المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يوجب الغسل - تعليقات ابن عثيمين على الكافي لابن قدامة - جـ ١

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌باب ما يوجب الغسل

الشيخ: الصحيح أنه يصح الوضوء قبل الاستنجاء وصورتها لما قضى حاجته تنشف على وجه لا يجزئ استجمارا مثلا ثم قام فتوضأ ثم استنجى بعد ذلك فصلى فإذا قلنا بأن الوضوء لا يصح فصلاته باطلة وإذا قلنا أنه يصح فصلاته صحيحة وهذا هو الصحيح لأنه ليس فيه دليل على اشتراط ذلك وهي نجاسة.

‌باب ما يوجب الغسل

القارئ: والموجب له في حق الرجل ثلاثة أشياء الأول إنزال المني وهو الماء الدافق تشتد الشهوة عند خروجه ويفتر البدن بعده وماء الرجل أبيض ثخين وماء المرأة أصفر رقيق قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر) رواه مسلم فيجب الغسل بخروجه في النوم واليقظة لأن أم سليم قالت (يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا رأت الماء) متفق عليه فإن خرج لمرض من غير شهوة لم يوجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المني الموجب بأنه غليظ أبيض ولا يخرج في المرض إلا رقيقا فإن احتلم فلم ير بللا فلا غسل عليه لحديث أم سليم وإن رأى منيا ولم يذكر احتلاما فعليه الغسل لما روت عائشة قالت (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما فقال يغتسل وسئل عن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد البلل فقال لا غسل عليه) رواه أبو داود فإن وجد منيا في ثوب ينام فيه هو وغيره فلا غسل عليه لأن الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك وإن لم يكن ينام فيه غيره وهو ممن يمكن أن يحتلم كابن اثني عشر سنة فعليه الغسل وإعادة الصلاة من أحدث نومة نامها لأن عمر رأى في ثوبه منيا بعد أن صلى فاغتسل وأعاد الصلاة.

ص: 169

الشيخ: الموجب له في الرجل ثلاثة أشياء وقوله في الرجل هذا القيد ليس مرادا لأن خروج المني حتى من المرأة يوجب الغسل والمني هو الماء الدافق لشدة الشهوة وهو ثخين أبيض بالنسبة للرجل ورقيق أصفر للمرأة فيجب إذا خرج بلذة يقظة أو مناما الغسل وإن خرج بدون لذة لم يجب الغسل وكان حكمه حكم البول أي أنه ينقض الوضوء ويجب غسله وإن استيقظ من النوم وهو ممن يمكن أن يحتلم فرأى منيا وجب عليه الغسل وإن لم يذكر احتلاما وإن كان ممن لا يمكن أن يحتلم فلا شيء عليه كابن ست سنين أو سبع سنين مثلا وإن احتلم ولم يجد بللا فإنه لا غسل عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم سليم (إذا هي رأت الماء) المسألة الأخيرة إذا وجد منيا في ثوب ينام فيه هو وغيره ولا يدري أمنه أو من صاحبه الذي ينام فيه فلا غسل عليه لأن هذا شك فلا يزول به اليقين وإن رأى منيا ولم يدر هل هو من نوم الليل القريب أو من نوم الليل البعيد فهو من القريب وإن كان نام في النهار فهو من نوم النهار يعني من أحدث نومة نامها لأن ما قبلها مشكوك فيه.

فصل

القارئ: والمذي ماء رقيق يخرج بعد الشهوة متسبسبا لا يحس بخروجه فلا غسل فيه ويجب منه الوضوء لما روى سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الاغتسال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وسألته عنه فقال (يجزئك من ذلك الوضوء) حديث صحيح وهل يوجب غسل الذكر والأنثيين على روايتين إحداهما لا يوجب لحديث سهل والثانية يوجب لما روى علي قال (كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد فسأله فقال يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ) رواه أبو داود.

الشيخ: ولا معارضة بينه وبين حديث سهل لأن قوله عليه الصلاة والسلام يجزيك منه الوضوء يعني عن الغسل لأنه كان رضي الله عنه يغتسل فقال يجزيك منه أي يجزيك عن الغسل الوضوء وأما غسل الذكر والأنثيين فهو زائد فيؤخذ بالزيادة.

