المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث التاسع: في آية سورة الطور: - تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية

[عماد بن زهير حافظ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدَّمة

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: تسبيح الله ذاته العلية عن الإشراك به

- ‌المبحث الأول: في آية سورة التوبة

- ‌المبحث الثانيفي آية سورة يونس عليه السلام :

- ‌المبحث الثالثفي آية سورة الإسراء:

- ‌المبحث الرابعفي آية سورة الأنبياء:

- ‌المبحث الخامسفي آية سورة المؤمنون:

- ‌المبحث السادس: في آية سورة القصص:

- ‌المبحث السابع: في آية سورة الروم:

- ‌المبحث الثامن: في آية سورة الزمر:

- ‌المبحث التاسع: في آية سورة الطور:

- ‌المبحث العاشر: في آية سورة الحشر:

- ‌الفصل الثاني: تسبيح الله ذاته العلية عن الولد

- ‌المبحث الأول: في آية سورة البقرة

- ‌المبحث الثانيفي آية سورة النِّساء:

- ‌المبحث الثالثفي آية سورة الأنعام:

- ‌المبحث الرابعفي آية سورة يونس عليه السلام:

- ‌المبحث الخامسفي آية سورة النحل:

- ‌المبحث السادسفي آية سورة مريم:

- ‌المبحث السابعفي آية سورة الأنبياء:

- ‌المبحث الثامنفي آية سورة الزمر:

- ‌المبحث التاسعفي آية سورة الزخرف:

- ‌المبحث العاشرفي آية سورة الصافات:

- ‌الفصل الثالث: تسبيح الله ذاته العلية في شؤون أخرى

- ‌المبحث الأول: في تسبيح الله ذاته عند الحديث عن معجزة الإسراء

- ‌المبحث الثانيتسبيح الله ذاته إثر الوعد والوعيد في آية سورة الروم:

- ‌المبحث الثالثفي معرض ذكر نعمه وآياته بسورة يس:

- ‌المبحث الرابعفي معرض بيان عظمته وقدرته في خاتمة سورة يس:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث التاسع: في آية سورة الطور:

‌المبحث التاسع: في آية سورة الطور:

قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 1.

مطلب في بيان الآية ووجه الصلة بما قبلها:

هذه الآية الكريمة بما جاء في خاتمتها من تسبيح الله ذاته العليّة تأتي في ختام حملة متلاحقة قوية -ضد المشركين- تدحض كلّ ما يقابلها من شبهة واهية تشبثوا بها أو حجة تمسّكوا بها.. وابتدأت هذه الحملة في جولاتها ب (أم) الاستفهامية التي يقصد منها التوبيخ والإنكار2. وكانت هذه الآية هي الجولة الثالثة عشر التي اتسمت بهذا الأسلوب في هذه السورة، وبها جُرِّد المشركون من كلّ شبهاتهم وحججهم التي لا أساس لها من الصحة والواقع. يقول ابن عاشور: "هذا آخر سهم في كنانة الردّ عليهم، وأشدّ رمي لشبح كفرهم، وهو شبح الإشراك، وهو أجمع ضلال تنضوي تحته الضلالات وهو إشراكهم مع الله آلهة أخرى.."3.

وهذه الجولة الخاتمة تعتبر المقصود الأعلى لهذه الآيات المتلاحقة إذ هي في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية.

وإنّ المتأمِّل في الآيات السابقة من قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} 4 يجدها قد جاءت مرتبة متدرجة تفضي كلّ منها إلى ما بعدها لتحقيق المقصود، ولسامعها المتأمّل الطالب للهدى والحق سبيلاً واضحاً مبرهناً للإيمان

1 سورة الطور: الآية (43) .

2 انظر: تفسير البغوي ج4 ص242؛ تفسير ابن كثير ج4 ص244؛ حاشية الجمل على الجلالين ج4 ص221.

3 التحرير والتنوير لابن عاشور: ج27 ص78.

4 سورة الطور: الآية (30) والمراد إلى آية (43) .

ص: 59

بالله. ولذلك ورَد أنّ جبير بن مطعم رضي الله عنه كان من سبب دخوله في الإسلام سماعه لهذه الآيات ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها. وفيه ما روى البخاري في صحيحه بسنده إلى جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلمَّا بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ. أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} كاد قلبي أن يطير"1.

- وحاصل معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ} نفي الحصول من أصله أي ليس لهم في الواقع إله غير الله2.

مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته:

تنزيه الله ذاته الكريمة ههنا بمثابة الإتمام والتنهية للمقصود الأعلى الذي تصدّرت به الآية. وبه يكمل فضح حال المشركين وإلزامهم الحجة والبرهان وأن لم يبق لهم من بعد عذر3.

قال ابن كثير في تفسيره: "ثمّ نزه الله نفسه الكريمة عمّا يقولون ويفترون ويشركون فقال {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} "4.

1 فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب التفسير، حديث (4854) ج8 ص603. وقوله (كاد قلبي أن يطير) قال فيه الخطابي: كأنّه انزعج عند سماع هذه الآية لفهمه معناها ومعرفته بما تضمنته، ففهم الحجة فاستدركها بلطيف طبعه. ثمّ قال في آخر كلامه: ومال إلى الإسلام أي بسببها. (فتح الباري ج8 ص603) وعند ابن كثير: أنّ هذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به، وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى وكان إذ ذاك مشركاً فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام من بعد ذلك (ج4 ص244) .

2 انظر: حاشية الجمل مع الجلالين ج4 ص221.

3 انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج27 ص78؛ فتح القدير للشوكاني ج5 ص102.

4 تفسير ابن كثير: ج4 ص244.

ص: 60