كِتَابَةُ اسْمِهِ لِمُجَرَّدِ التَّعْرِيفِ بِهِ عَلَى طُولِ السِّنِينَ لَا سِيَّمَا لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْإِعْلَامِ الْمُسْتَحَبِّ وَلَمَّا رَوَى الْحَاكِمُ النَّهْيَ قَالَ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَكْتُوبٌ عَلَى قُبُورِهِمْ فَهُوَ عَمَلٌ أَخَذَ بِهِ الْخَلَفُ عَنْ السَّلَفِ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَبِفَرْضِهَا فَالْبِنَاءُ عَلَى قُبُورِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا فِي الْمَقَابِرِ الْمُسَبَّلَةِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ لَا سِيَّمَا بِالْحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا وَقَدْ عَلِمُوا بِالنَّهْيِ عَنْهُ فَكَذَا هِيَ فَإِنْ قُلْت هَذَا إجْمَاعٌ فِعْلِيٌّ وَهُوَ حُجَّةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ أَكْثَرِيٌّ فَقَطْ إذْ لَمْ يُحْفَظْ ذَلِكَ حَتَّى عَنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ مَنْعَهُ وَبِفَرْضِ كَوْنِهِ إجْمَاعًا فِعْلِيًّا فَمَحَلُّ حُجِّيَّتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ صَلَاحِ الْأَزْمِنَةِ بِحَيْثُ يَنْفُذُ فِيهَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَقَدْ تَعَطَّلَ ذَلِكَ مِنْ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ
. (فَرْعٌ) يُسَنُّ وَضْعُ جَرِيدَةٍ خَضْرَاءَ عَلَى الْقَبْرِ لِلِاتِّبَاعِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَلِأَنَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُ بِبَرَكَةِ تَسْبِيحِهَا إذْ هُوَ أَكْمَلُ مِنْ تَسْبِيحِ الْيَابِسَةِ لِمَا فِي تِلْكَ مِنْ نَوْعِ حَيَاةٍ وَقِيسَ بِهَا مَا اُعْتِيدَ مِنْ طَرْحِ الرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ ذَلِكَ كَمَا بَحَثَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمَيِّتِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِي أَخْذِ يَابِسٍ أَعْرَضَ عَنْهُ لِفَوَاتِ حَقِّ الْمَيِّتِ بِيُبْسِهِ وَلِذَا قُيِّدَ وَأُنْدِبَ الْوَضْعُ بِالْخَضِرَةِ وَأَعْرَضُوا عَنْ الْيَابِسِ بِالْكُلِّيَّةِ نَظَرًا لِتَقْيِيدِهِ صلى الله عليه وسلم التَّخْفِيفَ بِالْأَخْضَرِ بِمَا لَمْ يَيْبَسْ
شُرُوطِ الصَّلَاةِ إنَّ غَرْسَ الشَّجَرَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ غُرِسَتْ قُطِعَتْ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمُصَنِّفِ بِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا إذَا بَنَى عَلَى الْقَبْرِ خَاصَّةً بِحَيْثُ يَكُونُ الْبِنَاءُ وَاقِعًا فِي حَرِيمِ الْقَبْرِ وَالْحُرْمَةِ عَلَى مَا إذَا بَنَى عَلَى الْقَبْرِ قُبَّةً أَوْ بَيْتًا يَسْكُنُ فِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا اهـ وَقَوْلُهُ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّلَاثَةِ) وَهُوَ التَّجْصِيصُ وَالْبِنَاءُ وَالْكِتَابَةُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كِتَابَةُ اسْمِهِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ خَشِيَ نَبْشَهُ وَالدَّفْنَ عَلَيْهِ وَكَانَ يَتَحَفَّظُ عَنْ ذَلِكَ بِكِتَابَةِ اسْمِ صَاحِبِهِ لِمَزِيدِ احْتِرَامِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يَبْعُدُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ إيعَابٌ اهـ سم وَتَقَدَّمَ وَيَأْتِي مِثْلُهُ عَنْ ع ش.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) شَامِلٌ لِلْقُرْآنِ (قَوْلُهُ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَةَ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ لِتَعْرِيضِهِ لِلِامْتِهَانِ بِالدَّوْسِ إلَخْ) هَذَا الْمَحْذُور غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَيْ الشَّامِلِ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْقَبْرِ مِظَلَّةً لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَأَى قُبَّةً فَنَحَّاهَا وَقَالَ دَعُوهُ يَظَلُّهُ عَمَلُهُ وَفِي الْبُخَارِيِّ لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ضَرَبَتْ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سُنَّةً ثُمَّ رَفَعَتْ فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ أَلَا هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا فَأَجَابَهُ آخَرُ بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا مُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِأَنَّ عُمَرَ إلَخْ وَفِي الْبَصْرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ الْمُغْنِي كَرَاهَةُ الْمِظَلَّةِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي التَّظْلِيلِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ كَأَنْ يَكُونَ لِوِقَايَةِ مَنْ يَجْتَمِعُونَ لِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ كِتَابَةُ اسْمِهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى حُرْمَةِ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَاعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ بِلَا عَزْوٍ إلَى الْأَذْرَعِيِّ وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ اعْتِمَادُهُ مَعَ الْعَزْوِ إلَى الزَّرْكَشِيّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ لِمُجَرَّدِ التَّعْرِيفِ بِهِ إلَخْ) أَيْ لِيُزَارَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ النَّهْيَ) أَيْ عَنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ كَتْبُ الِاسْمِ عَلَى الْقُبُورِ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ) أَيْ قَوْلُ الْحَاكِمِ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَكَذَا هِيَ) أَيْ فَلَا يَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكِتَابَةِ حُجَّةً لِنَدْبِهَا (قَوْلُهُ هُوَ إجْمَاعٌ) أَيْ عَمَلُ كِتَابَةِ الِاسْمِ لِمُجَرَّدِ التَّعْرِيفِ بِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى عَنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ مَنْعَهُ) لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ إمَّا لَا يَرَوْنَ إلَخْ بِزِيَادَةِ لَا أَوْ إسْقَاطِ لَفْظَةِ حَتَّى
(قَوْلُهُ لَا يُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ عُرِفَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَسَنَدُهُ إلَى وَقِيسَ وَقَوْلُهُ أَعْرِضْ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَلِذَا قَيَّدُوا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَى أَوْ نَحْوِ تَحْوِيطٍ وَقَوْلُهُ وَهَلْ مِنْ الْبِنَاءِ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَاعْتَرَضَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ يُسَنُّ وَضْعُ جَرِيدَةٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ عَلَيْهِ حَشِيشٌ اكْتَفَى بِهِ عَنْ وَضْعِ الْجَرِيدِ قِيَاسًا عَلَى نُزُولِ الْمَطَرِ الْآتِي وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَاءِ بَعْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ الْكَافِي لَا مَعْنًى لَهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَمْهِيدِ التُّرَابِ بِخِلَافِ وَضْعِ الْجَرِيدِ زِيَادَةً عَلَى الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةُ رَحْمَةٍ لِلْمَيِّتِ بِتَسْبِيحِ الْجَرِيدِ ع ش (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يُخَفِّفُ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْحِكْمَةِ عَلَى الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ وَ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ أَخْذُ ذَلِكَ) أَيْ عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مِنْ الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ مِنْ جَمِيعِ النَّبَاتَاتِ الرَّطْبَةِ وَقَوْلُهُ م ر عَلَى غَيْرِ مَالِكِهِ أَيْ أَمَّا مَالِكُهُ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ عَادَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لِلْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُعْرَضُ عَنْ مِثْلِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْجَرِيدِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ وَضْعِ الشَّمْعِ فِي لَيَالِيِ الْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْقُبُورِ فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ لِعَدَمِ إعْرَاضِ مَالِكِهِ عَنْهُ وَعَدَمِ رِضَاهُ بِأَخْذِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ ع ش وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ تَطَّرِدْ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ بِوَضْعِ نَحْوِ الشَّمْعِ عَلَى قَصْدِ التَّصَدُّقِ عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ وَإِعْرَاضُ وَاضِعِهِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ حَقِّ الْمَيِّتِ إلَخْ) قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ السَّابِقِ إذْ هُوَ أَكْمَلُ -
قَوْلُهُ وَنُدِبَ كِتَابَةُ اسْمِهِ لِمُجَرَّدِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَنُدِبَ أَيْ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ نَدْبَ كِتَابَةِ اسْمِ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِلْإِعْلَامِ لَا سِيَّمَا قُبُورُ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهَا لَا تُعْرَفُ عِنْدَ تَقَادُمِ السِّنِينَ إلَّا بِذَلِكَ وَأَجَابَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْحَاكِمِ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْكِتَابَةِ مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِهِ الْمَيِّتُ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ نَعَمْ لَوْ خُشِيَ نَبْشُهُ وَالدَّفْنُ عَلَيْهِ وَكَانَ يَتَحَفَّظُ عَنْ ذَلِكَ بِكِتَابَةِ اسْمِ صَاحِبِهِ لِمَزِيدِ احْتِرَامِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يَبْعُدُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ
(وَلَوْ بَنَى) نَفْسَ الْقَبْرِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِمَّا مَرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ نَحْوَ تَحْوِيطٍ أَوْ قُبَّةٍ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي وَهَلْ مِنْ الْبِنَاءِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ جَعْلِ أَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ مُرَبَّعَةٍ مُحِيطَةٍ بِالْقَبْرِ مَعَ لَصْقِ رَأْسِ كُلٍّ مِنْهَا بِرَأْسِ الْآخَرِ بِجِصٍّ مُحْكَمٍ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بِنَاءً عُرْفًا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ السَّابِقَةَ مِنْ التَّأْبِيدِ مَوْجُودَةٌ هُنَا (فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ) وَهِيَ مَا اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِيهَا عُرِفَ أَصْلُهَا وَمُسَبِّلُهَا أَمْ لَا وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى مَوْقُوفَةٌ بَلْ هَذِهِ أَوْلَى لِحُرْمَةِ الْبِنَاءِ فِيهَا قَطْعًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَةَ هِيَ الْمُسَبَّلَةُ وَعَكْسُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يَدْخُلُ مَوَاتًا اعْتَادُوا الدَّفْنَ فِيهِ فَهَذَا يُسَمَّى مُسَبَّلًا لَا مَوْقُوفًا فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ (هَدَمَ) وُجُوبًا لِحُرْمَتِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ مَعَ أَنَّ الْبِنَاءَ يَتَأَبَّدُ بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ فَيُحْرَمُ النَّاسُ تِلْكَ الْبُقْعَةَ وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ بِهَدْمِ كُلِّ مَا بِقَرَافَةِ مِصْرَ مِنْ الْأَبْنِيَةِ حَتَّى قُبَّةُ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه الَّتِي بَنَاهَا بِغَضِّ الْمُلُوكِ وَيَنْبَغِي أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ هَدْمَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ لِلْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ وَلَا يَجُوزُ زَرْعُ شَيْءٍ مِنْ الْمُسَبَّلَةِ وَإِنْ تَيَقَّنَ بِلَى مَنْ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِغَيْرِ الدَّفْنِ فَيُقْلَعُ وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي يَجُوزُ بَعْدَ الْبِلَى مَحْمُولٌ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ
(وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ بِمَاءٍ) مَا لَمْ يَنْزِلْ مَطَرٌ يَكْفِي لِلِاتِّبَاعِ
إلَخْ بِصِيغَةِ أَفْعَلُ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ بَنَى إلَخْ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مِثْلَ الْبِنَاءِ مَا لَوْ جَعَلَ عَلَيْهِ دَارَةَ خَشَبٍ كَمَقْصُورَةٍ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَهِيَ التَّضْيِيقُ ع ش (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالْبِنَاءُ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ تَحْوِيطٍ إلَخْ) أَيْ كَبَيْتٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ جَعْلِ أَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ مُرَبِّعَةٍ إلَخْ) أَيْ مُسَمَّاةٍ بِالتَّرْكِيبِيَّةِ ع ش (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُسْتَثْنَى عَلَيْهِ مَا لَوْ جَعَلَ الْأَحْجَارَ الْمَذْكُورَةَ لِحِفْظِهِ مِنْ النَّبْشِ وَالدَّفْنِ عَلَيْهِ قَبْلَ بَلَائِهِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ السَّابِقَةَ إلَخْ) فِي أَيِّ مَحَلٍّ نَعَمْ سَيَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهَا سم قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ) وَمِنْ الْمُسَبَّلِ كَمَا قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ قَرَافَةُ مِصْرَ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ ذَكَرَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَعْطَاهُ الْمُقَوْقِسُ فِيهَا مَالًا جَزِيلًا وَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَيْ التَّوْرَاةِ أَنَّهَا تُرْبَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَاتَبَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنِّي لَا أَعْرِفُ أَيْ أَعْتَقِدُ تُرْبَةَ الْجَنَّةِ إلَّا لِأَجْسَادِ الْمُؤْمِنِينَ فَاجْعَلُوهَا لِمَوْتَاكُمْ وَقَدْ أَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِهَدْمِ مَا بُنِيَ فِيهَا مُغْنِي.
