الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحافة المصرية من عام 1952 إلى عام 1981:
قامت حركة الجيش في ليلة 23 يوليو 1952 في ظل الأحكام العرفية التي فرضت على البلاد عقب حريق القاهرة في 26 يناير 1952، وأعلنت الحركة في صباح ذلك اليوم عن طريق الإذاعة أن رسالتها تطهير البلاد من الفساد وإعادة الحياة النيابية سليمة من كل عيب، وتقوية الجيش إلى آخر ما جاء في بيانها الذي بثته الإذاعة المصرية ونشرته الصحف في اليوم التالي.
وقد استقبلت الصحافة المصرية هذه الحركة وفي مقدمتها جريدة المصري خاصة وسائر صحف المعارضة عامة استقبالًا رائعًا مع تأييدها من غير حدود، ولم تتحفظ في عرضها لأحداث ذلك اليوم إلا جريدة الأهرام وهي في ذلك تمارس طبعها المأثور عنها والذي كان يفرض عليها في نشر الأحداث الروية والتدبير.
وكان صحيفة المصرية ومجلة روز اليوسف، في مقدمة الجرائد التي ناصرت الجيش في حركته، وكان أصحاب الصحيفتين على علاقة وثيقة برجال هذه الحركة قبل قيامها، وكانوا -فيما قيل- يطبعون في مطابعهم منشورات الضباط الأحرار التي أرقت حياة الملك وأفزعت بطانته.
ولعدة شهور تلت ذلك اليوم كان الصحف المصرية تؤازر حركة الجيش كما كانت تسمى في أيامها الأولى، والتي أطلقت عليها بعد ذلك لفظ الثورة.
وقد أرغمت الثورة الملك على التنازل عن العرش في 26 يوليو 1952 لولي العهد وكان طفلًا وليدًا في شهوره الأولى من العمر، وألفت مجلس وصاية كان من أعضائه يوسف صديق وهو ضابط عظيم كان له أخطر دور في نجاح الثورة ليلة قيامها إذ اعتقل قادة الجيش من أنصار الملك واحتل مبنى
القيادة العامة، وجاءوا بعلي ماهر رئيسًا لمجلس الوزراء، وتكونت وزارته من وزراء معظمهم من خصوم الوفد أكبر الأحزاب المصرية، وكانت هذه أول الأخطاء التي وقعت فيها الثورة، وتوجس الناس شرًا من هذا الاتجاه الذي أبعد الثورة عن الكتلة الشعبية العريضة التي يمثلها الوفد.
ثم ظهر الضباط الأحرار في الصورة بعد بعضة أشهر لم يكن الناس يعرفون منهم إلا اللواء محمد نجيب وهو ضابط عظيم ومحارب مشهور، له جولات موفقة في حرب فلسطين، وكان على خلاف شديد مع البطانة الملكية، وقد انتخب رئيسًا لنادي الضباط رغم أنف الملك وحوارييه، وباسمه أعلنت الثورة صباح 23 يوليو، وكان لاسمه رنين يطمئن الشعب والأجانب على حسن الخواتيم.
ثم أخذت الثورة -بتأثير من الوزراء الذين لا تربطهم بالشعب صلة- تسن القوانين الانتقامية، وتؤلف لها المحاكم الثورية، وأخذت في فصل خيار الموظفين والمعلمين وأساتذة الجامعات، وهذه أمور لم ترض عنها الصحف التي ساندت الثوار قبل قيام الثورة وبعدها، وفي مقدمتها جريدة المصري لسان حال الوفد، وخاصة بعد أن أعلنت الثورة -بتحريض من وزرائها المعزولين عن الشعب- مخاصمتها للنحاس باشا، ومطالبتها بتنحيته عن رئاسة الوفد.
وقد أصدر بعض الضباط الأحرار مجلة يهدفون منها أن تدافع عن الدستور والحياة النيابية وسموها "مجلة التحرير" وأشرف عليها أول الأمر الضابط أحمد حمروش ثم ثروت عكاشة وهو ضابط مؤهل صحفيًّا حيث درس ثروت المهنة في معهد التحرير والترجمة والصحافة بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة فيما بعد" غير أنه نُحّي عن عمله الصحفي ذاك، وأسند العمل في المجلة إلى الضابط صلاح سالم وهو يجهل المهنة ومحدود الثقافة وانحرف بها إلى عكس الغرض الذي أنشئت من أجله.
ثم أصدروا جريدة الجمهورية وولى أمرها الضابط أنور السادات وجندت لها أقلام ضخمة ومعروف أصحابها بمكانتهم العلمية والأدبية التي لا يمارى فيها أحد، وفي مقدمتهم الدكاترة طه حسين ومحمد مندور ولويس عوض، وقد بقي توزيعها محدودًا بالرغم من هذه الأسماء الضخمة التي وظفت فيها، ولم يتسع انتشارها إلا في أزمة مارس التي نشأت إثر خلاف بين محمد نجيب وأعضاء مجلس الثورة سنة 1954 حول العودة بالبلاد إلى حالتها الطبيعية في ظل دستور جديد، وقد انتصر محمد نجيب أول الأمر فألغيت الأحكام العرفية ورفعت الرقابة عن الصحف، وأطلق سراح المعتقلين من الإخوان المسلمين والشيوعيين والوفديين، وبدت البلاد وكأنها في طريقها إلى الاستقرار في ظل الحرية والديمقراطية، وهنا قرأنا في الجمهورية دراسات ممتعة عن الدستور ونظام الحكم، ومجادلات عنيفة بينها وبين جريدة المصري.
ولما انتكست الدعوة إلى الحرية والديمقراطية نتيجة اصطناع مظاهرات قام بها العمال تنادي بسقوط المتعلمين والحرية والسنهوري الجاهل1، وأضرب عمال النقل حتى شلت الحركة في البلاد، عندما تم ذلك أخذت الجمهورية حجمها الطبيعي، فكانت -ولا تزال- أقل الصحف الصباحية انتشارًا2.
وظهرت صحف الثورة في حجر الثورة، فكانت مجلة التحرير وجرائد الجمهورية والشعب والثورة وغيرها تمولها الدولة باسم هيئة التحرير، وهي كيان حزبي نشأ أيضًا في حجر الثورة وكان معزولًا عن الجماهير، وأريد به
1 كان عبد الرزاق أحمد السنهوري باشا في ذلك الوقت رئيسًا لمجلس الدولة، وأفتى في عودة الدستور بما لا يرضي السلطات العسكرية.
2 عن صحف الثورة صدر أخيرًا كتاب للدكتور كرم شلبي بعنوان "صحافة الثورة وقضية الديمقراطية في مصر" وأنصح بقراءته فهو دراسة طيبة مستفيضة، وتكمل هذا الفصل الذي أكتبه في اختصار شديد.
التعويض عن الأحزاب التي ألغيت، وهي أحزاب لها جذور قوية ليس من السهل اقتلاع هذه الجذور بمرسوم يصدره مجلس قيادة الثورة.