ص: 170

السائل: ماالراجح في غسل الذكر والأنثيين عند خروج المذي؟

الشيخ: الراجح الوجوب وفيه فائدة طبية وهي أن غسل الذكر والأنثيين يقطع المذي.

فصل

القارئ: والودي ماء أبيض يخرج عقب البول فليس فيه إلا الوضوء لأن الشرع لم يرد فيه بزيادة عليه فإن خرج منه شيء ولم يدر أمني هو أو غيره في يقظة فلا غسل فيه لأن المني الموجب للغسل يخرج دافقا بشهوة فلا يشتبه بغيره وإن كان في نوم وكان نومه عقيب شهوة بملاعبة أهله أو تذكر فهو مذي لأن ذلك سبب المذي فالظاهر أنه مذي وإن لم يكن كذلك اغتسل لحديث عائشة في الذي يجد البلل ولأن خروج المني في النوم معتاد وغيره نادر فحمل الأمر على المعتاد.

فصل

القارئ: وإن أحس بانتقال المني من ظهره فأمسك ذكره فلم يخرج ففيه روايتان إحداهما لا غسل عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأت الماء) والثانية يجب لأنه خرج عن مقره أشبه ما لو ظهر فإن اغتسل فخرج بعد ذلك وجب الغسل على الرواية الأولى لأن الوجوب متعلق بخروجه ولم يجب على الثانية لأنه تعلق بانتقاله وقد اغتسل له وعنه إن خرج قبل البول وجب الغسل لأنا نعلم أنه المني المنتقل فإن خرج بعده لم يجب لأنه يحتمل أنه غيره وهو خارج لغير شهوة وفي فضلة المني الخارجة بعد الغسل الروايات الثلاث.

ص: 171

الشيخ: هذه مسألة تحتاج إلى شرح قال وإن أحس بانتقال المني من ظهره فأمسك ذكره فلم يخرج ففيه روايتان إحداهما لا غسل عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأت الماء) وهذا هو الصحيح أنه إذا انتقل المني ولم يخرج فلا غسل عليه لأن ما كان باطنا لا حكم له والحكم للظاهر هذا التعليل أما الدليل الأثري فهو قوله عليه الصلاة والسلام (إذا هي رأت الماء) وهذا لم يرى الماء والثاني يجب لأنه خرج عن مقره فأشبه ما لو ظهر يقال نعم هو خرج وفارق محله لا شك لكنه ليس كالخارج مادام في باطن البدن فإننا غير مكلفين به فهذا التعليل عليل مخالف للأثر فلا يلزمه الغسل ولكن يقول فإن اغتسل فخرج بعد ذلك وجب الغسل على الرواية الأولى ما هي الرواية الأولى؟ أنه لا غسل عليه لأن الوجوب متعلق بخروجه ولم يجب على الثانية لأنه تعلق بانتقاله وقد اغتسل له إذاً إن اغتسل فخرج بعد ذلك يعني بعد أن اغتسل فهو على الرواية الأولى يجب أن يغتسل لأن الغسل الأول ليس بواجب إذ أن الوجوب متعلق بالخروج ولم يخرج فإذا خرج وجب عليه الاغتسال قال ولم يجب على الثانية لأنه تعلق بانتقاله وقد اغتسل يعني انتقل المني ولكنه لم يخرج فيجب على الرواية الثانية أن يغتسل فإذا اغتسل ثم خرج بعد اغتساله لم يجب لأن هذا حدث واحد فلا يوجب غسلين وعنه إن خرج قبل البول وجب الغسل وعنه أي عن الإمام أحمد إن خرج قبل البول وجب له الغسل لأنا نعلم أنه المني المنتقل إذاً إن خرج قبل البول وجب الغسل لأنه المني المنتقل وإن خرج بعده لم يجب لماذا؟ لأنه يحتمل أنه غيره وهو خارج لغير شهوة يعني إذا انتقل وقلنا لا يجب الغسل ثم خرج قبل البول فإنه يجب الغسل لأن هذا المني هو المني المنتقل الذي قلنا إنه لا يجب الغسل بانتقاله وإن خرج بعده فإنه لا يجب الغسل لأنه لو كان المني الأول لدفعه البول وخرج فلما لم يدفعه البول ولم يخرج فإنه يحتمل أنه مني جديد خرج بغير شهوة والمني إذا خرج بغير شهوة

ص: 172

فإنه لا يوجب الغسل وعنه إن خرج قبل البول وجب له الغسل لأننا نعلم أنه المني المنتقل وإن خرج بعده لم يجب لأنه يحتمل أنه غيره وهو خارج لغير شهوة وفي فضلة المني الخارجة بعد الغسل الروايات الثلاث والصحيح أنها لا توجب

الغسل لأنه قد اغتسل له يعني رجل جامع زوجته ثم اغتسل وبعد اغتساله خرج بقية المني السابق فإنه لا يجب الغسل لماذا؟ لأنه حدث واحد فلا يوجب غسلين وقد تطهر له.