زَادَ النِّهَايَةُ وَيَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا عُرِفَ حَالُهُ فِي الْوَضْعِ فَإِنْ جُهِلَ تُرِكَ حَمْلًا عَلَى وَضْعِهِ بِحَقٍّ كَمَا فِي الْكَنَائِسِ الَّتِي نُقِرُّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَلَيْهَا فِي بَلَدِنَا وَجَهِلْنَا حَالَهَا وَكَمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ عَلَى حَافَّةِ الْأَنْهَارِ وَالشَّوَارِعِ اهـ وَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي حَتَّى قُبَّةِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) الْأَوْلَى لِيَظْهَرَ الْإِضْرَابُ الْآتِي إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يَدْخُلُ مَوَاتًا إلَخْ) هَلْ يَجُوزُ إحْيَاءُ مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا الْمَوَاتِ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا وَيَمْلِكُ الْمُحَيِّي ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَحُرْمَةِ الْبِنَاءِ لِلْقَبْرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلتَّمَلُّكِ وَيُؤَدِّي إلَى التَّحْجِيرِ أَوَّلًا وَيَكُونُ اعْتِيَادُ الدَّفْنِ فِيهِ مَانِعًا مِنْ الْإِحْيَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إطْلَاقُهُمْ صِحَّةَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ سم وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَقْرُبُ إلْحَاقُ الْمَوَاتِ بِالْمُسْبَلَةِ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيقًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا مَصْلَحَةٌ وَلَا غَرَضٌ شَرْعِيٌّ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِحْيَاءِ اهـ وَيَأْتِي آنِفًا عَنْ الْإِيعَابِ مَا قَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ.
وَلَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَا يَجُوزُ زَرْعُ شَيْءٍ إلَخْ صَرِيحٌ فِي الثَّانِي وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ مَوَاتًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ وَكَذَا يَدْخُلُ مَوْقُوفَةً لِلدَّفْنِ اعْتَادُوا الدَّفْنَ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ الْمُقْتَضِي لِلْمُبَايَنَةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ مَعَ أَنَّ الْبِنَاءَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ) الْأَوْجَهُ خِلَافُ هَذَا الْإِفْتَاءِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَدِّي فِي بِنَاءٍ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَمَا مِنْ بِنَاءٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَمْرُهُ إلَّا وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْوَضْعِ بِحَقٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ حَتَّى قُبَّةِ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه إلَخْ) هَذَا الْإِفْتَاءُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ قُبَّةَ إمَامِنَا كَانَتْ قَبْلَ الْوَقْفِ دَارَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ع ش (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ) هَلْ الْمَوَاتُ كَالْمَمْلُوكَةِ فِي ذَلِكَ سم.
أَقُولُ قَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ زَرْعُ تِلْكَ الْأَرْضِ أَيْ الَّتِي تَيَقَّنَ بَلَاءُ مَنْ بِهَا وَبِنَاؤُهَا وَسَائِرُ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ وَالتَّصَرُّفِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ ذُكِرَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي فَرْضُهُ فِي مَقْبَرَةٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مَوَاتٍ لَا مُسَبَّلَةٍ لِحُرْمَةِ نَحْو الْبِنَاءِ فِيهَا مُطْلَقًا اهـ لَكِنْ صَنِيعُ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يُدْخِلُ مَوَاتًا إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْإِيعَابِ عَلَى مَا إذَا تَرَكَ أَهْلُ الْبَلَدِ الدَّفْنَ فِي ذَلِكَ الْمَوَاتِ حَالًا مَعَ عَزْمِهِمْ عَلَى تَرْكِهِ اسْتِقْبَالًا أَيْضًا وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ وَشَمِلَ ذَلِكَ الْأَطْفَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ مَطَرٌ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «فَعَلَهُ بِقَبْرِ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ» مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ بَنَى إلَخْ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مِثْلَ الْبِنَاءِ مَا لَوْ جُعِلَ عَلَيْهِ دَارَةُ خَشَبٍ كَمَقْصُورَةٍ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُسْتَثْنَى عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ جَعْلُ الْأَحْجَارِ الْمَذْكُورَةِ لِحِفْظِهِ مِنْ النَّبْشِ وَالدَّفْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ السَّابِقَةَ) فِي أَيِّ مَحَلٍّ نَعَمْ سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يَدْخُلُ مَوَاتًا) هَلْ يَجُوزُ إحْيَاءُ مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا الْمَوَاتِ دَارًا أَوْ غَيْرَهَا وَيَمْلِكُ الْمُحَيِّي ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَحُرْمَةِ الْبِنَاءِ لِلْقَبْرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلتَّمَلُّكِ وَيُؤَدِّي إلَى التَّحْجِيرِ أَوَّلًا وَيَكُونُ اعْتِيَادُ الدَّفْنِ فِيهِ مَانِعًا مِنْ الْإِحْيَاءِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إطْلَاقُهُمْ صِحَّةَ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ) الْأَوْجَهُ خِلَافُ هَذَا الْإِفْتَاءِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّعَدِّي فِي بِنَاءٍ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَمَا مِنْ بِنَاءٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَمْرُهُ إلَّا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِلْوَضْعِ بِحَقٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ) هَلْ الْمُرَادُ كَالْمَمْلُوكَةِ فِي
وَلِلْأَمْرِ بِهِ وَحِفْظًا لِلتُّرَابِ وَتَفَاؤُلًا بِتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ وَمِنْ ثَمَّ نُدِبَ كَوْنُ الْمَاءِ طَهُورًا وَبَارِدًا وَيُكْرَهُ بِالنَّجِسِ أَوْ يَحْرُمُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُكْرَهُ طَلْيُهُ بِخَلُوقٍ وَرَشُّهُ بِمَاءِ وَرْدٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَبْعُدْ وَيُرَدُّ بِأَنَّ فِيهِ غَرَضَ طِيبِهِ وَحُسْنِ رِيحِهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِيَسِيرِهِ حُضُورَ الْمَلَائِكَةِ لِكَوْنِهَا تُحِبُّ الرِّيحَ الطَّيِّبَ لَمْ يُكْرَهْ (وَ) أَنْ (يُوضَعَ عَلَيْهِ حَصًى) صِغَارٌ (وَ) أَنْ (يُوضَعَ عِنْدَ رَأْسِهِ) وَلَوْ أُنْثَى (حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ الشَّافِعِيُّ فِي قَبْرِ إبْرَاهِيمَ وَالثَّانِي أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ جَيِّدٍ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَفِيهِ التَّعْبِيرُ بِصَخْرَةٍ وَقَضِيَّتُهُ نَدْبُ عِظَمِ الْحَجَرِ وَمِثْلُهُ نَحْوُهُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ مَعْرِفَةُ قَبْرِ الْمَيِّتِ عَلَى الدَّوَامِ وَلَا يَثْبُتُ كَذَلِكَ إلَّا الْعَظِيمُ قِيلَ وَتُوضَعُ أُخْرَى عِنْدَ رِجْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ خِلَافُ الِاتِّبَاعِ (وَ) يُنْدَبُ (جَمْعُ الْأَقَارِبِ) وَنَحْوِهِمْ كَالزَّوْجَةِ وَالْمَمَالِيكِ وَالْعُتَقَاءِ بَلْ وَالْأَصْدِقَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي مَوْضِعٍ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الزَّائِرِ وَأَرْوَحُ لِأَرْوَاحِهِمْ وَيُرَتَّبُونَ كَتَرْتِيبِهِمْ السَّابِقِ فِي الْقَبْرِ فِيمَا يَظْهَرُ
(وَ) تُنْدَبُ (زِيَارَةُ الْقُبُورِ) الَّتِي لِلْمُسْلِمِينَ (لِلرِّجَالِ) إجْمَاعًا وَكَانَتْ مَحْظُورَةً لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِجَاهِلِيَّةٍ فَرُبَّمَا حَمَلَتْهُمْ عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي ثُمَّ لَمَّا اسْتَقَرَّتْ الْأُمُورُ نُسِخَتْ وَأُمِرُوا بِهَا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» ثُمَّ مَنْ كَانَ تُسَنُّ لَهُ زِيَارَتُهُ حَيًّا لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ وَاضِحٌ وَغَيْرُهُ يُقْصَدُ بِزِيَارَتِهِ تَذَكُّرُ الْمَوْتِ وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ تَكْرِيرُ الذَّهَابِ بَعْدَ الدَّفْنِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ مَمْنُوعٌ إذْ يُسَنُّ
قَوْلُهُ وَلِلْأَمْرِ بِهِ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ غَيْرُ الِاتِّبَاعِ وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِ غَيْرِهِ عَلَى الِاتِّبَاعِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ وَحِفْظًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى الْمَتْنِ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِتَبْرِيدِ الْمَضْجَعِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مَوْضِعُ الضُّجُوعِ وَالْجَمْعُ مَضَاجِعُ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ التَّفَاؤُلِ (قَوْلُهُ طَهُورًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَالِحًا ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ لَا مُسْتَعْمَلًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ بِالنَّجِسِ) اعْتَمَدَهُ الْإِيعَابُ وَالْمُغْنِي وَ (قَوْلُهُ أَنْ يَحْرُمَ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ قَالَهُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ نُدِبَ إلَى هُنَا قَالَ ع ش وَسَكَتَ عَنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ طَهُورًا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ طَلْيُهُ بِخَلُوقٍ وَرَشُّهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مِثْلُ الرَّشِّ عَلَى غَيْرِ الْقَبْرِ مِمَّا قُصِدَ بِهِ إكْرَامُ صَاحِبِ الْقَبْرِ كَالرَّشِّ عَلَى أَضْرِحَةِ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ إكْرَامًا لَهُمْ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْقَبْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّ) أَيْ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ بِيَسِيرِهِ) أَيْ مَاءُ الْوَرْدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ وَمِثْلُهُ الْخَلُوقُ (قَوْلُهُ لَمْ يُكْرَهْ) بَلْ لَوْ قِيلَ بِسَنِّهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ شَيْخُنَا قَوْلَ الْمَتْنِ (وَيَضَعُ عَلَيْهِ حَصًى) وَهَلْ يَجُوزُ بِنَاءُ ذَلِكَ أَيْ تَثْبِيتُهُ بِنَحْوِ جِصٍّ فِي مُسَبَّلَةٍ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْجَوَازُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرَبِّعَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا وَاضِحٌ فَإِنَّ تَثْبِيتَ مَا ذُكِرَ لَا تَحْجِيرَ فِيهِ وَلَا مَنْعَ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْقَبْرِ بِوَجْهٍ بِخِلَافِهَا بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ) أَيْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ الشَّافِعِيُّ) فَقَالَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ رَأَى عَلَى قَبْرِهِ فُرْجَةً فَأَمَرَ بِهَا فَسُدَّتْ وَقَالَ إنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَأَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَمِلَ شَيْئًا أَحَبَّ اللَّهُ مِنْهُ أَنْ يُتْقِنَهُ» مُغْنِي (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) أَقَرَّهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالْأَسْنَى عِبَارَتُهُمْ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابُهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ تَمْيِيزًا يُعْرَفُ بِهِ الْقَبْرُ ع ش (قَوْلُهُ كَالزَّوْجَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِنَحْوِ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ وَالْمَمَالِيكِ إلَخْ) أَيْ وَالْمَحَارِمِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُرَتَّبُونَ إلَخْ) أَيْ يُقَدَّمُ نَدْبًا الْأَبُ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا دُفِنُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يُسَنُّ السَّفَرُ لِزِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ أَوْ صَالِحٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ كَالْجُوَيْنِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مَوْضِعَ النَّدْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سَفَرٌ لِزِيَارَةٍ فَقَطْ بَلْ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ لِذَلِكَ وَاسْتَثْنَى قَبْرَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ أَيْ فَيُكْرَهُ اهـ وَقَالَ ع ش وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْأَقَارِبِ خُصُوصًا الْأَبَوَيْنِ وَلَوْ كَانُوا بِبَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ اهـ.
