المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في حكم تارك الصلاة) - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ٣

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌[فَصْلٌ التَّكْبِيرُ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ الْمَيِّت]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الدَّفْنِ وَمَا يَتْبَعُهُ

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[فَصْلٌ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِخْرَاجِ وَبَعْضِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَتَوَابِعِهِ]

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي النِّيَّةِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْمُفْطِرَاتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ

- ‌[فَرْعٌ الْوِصَالُ بَيْنَ صَوْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَمُرَخِّصَاتِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ فِدْيَةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ كَفَّارَةِ جِمَاعِ رَمَضَانَ

- ‌(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُتَتَابِعِ

الفصل: ‌(باب في حكم تارك الصلاة)

(فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ) فِي نَحْوِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْقُنُوتِ؛ لِأَنَّهُ نَازِلَةٌ كَمَا مَرَّ وَأَعْقَابَ الصَّلَوَاتِ وَمَنْ زَعَمَ نَدْبَ قَوْلِ هَذَا فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَدْ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَرِدْ بِهِ وَلَا دَخَلَ حِينَئِذٍ وَقْتُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْأُمِّ صَرِيحَةٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَفِي أَنَّهُ لَا يُسَنُّ هُنَا خُرُوجٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا تَحْوِيلُ رِدَاءٍ (رَفْعَهُ) فَيَقُولُوا نَدْبًا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا» ) بِفَتْحِ اللَّامِ «وَلَا عَلَيْنَا» ) أَيْ اجْعَلْهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي الَّتِي لَا يَضُرُّهَا لَا الْأَبْنِيَةِ وَالطُّرُقِ فَالثَّانِي بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالْأَوَّلِ لِشُمُولِهِ لِلطُّرُقِ الَّتِي حَوَالَيْهِمْ اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، وَالْآكَامِ بِالْمَدِّ جَمْعُ أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ أَكَامٍ كَكِتَابٍ جَمْعُ أَكَمٍ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ دُونَ الْجَبَلِ وَفَوْقَ الرَّابِيَةِ، وَالظِّرَابُ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَوَهِمَ مَنْ قَالَ بِالضَّادِ السَّاقِطِ جَمْعُ ظَرِبٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ وَأَفَادَتْ الْوَاوُ أَنَّ طَلَبَ الْمَطَرِ حَوَالَيْنَا الْقَصْدُ مِنْهُ بِالذَّاتِ وِقَايَةُ أَذَاهُ فَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ اجْعَلْهُ حَوَالَيْنَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا وَفِيهِ تَعْلِيمُنَا لِأَدَبِ هَذَا الدُّعَاءِ حَيْثُ لَمْ يُدْعَ بِرَفْعِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ لِاسْتِمْرَارِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَوْدِيَةِ وَالْمَزَارِعِ فَطَلَبَ مَنْعَ ضَرَرِهِ وَبَقَاءَ نَفْعِهِ وَإِعْلَامُنَا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ أَنْ لَا يَتَسَخَّطَ بِعَارِضٍ قَارَنَهَا بَلْ يَسْأَلَ اللَّهَ رَفْعَهُ وَإِبْقَاءَهَا وَبِأَنَّ الدُّعَاءَ بِرَفْعِ الْمُضِرِّ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَالتَّفْوِيضَ (وَلَا يُصَلِّي لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَمْ يُؤَثِّرْ غَيْرُ الدُّعَاءِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ الصَّلَاةُ لِذَلِكَ فُرَادَى

(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ)

(إنْ تَرَكَ) مُكَلَّفٌ عَالِمٌ أَوْ جَاهِلٌ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلِهِ لِكَوْنِهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَلَا يُخْرِجُهُ الْجَحْدُ الَّذِي هُوَ إنْكَارُ مَا سَبَقَ عِلْمُهُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْعَالِمِ (الصَّلَاةَ) الْمَكْتُوبَةَ الَّتِي هِيَ إحْدَى الْخَمْسِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ الْآتِي عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِهَذِهِ لَا غَيْرُ

نُدِبَ قَوْلُ هَذَا) أَيْ دُعَاءُ الرَّفْعِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلَا دَخَلَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا صَلَاةٌ) أَيْ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ (قَوْلُهُ: فَيَقُولُوا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ يَسْأَلُوا اللَّهَ إلَخْ وَقَوْلُهُ نَدْبًا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَوْلُ الْمَتْنِ «حَوَالَيْنَا» ) أَيْ أَنْزِلْ الْمَطَرَ حَوَالَيْنَا أَيْ الْجِهَاتُ الَّتِي تُحِيطُ بِنَا «وَلَا عَلَيْنَا» ) أَيْ وَلَا تَنْزِلْهُ عَلَيْنَا أَوْ لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْنَا فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ «حَوَالَيْنَا» مُثَنَّى مُفْرَدُهُ حَوَالٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُفْرَدٌ أَيْ عَلَى صُورَةِ الْجَمْعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا حَوَالَيْنَا جَمْعُ حَوَالٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ التَّثْنِيَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَالثَّانِي) أَيْ «وَلَا عَلَيْنَا» (وَقَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ) أَيْ وَحَوَالَيْنَا (وَقَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ) إلَى أَفَادَتْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْبَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْآكَامِ إلَى وَأَفَادَتْ (قَوْلُهُ: جَمْعُ أَكَمَةٍ) أَيْ بِفَتْحَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الدُّعَاءِ الْوَارِدِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: لِأَدَبِ هَذَا الدُّعَاءِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظَةِ هَذَا كَمَا فَعَلَهُ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: وَإِعْلَامُنَا) عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِنَا (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يُؤْثَرْ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَرِدْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّهَا تُسَنُّ لِنَحْوِ الزَّلْزَلَةِ فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا نَحْوُهَا فَيُحْمَلُ ذَلِكَ أَيْ وَلَا يُصَلَّى إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ اهـ.