مسألة: الخارج من القبل أربعة أشياء المني والمذي وهذان يتعلقان بالشهوة لكن المني يكون عند اشتدادها وذاك عند برودتها والمني يحس به الإنسان والمذي لا يحس به والمني غليظ أبيض والمذي بخلاف ذلك يعني رقيق بقينا في البول والودي فالبول والودي شيئان مختلفان وصفا لا حكما فحكمهما واحد والمذي يختلف عن المني فيما يجب به فلا يجب في المذي إلا غسل الذكر والأنثيين وأما ما أصاب الثوب منه فإنه يكفي فيه النضح ولا يجب فيه الغسل والبول يجب فيه الغسل والمذي يكفي فيه النضح والسبب لأنه خرج عن شهوة فحرارة الشهوة خففت غلظ نجاسته ولهذا كان بين المني وبين البول فالمني يوجب غُسْل البدن كله والمذي لا يوجب إلا غسل الذكر والأنثيين والوضوء وأما البول فلا يوجب غسل الذكر والأنثيين ويجب أن يغسله.

السائل: أليس حبس المني في الجسم مضر؟

الشيخ: الفقهاء يصورون أشياء قد تقع من بعض السفهاء وقد لا تقع ويمكن بعض الناس في الشتاء ينتقل المني منه ويخاف أن يخرج ويجب عليه الغسل فيحبسه أو ربما إنه تبرد شهوته أحيانا يعني ينتقل المني ثم تبرد الشهوة ولا يخرج فهذه صورتها ظاهرة يعني تصوير هذه المسألة إما بما قال المؤلف بأن يمسك ذكره حتى لا يخرج الماء وإما أن تبرد شهوته وإذا بردت ما عاد يستطيع ينزل

فصل

القارئ: التقاء الختانين وهو تغييب الحشفة في الفرج يوجب الغسل وإن عري عن الإنزال.

ص: 173

الشيخ: كثير من الناس يقول كيف التقاء الختانين ونقول هو تغييب الحشفة ووجه ذلك أن منتهى الختان من الرجل بعد الحشفة فإذا التقى ختان الرجل بختان المرأة لزم من ذلك أن تغيب الحشفة فبعض الطلبة يظن أن معنى التقاء الختانين أن يمس رأس الذكر فرج المرأة بدون إيلاج وليس كذلك فلا يمكن التقاء الختانين إلا بتغييب الحشفة لأن الختان كما تعرفون تقطع كل الجلدة التي على الحشفة.

السائل: إذا اغتسل وبعدما اغتسل خرج المني أو بعض المني فهل يجب عليه الوضوء؟

الشيخ: نعم يجب عليه الوضوء.

القارئ: لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان وجب الغسل) رواه مسلم وختان الرجل الجلدة التي تبقى بعد الختان وختان المرأة جلدة كعرف الديك في أعلى الفرج يقطع منها في الختان فإذا غابت الحشفة في الفرج تحاذى ختاناهما فيقال التقيا وإن لم يتماسا ويجب الغسل بالإيلاج في كل فرج قبل أو دبر من آدمي أو بهيمة حي أو ميت لأنه فرج أشبه قبل المرأة فإن أولج في قبل الخنثى المشكل فلا غسل عليهما لأنه لا يتيقن كونه فرجا فلا يجب الغسل بالشك.