(قَوْله الَّتِي لِلْمُسْلِمِينَ) لَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الزَّائِرَ يَزُورُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَفْعَلُ مَا يَلِيقُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ حَيًّا وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِلْقِيَامِ مُطْلَقًا أَوْ لِلْأَكَابِرِ بِالْقِيَامِ فِي زِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سم (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَرُبَّمَا حَمَلَتْهُمْ) أَيْ الزِّيَارَةُ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ لِقَوَاعِد الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» إلَخْ) وَلَا تَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي ضَمِيرِ الرِّجَالِ عَلَى الْمُخْتَارِ «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا بِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» مُغْنِي (قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لَهُ زِيَارَتُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَاحِبٍ فَيُسَنُّ لَهُ زِيَارَتُهُ فِي الْمَوْتِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيُسَنُّ لَهُ زِيَارَتُهُ إذَا قُصِدَ بِهَا تَذَكُّرُ الْمَوْتِ أَوْ التَّرَحُّمِ عَلَيْهِ أَوْ نَحْوِ
ذَلِكَ
(قَوْلُهُ أَوْ يَحْرُمُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَا يُسَنُّ السَّفَرُ لِقَصْدِ زِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِ نَبِيٍّ أَوْ عَالِمٍ أَوْ صَالِحٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ كَالْجُوَيْنِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ اهـ وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الزَّائِرَ يَزُورُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَفْعَلُ مَا يَلِيقُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ حَيًّا وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِلْقِيَامِ مُطْلَقًا أَوْ لِلْأَكَابِرِ بِالْقِيَامِ فِي زِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي تَقْسِيمِ الزِّيَارَةِ وَأَمَّا لِأَدَاءِ حَقِّ نَحْوِ صَدِيقٍ وَوَالِدٍ لِخَبَرِ أَبِي نُعَيْمٍ «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدِيهِ أَوْ أَحَدِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ
كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ عَلَى الْقَبْرِ وَالدُّعَاءُ لَهُ فَالْبِدْعَةُ إنَّمَا هِيَ فِي تِلْكَ الِاجْتِمَاعَاتِ الْحَادِثَةِ دُونَ نَفْسِ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ تِلْكَ الِاجْتِمَاعَاتِ مَا هُوَ مِنْ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيُسَنُّ الْوُضُوءُ لَهَا أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَلَا تُسَنُّ زِيَارَتُهَا بَلْ قِيلَ تَحْرُمُ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِي غَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي اتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ (وَتُكْرَهُ) لِلْخَنَاثَى وَ (لِلنِّسَاءِ) مُطْلَقًا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِنَّ بِالْبُكَاءِ نَعَمْ تُسَنُّ لَهُنَّ زِيَارَتُهُ صلى الله عليه وسلم
ذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَإِنَّمَا تُسَنُّ الزِّيَارَةُ لِلِاعْتِبَارِ وَالتَّرَحُّمِ وَالدُّعَاءِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ إنَّ نَدْبَ الزِّيَارَةِ مُقَيَّدٌ بِقَصْدِ الِاعْتِبَارِ أَوْ التَّرَحُّمِ وَالِاسْتِغْفَارِ أَوْ التِّلَاوَةِ وَالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا أَيْ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لَا يَعْرِفُهُ لَكِنَّهَا فِيمَنْ يَعْرِفُهُ آكَدُ فَلَا تُسَنُّ زِيَارَةُ الْكَافِرِ بَلْ تُبَاحُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَإِذَا كَانَتْ لِلِاعْتِبَارِ فَلَا فَرْقَ ثُمَّ قَالَ فِي تَقْسِيمِ الزِّيَارَةِ أَنَّهَا إمَّا لِمُجَرَّدِ تَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْآخِرَةِ فَتَكْفِي رُؤْيَةُ الْقُبُورِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِهَا وَإِمَّا لِنَحْوِ الدُّعَاءِ فَتُسَنُّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَإِمَّا لِلتَّبَرُّكِ فَتُسَنُّ لِأَهْلِ الْخَيْرِ لِأَنَّ لَهُمْ فِي بَرَازِخِهِمْ تَصَرُّفَاتٍ وَبَرَكَاتٍ لَا يُحْصَى عَدَدُهَا وَإِمَّا لِأَدَاءِ حَقِّ صَدِيقٍ وَوَالِدٍ لِخَبَرِ أَبِي نُعَيْمٍ «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدِيهِ أَوْ أَحَدِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانَ كَحَجَّةٍ» وَلَفْظُ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «غُفِرَ لَهُ وَكُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ» وَإِمَّا رَحْمَةً لَهُ وَتَأْنِيسًا لِمَا رُوِيَ «آنَسُ مَا يَكُونُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ إذَا رَأَى مَنْ كَانَ يُحِبُّهُ فِي الدُّنْيَا» وَصَحَّ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عليه السلام» وَتَتَأَكَّدُ الزِّيَارَةُ لِمَنْ مَاتَ قَرِيبُهُ فِي غَيْبَتِهِ اهـ اخْتِصَارًا (قَوْلُهُ كَمَا نَصَّ إلَخْ) أَيْ وَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَ (قَوْلُهُ قِرَاءَةُ إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلٍ يُسَنُّ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ الْوُضُوءُ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ بَلْ قِيلَ تَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَمَّا زِيَارَةُ قُبُورِ الْكُفَّارِ فَمُبَاحَةٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي تَحْرِيمِهَا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ عِبَارَةُ الْمَنَاوِيِّ أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَلَا يُنْدَبُ زِيَارَتُهَا وَتَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الزِّيَارَةُ بِقَصْدِ الِاعْتِبَارِ وَتَذَكُّرِ الْمَوْتِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ مُطْلَقًا وَيَسْتَوِي فِيهَا جَمِيعُ الْقُبُورِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ لَكِنْ لَا يُشْرَعُ فِيهَا قَصْدُ قَبْرٍ بِعَيْنِهِ
(فَرْعٌ) اعْتَادَ النَّاسُ زِيَارَةَ الْقُبُورِ صَبِيحَةَ الْجُمُعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْأَرْوَاحَ تَحْضُرُ الْقُبُورَ مِنْ عَصْرِ الْخَمِيسِ إلَى شَمْسِ السَّبْتِ فَخَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ تَحْضُرُ الْأَرْوَاحُ فِيهِ اهـ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ حُضُورٌ خَاصٌّ وَإِلَّا فَلِلْأَرْوَاحِ ارْتِبَاطٌ بِالْقُبُورِ مُطْلَقًا «وَزِيَارَتُهُ صلى الله عليه وسلم لِشُهَدَاء أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ» لَعَلَّهُ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْمَدِينَةِ وَضِيقِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَنْ الْأَعْمَالِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ مِنْ التَّبْكِيرِ وَغَيْرِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِي غَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ إلَخْ) كَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مِمَّا نَصُّهُ وَيَجُوزُ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ أَيْضًا وَكَالْقَرِيبِ زَوْجٌ وَمَالِكٌ قَالَ شَارِحٌ وَجَارٌ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ تَقْيِيدُهُ بِرَجَاءِ إسْلَامٍ أَوْ خَشْيَةَ فِتْنَةٍ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ حُرْمَةَ اتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ كَافِرٍ غَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاشِيُّ انْتَهَى قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلِلْمُسْلِمِ زِيَارَةُ قَبْرِ كَافِرٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ قَطْعِ الْأَكْثَرِينَ هَذَا الَّذِي صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ أَيْضًا فِي اتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ لِقَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّاشِيِّ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَا إكْرَامَ وَلَا تَعْظِيمَ فِي الزِّيَارَةِ وَالِاتِّبَاعِ وَإِلَّا حَرُمَا وَقَضِيَّةُ الْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر كَرَاهَةُ زِيَارَةِ قَبْرِ الْقَرِيبِ سم وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَرَّ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ الْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إلَخْ قَالَ ع ش إلَّا أَنْ يُحْمَلَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَيْ بِالْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مُقَابَلَتُهُ أَيْ فِي النِّهَايَةِ بِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَيْ الْقَائِلِ بِالتَّحْرِيمِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِلْخَنَاثَى) إلَى قَوْلِهِ وَالْحَقُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْعُلَمَاءُ (قَوْلُهُ لِلنِّسَاءِ) مِنْ الْمَتْنِ لَكِنَّهُ كَذَلِكَ فِي أَصْلِ الشَّارِحِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُمَيِّزَ بِمَا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَتْنِ اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ عَجُوزًا تَذْهَبُ فِي نَحْوِ الْهَوْدَجِ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُنَّ
كَحَجَّةٍ» وَلَفْظُ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ «غُفِرَ لَهُ وَكُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ» (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِي غَيْرِ نَحْوِ إلَخْ) كَأَنْ الشَّارِحَ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ مِنْ قَوْلِهِ مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِهِ أَيْضًا وَكَالْقَرِيبِ زَوْجٌ وَمَالِكٌ قَالَ شَارِحٌ وَجَارٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ تَقْيِيدُهُ بِرَجَاءِ إسْلَامٍ أَوْ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ حُرْمَةَ اتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ جِنَازَةَ كَافِرٍ غَيْرِ نَحْوِ قَرِيبٍ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاشِيُّ اهـ.
قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلِلْمُسْلِمِ زِيَارَةُ قَبْرِ كَافِرٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَظَاهِرُ قَطْعِ الْأَكْثَرِينَ هَذَا الَّذِي صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ أَيْضًا فِي اتِّبَاعِ جِنَازَةٍ لِقَرِيبٍ وَأَجْنَبِيٍّ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّاشِيِّ وَظَاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَا إكْرَامَ وَلَا تَعْظِيمَ فِي الزِّيَارَةِ وَالِاتِّبَاعِ وَإِلَّا حَرُمَا وَقَضِيَّةُ الْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر كَرَاهَةُ زِيَارَةِ قَبْرِ
قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ صَحَّ فَأَقَارِبُهَا أَوْلَى بِالصِّلَةِ مِنْ الصَّالِحِينَ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْتَضِيهِ لَكِنْ ارْتَضَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بَلْ جَزَمُوا بِهِ وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ تَذْهَبَ لِمَشْهَدٍ كَذَهَابِهَا لِلْمَسْجِدِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا مَا مَرَّ ثُمَّ مِنْ كَوْنِهَا عَجُوزًا لَيْسَتْ مُتَزَيِّنَةً بِطِيبٍ وَلَا حُلِيٍّ وَلَا ثَوْبِ زِينَةٍ كَمَا فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ أَوْلَى وَأَنْ تَذْهَبَ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ مِمَّا يَسْتُرُ شَخْصَهَا عَنْ الْأَجَانِبِ فَيُسَنُّ لَهَا وَلَوْ شَابَّةً إذْ لَا خَشْيَةَ فِتْنَةٍ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَقَارِبِ بِأَنَّ الْقَصْدَ إظْهَارُ تَعْظِيمِ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ بِإِحْيَاءِ مَشَاهِدِهِمْ وَأَيْضًا فَزُوَّارُهُمْ يَعُودُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ مَدَدٌ أُخْرَوِيٌّ لَا يُنْكِرُهُ إلَّا الْمَحْرُومُونَ بِخِلَافِ الْأَقَارِبِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إنْ صَحَّ إلَى آخِرِهِ (وَقِيلَ تَحْرُمُ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» وَمَحَلُّ ضَعْفِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى خُرُوجِهِنَّ فِتْنَةٌ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ (وَقِيلَ تُبَاحُ) إذَا لَمْ تَخْشَ مَحْذُورًا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَأَى امْرَأَةً بِمَقْبَرَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا» (وَيُسَلِّمُ الزَّائِرُ)
إلَخْ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَلْ هِيَ أَعْظَمُ الْقُرُبَاتِ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ اهـ وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَقَطْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَلْحَقَ الدَّمَنْهُورِيُّ قُبُورُ بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُ لِلْمُتَقَدِّمَيْنِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ زِيَارَةَ قَبْرِ أَبَوَيْهَا وَإِخْوَتِهَا وَسَائِرِ أَقَارِبِهَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَوْلَى بِالصِّلَةِ مِنْ الصَّالِحِينَ انْتَهَى وَالْأَوْلَى عَدَمُ إلْحَاقِهِمْ بِهِمْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ الْكَرَاهَةِ اهـ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَهُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إلْحَاقِ أَبَوَيْهَا وَإِخْوَتِهَا وَبَقِيَّةِ أَقَارِبِهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَإِنْ بَحَثَ ابْنُ قَاضِي شُبْهَةَ الْإِلْحَاقَ اهـ وَمَا فِيهِمَا مِنْ نَقْلِ بَحْثِ إلْحَاقِ الْأَقَارِبِ عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ صَحَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَالْعُلَمَاءِ) أَيْ الْعَامِلِينَ (وَالْأَوْلِيَاءِ) أَيْ مَنْ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ ع ش (قَوْلُهُ فَأَقَارِبُهَا أَوْلَى إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ سم أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْتَضِيهِ) أَيْ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ وَكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي سِنِّ زِيَارَتِهَا لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ كَذَهَابِهَا لِلْمَسْجِدِ) أَيْ فِي دَاخِلِ الْمِلَايَةِ بِدُونِ مَا يَسْتُرُ شَخْصَهَا مِنْ نَحْوِ هَوْدَجٍ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ هُنَا) أَيْ فِي سَنِّ زِيَارَتِهِنَّ لِقُبُورِ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ وَأَنْ تَذْهَبَ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَجَانِبِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِهِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ إلَخْ أَيْ عِنْدَ الْمَشْهَدِ وَطَرِيقُهُ كَمَا يَأْتِي عَنْ سم آنِفًا (قَوْلُهُ فَتُسَنُّ لَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا أَجَانِبَ عِنْدَ الْقُبُورِ فِيمَا يَنْبَغِي إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ وُجُودِهِمْ عِنْدَهَا وَفِي طَرِيقِهَا سم (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ بَيْنَ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَقَارِبِ) أَيْ حَيْثُ يُسَنُّ زِيَارَتُهُنَّ لِقُبُورِ نَحْوِ الْعُلَمَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ دُونَ قُبُورِ أَقَارِبِهِنَّ فَلَا تُسَنُّ لَهُنَّ زِيَارَتُهَا مُطْلَقًا بَلْ تُكْرَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِهِمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَقَارِبِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ أَوْ أَوْلِيَاءَ ع ش أَيْ أَوْ صُلَحَاءَ أَوْ شُهَدَاءَ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ) أَيْ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خُرُوجِهِنَّ فِتْنَةٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَحُمِلَ أَيْ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ خُرُوجًا مُحَرَّمًا اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ تُخْشَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقِيلَ تُبَاحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْإِحْيَاءِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ إذَا أَمِنَ الِافْتِتَانَ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَالْخَبَرُ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا بُكَاءٌ وَنَوْحٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ مُحْتَمَلَةٍ لِوُجُوهٍ كَكَوْنِهَا خَرَجَتْ لِضَرُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَقْبَرَةِ لَا لِمُجَرَّدِ الزِّيَارَةِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَلِّمُ الزَّائِرُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ مُقَابِلٌ وَجْهَ الْمَيِّتِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَخْ وَفِي شَرْحِهِ عَقِبَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ كَمَا أَنَّ الزَّائِرَ فِي الْحَيَاةِ رُبَّمَا زَارَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مَارًّا وَرُوِيَ الْقِيَامُ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ جَالِسًا أَفْضَلُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي التِّبْيَانِ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ سُنَّ لَهُ الْجُلُوسُ
الْقَرِيبِ اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ) جَرَى عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ فَأَقَارِبُهَا أَوْلَى بِالصِّلَةِ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ م ر.
(قَوْلُهُ وَأَنْ تَذْهَبَ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا أَجَانِبَ عِنْدَ الْقُبُورِ فِيمَا يَنْبَغِي إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ وُجُودِهِمْ عِنْدَهَا وَفِي طَرِيقِهَا لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ وُجُودَهُمْ عِنْدَهَا لَا يَزِيدُ عَلَى وُجُودِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي حُضُورِهَا الْمَسْجِدَ مَعَ وُجُودِهِمْ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ وُجُودِهِمْ عِنْدَهَا وَوُجُودِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَتَّضِحُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَأَى امْرَأَةً بِمَقْبَرَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا» ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِوُجُوهٍ كَكَوْنِهَا خَرَجَتْ لِضَرُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَقْبَرَةِ لَا لِمُجَرَّدِ الزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُسَلِّمُ الزَّائِرُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ مُقَابِلٌ وَجْهَ الْمَيِّتِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَخْ وَفِي شَرْحِهِ عَقِبَ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ كَمَا أَنَّ الزَّائِرَ فِي الْحَيَاةِ رُبَّمَا زَارَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مَارًّا وَرُوِيَ الْقِيَامُ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي بَابِ الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ جَالِسًا أَفْضَلُ وَصَرَّحَ بِهِ
نَدْبًا عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ عُمُومًا ثُمَّ خُصُوصًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» وَفِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» وَالِاسْتِثْنَاءُ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ لِلدَّفْنِ بِتِلْكَ الْبُقْعَةِ أَوْ لِلْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيلَ يَقُولُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ لِخَبَرِ أَنَّهُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى قَالَهُ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِهِ وَيَرُدُّهُ هَذَا الْخَبَرُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَحِيَّةُ مَوْتَى الْقُلُوبِ لِكَرَاهَتِهِ أَوْ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَعْتَادُونَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمَوْتَى (وَيَقْرَأُ) مَا تَيَسَّرَ (وَيَدْعُو) لَهُ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ لِلْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ عَقِبَهَا أَرْجَى لِلْإِجَابَةِ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَحَاضِرٍ تُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ بَلْ تَصِلُ لَهُ الْقِرَاءَةُ هُنَا وَفِيمَا إذَا دَعَا لَهُ عَقِبَهَا وَلَوْ بَعِيدًا كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ
(وَيَحْرُمُ نَقْلُ الْمَيِّتِ) قَبْلَ الدَّفْنِ وَيَأْتِي حُكْمُ مَا بَعْدَهُ (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) وَإِنْ أَوْصَى بِهِ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَصَحَّ «أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ بِدَفْنِ قَتْلَى أُحُدٍ فِي مَضَاجِعِهِمْ» لَمَّا أَرَادُوا نَقْلَهُمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ نَقَلُوهُمْ بَعْدُ فَأَمَرَهُمْ بِرَدِّهِمْ إلَيْهَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ بَلَدٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ لِتُرْبَةٍ وَنَحْوِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ كُلَّ مَا لَا يُنْسَبُ لِبَلَدِ الْمَوْتِ يَحْرُمُ النَّقْلُ إلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ جَزَمُوا بِحُرْمَةِ نَقْلِهِ إلَى مَحَلٍّ أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ (وَقِيلَ يُكْرَهُ) إذْ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ لِتَحْرِيمِهِ
سم أَيْ مُسْتَقْبِلًا لِوَجْهِ الْمَيِّتِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عُمُومًا إلَى لِخَبَرِ إلَخْ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ إنَّهُ تَحِيَّةُ مَوْتَى الْقُلُوبِ لِكَرَاهَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَقْبِلًا وَجْهُهُ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ أَمَّا قُبُورُ الْكُفَّارِ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى اهـ قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرُبَ مِنْهُ عُرْفًا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ حَيًّا لِسَمْعِهِ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ أُمُورَ الْآخِرَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ إطْلَاقُهُمْ سَنُّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْمَقْبَرَةِ مَعَ أَنَّ صَوْتَ الْمُسْلِمِ لَا يَصِلُ إلَى جُمْلَتِهِمْ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً اهـ.
