الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَيَّدَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِمَا إذَا ظَنَّ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْجِمَاعِ أَنَّهُ بَقِيَ مَا يَسَعُهُ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ أَفْطَرَ وَإِنْ نَزَعَ مَعَ الْفَجْرِ لِتَقْصِيرِهِ وَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي جَوَازِهِ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا يَسَعُ الْإِيلَاجَ دُونَ النَّزْعِ وَجْهَيْنِ وَيَنْبَغِي بِنَاءُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ (فَإِنْ مَكَثَ) بِأَنْ لَمْ يَنْزِعْ حَالًا (بَطَلَ) يَعْنِي لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَجِيبٌ اخْتِيَارُ السُّبْكِيّ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ مَعَ قَوْلِ الْإِمَامِ أَنَّهُ خَيَالٌ وَمُحَالٌ وَالْبَنْدَنِيجِيّ كَشَيْخِهِ أَبِي حَامِدٍ مَنْ قَالَ بِهِ لَا يَعْرِفُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ.
وَمَعَ الْقَوْلِ بِالْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ الِانْعِقَادُ بِمُكْثِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْسِدِ لَهُ بِالْجِمَاعِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي هَذَا عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا مَعَ أَنَّهُ مَنَعَ الِانْعِقَادَ أَيْضًا قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ هُنَا أَقْوَى مِنْهَا ثُمَّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْبَابَيْنِ وَأَيْضًا فَالتَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ لَمَّا أَثَّرَ فِيهَا النَّقْصُ مَعَ بَقَاءِ الْعِبَادَةِ فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِيهَا عَدَمُ الِانْعِقَادِ عَدَمُ الْوُجُوبِ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَمَّا لَوْ مَضَى زَمَنٌ بَعْدَ طُلُوعِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ ثُمَّ مَكَثَ فَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ مُكْثَهُ مَسْبُوقٌ بِبُطْلَانِ الصَّوْمِ وَلَا يُنَافِي الْعِلْمَ بِأَوَّلِ طُلُوعِهِ تَقَدُّمُهُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ؛ لِأَنَّا لَا نُكَلَّفُ بِذَلِكَ بَلْ بِمَا يَظْهَرُ لَنَا.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ
مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ وَكَثِيرٌ مِنْ سُنَنِهِ وَمَكْرُوهَاتُهُ (شَرْطُ) صِحَّةِ (الصَّوْمِ) مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ وَمِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ (الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ كَافِرٍ بِأَيِّ كُفْرٍ كَانَ إجْمَاعًا (وَالْعَقْلُ)
صَوْمُهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ م ر لَا التَّلَذُّذَ خِلَافُهُ وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَذُّذِ مَا عَدَا قَصْدَ التَّرْكِ فَيَدْخُلُ فِيهِ حَالَةُ الْإِطْلَاقِ اسْتِصْحَابًا لِمَا هُوَ مَقْصُودُهُ مِنْ الْجِمَاعِ فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ اهـ أَقُولُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَإِلَّا بَطَلَ كَقَوْلِ الْمُغْنِي فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَطَلَ صَوْمُهُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْإِطْلَاقَ مُبْطِلٌ وَعِبَارَةُ الْحَفْنِي فَالْإِطْلَاقُ مُضِرٌّ كَمَا يَضُرُّ قَصْدُ اللَّذَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْإِمَامُ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الْإِفْطَارِ فِيمَا إذَا نَزَعَ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِالتَّقْصِيرِ أَنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ لَا يُفْطِرُ أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ بَلْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ قُلْت وَكَذَا لَوْ شَكَّ وَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَبْقَ) أَيْ: مِنْ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَجْهَيْنِ) عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ مَنْعُ الْإِيلَاجِ أَيْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِنَاءُ إلَخْ) فَاعِلُ يَنْبَغِي.
(قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ صَدَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) أَيْ: وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ يَعْنِي لَمْ يَنْعَقِدْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ) أَيْ مِنْ الْفَسَادِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ وَمَعَ الْقَوْلِ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ اسْتَدَامَ لِظَنِّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ شَرْحُ م ر اهـ سم.
(قَوْلُهُ قُلْت يُفَرَّقُ إلَخْ) وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ بِخِلَافِهَا ثَمَّ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ (قَوْلُهُ لَمَّا أَثَّرَ فِيهَا النَّقْصُ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ تَجِبْ الْبَدَنَةُ بَلْ الشَّاةُ كَمَا يَأْتِي كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ) فَاعِلُ يُؤَثِّرُ وَ (قَوْلُهُ عَدَمَ الْوُجُوبِ) مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ مَضَى) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ مَضَى زَمَنٌ بَعْدَ طُلُوعِهِ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَمَدَارَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَكَثَ) أَيْ: أَوْ نَزَعَ حَالًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَعْلَمُ بِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ طُلُوعَهُ الْحَقِيقِيَّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ أُجِيبُ بِأَنَّا إنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا طُلُوعَ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ فَإِذَا كَانَ الشَّخْصُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْفَجْرِ وَرَصَدَ بِحَيْثُ لَا حَائِلَ فَهُوَ أَوَّلُ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ اهـ.
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ]
(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ)(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُ الْقَفَّالِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ أَيْ: بِنِيَّةِ الصَّوْمِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ سُنَنِهِ إلَخْ) أَيْ وَفِي كَثِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ قَابِلِيَّةُ الْوَقْتِ) أَيْ: وَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (الْإِسْلَامُ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَقَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرُهُ فَلَوْ ارْتَدَّ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ بُطْلَانَ الصَّوْمِ بِالِارْتِدَادِ وَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ خِلَافٌ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيهِ سم بِتَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ بِأَيِّ كُفْرٍ كَانَ إلَخْ) أَيْ: أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا وَلَوْ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَضَمَّنَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ بِقَلْبِهِ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي يَوْمِهِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَلَا أَحْسِبُ الْأَصْحَابَ يَسْمَحُونَ بِهِ وَلَا أَنَّهُ أَرَادَهُ وَإِنْ شَمَلَهُ لَفْظُهُ انْتَهَتْ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ النَّهَارِ أَنَّهُ يُفْطِرُ هُنَا نِهَايَةٌ وَمَرَّ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَعَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْعَقْلُ)
بِقَدْرِ الْعَادَةِ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ مَكَثَ بَطَلَ) نَعَمْ إنَّ اسْتَدَامَ بِظَنِّ أَنَّ صَوْمَهُ بَطَلَ وَإِنْ نَزَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ الْحُرْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ قُلْت يُفَرَّقُ إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَأَنَّ الصَّوْمَ انْعَقَدَ ثُمَّ فَسَدَ بِخِلَافِهَا ثُمَّ بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِ مُعَلَّقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ لَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْتِدَاءَ فِعْلِهِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَتَعَلَّقَتْ بِآخِرِهِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعُ نَهَارِ رَمَضَانَ عَنْهَا وَالْوَطْءُ ثَمَّ غَيْرُ خَالٍ عَنْ مُقَابَلَةِ الْمَهْرِ؛ إذْ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ يُقَابِلُ جَمِيعَ الْوَطَآتِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ مَضَى زَمَنٌ بَعْدَ طُلُوعِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَدَارَ الْبُطْلَانِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَمَدَارُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُكْثِ بَعْدَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ.
(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ وَالْوَقْتُ وَكَثِيرٌ مِنْ سُنَنِهِ وَمَكْرُوهَاتِهِ) .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْإِسْلَامُ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ إذَا ارْتَدَّ الصَّائِمُ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِصَوْمِهِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الْمَسْأَلَةَ وَحَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّوْمِ هَلْ تُبْطِلُهُ وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ
أَيْ التَّمْيِيزُ (وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) إجْمَاعًا (جَمِيعَ النَّهَارِ) قَيْدٌ فِي الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ طَرَأَ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ ضِدُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَطَلَ صَوْمُهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا وَيَحْرُمُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ عَلَى حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ الْإِمْسَاكُ أَيْ: بِنِيَّةِ الصَّوْمِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ وَكَذَا فِي نَحْوِ الْعِيدِ خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَهُ فِيهِ وَذَلِكَ اكْتِفَاءً بِعَدَمِ النِّيَّةِ (وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِجَمِيعِ النَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ فِيهِ وَبِهِ فَارَقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ لَحْظَةً صَحَّ إجْمَاعًا.
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ) يَعْنِي خَلَا عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ إفَاقَةٌ مِنْهُ، كَأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَا إغْمَاءَ بِهِ وَبَعْدَ لَحْظَةٍ طَرَأَ الْإِغْمَاءُ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْغُرُوبِ فَهَذَا خَلَا لَا أَفَاقَ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ مَعَ الْإِفَاقَةِ فِي جُزْءٍ وَكَالْإِغْمَاءِ السُّكْرُ وَقَوْلُ الْقَفَّالِ لَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ اسْتَغْرَقَ سُكْرُهُ الْيَوْمَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ؛ إذْ لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ ضَعِيفٌ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّهُ فِي الْمُتَعَدِّي.