ص: 174

الشيخ: ذكر بعض العلماء أنه لا غسل عليه في الإيلاج في بهيمة وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا جلس بين شعبها الأربع) والفاعل بالبهيمة لم يجلس بين شعبها الأربع ولأنه قال إذا التقى الختانان والبهيمة ليس لها ختان وكونه يتلذذ ككون الرجل يتلذذ إذا جامع بين فخذيه وهذا الذي يميل إليه شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله وهو الصواب ولكن هل معنى ذلك أن نقول إنه يجوز أن يفعل بالبهيمة؟ لا لا يجوز كما لو أنه زنى بامرأة وأولج فيها لقلنا إنه يجب عليه الغسل ويجب عليه الحد والفاعل بالبهيمة أيضا يجب أن تقتل البهيمة فإن كانت له فقد فاتت عليه وإن كانت لغيره فعليه ضمانها ولا تؤكل أما بالنسبة له هو فقد ورد في الحديث (اقتلوه واقتلوا البهيمة) وذهب إليه بعض العلماء وقالوا من أتى بهيمة فإنه يقتل لأن فرجها لا يباح بحال من الأحوال فيشبه فرج الذكر وهو اللواط واللواط حده القتل وقال بعض العلماء بل يعزر تعزيرا وهذا أصح أنه يعزر ولا يقتل أما البهيمة فتقتل.

السائل: ما الدليل على نجاسة المني الذي يخرج من غير شهوة؟

الشيخ: الدليل أن الأصل فيما خرج من السبيلين أنه نجس.

السائل: لكن الأصل الطهارة في المني؟

الشيخ: هذا المني الذي يوجب الغسل أما المني الذي يخرج من غير شهوة فلا يجب عليه الغسل لأن المادة تختلف ولهذا لا يكون له رائحة المني الذي خرج بشهوة ولا غلظ المني.

السائل: ما العلة من قتل البهيمة؟

الشيخ: العلة من قتل البهيمة لئلا يعير بها تمر من عند ناس ويقال هذه زوجة فلان فيعير بها.

ثانيا ربما تحمل وإن كان هذا بعيدا من الناحية الطبية لكن قد يجعل الله هذه آية فتكون فضحية.

ثالثا أنه ربما يحن إليها لأن الذي يأتي البهيمة والعياذ بالله لم يأتها إلا عن شهوة شديدة ولا يكون عنده ما يتمتع به سواها فإذا لم تقتل يحن إليها ثم يذهب إليها مرة ثانية.

فصل

ص: 175

القارئ: والثالث إسلام الكافر وفيه روايتان إحداهما يوجب الغسل اختارها الخرقي لأن النبي صلى الله عليه وسلم (أمر ثمامة بن أثال وقيس بن عاصم أن يغتسلا حين أسلما) رواه أبو داود والنسائي قال الترمذي حديث حسن ولأن الكافر لا يسلم من حدث لا يرتفع حكمه باغتساله فقامت مظنة ذلك مقامه ولا يلزمه أن يغتسل للجنابة لأن الحكم تعلق بالمظنة فسقط حكم المظنة كالمشقة مع السفر والثانية لا غسل عليه اختارها أبو بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ (إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات) متفق عليه ولم يأمرهم بالغسل ولو كان أول الفروض لأمر به ولأنه أسلم العدد الكثير والجم الغفير فلو أمر بالغسل لنقل نقلا متواترا فإن أجنب في حال كفره احتمل أن لا يجب الغسل عليه لما ذكرناه واحتمل أن يجب وهو قول أبي بكر لأن حكم الحدث باق.

ص: 176

الشيخ: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء إسلام الكافر هل يوجب الغسل أو لا؟ فالمشهور من المذهب أنه يوجب الغسل ودليله أثر ونظر أما الأثر فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ثمامة بن أثال وقيس بن عاصم أن يغتسلا حين أسلما لكن الأمر هل هو للوجوب أو للاستحباب فمن العلماء من يقول إن الأمر هنا للوجوب لأنه الأصل في الأوامر ومنهم من قال إنه للاستحباب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به كل من أسلم، أما الدليل النظري في هذه المسألة هو أن الكافر لا يسلم من حدث موجب للغسل لا سيما إذا كان كبيرا بالغا ولو اغتسل في حال كفره لم يرتفع الحدث لأن من شرط ارتفاع الحدث النية والإسلام وهذا ليس بمسلم فلو اغتسل لم يرتفع فقامت المظنة مقام اليقين والرواية الثانية عن أحمد أنه لا يجب الغسل لإسلام الكافر لأنه أسلم الجم الغفير والعدد الكثير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بالغسل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا إلى اليمن قال أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات ولو كان الغسل واجبا لكان مقدما على الأمر بالصلاة لأن الصلاة لا تصح إلا به وهذا استدلال قوي وأما ما قيل إن الكافر قد يكون محدثا فنقول إن الأصل عدم الحدث وباب الطهارة الشك فيه ملغى مطرح فلا عبرة به وهذه الرواية أقوى من الرواية التي هي القول بوجوب اغتسال الكافر ولكن لو فرض أنه أجنب في حال كفره ثم أسلم وهو لم يغتسل في حال الكفر فهل يجب عليه الغسل أولا؟ فيه قولان منهم من قال يجب عليه الغسل لأن الحدث باق لم يرتفع ومنهم من قال لا يجب لعموم عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم لمن أسلم أن يغتسل ولقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) (لأنفال:

ص: 177

من الآية38) ولكن في هذه المسألة الاحتياط أن يغتسل وإن قلنا بأن الكافر لا غسل عليه إذا أسلم لأن الحدث قد وجد والأصل بقاؤه حتى يرتفع بدليل شرعي.

السائل: لو أسلم وهو على جنابة وصلى هل صلاته صحيحة؟

الشيخ: ينبني على الخلاف والاحتياط أن يغتسل وإذا قلنا إن الاحتياط إنه يغتسل معناه إذا صلى فالاحتياط أن يعيد والاحتياط دون الوجوب يعني مثلا إذا قال لك العالم الاحتياط فالمعنى أنه دون الوجوب لكنه كالملزم به.

السائل: لماذا قلنا بقتل البهيمة دون الفاعل فيها والحديث واحد؟

الشيخ: هذا سؤال وجيه يقول لماذا أخذتم ببعض الحديث دون بعض قالوا أخذنا بذلك لأن الحديث فيه مقال واستحلال دم المسلم أو الرجل أشد من استحلال البهيمة لأن البهيمة مال ويجوز أن يعزر بإتلاف المال وأما الآدمي فهو نفس ولا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث.

فصل

القارئ: فأما المرأة فيجب في حقها الأغسال المذكورة وتزيد بالغسل من الحيض والنفاس ونذكره في بابه ولا يجب الغسل بالولادة العارية عن دم لأن الإيجاب بالشرع ولم يوجب بها ولا هي في معنى المنصوص عليه وعنه يجب بها لأنها لا تكاد تعرى من نفاس موجب فكانت مظنة له فأقيمت مقامه كالتقاء الختانين مع الإنزال

فصل

القارئ: ولا يجب الغسل بغير ذلك من غسل ميت أو إفاقة مجنون أو مغمى عليه لما ذكرناه

فصل

القارئ: ومن لزمه الغسل حرم عليه ما يحرم على المحدث ويحرم عليه قراءة آية فصاعدا لقول علي رضي الله عنه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه أو قال يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة) رواه أبو داود.

الشيخ: قوله ليس الجنابة هذه ليس بمعنى إلا فهي أداة استثناء.

ص: 178

القارئ: وفي بعض آية روايتان إحداهما يحرم قراءته لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن) رواه أبو داود والأخرى يجوز لأن الجنب لا يمنع من قول بسم الله والحمد لله وذلك بعض آية

فصل

القارئ: ويحرم عليه اللبث في المسجد لقول الله تعالى (وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)(النساء: من الآية43) يعني مواضع الصلاة وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب) رواه أبو داود ولا يحرم العبور في المسجد لقوله تعالى (إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ)(النساء: من الآية43) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة (ناوليني الخمرة من المسجد قالت إني حائض قال إن حيضتك ليست في يدك) رواه معاذ قال بعض أصحابنا إذا توضأ الجنب حل له اللبث في المسجد لأن الصحابة رضي الله عنهم كان أحدهم إذا أراد أن يتحدث في المسجد وهو جنب توضأ ثم دخل فجلس فيه ولأن الوضوء يخفف بعض حدثه فيزول بعض ما منعه

الشيخ: وهذا هو الصحيح أن الجنب إذا توضأ فله المكث في المسجد ولو أحدث لأنه بوضوئه خف عنه أثر الجنابة.

فصل

القارئ: ويستحب للجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة لما روى ابن عمر أن عمر قال (يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد) متفق عليه.

ص: 179

الشيخ: قوله فليرقد اللام هنا للإباحة لأن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل يرقد أو لا قال نعم إذا توضأ فليرقد واختلف العلماء رحمهم الله هل يجوز للجنب أن ينام من غير وضوء فمنهم من قال لا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر إذا توضأ فليرقد ومنهم من قال يكره أن ينام على غير وضوء ومنهم من قال يباح لأن مسلما روى في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً والأحوط للإنسان ألا ينام إلا على إحدى الطهارتين لأن الله يقول (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا)(الزمر: من الآية42) فسمى الله الموت وفاة ولا ينبغي للإنسان أن ينام إلا على أقل الطهرين ولكن إذا توضأ ثم انتقض وضوؤه فهل يكره أن ينام نقول في هذا ما قلنا في اللبث في المسجد.

القارئ: ويستحب له الوضوء إذا أراد أن يأكل أو يعود للجماع ويغسل فرجه فأما الحائض فلا يستحب لها ذلك لأن الوضوء لا يؤثر في حدثها ولا يصح منها.

الشيخ: إذا أراد أن يأكل وعليه جنابة فليتوضأ لأن هذا أفضل وأحسن وكذلك إذا أراد أن يعود إلى الجماع مرة أخرى فالأفضل أن يغسل ذكره ويتوضأ لأن ذلك أنشط له ولكن لو لم يفعل فلا

حرج فإن النبي كان يطوف على نسائه بغسل واحد وأما الحائض فلا يستحب لها الوضوء لأنها لو توضأت فحدثها باق بخلاف الجنب.

باب الغسل من الجنابة

القارئ: وهي على ضربين كامل ومجزئ فالكامل يأتي فيه بتسعة أشياء النية وهو أن ينوي الغسل للجنابة أو استباحة ما لا يستباح إلا بالغسل كقراءة القرآن واللبث في المسجد ثم يسمي ثم يغسل يديه ثلاثا قبل إدخالهما الإناء ثم يغسل ما به أذى ويغسل فرجه

الشيخ: قوله رحمه الله كقراءة القرآن ظاهر لأن قراءة القرآن لا تستباح إلا بالغسل وأما قوله اللبث في المسجد فالصحيح أن اللبث في المسجد يستباح بالوضوء.

ص: 180

القارئ: ويغسل فرجه وما يليه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات يروي بهن أصول شعره ويخلله بيده ثم يفيض الماء على سائر بدنه ثم يدلك بدنه بيده وإن توضأ إلا غسل رجليه ثم غسل قدميه آخرا فحسن قال أحمد الغسل من الجنابة على حديث عائشة يعني قولها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده) وقالت ميمونة (وضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه ثم غسل جسده فأتيته بالمنديل فلم يردها وجعل ينفض الماء بيده) متفق عليهما، الضرب الثاني المجزئ وهو أن ينوي ويعم شعره وبدنه بالغسل والتسمية هاهنا كالتسمية في الوضوء فيما ذكرنا ويجب إيصال الماء إلى البشرة التي تحت الشعر وإن كان كثيفا لحديث عائشة ولا يجب نقضه إن كان مضفورا لما روت أم سلمة قالت (قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة قال لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين الماء عليك فتطهرين) رواه مسلم ولا يجب ترتيب الغسل لأن الله تعالى قال (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (المائدة: من الآية6) ولم يقدم بعض البدن على بعض لكن يستحب البداءة بما ذكرناه.

الشيخ: ما هو البداءة بما ذكرناه يعني بالوضوء أولا ثم بالإفاضة على الرأس ثلاثا ثم بغسل سائر الجسد ويبدأ بميامنه.

القارئ: والبداءة بغسل الشق الأيمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في طهوره ولا موالاة فيه لأنه طهارة لا ترتيب فيها فلم يكن فيها موالاة كغسل النجاسة.

ص: 181

الشيخ: ما معنى الموالاة؟ التتابع ولكن هذا القياس الذي قاله رحمه الله فيه نظر يقول إنها طهارة لا ترتيب فيها فلم يكن فيها موالاة كغسل النجاسة هذا القياس معارض بأنها عبادة واحدة فالتفريق بينها يمنع بناء بعضها على بعض وعلى هذا فالموالاة واجبة كيف نقول لرجل اغتسل نصف جسده في الصباح ونصف جسده عند الظهر أين الغسل؟ نعم لو كانت الجنابة نجاسة لقلنا لا بأس أن تغسل جانب الثوب النجس في الصباح وتغسل بقيته في المساء لكن هذه طهارة عن حدث فاشترطت فيها الموالاة كالوضوء هذا القياس الصحيح وأما سقوط الترتيب فيها فلأن البدن في الجنابة عضو واحد فلم يكن فيه الترتيب إذاً فقياس المؤلف رحمه الله معارض بقياسين أصح منه الأول أنها عبادة واحدة فاشترط فيها الموالاة كالصلاة وغيرها.

الثاني ولأنها طهارة عن حدث فاشترط فيها الموالاة كالوضوء هذا هو الصحيح.

السائل: بالنسبة لغسل القدمين؟

الشيخ: القدمين إما أن يؤخر غسلهما كما في حديث ميمونة وإما أن يغسلا مع الوضوء كما في حديث عائشة لأن عائشة تقول توضأ وضوءه للصلاة وميمونة ذكرت أنه أخر وعندي والعلم عند الله أن السبب في تأخير الرسول صلى الله عليه وسلم غسل رجليه في حديث ميمونة أن الماء كان قليلاً والأرض ليست مزفلته كما في أراضينا وإنما هي طين فمن أجل قلة الماء أخر غسل قدميه إلى آخر شيء ويدل لذلك أنه في حديث ميمونة لما غسل فرجه عليه الصلاة والسلام ضرب بيديه الأرض مرتين أو ثلاثا لأن ذلك أسرع في الإنقاء ولم يفعل ذلك في حديث عائشة فكأن الماء قليل والله أعلم فأخر غسل رجليه هذا الظاهر.

السائل: دخول الصحابة المسجد وهم جنب متوضئون ألا يكون صارفاً لحديث إيجاب تحية المسجد؟

الشيخ: أصلا إذا دخل الإنسان المسجد وهو على غير وضوء ما يمكن يصلي ولايلزمه أن يصلي وإنما تلزم تحية المسجد من دخل على وضوء.

فصل

ص: 182

فأما غسل الحيض فهو كغسل الجنابة سواء إلا أنه يستحب لها أن تأخذ شيئا من المسك أو طيب أو غيره فتتبع به أثر الدم ليزيل فورته لما روت عائشة رضي الله عنها (أن امرأة جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تسأله عن الغسل من الحيض فقال خذي فرصة من مسك فتطهري بها فقالت كيف أتطهر بها فقالت عائشة قلت تتبعي أثر الدم) رواه مسلم، فإن لم تجد مسكا فغيره من الطيب فإن لم تجد فالماء كاف وهل عليها نقض شعرها للغسل منه فيه روايتان إحداهما لا يجب لأنه غسل واجب أشبه غسل الجنابة والثانية يجب ليتيقن وصول الماء إلى ما تحته وإنما عفي عنه في الجنابة لأنه يتكرر فيشق النقض فيه بخلاف الحيض.

فصل

القارئ: والأفضل تقديم الوضوء على الغسل للخبر الوارد فإن اقتصر على الغسل ونواهما أجزأه عنهما لقوله الله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) ولم يأمر بالوضوء معه ولأنهما عبادتان من جنس صغرى وكبرى فدخلت الصغرى في الكبرى في الأفعال دون النية كالحج والعمرة وعنه لا يجزئه عن الحدث الأصغر حتى يتوضأ لأنهما نوعان يجبان بسببين فلم يدخل أحدهما في الآخر كالحدود وإن نوى إحداهما دون الأخرى فليس له غيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وإنما لكل امرئ ما نوى).

الشيخ: قوله إن نوى إحداهما يعني نوى الوضوء وتوضأ أو نوى الغسل واغتسل وهذه النية كما رأيتم تقتضي أن تكون الأحوال ثلاثة:

الحال الأول أن ينويهما جميعا فيحصلان له جميعا لحديث (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).

ص: 183

والثانية أن ينوي الحدث الأكبر الجنابة فقط فظاهر كلام المؤلف أنه لا يجزئه عن الوضوء لأنه قال إن نوى أحدهما حصل له والصحيح أنه يجزئه عن الوضوء لقول الله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6) ولم يذكر الوضوء ولأن الحدث حدث أكبر فإذا اغتسل له رفعه فعندنا الآن إن توضأ واغتسل وجعل لكل واحد منهما نية أجزأ وإن اغتسل فقط ونواهما أجزأ وإن اغتسل فقط ونوى الأكبر المذهب لا يجزئ والصحيح أنه يجزي وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ظاهر الآية لقول الله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(المائدة: من الآية6).

السائل: ما الصحيح في نقض الشعر؟

الشيخ: الصحيح عدم وجوب النقض في الحيض لأنه متى وصل الماء إلى أصول الشعر كفى.

السائل: أحسن الله إليكم الآثار عن الصحابة في مسألة اللبث في المسجد للجنب إذا توضأ ضعفها بعض أهل العلم؟

الشيخ: إذا ثبت الضعف فليس فيها حجة لأن الجنب وإن توضأ فهو باق على جنابته لكن من المعلوم أن الوضوء يخفف الجنابة ولهذا ينام الإنسان إذا توضأ وهو جنب ولا ينام إذا لم يتوضأ على خلافٍ في ذلك.

فصل

ص: 184

القارئ: ويجوز للرجل والمرأة أن يغتسلا ويتوضآ من إناء واحد لأن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يغتسل هو وزوجته من إناء واحد يغرفان منه جميعا) متفق عليه وقال ابن عمر (كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد) رواه أبو داود ويجوز للمرأة التطهر بفضل طهور الرجل وفضل طهور المرأة وللرجل التطهر بفضل طهور الرجل وفضل طهور المرأة ما لم تخل به فإن خلت به ففيه روايتان إحداهما يجوز أيضا لما روت ميمونة قالت (أجنبت فاغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليغتسل منه فقلت إني اغتسلت منه فقال إن الماء ليس عليه جنابة) رواه أبو داود ولأنه ماء لم ينجس ولم يزل عن إطلاقه فأشبه فضلة الرجل والثانية لا يجوز للرجل التطهر به لما روى الحكم بن عمرو قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة) حديث حسن قال أحمد رحمه الله: جماعة من الصحابة كرهوه وذكر منهم ابن عمر وعبد الله بن سرجس وخص ما خلت به لقول عبد الله بن سرجس توضأ أنت هاهنا، وهي هاهنا فأما إذا خلت فلا تقربنه ومعنى الخلوة أن لا يشاهدها إنسان تخرج بحضوره عن الخلوة في النكاح وذكر القاضي أنها لا تخرج عن الخلوة ما لم يشاهدها رجل وإنما تؤثر خلوتها في الماء اليسير لأن النجاسة لا تؤثر في الكثير فهذا أولى ولا يخرج الماء الذي خلت به المرأة عن إطلاقه بل يجوز للنساء التطهر به من الحدث والنجاسة وللرجل إزالة النجاسة به لأن منع الرجل من الوضوء به تعبد فوجب قصره على مورده وذكر القاضي أنه لا يزيل النجاسة لأن ما لا يرفع الحدث لا يزيل النجس كالخل وهذا لا يمكن القول بموجبه فإن هذا يرفع حدث المرأة بخلاف الخل.

ص: 185

الشيخ: القول الصحيح في هذه المسألة أنه يجوز للرجل أن يتوضأ ويغتسل بما خلت به المرأة لحديث ميمونة أن الرسول عليه الصلاة والسلام اغتسل بفضلها وقالت إني كنت جنبا فقال (إن الماء لا يجنب) وهذا هو الصحيح والعجب من أصحابنا رحمهم الله أن الحديث (نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يتوضأ بفضل طهور المرأة أو المرأة بفضل طهور الرجل) وأجازوا للمرأة أن تتوضأ بفضل طهور الرجل ولم يجيزوا للرجل أن يتوضأ بفضل طهور المرأة فأخذوا ببعض الحديث وتركوا بعضه مع أن الذي أخذوا به هو الذي جاءت السنة بجوازه فسبحان الله فالصواب الذي لا شك فيه أنه يجوز للرجل أن يتطهر بفضل طهور المرأة التي خلت به والعكس بالعكس.

السائل: كيف نوجه النهي في الحديث؟

الشيخ: هذا على سبيل الأولوية فقط وليس حراماً وكأن النبي عليه الصلاة والسلام والله أعلم أراد أن يغتسل الرجل مع زوجته كما كان هو يفعل لأن ذلك أدعى للمحبة والألفة وأقل تكلفا لأن الإناء يكون واحدا هذا والعلم عند الله.

ص: 186