وقد اختفى كثير من صحف العهد الملكي كالبلاغ والمقطم وكوكب الشرق والوفد والمصري وغيرها، بيد أن الجرائد القديمة ذات الوزن والاعتبار مضت تؤدي رسالتها بالرغم من الأحكام العرفية والرقابة على الصحف، وخاصة جريدة المصري التي أخذت جانب المعارضة للثورة في عنف وشدة، وكانت عند قيام الثورة لسانها المتحدث باسمها، ومضت تؤيدها فترة ليست بالقصيرة، وكان كثير من القرارات الطيبة التي أصدرتها الثورة تتم مناقشتها يوم كل جمعة يجتمع فيه أعضاء مجلس الثورة على غداء في بيت أحمد أبو الفتح.
غير أن إلغاء دستور 1923 وبقاء مصر بلا دستور، وإلغاء الحزبية والأحزاب، وحكم البلاد بلا برلمان، واضطهاد الأحرار وقيام محاكم للثورة بأسماء متعددة، وفصل الموظفين وحرمانهم من حق التقاضي، ومصادره أموال الخصوم بلا قانون ودون تحقيق، والإسراف في اعتقال معظم أصحاب الفكر، هذا وغيره من الإجراءات التعسفية جعلت القطيعة بين الثورة وجريدة المصري ومحررها خاصة أمرًا لا مفر منه، فهاجر أحمد أبو الفتح وحسين أبو الفتح وصاحب الجريدة محمود أبو الفتح وأغلقت الثورة المصري وهي في ضير الشعب حصن للحريات والديمقراطية، وكان لإغلاقها رنة حزن وأسى في كل بيت ولدى كل حر.
وبقيت الأهرام وأخبار اليوم والأخبار من الصحف القديمة تزاول عملها في هذا الجو الخانق، وحاول صاحبا دار أخبار اليوم علي ومصطفى أمين أن يوائما بين ما تريده الثورة وبين ما تفرضه عليهم واجبات المهنة وآدابها من تحري الحقيقة والدفاع عن رغبات الشعب، وكان ذلك امتحانًا ناء به كاهلهما، فلم يكن يمر يوم إلا وينشط نزاع مرير بينهما وبين مراكز القوى حتى انتهى الأمر بتأميم جرائدهما في سنة 1961 مع سائر الصحف والمجلات، ثم هاجر علي أمين وسجن توأمه مصطفى تسع سنوات وعذب أقصى تعذيب،
ثم أصبحت الصحافة المصرية ملكًا للاتحاد القومي وهو التنظيم السياسي الوحيد في البلاد الذي حل مكان هيئة التحرير، وقد أخذ مكانه فيما بعد الاتحاد الاشتراكي.
وهذه الملكية -وإن كانت صورية- تمت بمقتضى القانون الذي صدر في سنة 1960 رقم 156 وجاء القانون تحت اسم "تنظيم الصحافة" أي تأميمها وقد طبق هذا القانون على صحف بذاتها هي أخبار اليوم والأهرام ودار الهلال وروز اليوسف، ثم طبق بعد ذلك على دار المعارف في أكتوبر سنة 1963 بمقتضى القانون رقم140، وقد أعفى قانون تنظيم الصحافة جريدة وطني والجورنال ديجبت والجمهورية من هذا القانون وإن خضعت له الأخيرة تلبية لرغبتها في ذلك.
وقد كان قانون تنظيم الصحافة، أي تأميمها، أو قانون من قوانين التأميمات التي بمقتضاها أممت المؤسسات الاقتصادية كالمصارف وغيرها.
والواقع أن تبعية الصحف كانت للدولة لا للاتحاد الاشتراكي الذي تنقطع صلته بأية صحيفة مؤممة بمجرد تعيينه لرئيس مجلس الإدارة وأربعة من الأعضاء ومن بينهم عضو مجلس الإدارة المنتدب، والواقع أيضًا أن كل العاملين في تلك الصحف قد أصبحوا أجراء في المؤسسة ومن بينهم أصحابها1.
ونختم هذا الفصل بنقل القوانين التي عالجت أمر الصحافة بعد ذلك من كتاب "الصحافة في عقدين 1960 - 1980" فليس بعد ما جاء في هذا الكتاب من مزيد عند المؤرخين.
1 يمكن لمزيد من التفاصيل الرجوع إلى الدراسة الممتعة التي يضمها كتاب الدكتور صليب بطرس المسمى "الصحافة في عقدين 1960 - 1980" الناشر المركز العربي للصحافة.
مشروع قانون الصحافة:
في أثر الاستفتاء الذي أجرى في 19 أبريل سنة 1979 وأيد الشعب فيه جعل الصحافة سلطة رابعة، شكلت لجنة لوضع تشريع جديد للصحافة ينظم كافة نواحيها، ومن أجل هذا فقد ضمت هذه اللجنة عناصر العمل الصحفي كلها من محررين، وإداريين، وعمال بالإضافة إلى العنصر النقابي، وأعدت مشروع قانون نشرته بعض الصحف.
وجاء في مذكرة مرفقة بمشروع القانون، فيما يتعلق "بالملكية والإدارة الصحفية" أنه: ولما كنا بصدد إعادة تنظيم الصحافة، فقد رأت اللجنة أن الإعداد لذلك يتطلب إعادة بناء الهيكل الإداري للصحافة بكل مؤسساتها، فأكدت على ملكية العاملين في الصحافة بالنسبة التي يخولها القانون لهم وهي 49% مع فتح قنوات الاتصال بين العاملين كمالكين وبين ممثلي ملكية الشعب في الوجود الصحفي، ووضعت اللجنة بذلك المبادئ اللازمة لتشكيل مجالس إدارة المؤسسات الصحفية واستحدثت نظامًا جديدًا لمتابعة أعمال مجالس الإدارة بأن تكون لكل مؤسسة صحفية جمعية عامة1، تمثل رأس المال وشتى التخصصات في العمل الصحفي بنسب عادلة ورسمت للجمعيات العامة طريق اختصاصاتها على النحو الذي يكفل لها الفاعلية ويجعل منها ركيزة قوية لمجالس إدارة المؤسسات الصحفية وللعاملين فيها بصورة جادة من صور التطبيق الديمقراطي.
ونصت المادة 24 من المشروع على أن "المؤسسة الصحفية القومية مملوكة ملكية شعبية" ويمثل مجلس الشورى في ملكية 51% من قيمة أموالها وملحقاتها ويمثل العاملون بتلك المؤسسات ملكية نسبة 49% الأخرى منها.
ويخصص نصف صافي الأرباح للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية والنصف الآخر لمشروعات التوسع والتجديدات.
1 لعل المقصود بها "جمعية عمومية".
ويصدر المجلس الأعلى للصحافة القرارات المنظمة لإدارتها وإعداد موازناتها السنوية وتوزيع الأرباح.
وواضح من هذه المادة أن ملكية المؤسسة الصحفية الواحدة هي لمجلس الشورى ومجموع العاملين بهذه المؤسسة بنسبة 51%، 49% على التعاقب.