(قَوْلُهُ دَارَ إلَخْ) أَيْ أَهْلَ دَارِ وَنَصْبُهُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَلَى الْبَدَلِ مُغْنِي أَيْ مِنْ الضَّمِيرِ.
(قَوْلُهُ لَاحِقُونَ) زَادَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَسْأَل اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ اهـ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلتَّبَرُّكِ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَنْ بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] مُغَنِّي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ) وَوَاضِحٌ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ خَاصٌّ بِنَا وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ صلى الله عليه وسلم فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي لَا يَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ بَلْ يَقُلْ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ شَخْصًا قَالَ عَلَيْك السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا تَقُلْ عَلَيْك السَّلَامُ فَإِنَّ عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا إخْبَارٌ عَنْ عَادَةِ الْعَرَبِ لَا تَعْلِيمٌ لَهُمْ اهـ.
وَفِي الْإِيعَابِ بَعْدَ نَحْوِهَا وَدَعْوَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ مَمْنُوعَةٌ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ إلَخْ عَلَى أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الصِّيغَتَيْنِ خِطَابًا فَجَعَلَ كَوْنَهُمْ أَهْلًا لِلْخِطَابِ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى تَحَكُّمٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ) كَلَامُ - الْقِيلِ (قَوْلُهُ هَذَا الْخَبَرُ) أَيْ خَبَرُ مُسْلِمٍ الْمَارُّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَمَعْنَى ذَاكَ) أَيْ خَبَرٌ أَنَّهُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى (قَوْلُهُ مَا تَيَسَّرَ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ وَأَوْلَاهُ أَوَّلُ الْبَقَرَةِ وَآخِرُهَا وَيس إيعَابٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَدْعُو لَهُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الزِّيَارَةِ وَأَنْ يُكْثِرَ الْوُقُوفَ عِنْدَ قُبُورِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ لِلْقِبْلَةِ) عِبَارَةُ الْمُغَنِّي وَعِنْدَ الدُّعَاءِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَإِنْ قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ بِاسْتِحْبَابِ اسْتِقْبَالِ وَجْهِ الْمَيِّتِ اهـ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَيَسَّرَ وَهُوَ سُنَّةٌ فِي الْمَقَابِرِ فَإِنَّ الثَّوَابَ لِلْحَاضِرِينَ وَالْمَيِّتِ كَحَاضِرٍ يُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ وَفِي ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ كَلَامٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَصَايَا اهـ.
(قَوْلُهُ بَلْ تَصِلُ لَهُ الْقِرَاءَةُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُهْدِ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَيْهِ إيعَابٌ (قَوْلُهُ كَحَاضِرٍ) أَيْ كَحَيٍّ حَاضِرٍ فِي مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا قَرَأَ بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعِيدًا) غَايَةٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ بَعِيدًا عَنْ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَحْرُمُ نَقْلُ الْمَيِّتِ) أَيْ مِنْ بَلَدِ مَوْتِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ دَفْنَ أَهْلِ أَنْبَابَةَ مَوْتَاهُمْ فِي الْقَرَافَةِ لَيْسَ مِنْ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ صَارَتْ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ أَنْبَابَةَ فَالنَّقْلُ إلَيْهَا لَيْسَ نَقْلًا عَنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ وَهُوَ أَنْبَابَةُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الدَّفْنَ فِيهَا أَوْ فِي أَنْبَابَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ مَقَابِرُ مُتَعَدِّدَةٌ كَبَابِ النَّصْرِ وَالْقَرَافَةِ وَالْأَزْبَكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ فَلَهُ الدَّفْنُ فِي أَيُّهَا شَاءَ لِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ بَلَدِهِ بَلْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا بِقُرْبِ أَحَدِهَا جِدًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ الدَّفْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُنْقَلُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَصَحَّ أَمْرُهُ إلَى وَقَضِيَّةُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَنَبْشُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ وَفِيهِمَا نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ نَبْشِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ أَمْرُهُ إلَخْ) قَدْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى نَدْبِ دَفْنِ الشَّهِيدِ بِمَحَلِّهِ سم (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ نَقَلُوهُمْ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ وَلَعَلَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِبَاحَةِ وَإِلَّا فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ مُخَالَفَتُهُ أَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْأَمْرُ نَقْلُ بَعْضِ الْقَتْلَى فَأَمَرَهُمْ بِرَدِّهِمْ سم أَيْ أَوْ أَنَّ الْأَمْرَ إنَّمَا وَرَدَ بَعْدَ نَقْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضَ الْقَتْلَى (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَتَعْبِيرُهُ
الْمُصَنِّفُ فِي التِّبْيَانِ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ سُنَّ لَهُ الْجُلُوسُ
(قَوْلُهُ وَصَحَّ أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهِ الِاسْتِدْلَال بِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِرَدِّهِمْ إلَى مَضَاجِعِهِمْ بَعْدَ نَقْلِهِمْ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى نَدْبِ دَفْنِ الشَّهِيدِ بِمَحَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ نَقَلُوهُمْ بَعْدَ) أَيْ وَلَعَلَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِبَاحَةِ وَإِلَّا فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ مُخَالَفَتُهُ أَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ الْأَمْرُ نَقَلَ
(إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ) أَيْ حَرَمِهَا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ (أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصَّ عَلَيْهِ) الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَإِنْ نُوزِعَ فِي ثُبُوتِهِ عَنْهُ أَوْ قَرْيَةٍ بِهَا صُلَحَاءُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ جَمْعٌ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ دَفْنِهِ مَعَ أَقَارِبِهِ فِي بَلَدِهِ أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاعَهُ بِالصَّالِحِينَ أَقْوَى مِنْهُ بِأَقَارِبِهِ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُنْدَبُ لِفَضْلِهَا وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ وَبَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّ الْفَرْضَ تَعَلَّقَ بِأَهْلِ مَحَلِّ مَوْتِهِ فَلَا يُسْقِطُهُ حِلُّ النَّقْلِ وَيُنْقَلُ أَيْضًا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ تَعَذَّرَ إخْفَاءُ قَبْرِهِ بِبِلَادِ كُفْرٍ أَوْ بِدْعَةٍ وَخُشِيَ مِنْهُمْ نَبْشُهُ وَإِيذَاؤُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَحْوُ السَّيْلِ يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ جَوَازَهُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ بَلْ هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ وَفِيهِمَا نَظَرٌ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا حُجَّةَ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّ يُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُقِلَ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ مِنْ مِصْرَ إلَى جِوَارِ جَدِّهِ الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ -» وَإِنْ صَحَّ مَا جَاءَ أَنَّ النَّاقِلَ لَهُ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْعِنَا وَمُجَرَّدُ حِكَايَتِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ لَا تَجْعَلُهُ مِنْ شَرْعِهِ
(وَنَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ) وَقَبْلَ بِلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ الظَّاهِرَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ (لِلنَّقْلِ) وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ (وَغَيْرِهِ) كَتَكْفِينٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ (حَرَامٌ) لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَجِبُ (بِأَنْ) أَيْ كَانَ (دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ) أَوْ تَيَمُّمٍ بِشَرْطِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَتْنٍ أَوْ تَقَطُّعٍ
بِالْبَلَدِ مِثَالٌ فَالصَّحْرَاءُ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَظِمُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْهَا مَعَ الْبَلَدِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِي الْبَلْدَتَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ أَوْ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ لَا سِيَّمَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِالدَّفْنِ خَارِجَ الْبَلَدِ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَرْبَعُ مَسَائِلَ هِيَ نَقْلُهُ مِنْ بَلَدٍ لِبَلَدٍ أَوْ لِصَحْرَاءَ أَوْ مِنْ صَحْرَاءَ لِصَحْرَاءَ أَوْ بَلَدٍ وَقَوْلُهُ م ر بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا يَعْنِي فَلَوْ أَرَادَ النَّقْلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ اُعْتُبِرَ فِي التَّحْرِيمِ الزِّيَادَةُ عَلَى تِلْكَ الْمَسَافَةِ اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَيِّتُ قَبْلَ وُصُولِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ وَقَدْ مَرَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ قَرُبَ وَأَمِنَ التَّغَيُّرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا إلَخْ أَيْ غَالِبًا وَلَوْ زَادَتْ عَلَى يَوْمٍ وَمِنْ التَّغَيُّرِ انْتِفَاخُهُ أَوْ نَحْوُهُ وَقَوْلُهُ م ر وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ إلَخْ أَيْ مِنْ النَّقْلِ فَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ م ر مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ أَيْ أَمَّا غَيْرُهَا فَيَحْرُمُ تَنْفِيذُهَا وَقَوْلُهُ م ر نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ إلَخْ أَيْ وَلَوْ دُفِنَ بِغَيْرِهَا نُقِلَ وُجُوبًا عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عَدَمُ النَّقْلِ مُطْلَقًا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ أَيْ حَرَمِهَا إلَخْ) وَيَظْهَرُ أَنَّ النَّقْلَ مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ إلَيْهَا مَنْدُوبٌ لِتَمَيُّزِهَا عَلَى بَقِيَّتِهِ وَأَنَّ النَّقْلَ مِنْ مَحَلٍّ مِنْهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَنْقُولِ إلَيْهِ مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْمَنْقُولِ مِنْهُ كَمُجَاوِرَةِ أَهْلِ صَلَاحٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ حِينَئِذٍ وَعَلَيْهِ إنْ تَمَّ يَحْرُمُ النَّقْلُ مِنْ مَكَّةَ إلَى خَارِجِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ بِالْأَوْلَى ثُمَّ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ يَتَأَتَّى فِي الْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالتَّفْصِيلُ يُعْلِمُ بِالْمُقَايَسَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ نَقْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ إلَخْ وَقَوْلُهُ يَحْرُمُ النَّقْلُ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ تَقَدَّمَ عَنْ ع ش مَا يُفِيدُ تَقْيِيدُهُ لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ مَكَّةَ أَوْ حَرَمِهَا أَوْ مِثْلَهَا مَسَافَةً وَإِلَّا فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ بِحُرْمَةِ نَقْلِهِ إلَى مَحَلٍّ أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إلَّا إذَا كَانَ أَبْعَدَ مَسَافَةً مِنْ مَقْبَرَةِ بَلَدِهِ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لِبَقِيَّةٍ) أَيْ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَهُوَ الْمَدِينَةُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَفِي الشَّارِحِ وَهُوَ قَرْيَةٌ بِهَا صُلَحَاءُ يَعْنِي الْمُرَادُ بِهَا جَمِيعُ حَرِيمِهَا كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ نَصَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ لَفْظُهَا وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ إلَى الْكَرَاهَةِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ أَوْ إلَيْهَا مَعًا وَهُوَ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عَقِبَ الْجُمَلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ نُوزِعَ فِي ثُبُوتِهِ إلَخْ) أَيْ إذْ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَرْيَةٍ بِهَا إلَخْ) أَيْ أَوْ بِقُرْبِ قَبْرِ صَالِحٍ كَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْمُحِبُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ جَوَازِ النَّقْلِ إلَى الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا (قَوْلُهُ فَيَكُونُ أَوْلَى إلَخْ) وَهُوَ الظَّاهِرُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ غُسْلِهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُنْقَلُ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازُ النَّقْلِ لِلضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ كَأَنْ كَانَ الْمَاءُ يُفْسِدُهَا زَمَنَ النِّيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ نَقْلُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ النَّقْلِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا دُفِنَ بِمَكَانِهِ وَيُحْتَاطُ فِي إحْكَامِ قَبْرِهِ بِالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ كَجَعْلِهِ فِي صُنْدُوقٍ ع ش (قَوْلُهُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ يَسْلَمُ مِنْهُ الْمَيِّتُ مِنْ الْفَسَادِ ع ش (قَوْلُهُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) ضَعِيفٌ ع ش