(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ هُنَا عِبَارَاتٌ مُتَنَافِيَةٌ فِيمَنْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا فَزَالَ تَمْيِيزُهُ نَهَارًا وَقَدْ بَيَّنْتُهَا مَعَ مَا فِيهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ قُلْتُ
أَيْ: فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْمَجْنُونِ وَالطِّفْلِ لِفِقْدَانِ النِّيَّةِ وَيَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَيْ: التَّمْيِيزُ) الْأَوْلَى أَنْ يُفَسِّرَ الْعَقْلَ هُنَا بِالْغَرِيزَةِ وَإِنْ فُسِّرَ بِالتَّمْيِيزِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ ع ش عِبَارَةُ سم قَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْ: التَّفْسِيرِ بِالتَّمْيِيزِ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّتِهِ مَعَ اسْتِغْرَاقِ النَّوْمِ وَوُجُودِ نَحْوِ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِيمَا عَدَا لَحْظَةً مَعَ أَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ فَإِنْ أَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْجُنُونِ فَقَطْ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِالتَّمْيِيزِ مَعَ إيهَامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ ضِدٌّ وَاحِدٌ مِنْهَا) أَيْ: رِدَّةٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر رِدَّةٌ أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا كَمَا تَقَدَّمَ اهـ وَقَالَ سم وَمِنْ الضِّدِّ الرِّدَّةُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ اهـ أَقُولُ بَلْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ إلَخْ) أَيْ: خِلَافًا لِمَا قَدْ يُفْهِمُهُ صَنِيعُهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَمْ تَرَ دَمًا) أَيْ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ نِهَايَةٌ وَأَسْنَى زَادَ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ وَإِنْ قَلَّ اهـ عِبَارَةُ سم وَقَدْ يُوَجَّهُ الْبُطْلَانُ بِأَنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةُ الدَّمِ فَأُقِيمَتْ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ عَلَى قَصْدِ التَّعَبُّدِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ قَدْ يُشْرَعُ كَمَا فِي تَارِكِ النِّيَّةِ فَقَصْدُهُ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّي نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ يَنْبَغِي تَحْرِيمُ الْإِمْسَاكِ وَلَوْ بِدُونِ نِيَّةٍ مُطْلَقًا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ كَوْنِهِ عِبَادَةً اهـ وَيُحْتَمَلُ بَقَاءُ عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ عَلَى إطْلَاقِهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ مُنَابَذَةً لِلشَّرْعِ حَيْثُ أَمَرَهُمَا بِالْإِفْطَارِ لِخَشْيَةِ الضَّرَرِ وَمَزِيدِ الضَّعْفِ ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ نَقْلًا عَنْ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ أَمْسَكَتْ لَا بِنِيَّةِ الصَّوْمِ لَمْ تَأْثَمْ وَإِنَّمَا تَأْثَمُ إذَا نَوَتْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْعَقِدُ انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْهُ وَمِنْ سم.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَهُ فِيهِ) أَيْ: أَوْجَبَ التَّعَاطِيَ فِي نَحْوِ يَوْمِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ وُجُوبِ التَّعَاطِي (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ إلَخْ) أَيْ: النَّائِمُ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يُفِقْ ضَرَّ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِغْمَاءُ بِفِعْلِهِ وَفِي حَجّ تَقْيِيدُ عَدَمِ الضَّرَرِ رُبَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ ع ش وَقَوْلُهُ بِفِعْلِهِ أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ يَعْنِي خَلَا) ثُمَّ (قَوْلُهُ فَهَذَا خَلَى) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخَطِّهِ الْأَوَّلِ بِأَلِفٍ وَالثَّانِي بِبَاءٍ فَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَكَالْإِغْمَاءِ السُّكْرُ) فَلَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَا فِي بَعْضِهِ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ عَقْلَهُ هُنَا لَمْ يُزَلْ نِهَايَةٌ أَيْ: بَلْ تَغَطَّى فَقَطْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَبَقِيَ سُكْرُهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ أَمْ لَا وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي الْإِغْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ شَمِلَ مَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَبِهِ صَرَّحَ الشِّهَابُ سم فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ خِلَافًا لِلشِّهَابِ حَجّ اهـ.
(قَوْلُهُ لَوْ نَوَى إلَخْ) أَيْ: السَّكْرَانُ وَ (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ: صَوْمُهُ إيعَابٌ وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ الصِّحَّةِ مَعَ لُزُومِ الْإِعَادَةِ كَمَا يَأْتِي عَدَمُ إثْمِ التَّرْكِ وَأَنْ لَا يَجُوزَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُطْعِمَهُ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ إلَخْ) أَيْ: بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ كُرْدِيٌّ زَادَ سم وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَعَدِّي لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ مَعَ اسْتِغْرَاقِ سُكْرِهِ الْيَوْمَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَعَ هُنَا عِبَارَاتٌ مُتَنَافِيَةٌ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مَقَالَتَيْ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْأَوَّلِ مَفْرُوضٌ فِي زَوَالِ الْعَقْلِ بِشُرْبِ الدَّوَاءِ وَمِثْلُ شُرْبِ الدَّوَاءِ حِينَئِذٍ السُّكْرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ السُّكْرِ وَشُرْبِ الدَّوَاءِ إنْ أَزَالَ الْعَقْلَ أُلْحِقَ بِالْجُنُونِ أَوْ غَمَرَهُ أُلْحِقَ بِالْإِغْمَاءِ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّي نَبَّهَ عَلَى مَا فِي التَّنْبِيهِ مِنْ خَلَلٍ وَتَنَافٍ فَمَنْ رَامَ تَحْقِيقَ
فَإِنَّهُ الْأَصَحُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا اهـ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ وَقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ ارْتَدَّ فِي بَعْضِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ أَيْ: التَّمْيِيزُ) قَدْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّتِهِ مَعَ اسْتِغْرَاقِ النَّوْمِ وَوُجُودِ نَحْوِ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِيمَا عَدَا لَحْظَةً مَعَ أَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ فَإِنْ أَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْجُنُونِ فَقَطْ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّفْسِيرِ بِالتَّمْيِيزِ مَعَ إيهَامِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ ضِدُّ وَاحِدٍ مِنْهَا إلَخْ) مِنْ الضِّدِّ الرِّدَّةُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْبُطْلَانُ هُنَا بِأَنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةُ الدَّمِ فَأُقِيمَتْ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ: بِنِيَّةِ الصَّوْمِ) الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّحْرِيمُ عَلَيْهَا عَلَى نِيَّةِ الصَّوْمِ لَيْلًا بَلْ يَنْبَغِي تَحْرِيمُ الْإِمْسَاكِ وَلَوْ بِدُونِ نِيَّةِ صَوْمٍ مُطْلَقًا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ اعْتِقَادِ كَوْنِهِ عِبَادَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّهُ فِي الْمُتَعَدِّي) أَيْ: بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَعَدِّي لَا يَصِحُّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرْبَ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالسُّكْرَ لَيْلًا وَالْإِغْمَاءَ إنْ اسْتَغْرَقَتْ النَّهَارَ أَثِمَ فِي السُّكْرِ وَالدَّوَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَبَطَلَ الصَّوْمُ وَوَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِهِ بَطَلَ الصَّوْمُ وَأَثِمَ أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ الْمُتَدَاوِي كَالْمَجْنُونِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ لَا فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا صُنْعَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَدَاوِي وَفِي الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ بِمُحَرَّمٍ يُوجِبُ الْقَضَاءَ
ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الْحَاشِيَةِ سم بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ لَعَلَّ صَوَابَهُ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا يَنْسَجِمُ مَعَ الْحَاصِلِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ عِنْدَ قَوْلِ شَرْحِهِ وَلَا يَضُرُّ الْإِغْمَاءُ وَالسُّكْرُ الَّذِي لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ إنْ أَفَاقَ لَحْظَةً فِي النَّهَارِ نَصُّهَا أَمَّا إذَا تَعَدَّى بِهِ فَيَأْثَمُ وَيَبْطُلُ صَوْمُهُ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ فِي لَحْظَةٍ مِنْ النَّهَارِ، وَكَذَا إنْ شَرِبَ دَوَاءً مُزِيلًا لِلْعَقْلِ لَيْلًا تَعَدِّيًا فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فَإِنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَلَا إثْمَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ زَوَالُ عَقْلِهِ النَّهَارَ صَحَّ صَوْمُهُ وَلَا قَضَاءَ وَأَمَّا الْجُنُونُ مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبٍ فِيهِ فَمَتَى طَرَأَ فِي لَحْظَةٍ مِنْ النَّهَارِ أَوْ فِي جَمِيعِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَلَا قَضَاءَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ أَوَّلًا فِي التُّحْفَةِ مُلَخَّصًا لَهُ مِنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لَهُ ثُمَّ اضْطَرَبَ كَلَامُهُ اضْطِرَابًا عَجِيبًا وَتَنَاقَضَ تَنَاقُضًا غَرِيبًا وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ وَأَوْضَحْته بِمَا لَمْ أَعْلَمْ مَنْ سَبَقَنِي إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ شَرِبَ الدَّوَاءَ) أَيْ: لَيْلًا مَعَ زَوَالِ التَّمْيِيزِ سم وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَالسُّكْرَ وَقَوْلُهُ وَالْإِغْمَاءَ) أَيْ: مَعَ التَّعَدِّي فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِي كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ الْآتِي آنِفًا وَحَمْلًا لَهُمَا عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ لَيْلًا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ الْإِغْمَاءِ لِيَظْهَرَ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ إنْ اسْتَغْرَقَتْ) أَيْ: زَوَالَ التَّمْيِيزِ بِشُرْبِ الدَّوَاءِ وَالسُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ (قَوْلُهُ أَثِمَ فِي السُّكْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي سُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ مَعَ ظُهُورِ أَنَّ مَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ كَذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ كَالْإِغْمَاءِ فَهَلَّا قَالَ وَأَثِمَ فِي السُّكْرِ إنْ تَعَدَّى بِهِ لِيَبْقَى مَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ التَّسَبُّبَ فِي الْإِغْمَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَا أَثِمَ فِيهِ سم وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بَطَلَ الصَّوْمُ وَأَثِمَ صَرِيحٌ فِي الْإِثْمِ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ: فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَالسُّكْرِ وَالْإِغْمَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَخْ) شَامِلٌ لِلْإِغْمَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ بِوُجُودِهِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا بَلْ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْإِثْمِ حِينَئِذٍ أَيْضًا وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ التَّعَدِّي مَا يُفَوِّتُ صَلَاةً حَضَرَتْ أَوْ يُوَرِّثُ ضَرَرًا بَلْ لَا وَجْهَ أَيْضًا لِلْبُطْلَانِ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ وَالْمُسْكِرِ وَلَوْ تَعَدِّيًا فِيهِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِمَا الْعَقْلُ الْحَقِيقِيُّ بَلْ التَّمْيِيزُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَوُجِدَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَقَطْ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ تَنَاوُلَهُمَا كَانَ لَيْلًا سم وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ الْكُرْدِيِّ فِي حَاشِيَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ: زَوَالِ التَّمْيِيزِ بِالدَّوَاءِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِهِ بَطَلَ الصَّوْمُ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَمْنَعُ التَّعَدِّيَ سم وَلَك دَفْعُهُ بِمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَمْلِ التَّعَدِّي فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ عَلَى مَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَغَيْرِ التَّعَدِّي فِيهِ عَلَى ضِدِّهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ الْمُتَدَاوِي إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا اسْتَغْرَقَ زَوَالُ عَقْلِهِ جَمِيعَ النَّهَارِ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ لَا فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ) لِيُتَأَمَّلْ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا قَضَاءَ وَلَا إثْمَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ إلَخْ) أَيْ: التَّمْيِيزِ
