المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالثفي آية سورة الأنعام: - تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية

[عماد بن زهير حافظ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدَّمة

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: تسبيح الله ذاته العلية عن الإشراك به

- ‌المبحث الأول: في آية سورة التوبة

- ‌المبحث الثانيفي آية سورة يونس عليه السلام :

- ‌المبحث الثالثفي آية سورة الإسراء:

- ‌المبحث الرابعفي آية سورة الأنبياء:

- ‌المبحث الخامسفي آية سورة المؤمنون:

- ‌المبحث السادس: في آية سورة القصص:

- ‌المبحث السابع: في آية سورة الروم:

- ‌المبحث الثامن: في آية سورة الزمر:

- ‌المبحث التاسع: في آية سورة الطور:

- ‌المبحث العاشر: في آية سورة الحشر:

- ‌الفصل الثاني: تسبيح الله ذاته العلية عن الولد

- ‌المبحث الأول: في آية سورة البقرة

- ‌المبحث الثانيفي آية سورة النِّساء:

- ‌المبحث الثالثفي آية سورة الأنعام:

- ‌المبحث الرابعفي آية سورة يونس عليه السلام:

- ‌المبحث الخامسفي آية سورة النحل:

- ‌المبحث السادسفي آية سورة مريم:

- ‌المبحث السابعفي آية سورة الأنبياء:

- ‌المبحث الثامنفي آية سورة الزمر:

- ‌المبحث التاسعفي آية سورة الزخرف:

- ‌المبحث العاشرفي آية سورة الصافات:

- ‌الفصل الثالث: تسبيح الله ذاته العلية في شؤون أخرى

- ‌المبحث الأول: في تسبيح الله ذاته عند الحديث عن معجزة الإسراء

- ‌المبحث الثانيتسبيح الله ذاته إثر الوعد والوعيد في آية سورة الروم:

- ‌المبحث الثالثفي معرض ذكر نعمه وآياته بسورة يس:

- ‌المبحث الرابعفي معرض بيان عظمته وقدرته في خاتمة سورة يس:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الثالثفي آية سورة الأنعام:

‌المبحث الثالث

في آية سورة الأنعام:

قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ. بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} i.

مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته:

- الشاهد في آية التسبيح -ههنا- قوله تعالى حكاية وإخباراً عن المشركين: {وَخَرَقُوا ii لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} ومعنى: {خَرَقُوا} أي اختلقوا وافتعلوا وكذبوا على الله تعالى. ومنه يقال: اختلق الإفك واخترقه وخرقه. أو أصله من: خرق الثوب: إذا شقّه، أي اشتقوا له بنين وبنات iii.

وقوله: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي بحقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب، بل رمياً بقول عن عَمى وجهالة وضلالة من غير فكر ولا رَوِيَّة. أو بغير علم بمرتبة ما قالوه وأنّه من الشناعة والبطلان بحيث لا يقادر قدره iv.

- وبعد أن أخبر الله عمّا نسبه إليه المشركون من الولد نزه الله ذاته العليّة عمّا نسبوه له ووصفوه به فقال: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُون} .

قال أبو السعود: " {سُبْحَانَهُ} استئناف مسوق لتنزيهه عز وجل عمّا

i سورة الأنعام: الآيتان (100-101) .

ii قرأ الجمهور {خَرَقُوا} بتخفيف الراء، وقرأ نافع وأبو جعفر {وخرّقوا} بالتشديد على التكثير. (انظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري ج2 ص261) .

iii انظر: فتح القدير للشوكاني ج2 ص153.

iv انظر: تفسير أبي السعود ج3 ص168.

ص: 76

نسبوه إليه"i.

مطلب: في بيان الآية بعد التسبيح:

جاءت الآية بعد التسبيح بأربعة استدلالات تنزه الله عن الولد فهي بمثابة التعليل للتنزيه.

- أما الاستدلال الأول فقد سبق الحديث عنه في المبحث الأول آية سورة البقرة وهو ما حواه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وأضاف البيضاوي ii في تفسيره وجهاً آخر للاستدلال من هذه الجملة الكريمة حيث قال: "أنّه من مبدعاته السموات والأرض وهي مع أنّها من جنس ما يوصف بالولادة مبرأة عنها لاستمرارها وطول مدّتها فهو أولى بأن يتعالى عنها"iii.

- والاستدلال الثاني يؤخذ من الجملة الثانية في الآية وهي قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} وابتدأت هذه الجملة باستفهام ليفيد الإنكار لقول المشركين؛ والاستبعاد والاستحالة لاتخاذه ولداً. أي كيف يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟! فقوله: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} حال مؤكِّدة للاستحالة

i تفسير أبي السعود: ج3 ص168.

ii هو عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي أبو سعيد، أو أبو الخير، ناصر الدين البيضاوي: قاضي، مفسر، علامة، ولد في المدينة البيضاء (بفارس قرب شيراز) ، وولي قضاء شيراز مدّة ثم صرف عن القضاء، فرحل إلى تبريز فتوفي بها عام 685هـ، من أشهر مؤلفاته: أنوار التنزيل وأسرار التأويل وهو تفسيره وطوالع الأنوار في التوحيد، ومنهاج الوصول إلى علم الأصول. انظر:(البداية والنهاية لابن كثير ج13ص327؛ بغية الوعاة ص286؛ طبقات الشافعية للسبكي ج5 ص59؛ الأعلام للزركلي: ج4 ص110) .

iii تفسير البيضاوي: ج2 ص201.

ص: 77

المذكورة في الاستفهام فإنّ انتفاء أن يكون له تعالى صاحبة مستلزم لانتفاء أن يكون له ولد ضرورة استحالة وجود الولد بلا والدة؛ وإن أمكن وجوده بلا والد، وانتفاء الأول ممّا لا ريب فيه لأحد؛ فمن ضرورته انتفاء الثاني. وذلك أنّ الولد إنّما يكون متولِّداً بين شيئين متناسبين، والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه. فيستحيل أن يكون له صاحبة، والصاحبة إذا لم توجد استحال وجود الولد i.

- والاستدلال الثالث هو في قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} ؛ فهذه الجملة الكريمة إمّا جملة مستأنفة أخرى سيقت لتحقيق ما ذكر من الاستحالة أو حال أخرى مقررّة لها، وذلك لأنّ من كان خالقاً لكل شيء استحال منه أن يتخِّذ بعض مخلوقاته ولداً، وكيف يُتَصَوّر أن يكون المخلوق ولداً لخالقه؟! ii.

- وأمّا الاستدلال الرابع على انتفاء الولد لله تعالى فهو ما جاء في خاتمة الآية بقوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} إذ إنّ هذه الخاتمة استئناف مقرر لمضمون ما قبلها من الدلائل القاطعة ببطلان مقالتهم الشنعاء التي اجترءوا عليها بغير علم، وبيان الاستدلال ههنا أن علمه تعالى بكل شيء ذاتي له، ولا يعلم كل شيء إلاّ الخالق لكل شيء، ولو كان له ولد لكان هو أعلم به ولهدى العقول إليه بآيات الوحي ودلائل العلم، ولكنه عز وجل كذّب الذين خرقوا له بنين وبنات بوحيه المؤيد بدلائل العقل iii.

i انظر: تفسير ابن كثير ج2 ص161؛ تفسير القرطبي ج7 ص54؛ تفسير أبي السعود ج3 ص169؛ فتح القدير للشوكاني ج2 ص153.

ii انظر: تفسير أبي السعود ج3 ص169؛ فتح القدير للشوكاني ج2 ص153.

iii انظر: تفسير أبي السعود ج3 ص169؛ تفسير المنار لمحمد رشيد رضا ج7 ص650.

ص: 78