(قَوْلُهُ وَقَبْلَ بَلَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَدَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ غَرِمَ إلَى نَعَمْ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ دُفِنَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ غَرِمَ إلَى بِأَنَّ الْهَتْكَ وَقَوْلُهُ أَيْ إلَّا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ بَلَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ بَلِيَ الثَّوْبُ بِالْكَسْرِ بِلًى بِالْقَصْرِ فَإِنْ فُتِحَتْ بَاءَ الْمَصْدَرِ مُدَّتْ انْتَهَتْ وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّ مَا هُنَا يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ مَعَ الْقَصْرِ وَالْفَتْحُ مَعَ الْمَدِّ ع ش (قَوْلُهُ الظَّاهِرَةِ) احْتِرَازًا عَنْ عَجْبِ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ عَظْمٌ صَغِيرٌ جِدًّا لَا يُحَسُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ) أَيْ مَا لَمْ يُوصِ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا سم أَيْ مِنْ الْبَحْثِ الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ كَأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يَجِبُ غُسْلُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ تَيَمُّمٍ) الْأَوْلَى الْوَاوُ
بَعْضَ الْقَتْلَى فَأَمَرَهُمْ بِرَدِّهِمْ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ) مَا ضَابِطُ الْقُرْبِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ) أَيْ مَا لَمْ يُوصِ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ
عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لَمْ يَخْلُفْهُ شَيْءٌ فَاسْتَدْرَكَ (أَوْ فِي أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ) وَإِنْ تَغَيَّرَ وَإِنْ غَرِمَ الْوَرَثَةُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ الْمَالِكُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُ ذَلِكَ الثَّوْبِ أَوْ الْأَرْضِ فَلَا لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا وَلَيْسَ الْحَرِيرُ كَالْمَغْصُوبِ لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَدَفْنُهُ فِي مَسْجِدٍ كَهُوَ فِي الْمَغْصُوبِ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ مُطْلَقًا عَلَى الْأَوْجَهِ.
(أَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ الْقَبْرِ (مَالٌ) وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ قَلَّ وَتَغَيَّرَ الْمَيِّتُ مَا لَمْ يُسَامِحْ مَالِكُهُ أَيْضًا وَتَقْيِيدُ الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِهِ رَدُّهُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ وَفَارَقَ تَقْيِيدُهُمْ نَبْشَهُ وَشَقَّ جَوْفِهِ لِإِخْرَاجِ مَا ابْتَلَعَهُ لِغَيْرِهِ بِالطَّلَبِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ وَإِنْ غَرِمَ الْوَرَثَةُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْ مَالِهِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّ الْهَتْكَ وَالْإِيذَاءَ وَالْعَارَ فِي هَذَا أَشَدُّ وَأَفْحَشُ وَأَيْضًا فَكَثِيرٌ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ يَسْتَبْشِعُهُ فَيُسَامَحُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا إذَا ابْتَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يُنْبَشُ قَبْرُهُ لِإِخْرَاجِهِ أَيْ إلَّا بَعْدَ بَلَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي كَمَا مَرَّ فَيَجِبُ لِيُوَجَّهَ إلَيْهَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ اسْتِدْرَاكًا لِلْوَاجِبِ
كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ) وَفُهِمَ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ قَبْلَ الدَّفْنِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ وَإِنْ كَانَ تَيَمُّمُهُ فِي الْأَصْلِ لِفَقْدِ الْغَاسِلِ أَوْ لِفَقْدِ الْمَاءِ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ غَرِمَ إلَخْ) فِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ الْمَالِكُ) هَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْ الطَّالِبِ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ وَعَنْ الْمُسَامَحَةِ وَكَذَا الْأَمْرُ فِيمَا يَأْتِي بَصْرِيٌّ.
وَقَيَّدَ النِّهَايَةُ وَالْإِيعَابُ وَالْمُغْنِي وُجُوبَ النَّبْشِ هُنَا بِطَلَبِ مَالِكِهِمَا ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلَانِ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبُ الْمَالِكُ ذَلِكَ حَرُمَ النَّبْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأُسْتَاذُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُكْرَهُ لَهُ طَلَبُ النَّبْشِ وَيُسَنُّ فِي حَقِّهِ التَّرْكُ اهـ وَأَقَرَّهُ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ إلَخْ شَمَلَ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُسَامَحَةِ فَيَحْرُمُ إخْرَاجُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ حَجّ وُجُوبُ نَبْشِهِ عِنْدَ سُكُوتِ الْمَالِكِ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ فِي إخْرَاجِ الْمَيِّتِ إزْرَاءً وَالْمُسَامَحَةُ جَارِيَةٌ بِمِثْلِهِ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ جَوَازِ نَبْشِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْمَالُ بِالطَّلَبِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ النَّبْشُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهِ إلَخْ) أَيْ وَيُعْطِي قِيمَتَهُ أَيْ الثَّوْبِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَمِنْ مُنْفِقِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَمَيَاسِيرُ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مِنْهُمْ ع ش وَيَأْتِي مَا ذُكِرَ فِي أُجْرَةِ الْأَرْضِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ فِي مَسْجِدٍ) يَنْبَغِي وَنَحْوِهِ كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ مَا لَوْ بَنَى مَسْجِدًا وَعَيَّنَ جَانِبًا مِنْهُ لِدَفْنِ نَفْسِهِ فِيهِ مَثَلًا وَاسْتَثْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ جَعَلْته مَسْجِدًا مَثَلًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ مُطْلَقًا) أَيْ ضُيِّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ لَا سم وَقَالَ ع ش أَيْ تَغَيَّرَ أَمْ لَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إيعَابٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ) أَيْ كَخَاتَمٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ) أَيْ الْمَيِّتُ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ) أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَهُ مَالِكُهُ أَمْ لَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش الْمُتَبَادَرُ مِنْ عَدَمِ الطَّلَبِ السُّكُوتُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نَهَى عَنْهُ لَمْ يُنْبَشْ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِ مَالِكِهِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ اعْتِمَادُهُ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ فَقَدْ رُدَّ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَقَيَّدَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِ مَالِكِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوَافِقُوهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّبْشِ أَوْ جَوَازِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُطْلِقِينَ عَلَى الْجَوَازِ وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى اهـ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْإِيعَابِ عِبَارَتُهُمْ وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ بَلَعَ مَالُ غَيْرِهِ وَطَلَبَهُ مَالِكُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نُبِشَ وَشَقَّ جَوْفُهُ وَدُفِعَ لِمَالِكِهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَلَمْ يَضْمَنْ بَدَلُهُ إلَخْ أَيْ أَمَّا لَوْ ضَمِنَهُ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ أَوْ دُفِعَ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَدَلُهُ حَرُمَ نَبْشُهُ وَشَقُّ جَوْفِهِ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ وَصَوْنًا لِلْمَيِّتِ عَنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَمَّا إذَا ابْتَلَعَ) إلَى قَوْلِهِ وَأُخِذَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَّا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَى فَيَجِبُ وَقَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ شَلَلٍ إلَى أَوْ يَلْحَقُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ إلَى لِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْبَشُ إلَخْ) أَيْ لِاسْتِهْلَاكِهِ مَالَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
قَالَ ع ش يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِإِهْلَاكِهِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) إلَى وَأَخَذَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ إلَى لِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْقَبْرُ مَحْفُورًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ
آنِفًا (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ الْمَالِكُ) فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ ذَلِكَ حَرُمَ النَّبْشُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ مُطْلَقًا) أَيْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ وَقَعَ فِيهِ مَالٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ مَالِكُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ وَتَغَيَّرَ الْمَيِّتُ) كَذَا م ر (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسَامِحْ مَالِكُهُ أَيْضًا) قَدْ تَشْمَلُ عِبَارَتُهُ اعْتِبَارَ هَذَا الْقَيْدِ وَعَدَمَ اعْتِبَارِ الطَّلَبِ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وِفَاقًا لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ مِنْ الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ وَإِنْ ضَمِنَهُ الْوَرَثَةُ رَادًّا بِهِ عَلَى مَا فِي الْعِدَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا ضَمِنُوهُ لَمْ يَشُقَّ لَكِنْ جَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِمَا فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ وَلَمْ يَضْمَنْهُ أَيْ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ أَحَدٌ أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ كَمَا فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رِجْلَاهُ إلَيْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَمُقَدَّمَ بَدَنِهِ بِحَيْثُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ
(لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ غَرَضَهُ السِّتْرُ وَقَدْ حَصَلَ بِالتُّرَابِ أَوْ دُفِنَتْ وَبِبَطْنِهَا جَنِينٌ تُرْجَى حَيَاتُهُ وَيَجِبُ شَقُّ جَوْفِهَا لِإِخْرَاجِهِ قَبْلَ دَفْنِهَا وَبَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ أُخِّرَ دَفْنُهَا حَتَّى يَمُوتَ وَمَا قِيلَ أَنَّهُ يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهَا شَيْءٌ لِيَمُوتَ غَلَطٌ فَاحِشٌ فَلْيُحْذَرْ أَوْ عُلِّقَ الطَّلَاقُ أَوْ النَّذْرُ أَوْ الْعِتْقُ بِصِفَةٍ فِيهِ فَيُنْبَشُ لِلْعِلْمِ بِهَا أَوْ بِعَدَمِهِ أَوْ لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ إذَا عَظُمَتْ الْوَاقِعَةُ أَوْ لِيُلْحِقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِ مُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ أَوْ لِيَعْرِفَ ذُكُورَتَهُ أَوْ أُنُوثَتَهُ عِنْدَ تَنَازُعِ الْوَرَثَةِ فِيهِ أَوْ نَحْوِ شَلَلِ عُضْوٍ عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ مَعَ جَانٍ فِيهِ.
وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَابْنِ حَجّ التَّصْرِيحُ بِالْحُرْمَةِ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ أَيْ وَمُقَدَّمُ بَدَنِهِ حَيْثُ كَانَ الْقَبْرُ مُمْتَدًّا مِنْ قِبْلِيٍّ إلَى بِحَرِيٍّ ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَقَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ مَا يُوَافِقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَوْلُهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيَجِبُ لِيُوَجَّهَ إلَيْهَا اهـ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ مَا مَرَّ عَنْ ع ش ثَمَّ (قَوْلُهُ عَلَى مَا جَرَتْ إلَخْ) لَعَلَّ صَوَابَهُ عَلَى خِلَافِ مَا جَرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَدْ حَصَلَ إلَخْ) أَيْ مَعَ مَا فِي نَبْشِهِ مِنْ هَتْكِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ دُفِنَتْ إلَخْ) أَيْ أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ دَفْنِهِ أَنَّهُ أَمَرَ أَنَّهُ وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا وَطَلَبَ إرْثَهُ مِنْهَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُنْبَشُ فَإِنْ وُجِدَ خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْبِلَى أَوْ دُفِنَ كَافِرٌ فِي الْحَرَمِ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ أَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ غَرِمَ حِصَّتَهُ بَقِيَّة الْوَرَثَةِ فَلَوْ طَلَب إخْرَاجَ الْمَيِّتِ لِإِخْرَاجِ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُهُ لَوْ كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعُ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ شَرْحُ م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ خَالَفَهُ الْمُغْنِي فَقَالَ تَعَارُضُ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيُوقَفُ الْمِيرَاثُ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَيْ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ تَشْهَدُ عَلَى خُرُوجِ الْوَلَدِ مِنْ فَرْجِهَا وَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ تَشْهَدُ لِظَنِّهَا حُصُولُ الْوَلَدِ مِنْهُ مُسْتَنِدَةً لِمُجَرَّدِ الزَّوْجِيَّةِ وَقَوْلُهُ م ر لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ أَيْ وَتَجُوزُ فَيُنْبَشُ لِإِخْرَاجِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ تُرْجَى حَيَاتُهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أُخِّرَ دَفْنُهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ لِئَلَّا يُدْفَنَ الْحَمْلُ حَيًّا ع ش وَبَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ فِيهِ مُطْلَقًا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ حَيَاتِهِ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ النَّذْرَ أَوْ الْعِتْقِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ قَالَ إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ أَوْ قَالَ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا ذَكَرًا فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا أَوْ بُشِّرَ بِمَوْلُودٍ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلُودُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِصِفَةٍ فِيهِ) أَيْ كَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ سم (قَوْلُهُ فَيُنْبَشُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ أَوْ بِعَدَمِهِ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ الظَّاهِرُ أَوْ بِعَدَمِهَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِيَشْهَدَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لِلْعِلْمِ إلَخْ لِعَدَمِ تَفَرُّعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُغَايِرًا لَهَا بَلْ هُوَ مِنْ إفْرَادِهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْأَوَّلَ وَيَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ التَّفْرِيعِ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ إلَخْ) عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ شَرْحُ م ر اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا عَظُمَتْ الْوَاقِعَةُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِ الْوَرَثَةِ فِيهِ) أَيْ فِي أَنَّ الْمَدْفُونَ ذُكِرَ لِيَعْلَمَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَتَظْهَرَ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ نِهَايَةٌ
وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَوْلُهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَيَجُوزُ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) أَيْ أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ دَفْنِهِ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُهُ مِنْهَا وَطَلَبَ إرْثَهُ مِنْهَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهَا مِنْهُ وَطَلَبَتْ إرْثَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُنْبَشُ فَإِنْ وُجِدَ خُنْثَى قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرَّجُلِ أَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْبِلَى أَوْ دُفِنَ كَافِرٌ فِي الْحَرَمِ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ أَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ غَرِمَ حِصَّةَ نَقْصِهِ لِلْوَرَثَةِ فَلَوْ طَلَبَ إخْرَاجَ الْمَيِّتِ لِأَخْذِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُهُ لَوْ كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا لِلتَّكْفِينِ) أَيْ فَلَا يُنْبَشُ وَخَرَجَ بِالنَّبْشِ مَا لَوْ لَمْ يُوَارَ بِالتُّرَابِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ إخْرَاجِهِ لِلتَّكْفِينِ إذْ لَا انْتِهَاكَ وَقَدْ يُقَالُ نَفْسُ إخْرَاجِهِ انْتِهَاكٌ وَيُمْنَعُ بِأَنَّهُ لِهَذَا الْغَرَضِ لَيْسَ انْتِهَاكًا (قَوْلُهُ تُرْجَى حَيَاتُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِصِفَةٍ فِيهِ) أَيْ كَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ أَوْ لِيُشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ إلَخْ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إذَا عَظُمَتْ الْوَاقِعَةُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ (قَوْلُهُ أَوْ لِيُلْحِقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِ مُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ) قَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ
أَوْ يَلْحَقُهُ سَيْلٌ أَوْ نَدَاوَةٌ فَيُنْبَشُ جَوَازًا لِيُنْقَلَ وَيَظْهَرُ فِي الْكُلِّ التَّقْيِيدُ بِمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ الْغَرَضَ الْحَامِلَ عَلَى نَبْشِهِ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى فِي التَّغَيُّرِ بِالظَّنِّ نَظَرًا لِلْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ بِمَحَلِّهِ أَوْ لِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ نَحْوِ قُرُوحٍ تُسْرِعُ إلَى التَّغَيُّرِ وَلَوْ انْمَحَقَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ نَبْشُهُ وَلِدَفْنٍ فِيهِ بَلْ تَحْرُمُ عِمَارَتُهُ وَتَسْوِيَةُ تُرَابِهِ فِي مُسَبَّلَةٍ لِتَحْجِيرِهِ عَلَى النَّاسِ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا فِي صَحَابِيٍّ وَمَشْهُورِ الْوِلَايَةِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ انْمَحَقَ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمَا بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الصُّلَحَاءِ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ وَأُخِذَ مِنْ تَحْرِيمِهِمْ النَّبْشَ إلَّا لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ نُبِشَ قَبْرُ مَيِّتٍ بِمُسَبَّلَةٍ وَدُفِنَ عَلَيْهِ آخَرُ قَبْلَ بَلَائِهِ ثُمَّ طَمِّهِ لَمْ يَجُزْ النَّبْشُ لِإِخْرَاجِ الثَّانِي لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ هَتْكًا لِحُرْمَةِ الْمَيِّتَيْنِ مَعًا
(وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ سَاعَةً جَمَاعَةٌ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثَبُّتَ) وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ لِلْأَثَرِ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ وَأَمَرَ بِهِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ
قَوْلُهُ أَوْ يَلْحَقُهُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ وَجْهُ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ نَدَاوَةٌ) هَذَا قَدْ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ أَسْنَى قَالَ ع ش قَوْلُهُ أَوْ نَدَاوَةٌ أَيْ وَلَوْ قَبْلَهَا عِنْدَ ظَنِّ حُصُولِهَا ظَنًّا قَوِيًّا وَلَوْ عُلِمَ قَبْلَ دَفْنِهِ حُصُولُ ذَلِكَ لَهُ وَجَبَ اجْتِنَابُهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيُنْبَشُ إلَخْ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ يَلْحَقُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِيَشْهَدَ إلَخْ وَمَا بَعْدَهُ بَلْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَّقَ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ إلَخْ) أَفَإِنْ تَغَيَّرَ كَذَلِكَ لَمْ يُنْبَشْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَتَنَازَعَا فِيهِ وَحَيْثُ لَمْ يُنْبَشْ وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ ع ش (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يَكْتَفِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى التَّقْيِيدِ.