وَفِي الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ خِيفَ الْغَرَقُ بِزِيَادَةِ النِّيلِ مَثَلًا أَوْ ضَرَرُ دَوَامِ الْغَيْمِ أَوْ انْحَبَسَتْ الشَّمْسُ سَأَلُوا اللَّهَ إزَالَتَهُ بِلَا صَلَاةٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ اهـ أَيْ بِالْهَيْئَةِ السَّابِقَةِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فُرَادَى) أَيْ وَيَنْوِي بِهَا نِيَّةَ رَفْعِ الْمَطَرِ ع ش وَحَلَبِيٌّ.

(خَاتِمَةٌ)

رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قُلْت لِأَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ عَلِّمْنِي شَيْئًا يُقَرِّبُنِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُقَرِّبُنِي مِنْ النَّاسِ فَقَالَ أَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَسْأَلَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يُقَرِّبُك مِنْ النَّاسِ فَتَرْكُ مَسْأَلَتِهِمْ ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» ثُمَّ أَنْشَدَ

اللَّهُ يَغْضَبُ إنْ تَرَكْت سُؤَالَهُ

وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ

مُغْنِي

[بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ]

(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ) أَيْ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَصَالَةً جَحْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَتَقْدِيمُهُ هُنَا عَلَى الْجَنَائِزِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ أَلْيَقُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهَا وَمِنْ ذِكْرِهِ فِي الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ الْعَيْنِيَّةِ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ خَاتِمَةً لَهَا ع ش (قَوْلُهُ: مُكَلَّفٌ) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ وُجُوبُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ لِآيَةِ {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: 5] وَقَوْلَهُ: دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ وَقَوْلَهُ: وَيَلْحَقُ إلَى بِخِلَافِ مَا (قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلٌ لَمْ يُعْذَرْ) أَيْ أَمَّا مَنْ أَنْكَرَهُ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ كَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا ثُمَّ أَفَاقَ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلَيْسَ مُرْتَدًّا بَلْ يُعَرَّفُ الْوُجُوبَ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ مُرْتَدًّا مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَلَا يُقَرُّ مُسْلِمٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ عَمْدًا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَبَهَ صَغِيرٌ مُسْلِمٌ بِصَغِيرٍ كَافِرٍ ثُمَّ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُسْلِمُ مِنْهُمَا وَلَا قَافَةَ وَلَا انْتِسَابَ وَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ شَهْرًا فَأَكْثَرَ إلَّا الْمُسْتَحَاضَةُ الْمُبْتَدَأَةُ إذَا ابْتَدَأَ الضَّعِيفُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ ثُمَّ أَقْوَى مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَظْهُرِنَا) أَيْ بَيْنَنَا ظَاهِرًا كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهُ) أَيْ الْجَاهِلَ سم أَيْ عَنْ حُكْمِ الْعَالِمِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْجَحْدُ) أَيْ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كَوْنَهُ) أَيْ الْجَاهِلِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَخْفَى) أَيْ وُجُوبُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: صَيَّرَهُ فِي حُكْمِ الْعَالِمِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: الْمَكْتُوبَةَ) أَيْ أَمَّا تَارِكُ الْمَنْذُورَةِ

وَرَحْمَتِهِ بِأَنْ يَقُولَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَنَوْءِ كَذَا بَلْ الْإِيهَامُ فِي الِاقْتِصَارِ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ فَلَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ أَخْذًا مِنْ حُرْمَةِ الْجَمْعِ فِي بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ وَمِمَّا يُبْطِلُ هَذَا الْأَخْذَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ ثَمَّ عَلَى اسْمِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ بِسْمِ مُحَمَّدٍ حَرُمَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاقْتِصَارِ وَالْجَمْعِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ)(قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهُ) أَيْ الْجَاهِلَ -

ص: 83

أَوْ فَعَلَهَا وَآثَرَ التَّرْكَ لِأَجْلِ التَّقْسِيمِ (جَاحِدًا وُجُوبَهَا) أَوْ وُجُوبَ رُكْنٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (كَفَرَ) إجْمَاعًا كَكُلِّ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلنَّصِّ.