صَوْمُهُ مَعَ اسْتِغْرَاقِ سُكْرِهِ الْيَوْمَ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إنْ شَرِبَ) أَيْ: مَعَ زَوَالِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ أَثِمَ فِي السُّكْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي سُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ مَعَ ظُهُورِ أَنَّ مَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ كَذَلِكَ فِي الْبُطْلَانِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ كَالْإِغْمَاءِ فَهَلَّا قَالَ وَأَثِمَ فِي السُّكْرِ إنْ تَعَدَّى بِهِ لِيَبْقَى مَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ التَّسَبُّبَ فِي الْإِغْمَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَا إثْمَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَخْ) شَامِلٌ لِلْإِغْمَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ إذْ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ بِوُجُودِهِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا بَلْ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْإِثْمِ حِينَئِذٍ أَيْضًا وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ التَّعَدِّي مَا يُفَوِّتُ صَلَاةً حَضَرَتْ أَوْ يُورِثُ ضَرَرًا بَلْ لَا وَجْهَ أَيْضًا لِلْبُطْلَانِ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ وَالْمُسْكِرِ وَلَوْ تَعَدِّيًا فِيهِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِمَا الْعَقْلُ الْحَقِيقِيُّ بَلْ التَّمْيِيزُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَوُجِدَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَقَطْ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ تَنَاوُلَهُمَا كَانَ لَيْلًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ) إنْ كَانَ الْفَرْضُ إنْ شَرِبَ الدَّوَاءَ أَوْ الْمُسْكِرَ وَقَعَ فِي اللَّيْلِ فَالْوَجْهُ صِحَّةُ الصَّوْمِ حَيْثُ أَفَاقَ لَحْظَةً وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّى فَلَا يَصِحُّ تَفْصِيلُهُ فِي الْبُطْلَانِ أَوْ وَقَعَ فِي النَّهَارِ فَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا كَتَنَاوُلِهِ الْمُفْطِرَ فَلَا يَصِحُّ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ تَنَاوُلَ الدَّوَاءِ أَوْ الْمُسْكِرِ كَانَ لَيْلًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِهِ بَطَلَ الصَّوْمُ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَمْنَعُ التَّعَدِّيَ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَجْمُوعِ زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ: التَّمْيِيزِ بِدَلِيلٍ وَبِمَرَضٍ إلَخْ؛ إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيِّ بِالرَّضِّ لَا قَضَاءَ مَعَهُ كَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ
وَإِثْمَ التَّرْكِ وَبِمَرَضٍ أَوْ دَوَاءٍ لِحَاجَةٍ كَالْإِغْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الرَّافِعِيِّ شُرْبُ الدَّوَاءِ لِلتَّدَاوِي كَالْجُنُونِ وَسَفَهًا كَالسُّكْرِ إنَّمَا هُوَ فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ فِي الثَّانِي إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ إنْ وُجِدَ فِي لَحْظَةٍ وَلَا قَضَاءَ وَلَا إثْمَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَيْضًا حَاصِلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ شُرْبَ الدَّوَاءِ كَالْإِغْمَاءِ أَيْ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ
بِدَلِيلٍ وَبِمَرَضٍ؛ إذْ زَوَالُ الْعَقْلِ الْحَقِيقِيُّ بِالْمَرَضِ لَا قَضَاءَ مَعَهُ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ سم (قَوْلُهُ زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ وَإِثْمَ التَّرْكِ) أَيْ: تَرْكِ الصَّوْمِ بِسَبَبِ زَوَالِ الْعَقْلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ) أَيْ فِيمَا إذَا اسْتَغْرَقَ الزَّوَالُ جَمِيعَ النَّهَارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَالْإِغْمَاءِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ فِيهِ إلَّا حِينَئِذٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ: بِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ: بِالْحَاصِلِ اهـ.
(قَوْلُهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا صَحَّ الصَّوْمُ مَعَ إفَاقَةِ لَحْظَةٍ فِي الْمُتَعَدِّي بِالِاسْتِعْمَالِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ فِي غَيْرِهِ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً بِالْأَوْلَى وَأَيْضًا فَهُوَ مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِهِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ سم آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي مَا قَرَّرَهُ فِي الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ فَإِنَّ هَذَا رَاجِعٌ أَيْضًا قَطْعًا لِشُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ فَتَأَمَّلْهُ ثُمَّ أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا إذَا زَالَ الْعَقْلُ الْحَقِيقِيُّ فَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ لِلتَّدَاوِي فَلَا قَضَاءَ كَالْجُنُونِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَإِلَّا فَهَذَا أَيْضًا جُنُونٌ وَإِنْ كَانَ سَفَهًا وَجَبَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ جُنُونٌ مُتَعَدًّى بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالسُّكْرِ الْمُتَعَدِّي بِهِ الْمُسْتَغْرِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ حَاصِلِ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَمَّا فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَقَدْ قُدِّمَ فِي ذَلِكَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ التَّعَدِّي فِي الدَّوَاءِ أَوْ الْإِغْمَاءِ أَوْ السُّكْرِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ قَدْ شَرِبَ الدَّوَاءَ سَفَهًا فَمَا بَالُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً صَحَّ صَوْمُهُ وَأَمَّا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَقَدْ قُدِّمَ فِي ذَلِكَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ أَوْ الْإِغْمَاءِ أَوْ السُّكْرِ وَوُجِدَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ فَمَا بَالُهُ هُنَا حَكَمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّوْمِ إنْ وُجِدَ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ وَمِنْهَا أَنَّهُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ قَالَ إنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ أَيْ: بِتَرْكِ أَدَاءِ الصَّوْمِ أَوَّلًا فَمَا بَالُهُ هُنَا صَارَ كَالْمَجْنُونِ وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ.
وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ إلَخْ يُقَالُ لَهُ مَاذَا يُعْلِمُ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ فَكَيْفَ يُعْلَمُ مِنْهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجُنُونَ بِطُرُوِّهِ فِي لَحْظَةٍ مِنْ النَّهَارِ يُبْطِلُ الصَّوْمَ فَعِنْدَ اسْتِغْرَاقِهِ بِالْأَوْلَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُتُونِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ أَوْ لَا وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَالسُّكْرُ فَإِنْ أَفَاقَ مِنْهُمَا لَحْظَةً فِي النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا أَيْضًا قَدْ صَرَّحُوا بِهِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَيَلْزَمُ فِي الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُ فِي الْجُنُونِ حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا إنْ تَسَبَّبَ فِيهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِشُرْبِ الدَّوَاءِ بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَأَمَّا الْإِثْمُ فَظَاهِرُ وُجُودِهِ حَيْثُ تَسَبَّبَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ شُرْبَ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ مُتَبَايِنَةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ كَلَامِهِمْ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا أَحَدُهَا لُزُومُ الْقَضَاءِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ فَقَطْ، وَثَانِيهَا لُزُومُهُ مُطْلَقًا وَثَالِثُهَا عَدَمُ لُزُومِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ شَرِبَهُ سَفَهًا فَفِيهِ هَذِهِ الْآرَاءُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْأَخِيرَ مِنْهَا ضَعِيفٌ وَالْبَقِيَّةَ قَوِيَّةٌ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ: إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ) الْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ فِي أَنَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَصِحُّ الصَّوْمُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ حَيْثُ وُجِدَ فِي الْبَعْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ لِحَاجَةٍ) قِيَاسُ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ رَاجَعْتُ أَصْلَهُ فَرَأَيْت بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ ضُرِبَ عَلَى لِغَيْرِ وَزِيدَتْ لَامٌ قَبْلَ
وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ إنْ وُجِدَ فِي لَحْظَةٍ) هَذَا يُنَافِي مَا قَرَّرَهُ فِي الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ فَلَا إثْمَ وَلَا بُطْلَانَ فَإِنَّ هَذَا رَاجِعٌ أَيْضًا قَطْعًا لِشُرْبِ الدَّوَاءِ لِحَاجَةٍ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ أَقُولُ مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا إذَا زَالَ الْعَقْلُ الْحَقِيقِيُّ فَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ لِلتَّدَاوِي فَلَا قَضَاءَ كَالْجُنُونِ أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَإِلَّا فَهَذَا أَيْضًا جُنُونٌ وَإِنْ كَانَ سَفَهًا وَجَبَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ جُنُونٌ مُتَعَدًّى بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالسُّكْرِ الْمُتَعَدَّى بِهِ الْمُسْتَغْرِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْ: إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ) الْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ فِي أَنَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا بَلْ يَصِحُّ الصَّوْمُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ إلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ
(وَلَا) يَجُوزُ وَلَا (يَصِحُّ) صَوْمٌ فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ فِطْرُهُ لِنَحْوِ سَفَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ بِوَجْهٍ وَلَا (صَوْمُ الْعِيدِ) الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى اتِّفَاقًا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ) وَلَوْ لِلْمُتَمَتِّعِ (فِي الْجَدِيدِ) وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ صِيَامِهَا (وَلَا يَحِلُّ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ (التَّطَوُّعُ يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) لِمَا صَحَّ عَنْ عَمَّارٍ رضي الله عنه «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم» وَلَا تَخْتَصُّ الْحُرْمَةُ بِهِ بَلْ يَحْرُمُ صَوْمُ مَا بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ مَا لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ يَكُنْ لِسَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ أَفْطَرَ بَعْدَ صَوْمِهِ الْمُتَّصِلِ بِالنِّصْفِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَعْدَهُ بِلَا سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي لِزَوَالِ الِاتِّصَالِ الْمُجَوِّزِ لِصَوْمِهِ.