وبجانب مجلس الشورى ومجموع العاملين كملاك توجد الجمعية العمومية للمؤسسة ومجلس الإدارة، وتتكون الجمعية العمومية من 42 عضوًا كالآتي:
عدد الأصوات
10 أعضاء يختارهم مجلس الشورى كممثلين له في الجمعية
ولكل منهم ثلاثة أصوات 30
7 أعضاء مجلس الإدارة المعينون ولكل منهم ثلاثة أصوات 21
ــ 51
24 عضوًا للصحفيين والإداريين والعمال بواقع ثمانية لكل فئة
بالانتخاب ولكل منهم صوتان 48
1 عن نقابة العاملين بالمؤسسة وله صوت واحد 1 49
ــ
جملة الأصوات 100
والهيئة الثانية هي مجلس إدارة المؤسسة، ويتكون من ثلاثة عشر عضوًا سبعة يرشحهم مجلس الشورى ويتعين أن يكون من بينهم أربعة من ذوات المؤسسة الصحفية ولا تقل مدة خدمة كل عضو فيها عن خمس سنوات، ويصدر قرار تعيينهم من رئيس الجمهورية، وستة أعضاء تنتخبهم الجمعية العمومية للمؤسسة بواقع اثنين عن كل من الصحفيين والإداريين والعمال.
وقرار تعيين الأعضاء السبعة في الجمعية العمومية يجب أن يصدر من رئيس مجلس الشورى لا من رئيس الجمهورية حتى لو اتحدت الوظيفتان في شخص واحد.
وبجانب هاتين الهيئتين يأتي مجلس الصحافة الأعلى وهو يتكون من حوالي 45 عضوًا قابلة للزيادة ليس من بينهم من يمثل مجلس الشورى صاحب النصيب الأكبر في ملكية المؤسسات الصحفية ولا من العاملين بوصفهم ملاكًا ونظرة يلقيها المرء على هذا التشكيل، يتضح منها أن هناك تسابقًا في حشد المجلس بالأعضاء لغير ما سبب معقول، مع أن عضويته يجب أن توضع لها ضوابط أكثر إحكامًا بحيث تتحقق معها الفائدة المرجوة من المجلس خصوصًا وأنه كما يبدو، قصد به أن يكون الهيئة المسيطرة على الجوانب الاقتصادية والإدارية للمؤسسات الصحفية.
وللمجلس هيئة مكتب مكونة من رئيس، ووكيلين وأمين عام مساعد وكلهم ينتخبون بالاقتراع السري من بين أعضاء المجلس الأعلى، وبجانب ذلك تكون له لجنة تنفيذية من أعضاء هيئة المكتب المشار إليهم -نقيب الصحفيين- عضو قانوني + أربعة أعضاء يختارهم المجلس بالانتخاب من بين أعضائه، وطبقًا لنص المادة 46 من المشروع فإن مجلس الصحافة الأعلى يعتبر من أشخاص القانون العام:"ويحدد مجلس الشعب عند إقراره الموازنة العامة للدولة، الميزانية السنوية للمجلس الأعلى للصحافة" وبالإضافة إلى ذلك فإن قراراته طبقًا للمادة 45 من المشروع هي: "قرارات إدارية ملزمة لكافة المؤسسات الصحفية والأفراد والجهات المعنية ويجوز الطعن في هذه القرارات بكافة الطرق المكفولة للطعن في القرارات الإدارية".
ونظرة يلقيها الباحث على اختصاص مجلس الصحافة الأعلى طبقًا لمشروع القانون محل البحث، يلمح بوضوح رغبة واضعي المشروع الجامحة في أن يسيطر هذا المجلس على المؤسسات الصحفية من جوانبها الإدارية والاقتصادية وبصورة إجمالية يضع المجلس القواعد المنظمة للأجور، وتحديد أسعار ومساحات الإعلانات، وتحديد أسعار الصحف والمجلات، وحل المشكلات التي قد تنشأ بين ممثلي رأس المال المختلفين في الجمعيات العمومية عند عدم حسم المشكلات في اجتماعات هذه الجمعيات وما إلى ذلك، ثم عليه النهاية
أن أسلوب رقابة الشعب على ملكية الصحف وتمويلها عن طريق الجهاز المركزي للمحاسبات، وما يتخذ في شأن المخالفات التي تكشفها هذه التقارير إذا لم تتصد لها الجمعيات العمومية.
وفي وسط هذا الخليط يجري نص المادة 28 من مشروع القانون على نحو ما يلي:
"تعتبر المؤسسة الصحفية القومية شركة من شركات القطاع الخاص إلا فيما يتعلق بأحوالها وأحوال مسئولية مديريها والعاملين فيها المنصوص عليها في قانون العقوبات وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد والوكالات التجارية فتطبق عليها الأحكام المقررة قانونًا".
وقبل أن ننتقل إلى تحليل هذه الأوضاع وما انتهى إليه الأمر في صورة القانون الجديد، أشير إلى مسألة على درجة كبيرة من الأهمية لم يتعرض لها المشروع وهو نوع ملكية العاملين بالمؤسسة الصحفية: هل كل واحد منهم يمتلك حصة في صافي أصول المؤسسة، وعلى أي أساس؟ هل يقتسمون هذه الأصول بالتساوي قسمة غرماء " Micro" أو حسب مدة خدمة العامل بالمؤسسة؟ وما مصير هذه الحصة محسوبة على أية صورة كانت، في حالة وفاة العامل أو خروجه من الخدمة لأي سبب من الأسباب؟ وما هو موقف العمال الجدد الذين يلتحقون لأول مرة بالمؤسسة سواء أكان ذلك نقلًا من مؤسسة صحفية أخرى أم من مؤسسة غير صحفية، أم تعيينًا لأول مرة؟
إن ترك النص على ما هو عليه في مشروع القانون يعني بما لا يدع مجالًا لريب أنه قصد تمليك كل مؤسسة صحفية لمجموعة العاملين فيها وقت صدوره وتظل لهم هذه الملكية إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، والأخطر من هذا أنها يمكن أن تورث عنهم لمن بعدهم، وما موقف ملكية العاملين في المؤسسات الصحفية في ظل قانون التنظيم رقم 156 لسنة 1960 - وهي تعطيهم نفس
الحقوق التي نص مشروع القانون عليها -وتركوا العمل بالمؤسسة؟ هذه كلها تساؤلات جد خطيرة لم يحسمها مشروع القانون.
من الواضح أن ملكية المؤسسة الصحفية هي لمجلس الشورى ولروكية العاملين فيها إن جاز اقتباس هذا التعبير من القانون التجاري، والإدارة في المؤسسة عن طريق رسم خطوطها العريضة بما في ذلك من آثار عميقة في حياة المؤسسة، هي لمجلس الصحافة الأعلى، فهو يضع القواعد المنظمة للأجور، ويحدد أسعار ومساحات الإعلانات، ويحدد أسعار الصحف والمجلات، ويحدد حصة الورق اللازمة لكل مؤسسة، فماذا بقي لمجلس الإدارة وللمديرين من تحته يمارسون فيه سلطاتهم بعد أن أصبحت محدودة بحدود وضعها لهم مجلس الصحافة الأعلى الذي ليس مالكًا أصلًا ولا يمثل المالك لا قانونًا ولا واقعًا طبقًا لأحكام مشروع القانون.