(أَوْ) تَرَكَهَا (كَسَلًا) مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا (قُتِلَ) لِآيَةِ {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: 5] وَخَبَرِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» ، فَإِنَّهُمَا شَرَطَا فِي الْكَفِّ عَنْ الْقَتْلِ وَالْمُقَاتَلَةِ الْإِسْلَامَ وَإِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ لَكِنَّ الزَّكَاةَ يُمْكِنُ لِلْإِمَامِ أَخْذُهَا وَلَوْ بِالْمُقَاتَلَةِ مِمَّنْ امْتَنَعُوا مِنْهَا وَقَاتَلُونَا فَكَانَتْ فِيهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا بِالْمُقَاتَلَةِ فَكَانَتْ فِيهَا بِمَعْنَى الْقَتْلِ فَعُلِمَ وُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ وَكَذَا الصَّوْمُ، فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ طُولَ النَّهَارِ نَوَاهُ فَأَجْدَى الْحَبْسُ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ فَتَعَيَّنَ الْقَتْلُ فِي حَدِّهَا وَنَخْسُهُ بِالْحَدِيدَةِ الْآتِي لَيْسَ مِنْ إحْسَانِ الْقِتْلَةِ فِي شَيْءٍ فَلَمْ نَقُلْ بِهِ لَا يُقَالُ لَا قَتْلَ بِالْحَاضِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ وَقْتِهَا وَلَا بِالْخَارِجَةِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا قَتْلَ بِالْقَضَاءِ، وَإِنْ وَجَبَ فَوْرًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ يُقْتَلُ بِالْحَاضِرَةِ إذَا أُمِرَ بِهَا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ دُونَ غَيْرِهِمَا

الْمُؤَقَّتَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ تَرَكَ الصَّلَاةَ سم (قَوْلُهُ: أَوْ وُجُوبَ وَكَذَا إلَخْ) فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ هُنَا بِكَوْنِ رُكْنِيَّتِهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا سَيَأْتِي وَاضِحٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ وُجُوبَ رُكْنٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ شَرْطٍ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ) أَيْ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُقَلِّدِ لِذَلِكَ الْخِلَافِ الْوَاهِي إنْ جَازَ تَقْلِيدُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي الْكُفْرِ بِإِنْكَارِهِ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ إذَا كَانَ الْخِلَافُ وَاهِيًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ سم وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ مَا يُؤَيِّدُ النَّظَرَ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا فِي قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ أَيْضًا إلَخْ وَتَقَدَّمَ آنِفًا تَنْظِيرُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ فِي الْأَخْذِ الْمَذْكُورِ قَوْلُ الْمَتْنِ (كَفَرَ) أَيْ بِالْجَحْدِ فَقَطْ لَا بِهِ مَعَ التَّرْكِ إذْ الْجَحْدُ وَحْدَهُ يَقْتَضِي الْكُفْرَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ التَّرْكَ لِأَجْلِ التَّقْسِيمِ كَمَا مَرَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إجْمَاعًا فِي الْجُمْلَةِ سم (قَوْلُهُ: لِلنَّصِّ) أَيْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا) أَيْ الْآيَةَ وَالْخَبَرَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْقَتْلِ) أَيْ فِي الْآيَةِ (وَقَوْلُهُ وَالْمُقَاتَلَةِ) أَيْ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: فَكَانَتْ) أَيْ الْمُقَاتَلَةُ الْوَارِدَةُ فِي الْخَبَرِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ وُضُوحُ الْفَرْقِ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ إذَا عُلِمَ إلَخْ قَدْ يُقَالُ إنْكَارُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعَاقَبُ بِالْحَبْسِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَ الصَّلَاةَ مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ فَفِي الْفَرْقِ مَا لَا يَخْفَى سم وَقَدْ يُجَابُ عَلَى بُعْدٍ بِكَثْرَةِ أَرْكَانِ وَشُرُوطِ الصَّلَاةِ مَعَ خَفَاءِ أَكْثَرِهَا فَلَا يُجْدِي الْعِلْمُ بِالْعِقَابِ بِمَا ذُكِرَ فِي رِعَايَتِهَا (قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ الْقَتْلُ فِي حَدِّهَا) أَيْ الصَّلَاةِ أَيْ وَلَمْ يَجُزْ قِيَاسُ تَرْكِ الزَّكَاةِ أَوْ الصَّوْمِ عَلَى تَرْكِهَا (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ) إلَى قَوْلِهِ دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى فِي الْوَقْتِ وَقَوْلَهُ وَيَلْحَقُ إلَى بِخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ يُقْتَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَتْلُهُ خَارِجَ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّرْكِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا إذْ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَيُهَدَّدُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ أَفْعَلُهَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَقْتَانِ أَحَدُهُمَا وَقْتُ أَمْرٍ وَالْآخَرُ وَقْتُ قَتْلٍ فَوَقْتُ الْأَمْرِ هُوَ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ عَنْ فِعْلِهَا فَيَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَيْنَا أَنْ نَأْمُرَ التَّارِكَ فَنَقُولُ لَهُ صَلِّ، فَإِنْ صَلَّيْت تَرَكْنَاكَ، وَإِنْ أَخْرَجْتهَا عَنْ الْوَقْتِ قَتَلْنَاك وَفِي وَقْتِ الْأَمْرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ أَيْ تَامَّةً وَالطَّهَارَةِ وَالثَّانِي إذَا بَقِيَ زَمَنٌ يَسَعُ رَكْعَةً وَطَهَارَةً كَامِلَةً اهـ

قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ عَلَيْنَا أَيْ عَلَى الْمُخَاطِبِ مِنَّا وَهُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَقَوْلُهُ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ إلَخْ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِفِعْلِهِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إذَا أُمِرَ بِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَطَرِيقُهُ أَيْ الْقَتْلِ أَنْ يُطَالَبَ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدَ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُطَالِبَ وَالْمُتَوَعِّدَ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَلَا يُفِيدُ طَلَبُ غَيْرِهِ تَرَتُّبَ الْقَتْلِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَنْصِبِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ) وَمِنْهُ الْقَاضِي الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي الْكَبِيرِ ع ش (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا إلَخْ) خِلَافًا لِلْإِيعَابِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم خَالَفَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ ثُمَّ ظَاهِرُ بِنَائِهِ كَغَيْرِهِ الْفِعْلَيْنِ أَعْنِي أُمِرَ وَهُدِّدَ لِلْمَفْعُولِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صُدُورِهِمَا عَنْ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ تَعَمَّدْت التَّأْخِيرَ عَنْ الْوَقْتِ بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ فَحِينَئِذٍ الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلْقَتْلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ عَدَمِهِمَا، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُمَا عِلْمُ تَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ إلَخْ لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ مَتَى قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ أَيْ مَعَ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ انْتَهَى وَقَوْلُهُ أَيْ مَعَ الطَّلَبِ إلَخْ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَجْمُوعِ وَالْمُغْنِي كَمَا لَا يَخْفَى وَانْظُرْ -

قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ تَرَكَ الصَّلَاةَ (قَوْلُهُ أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ) أَيْ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُقَلِّدِ لِذَلِكَ الْخِلَافِ الْوَاهِي إنْ جَازَ تَقْلِيدُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي الْكُفْرِ بِإِنْكَارِهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إذَا كَانَ الْخِلَافُ وَاهِيًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِيهِ خِلَافٌ وَاهٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إجْمَاعًا فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ وُضُوحُ الْفَرْقِ إلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْكَارُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُعَاقَبُ بِالْحَبْسِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَهَا مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ فَفِي الْفَرْقِ مَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ) يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ اُعْتُبِرَ صُدُورُ مُقَدِّمَتِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِمَا -

ص: 84

فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ ضِيقِهِ وَتُوُعِّدَ عَلَى إخْرَاجِهَا عَنْهُ فَامْتَنَعَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ عِنَادًا يَقْتَضِي مِثْلُهُ الْقَتْلَ فَهُوَ لَيْسَ لِحَاضِرَةٍ فَقَطْ وَلَا لِفَائِتَةٍ فَقَطْ بَلْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ الْأَمْرِ وَالْإِخْرَاجِ مَعَ التَّصْمِيمِ وَخَرَجَ بِكَسَلًا مَا لَوْ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ وَلَوْ فَاسِدًا كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ

وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ تَارِكٍ لِصَلَاةٍ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا، وَإِنْ لَزِمَتْهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ إيجَابَ قَضَائِهَا شُبْهَةٌ فِي تَرْكِهَا، وَإِنْ ضَعُفَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إجْمَاعًا لَا أُصَلِّيهَا إلَّا ظُهْرًا، فَإِنَّ الْأَصَحَّ قَتْلُهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ شَاذٌّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُقْتَلُ أَيْضًا بِكُلِّ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ لَهَا أُجْمِعَ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ أَوْ شَرْطِيَّتِهِ كَالْوُضُوءِ أَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ وَاهِيًا جِدًّا دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قَالَ شَارِحٌ

هَلْ يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْقَتْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالتَّهْدِيدِ أَوْ يَكْفِي الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ اهـ أَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَقَدْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ وَخَرَجَ بِالتَّوَعُّدِ الْمَذْكُورِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَهُ وَلَوْ غَالِبَ عُمُرِهِ فَلَا قَتْلَ بِهِ اهـ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ كَلَامُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ اُعْتُبِرَ صُدُورُ مُقَدِّمَتِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا سم (قَوْلُهُ: عِنْدَ ضِيقِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ عِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ، فَإِذَا وَقَعَ حِينَئِذٍ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ فَلْيُحَرَّرْ حَلَبِيٌّ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ تَكْفِي الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: فَامْتَنَعَ) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ التَّارِكُ لِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَخْ) فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بَحْثًا بِمَا إذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ قَتْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ اهـ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَعَدَمِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ ع ش (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ) أَيْ فَكَانَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ مَانِعَةً مِنْ قَتْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ التَّارِكُ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ تِلْكَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُقْتَلُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: إنَّهُ الْأَقْوَى لِتَرْكِهَا بِلَا قَضَاءٍ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ مِنْ عَدَمِ الْقَتْلِ وَيُقْتَلُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا إنْ لَمْ يَتُبْ، فَإِنْ تَابَ لَمْ يُقْتَلُ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَتْرُكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَسَلًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ إجْمَاعًا، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا جُمُعَةَ إلَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا إلَى وَيُقْتَلُ وَقَوْلَهُ وَتَوْبَتُهُ إلَى وَمَحَلُّ الْخِلَافِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ هُدِّدَ عَلَيْهَا فِي وَقْتِهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ ثُمَّ تَابَ وَقَالَ أُصَلِّي الْجُمُعَةَ الْقَابِلَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ ظُهْرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يُقْتَلْ بِتَرْكِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَرَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْقَتْلِ بِالْقَضَاءِ إذَا لَمْ يُهَدَّدْ بِهِ أَوْ بِأَصْلِهِ كَمَا هُنَا اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي وَيَأْتِي عَنْ سم عَنْ النَّاشِرِيِّ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِ مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ وَتَرَكَ فِعْلَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّابِقِ فَهَلْ يُقْتَلُ لِتَرْكِهِ لَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ أَوْ لَا لِعُذْرِهِ بِالشَّكِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ) أَيْ حَدًّا (أَيْضًا) أَيْ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ كَسَلًا (بِكُلِّ رُكْنٍ إلَخْ) أَيْ بِتَرْكِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلًا مَشْهُورًا قَوِيًّا أَنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ لِلصَّلَاةِ لَا وَاجِبَةٌ