(فَلَوْ صَامَهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) كَيَوْمِ الْعِيدِ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ لِلذَّاتِ أَوْ لَازِمِهَا (وَلَهُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (صِفَةٌ عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ لِنَفْلٍ كَأَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ فَأَفْسَدَهُ (وَالنَّذْرِ) كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كَذَا فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ أَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا يَنْعَقِدُ وَالْكَفَّارَةُ مُسَارَعَةٌ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلِأَنَّ لَهُ سَبَبًا فَجَازَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ
حَاجَةٍ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْ إصْلَاحِ غَيْرِهِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ وَقِيَاسُ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ إلَخْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْحَاصِلَ الْمَارَّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَأْخَذَ الشَّارِحِ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيَاسَهُ إسْقَاطُ لَفْظَةِ غَيْرَ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ صَوْمٌ فِي رَمَضَانَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ مَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ سم وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا أَعَادَهُ الشَّارِحِ لِاسْتِيفَائِهِ أَقْسَامَ الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ.
(قَوْلُهُ وَلَا صَوْمُ الْعِيدِ إلَخْ) وَلَوْ عَنْ وَاجِبٍ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْفِطْرِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِلذَّاتِ أَوْ لَازِمِهَا وَقَوْلُهُ كَأَنْ نَذَرَ إلَى أَمَّا نَذْرُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ أَفْطَرَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ اتِّفَاقًا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ قُصُورٌ عِبَارَةِ النِّهَايَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ زَادَ الْمُغْنِي وَلِلْإِجْمَاعِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْجَدِيدِ) وَفِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ صَوْمُهَا لِلْمُتَمَتِّعِ إذَا عَدَمُ الْهَدْيِ عَنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيهَا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ: لَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بِلَا سَبَبٍ) أَيْ يَقْتَضِي صَوْمَهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَنْهُ فَلَا احْتِيَاطَ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ هَلَّا اُسْتُحِبَّ صَوْمُهُ إنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ حَيْثُ قَالَ بِوُجُوبِ صَوْمِهِ حِينَئِذٍ أُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُرَاعِي الْخِلَافَ إذَا خَالَفَ سُنَّةً صَرِيحَةً وَهِيَ هُنَا خَبَرُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ اهـ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ أَوَّلَ الْبَابِ مَا يُوَافِقُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَ شَكٍّ فَإِنْ كَانَ حَرُمَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَوْمَ شَكٍّ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ سم عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ احْتِيَاطًا وَعَنْ ع ش قَبِيلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مَا يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَفْطَرَ بَعْدَ صَوْمِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ صَامَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَتَالِيَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ السَّابِعَ عَشَرَ حَرُمَ عَلَيْهِ الثَّامِنَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ صَوْمُ يَوْمٍ بَعْدَ النِّصْفِ لَمْ يُوصَلْ بِمَا قَبْلَهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش أَيْ: فَشَرْطُ الْجَوَازِ أَنْ يَصِلَ الصَّوْمُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَمَتَى أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ صَامَ شَعْبَانَ بِقَصْدِ أَنْ لَا يَصُومَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ أَوْ النِّصْفَ الْأَخِيرَ بِهَذَا الْقَصْدِ ثُمَّ عِنْدَ آخِرِ الشَّهْرِ عَنَّ لَهُ صِيَامُهُ فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ نَظَرًا لِاتِّصَالِ الصَّوْمِ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِلْقَصْدِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَازِمِهَا) أَيْ: لَازِمِ ذَاتِ الصَّوْمِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ بِهِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ كَأَنْ شَرَعَ إلَخْ) أَيْ: وَكَالنَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ مُطْلَقًا رَشِيدِيٌّ وع ش.
(قَوْلُهُ كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ ثُمَّ أَرَادَ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْهُ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ فَلَا يَنْعَقِدُ) أَيْ: كَنَذْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْعِيدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ أَيْ: مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَوْمُ الشَّكِّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ
أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ حَيْثُ وُجِدَ فِي الْبَعْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي شَرْحٍ وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ مَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ إلَخْ) وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ؛ إذْ لَا فَائِدَ لَهُ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَنْهُ فَلَا احْتِيَاطَ شَرْحُ م ر أَقُولُ يُتَأَمَّلْ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضِ قَالَ يَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ قُلْت هَذَا ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ الْقَضَاءِ دُونَ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَاءٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَعْنِي يَوْمَ الشَّكِّ أَيْضًا فَهُوَ نَظِيرُ الْعَصْرِ إذَا قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِلِاصْفِرَارِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ صَاحَبَ الْوَقْتَ قُلْت يُفَرَّقُ بِتَوَقُّتِ الْعَصْرِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ بِخُصُوصِهِ وَنَحْوُ الْكَفَّارَةِ لَمْ تُؤَقَّتْ بِخُصُوصِ يَوْمِ الشَّكِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَصْرَ إنَّمَا انْعَقَدَ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ مَعَ تَحَرِّي تَأْخِيرِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا عُيِّنَ لَهُ بِخُصُوصِهِ وَنَحْوُ الْكَفَّارَةِ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ بِخُصُوصِهِ لَا يَوْمُ الشَّكِّ وَلَا غَيْرُهُ.
(فَرْعٌ) عَمَّتْ الْبَلْوَى كَثِيرًا بِثُبُوتِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا ثُمَّ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ وَظَنَّ صِدْقَهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِ السَّبْتِ الَّذِي هُوَ التَّاسِعُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ أَمْ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَنُقْصَانِ الْقَعْدَةِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ دَفْعَ مَفْسَدَةِ الْحَرَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَنْدُوبِ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كَذَا فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ) أَيْ: أَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ ثُمَّ أَرَادَ صَوْمَ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْهُ
وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي فِي التَّحَرِّي هُنَا مَا مَرَّ ثَمَّ.
(وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) كَأَنْ اعْتَادَ سَرْدَ الصَّوْمِ أَوْ صَوْمَ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ فَوَافَقَ يَوْمُ الشَّكِّ يَوْمَ صَوْمِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ هُنَا بِمَرَّةٍ (وَهُوَ) أَيْ: يَوْمُ الشَّكِّ الَّذِي يَحْرُمُ صَوْمُهُ بِسَبَبَيْنِ كَوْنُهُ يَوْمَ شَكٍّ وَكَوْنُهُ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ) أَيْ: جَمْعٌ مِنْهُمْ
وَقْتَ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَالْخَمِيسِ الْآتِي مَثَلًا ثُمَّ طَرَأَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ اهـ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ آنِفًا كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ كَذَا إلَخْ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ يَأْتِي فِي التَّحَرِّي هُنَا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا لِيُوقِعَهُ يَوْمَ الشَّكِّ فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا تَحْرِيمُهُ نِهَايَةٌ وَأَسْنَى وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَلَوْ أَخَّرَ صَوْمًا أَيْ: وَلَوْ وَاجِبًا وَقَوْلُهُ م ر فَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ إلَخْ مُعْتَمَدٌ بَلْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهُ لِيُوقِعَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ حَرُمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَمْ يَنْعَقِدْ ع ش وَقَالَ سم فَإِنْ قُلْتَ هَذَا أَيْ: مَا مَرَّ عَنْ الْأَسْنَى ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ الْقَضَاءِ دُونَ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدَاءٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَعْنِي يَوْمَ الشَّكِّ أَيْضًا فَهُوَ نَظِيرُ الْعَصْرِ إذَا قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِلِاصْفِرَارِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ صَاحَبَ الْوَقْتِ قُلْت يُفَرَّقُ بِتَوَقُّتِ الْعَصْرِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ بِخُصُوصِهِ وَنَحْوُ الْكَفَّارَةِ لَمْ تَوَقَّتْ بِخُصُوصِ يَوْمِ الشَّكِّ اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةً إلَخْ) وَلَوْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ قَضَاءً عَنْ صَوْمٍ يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ لَمْ يُحْسَبْ ذَلِكَ وِرْدًا لَهُ حَتَّى يَصُومَهُ عَنْ الْقَابِلِ إيعَابٌ قَالَ سم لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ عَامِ آخِرِ الْعَادَاتِ وَأَظُنُّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِذَلِكَ اهـ وَقَالَ ع ش وَكَتَبَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَدْ يُشْكِلُ تَصْوِيرُ الْعَادَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ بِلَا سَبَبٍ مُمْتَنِعٌ فَيَحْتَاجُ لِعَادَةٍ فَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا فَيَتَسَلْسَلَ وَيُجَابُ بِأَنْ يُصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا قَبْلَ النِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ صَوْمَهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَأَنْ اعْتَادَ الِاثْنَيْنِ فِي عَامٍ وَالْخَمِيسَ فِي آخَرَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَخِيرُ أَوْ نَقُولُ كُلٌّ صَارَ عَادَةً لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي نَعَمْ إنْ عَزَمَ عَلَى هَجْرِ أَحَدِهِمَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ مَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ الشَّارِحِ م ر أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَادَتِهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ الْمَاضِيَةِ لَا الْقَدِيمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ اعْتَادَ سَرْدَ الصَّوْمِ) اُنْظُرْ مَا تَصْوِيرُهُ الْخَالِي عَنْ اعْتِيَادِ الِاتِّصَالِ بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَثْبُتُ عَادَتُهُ الْمَذْكُورَةُ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ.