وثمة مجال آخر لاضطراب الطبيعة القانونية لمؤسسات الصحافة كما جاءت في مشروع القانون، فالمؤسسة الصحفية باعتبارها الوحدة الاقتصادية على المستوى الوحدي، هي بنص القانون شركة من أشخاص القانون الخاص، والمجلس الأعلى للصحافة هيئة من أشخاص القانون العام بنص القانون كما رأينا ومجلس الشورى مؤسسة اختلف مجلس الشعب على طبيعته القانونية، ففي إحدى الجلسات ذكر وزير العدل أن مجلس الشورى في رأيه هيئة نيابية، وذكر رئيس مجلس الشعب أن مجلس الشورى لا يمكن أن يكون كذلك.
الواقع من الأمر أن مشروع القانون الخاص بتنظيم الصحافة لم يعالج السلبيات التي ظهرت من التجربة التي مرت بها الصحافة المصرية في العقدين الأخيرين، فلم يحدد طبيعة الملكية بل تركها مائعة بما يفضي إليه ذلك من اضطراب في الهيكل التنظيمي والأنظمة والأساليب الإدارية بل وحياتها كلها على نحو قد يكون أكثر غورًا مما وقع للصحافة المصرية كمؤسسة في ظل ملكية الاتحاد الاشتراكي العربي، ولم يحدد القانون الأسس التي تقوم عليها علاقة المؤسسة الصحفية لا بالغير ولا بالعاملين كما أنه لم يحدد علاقات الهيئات
الصحفية بعضها بالبعض تحديدًا قاطعًا مانعًا على حد قول الفقهاء، والرقابة الاقتصادية والإدارية تاهت في خضم "الشيوع" وهو أخطر ما تمنى به مؤسسة ضخمة كالصحافة المصرية التي أصبحت وتصبح استثماراتها ورقم أعمالها مئات الألوف من ملايين الجنيهات.
سلطة قانون الصحافة:
وأخيرًا صدر قانون سلطة الصحافة في 14 يوليو 1980 على أن يسري بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره.
إن هذا القانون لا يقل في أهميته عن قانون تنظيم الصحافة الذي زالت بمقتضاه ملكية المنشآت الصحفية الكبيرة في مصر عن أصحابها وآلت للاتحاد القومي على النحو الموضح في البحث الثاني، وبمقتضى هذا القانون الجديد آلت ملكية الصحف المسماة "بالقومية" من بعد الاتحاد الاشتراكي العربي إلى الدولة، وذلك طبقًا للفقرة الثانية من المادة "22" ويجري نصها:
"وتعتبر المؤسسات الصحفية القومية والصحف القومية مملوكة ملكية خاصة للدولة ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى" وترتيبًا على ذلك تكون حصة العاملين في ملكة هذه المؤسسات وقدرها 49% قد زالت عنهم وآلت إلى الدولة لتصبح المالك الوحيد لهذه المؤسسات، وهذا يخالف تمامًا ما جاء في مشروع قانون لجنة تقنين الصحافة الذي كانت قد عقدت لمجلس الشورى ولمجموع العاملين في كل مؤسسة على النحو السابق شرحه.
وثمة مسألتان يتعين الإشارة إليهما: الأولى أن قانون سلطة الصحافة تفادي أسلوب النعامة الذي اتبعه المشرع في سنة 1960 عندما أطلق عبارة تنظيم الصحافة بدلًا من تأميم الصحافة على القانون الملغي، والمسألة الثانية أن حصة العاملين في ملكية المؤسسات الصحفية كانت قد آلت إليهم بموجب
1 العدد 28 مكرر "ب" في 14 يولية 1980، من الجريدة الرسمية.
تنازل من المالك، وهو الاتحاد الاشتراكي العربي، بإرادته المنفردة وذلك بموجب قرار إنشاء مجلس الصحافة الأعلى1.
ولكنها زالت عنهم بموجب القانون الجديد، والموقف القانوني في هذه المسألة غير واضح، فهل يجوز للمتبرع أن يسترد ما تبرع به؟.
والواقع من الأمر أن هناك فرقًا بين القانونين في هذه الجزئية، ذلك أن المشرع في سنة 1960 قد قرر تعويض مالكي الصحف السابقين عن ملكيتهم الزائلة ووضع قواعد تقرير هذا التعويض، والمشرع في سنة 1980 نقل الملكية إلى الدولة دون إشارة إلى طبيعته: هل هو تأميم أو نزع ملكية أو مصادرة، فإذا كان أحد النوعين الأولين فلا بد من أن يشير القانون إلى طريقة التعويض، وسكوت القانون على ذلك يعني أنه قصد إلى المصادرة، وهو أمر كان يتعين على المشرع أن يفصح عنه صراحة، وقد ينصرف الذهن إلى أن المشرع قصد النوعين الأولين وأنه لم يشر إلى تعويض؛ نظرًا لأنه يعتقد أن ضررًا لم يقع على العاملين بالمؤسسات الصحفية؛ لأن ملكيتهم ليست لشخص محدد ولكنها لمجموعة العاملين، أو لروكية العاملين وأن نقل الملكية حصتهم إلى الدولة لم يلحق بهم ضررًا وبخاصة أن المشرع قد خصص للعاملين في كل مؤسسة صحفية قومية نصف أرباحها والنصف الآخر لمشروعات التوسع والتجديدات، وهو الوضع الذي كان قائمًا ومعمولًا به منذ صدور قانون التنظيم في سنة 1960.
ويبدو أن المشرع اتجه إلى نقل ملكية المؤسسات الصحفية القومية إلى الدولة، على خلاف ما جاء في مشروع قانون تقنين الصحافة، تفاديًا للصعوبات الفنية التي قابلته في تصور الطبيعة القانونية والاجتماعية للشركة القائمة بين العاملين في المؤسسة الصحفية وبين مجلس الشورى كما جاء في مشروع
1 قرار رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بإنشاء المجلس الأعلى للصحافة بتاريخ 11 مارس 1975.
قانون تقنين الصحافة، وفي تصور البنيان التنظيمي لهذه الشركة، وما يترتب على ذلك من تعقيدات إدارية واقتصادية كشف عنها ما جاء في مشروع قانون التقنين في شأن سلطة اتخاذ القرار النهائي ولمن تكون، وترتيبًا على ذلك انتهى المشرع إلى أن تفادي كل ذلك لا يكون إلا بجعل الصحافة القومية ملكًا خاصًّا للدولة وبذلك تكون الصحافة قد تحولت إلى مرفق من مرافقها.
لقد قصر القانون الجديد ملكية الصحف على الأحزاب السياسية، والأشخاص الاعتبارية العامة والأشخاص الاعتبارية الخاصة، بهذا يكون المشرع قد حظر ملكية الصحافة على الأشخاص الطبيعيين، وتأكيدًا لهذا المعنى قضى القانون بأن يستمر الصحف القائمة حاليًا والتي صدرت رخصتها لأشخاص طبيعيين مملوكة لهم حتى وفاتهم، ثم فرق القانون فيما يتعلق بشكل الملكية بين الأشخاص الاعتبارية العامة وبين الأشخاص الاعتبارية الخاصة، فحتم في الثانية أن تأخذ المنشأة الصحفية شكل التعاونيات أو الشركة المساهمة وذلك فيما عدا الأحزاب السياسية والاتحادات والنقابات.