فِيمَا يَظْهَرُ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ ثُمَّ ظَاهِرُ بِنَائِهِ كَغَيْرِهِ الْفِعْلَيْنِ أَعْنِي أُمِرَ وَهُدِّدَ لِلْمَفْعُولِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صُدُورِهِمَا عَنْ الْإِمَامِ أَوْ الْآحَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ تَعَمَّدْت التَّأْخِيرَ عَنْ الْوَقْتِ بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ فَحِينَئِذٍ الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلْقَتْلِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ عَدَمِهِمَا، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُمَا عِلْمُ تَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُ بَعْضَ مَا قَدَّمْته وَهُوَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَقَدُّمَ الطَّلَبِ شَرْطٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْقَتْلِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ مَتَى اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْمُطَالَبَةَ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى مُرَادِهِ بِتَأْخِيرِهَا أَوْ لِتَعْرِيفِهِ مَشْرُوعِيَّةَ الْقَتْلِ، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُهُ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ اعْتَرَفَ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ قُتِلَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَمْرٌ وَتَهْدِيدٌ فِي الْوَقْتِ لَكِنَّهُ خَالَفَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ وَمَتَى قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ قَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ أَيْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ أَيْ مَعَ الطَّلَبِ فِي الْوَقْتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ

وَقَوْلُهُ أَيْ مَعَ الطَّلَبِ إلَخْ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَجْمُوعِ وَالْمُغْنَيْ كَمَا لَا يَخْفَى وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَا أُصَلِّيهَا اهـ وَانْظُرْ هَلْ يَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ الْقَتْلِ بَعْدَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالتَّهْدِيدِ أَوْ يَكْفِي الْأَمْرُ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) احْتِرَازٌ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ كَذَلِكَ كَأَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلًا مَشْهُورًا قَوِيًّا إنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ

ص: 85

وَكَذَا مَا اعْتَقَدَ التَّارِكُ شَرْطِيَّتَهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ تَرْكٌ لَهَا وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّهُ تَرْكٌ لَهَا عِنْدَنَا لَا إجْمَاعًا أَلَا تَرَى إلَى مَا مَرَّ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا، وَإِنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا رِعَايَةً لِمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا فَكَذَا هُنَا فَالْوَجْهُ خِلَافُ مَا قَالَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ قَتْلَهُ بِتَرْكِ تَعَلُّمِهَا بِأَرْكَانِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَرْكُ تَعَلُّمِ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ أَصْلِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ لَهَا لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِهَا مِنْ جَاهِلٍ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ عَلِمَ كَيْفِيَّتَهَا وَلَمْ يُمَيِّزْ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسَامَحُ فِي عَدَمِ هَذَا التَّمْيِيزِ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ حَدًّا لَا كُفْرًا لِمَا فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ تَارِكَهَا تَحْتَ الْمَشِيئَةِ إنْ شَاءَ تَعَالَى عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَخَبَرُ مُسْلِمٍ «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ.

(، وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ بِصَلَاةٍ فَقَطْ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) أَيْ الْجُمَعِ

شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) أَيْ كَالشَّرْطِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ شَرْطٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اعْتَقَدَ التَّارِكُ شَرْطِيَّتَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ بِتَرْكِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ.

(قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: خِلَافُ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ، وَإِنْ اعْتَقَدَ شَرْطِيَّةَ الْمَتْرُوكِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَتْلَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ تَعَلُّمِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ) أَيْ الْبَحْثِ (أَنَّهُ) أَيْ التَّارِكَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسَامَحُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا فِي الْعَامِّيِّ إذْ الْعَالِمُ لَا يُسَامَحُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَلَعَلَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ وَاهِيًا فَلْيُرَاجَعْ سم وَقَوْلُهُ: إذْ الْعَالِمُ إلَخْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّ الْعَامِّيَّ أَوْ الْعَالِمَ عَلَى الْأَوْجَهِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ مَا فِي الصَّلَاةِ بَعْضُهَا فَرْضٌ وَبَعْضُهَا سُنَّةٌ صَحَّتْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ (قَوْلُهُ: لَا كُفْرًا) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ قُلْت فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلِهِ عَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ» ) أَيْ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ اتِّصَافِهِ بِالْكُفْرِ اهـ كُرْدِيٌّ عَنْ الْهَاتِفِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: «وَالْكُفْرِ» ) وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ «وَبَيْنَ الْكُفْرِ» اهـ وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ) أَيْ أَوْ عَلَى التَّغْلِيظِ أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ مَا يُوجِبُهُ الْكُفْرُ مِنْ وُجُوبِ الْقَتْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَظَاهِرٌ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَقْتُ الْحَقِيقِيُّ فَقَطْ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَتَيْنِ إلَّا بِمُضِيِّ وَقْتِ الضَّرُورَةِ انْتَهَتْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنْ وُجِدَا بَعْدَهُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

(تَنْبِيهٌ)

هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّوَعُّدِ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا أَوْ يَكْفِي أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا أَدَاءً بِأَنْ وَسِعَ رَكْعَةً فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُ مِقْدَارَ الْفَرِيضَةِ أَيْ تَامَّةً

لِلصَّلَاةِ لَا وَاجِبَةٌ شَرْحُ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَلَك رَدُّهُ إلَى أَلَا تَرَى إلَخْ) هَذَا يَرُدُّ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ تَقْيِيدِ مَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ حَيْثُ قَالَ نَعَمْ الْأَوْجَهُ أَنَّ مَا فِيهِ خِلَافٌ قَوِيٌّ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهِ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْوُضُوءِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لَمْ يَقْتُلْ؛ لِأَنَّ جَوَازَ صَلَاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا قَلَّدَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا قَائِلَ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ بِذَلِكَ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهَا عِنْدَ إمَامِهِ وَغَيْرِهِ إلَخْ اهـ فَقَوْلُهُ هُنَا وَلَك رَدُّهُ إلَخْ يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ وَهُوَ حَقِيقٌ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ خِلَافٌ قَوِيٌّ كَانَ شُبْهَةً دَافِعَةً لِلْقَتْلِ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ، وَأَمَّا إذَا قَلَّدَ فَلَا يَتَخَيَّلُ أَحَدٌ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يَحْتَاجُ عَدَمُ قَتْلِهِ إلَى بَيَانٍ بَلْ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْخِلَافِ بِالْقُوَّةِ بَلْ حَيْثُ صَحَّ التَّقْلِيدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاحْذَرْ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسَامَحُ فِي عَدَمِ هَذَا التَّمْيِيزِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا فِي الْعَامِّيِّ إذْ الْعَالِمُ لَا يُسَامَحُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَلَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ وَاهِيًا فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) لَا يَخْفَى مِنْ صَنِيعِهِمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَقَالَ وَظَاهِرٌ أَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَقْتُ الْحَقِيقِيُّ فَقَطْ، فَإِنَّ فَائِدَةَ هَذَيْنِ تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ، وَأَمَّا الْقَتْلُ فَيَقْتَضِي الِاحْتِيَاطَ بِالتَّأْخِيرِ إلَى مَا لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ وَقْتًا لِلْأَدَاءِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَتَيْنِ إلَّا بِمُضِيِّ وَقْتِ الضَّرُورَةِ اهـ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنْ وُجِدَا بَعْدَهُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ وَالتَّهْدِيدُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهُمَا فِي الْوَقْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَعَمْ لَوْ أَخَّرَ الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ بِقَصْدِ جَمْعِهَا مَعَ الْعَصْرِ فَلَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَرَادَ تَرْكَهَا فَهَلْ يَكْفِي أَمْرُهُ وَتَهْدِيدُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فِيهِ نَظَرٌ.

(تَنْبِيهٌ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّوَعُّدِ فِي الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ جَمِيعَهَا حَتَّى لَا يَكْفِيَ التَّوَعُّدُ إذَا بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ وَسِعَ الْأَدَاءَ بِأَنْ وَسِعَ رَكْعَةً أَوْ يَكْفِيَ أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا أَدَاءً فِيهِ نَظَرٌ

ص: 86

فَلَا يُقْتَلُ بِالظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِالْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُقْتَلُ بِالصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ قَدْ يَتَّحِدَانِ فَكَانَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَتْلِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ ذَكَرَ عُذْرًا لِلتَّأْخِيرِ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا كَمَا لَوْ قَالَ صَلَّيْت، وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمُعَةِ ضِيقُ وَقْتِهَا عَنْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَّةٍ بِخِلَافِ الظُّهْرِ، فَإِنْ قُلْت: يَنْبَغِي قَتْلُهُ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا قُلْت شُبْهَةُ احْتِمَالِ تَبَيُّنِ فَسَادِهَا وَإِعَادَتِهَا فَيُدْرِكُهَا أَوْجَبَتْ التَّأْخِيرَ لِلْيَأْسِ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ وَهُوَ مَا مَرَّ (وَيُسْتَتَابُ) فَوْرًا نَدْبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَفَارَقَ الْوُجُوبُ فِي الْمُرْتَدِّ وَمِنْهُ الْجَاحِدُ السَّابِقُ بِأَنَّ تَرْكَ اسْتِتَابَتِهِ يُوجِبُ تَخْلِيدَهُ فِي النَّارِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ هَذَا

وَالطَّهَارَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ بِالصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ مُغْنِي وَشَرْحٍ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَيُقْتَلُ بِالصُّبْحِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ دَرْءِ الْقَتْلِ بِتِلْكَ الشُّبْهَةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِي شَرْحِ ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ إلَخْ، فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَنِسْيَانٍ أَوْ بَرْدٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ صَحِيحَةً كَانَتْ الْأَعْذَارُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ بَاطِلَةً كَمَا لَوْ قَالَ صَلَّيْت وَظَنَنَّا كَذِبَهُ لَمْ نَقْتُلْهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَعَمُّدِ تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ نَعَمْ نَأْمُرُهُ بِهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْعُذْرِ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ وَنَدْبًا فِي الصَّحِيحِ بِأَنْ نَقُولَ لَهُ صَلِّ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ قُتِلَ سَوَاءٌ أَقَالَ لَا أُصَلِّيهَا أَمْ سَكَتَ لِتَحَقُّقِ جِنَايَتِهِ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِتَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُمِرَ بِهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَجَوَّزَ مَرَّ أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ قَدْ أُمِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ مَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ اهـ أَقُولُ صَنِيعُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَالصَّرِيحِ فِي التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ عُذْرًا إلَخْ) أَيْ حِينَ إرَادَةِ قَتْلِهِ شَرْحُ بَافَضْلٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ) يَخْرُجُ مَا لَوْ عُلِمَ كَذِبُهُ سم وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ، فَإِنْ قُطِعَ بِكَذِبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ حَالَةٍ عَلَيْهِ تُجَوِّزُ لَهُ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ إذَا قَالَ صَلَّيْت عَلَى الْمُعْتَادِ وَقُطِعَ بِكَذِبِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأَفْتَى الشَّيْخُ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إجْمَاعًا بِهَا حَيْثُ أُمِرَ بِهَا وَامْتَنَعَ مِنْهَا أَوْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ خُطْبَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الظُّهْرِ أَيْ عَنْ أَقَلِّ مُمْكِنٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَّةٍ بِخِلَافِ الظُّهْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْجَبَتْ التَّأْخِيرُ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ أَيِسْنَا مِنْ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ عَادَةً حَقْنًا لِلدَّمِ مَا أَمْكَنَ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (: وَيُسْتَتَابُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ صَلِّ وَإِلَّا قَتَلْنَاك انْتَهَى فَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَوْبَتَهُ فِعْلُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ أَيْ قَضَاؤُهَا وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْجُمُعَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى قَضَاؤُهَا فَالْوَجْهُ أَنَّ التَّوْبَةَ فِيهَا هِيَ التَّوْبَةُ الْمَعْرُوفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّهَادَاتِ ثُمَّ رَأَيْت النَّاشِرِيَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا قَضَاءَ لَهَا انْتَهَى اهـ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي أَنَّ تَوْبَتَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَتْرُكُهَا أَيْ الْجُمُعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ كَسَلًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَوْرًا) إلَى الْكِتَابِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا إلَخْ) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبِكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُرْتَدِّ وَقِيلَ نَدْبًا انْتَهَى وَالْوُجُوبُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ هُوَ وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْآحَادِ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْقَوْلِ بِنَدْبِهَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الْقَتْلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ الْقَتْلِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهَا مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْهُ سم.

(قَوْلُهُ: تُوجِبُ تَخْلِيدَهُ فِي النَّارِ) أَيْ فَوَجَبَتْ الِاسْتِتَابَةُ رَجَاءَ نَجَاتِهِ مِنْ ذَلِكَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) أَيْ بِخِلَافِ تَارِكِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ عُقُوبَتَهُ أَخَفُّ لِكَوْنِهِ يُقْتَلُ حَدًّا بَلْ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ

وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَلُ بِالظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي ضِيقُ وَقْتِ الضَّرُورَةِ عَقِبَهَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي آنِفًا فِي الْجُمُعَةِ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظُنَّ كَذِبُهُ) يَخْرُجُ مَا لَوْ عُلِمَ كَذِبُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ) فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْجُمُعَةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا عَنْهَا وَعَنْ الْخُطْبَةِ وَسِيَاقُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ التَّأْخِيرِ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الضَّرُورَةِ فِيهَا وَقَدْ اعْتَبَرَ الْمَتْنُ الْإِخْرَاجَ عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِضِيقِ وَقْتِهَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْهَا حَيْثُ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَوَجْهُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَتَذَكَّرُوا خَلَلًا فِي الصَّلَاةِ فَيُعِيدُوهَا فَيُدْرِكَهَا مَعَهُمْ فَلَا نَقْتُلُهُ مَعَ الِاحْتِمَالِ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الشَّارِحِ فِي السُّؤَالِ وَجَوَابِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيُسْتَتَابُ) قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي الْكَنْزِ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ الْمُرْتَدِّ وَقِيلَ نَدْبًا اهـ وَالْوُجُوبُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتَكْفِي اسْتِتَابَةٌ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يُفَوِّتُ صَلَوَاتٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْقَوْلَانِ فِي النَّدْبِ وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مَنْدُوبَةٌ وَقِيلَ وَاجِبَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَتَابُ)

ص: 87

(ثُمَّ) إذَا لَمْ يَتُبْ (يُضْرَبُ عُنُقُهُ) بِالسَّيْفِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ، وَإِنَّمَا نَفَعَتْ التَّوْبَةُ هُنَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ عَلَى الْإِخْرَاجِ عَنْ الْوَقْتِ فَقَطْ بَلْ مَعَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَضَاءِ وَبِصَلَاتِهِ يَزُولُ ذَلِكَ (وَقِيلَ) لَا يُقْتَلُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الْوَاضِحِ عَلَى قَتْلِهِ بَلْ (يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ) وَمَرَّ رَدُّهُ (وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ (وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) بَلْ يُتْرَكُ كَبَقِيَّةِ قُبُورِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَعَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ لَا يَضْمَنُهُ مَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ يَأْثَمُ مِنْ جِهَةِ الِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ

كَوْنِ الْحُدُودِ تُسْقِطُ الْإِثْمَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُدَّ عَلَى هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَالْمُسْتَقْبَلُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ نَعَمْ إنْ كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يُصَلِّ أَيْضًا مَا بَعْدَهَا فَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ اهـ أَيْ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ وَعَلَى تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ وُجِدَ مِنْهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتُبْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الْمُغْنِي إنْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا ثُمَّ قَالَ تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمَتْنِ ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ قَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتُبْ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَرَكَهَا، فَإِنْ صَلَّاهَا زَالَ التَّرْكُ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ مَعَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَضَاءِ إلَخْ) أَيْ فَالْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ، فَإِذَا صَلَّى زَالَتْ الْعِلَّةُ نِهَايَةٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا مَرَّ عَنْ سم عَنْ الْإِيعَابِ مِنْ أَنَّ تَوْبَتَهُ قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِصَلَاتِهِ) أَيْ بِقَضَائِهِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ (يَزُولُ ذَلِكَ) أَيْ الِامْتِنَاعُ قَوْلُ الْمَتْنِ (يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ) أَيْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّى الْمَقَاتِلُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ بِالتَّعْذِيبِ وَنَخْسُهُ فِي الْمَقَاتِلِ قَدْ يُفَوِّتُ ذَلِكَ الْغَرَضَ ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُغَسَّلُ) أَيْ ثُمَّ يُكَفَّنُ (وَيُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ غُسْلِهِ (وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي مَقَابِرِهِمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ إنْسَانٌ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَأَنَّهُ لَوْ جُنَّ أَوْ سَكِرَ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يُقْتَلْ، فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَدِّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي جُنُونِهِ أَوْ سُكْرِهِ كَأَنَّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَعَانَدَ بِالتَّرْكِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ ظَاهِرُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ فَهُوَ مُهْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَاتِلِهِ الَّذِي لَيْسَ مِثْلَهُ سم وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّوْبَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَوْبَتُهُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ الْإِمْهَالَ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ صَلَوَاتٍ وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ اسْتِتَابَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا إنْسَانٌ لَيْسَ مِثْلَهُ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ إلَخْ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَيْسَ مِثْلَهُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ لَيْسَ مِثْلَهُ أَيْ فِي الْإِهْدَارِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ مَعَ تَارِكِ صَلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ قَبْلَهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَأْثَمُ إلَخْ) .

(خَاتِمَةٌ)

قَالَ الْغَزَالِيُّ وَلَوْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَةٌ أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ مَالِ السُّلْطَانِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ مَنْ ادَّعَى التَّصَوُّفَ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَرَّ وَأَكْلُ مَالِ السُّلْطَانِ أَيْ الْمَالِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ السُّلْطَانُ قَبْضَهُ وَصَرْفَهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَيَمْنَعُهُ عَنْ صَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِاسْتِحْلَالِ الْجَمِيعِ بَلْ مَتَى اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَفَرَ (فَائِدَةٌ) مَرَاتِبُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ وَصَاحِبُهُ مُتَدَيِّنٌ بِهِ وَمَفْطُورٌ عَلَيْهِ وَثَانِيهَا الرُّجُوعُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَقْبَحُ وَلِهَذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ الْجِزْيَةُ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَثَالِثُهَا

قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنْ يُقَالَ: لَهُ صَلِّ وَإِلَّا قَتَلْنَاك اهـ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَوْبَتَهُ فِعْلُ تِلْكَ الصَّلَاةِ الْمَتْرُوكَةِ أَيْ قَضَاؤُهَا وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْجُمُعَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى قَضَاؤُهَا فَالْوَجْهُ أَنَّ التَّوْبَةَ فِيهَا هِيَ التَّوْبَةُ الْمَعْرُوفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الشَّهَادَاتِ ثُمَّ رَأَيْت النَّاشِرِيَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا قَضَاءَ لَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى نَدْبِ الِاسْتِتَابَةِ لَا يَضْمَنُهُ مَنْ قَتَلَهُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنْ يَضْمَنَهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ إنْسَانٌ أَثِمَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَأَنَّهُ لَوْ جُنَّ أَوْ سَكِرَ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ لَمْ يُقْتَلْ، فَإِنْ قُتِلَ وَجَبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمُرْتَدِّ لَا قَتْلَ عَلَى قَاتِلِهِ لِقِيَامِ الْكُفْرِ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الْمَنْذُورَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي جُنُونِهِ أَوْ سُكْرِهِ كَأَنَّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَعَانَدَ بِالتَّرْكِ وَبِكُلِّ حَالٍ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ وَاجِبَةٌ اهـ مَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ ظَاهِرُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ التَّوْبَةِ الَّذِي هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ فَهُوَ مُهْدَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَاتِلِهِ

ص: 88