(قَوْلُهُ وَلِمَا كَانَ فِيهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لِلْعَادَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ انْمَحَقَ الْمَيِّتُ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ ابْنُ حَمْزَةَ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اُشْتُهِرَتْ وِلَايَتُهُ وَإِلَّا اُمْتُنِعَ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ وَأَيَّدَهُ ابْنُ شُهْبَةَ بِجَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ إذْ قَضِيَّتُهُ جَوَازُ عِمَارَةِ قُبُورِهِمْ مَعَ الْجَزْمِ هُنَا بِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَعِمَارَتِهِ فِي الْمُسَبَّلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ النَّبْشُ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَجُوزَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي مُسَبَّلَةٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَرُمَ الْبِنَاءُ لِأَنَّهُ يَضِيقُ عَلَى الْغَيْرِ وَيَحْجُرُ الْمَكَانُ بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ م ر فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ جَوَازُ الْبِنَاءِ بِأَنْ يَكُونَ فِيمَا يَمْتَنِعُ النَّبْشُ فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الصُّلَحَاءِ) أَيْ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُرَادُ بِعِمَارَةِ ذَلِكَ بِنَاءُ مَحَلِّ الْمَيِّتِ فَقَطْ لَا بِنَاءُ الْقِبَابِ وَنَحْوِهَا ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا قُيِّدَ بِغَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ فَأَيُّ تَأْيِيدٍ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ تَجْوِيزَ عِمَارَتِهِ لِغَرَضِ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ لَا يُنَافِي جَوَازَ نَبْشِهِ وَالدَّفْنُ عَلَيْهِ وَأَيْضًا عَمَلُ السَّلَفِ يَرُدُّهُ فَقَدْ دُفِنَ عَلَى الْحَسَنِ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَدُفِنَ فِي الْبَقِيعِ مِنْ الصَّحَابَةِ كَثِيرٌ ثُمَّ نُبِشَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ بَصْرِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا فَقَدْ يُقَالُ إنَّ الدَّفْنَ عَلَى الصَّالِحِ يُزِيلُ دَوَامَ احْتِرَامِ قَبْرِهِ لِانْتِسَابِهِ بِذَلِكَ لِلْغَيْرِ وَمَا ذَكَرَهُ ثَالِثُهُ فَيُقَالُ إنَّهُ مِنْ الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُحْتَمِلَةِ لِوُجُوهٍ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فَظَاهِرٌ وَلِذَا نَظَرَ فِيهِ سم كَمَا مَرَّ وَأَسْقَطَ ذَلِكَ الْقَيْدَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا نَبَّهْنَا وَكَذَا الْإِيعَابُ عِبَارَتُهُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا أَيْ فِي قُبُورِ الصَّالِحِينَ فِي الْمُسَبَّلَةِ تَسْوِيَةُ التُّرَابِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَمْنَعُ انْدِرَاسَهَا وَيُدِيمُ احْتِرَامَهَا اهـ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهَا شَامِلٌ لِلْبِنَاءِ فِي حَرِيمِ الْقَبْرِ كَمَا مَرَّ عَنْ سم وَع ش.
(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْ تَحْرِيمِهِمْ إلَخْ) وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مُسَبَّلٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَفْرِ فِيهِ فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ عِظَامَ مَيِّتٍ وَجَبَ رَدُّ تُرَابِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَفْرِ جَعَلَهَا فِي جَانِبٍ وَجَازَ دَفْنُهُ مَعَهُ رَوْضٌ اهـ سم قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ حَفْرِ الْفَسَاقِي فِي الْمُسَبَّلَةِ وَبِنَائِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ حَرَامٌ لِأَنَّ الْغَيْرَ وَإِنْ جَازَ لَهُ الدَّفْنُ فِيهِ لَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ احْتِرَامًا لِلْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا وَخَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَعَدَّى أَحَدٌ وَدُفِنَ فِيهِ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ وَلَا يَغْرَمُ مَا صَرَفَهُ الْأَوَّلُ فِي الْبِنَاءِ لِأَنَّ فِعْلَهُ هَدَرٌ اهـ
(قَوْلُهُ لِلْأَثَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ الْحَاكِمُ إنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ أَيْ كَأَنْ يَقُولُوا اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ عَلَى الْحَقِّ اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ حُجَّتَهُ فَلَوْ أَتَوْا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ عَلَى الْقَبْرِ لَمْ يَكُونُوا آتَيْنَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ ثَوَابٌ عَلَى ذِكْرٍ وَبَقِيَ إتْيَانُهُمْ بِهِ بَعْدَ سُؤَالِ التَّثْبِيتِ لَهُ هَلْ هُوَ مَطْلُوبٌ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَمِثْلُ الذِّكْرِ بِالْأَوْلَى الْأَذَانُ فَلَوْ أَتَوْا بِهِ كَانُوا آتَيْنَ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُمْ ع ش.
وَقَوْلُهُ فَلَوْ أَتَوْا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالذِّكْرِ إلَخْ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَمْرِ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَرَ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ إذَا دَفَنْتُمُونِي فَأَقِيمُوا بَعْدَ ذَلِكَ حَوْلَ قَبْرِي سَاعَةً قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُفَرَّقُ لَحْمُهَا
بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا فِي صَحَابِيٍّ وَمَشْهُورِ الْوِلَايَةِ فَلَا يَجُوزُ أَيْ النَّبْشُ وَإِنْ انْمَحَقَ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي مُسَبَّلَةٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَرُمَ الْبِنَاءُ لِأَنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَى الْغَيْرِ وَيُحَجِّرُ الْمَكَانَ بَعْدَ انْمِحَاقِ الْمَيِّتِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ م ر فَقَوْلُ الشَّرْحِ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُسَبَّلَةِ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ جَوَازُ الْبِنَاءِ بِأَنْ يَكُونَ فِيمَا يَمْتَنِعُ النَّبْشُ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ هَتْكًا لِحُرْمَةِ الْمَيِّتَيْنِ مَعًا)
قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُفَرَّقُ لَحْمُهَا وَقَالَ حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي وَيُسْتَحَبُّ تَلْقِينُ بَالِغٍ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ سَبَقَ لَهُ تَكْلِيفٌ وَلَوْ شَهِيدًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ لِخَبَرٍ فِيهِ وَضَعْفُهُ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْفَضَائِلِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ بِدْعَةٌ وَتَرْجِيحُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ مَرْدُودٌ بِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» فَتَأْخِيرُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ أَقْرَبُ إلَى سُؤَالِهِمَا
(وَ) يُسَنُّ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) وَلَوْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِهِ إذْ الْعِبْرَةُ بِبَلَدِهِمْ وَلِأَقَارِبِهِ الْأَبَاعِدِ وَلَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» (وَيُلِحُّ عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ) نَدْبًا لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتْرُكُونَهُ حَيَاءً أَوْ لِفَرْطِ جَزَعٍ وَلَا بَأْسَ بِالْقَسَمِ إنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ يَبِرُّونَهُ (وَيَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ) أَوْ لِنَائِحَةٍ وَاحِدَةٍ وَأُرِيدَ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ النَّادِبَةَ وَنَحْوَهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِيَدْعُوا النَّاسَ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَإِجَابَتِهِمْ لِذَلِكَ لِمَا صَحَّ عَنْ جَرِيرٍ كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَهُمْ الطَّعَامَ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ وَوَجْهُ عَدِّهِ مِنْ النِّيَاحَةِ مَا فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْحُزْنِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَيِّتِ لِيُقْصَدُوا بِالْعَزَاءِ قَالَ الْأَئِمَّةُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ وَأَخَذَ جَمْعٌ مِنْ هَذَا وَمِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَكْرُوهِ وَبُطْلَانِهَا بِإِطْعَامِ الْمُعَزِّينَ لِكَرَاهَتِهِ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ وَزِيَادَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ نَعَمْ إنْ فُعِلَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ يُطْعِمُونَ مَنْ حَضَرَهُمْ لَمْ يُكْرَهْ
حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ قَدْرَ مَا يُنْحَرُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ بِهِ الرَّاجِعِ بِالْوُقُوفِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِيدًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ تَلْقِينُ بَالِغٍ إلَخْ) وَيَقْعُدُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ مُغْنِي عِبَارَةُ فَتْحِ الْعَيْنِ فَيَقْعُدُ رَجُلٌ قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ إلَخْ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَقِفُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقَارِبِهِ وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ بَالِغٍ عَاقِلٍ إلَخْ) فَلَا يُسَنُّ تَلْقِينُ طِفْلٍ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَمَجْنُونٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ لِعَدَمِ افْتِتَانِهِمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِيدًا) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَشَيْخِنَا عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسْأَلُونَ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةَ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسْأَلُ وَأَفَادَ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الشُّهَدَاءِ يُسْأَلُ وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ وَالسُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ عَامٌّ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ شَهِيدًا إلَّا شَهِيدَ الْمَعْرَكَةِ وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سُؤَالِ الشُّهَدَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ لَا يُسْأَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْفِتْنَةِ فِي الْقَبْرِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَقَوْلُهُ فِي الْقَبْرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْبُورِ وَغَيْرِهِ فَيَشْمَلُ الْغَرِيقَ وَالْحَرِيقَ وَإِنْ سُحِقَ وَذُرِّيَ فِي الرِّيحِ وَمَنْ أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ وَقَوْلُهُ م ر لَا يُسْأَلُونَ أَيْ فَلَا يُلَقَّنُونَ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ) فَيَقُولُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَأَنَّك رَضِيَتْ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ يَا ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْفِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ خَيْرٌ فَقَالَ يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرٍ فِيهِ) أَيْ فِي التَّلْقِينِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فِي زَمَنِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى اللَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) خَبَرٌ وَتَرْجِيحٌ إلَخْ
قَوْلُ الْمَتْنِ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) أَيْ وَلَوْ أَجَانِبَ وَلِمَعَارِفِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا جِيرَانًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانُوا) إلَى قَوْلِهِ وَوَجْهُ عَدِّهِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانُوا إلَخْ) أَيْ أَهْلُ الْمَيِّتِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بِشِبَعِهِمْ) أَيْ أَهْلِهِ الْأَقَارِبِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّعْبِيرُ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَاضِحٌ إذَا مَاتَ فِي أَوَائِلِ الْيَوْمِ فَلَوْ مَاتَ فِي أَوَاخِرِهِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَضُمَّ إلَى ذَلِكَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا لَا سِيَّمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّفْنُ عَنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مَا يَشْغَلُهُمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمُّهُ شَاذًّا يُعَابُ (قَوْلُهُ يَبَرُّونَهُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ مُضَارِعُ بَرَّ وَبِالْكَسْرِ ع ش (قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) أَيْ كَالْمُرْثِي (قَوْلُهُ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ نِهَايَةٌ وَمِنْهُ الْمَشْهُورُ بِالْوَحْشَةِ وَالْجُمَعِ الْمَعْلُومَةِ أَيْضًا ع ش.
(قَوْلُهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ بَلْ تَحْرُمُ الْوَحْشَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَإِخْرَاجُ الْكَفَّارَةِ وَصُنْعُ الْجُمَعِ وَالسَّبْحِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِذَلِكَ وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَصُنْعُهُمْ) فِي أَصْلِهِ رحمه الله صَنِيعَهُمْ بِالْيَاءِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَكَذَلِكَ فِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَصُنْعُهُمْ بِلَا بَاءٍ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ عَدِّهِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ مَا فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ كَرَاهَةِ اجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَيِّتِ إلَخْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ مِنْ كَرَاهَةِ مَا اُعْتِيدَ إلَخْ (قَوْلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْجُلُوسِ إلَخْ) أَيْ الْمَكْرُوهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِالْبُطْلَانِ (صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ) اعْتَمَدَهُ فِي الْإِيعَابِ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْعُبَابِ وَصَنْعَتُهُ لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ مَا نَصُّهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَرَاهَتِهِ عَدَمُ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِهَا وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ فُعِلَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ فَعَلَهُ نَحْوُ
قَالَ فِي الرَّوْضِ وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان مُسَبَّلٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَفْرِ فِيهِ فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ عِظَامَ مَيِّتٍ وَجَبَ رَدُّ تُرَابِهِ