ولكنه وضع قيودًا عديدة على الشركة المساهمة، فاشترط أن تكون أسهمها اسمية مملوكة للمصريين وحدهم، وعلى ألا تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته في رأسمال الشركة عن خمسمائة جنيه، وعرف الأسرة بأنها الزوج والزوجة والأولاد القصر، وثم قيد آخر هو ألا يقل رأسمال الشركة المدفوع عن مائتين وخمسين ألف جنيه في حالة الصحيفة اليومية ومائة ألف جنيه في حالة الصحيفة الأسبوعية، وفي الحالتين يتعين أن يودع المبالغ بالكامل في أحد البنوك المصرية قبل صدور الصحيفة.
ومما تجدر ملاحظته أنه لا تسري على التعاونيات، دون الشركات، والقيود الخاصة بقيمة الحد الأدنى لرأس المال المدفوع، ونصاب الفرد وعائلته؛ لأن صياغة المادة 19 تنصرف في هذا المجال إلى الشركة دون التعاونيات ومن ثم فمن المستطاع الالتجاء إليها لتفادي بعض القيود التي قصدها المشرع
وذلك في الحدود وبالأوضاع التي يقضي بها قانون التعاونيات1.
ومع هذا، فالواقع أن الحدود الدنيا لرأس المال التي وضعها المشرع اعتقادًا منه بأنها قد تكون عاملًا يضمن الجدية لا تحقق الغرض المستهدف؛ لأن الاستثمارات الصحفية الجادة المؤثرة تقدر ابتداء بالملايين ولا تكفي فيها مئات الألوف من الجنيهات.
والصحف القومية وقد عرفها القانون بأنها تلك التي كان يمتلكها الاتحاد الاشتراكي بعد أن أضاف إليها القانون الجديد وكالة أنباء الشرق الأوسط والشركة القومية للتوزيع، ومجلة أكتوبر، أفرد لها المشرع الباب الثالث، وإضافة مجلة أكتوبر فيها شيء من التزيد؛ لأنها تصدر عن مؤسسة صحفية كانت مملوكة للاتحاد الاشتراكي هي دار المعارف، أما إضافة وكالة أنباء الشرق الأوسط والشركة القومية للتوزيع، فأمر يضيف تعقيدات جديدة نتيجة لتحول وضعها القانوني إلى الوضع الجديد وما سوف يترتب عليه من أعباء مالية على ميزانية الدولة دون مقتضى، ويبدو أن إضافة الشركة الأخيرة إلى قائمة المؤسسات الصحفية جاء نتيجة لاعتبارات غير موضوعية.
وإذا كان المشرع قد ألغى حصة العاملين في ملكية المؤسسات الصحفية، فإنه قد أبقى على حصتهم في الأرباح كما جاءت في قانون سنة 1960 وفي مشروع تقنين الصحافة بموجب المادة 24 التي خصصت نصف أرباح المؤسسات الصحفية القومية للعاملين بها والنصف الآخر لمشروعات التوسع والتجديدات وغيرها، وترك لمجلس الصحافة الأعلى وضع القواعد المنظمة لإدارة هذه المؤسسات، بإعداد ميزانياتها السنوية وكيفية توزيع الأرباح.
أفرد القانون الفصلين الثاني والثالث من الباب الثالث لإدارة المؤسسة الصحفية القومية، فأنشأ لكل مؤسسة مجلس إدارة يتكون من أربعة عشر
1 القانون رقم122 لسنة 1980 بإصدار قانون التعاون الزراعي، أول يولية 1980 للعدد 27 تابع من الجريدة الرسمية، 3 يولية 1980.
عضوًا بجانب الرئيس الذي يختاره مجلس الشورى مع ثمانية أعضاء يشترط أن يكون أربعة منهم على الأقل من ذات المؤسسة دون اشتراط مدة بذاتها يكون قد قضاها العضو في ذات المؤسسة على النحو الذي جاء به في حالة عضو الجمعية العمومية في مشروع قانون التقنين، والستة الباقون ينتخبهم العاملون بالمؤسسة على أساس أن يمثل اثنان كل فئة من فئات العاملين الثلاث: الصحفيين، والإداريين، والعمال .. وتكون مدة عضوية المجلس أربع سنوات قابلة للتجديد، وتكون العضوية مقصورة على مجلس إدارة واحد.
ولأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية يظهر مجلس التحرير كهيئة يحتم القانون وجودها بصورة رسمية، ذلك أن بعض المؤسسات الصحفية كانت قد أدخلت هذا النظام طواعية1، وجاء قانون سلطة الصحافة فقضى أن يكون لكل صحيفة من الصحف التي تصدرها المؤسسات الصحفية القومية مجلس تحرير مكون من خمسة أعضاء على الأقل يختار مجلس الإدارة أربعة يكون من بينهم من يلي رئيس التحرير في مسئولية العمل الصحفي، ويختار مجلس الشورى رئيس التحرير في مسئولية العمل الصحفي، ويختار مجلس الشورى رئيس التحرير الذي يتولى أيضًا رئاسة هذا المجلس، وعضوية هذا المجلس ثلاثة سنوات قابلة للتجديد.
ويتولى هذا المجلس وضع السياسة العامة للتحرير ويتابع تنفيذها وذلك في إطار السياسة العامة التي يضعها مجلس إدارة المؤسسة، ويكون التنفيذ من اختصاص رئيس التحرير ومعاونيه، وتتعدد مجالس التحرير، في المؤسسة الواحدة، بتعدد الصحف التي تصدر عنها وفد يقضي هذا الوضع إلى غيبة التنسيق بين سياسات تحرير صحف المؤسسة في حالة اختيار رئيس مجلس الإدارة من غير رجال التحرير وهو الأمر الذي يبدو أن الاتجاه إليه على نحو ما سنفصله فيما بعد.
ولكل مؤسسة صحفية جمعية عمومية، تشكل من خمسة وثلاثين عضوًا،
1 كانت مؤسسة أخبار اليوم أول من أدخل هذه التجربة.
تنتخب كل فئة من فئات العاملين بالمؤسسة "العمال والإداريين والصحفيين" خمسة ممن تكون لهم خبرة في أعمال الصحافة لمدة خمس سنوات على الأقل، والمدة على هذا الوضع، لا يشترط أن تكون في المؤسسة نفسها ولا يشترط أن تكون متصلة، والعشرون الباقون يختارهم مجلس الشورى "من الكتاب أو المهتمين بشئون الفكر والثقافة والصحافة والإعلام" وأول ما يلاحظ على صياغة هذه العبارة أنها تفسر بأن المشرع جعل الخيار بين الفريقين الأول ويضم الكتاب والثاني ويضم المهتمين بشئون الفكر والثقافة والصحافة والإعلام مع أن نية المشرع لا يمكن أن تكون قد انصرفت إلى هذا الخيار، بل إلى اختيار العشرين من الكتاب والمهتمين بشئون الفكر والثقافة والصحافة والإعلام وثمة ما يقال في هذا الصدد، ألا يندرج الكتاب تحت المهتمين بشئون الفكر وألا تندرج الصحافة تحت الإعلام.