(قَوْلُهُ بِمَرَّةٍ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَامَ فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَاقِيَهُ فَوَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ يَوْمًا لَوْ دَامَ عَلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ لَوَقَعَ يَوْمُ الشَّكِّ مُوَافِقًا لِيَوْمِ الصَّوْمِ صَحَّ صَوْمُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ الِانْتِصَافِ عَلِمَ أَنَّهُ يُوَافِقُ آخِرَ شَعْبَانَ وَاتَّفَقَ أَنَّ آخِرَ شَعْبَانَ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ فَلَا يَحْرُمُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَادَةً لَهُ ع ش وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فِطْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي اعْتَادَهُ فَإِذَا اعْتَادَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فِي أَكْثَرِ أَسَابِيعِهِ جَازَ لَهُ صَوْمُهُ بَعْدَ النِّصْفِ وَيَوْمِ الشَّكِّ وَإِنْ كَانَ أَفْطَرَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ مُعْتَادُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ عَادَتِهِ وَصَوْمِهِ بَعْدَ النِّصْفِ أَفَطَرَهُ وَأَمَّا إذَا اعْتَادَهُ مَرَّةً قَبْلَ النِّصْفِ ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ الْأُسْبُوعِ الَّذِي بَعْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ النِّصْفُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِينَئِذٍ بَطَلَتْ بِفِطْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا إذَا صَامَ الِاثْنَيْنِ الَّذِي قَبْلَ النِّصْفِ ثُمَّ دَخَلَ النِّصْفُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ يَوْمِ اثْنَيْنِ آخَرَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْوَاقِعِ بَعْدَ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ اعْتَادَهُ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ مَا يُبْطِلُ الْعَادَةَ فَإِذَا صَامَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ أُسْبُوعٍ ثَانٍ ثُمَّ صَادَفَ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثُ يَوْمَ
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ عَامٍ آخِرِ الْعَادَاتِ وَأَظُنُّ شَيْخَنَا أَفْتَى بِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ تَصَوُّرُ الْعَادَةِ؛ إذْ لَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ وَالْمَرَّةُ الْأُولَى الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْعَادَةُ لَا سَبَبَ لَهَا فَيَمْتَنِعُ وَيُجَابُ بِتَصَوُّرِهَا بِأَنْ يَصُومَ قَبْلَ النِّصْفِ يَوْمًا مُعَيَّنًا كَالِاثْنَيْنِ فَإِذَا وَافَقَ يَوْمَ الشَّكِّ الِاثْنَيْنِ فَلَهُ صَوْمُهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَقَدْ عَبَّرَ الْعُبَابُ بَدَلَ الْعَادَةِ بِالْوِرْدِ مَا نَصُّهُ وَهَلْ يَثْبُتُ الْوَرْدُ بِمَرَّةٍ حَتَّى لَوْ صَامَ الِاثْنَيْنِ قَبْلَ نِصْفِ شَعْبَانَ مَثَلًا بِمَرَّةٍ جَازَ لَهُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ إذَا وَافَقَ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْحَيْضِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قَالَ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَابِطِ الْعَادَةِ ثُمَّ أَبْدَى احْتِمَالَيْنِ تَقْدِيرُهَا بِمَرَّةٍ أَوْ بِالْعُرْفِ اهـ بَقِيَ أَنَّهُ لَوْ اعْتَادَ صَوْمَ شَعْبَانَ أَوْ نِصْفِهِ الثَّانِي مَعَ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ فَهَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ صَحَّ التَّصْوِيرُ بِهِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ؛ إذْ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ نِصْفِهِ الثَّانِي صَارَ عَادَةً لَهُ وَلَوْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ اُعْتُبِرَ عَامُ آخِرِ الْعَادَاتِ
بِحَيْثُ يَتَوَلَّدُ مِنْ تَحَدُّثِهِمْ الشَّكُّ فِي الرُّؤْيَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا قَوْلُ الرَّوْضِ الَّذِي يَتَحَدَّثُ فِيهِ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ يُظَنُّ صِدْقُهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِعِبَارَةِ أَصْلِهِ وَعَجِيبٌ كَوْنُ شَيْخِنَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ إذَا وَقَعَ فِي الْأَلْسُنِ أَنَّهُ رُئِيَ وَلَمْ يَقُلْ عَدْلٌ أَنَا رَأَيْته أَوْ قَالَهُ وَلَمْ يُقْبَلْ الْوَاحِدُ أَوْ قَالَهُ عَدَدٌ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ الْعَبِيدِ أَوْ الْفُسَّاقُ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ انْتَهَتْ فَظَنُّ الصِّدْقِ إنَّمَا اشْتَرَطَهُ فِي قَوْلِ غَيْرِ الْأَهْلِ لَا فِي التَّحَدُّثِ.
فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ظَنُّ صِدْقٍ بَلْ تَوَلُّدُ شَكٍّ كَمَا ذَكَرْته (بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ: بِأَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ لَيْلَتَهُ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ رَآهُ (أَوْ شَهِدَ) أَيْ: أَخْبَرَ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ أَصْلُهُ بِقَالَ (بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عُبَيْدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) أَوْ نِسَاءٌ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَوْ عَدْلٌ وَرُدَّ وَيَكْفِي اثْنَانِ مِنْ كُلٍّ عَلَى مَا أُخِذَ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي النِّيَّةِ احْتِيَاطًا فِيهِمَا فَإِنْ فُقِدَ ذَلِكَ حَرُمَ صَوْمُهُ لِكَوْنِهِ بَعْدَ النِّصْفِ لَا لِكَوْنِهِ يَوْمَ شَكٍّ.
وَمَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَيَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ وَقَدْ جَمَعُوا بَيْنَ مَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ التَّنَافِي ثَمَّ وَفِي النِّيَّةِ وَهُنَا بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرْتهَا مَعَ مَا فِيهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَنْ أَحْسَنِهَا مَا قَدَّمْته فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ (وَلَيْسَ إطْبَاقُ الْغَيْمِ بِشَكٍّ) ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا فِيهِ بِإِكْمَالِ الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ
الشَّكِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ صَوْمُهُ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ فِطْرِهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ لَهُ صَوْمُهُ بَعْدَ النِّصْفِ وَذَلِكَ كَافٍ وَذَلِكَ مَا ظَهَرَ لِي الْآنَ وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا أَوْ نَقْلًا نَشْهَدُهُ اهـ وَهَذَا يُخَالِفُهُ إطْلَاقُ مَا مَرَّ عَنْ ع ش وَفِي سم مَا يُوَافِقُ هَذَا الْإِطْلَاقَ.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَتَوَلَّدُ مِنْ تَحَدُّثِهِمْ الشَّكَّ إلَخْ) هَلْ يُعْتَبَرُ الشَّكُّ هُنَا وَالظَّنُّ فِيمَا يَأْتِي بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ حَتَّى لَا يَحْرُمَ صَوْمُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَوْمُ شَكٍّ عَلَى الْخَالِي عَنْهُمَا الظَّاهِرُ نَعَمْ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ الْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ خِلَافَهُ بَصْرِيٌّ أَقُولُ بَلْ وُجُودُ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّكِّ وَالظَّنِّ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْمُحَالِ الْعَادِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُ الرَّوْضِ إلَخْ) أَيْ: بَدَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذَا تَحَدَّثَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَنْ يُظَنُّ صِدْقُهُ) مَعْنَاهُ مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ يُظَنَّ صِدْقُهُ بِأَنْ يَكُونَ حَالُهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِظَنِّ صِدْقِهِ لَكِنْ لَمْ يَظُنَّ احْتِرَازًا عَمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ تَحَدُّثَهُ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا وَلَا شَكًّا وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ عَلَى الرَّوْضِ وَلَا عَجَبَ فِي سُكُوتِ شَرْحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ انْتَهَتْ) وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ إلَى الْجَمِيعِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ بِنَاءً عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْوَقْفِ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ الْأَخِيرَ يَعُودُ عَلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّي قَالَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ يُظَنُّ صِدْقُهُ مَعْنَاهُ مَا مِنْ شَأْنِهِ إلَخْ اهـ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ: خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَيَّدَهُ بِعَدَمِ إطْبَاقِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ نِسَاءٌ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ جَمَعُوا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَاشْتُرِطَ الْعَدَدُ إلَى وَمَرَّ (قَوْلُهُ وَرُدَّ) أَيْ: عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ ع ش أَيْ أَوْ لِأَمْرٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي اثْنَانِ إلَخْ) وَمِثْلُهُمَا الْوَاحِدُ كَمَا يَأْتِي ع ش (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا فِيهِمَا) يُتَأَمَّلْ مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُنَا فَإِنَّهُ إنْ وُجِدَ الْمُجَوِّزُ لِصِحَّةِ مَا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ نَحْوِ وَصْلٍ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ عَادَةٍ جَازَ الصَّوْمُ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا سم وَلَك أَنْ تُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَتَحْرِيمِهَا.
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَمَعُوا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي عُمُومِ النَّاسِ لَا فِي أَفْرَادِهِمْ فَيَكُونُ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ دُونَ أَفْرَادِ مَنْ اُعْتُقِدَ صِدْقُهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ رَآهُ مِنْ الْفُسَّاقِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ بَلْ هُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا اهـ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا سم وَقَوْلُهُ اُعْتُقِدَ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ أَوَّلِ كَلَامِهِ وَوَافَقَهُ أَيْ: الْأَذْرَعِيَّ الْمُغْنِي فَقَالَ: نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي طَائِفَةِ أَوَّلِ الْبَابِ وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَائِهِ صِحَّةُ نِيَّةِ الْمُعْتَقِدِ أَيْ: الظَّانِّ لِذَلِكَ وَوُقُوعِ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ قَالَ الشَّارِحِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ اهـ أَيْ لِأَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ الَّذِي يَحْرُمُ صَوْمُهُ هُوَ عَلَى مَنْ لَمْ يَظُنَّ الصِّدْقَ هَذَا مَوْضِعٌ وَأَمَّا مَنْ ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ صَحَّتْ النِّيَّةُ مِنْهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَهَذَانِ مَوْضِعَانِ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ مُتَنَاقِضٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ وَفِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ وَفِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ اهـ.
(قَوْلُهُ مَا قَدَّمْته فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ) حَاصِلُ ذَلِكَ وَمَا اخْتَارَهُ الشَّارِحُ م ر إنَّ ظَنَّ صِدْقِ هَؤُلَاءِ مُصَحَّحٌ لِلنِّيَّةِ فَقَطْ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ بِشَهَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ صَحَّ صَوْمُهُ اعْتِمَادًا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَهُوَ يَوْمُ شَكٍّ يَحْرُمُ صَوْمُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُمْ فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِأَنْ وَقَعَ الْجَزْمُ بِخَبَرِهِمْ صَحَّ الصَّوْمُ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا فِيهِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ بَلْ يَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا رُؤْيَتَهُ لَوْلَا السَّحَابُ لِبُعْدِهِ عَنْ الشَّمْسِ وَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَتَرَاءَى النَّاسُ فَلَمْ يُتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ وَقِيلَ
قَوْلُهُ عَنْ الرَّوْضِ مَنْ يُظَنُّ صِدْقُهُ) مَعْنَاهُ مَنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُظَنَّ صِدْقُهُ بِأَنْ يَكُونَ حَالُهُ مِمَّا يَصْلُحُ لِظَنِّ صِدْقِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يُظَنَّ احْتِرَازًا عَمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ تَحَدَّثَ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا وَلَا شَكًّا وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ عَلَى الرَّوْضِ وَلَا عَجَبَ فِي سُكُوتِ شَرْحِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) يُتَأَمَّلْ مَعْنَى الِاحْتِيَاطِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُنَا فَإِنَّهُ إنْ وُجِدَ الْمُجَوِّزُ لِصِحَّةِ مَا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ نَحْوِ وَصْلٍ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ عَادَةٍ جَازَ الصَّوْمُ مُطْلَقًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَيَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ وَقَدْ جَمَعُوا إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي عُمُومِ النَّاسِ لَا فِي أَفْرَادِهِمْ فَيَكُونُ شَكًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مَنْ ظُنَّ صِدْقُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ دُونَ أَفْرَادِ مَنْ اُعْتُقِدَ صِدْقُهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ رَآهُ مِنْ الْفُسَّاقِ وَالْعَبِيدِ
(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) ؛ إذْ تَيَقُّنُ الْغُرُوبِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» وَيُسَنُّ كَوْنُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ كَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ (عَلَى تَمْرٍ)
هُوَ يَوْمُ شَكٍّ وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خِلَالِهَا وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا وَلَمْ يُتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَقِيلَ لَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ إذْ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ هُوَ يَوْمٌ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ، وَصَوْمُهُ حَرَامٌ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ إلَخْ هَذَا قَدْ يُوجِبُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِيَوْمِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْوَصْلِ بِمَا قَبْلَهُ يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ وَغَيْرِهِ وَمَعَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَمْتَنِعُ صَوْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْخُصُوصِيَّةُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْلِ يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مِنْ جِهَتَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي التَّعَالِيقِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ يَوْمَ شَكٍّ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ نَحْوُهُ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ حَيْثُ قُلْنَا: إنَّهُ شَكٌّ ع ش.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) أَيْ بِتَنَاوُلِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْعَافِ الْقُوَّةِ وَالضَّرَرِ شَرْحُ م ر اهـ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهُوَ مُحْتَمَلٌ مُعْتَمَدٌ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ: مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَيْضًا عَدَمُ حُصُولِهَا بِالِاسْتِقَاءَةِ أَوْ إدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ أَوْ إحْلِيلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ م ر مِنْ التَّعْلِيلِ يَأْبَى ذَلِكَ اهـ وَقَالَ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ وَعَبَّرَ أَيْ: الْمُصَنِّفُ كَالْقَمُولِيِّ بِتَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ؛ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِالْغُرُوبِ، وَقَضِيَّتُهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ بِسَائِرِ الْمُنَافِيَاتِ لِلصَّوْمِ كَالْجِمَاعِ اهـ. وَجَمَعَ شَيْخُنَا بِمَا نَصُّهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا الْجِمَاعَ أَفْطَرَ عَلَيْهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا يُسَنُّ الْفِطْرُ عَلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَجَدَ غَيْرَهُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) يَنْبَغِي سَنُّ ذَلِكَ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ وَلَا تَنْخَرِمُ مُرُوءَتُهُ بِهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنْ طَلَبِ الْأَكْلِ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَارًّا بِالطَّرِيقِ ع ش.
(قَوْلُهُ إذَا تَيَقَّنَ الْغُرُوبَ) خَرَجَ بِهِ ظَنُّهُ بِاجْتِهَادٍ فَلَا يُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بِهِ وَظَنُّهُ بِلَا اجْتِهَادٍ وَشَكُّهُ فَيَحْرُمُ بِهِمَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ مُغْنِي وَإِيعَابٌ وَأَسْنَى وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ النَّدْبِ إذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبُ أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ قَدْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ إذَا ظَنَّ الْغُرُوبَ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُقْتَضٍ لِنَدْبِ التَّأْخِيرِ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى بَافَضْلٍ هَذَا أَيْ: عَدَمُ سَنِّ التَّعْجِيلِ مَعَ عَدَمِ تَيَقُّنِ الْغُرُوبِ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِهِمْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ نَظْمِ الزَّبَدِ لِلْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ وَخَرَجَ بِعِلْمِ الْغُرُوبِ ظَنُّهُ فَلَا يُسَنُّ إسْرَاعُ الْفِطْرِ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ وَوَقَعَ لَهُ فِي النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ النَّدْبِ إذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبُ أَوْ ظَنَّهُ بِأَمَارَةٍ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَأَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ قَرُبَ إحْرَامُهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى نَحْوِ التَّمْرِ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَخَشِيَ سَبْقَهُ إلَى جَوْفِهِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِتَنْظِيفِ فَمِهِ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ تَكْبِيرُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُتَّجَهُ هُنَا تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ الْفِطْرِ لَكِنْ لَوْ خَالَفُوا وَتَرَكُوا الْأَفْضَلَ مَثَلًا وَتَعَارَضَ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَثَلًا مَا ذُكِرَ قَدَّمَ الْإِحْرَامَ وَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّوَقَانَ غَيْرُ لَازِمٍ هُنَا وَكَلَامُنَا عِنْدَ عَدَمِهِ سم.
(قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ لَا يَزَالُ النَّاسُ إلَخْ) زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَخَّرُوا السُّحُورَ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ كَالشِّيعَةِ يُؤَخِّرُونَهُ إلَى ظُهُورِ النَّجْمِ إيعَابٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَثِيرٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إلَخْ) وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ نَقَلَهُ
وَالنِّسَاءِ بَلْ هُوَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا اهـ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) أَيْ: بِتَنَاوُلِ شَيْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بِالْجِمَاعِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْعَافِ الْقُوَّةِ وَالضَّرَرِ شَرْحُ م ر وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْفِطْرِ إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ فِيهِ فَضِيلَةً وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الصَّلَاةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ، وَأَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ قَرُبَ إحْرَامُهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى نَحْوِ التَّمْرِ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَخَشِيَ سَبْقَهُ إلَى جَوْفِهِ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِتَنْظِيفِ فَمِهِ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُتَّجَهُ هُنَا تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ الْفِطْرِ لَكِنْ لَوْ خَالَفُوا وَتَرَكُوا الْأَفْضَلَ مَثَلًا وَتَعَارَضَ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مَثَلًا مَا ذُكِرَ قُدِّمَ الْإِحْرَامُ وَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّوَقَانَ غَيْرُ لَازِمٍ هُنَا وَكَلَامُنَا
وَأَفْضَلُ مِنْهُ رُطَبٌ وُجِدَ لِمَا صَحَّ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حُسْوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» .
وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ السُّنَّةِ بِالْبُسْرِ وَإِنْ تَمَّ صَلَاحُهُ وَبِالْأَوْلَى مَا لَمْ يَتِمَّ صَلَاحُهُ، وَلَوْ قِيلَ بِالْإِلْحَاقِ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَبْعُدْ (وَإِلَّا) تَيَسَّرَ لَهُ أَحَدُهُمَا أَيْ: حَالَ إرَادَةِ الْفِطْرِ فَلَوْ تَعَارَضَ التَّعْجِيلُ عَلَى الْمَاءِ وَالتَّأْخِيرُ عَلَى التَّمْرِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ التَّعْجِيلِ فِيهَا حِصَّةٌ تَعُودُ عَلَى النَّاسِ أُشِيرَ إلَيْهَا فِي لَا يَزَالُ النَّاسُ إلَى آخِرِهِ، وَلَا كَذَلِكَ التَّمْرُ وَفِي خَبَرٍ سَنَدُهُ حَسَنٌ «أَحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا» (فَمَاءٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ» زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَتِهِ «فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» وَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وُجُوبَ الْفِطْرِ عَلَى التَّمْرِ، وَالتَّثْلِيثُ الَّذِي أَفَادَهُ الْمَتْنُ فِي التَّمْرِ وَالْخَبَرُ فِي الْكُلِّ شَرْطٌ لِكَمَالِ السُّنَّةِ لَا لِأَصْلِهَا كَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فَيَحْصُلُ أَصْلُهَا بِأَيِّ شَيْءٍ وُجِدَ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِي تَمْرٍ قَوِيَتْ شُبْهَتُهُ وَمَاءٍ خَفَّتْ أَوْ عُدِمَتْ شُبْهَتُهُ إنَّ الْمَاءَ أَفْضَلُ لَكِنْ قَدْ يُعَارِضُهُ حُكْمُ الْمَجْمُوعِ بِشُذُوذِ قَوْلِ الْقَاضِي الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا الْفِطْرُ عَلَى مَاءٍ يَأْخُذُهُ بِكَفِّهِ مِنْ النَّهْرِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ اهـ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ سَبَبَ شُذُوذِ مَا بَيَّنَهُ غَيْرُهُ أَنَّ مَاءَ النَّهْرِ كَالدِّجْلَةِ لَيْسَ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي عَلَى حَافَّتِهَا يَحْفِرُونَ حُفَرًا لِصَيْدِ السَّمَكِ فَتَمْتَلِئُ مَاءً ثُمَّ يَسُدُّونَ عَلَيْهِ فَإِذَا أَخَذُوا السَّمَكَ مِنْهُ فَتَحُوا السَّدَّ فَتَخْتَلِطُ مَاؤُهُمْ الْمَمْلُوكُ بِغَيْرِهِ
فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَفِيهِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَتَمَضْمَضَ أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ بِمَاءٍ وَيَمُجَّهُ وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَايَأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَالَ وَكَأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخُلُوفَ اهـ وَهَذَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ مُغْنِي وَإِيعَابٌ وَأَسْنَى وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ عَقَّبَ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأْتِيهِ مُطْلَقًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَفِي سم بَعْدَ تَوْضِيحِ الرَّدِّ وَتَأْيِيدِهِ مَا نَصُّهُ وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي مَضْمَضَةٍ هِيَ مَظِنَّةُ إزَالَةِ الْخُلُوفِ بِأَنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى تَحْرِيكِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ شُرْبِهِ ثُمَّ تَقَيُّؤُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ فِيهِ إضْعَافًا لِلصَّائِمِ وَالْمَطْلُوبُ تَقْوِيَتُهُ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِوُضُوحِ الْفَرْقِ إلَخْ أَيْ: وَهُوَ أَنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِسَبَبٍ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً فَإِزَالَةُ الْخُلُوفِ بِهَا تَعَدٍّ عَبَثًا حَيْثُ لَا غَرَضَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ: وَمِنْ الْعَجْوَةِ أَيْضًا ع ش (قَوْلُهُ كَانَ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ مَا سم (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ: الرُّطَبُ (قَوْلُهُ حَسَا إلَخْ) الْحُسْوَةُ التَّجَرُّعُ أَيْ: شُرْبُ الْمَاءِ شَيْئًا فَشَيْئًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ بِالْإِلْحَاقِ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ وَيُقَدَّمُ عَلَى التَّمْرِ الرُّطَبِ وَفِي مَعْنَاهُ الْعَجْوَةُ ثُمَّ الْبُسْرُ ثُمَّ الْمَاءُ وَمَاءُ زَمْزَمَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَبَعْدَ الْمَاءِ الْحُلْوُ وَهُوَ مَا لَمْ تَمَسُّهُ النَّارُ كَالزَّبِيبِ وَاللَّبَنِ وَالْعَسَلِ وَاللَّبَنُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَسَلِ وَاللَّحْمُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا ثُمَّ الْحَلْوَى وَهِيَ الْحَلَاوَةُ الْمَعْرُوفَةُ الْمَعْمُولَةُ بِالنَّارِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ
فَمِنْ رُطَبٍ فَالْبُسْرِ فَالتَّمْرِ زَمْزَمَ
…
فَمَاءٍ فَحُلْوٍ ثُمَّ حَلْوَى لَك الْفِطْرُ
اهـ. وَفِي تَقْدِيمِ الْبُسْرِ عَلَى التَّمْرِ الْوَارِدِ وَقْفَةٌ وَقَالَ ع ش يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْعَسَلَ عَلَى اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلْحُلْوِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ بَعْدَ فَقْدِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا وَرَدَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا يَتَيَسَّرْ لَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ فَمَاءٌ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ مَعَ وُجُودِ التَّمْرِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَاءِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ أَقُولُ يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي آنِفًا كَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ: ابْنُ حَزْمٍ إيعَابٌ (قَوْلُهُ وُجُوبَ الْفِطْرِ عَلَى التَّمْرِ) أَيْ إذَا وُجِدَ.
(قَوْلُهُ وَالتَّثْلِيثَ الَّذِي أَفَادَهُ الْمَتْنُ) وَجْهُ إفَادَتِهِ أَنَّ التَّمْرَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَأَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِاسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى طَلَبِ خُصُوصِ التَّثْلِيثِ؛ إذْ مُفَادُهُ لَيْسَ إلَّا الْجَمْعَ وَهُوَ صَادِقٌ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَلَك أَنْ تُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ مِنْ التَّثْلِيثِ عَدَمُ النَّقْصِ عَنْ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ فِي الْكُلِّ) الْخَبَرُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ لَا عَلَى خُصُوصِ التَّثْلِيثِ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّي نَبَّهَ عَلَيْهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ فِي الْكُلِّ) أَيْ: وَهُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي حَرْمَلَةَ وَجَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُ آخَرِينَ بِتَمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَهَذَا أَيْ التَّثْلِيثُ كَمَالُهَا إيعَابٌ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ شَرْطٌ لِكَمَالِ السُّنَّةِ لَا لِأَصْلِهَا) أَيْ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَلِكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيَحْصُلُ بِالثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ مِنْ الْأَوْتَارِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَالتَّرْتِيبِ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّشِيدِيِّ.
(قَوْلُهُ الْمَذْكُورِ) أَيْ: فِي الْمَتْنِ وَالْخَبَرِ.
(قَوْلُهُ فَيَحْصُلُ أَصْلُهَا إلَخْ) أَيْ هَذِهِ السُّنَّةُ الْخَاصَّةُ وَإِلَّا فَأَصْلُ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي حُصُولِهِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ، وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ سم عَلَى حَجّ أَيْ: كَعَدَمِ الْحُصُولِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ الْمَطْلُوبَ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ إزَالَةُ حَرَارَةِ الصَّوْمِ بِمَا يُصْلِحُ الْبَدَنَ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ تَنَاوُلَ التُّرَابِ وَالْمَدَرِ مَعَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ مَكْرُوهٌ فَلَا يَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ وُجِدَ
عِنْدَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ مَا (قَوْلُهُ: وَالتَّثْلِيثَ الَّذِي أَفَادَهُ الْمَتْنُ) وَجْهُ إفَادَتِهِ أَنَّ التَّمْرَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ وَأَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِاسْمِ الْجِنْسِ الْجَمْعِيِّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى طَلَبِ خُصُوصِ التَّثْلِيثِ؛ إذْ مُفَادُهُ لَيْسَ إلَّا الْجَمْعَ وَهُوَ صَادِقٌ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَيَحْصُلُ أَصْلُهَا) أَيْ: هَذِهِ السُّنَّةُ الْخَاصَّةُ وَإِلَّا فَأَصْلُ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ الثَّلَاثَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي حُصُولِهِ بِنَحْوِ مِلْحٍ وَمَاءِ مِلْحٍ نَظَرٌ، وَكَذَا بِنَحْوِ تُرَابٍ وَحَجَرٍ لَا يَضُرُّ وَالْحُصُولُ مُحْتَمَلٌ وَفِيهِ أَيْ: الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ كُرِهَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ بِمَاءٍ وَيَمُجَّهُ، وَأَنْ يَشْرَبَهُ وَيَتَقَايَأَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ قَالَ: وَكَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِكَوْنِهِ يُزِيلُ الْخُلُوفَ اهـ وَقَوْلُ
وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِيهِ أَيْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْآتِي فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرِيكًا بِعَوْدِهِ لِلنَّهْرِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ نَقُولُ: إنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَهُوَ مَلْحَظُ الشُّبْهَةِ وَبِفَرْضِ أَنَّ الشُّذُوذَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ إيهَامُهُ تَقْدِيمَ الْمَاءِ مُطْلَقًا.
وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ كَالْخَبَرَيْنِ نَدْبُ التَّمْرِ قَبْلَ الْمَاءِ حَتَّى بِمَكَّةَ وَقَوْلُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ يُسَنُّ لَهُ الْفِطْرُ عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَحَسَنٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَوَّلَهُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ وَآخِرَهُ فِيهِ اسْتِدْرَاكُ زِيَادَةٍ عَلَى السُّنَّةِ الْوَارِدَةِ وَهُمَا مُمْتَنِعَانِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَامَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ أَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ عَادَتَهُ الْمُسْتَقِرَّةَ مِنْ تَقْدِيمِ التَّمْرِ فَدَلَّ عَلَى عَمَلِهِ بِهَا حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَنُقِلَ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ مَعَ إزَالَتِهِ لِضَعْفِ الْبَصَرِ، الْحَاصِلِ مِنْ الصَّوْمِ لِإِخْرَاجِهِ فَضَلَاتِ الْمَعِدَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَتَغْذِيَتُهُ لِلْأَعْضَاءِ الرَّئِيسَةِ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ إنَّهُ يُضْعِفُهُ أَيْ: عِنْدَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ وَالشَّيْءُ قَدْ يَنْفَعُ قَلِيلُهُ وَيَضُرُّ كَثِيرُهُ وَصَرِيحُهُمَا أَيْضًا أَنَّهُ لَا شَيْءَ بَعْدَ التَّمْرِ غَيْرُ الْمَاءِ.
فَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ إنْ فُقِدَ التَّمْرُ فَحُلْوٌ آخَرُ ضَعِيفٌ وَالْأَذْرَعِيُّ الزَّبِيبُ أَخُو التَّمْرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِتَيَسُّرِهِ غَالِبًا بِالْمَدِينَةِ.
كَذَلِكَ وَيُسَنُّ السُّحُورُ كَمَا بِأَصْلِهِ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ.
(تَنْبِيهٌ) أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ يَنْقَضِي وَيَتِمُّ بِتَمَامِ الْغُرُوبِ وَعَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ بِالْفَجْرِ الثَّانِي وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ بِالْإِسْفَارِ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ زَلَّةً قَبِيحَةً عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَازَعَ فِي صِحَّةِ الثَّانِي عَنْ قَائِلِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ اسْتِكْمَالُ النَّهَارِ أَيْ: فَلَيْسَ بِصَوْمٍ شَرْعِيٍّ وَيُعْتَبَرُ كُلُّ مَحَلٍّ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ وَغُرُوبِ شَمْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ لَنَا لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا وَأَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ
إلَخْ) أَيْ التَّعْجِيلُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْبَاقِي مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ: الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ فِي الْإِحْيَاءِ) أَيْ: فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ: التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَلْحَظُ الشُّبْهَةِ) قَدْ يُقَالُ لَا اعْتِبَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ لِلْقَطْعِ بِطِيبِ خَاطِرِ مَالِكِهِ وَرِضَاهُ بِأَخْذِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ عَادَةً فِي الْغَالِبِ بِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ خَالِصِ الْمُبَاحِ سم.
(قَوْلُهُ كَالْخَبَرَيْنِ) أَيْ: الْمَارَّيْنِ آنِفًا (قَوْلُهُ حَتَّى بِمَكَّةَ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ يُسَنُّ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ بِمَكَّةَ أَوْ لِمَنْ وَجَدَ مَاءَ زَمْزَمَ وَلَوْ فِي خَارِجِ مَكَّةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْجَمْعُ عَلَى وَجْهٍ يُدْخِلَانِ بِهِ الْبَاطِنَ مَعًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ أَوَّلَهُ فِيهِ مُخَالَفَةً لِلنَّصِّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْإِيعَابِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ وَلِلْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ الْفِطْرُ عَلَى التَّمْرِ لِأَجْلِهِ وَهُوَ حِفْظُ الْبَصَرِ فَإِنَّ الصَّوْمَ يُضْعِفُهُ وَالتَّمْرُ يَرُدُّهُ وَإِنَّ التَّمْرَ إذَا نَزَلَ إلَى مَعِدَةٍ فَإِنْ وَجَدَهَا خَالِيَةً حَصَلَ الْغِذَاءُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مَا هُنَاكَ مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي مَاءِ زَمْزَمَ وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا زِيَادَةٌ عَلَى السُّنَّةِ الْوَارِدَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَالِاسْتِدْرَاكُ عَلَى النُّصُوصِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَمْنُوعٌ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِيمَا شَرَعَهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اهـ.
(قَوْلُهُ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ: مُخَالَفَةُ النَّصِّ وَالِاسْتِدْرَاكُ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ إلَخْ) أَيْ: قَوْلُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ (قَوْلُهُ فَدَلَّ إلَخْ) أَيْ: عَدَمُ نَقْلِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ خَالَفَهَا (لِنَقْلِ) أَيْ لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِ مِثْلِهِ إيعَابٌ (قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ) أَيْ: إيثَارِ التَّمْرِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ) عِبَارَتُهُ فِي الْإِيعَابِ وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ أَوَّلًا فِي جَوْفِهِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ هَذَا مِمَّا فِي مِنْهَاجِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُفْطِرَ بِشَيْءٍ مَسَّتْهُ النَّارُ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثًا اهـ.
(قَوْلُهُ لِإِخْرَاجِهِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ وَجْهُ عِلِّيَّتِهِ لِلْإِزَالَةِ فَالْأَوْلَى وَإِخْرَاجِهِ إلَخْ بِالْعَطْفِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي وَالْإِيعَابِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِي الْمَعِدَةِ فَضَلَاتٌ وَكَانَتْ خَالِيَةً فَلِتَغْذِيَتِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْأَعْضَاءِ الرَّئِيسَةِ) وَهِيَ الْقَلْبُ وَالدِّمَاغُ وَالْكَبِدُ وَالْأُنْثَيَانِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ مَعَ إزَالَتِهِ لِضَعْفِ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ الْمُدَاوَمَةِ إلَخْ) خَبَرُ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ (قَوْلُهُ وَصَرِيحُهُمَا إلَخْ) أَيْ الْخَبَرَيْنِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَذْرَعِيِّ إلَخْ) أَيْ: قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ: ذَكَرَ صلى الله عليه وسلم التَّمْرَ.
(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ: ضَعِيفٌ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ السُّحُورُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ وَذِكْرُهُ قُبَيْلَ الْمَتْنِ الْآتِي كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهُ) أَيْ الصَّوْمِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلصَّائِمِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الدُّخُولَ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إلَخْ) تَنَازَعَ فِيهِ الطُّلُوعُ وَالْغُرُوبُ (قَوْلُهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ: فِي شَرْحِهِ وَبَيَانِهِ (قَوْلُهُ فَقَدْ
الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كَرَاهَةَ السِّوَاكِ لَا تَزُولُ بِالْغُرُوبِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَتِّيه مُطْلَقًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي شَرْحِ م ر وَقَدْ يُوَضَّحُ الرَّدُّ بِأَنَّ الْخُلُوفَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمَّا كَانَ مِنْ آثَارِ الصَّوْمِ كُرِهَ مَا هُوَ مَظِنَّةُ إزَالَتِهِ مِمَّا لَا يُطْلَبُ إلَّا فِي طَهَارَةٍ وَهُوَ الْمَضْمَضَةُ وَبِهَذَا يُفَارِقُ السِّوَاكَ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ رَجَعَ السِّوَاكُ إلَى أَصْلِهِ مِنْ الطَّلَبِ، وَالْمَضْمَضَةُ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ هُنَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَهِيَ مَظِنَّةُ إزَالَةِ أَثَرِ الصَّوْمِ فَكُرِهَتْ وَقَضِيَّةُ هَذَا كَرَاهَةُ التَّمَضْمُضِ وَإِنْ لَمْ يَمُجَّهُ بَلْ ابْتَلَعَهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ فِي مَضْمَضَةٍ هِيَ مَظِنَّةُ إزَالَةِ الْخُلُوفِ إنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى تَحْرِيكِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ شُرْبِهِ ثُمَّ تَقَيُّؤُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ فِيهِ إضْعَافًا لِلصَّائِمِ وَالْمَطْلُوبُ تَقْوِيَتُهُ وَيُسَنُّ السُّحُورُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَلْحَظُ الشُّبْهَةِ) قَدْ يُقَالُ لَا اعْتِبَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ لِلْقَطْعِ بِطِيبِ خَاطِرِ مَالِكِهِ وَرِضَاهُ بِأَخْذِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ عَادَةً فِي الْغَالِبِ بِأَنَّ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْ خَالِصِ الْمُبَاحِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْجَمْعُ عَلَى وَجْهٍ يَدْخُلَانِ بِهِ الْبَاطِنَ مَعًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ مَعَ إزَالَتِهِ لِضَعْفِ الْبَصَرِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى