المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في شروط وجوب الصوم ومرخصاته - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ٣

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ التَّكْبِيرُ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الدَّفْنِ وَمَا يَتْبَعُهُ

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَتَوَابِعِهِ]

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي النِّيَّةِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمُفْطِرَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ

- ‌[فَرْعٌ الْوِصَالُ بَيْنَ صَوْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ كَفَّارَةِ جِمَاعِ رَمَضَانَ

- ‌(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُتَتَابِعِ

الفصل: ‌(فصل) في شروط وجوب الصوم ومرخصاته

(فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) فَيَتَأَكَّدُ لَهُ إكْثَارُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلِاتِّبَاعِ وَرَجَاءِ مُصَادَفَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ إذْ هِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِيهِ عِنْدَنَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْكَثِيرَةُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ كَانَ قَالَهُ أَوَّلَ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ فِي يَوْمِ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَثَلًا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ السَّنَةِ الْآتِيَةِ نَعَمْ لَوْ رَآهَا فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا مِنْ سَنَةِ التَّعْلِيقِ فَهَلْ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ طَافِحٌ بِأَنَّهَا تُدْرَكُ وَتُعْلَمُ فَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بَلْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ يُعْتَقَدُ صِدْقُهُ بِأَنَّهُ رَآهَا حَنِثَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ عَلَامَاتِهَا خَفِيَّةٌ جِدًّا وَمُتَعَارِضَةٌ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهَا أَوْ كُلِّهَا لَا تَقْتَضِي الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَا حِنْثَ بِالشَّكِّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إنْ حَصَلَ عِنْدَهُ مِنْ الْعَلَامَاتِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُهَا وَقَدْ أَوْقَعُوا الطَّلَاقَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ تُعْرَفُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِهِ

(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ

(شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا وَيَجِبُ عَلَى السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِسْلَامِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ نَعَمْ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ وَأُخِذَ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِهِ حُرْمَةُ إطْعَامِ الْمُسْلِمِ لَهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ

أَوْ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ إذَا كَانَ نَكِرَةً وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْرِفَةً فَالْجُمْهُورُ عَلَى امْتِنَاعِ انْتِصَابِهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا كَافَّةٌ وَأَنَّ لَا سِيَّمَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ إلَّا لِلِاسْتِثْنَاءِ فَيَنْتَصِبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَقَدْ تُوصَلُ بِظَرْفٍ أَوْ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ اهـ أَيْ: كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالظَّرْفِ مَا يَشْمَلُ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا فِيهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مَا مَوْصُولَةً وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِلَتُهَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ وَالتَّقْدِيرُ لَا مِثْلُ الِاعْتِكَافِ الَّذِي فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَنْ يَمْكُثَ مُعْتَكِفًا إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنْ يَعْتَكِفَ قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَنْبَغِي لِمُعْتَكِفِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَيَخْرُجَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَمُكْثُهُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى أَوْلَى اهـ قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَيُسَنُّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ قَبْلَ الْعَشْرِ لِاحْتِمَالِ النَّقْصِ فَيَحْصُلَ لَهُ فَضْلُ ذَلِكَ الْيَوْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ عِنْدَنَا) أَيْ: بِاتِّفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى اخْتِلَافِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ خِلَافٌ طَوِيلٌ بَيَّنْتُ طَرَفًا مِنْهُ فِي الْأَصْلِ وَفِي نِهَايَةٍ م ر لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا نَحْوُ ثَلَاثِينَ قَوْلًا، وَفِي بُلُوغِ الْمَرَامِ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهَا عَلَى أَرْبَعِينَ قَوْلًا أَوْرَدْتُهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ إلَخْ) أَيُّ حَاجَةٌ لِلَّفْظِ أَوَّلَ سم (قَوْلُهُ أَوْ فِي يَوْمِ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَثَلًا إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ لُزُومِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِلَيْلَةٍ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَعَدَمُ دَوَرَانِهَا فِي لَيَالِيِهِ وَهَلْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى اللُّزُومِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ حَنِثَ) خَبَرُ إنَّ وَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَحْنَثُ وَعَدِيلٌ لَهُ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ]

. (فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ)(قَوْلُهُ فِي شُرُوطِ) إلَى قَوْلِهِ وَمَنْ أَلْحَقَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَجِبُ إلَى: وَالْإِسْلَامُ وَقَوْلَهُ وَأَخَذَ إلَى: الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى: وَبِمَا تَقَرَّرَ.

(قَوْلُهُ وَمُرَخِّصَاتِهِ) أَيْ: مَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِ رَمَضَانَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَالْفِدْيَةِ ع ش.

(قَوْلُهُ عَلَى السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ بِمَعْنَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ فَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَذَلِكَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمُتَعَدِّي فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ بِتَعَدٍّ أَوْ دُونِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَّا وَقَدْ نَوَى لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ سم.

(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْ تَكْلِيفِهِ) أَيْ: الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ.

(قَوْلُهُ حُرْمَةُ إطْعَامِ الْمُسْلِمِ لَهُ إلَخْ) أَفْتَى بِالْحُرْمَةِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا سم وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهَا وَاضِحٌ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ

وَالنَّصْبُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي التَّسْهِيلِ وَتَارَةً يَكُونُ الِاسْمُ نَكِرَةً فَنَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَتَارَةً يَكُونُ مَعْرِفَةً وَالْجُمْهُورُ عَلَى امْتِنَاعِ انْتِصَابِهِ وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَوْ عَلَى أَنَّ مَا كَافَّةٌ وَأَنَّ لَا سِيَّمَا نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ إلَّا لِلِاسْتِثْنَاءِ فَتَنْتَصِبُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَقَدْ تُوصَلُ بِظَرْفٍ أَوْ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ اهـ أَيْ: كَقَوْلِك يُعْجِبُنِي الِاعْتِكَافُ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ أَيْ: وَكَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالظَّرْفِ مَا يَشْمَلُ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ كَقَوْلِك يُعْجِبُنِي كَلَامُك زَيْدًا لَا سِيَّمَا بِعِظَةٍ قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَإِنْ جُرَّ أَيْ الِاسْمُ بَعْدَ لَا سِيَّمَا فَبِالْإِضَافَةِ وَمَا زَائِدَةٌ وَإِنْ رُفِعَ فَخَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَمَا بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ: أَوْ نَكِرَةٍ مَوْصُوفَةٍ اهـ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ وَجْهَيْ الرَّفْعِ وَالْجَرِّ فَفَتْحُهُ أَيْ: سِيَّ إعْرَابٌ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ ثُمَّ قَالَ فِي وَجْهِ النَّصْبِ إنَّ مَا كَافَّةٌ وَالْفَتْحَةُ بِنَاءٌ مِثْلُهَا فِي لَا رَجُلَ (قَوْلُهُ كَانَ قَالَهُ أَوَّلَ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ) أَيُّ حَاجَةٍ لِلَّفْظِ أَوَّلَ اهـ.

(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ)(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ بِمَعْنَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَذَلِكَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمُتَعَدِّي فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ بِتَعَدٍّ أَوْ دُونِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَّا وَقَدْ نَوَى لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِهِ حُرْمَةُ إلَخْ) أَفْتَى بِالْحُرْمَةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ.

(قَوْلُهُ حُرْمَةُ إطْعَامِ الْمُسْلِمِ لَهُ)

ص: 427

؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا نُعَامِلُهُ بِقَضِيَّةِ كُفْرِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إقْرَارِهِ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا مُعَاوَنَتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ (وَإِطَاقَتُهُ حِسًّا وَشَرْعًا) فَلَا يَلْزَمُ عَاجِزًا بِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ إجْمَاعًا وَلَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِهِ شَرْعًا وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ جَدِيدٌ وَقِيلَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ وَعَلَيْهِمَا يَنْوِيَانِ الْقَضَاءَ لَا الْأَدَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فُعِلَ خَارِجَ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَغْرَقَ نَوْمُهُ الْوَقْتَ يَنْوِي الْقَضَاءَ وَإِنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْأَدَاءِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَى نَحْوِ حَائِضٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ لَا وُجُوبُ التَّكْلِيفِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمْ لِلْخِطَابِ وَمَرَّ أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُخَاطَبٌ بِهِ خِطَابَ تَكْلِيفٍ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِذَلِكَ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِأُولَئِكَ فَمُرَادُهُ أَنَّهُ بِوَصْفِ الرِّدَّةِ لَا يُخَاطَبُ بِهِ أَصَالَةً بَلْ تَبَعًا لِمُخَاطَبَتِهِ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا الْمُسْتَلْزِمِ لِذَلِكَ فَكَانَ خِطَابُهُ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ بِالصَّوْمِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَلَا يُرِيدُ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ خُوطِبَ بِالْإِسْلَامِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ

؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ) لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي الدُّنْيَا بِالْأَحْكَامِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَمِمَّا يُبْطِلُهُ عِقَابُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَرْعُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ أَحَدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَدَائِهَا مَعَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِهَا فَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَنَّ تَرْكَهُ الصَّوْمَ تَلَبُّسٌ بِمَعْصِيَةٍ وَأَنَّ إعَانَتَهُ عَلَيْهِ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِطَاقَتُهُ) أَيْ: الصَّوْمِ وَالصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا حَائِضًا إلَخْ) أَيْ وَلَا مُسَافِرًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ لَا يُطِيقَانِهِ) التَّذْكِيرُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لِتَأْوِيلِ الشَّخْصَيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: وَعَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.

(قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَلَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِهِ شَرْعًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ إنَّ مُرَادَهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ) وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِانْعِقَادِهِ وُجُودُهُ وَإِضَافَةُ وُجُوبٍ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَوْ بَيَانِيَّةٌ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَالَ سم قَوْلُهُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ يُقَيَّدُ أَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فِيهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَرَّ إلَخْ) أَيْ: آنِفًا.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَهُ إلَخْ) الْمُلْحِقُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ فَإِنَّ وُجُوبَهُ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ اهـ أَيْ لَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا لَا يُعَاقَبُ هَؤُلَاءِ إذَا مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ سم وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ أَيْضًا الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ سَبَبٍ فِي حَقِّهِ لَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِكَوْنِ الْخِطَابِ لَهُ خِطَابَ تَكْلِيفٍ اهـ.

(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: الْمُخَاطَبَةِ بِالصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ مُخَاطَبَتُهُ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ يُكْتَفَى مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَعَرُّضِنَا لَهُ بِالْأَمْرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي عَدَمَ مُخَاطَبَتِهِ مُطْلَقًا حَتَّى يُفَرِّعَ عَلَيْهِ عَدَمَ الِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ وَكَيْفَ

يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِكَوْنِهِ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي الدُّنْيَا بِالْأَحْكَامِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَمِمَّا يُبْطِلُهُ عِقَابُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَرْعُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ أَحَدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَدَائِهَا مَعَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِهَا فَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَنَّ تَرْكَهُ الصَّوْمَ تَلَبُّسٌ بِمَعْصِيَةٍ وَأَنَّ إعَانَتَهُ عَلَيْهِ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ نَعَمْ حُرْمَةُ إطْعَامِهِ تُشْكِلُ بِجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ جُنُبًا فَيَحْتَاجُ لِفَرْقٍ وَاضِحٍ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) قَدْ يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلٍ حَكَاهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ عَلَيْهَا أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ (قَوْلُهُ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ يُفِيدُ أَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فِيهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِأُولَئِكَ إلَخْ) الْمُلْحِقُ بِهَؤُلَاءِ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ فَإِنَّ وُجُوبَهُ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ اهـ أَيْ: لَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا لَا يُعَاقَبُ هَؤُلَاءِ إذَا مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ وَفِي هَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدُّ يُرِيدُ الشَّيْخَ جَلَالَ الدِّينِ الْمَحَلِّيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَرَضُ الشَّارِحِ رحمه الله يَعْنِي شَارِحَ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَضِيَّةُ إلْحَاقِهِ بِالْحَائِضِ وَنَحْوِهَا عَدَمُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ ظَاهِرُهَا أَنَّ حُكْمَهُ كَالْحَائِضِ وَلَكِنْ مَنْ تَأَمَّلَهَا أَوَّلًا وَآخِرًا اسْتَفَادَ مِنْهَا هَذَا الَّذِي حَاوَلَهُ الشَّارِحِ نَعَمْ إنْ كَانَ غَرَضُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُطَالَبُ بِهَا أَيْضًا فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا كَذَلِكَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ اتَّجَهَ اعْتِرَاضُهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ يَكْتَفِي مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَعَرُّضِنَا لَهُ بِالْأَمْرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا

ص: 428

فَلَمْ يَسْتَلْزِمْ خِطَابَهُ بِالصَّوْمِ أَصَالَةً وَلَا تَبَعًا فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءٌ؛ إذْ لَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ.

(وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ) الشَّامِلُ لِلْأُنْثَى؛ إذْ هُوَ لِلْجِنْسِ أَيْ يَأْمُرُهُ بِهِ وَلِيُّهُ وُجُوبًا (لِسَبْعٍ إذَا أَطَاقَ) وَمَيَّزَ وَيَضْرِبُهُ وُجُوبًا عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ إذَا أَطَاقَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ فِيهِمَا وَالتَّنْظِيرُ بِأَنَّ الضَّرْبَ عُقُوبَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا يَرِدُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ كَوْنَهُ عُقُوبَةً وَإِلَّا لَتَقَيَّدَ بِالتَّكْلِيفِ وَالْمَعْصِيَةِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ مُجَرَّدُ الْإِصْلَاحِ بِإِلْفِ الْعِبَادَةِ لِيَنْشَأَ عَلَيْهَا.

(وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) أَيْ رَمَضَانَ وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى كُلُّ صَوْمٍ وَاجِبٍ (لِلْمَرِيضِ) أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ (إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا) بِحَيْثُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ ثُمَّ إنْ أَطْبَقَ مَرَضُهُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَإِنْ وُجِدَ الْمَرَضُ الْمُعْتَبَرُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ لَمْ تَلْزَمْهُ النِّيَّةُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ وَإِذَا نَوَى وَعَادَ أَفْطَرَ وَلَوْ لَزِمَهُ الْفِطْرُ فَصَامَ صَحَّ؛ لِأَنَّ مَعْصِيَتَهُ لَيْسَتْ لِذَاتِ الصَّوْمِ

يَصِحُّ نَفْيُ الْمُخَاطَبَةِ أَصَالَةً وَتَبَعًا مَعَ عِقَابِهِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ سم.

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَسْتَلْزِمْ) أَيْ: خِطَابُهُ بِالْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ) قَدْ يُنَافِيهِ تَعْلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إذَا أَسْلَمَ بِالتَّرْغِيبِ بَلْ الْوَجْهُ حِينَئِذٍ تَعْلِيلُهُ بِعَدَمِ الْخِطَابِ وَعَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِ سم.

. (قَوْلُهُ الشَّامِلُ) إلَى قَوْلِهِ وَالتَّنْظِيرُ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ الشَّامِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ إذْ هُوَ لِلْجِنْسِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى رَأْيِ ابْنِ حَزْمٍ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَيْ يَأْمُرُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَالتَّنْظِيرُ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ وَالتَّنْظِيرُ إلَخْ) أَيْ فِي الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنْ فَرَّقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بَيْنَهُمَا اهـ زَادَ الْمُغْنِي بِأَنَّهُ إنَّمَا ضَرَبَ عَلَى الصَّلَاةِ لِلْحَدِيثِ، وَالصَّوْمُ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَمُكَابَدَةٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِيهَا) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ.

(قَوْلُهُ يَرِدُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ إلَخْ) لَا يُخْفَى مَا فِي مَنْعِ كَوْنِهِ عُقُوبَةً مِنْ التَّعَسُّفِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الرَّدِّ مَنْعُ امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ فِي الْعُقُوبَاتِ فَإِنَّهُ اُسْتُفِيدَ مِنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ اعْتِمَادُ جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ كَقَطْعِ السَّرِقَةِ مَعَ أَنَّهُ عُقُوبَةٌ سم.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) أَيْ: بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَيْ رَمَضَانَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِلْمَرِيضِ إلَخْ) وَلِمَنْ غَلَبَهُ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ حُكْمُ الْمَرِيضِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: إنْ كَانَ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَخَافُ مِنْهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا أَثَرَ لِلْمَرَضِ الْيَسِيرِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ الْأُذُنِ وَالسِّنِّ إلَّا أَنْ يَخَافَ الزِّيَادَةَ بِالصَّوْمِ فَيُفْطِرُ نِهَايَةٌ زَادَ الْإِيعَابُ وَأُلْحِقَ بِخَوْفِ زِيَادَةِ الْمَرَضِ خَوْفُ هُجُومِ عِلَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يَجِبُ إلَخْ) لَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُطْلَقُ الْجَوَازِ الشَّامِلِ لِلْوُجُوبِ إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ) خِلَافًا لِلْعُبَابِ وَتَبِعَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُ أَيْ: الْعُبَابُ يُبَاحُ الْفِطْرُ مِنْ الْفَرْضِ بِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ يُخَافُ مِنْهُ مُبِيحُ التَّيَمُّمِ وَيَجِبُ إنْ خَافَ هَلَاكَهُ وَبِمَرَضٍ وَلَوْ تَسَبَّبَ بِهِ إذَا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ مَعَهُ اهـ قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صُورَةَ الْإِبَاحَةِ غَيْرُ صُورَةِ الْوُجُوبِ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ مَتَى خَافَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَزِمَهُ الْفِطْرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْجَوَاهِرِ صَرَّحَ بِهِ وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى حَامِلٍ خَشِيَتْ الْإِسْقَاطَ إنْ صَامَتْ اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي كُتُبِهِ أَنَّهُ مَتَى خَافَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَزِمَهُ الْفِطْرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ الشِّرْبِينِيِّ وَالْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ مُبِيحَ التَّيَمُّمِ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ وَإِنَّ خَوْفَ الْهَلَاكِ مُوجِبٌ لَهُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (إذَا وُجِدَ بِهِ ضَرَرٌ إلَخْ) وَهُوَ مُبِيحٌ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لِلْمَرِيضِ الَّذِي يَصْعُبُ عَلَيْهِ أَوْ يَنَالُهُ بِهِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ فَاقْتَضَى الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ بِحَيْثُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ لَزِمَهُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُبَاحُ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ بِحَيْثُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ) أَيْ: بِأَنْ يَخْشَى لَوْ صَامَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ رَأَى غَرِيقًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إنْقَاذِهِ أَوْ صَائِلًا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِهِ إلَّا بِفِطْرِهِ لِشِدَّةِ مَا بِهِ مِنْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ إيعَابٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ) أَيْ: بِأَنْ تَعَاطَى لَيْلًا مَا يُمْرِضُهُ نَهَارًا قَصْدًا وَشَمَلَ الضَّرَرَ مَا لَوْ زَادَ مَرَضُهُ أَوْ خَشِيَ مِنْهُ طُولَ الْبُرْءِ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ) أَيْ: الْمَرَضُ (إلَيْهِ) أَيْ: الْمَرِيضِ.

(قَوْلُهُ فَوَاضِحٌ) أَيْ: فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ بِاللَّيْلِ (وَإِلَّا) أَيْ: كَأَنْ يَحْمُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ وَ (قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ) أَيْ وَقْتَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا قَبْلَ الْقُبَيْلِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَعُودُ لَهُ عَنْ قُرْبِ نِهَايَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَزِمَهُ الْفِطْرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَجِبُ الْفِطْرُ إذَا خَشِيَ الْهَلَاكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ فَإِنْ صَامَ فَفِي انْعِقَادِهِ احْتِمَالَانِ

لَا يَقْتَضِي عَدَمَ مُخَاطَبَتِهِ مُطْلَقًا حَتَّى يُفَرِّعَ عَلَيْهِ عَدَمَ الِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ وَكَيْفَ يَصِحُّ نَفْيُ الْمُخَاطَبَةِ أَصَالَةً وَتَبَعًا مَعَ عِقَابِهِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَنْعَقِدْ السَّبَبُ) قَدْ يُنَافِيهِ تَعْلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إذَا أَسْلَمَ بِالتَّرْغِيبِ بَلْ الْوَجْهُ حِينَئِذٍ تَعْلِيلُهُ بِعَدَمِ الْخِطَابِ وَعَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِ.

(قَوْلُهُ يَرِدُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ كَوْنَهُ عُقُوبَةً إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي مَنْعِ كَوْنِهِ عُقُوبَةً مِنْ التَّعَسُّفِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الرَّدِّ مَنْعُ امْتِنَاعِ الْقِيَاسِ فِي الْعُقُوبَاتِ فَإِنَّهُ اُسْتُفِيدَ مِنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ امْتِنَاعُ جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي الْحُدُودِ كَقَطْعِ السَّرِقَةِ مَعَ أَنَّهَا عُقُوبَةٌ.

(قَوْلُهُ بِحَيْثُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا أَثَرَ لِلْمَرَضِ الْيَسِيرِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ الْأُذُنِ وَالسِّنِّ إلَّا أَنْ يَخَافَ الزِّيَادَةَ بِالصَّوْمِ فَيُفْطِرَ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا قَبْلَ الْقُبَيْلِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ

ص: 429

(وَ) يُبَاحُ تَرْكُهُ لِنَحْوِ حَصَادٍ أَوْ بِنَاءٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ تَبَرُّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَمْرُ فِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُرْضِعَةِ خَافَ عَلَى الْمَالِ إنْ صَامَ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ لَيْلًا أَوْ لَمْ يُغْنِهِ فَيُؤَدِّي لِتَلَفِهِ أَوْ نَقْصِهِ نَقْصًا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَسَيَأْتِي فِي إنْقَاذِ الْمُحْتَرَمِ مَا يُؤَيِّدُهُ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ فِي نَحْوِ الْحَصَادِ الْمَنْعَ وَلِمَنْ أَطْلَقَ الْجَوَازَ وَلَوْ تَوَقَّفَ كَسْبُهُ لِنَحْوِ قُوتِهِ الْمُضْطَرِّ إلَيْهِ هُوَ أَوْ مُمَوِّنُهُ عَلَى فِطْرِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّ لَهُ الْفِطْرَ لَكِنْ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ وَ (لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ فَحَيْثُ جَازَ جَازَ الْفِطْرُ وَحَيْثُ لَا فَلَا نَعَمْ سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ الْفِطْرِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ سَفَرِهِ أَنْ يُفَارِقَ مَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِلْقَصْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِلَّا لَمْ يُفْطِرْ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَمَرَّ أَنَّهُ إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ وَلَا يُبَاحُ الْفِطْرُ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لِمَنْ قَصَدَ بِسَفَرِهِ مَحْضَ التَّرَخُّصِ كَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْأَبْعَدَ لِلْقَصْرِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُسَافِرَ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ هُنَا لَيْسَ لِمُجَرَّدِ التَّرَخُّصِ بَلْ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْحِنْثِ وَلَا لِمَنْ صَامَ قَضَاءً لَزِمَهُ الْفَوْرُ فِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ بَحْثًا

أَوْجَهُهُمَا انْعِقَادُهُ مَعَ الْإِثْمِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر إذَا خَشِيَ الْهَلَاكَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ الْهَلَاكَ لَكِنْ خَافَ بُطْءَ الْبُرْءِ أَوْ الشَّيْنَ الْفَاحِشَ أَوْ زِيَادَةَ الْمَرَضِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ مَتَى خَافَ مَرَضًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَجَبَ الْفِطْرُ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا بِحَيْثُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ خَوْفِ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ مَا لَوْ قَدِمَ الْكُفَّارُ بَلْدَةً مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا وَاحْتَاجُوا فِي دَفْعِهِمْ إلَى الْفِطْرِ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِتَالِ إلَّا بِهِ جَازَ لَهُمْ بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ تَحَقَّقُوا تَسَلُّطَ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُبَاحُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ تَوَقَّفَ ذِكْرُهُ ع ش عَنْ الشَّارِحِ وَأَقَرَّهُ.

(قَوْلُهُ وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِنَحْوِ حَصَادٍ إلَخْ) أَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَصَّادِينَ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا نِهَايَةٌ زَادَ الْإِيعَابُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْحَصَّادِينَ فِي ذَلِكَ سَائِرُ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ الْمُشِقَّةِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْأَجِيرِ الْغَنِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْمُتَبَرِّعِ وَيَشْهَدُ لَهُ إطْلَاقُهُمْ الْآتِي فِي الْمُرْضِعَةِ الْأَجِيرَةِ أَوْ الْمُتَبَرِّعَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيهَا تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا اُحْتِيجَ لِفِعْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ بِأَنْ خِيفَ مِنْ تَرْكِهَا نَهَارًا فَوَاتُ مَالٍ لَهُ وَقَعَ عُرْفًا اهـ قَالَ الرَّشِيدِيّ قَوْلُهُ م ر ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ إلَخْ ظَاهِرَهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ وَلَعَلَّ الْأَذْرَعِيَّ يَرَى مَا رَآهُ الشِّهَابُ وَقِيَاسُ طَرِيقَةِ الشَّارِحِ م ر الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّهَا تُبِيحُ التَّيَمُّمَ اهـ عِبَارَةُ ع ش وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ حَجّ إنْ خَافَ عَلَى الْمَالِ إنْ صَامَ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمُبِيحِ التَّيَمُّمِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

(قَوْلُهُ إنْ صَامَ) أَيْ: فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْعَمَلِ نَهَارًا.

(قَوْلُهُ عَلَى فِطْرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَوَقَّفَ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِلْمُسَافِرِ إلَخْ) أَيْ: يُبَاحُ تَرْكُهُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ نَذْرًا وَلَوْ تَعَيَّنَ أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُبَاحُ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مَا تُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْعُمْرَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سُوَرٌ أَوْ السُّورِ إنْ كَانَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ طُلُوعِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُفَارِقُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ حِينَ طُلُوعِ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ لَمْ يُفْطِرْ ذَلِكَ إلَخْ) وَلَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ امْتَنَعَ الْفِطْرُ أَيْضًا لِلشَّكِّ فِي مُبِيحِهِ نِهَايَةٌ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ: فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ (أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: الْمُسَافِرَ.

(قَوْلُهُ مَحْضُ التَّرَخُّصِ) يَنْبَغِي أَنْ يُبَاحَ الْفِطْرُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَضَرًا لِنَحْوِ مُرِيدِ حَرٍّ فَسَافَرَ لِيَتَرَخَّصَ بِالْفِطْرِ لِدَفْعِ مَشَقَّةِ الصَّوْمِ حَضَرًا وَقَصَدَ الْقَضَاءَ إذَا اعْتَدَلَ الزَّمَنُ م ر اهـ سم أَيْ: كَمَا يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي آنِفًا فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ وَقَوْلُهُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَضَرًا أَيْ: بِحَيْثُ لَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِلَّا فَيُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ حَضَرًا كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَالنِّهَايَةِ وَالْإِيعَابِ وَيُفْهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ لِمُجَرَّدِ التَّرَخُّصِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ صَامَ قَضَاءً إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْ قَصَدَ بِسَفَرِهِ إلَخْ وَمِنْ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمُسَافِرِ.

(قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ صَامَ قَضَاءً إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي قَالَ سم وَيُفَارِقُ الْأَدَاءَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ فِيهِ وَلَمْ يُخَيِّرْ فِي الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى وَاجِبِ أَصْلِ الشَّرْعِ م ر وَجَزَمَ بِعَدَمِ الْإِبَاحَةِ هُنَا فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَكِنْ الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ فَقَالَ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَ الْفِطْرِيَّةِ بِمَنْ يَرْجُو إقَامَةً يَقْضِي فِيهَا بِخِلَافِ مُدِيمِ السَّفَرِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْفِطْرِ لَهُ تَغْيِيرَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَّلَ بَحْثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ لِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَنَظَرَ الشَّارِحِ فِي الْأُولَى هُنَا بِمَا يَأْتِي وَفِي كِلْتَيْهِمَا فِي الْإِيعَابِ وَالْإِمْدَادِ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر تَغْيِيرُ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فِطْرِهِ

وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِنَحْوِ حَصَادٍ إلَخْ) أَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَصَّادِينَ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ كُلِّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا شَرْحَ م ر.

(قَوْلُهُ مَحْضُ التَّرَخُّصِ) يَنْبَغِي أَنْ يُبَاحَ الْفِطْرُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ حَضَرًا لِنَحْوِ مَزِيدُ حَرٍّ فَسَافَرَ لِيَتَرَخَّصَ بِالْفِطْرِ لِدَفْعِ مَشَقَّةِ الصَّوْمِ حَضَرًا وَقَصَدَ الْقَضَاءَ إذَا اعْتَدَلَ الزَّمَنُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ صَامَ قَضَاءً لَزِمَهُ الْفَوْرُ فِيهِ) يُفَارِقُ الْأَدَاءَ بِأَنَّ اللَّهَ خَيَّرَ فِيهِ وَلَمْ يُخَيِّرْ فِي الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى وَاجِبِ أَصْلِ الشَّرْعِ م ر (قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ صَامَ قَضَاءً إلَخْ) جَزَمَ بِعَدَمِ الْإِبَاحَةِ هُنَا فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَكِنْ الَّذِي فِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ بَحْثًا وَلَا لِمَنْ لَا يَرْجُو إلَخْ) وَهُوَ أَيْ: مَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ

ص: 430

وَلَا لِمَنْ لَا يَرْجُو زَمَنًا يَقْضِي فِيهِ لِإِدَامَتِهِ السَّفَرَ أَبَدًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ كَرَجَبٍ أَوْ قَالَ أَصُومُهُ مِنْ الْآنَ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ عِنْدَ الْقَاضِي كَرَمَضَانَ بَلْ أَوْلَى وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ الْبَغَوِيّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ لَهُ الْفِطْرَ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَهَذَا لَمْ يُجَوِّزْهُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهِ لِعِلْمِهِ مِمَّا جَوَّزَهُ الشَّارِعُ بَلْ بِالْأَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت الْأَنْوَارَ جَزَمَ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَزْوِهِ لِلْقَاضِي وَصَرِيحُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ امْتِنَاعُ الْفِطْرِ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ عَلَى مَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ انْسَدَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ رَمَضَانَ.

(وَلَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَمَرِضَ أَفْطَرَ) لِوُجُوبِ سَبَبِ الْفِطْرِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ فِي حِلِّ الْفِطْرِ بِالْعُذْرِ قَصْدُ التَّرَخُّصِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمُحْصِرٍ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ وَلِيَتَمَيَّزَ الْفِطْرُ الْمُبَاحُ مِنْ غَيْرِهِ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ كَتَحَلُّلِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تَحَلُّلَهَا وَاقِعٌ مَعَ انْقِضَائِهَا وَلَيْسَ مُبْطِلًا لَهَا وَمَا هُنَا فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ وَمُبْطِلٌ لَهَا فَتَعَيَّنَ إلْحَاقُهُ بِتَحَلُّلِ الْمُحْصِرِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ وَكَذَا بِغَيْرِهَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْوُجُوبِ (وَإِنْ) أَصْبَحَ صَائِمًا ثُمَّ (سَافَرَ فَلَا) يُفْطِرُ تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ.

(وَلَوْ أَصْبَحَ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ صَائِمَيْنِ) بِأَنْ نَوَيَا لَيْلًا (ثُمَّ أَرَادَا الْفِطْرَ جَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ لِوُجُودِ سَبَبِ التَّرَخُّصِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْقَصْرُ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَارِكًا لِلْإِتْمَامِ الَّذِي الْتَزَمَهُ لَا إلَى بَدَلٍ وَهُنَا يَتْرُكُ الصَّوْمَ بِبَدَلٍ هُوَ الْقَضَاءُ قَالَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ وَلَهُمَا ذَلِكَ وَإِنْ نَذَرَا الْإِتْمَامَ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الشَّرْعِ أَقْوَى مِنْهُ وَكَمَا لَوْ نَذَرَ مُسَافِرٌ الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ

ذَلِكَ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ السَّفَرِ فَقَدْ يُصَادِفُ أَنَّ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ مَشَقَّةٌ قَوِيَّةٌ كَشِدَّةِ حَرٍّ فَيُفْطِرُ وَيَقْضِيهِ فِي زَمَنٍ لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ كَزَمَنِ الشِّتَاءِ وَقَوْلُهُ م ر وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ الصَّوْمِ ضَرَرٌ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْفِطْرُ بَلْ وَجَبَ اهـ ع ش وَهَذَا جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ وَالزِّيَادِيِّ دُونَ طَرِيقَةِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ لَا يَرْجُو زَمَنًا يَقْضِي فِيهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُفْطِرَ رَمَضَانَ بِقَصْدِ الْقَضَاءِ بَعْدُ فِي السَّفَرِ فَيَجُوزُ م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ) تَقَدَّمَ عَنْ ع ش بَيَانُهُ.

(قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ أَوْ لَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ أَصُومُهُ مِنْ الْآنَ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَصُومُهُ مِنْ الْآنَ سم.

(قَوْلُهُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ امْتِنَاعُ الْفِطْرِ) أَيْ: فِي غَيْرِ رَمَضَانَ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ سَفَرِ غَيْرِ النُّزْهَةِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ الْفِطْرِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ هُنَا م ر وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ سم.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ أَصْبَحَ) أَيْ: الْمُقِيمُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ فِي حِلِّ الْفِطْرِ إلَخْ) يَنْبَغِي وَكَذَا التَّرَخُّصُ فِي حِلِّ تَرْكِ النِّيَّةِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ لِنَحْوِ الْمَرِيضِ فَإِنْ تَرَكَهَا بِدُونِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّرَخُّصِ لِيَجُوزَ لَهُ تَرْكُ الْإِمْسَاكِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ قَصْدُ التَّرَخُّصِ) مَفْهُومُهُ الْإِثْمُ إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلِيَتَمَيَّزَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمُحْصَرٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَهُ إلَخْ) أَيْ: فَقَالَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ كَمَا لَا تُشْتَرَطُ فِي تَحَلُّلِ الصَّلَاةِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ إلَخْ) أَيْ: فِي شَرْحِهِ وَ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا بِغَيْرِهَا) مَقُولُ الْقَوْلِ وَ.

(قَوْلُهُ إنَّهُ إلَخْ) فَاعِلٌ سَيَأْتِي وَالضَّمِيرُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ صَرِيحٌ فِي الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُفْطِرُ) أَيْ: بِعُذْرِ السَّفَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبَهُ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (جَازَ) أَيْ: بِشَرْطِ نِيَّةِ التَّرَخُّصِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ قَالَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَيْضًا وَقَالَ سم قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ أَنَّهُ حَيْثُ سُنَّ الصَّوْمُ أَوْ الْقَصْرُ أَوْ الْإِتْمَامُ فَنَذَرَهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَمْ يَجُزْ الْخُرُوجُ مِنْهُ إلَّا إنْ تَضَرَّرَ وَفَارَقَ جَوَازَ الْخُرُوجِ مِنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً بِأَنَّهُ ثَمَّ رُخْصَةٌ وَهُنَا قَدْ أَتَى بِمَا يُنَافِيهَا وَهُوَ الْتِزَامُ الْإِتْمَامِ الْمَنْدُوبِ لَهُ انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ الْفِطْرُ نِهَايَةٌ أَيْ: فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمَا سم.

(قَوْلُهُ وَإِنْ نَذَرَا الْإِتْمَامَ) أَيْ إتْمَامَ رَمَضَانَ وَبَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ الْمُسَافِرُ صَوْمَ تَطَوُّعٍ فِي السَّفَرِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَانَ صَوْمُهُ أَفْضَلَ بِإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِيهِ مَشَقَّةٌ أَصْلًا انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَإِلَّا فَلَا ع ش وَقَوْلُهُ إتْمَامُ رَمَضَانَ

الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ لِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَا لِمَنْ لَا يَرْجُو زَمَنًا يَقْضِي فِيهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُفْطِرَ رَمَضَانَ بِقَصْدِ الْقَضَاءِ بَعْدُ فِي السَّفَرِ فَيَجُوزُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ أَصُومُهُ مِنْ الْآنَ) كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَصُومُهُ مِنْ الْآنَ.

(قَوْلُهُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ) مَفْهُومُهُ الْجَوَازُ فِي سَفَرِ غَيْرِ النُّزْهَةِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَإِنْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ) أَيْ: بِخِلَافِ سَفَرِ غَيْرِ النُّزْهَةِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ الْفِطْرِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ هُنَا م ر وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ.

. (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي حِلِّ الْفِطْرِ) يَنْبَغِي وَكَذَا فِي حِلِّ تَرْكِ النِّيَّةِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ لِنَحْوِ الْمَرِيضِ فَإِنْ تَرَكَهَا بِدُونِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّرَخُّصِ لِيَجُوزَ لَهُ تَرْكُ الْإِمْسَاكِ م ر.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) اعْتَمَدَهُ م ر.

. (قَوْلُهُ قَالَ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ أَنَّهُ حَيْثُ سُنَّ الصَّوْمُ أَوْ الْقَصْرُ أَوْ الْإِتْمَامُ فَنَذَرَهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إلَّا إنْ تَضَرَّرَ وَفَارَقَ جَوَازَ الْخُرُوجِ مِنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً بِأَنَّهُ ثَمَّ رُخْصَةٌ وَهُنَا قَدْ أَتَى بِمَا يُنَافِيهَا وَهُوَ الْتِزَامُ الْإِتْمَامِ الْمَنْدُوبِ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ: فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمَا م ر

ص: 431

فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي النَّذْرِ (فَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ الَّذِي نَوَى (وَشُفِيَ) الْمَرِيضُ كَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَنَاوَلَا مُفْطِرًا (حَرُمَ الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِانْتِفَاءِ الْمُبِيحِ.

(وَإِذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ قَضَيَا) لِلْآيَةِ (وَكَذَا الْحَائِضُ) وَالنُّفَسَاءُ إجْمَاعًا وَذَكَرَهَا اسْتِيعَابًا لِأَقْسَامٍ مَنْ يَقْضِي وَإِنْ قَدَّمَهَا فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَحْكَامِهِ فَلَا تَكْرَارَ (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْإِيجَابِ مِنْ الْمَعْذُورِ وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى عِنْدَ كَثِيرِينَ (وَتَارِكُ النِّيَّةِ) الْوَاجِبَةِ وَلَوْ سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ إنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ الْأَكْلُ نَاسِيًا؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالنِّسْيَانُ يُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ النِّيَّةِ فَإِنَّهَا مَأْمُورٌ بِهَا وَالنِّسْيَانُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَيُسَنُّ تَتَابُعُ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ فِي قَضَائِهِ إلَّا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ كَمَا يَأْتِي.

(وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ) مِنْ رَمَضَانَ (بِالْإِغْمَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهَا (وَالرِّدَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْوُجُوبَ بِالْإِسْلَامِ (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) إجْمَاعًا وَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ (وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا نَعَمْ لَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى جَمِيعَ أَيَّامِ الْجُنُونِ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ السُّكْرِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ.

(وَلَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (بِالنَّهَارِ) فِي حَالِ كَوْنِهِ (صَائِمًا) بِأَنْ نَوَى لَيْلًا (وَجَبَ إتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ جَامَعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

أَيْ: إتْمَامُ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ) كَذَا فِي الْقُوتِ سم.

(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ) يُرَاجَعُ ثُمَّ إنْ رَجَعَ أَيْضًا لِمَا قَالَهُ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُهُ الْحِلُّ أَيْضًا م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: الَّذِي نَوَى لَيْلًا.

(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَنَاوَلَا) تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ.

(قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 184] أَيْ: فَأَفْطَرَ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَهَا إلَخْ) وَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: قَضَاءَ الْحَائِضِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَهْوًا) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا يَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ نَسِيَ النِّيَّةَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ سم.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي آخِرِ بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْإِغْمَاءِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ ع ش أَيْ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهِ إذَا تَعَدَّى بِهِ فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النِّهَايَةُ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَوْعٌ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ ظَنَّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَفْطَرَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَهُنَا يَلْزَمُهُ إلَى وَيُثَابُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُؤْخَذُ إلَى الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ) أَيْ فَانْدَرَجَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 184] الْآيَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالرِّدَّةِ) أَيْ: يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهَا إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَى السَّكْرَانِ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ: فَلَوْ خَالَفَ وَقَضَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحِ م ر فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا لَا تَنْعَقِدُ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْجُنُونِ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَدَّى بِهِ سم وَجَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ إلَخْ) قَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامٍ لِشَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ مُصَرَّحٌ كَمَا تَرَى بِقَضَاءِ جَمِيعِ أَيَّامِ السُّكْرِ إذَا تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ الْمُتَضَمِّنُ لِقَضَاءِ أَيَّامِ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِيهِ وَبِعَدَمِ قَضَاءِ أَيَّامِ الْجُنُونِ الْحَاصِلِ عَقِبَ السُّكْرِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ؛ إذْ لَا يَتَأَتَّى وُجُوبُ قَضَاءِ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِي السُّكْرِ الَّذِي لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْجُنُونِ عَقِبَ السُّكْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ) بَقِيَ مَا لَوْ قَارَنَ الْجُنُونُ الرِّدَّةَ بِأَنْ قَارَنَ قَوْلَهُ الْمُكَفِّرَ الْجُنُونُ فَهَلْ يَغْلِبُ الْجُنُونُ أَوْ الرِّدَّةُ أَوْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ فِيهِ نَظَرٌ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الثَّالِثُ اهـ ع ش بِحَذْفٍ.

(قَوْلُهُ الصَّبِيُّ) أَيْ: بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصَّبِيَّةِ كَمَا مَرَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى جَمِيعِهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَوْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ فِي زَمَنِ الصِّبَا ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ وَمَا فَعَلَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ خَصْلَةً وَاحِدَةً لَا تَتَبَعَّضُ لَكِنَّ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ) كَذَا فِي الْقُوتِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ) يُرَاجَعُ ثُمَّ إنْ رَجَعَ أَيْضًا لِمَا قَالَهُ وَالِدُ الرُّويَانِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُهُ الْحِلُّ أَيْضًا م ر.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ فَوْرًا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ نَسِيَ النِّيَّةَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْجُنُونُ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَدَّى بِهِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ مِنْ وُجُوبِ قَضَائِهَا مَعَ جُنُونٍ تَعَدَّى بِهِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ قَدْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ حَيْثُ لَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْإِغْمَاءِ وَمِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْحَاصِلِ السَّابِقِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى جَمِيعَ أَيَّامِ الْجُنُونِ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ السُّكْرِ فَقَطْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ عَطْفًا عَلَى مَنْ يَقْضِي وَذُو إغْمَاءٍ وَسُكْرٍ اسْتَغْرَقَا وَلَوْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ هَذَا إنْ أَرَادَ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ السُّكْرِ الَّذِي تَخَلَّلَهُ جُنُونٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَصْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ بَيَانَ حُكْمِ الْجُنُونِ الْمُتَّصِلِ بِالسُّكْرِ وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْهُ عِبَارَتُهُ فَمَا ذَكَرَهُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَشَبَّهَهُ بِالصَّلَاةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَهُوَ مُصَرَّحٌ كَمَا تَرَى بِقَضَاءِ جَمِيعِ أَيَّامِ السُّكْرِ إذَا تَخَلَّلَهَا جُنُونُ الْمُتَضَمِّنِ لِقَضَاءِ أَيَّامِ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِيهِ وَعَلَّلَهُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ بِعُذْرِ الْجُنُونِ تَخْفِيفٌ لَا يُنَاسِبُ حَالَ الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ كَالْمُرْتَدِّ اهـ وَبِعَدَمِ قَضَاءِ أَيَّامِ الْجُنُونِ الْحَاصِلِ عَقِبَ السُّكْرِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْمُتَّصِلُ بِالسُّكْرِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُتَعَدِّي بِالسُّكْرِ إذْ لَا يَتَأَتَّى وُجُوبُ قَضَاءِ الْجُنُونِ الْوَاقِعِ فِي السُّكْرِ الَّذِي لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْجُنُونِ عَقِبَ السُّكْرِ.

. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بِالنَّهَارِ فِي حَالِ كَوْنِهِ صَائِمًا وَجَبَ إتْمَامُهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِنْ أَفْطَرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ

ص: 432

لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ.

(وَلَوْ بَلَغَ فِيهِ) أَيْ: النَّهَارِ (مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ أَوْ أَسْلَمَ فَلَا قَضَاءَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْأَدَاءَ وَالتَّكْمِيلَ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ فَهُوَ كَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَدْرَ رَكْعَةٍ ثُمَّ جُنَّ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ) أَيْ: هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ (إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْطَرُوا لِعُذْرٍ فَأَشْبَهُوا الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ.

(وَيَلْزَمُ) الْإِمْسَاكَ (مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) وَلَوْ شَرْعًا كَأَنْ ارْتَدَّ عُقُوبَةً لَهُ (أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ) مِنْ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ نَوْعُ تَقْصِيرٍ وَكَذَا لَوْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ فَأَكَلَ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ (لَا مُسَافِرًا وَمَرِيضًا) وَمِثْلُهُمَا حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ وَمَنْ أَفْطَرَ لِعَطَشٍ أَوْ جُوعٍ خَشِيَ مِنْهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ فَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَصَوَّبَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ كَمَا تَرَى مُصَرِّحٌ بِخِلَافِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ التَّعَدِّي بِالْفِطْرِ مَعَ عَدَمِ التَّقْصِيرِ (زَالَ عُذْرُهُمَا بَعْدَ الْفِطْرِ) ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْعُذْرِ بَعْدَ التَّرَخُّصِ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَعْدَ الْقَصْرِ وَالْوَقْتُ بَاقٍ نَعَمْ يُسَنُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيُسَنُّ لَهُمَا أَيْضًا إخْفَاءُ الْفِطْرِ خَوْفَ التُّهْمَةِ أَوْ الْعُقُوبَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ ذَلِكَ دُونَ مَنْ ظَهَرَ سَفَرُهُ أَوْ مَرَضُهُ الزَّائِلُ بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَلَوْ زَالَ) عُذْرُهُمَا (قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَا) أَيْ يَتَنَاوَلَا مُفْطِرًا (وَلَمْ يَنْوِيَا لَيْلًا فَكَذَا) لَا يَلْزَمُهُمَا إمْسَاكٌ (فِي الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ مُفْطِرٌ حَقِيقَةً فَهُوَ كَمَنْ أَكَلَ أَمَّا إذَا نَوَيَا لَيْلًا فَيَلْزَمُهُمَا إتْمَامُ صَوْمِهِمَا كَمَا مَرَّ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ: الْإِمْسَاكَ (يَلْزَمُ مِنْ) تَرْكِ النِّيَّةِ لَيْلًا وَمَنْ (أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ) فَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَأْكُلْ وَهُوَ هُنَا يَوْمُ ثَلَاثِينَ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَدَّثْ فِيهِ بِرُؤْيَةٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ) لِتَبَيُّنِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَكَلَ لِجَهْلِهِ بِهِ وَبِهِ فَارَقَ

الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ ع ش.

(قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) أَيْ: مَعَ الْقَضَاءِ سم.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ إلَخْ) لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ رَوْضٌ وَبَافَضْلٍ وَمُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُسَنُّ لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ إخْفَاءُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لِلتُّهْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَعُلِمَ مِنْ نَدْبِ الْإِمْسَاكِ أَنَّهُ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِي جِمَاعِ مُفْطِرَةٍ كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَكَافِرَةٍ وَحَائِضٍ اغْتَسَلَتَا اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ الْأَصْوَبُ اغْتَسَلَتْ أَيْ: الْحَائِضُ اهـ وَقَدْ يُفِيدُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ قَوْلُ الشَّارِحِ فَأَشْبَهُوا الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمَا حَائِضٌ وَنُفَسَاءُ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمُسَافِرِ نَدْبُ الْإِمْسَاكِ ع ش.

(قَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ: مَنْ ذَكَرَ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ وَمَنْ أَفْطَرَ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ مَنْ أَفْطَرَ إلَخْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ لَيْسَ إلَخْ) خَبَرٌ فَنُقِلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ كَمَا تَرَى) فِيهِ تَأَمُّلٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِكَلَامِهِمْ قَوْلَهُ وَمِثْلُهُمَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ يُسَنُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) وَيُسْتَحَبُّ الْإِمْسَاكُ أَيْضًا لِمَنْ طَهُرَتْ مِنْ نَحْوِ حَيْضِهَا وَلِمَنْ أَفَاقَ أَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَيُنْدَبُ لِهَذَيْنِ الْقَضَاءُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ شَرْحُ بَافَضْلٍ عِبَارَةُ سم صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِسِنِّهِ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَا أَثْنَاءَ النَّهَارِ اهـ وَعِبَارَةُ بَاعَشَنٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَلْ يُسَنُّ وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا أَوْ بَاطِنًا فَقَطْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ اهـ وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ يَشْمَلُ مَنْ أَفْطَرَ لِعَطَشٍ أَوْ جُوعٍ إلَخْ فَيُسَنُّ لَهُ الْإِمْسَاكُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لَهُمَا إلَخْ) أَيْ: لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ وَمِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ زَالَ عُذْرُهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيلِ.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَقَامَ وَشُفِيَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ مَنْ تَرَكَ النِّيَّةَ لَيْلًا) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَلْزَمُ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ فَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَأْكُلْ) وَنُدِبَ لَهُ نِيَّةُ الصِّيَامِ عُبَابٌ زَادَ النِّهَايَةُ أَيْ الْإِمْسَاكُ اهـ قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا إذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوَائِلَ النَّهَارِ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر أَيْ: الْإِمْسَاكُ قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةَ الْإِمْسَاكِ فَمَا وَجْهُ تَقْيِيدِ اسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ يَكُونُ الثُّبُوتُ قَبْلَ نَحْوِ الْأَكْلِ هَذَا وَالْمَشْهُورُ إبْقَاءُ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهَا حِينَئِذٍ إذَا كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا إنْ قَلَّدَهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

وَفِي ع ش مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَكَلَ

وَالْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ لَوْ جَامَعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَإِنْ اسْتَمَرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا يَأْتِي اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ أَفَاقَ أَوْ أَسْلَمَ فَلَا قَضَاءَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ اهـ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِاسْتِحْبَابِ إمْسَاكِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَقَضَائِهِ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ قَضَائِهِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ وَيُجَابُ بِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّوْضِ فِي يَوْمِ الْإِسْلَامِ وَكَلَامِ شَيْخِنَا فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُ فِي الْكُفْرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا لَائِحٌ فَإِنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضِ صَارَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَلْ يَصِحُّ مِنْهُ قَضَاءُ مَا فَاتَ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَاطَبًا بِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ الطَّلَبُ تَخْفِيفًا أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَةِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً مُطْلَقًا أَنْ لَا تَصِحَّ وَالْقَضَاءُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الثَّانِي يُفَارِقُ صِحَّةَ قَضَاءِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى كَرَاهَتِهِ بِأَنَّ الْحَائِضَ مِنْ أَهْلِ خِطَابِ الْمُطَالَبَةِ قَطْعًا فِي الْجُمْلَةِ بَلْ هِيَ مُخَاطَبَةُ خِطَابٍ مُطَالَبَةٌ بِالْفِعْلِ حَالَ الْحَيْضِ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ نَقَلَ أَنَّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ فِي الْكُفْرِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَلَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَصِحُّ اهـ وَقِيَاسُهُ عَدَمُ صِحَّةِ قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْكُفْرِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ فِي فَصْلِ إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ صِحَّةُ قَضَاءِ الْكَافِرِ الصَّلَاةَ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ قَضَاءِ الصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ يُسَنُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) صَرَّحَ فِي الْإِرْشَادِ بِسَنِّهِ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طُهْرًا أَثْنَاءَ النَّهَارِ اهـ وَانْظُرْ هَلْ يُسَنُّ

ص: 433