الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفْطَرَ الصَّائِمُ» أَيْ: حَقِيقَةً إنَّمَا ذَكَرَ هَذَيْنِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ غُرُوبَهَا عَنْ الْعُيُونِ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَغِيبُ وَلَا تَكُونُ غَرَبَتْ حَقِيقَةً فَلَا بُدَّ مِنْ إقْبَالِ اللَّيْلِ أَيْ: دُخُولِهِ.
(وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) ؛ لِأَنَّ «الْأُمَّةَ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَيُسَنُّ كَوْنُهُ بِتَمْرٍ لِخَبَرٍ فِيهِ وَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ الْأَكْلُ فِي السَّحَرِ وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ حِينَئِذٍ وَيَحْصُلُ أَصْلُ سُنَّتِهِ وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَحِكْمَتُهُ التَّقْوَى أَوْ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَجْهَانِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهَا فِي حَقِّ مَنْ يَتَقَوَّى بِهِ التَّقْوَى وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مُخَالَفَتُهُمْ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ إنَّمَا يُسَنُّ لِمَنْ يَرْجُو نَفْعَهُ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَرَوْا حَدِيثَ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ» فَإِنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ لِلنَّفْعِ بَلْ لِبَيَانِ أَقَلِّ مُجْزِئِ نَفْعٍ أَوَّلًا (مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ) وَإِلَّا كَأَنْ تَرَدَّدَ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» .
(فَرْعٌ) يَحْرُمُ عَلَيْنَا لَا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم الْوِصَالُ بَيْنَ صَوْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ عَمْدًا مَعَ عِلْمِ النَّهْيِ بِلَا عُذْرٍ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ التَّقَرُّبَ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَهُوَ أَنْ يَسْتَدِيمَ جَمِيعَ أَوْصَافِ الصَّائِمِينَ وَعَلَيْهِ فَيَزُولُ بِجِمَاعٍ أَوْ نَحْوِهِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إنْ عَلَّلْنَا بِالضَّعْفِ وَهُوَ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ اُتُّجِهَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِتَعَاطِي مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقَوِّيَ كَسِمْسِمَةٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجِمَاعِ أَوْ بِأَنَّ فِيهِ صُورَةَ إيقَاعِ عِبَادَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا أَثَرٌ أَيْ: مُفْطِرٌ لَكِنْ كَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِي الْأَوَّلِ (وَلْيَصُنْ) نَدْبًا مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ) حَتَّى الْمُبَاحَيْنِ بِخِلَافِ الْوَاجِبَيْنِ كَكَذِبٍ لِإِنْقَاذِ مَظْلُومٍ وَذِكْرِ عَيْبِ نَحْوِ خَاطِبٍ
أَفْطَرَ الصَّائِمُ) مَعْنَاهُ انْقَضَى صَوْمُهُ وَتَمَّ وَلَا يُوصَفُ الْآنَ بِأَنَّهُ صَائِمٌ؛ لِأَنَّهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ خَرَجَ النَّهَارُ وَدَخَلَ اللَّيْلُ وَاللَّيْلُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ شَرْحُ مُسْلِمٍ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرَ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَيْنِ إلَخْ) أَيْ: مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ (قَوْلُهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّ غُرُوبَهَا عَنْ الْعُيُونِ لَا يَكْفِي إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي وَادٍ وَنَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يُشَاهِدُ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَيَعْتَمِدُ إقْبَالَ الظَّلَامِ وَإِدْبَارَ الضِّيَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ إلَخْ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ وَصَحَّ «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ وَكَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِينَ آيَةً» وَفِيهِ ضَبْطٌ لِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ سُنَّةُ التَّأْخِيرِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ بِتَمْرٍ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا مِمَّا يُنْدَبُ الْفِطْرُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ يُرَدُّ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُقَالُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَجْهَانِ إلَى إنَّمَا يُسَنُّ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّهُمْ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ بِضَمِّ السِّينِ الْأَكْلُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَإِنْ قِيلَ أَكْثَرُ الرِّوَايَةِ الْفَتْحُ فَقَدْ قِيلَ الصَّوَابُ الضَّمُّ؛ إذْ الْأَجْرُ وَالْبَرَكَةُ فِي الْفِعْلِ حَقِيقَةً وَالْمَأْكُولِ مَجَازًا إيعَابٌ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ: فِي وَقْتِ السَّحَرِ (قَوْلُهُ أَصْلُ سُنَّتِهِ) أَيْ: السُّحُورِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ) رَبْطُهُ بِمَا قَبْلَهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَحْصُلُ بِقَلِيلِ الْمَطْعُومِ وَكَثِيرِهِ لِخَبَرِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ» اهـ.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهَا إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُ لَهُمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ التَّقْوَى) يَنْبَغِي وَمُخَالَفَتُهُمْ أَيْضًا سم (قَوْلُهُ وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ بِهَذَا الْجَمْعِ (قَوْلُهُ قَوْلُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ إلَخْ) وَافَقَهُمْ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رُجِيَ بِهِ مَنْفَعَةٌ إلَخْ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ إلَخْ اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ وَيَأْتِي مِنْ حُصُولِ السُّنَّةِ بِالْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَرَوْا حَدِيثَ إلَخْ) هَذَا لَيْسَ نَصًّا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى سم وَقَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ تَرْكُهُ) أَيْ: السُّحُورِ.
[فَرْعٌ الْوِصَالُ بَيْنَ صَوْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ]
(قَوْلُهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا لَا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) وَلَمْ يَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ذَلِكَ خُصُوصِيَّةً لَهُ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يُوَاصِلُ وَوَاصَلَ مَرَّةً تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ أَفْطَرَ عَلَى سَمْنٍ لِيُلَيِّنَ أَعْضَاءَهُ وَصَبْرٍ لِيُقَوِّمَهَا وَلَبَنٍ؛ لِأَنَّهُ أَلْطَفُ غِذَاءٍ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ قِيلَ يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِمَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ بِخِلَافِ وَلِي غِذَاؤُهُ الْمَعَارِفُ الْإِلَهِيَّةُ لَمْ يَبْعُدْ إيعَابٌ (قَوْلُهُ بَيْنَ صَوْمَيْنِ) أَيْ فَرْضَيْنِ أَوْ نَفَلَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ إيعَابٌ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ شَرْعِيَّيْنِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ أَيْ: وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِمْسَاكِ كَتَارِكِ النِّيَّةِ لَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ لَيْلًا مِنْ تَعَاطِي الْمُفْطِرِ وِصَالًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ صَوْمَيْنِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَى اهـ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْوِصَالِ لِلضَّعْفِ عَنْ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَيْ: فَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الْوِصَالِ بَيْنَ كَوْنِهِ بَيْنَ صَوْمَيْنِ أَوْ لَا اهـ عِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَعَبَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ بِالْيَوْمَيْنِ تَارَةً وَبِالصَّوْمَيْنِ أُخْرَى لِبَيَانِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا وُجُودُ صُورَةِ صَوْمٍ فِيهِمَا أَوْ حَقِيقَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ فَيَزُولُ بِجِمَاعٍ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مُغْنِي وَإِيعَابٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ اعْتِمَادُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ: التَّعْلِيلِ بِالضَّعْفِ (قَوْلُهُ نَدْبًا) إلَى قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ حَتَّى الْمُبَاحَيْنِ إلَى وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا دَلَّتْ إلَى وَخَبَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ حَتَّى الْمُبَاحَيْنِ) أَيْ: كَالْكَذِبِ لِحَاجَةٍ مِنْ إصْلَاحِ الْبَيْنِ وَغَيْرِهِ وَالْغِيبَةِ لِنَحْوِ تَظَلُّمٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا دَلَّتْ إلَى وَعَنْ نَحْوِ الشَّتْمِ (قَوْلُهُ
مَوْجُودٌ فِي مَاءِ زَمْزَمَ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ الْوَارِدِ بِأَنَّهُ لِمَا شُرِبَ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَاوِيَ التَّمْرَ وَلَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَمَّا أَوَّلًا فَلَوْ سَلِمَ وُجُودُ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ وَإِلَّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ مَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ بِخُصُوصِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ لَهُ مِنْ التَّأْثِيرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا لَيْسَ لِمَاءِ زَمْزَمَ وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَدْ يَكُونُ وُجُودُ هَذَا الْمَعْنَى فِيهِ مِنْ جِهَةِ بَرَكَتِهِ وَفِي التَّمْرِ مِنْ جِهَةِ خَاصَّتِهِ وَوَضْعِهِ لِهَذَا النَّفْعِ فَهُوَ أَبْلَغُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهَا فِي حَقِّ مَنْ يَتَقَوَّى بِهِ التَّقْوَى) يَنْبَغِي مُخَالَفَتُهُمْ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَرَوْا حَدِيثَ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ» ) لَيْسَ نَصَّا فِي
وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ عَنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» وَنَحْوُ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ يُبْطِلُ ثَوَابَ صَوْمِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَأَقَرَّهُمْ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ يُرَدُّ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُصُولَهُ وَعَلَيْهِ إثْمُ مَعْصِيَتِهِ أَيْ أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَبْطُلُ أَصْلُ صَوْمِهِ وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَخَبَرِ خَمْسٌ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ وَالْكَذِبُ وَالْقُبْلَةُ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ فَالْمُرَادُ بُطْلَانُ الثَّوَابِ لَا الصَّوْمِ نَفْسِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمِنْ هُنَا حَسُنَ عَدُّ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مِنْ أَدَبِ الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مُطْلَقًا اهـ.
وَعَنْ نَحْوِ الشَّتْمِ وَلَوْ بِحَقٍّ فَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ وَلَوْ فِي نَفْلٍ إنِّي صَائِمٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ أَيْ يَقُولُهُ فِي نَفْسِهِ تَذْكِيرًا لَهَا وَبِلِسَانِهِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ رِيَاءً مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا زَجْرًا لِخَصْمِهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْأَوْلَى بِلِسَانِهِ (وَ) لِيَصُنْ نَدْبًا أَيْضًا (نَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ) الْمُبَاحَةِ مِنْ مَسْمُوعٍ وَمُبْصَرٍ وَمَشْمُومٍ كَنَظَرِ رَيْحَانٍ أَوْ مَسِّهِ بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي بِكَرَاهَةِ نَظَرِهِ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِكَرَاهَةِ شَمِّ مَا يَصِلُ رِيحُهُ لِدِمَاغِهِ أَوْ مَلْبُوسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ سِرُّ الصَّوْمِ وَمَقْصُودُهُ الْأَعْظَمُ لِيَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا الْأَكْمَلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ) وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ
وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِسَانَهُ سم (قَوْلُهُ وَنَحْوُ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ إلَخْ) أَيْ: دُونَ الْمُبَاحِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُحْبَطُ ثَوَابُ الصَّوْمِ وَإِنْ نُدِبَ تَرْكُهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ يُبْطِلُ ثَوَابَ صَوْمِهِ إلَخْ) وَلَوْ اغْتَابَ أَيْ: مَثَلًا وَتَابَ لَمْ تُؤَثِّرْ التَّوْبَةُ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بَلْ فِي رَفْعِ الْإِثْمِ فَقَطْ قَالَهُ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَجَرَى عَلَيْهِ الْخَادِمُ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ لَوْ رَفَثَ ثُمَّ تَابَ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ عَادَ حَجُّهُ كَامِلًا وَلَا فَرْقَ فِي التَّوْبَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَضَاءِ زَمَنُ الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ إيعَابٌ وَفِي ع ش عَنْ عَمِيرَةَ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالنُّصُوصِ (قَوْلُهُ حُصُولَهُ) أَيْ: الثَّوَابِ (قَوْلُهُ مِمَّا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ إلَخْ) وَهُوَ حُصُولُ الثَّوَابِ لِلْمُصَلِّي فِي الْمَغْصُوبِ لَكِنْ يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مَا يُخَالِفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْحَقُّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ يَبْطُلُ) أَيْ: ارْتِكَابُ الصَّائِمِ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ وَخَبَرِ خَمْسٌ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا) أَيْ: بُطْلَانِ ثَوَابِ الصَّوْمِ بِنَحْوِ الْغِيبَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ الِاحْتِرَازُ عَنْ ذَلِكَ وَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: عَلَى الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَعَنْ نَحْوِ الشَّتْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ عَنْ الْكَذِبِ (قَوْلُهُ تَذْكِيرًا لَهَا) أَيْ: لِتَصْبِرْ وَلَا تُشَاتِمْ فَتَذْهَبَ بَرَكَةُ صَوْمِهَا أَسْنَى وَإِيعَابٌ زَادَ الْمُغْنِي فَائِدَةٌ سُئِلَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ كَمْ وَجَدْتَ فِي ابْنِ آدَمَ مِنْ عَيْبٍ فَقَالَ هِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَاَلَّذِي أَحْصَيْته مِنْهَا ثَمَانِيَةُ آلَافِ عَيْبٍ وَيَسْتُرُ جَمِيعَ ذَلِكَ حِفْظُ اللِّسَانِ اهـ (قَوْلُهُ وَبِلِسَانِهِ إلَخْ) وَهُوَ أَيْ الْجَمْعُ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ حَجّ فِي فَتَاوِيه الْحَدِيثِيَّةِ فِي جَوَابِ هَلْ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ أَفْضَلُ أَوْ غَيْرُهُ؟ مَا نَصُّهُ " وَالذِّكْرُ الْخَفِيُّ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ مَا هُوَ لَا بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا هُوَ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَلَا يَسْمَعُهُ غَيْرُهُ، وَمِنْهُ خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ أَيْ: لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الرِّيَاءُ وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ نَفْسَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِحَرَكِهِ لِسَانِهِ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا فِي قَلْبِهِ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ لَا ثَوَابَ فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ وَحْدَهُ وَلَا مَعَ اللِّسَانِ حَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا ثَوَابَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الذِّكْرُ الْمَخْصُوصُ، أَمَّا اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِذَلِكَ وَتَأَمُّلُهُ لِمَعَانِيهِ وَاسْتِغْرَاقُهُ فِي شُهُودِهِ تَعَالَى فَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ يُثَابُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ الْبَيْهَقِيّ الذِّكْرُ الَّذِي لَا تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ يَزِيدُ عَلَى الذِّكْرِ الَّذِي تَسْمَعُهُ الْحَفَظَةُ سَبْعِينَ ضِعْفًا انْتَهَى " اهـ.
ع ش عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي فَتَاوِيه الْحَدِيثِيَّةِ الصُّغْرَى، وَسُئِلَ رضي الله عنه عَنْ قَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي آخِرِ مَجْلِسِ الذِّكْرِ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ ذِكْرُ اللِّسَانِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ الْقَلْبِ اهـ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ أَنَّهُ يَنَالُ الْفَضِيلَةَ إذَا كَانَ مَعْذُورًا أَمْ لَا وَهَلْ إذَا قَرَأَ بِقَلْبِهِ دُونَ لِسَانِهِ مِنْ عُذْرٍ يَنَالُ الْفَضِيلَةَ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ذِكْرًا مُتَعَبَّدًا بِلَفْظِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ فَضِيلَةٌ مِنْ حَيْثُ اسْتِحْضَارُهُ لِمَعْنَاهُ مِنْ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِجْلَالِهِ بِقَلْبِهِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ الْمَذْكُورِ وَقَوْلِهِمْ ذِكْرُ الْقَلْبِ لَا ثَوَابَ فِيهِ فَمَنْ نَفَى عَنْهُ الثَّوَابَ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ لَفْظُهُ وَمَنْ أَثْبَتَ فِيهِ ثَوَابًا أَرَادَ مِنْ حَيْثُ حُضُورُهُ بِقَلْبِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى بِلِسَانِهِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ الْمُبَاحَةِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْقُبْلَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَنَظَرِ رَيْحَانٍ إلَى فَإِنَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ مَسْمُوعٍ إلَخْ) أَيْ: وَمَلْمُوسٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَنَظَرِ رَيْحَانٍ إلَخْ) أَيْ: وَسَمَاعِ الْغِنَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَلْبُوسٍ) وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: كَفَّ جَوَارِحِهِ عَنْ تَعَاطِي مَا تَشْتَهِيهِ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ (قَوْلُهُ لِيَتَفَرَّغَ إلَخْ) أَيْ لِتَنْكَسِرَ نَفْسُهُ عَنْ الْهَوَى وَتَقْوَى عَلَى حَقِيقَةِ التَّقْوَى إيعَابٌ وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِهَا الْأَكْمَلِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ الْخَتْمِ الَّذِي عَلَى فَمِي نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ قَالَ ع ش وَمِثْلُهُ الْخَاتَمُ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَلَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ لَيْلًا وَنَوَتْ الصَّوْمَ وَصَلَّتْ أَوْ صَامَ الْجُنُبُ بِلَا غُسْلٍ صَحَّ رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ وَلِيُؤَدِّيَ الْعِبَادَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ وَلِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ عَقِبَ الِاحْتِلَامِ نَهَارًا أَسْنَى وَمُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ اهـ
الرَّدِّ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ وَجَمِيعَ جَوَارِحِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِسَانَهُ.
إلَى بَاطِنِ نَحْوِ أُذُنِهِ أَوْ دُبُرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ وُصُولَهُ لِذَلِكَ مُفْطِرٌ وَلَيْسَ عُمُومُهُ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّ سَبْقَ مَاءِ نَحْوِ الْمَضْمَضَةِ الْمَشْرُوعِ أَوْ غَسْلِ الْفَمِ النَّجِسِ لَا يُفْطِرُ لِعُذْرِهِ فَلْيُحْمَلْ هَذَا عَلَى مُبَالَغَةٍ مَنْهِيٍّ عَنْهَا أَوْ نَحْوِهَا وَيُكْرَهُ لَهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضُرُّهُ فَيُفْطِرُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَذِّيهِ أَلْبَتَّةَ لَمْ يُكْرَهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ) وَالْفَصْدِ لِمَا مَرَّ فِيهِمَا (وَ) عَنْ (الْقُبْلَةِ) الْمَكْرُوهَةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا بِتَفْصِيلِهَا وَأَعَادَهَا هُنَا اعْتِنَاءً بِشَأْنِهَا لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاءِ بِهَا (وَ) عَنْ (ذَوْقِ الطَّعَامِ) وَغَيْرِهِ بَلْ يُكْرَهُ خَوْفًا مِنْ وُصُولِهِ إلَى حَلْقِهِ (وَ) عَنْ (الْعَلْكِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ بَلْ يُكْرَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُعَطِّشُ وَيُفْطِرُ عَلَى قَوْلٍ أَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْمُعْلُوك وَتَصِحُّ إرَادَتُهُ لَكِنْ بِتَقْدِيرِ مَضْغٍ وَالْكَلَامُ فِي عَلْكٍ لَمْ تَنْفَصِلْ مِنْهُ عَيْنٌ بِأَنْ مُضِغَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَتْ رُطُوبَتُهُ أَوْ مُضِغَ وَفِيهِ عَيْنٌ لَكِنْ لَمْ يَبْتَلِعْ مِنْ رِيقِهِ الْمَخْلُوطِ شَيْئًا.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ) أَيْ: عَقِبَهُ (اللَّهُمَّ لَك) قُدِّمَ إفَادَةً لِكَمَالِ الْإِخْلَاصِ أَيْ: لَا لِغَرَضِ وَلَا لِأَحَدٍ غَيْرِك (صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِك) أَيْ الْوَاصِلِ إلَيَّ مِنْ فَضْلِك لَا بِحَوْلِي وَقُوَّتِي (أَفْطَرَتْ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَا يَضُرُّ إرْسَالُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَضَائِلِ عَلَى أَنَّهُ وَصْلٌ فِي رِوَايَةٍ وَرَوَى أَبُو دَاوُد «ذَهَبَ الظَّمَأُ» وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ «اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ» وَلَمْ أَرَهَا فِي أَبِي دَاوُد «وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» وَغَيْرُهُ «يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ اغْفِرْ لِي»
قَوْلِهِ إلَى بَاطِنِ نَحْوِ أُذُنِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ إنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْغُسْلُ الْكَامِلُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: قَبْلَ الْفَجْرِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ هَذَا لِمَنْ يَتَأَذَّى بِهِ دُونَ مَنْ اعْتَادَهُ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ اهـ وَفِي الْأَسْنَى وَالْإِيعَابِ وَالنِّهَايَةِ نَحْوُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (عَنْ الْحِجَامَةِ) أَيْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَعَكْسِهِ شَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ: وَمِنْ غَيْرِهِ لَهُ (قَوْلُهُ عَنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُهُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِكَرَاهَتِهِ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ يُكْرَهُ أَنْ يَحْجُمَ غَيْرَهُ أَيْضًا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِيهِمَا) أَيْ: مِنْ أَنَّهُمَا يُضْعِفَانِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَى مَضْغِ نَحْوِ خُبْزٍ لِطِفْلِ لَمْ يُكْرَهُ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ إلَخْ قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ ذَوْقِ الطَّعَامِ لِغَرَضِ إصْلَاحِهِ لِمُتَعَاطِيهِ وَيَنْبَغِي عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مُفْطِرٌ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْرَفُ إصْلَاحُهُ مِثْلَ الصَّائِمِ اهـ.
(قَوْلُهُ إلَى حَلْقِهِ) قَضِيَّتُهُ إنَّ وُصُولَهُ قَهْرًا عَلَيْهِ مُفْطِرٌ وَلَا يَبْعُدُ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ إلَى الذَّوْقِ أَنْ لَا يَضُرَّ سَبْقُهُ إلَى الْجَوْفِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْأَنْوَارِ سم.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ قَالَهُ الْقَاضِي اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر اللِّبَانُ الْأَبْيَضُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّامِيِّ وَقَوْلُهُ م ر لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ أَيْ: مَاءُ الْفَمِ وَهُوَ الرِّيقُ أَوْ مَا يُدْخِلُهُ فَمَهُ لِإِيبَاسِهِ وَقَوْلُهُ م ر وَاشْتَدَّ أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ: عَقِبَهُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ عَقِبَ تَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ قَالَ سُلَيْمٌ وَنَصْرُ الْمَقْدِسِيَّ وَيُسَنُّ أَنْ يَعْقِدَ نِيَّةَ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَكَانَ وَجْهُهُ خَشْيَةَ الْغَفْلَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيّ «فَتَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ يَزِيدُ بَعْدَ «أَفْطَرْتُ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ «وَبِك آمَنْتُ وَعَلَيْك تَوَكَّلْتُ وَلِرَحْمَتِك رَجَوْتُ وَإِلَيْك أَنَبْتُ» إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ وَرُوِيَ) إلَى قَوْلِهِ وَغَيْرُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى وَابْتَلَّتْ (قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ) أَيْ: وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ اللَّهُمَّ ذَهَبَ إلَخْ أَيْ: بِزِيَادَةِ اللَّهُمَّ (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهَا فِي أَبِي دَاوُد) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَرُوِيَ أَيْضًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَأَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ فَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الرَّاوِي أَبَا دَاوُد بَصْرِيٌّ أَقُولُ صَنِيعُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ قَالُوا عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ «وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» مَا نَصُّهُ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا وَرُوِيَ أَيْضًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ حِينَئِذٍ اللَّهُمَّ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» اهـ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ رُوِيَ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ سُنَنِهِ أَوْ فِيهِ وَنُسَخُهُ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ أَبِي دَاوُد (قَوْلُهُ «يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ اغْفِرْ لِي» ) وَوَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنِي فَصُمْتُ وَرَزَقَنِي
قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ إلَخْ) يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَاءَ إذَا وَقَعَ عَلَى خَرْقِ الْأُذُنِ نَزَلَ بِطَبْعِهِ إلَى بَاطِنِهَا وَلَمْ يَتَأَتَّ عَادَةً دَفْعُهُ عَنْ النُّزُولِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا وَضَعَ الْمَاءَ فِي نَحْوِ الْفَمِ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يُفْصَلَ فَيَلْتَزِمَ الْفِطْرَ بِلُزُومِهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ بَحْثُ ذَلِكَ عَنْ نَحْوِ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَبْحَثِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ إلَى حَلْقِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وُصُولَهُ قَهْرًا عَلَيْهِ مُفْطِرٌ وَلَا يَبْعُدُ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ لِلذَّوْقِ أَنْ لَا يَضُرَّ سَبَقُهُ إلَى الْجَوْفِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَذَوْقِ الطَّعَامِ وَالْعِلْكِ) وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا يَتَفَتَّتُ أَمَّا هُوَ فَإِنْ تَيَقَّنَ وُصُولَ بَعْضِ جِرْمِهِ عَمْدًا إلَى جَوْفِهِ أَفْطَرَ وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ مَضْغُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ وَكَالْعِلْكِ فِي ذَلِكَ اللِّبَانِ الْأَبْيَضِ فَإِنْ كَانَ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ يَبِسَ وَاشْتَدَّ كُرِهَ مَضْغُهُ وَإِلَّا حَرُمَ قَالَهُ الْقَاضِي شَرْحُ م ر وَأَقُولُ قَوْلُهُ أَوْ وَصَلَ طَعْمُهُ إلَى آخِرِهِ فَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ فِي النَّجَاسَةِ أَنَّهُ بَدَلٌ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهَا غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ وَلِهَذَا إذَا نَظَّفَ الْفَمَ بِالْمَاءِ مِنْ الْمُرِّ كَالصَّبْرِ يَبْقَى الطَّعْمُ مَعَ زَوَالِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا اكْتَفَيْنَا بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ فِي
(وَ) يُسَنُّ أَيْ: يَتَأَكَّدُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَذَلِكَ سُنَّةٌ فِي كُلِّ زَمَنٍ.
(أَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ غَرِيبٌ «أَيْ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ قَالَ صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ» وَلِأَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ فِيهِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضَ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ عَلَيْهِ» (وَأَنْ يَعْتَكِفَ) فِيهِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِصَوْنِ النَّفْسِ وَتَفَرُّغِهَا لِلْعِبَادَةِ (لَا سِيَّمَا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ وَيَجُوزُ فِي الِاسْمِ بَعْدَهَا الْجَرُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَقَسِيمَاهُ وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا
فَأَفْطَرْت» إيعَابٌ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَطِّرَ الصَّائِمِينَ بِأَنْ يُعَشِّيَهُمْ لِخَبَرِ «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ أَجْرُ صَائِمٍ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عَشَائِهِمْ فَطَّرَهُمْ عَلَى شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ بِهِ الصَّائِمَ فَقَالَ يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ» مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَنِهَايَةٌ زَادَ الْإِيعَابُ وَأَكْلُهُ مَعَهُمْ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَابَرَتِهِمْ وَمَزِيدِ بِرِّهِمْ وَلَوْ كَانَ الصَّائِمُ قَدْ تَعَاطَى مَا أَبْطَلَ ثَوَابَهُ فَهَلْ يَحْصُلُ لِمُفْطِرِهِ مِثْلُ أَجْرِهِ لَوْ سَلِمَ صَوْمُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَاللَّائِقُ بِسَعَةِ الْفَضْلِ الْحُصُولُ اهـ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَيُسَنُّ لِلْمُفْطِرِ عِنْدَ الْغَيْرِ أَنْ يَقُولَ مَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُ إذَا أَفْطَرَ عِنْدَ قَوْمٍ وَهُوَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ» اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) أَيْ: وَالْجُودَ وَزِيَادَةَ التَّوَسُّعَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَالْإِحْسَانَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْجِيرَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ تَفْرِيغُ قُلُوبِ الصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ لِلْعِبَادَةِ بِدَفْعِ حَاجَتِهِمْ وَ (قَوْلُهُ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ) أَيْ: فِي كُلِّ مَكَان غَيْرِ نَحْوِ الْحَشِّ حَتَّى الْحَمَّامُ وَالطَّرِيقُ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا بِأَنْ أَمْكَنَهُ تَدَبُّرُهَا وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْجَهْرُ إنْ أَمِنَ الرِّيَاءَ وَلَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالتِّلَاوَةُ فِي الْمُصْحَفِ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ قَوِيَ حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ خُشُوعُهُ وَتَدَبُّرُهُ بِقِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَفْضَلَ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ) أَيْ وَمُدَارَسَتَهُ وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ الْإِيعَابُ مَا قَرَأَهُ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ غَيْرُهُ إلَخْ أَيْ: وَلَوْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ الْأَوَّلُ فَمِنْهُ مَا يُسَمَّى بِالْمُدَارَسَةِ الْآنَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِهِمْ بِالْإِدَارَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَعْرِضُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ وَيُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا أَنَّهُ كَانَ مَرَّةً يُدَارِسُهُ وَمَرَّةً يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَنْ يَعْتَكِفَ) لَوْ قَالَ وَالِاعْتِكَافُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ يَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نِهَايَةٌ لَكِنْ سِيَاقُ كَلَامِ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الْعَشْرُ الْأَخِيرِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا سِيَّمَا) سِيّ مِنْ سِيَّمَا اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ مِثْلٍ وَزْنًا وَمَعْنًى وَعَيْنُهُ فِي الْأَصْلِ وَاوٌ إلَّا أَنَّهَا قُلِبَتْ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا سَاكِنَةً مَعَ الْيَاءِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَفِي الرِّضَى أَنَّ الْوَاوَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى سِيَّمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ اعْتِرَاضِيَّةٌ؛ إذْ مَا بَعْدَهَا بِتَقْدِيرِ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ فَمَعْنَى جَاءَنِي الْقَوْمُ وَلَا سِيَّمَا زَيْدٌ أَيْ: وَلَا مِثْلُ زَيْدٍ مَوْجُودٌ بَيْنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ جَاءُونِي أَيْ: هُوَ كَانَ أَخَصَّ بِهِ وَأَشَدَّ إخْلَاصًا فِي الْمَجِيءِ وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ انْتَهَى اهـ سم.
(قَوْلُهُ الْجَرُّ) أَيْ: عَلَى الْإِضَافَةِ وَمَا زَائِدَةٌ أَشْمُونِيٌّ وَهَلْ هِيَ لَازِمَةٌ أَوْ يَجُوزُ حَذْفُهَا نَحْوَ لَا سِيَّ زَيْدٌ زَعَمَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ الْأَوَّلَ وَنَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلَى الثَّانِي وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا نَكِرَةً تَامَّةً وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ صَبَّانٌ.
(قَوْلُهُ وَقَسِيمَاهُ) أَيْ: الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وُجُوبًا وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِالْجُمْلَةِ وَالنَّصْبُ عَلَى التَّمْيِيزِ
النَّجَاسَةِ لِتَحَقُّقِهَا أَوَّلًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَالُوهُ فِي حِكْمَةِ الْمَضْمَضَةِ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا سِيَّمَا) سِيُّ مِنْ سِيَّمَا اسْمٌ بِمَنْزِلَةِ مِثْلٍ وَزْنًا وَمَعْنًى وَعَيْنُهُ فِي الْأَصْلِ وَاوٌ إلَّا أَنَّهَا قُلِبَتْ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا سَاكِنَةً مَعَ الْيَاءِ الْمُتَأَخِّرَةِ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ: وَدُخُولُ الْوَاوِ عَلَى لَا وَاجِبٌ قَالَ ثَعْلَبٌ
مَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى خِلَافِ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ
…
وَلَا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَّةِ جَلْجَلٍ
فَهُوَ مُخْطِئٌ هَذَا كَلَامُهُ وَسَيَأْتِي فِي الْأَصْلِ خِلَافُ هَذَا اهـ وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَى آخِرِهِ إشَارَةٌ لِقَوْلِ التَّسْهِيلِ وَقَدْ يُقَالُ لَا سِيَّمَا بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: وَحَذْفِ الْوَاوِ اهـ.
وَفِي الرِّضَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاوَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى لَا سِيَّمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ اعْتِرَاضِيَّةٌ؛ إذْ مَا بَعْدَهَا بِتَقْدِيرِ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَالسِّيُّ بِمَعْنَى الْمِثْلِ فَمَعْنَى جَاءَنِي الْقَوْمُ وَلَا سِيَّمَا زَيْدٌ أَيْ: وَلَا مِثْلُ زَيْدٍ مَوْجُودٌ بَيْنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ جَاءُونِي أَيْ: هُوَ كَانَ أَخَصَّ بِي وَأَشَدَّ إخْلَاصًا فِي الْمَجِيءِ وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ اهـ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِي الِاسْمِ بَعْدَهَا الْجَرُّ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ بِالْإِضَافَةِ وَمَا زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَقَسِيمَاهُ أَيْ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَمَا فِي التَّسْهِيلِ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَذْفُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ مَسْمُوعٌ