وواضح من المادة "30" التي عددت اختصاصات الجمعية العمومية على سبيل الحصر؛ أنها لا تختص بشئون التحرير.
أما اختصاص مجلس الإدارة بالسياسة التحريرية، فأمر يظهر من المادة "34" التي يجري نصها:"يضع مجلس التحرير السياسة العامة للتحرير ويتابع تنفيذها وذلك في إطار السياسة العامة التي يضعها مجلس إدارة المؤسسة، ويكون تنفيذ تلك السياسة من اختصاص رئيس التحرير ومعاونيه".
والسياسة العامة تتضمن، فيما تتضمنه، والسياسة التحريرية، فالعصر الذي كان يستقل فيه صانع القرار التحريري عن صانع القرار الإداري قد انقضى، وأصبح من الضروري إذا أريد النجاح للمنشأة الصحفية، أن يدرك المحرر المشاكل الأساسية لكافة نواحي الإدارة الصحفية، فهو لا بد من أن يدرك مثلًا إدراكًا تامًا علاقة الإعلانات بالإدارات الأخرى، كما يدرك مشاكل النواحي الطباعية، والنواحي التوزيعية، ولم يعد من الممكن، وقد بلغت صناعة الصحافة هذه الدرجة من التقدم والتعقيد، آن يعمل المحرر بعيدًا عن الإدارة وأن يعمل رجل الإدارة بعيدًا عن التحرير، فقرار رئيس التحرير
يؤثر، ولا ريب، في كافة نواحي المؤسسة ومن ثم فيجب عليه أن يعي تمامًا ما يدور في الإدارات الأخرى، والإدارة الصحفية يجب أن تلم كذلك إلمامًا كبيرًا بما يدور في الإدارة التحريرية، ولا أحد ينكر مدى تأثر التحرير بالقرارات التي تصدرها الإدارة الصحفية تأثرًا بالغًا وبخاصة في عصر أصبح فيه جميع العاملين بالمؤسسات الصحفية القومية إجراء بعد أن زال العهد الذي كان فيه رجال التحرير هم الملاك وهو وضع كان يخول لهم حق إصدار القرار.
لم يعالج المشرع في وضوح مسألتين: الأولى تتعلق بوظيفة رئيس مجلس الإدارة والثانية تخص وظيفة العضو المنتدب من ناحية علاقة كل منهما بالمؤسسة ومن ناحية علاقة شاغل كل منهما بالآخر، فكل ما جاء في القانون في شأن مجلس الإدارة ورد بالمادة الواحدة والثلاثين وهي تتناول طريقة أعضاء المجلس ورئيسه فقضت في الفقرة الأولى أن اختياره يتم، مع بعض الأعضاء، بواسطة مجلس الشورى.
أما وظيفة عضو مجلس الإدارة المنتدب فلم يرد لها ذكر في القانون على الإطلاق كما لم يرد لها ذكر في اللائحة التنفيذية، والمشرع على هذا النحو لم يفصح عن نيته فيما يتعلق بنوعية مجلس الإدارة وباختصاصاته، وهذا أمر له أهميته وبخاصة في المؤسسات الصحفية، ذلك أن العادة قد جرت، كما ألمحنا من قبل، في العقدين الأخيرين على اختيار رؤساء مجالس إدارة تلك المؤسسات من رجال التحرير دون استثناء "فيما عدا تجربة الأهرام التي تمت في أوائل سنة 1980 تأثرًا -على ما أعتقد- بما ناديت به1، وقد أفضى هذا الوضع في المؤسسات الصحفية القومية فيما عدا مؤسسة الأهرام لأسباب ترد إلى مركز رئيس مجلس إدارتها الأسبق، الذي اكتسبه لاعتبارات ذاتية بحتة
1 يرجع إلى كتاب إدارة الصحف الهيئة العامة للكتاب، 1974، القاهرة "نفد".
من علاقته برئيس الدولة الأسبق إلى قيام بعض المنازعات بين رئيس مجلس الإدارة وبين العضو المنتدب حول اختصاصات كل منهما وسلطاته.
وساعد على نشوب هذه المنازعات تفاوت درجات كفاءة بعض رؤساء المجالس وكفاءة الأعضاء المنتدبين من الناحية الإدارية والتحريرية وفهم كل فريق منهم لمهام وظيفته ووظيفة الفريق الآخر، والواقع من الأمر أن وظيفة العضو المنتدب لم يعد لها محل بعد أن آلت ملكية هذه المؤسسات إلى الدولة كما لم يعد لها محل منذ أمد طويل في القطاع العام، وأصبحت طبيعة ملكية الدولة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، تأبى استمرار بقاء هذه الوظيفة.
فعضو مجلس الإدارة المنتدب، كما يفهم من مدلولها، هو شخص ينتدبه مجلس الإدارة من بين أعضائه ليتولى إدارة المؤسسة نيابة عن المجلس ومن ثم يكون مسئولًا أمامه وهو أمر لم يحدث في تاريخ الصحافة المصرية خلال العقدين الأخيرين نتيجة لتغير ملكية هذه المؤسسات وانتقالها إلى الاتحاد الاشتراكي ثم إلى الدولة بعد ذلك بموجب القانون الجديد.
وكان من أمر ذلك أن ادعى معظم الأعضاء المنتدبين أن سلطاتهم موازية لسلطات رؤساء مجالس الإدارة ولكن في المجالات المالية والإدارية، وإن دل هذا على شيء، فعلى أن القواعد الإدارية السليمة التي تقضي بأن تكون للمنشأة رأس واحدة مسئولة عنها قد غابت عن بعض الأعضاء المنتدبين وعن رجال الاتحاد الاشتراكي، ومن ثم صح على المؤسسة الصحفية المثل الإنجليزي القائل بأنها "تركب حصانين في آن واحد" مما ينتهي بها إلى التمزق.
ومن مظاهر هذا الوضع الخلافات التي غالبًا ما ثارت بين بعض رؤساء مجالس الإدارة وبين بعض الأعضاء المنتدبين، والخلط الإداري الذي ساد كل المؤسسات الصحفية في العقدين الأخيرين، فواحدة كان لها مدير عام فقط وأخرى كان لها عضو منتدب فقط، وثالثة جمع واحد بين الوظيفتين، ورابعة تجمع المؤسسة الواحدة بين المدير العام والعضو المنتدب، وخامسة يجمع شخص واحد بين اختصاصات رئيس مجلس الإدارة واختصاصات العضو
المنتدب وهكذا فكان إذا برم رئيس المجلس بالعضو المنتدب وضاق به ذرعًا طلب إضافة اختصاصه إليه بصفته رئيس المجلس مع أن كفاءته لا تسعفه في مجال الإدارة والمال.
ويبدو أن الاتجاه إلى اختيار رئيس مجلس الإدارة من غير رجال التحرير هو اتجاه مسيطر، واتباعه يؤدي حتمًا إلى ضرورة إلغاء منصب عضو مجلس الإدارة المنتدب، ولكن تبرز هنا مسألة مهمة وإن بدت في ظاهرها شكلية، ذلك أن إطلاق لقب رئيس مجلس الإدارة على منصب الشخص المسئول عن النواحي الإدارية والمالية هو من قبيل تحميل الألفاظ أكثر مما ينبغي أن تتحمل ويبدو أن لحقه "التضخم" كالأسعار وأدى ذلك إلى الهبوط بقيمته كما حدث للنقد تمامًا.
إن في العودة إلى الأساليب السليمة التي تواكب الواقع والحقيقة، تجعل من المنصب شيئًا يتفق تمامًا مع مقتضياته العلمية ويؤدي إلى السير في طريق لا بد من أن تنتهي بالحل السليم، وفي بساطة إدارية تامة ينبغي ألا يتعدى جهاز الإدارة العليا في المؤسسة الصحفية: رئيس تحرير يعاونه مجلس التحرير، ومدير عام يعاونه مجلس المديرين ويتوج هؤلاء جميعًا مجلس الإدارة ترأسه شخصية أخرى لها وزن اجتماعي وسياسي أكبر، ويتوفر له صفات تتلاءم مع طبيعة عمله التي تختلف تمامًا عن طبيعة عمل رئيس التحرير وعمل المدير العام ولكن واضعي القانون قد جانبهم الصواب عندما لم يفيدوا من تجربة الصحافة المصرية في العقدين الأخيرين في هذه المجال، كما لم يفيدوا من تجارب الدولة الأخرى.
وثمة مسألة أهميتها من أنه لم يسبق أن عالجها أي قانون من قوانين الصحافة ألا وهي سن التقاعد، فقد مرت مسألة التعاقد بأدوار مختلفة بعد أن ظلت المؤسسات الصحفية لمدة طويلة لا تتقيد بأي سن للتقاعد استمرارًا لما كان يجري عليه العمل فيها قبل قانون التنظيم، ثم تفاوتت السن فحددتها
لوائح بعض المؤسسات بخمسة وستين عامًا وحددها البعض الآخر بستين تماشيًا مع السن التي حددها قانون التأمينات الاجتماعية.
وعلى الحالين لم تكن تطبق سن التقاعد على الصحفيين إلا في حالات نادرة وكانت تستخدم وسيلة من وسائل الثواب والعقاب، وكان التجديد يتم مرة بقرار من مجلس الإدارة، وتارة بقرار العضو المنتدب وتارة أخرى بقرار من رئيس المجلس، وترتيبًا على ذلك يكون المشرع قد حالفه الصواب عندما وضع قواعد سن التقاعد بموجب المادة 28 ويجري نصها كالآتي:"يكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين في المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين وعمال، ستين عامًا، ويجوز للمجلس الأعلى للصحافة بتوصية من مجلس إدارة المؤسسة مد السن سنة فسنة حتى سن الخامسة والستين، على أنه لا يجوز أن يبقى في منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية أو عضويته أو في منصب رؤساء تحرير الصحف القومية أو عضوية مجالس التحرير بها من بلغت سنة ستين عامًا".
والواقع أنه لا يوجد ما يبرر معاملة رؤساء التحرير فيما يتعلق بسن التقاعد معاملة أقل من سواهم، فطبيعة منصب رئيس التحرير تقضي، على العكس من ذلك، إفساح المجال أمام الكفء منهم حتى سن السبعين لا سنة فسنة بل على دفعتين كل منهما خمس سنوات إن لم يكن دفعة واحدة قدرها عشر سنوات، وإن كان الأفضل عدم تحديد سن لتقاعده.
فإذا كان من اليسير وجود كثرة من رجال الإدارة الصحفية على اختلاف مسمياتهم فمن العسير العثور على بديل لرئيس التحرير الكفء الذي يكون قد تم نضجه واكتسب خبرة وتجربة في معالجة الأمور وتستند إلى تاريخ طويل عريض حافل بكل أنواع الثقافة والمعرفة، ورؤساء التحرير يتطلب تكوينهم وقتًا قد يطول مع خلفية لا تتوفر للكثيرين، وإذا قيل: إن حظر التجديد بعد الستين لرئيس التحرير يجيء على المنصب، فهناك فرق بين مزاولة الكتابة فحسب وبين مزاولة وظائف رئيس التحرير الأخرى، وينصرف هذا القول
أيضًا إلى من يتجاوز الخامسة والستين من الكتاب، فشباب القلم وشيخوخته أمران لا يتواكبان بالضرورة مع العمر، فكم من شباب هرمت أقلامهم قبل الأوان ولحقتهم الشيخوخة المبكرة، وكم من شيوخ ما زالت أقلامهم في ريعان شبابها والأمثلة كثيرة ليس عن الصحافة المصرية فحسب بل من الصحافة العالمية أيضًا.
إن هذه المادة سلاح ذو حدين إذا أحسن استخدامه، أفادت منه الصحافة الكثير وإلا لحقتها أضرار جمة، فالتجديد ينبغي أن يكون بمعايير انتقائية يجب أن يتنبه إليها مجلس الصحافة الأعلى، ومن هذا المنطلق يتعين التحرر في الالتجاء إلى فكرة المستشارين، وإلا فسوف تصبح المؤسسات الصحفية القومية لا تعرف من يكون مستشارًا لمن.
ونختم البحث بمجلس الصحافة الأعلى باعتباره الهيئة التي تهيمن على الصحافة المصرية كلها: الحزبية، والمستقلة، والقومية من كافة نواحيها المختلفة التحريرية والإدارية، فقد أعطاه القانون سلطات واسعة في الجوانب الإعلانية، والطباعية، والتوزيعية من الناحيتين المالية والإدارية، ويكفي للتدليل على ذلك أن المشرع نقل إلى هذا المجلس جميع الاختصاصات التي كان مخولة، في شأن الصحافة، للاتحاد الاشتراكي العربي وتنظيماته، والوزير القائم على شئون الإعلام، والمنصوص عليها في القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين وذلك بالإضافة إلى تحديد حصص الورق والإشراف على شرائه، وتحديد أسعار الصحف، وتحديد أسعار مساحات الإعلانات للحكومة والقطاع العام بما لا يخل بحق القارئ في المساحة التحريرية "وفقًا للعرف الدولي" على حد ما جاء في القانون وضمان حد أدنى مناسب لأجور الصحفيين والعاملين بالمؤسسات الصحفية بجانب صندوق دعم الصحف الذي رخص قانون سلطة الصحافة بإنشائه لدعم الصحافة المصرية وتنميتها وتطويرها ومدها إقليميًّا فضلًا عن الاختصاصات الأخرى المنصوص عليها في الفصل الثاني من الباب الرابع.
والواقع أنه كان ينبغي على المشرع ومصر تنتهج سياسة الانفتاح الاقتصادي ألا يقحم مجلس الصحافة الأعلى على تفصيلات اقتصاديات الصحافة التي أصبحت صناعة ضخمة لا يقدر على رسم سياستها وتنفيذها، وعلى تنظيمها وإدارتها، إلا أناسًا تمرسوا بها علمًا وعملًا، أناسًا يعرفون دقائقها وخصائصها ووسائل تحقيق أهدافها بأقل تكلفة اقتصادية للصناعة ذاتها وللمجتمع وكان على المشرع أن يقصر دور المجلس في الإدارة الصحفية على الكليات، غير أن المشرع أن يقصر دون المجلس في الإدارة الصحفية تاركًا تلك الكليات على ما لها من أهمية بالغة، وبرغم إهمالها يوم أن كان الاتحاد الاشتراكي العربي يمتلك الصحافة، وكان غيابه هو العامل الذي انحدر بالإدارة الصحفية إلى ما وصلت إليه الآن: غياب يكاد يكون تامًّا لكل عناصر العمل الصحفي المشترك الذي بدونه، والعالم في منعطف القرن العشرين، لا يمكن لصناعة تستمد قوتها الاقتصادية من طبيعتها التي لا تسمح له بالتجزئة أن تنمو وتتقدم.
ويخطئ من يعتقد أن هناك انفصالًا بين الإدارة الصحفية وحرية الصحافة فالعصر الذي كان يستطيع فيه التحرير الانفراد بالسيطرة على المنشآت الصحفية وتقوم كل واحدة من أجهزة الإعلانات، والمطابع والتوزيع بدورها فيها بمنأى عن الأخرى عصر قد انقضى.
ولم يعد هناك مجال لانقسام المنشأة الصحفية إلى أجهزة متنافرة تعتبر كل واحدة منها وحدة منفصلة عن الأجهزة الأخرى، تعمل في واد وتعمل الأخرى في واد آخر، وأصبح لزامًا أن يحل محل ذلك التعاون والتناسق حتى يمكن للصحيفة أن تبقى وتؤدي رسالتها على الصعيد الإقليمي وعلى الصعيد القومي.
ومن أجل هذا كله وجدت الإدارة الصحفية لكي تجمع شمل هذه النواحي المختلفة حتى تكون منها كيانًا واحدًا يستطيع أن يحقق الأهداف التي قامت الصحيفة من أجلها لخدمة المجتمع ممثلًا في هيئة مستهلكين ومعلنين، حكومة وأفرادًا، مشترين وبائعين، وما شاكل ذلك من مجموعات متكاملة.
والإدارة الصحفية بهذا المعنى، هي الهيئة التي تهيمن على نواحي النشاط الإعلاني والطباعي والتوزيعي لكل تجعل من العمل التحريري مادة تباع إلى مشتريها بثمن يغطي مصروفات إصدارها، ويحقق ربحًا جزيلًا لأصحاب رأس المال سواء كانوا مستثمرين عاديين كما هو الوضع في البلاد الرأسمالية أو عمالًا يسهمون بعملهم كجزء من رأس المال كما هو الحال في المؤسسات الصحفية القومية، فالعاملون فيها يشتركون في الأرباح بحق النصف مما ينهض سببًا لاعتبارهم شركاء في المؤسسة.
وما أحسب المشرع إلا متوخيًا من إصدار هذا القانون المصلحة العامة التي لا يمكن أن تتحقق إلا بواسطة مجلس أعلى للصحافة يجب أن يلتزم تنظيمه منهجًا علميًّا وأن يستبعد تمامًا المنهج الذي التزمه مجلس الصحافة الأعلى القديم حتى لا يؤول في النهاية مصير أقوى مؤسسات صحفية في مصر إلى هيئة مكتب مجلس الصحافة الأعلى المكونة من الرئيس والوكيلين والأمين العام والمساعد نتيجة لعدم تفرغ أعضاء المجلس نفسه.
وإذا كان لي أن أعقب على هذه الدراسة التي نقلتها كما هي من كتاب الدكتور صليب بطرس عن "الصحافة في عقدين" فإن رأيي يختلف معه بعض الشيء في نقده للقوانين واللوائح التي سجلها.
أولًا: إن الصحافة لا يمكن أن تكون "سلطة" لأن السلطة تقتضي وجود قوة مادية في خدمة هذه السلطة، فالصحافة رسالة اجتماعية للتوجيه والنقد وحراسة القيم، وسلطاتها تنحصر في القلم الذي علم الله به الناس ما لا يعلمون.
ثانيًا: إن الصحف التي يطلقون عليها لفظ "القومية" هي في الواقع أصبحت -بعد هذا الفيض من القوانين- صحفًا حزبية تملكها السلطة وتجري في فلكها، وتعمل لحساب الحكومة وتدافع عن تصرفاتها، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل أو برهان بل كل ينشر فيها يدل ويبرهن على أنها ألسنة للحكومة، ولا مراء في تبعيتها لها إذ إن المشرف عليها مجلس الشورى،
ومجلس الشورى 99% من أعضائه أعضاء في حزب الحكومة.
ثالثًا: إن جميع القوانين التي صدرت بشأن الصحافة منذ سنة 1960 إلى اليوم تتجه إلى تقييد حرية الصحافة وحرية العاملين فيها، ومن لا ينصاع للتوجيه النازل إليه من "فوق" ينقل إلى غير مجاله أو يلزم بيته ليتلقى راتبه المرموق أول كل شهر بلا عمل يؤديه.
رابعًا: إن الصحافة مهنة حرة كالمحاماة، يجب أن تنحصر رقابتها في هيئة من العاملين فيها وهي موجودة من عشرات السنين تحت اسم نقابة الصحفيين وهي الكفيلة بتأديب وتبكيت من يخرج على شرف المهنة من الصحفيين.
خامسًا: إن القوانين التي صدرت حدت من وجود كفاءات جديدة وحدت من إبداع الكفايات القديمة؛ لأن العمل داخل إطار محدود وفي جو من قوانين رادعة على أتفه الأسباب، تجعل الأفكار النيرة تخبو وتنشد السلامة فلا تغامر برأي سديد أو فكر رشيد.
سادسًا: إن اعتبار الصحفيين في صحف الحكومة موظفين كسائر موظفي الدولة بجعل تقاعسهم ملحوظًا في أداء الواجب، أسوة بما هو مشهود ومعروف في الدواوين والوزارات، وآية ذلك أن مئات من الصحفيين الذين يعملون في دار أخبار اليوم والأهرام وغيرها لا يناطون بعمل وإن كان رزقهم بالراتب موصول.
إن الصحافة لم تكن حرة قط إلا في أيدي الأفراد والجماعات، وإن خشي المسئولون أن تكون عامل ابتزاز ويغري أصحابها متاع الدنيا فيمكن مراقبة مصادرها المالية فلا تشتري ذمتها هيئة أجنبية أو ينحرف بها فيض الإعلانات، وإن حدث شيء من هذا حق عليها العقاب بالوقف أو الإغلاق، وحق على المسئولين عنها المؤاخذة بالسجن أو الإعدام.
أما تحويل الصحافة بالقانون إلى مؤسسات تتبع الدولة فلن تكون في ضمير الشعب إلا وريقات رسمية تشبه الوقائع المصرية في أحسن الظروف، ونادرًا ما كانت الوقائع صحيفة رأي أو منارة من المنارات.