الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة: الوزغ نص الإمام أحمد على أن له نفسا سائلة لكن العقرب ليس له نفس أبدا ولو تذبحه ما لقيت دماً ولو تضربه بالحجر إلى أن يتقطع ما لقيت دماً أما الذباب ففيه دم لكنه ما يسيل والصراصير ما لها دم وهي طاهره فكل شيء ليس له دم يسيل فهو طاهر أما إذا تولدت من نجاسة فقد سبق لنا أنها نجسة على خلاف فيها أيضا.
باب الآنية
القارئ: وهي ضربان مباح من غير كراهة وهو كل إناء طاهر من غير جنس الأثمان ثمينا كان أو غير ثمين كالياقوت والبلور والعقيق والخزف والخشب والجلود والصفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جفنة وتوضأ من تور من صفر وتور من حجارة ومن قربة وإداوة
الشيخ: الأواني الأصل فيها الحل لقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(البقرة: من الآية29) فأي إناء تستعمله لشرب أو أكل أو وضوء أو غير ذلك إذا اعترض عليك معترض فقل له هات الدليل على التحريم وإلا فالأصل الحل.
القارئ: والثاني محرم وهو آنية الذهب والفضة لما روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) وقال ((الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) متفق عليهما فتوعد عليه بالنار فدل على تحريمه ولأن فيه سرفا وخيلاء وكسر قلوب الفقراء ولا يحصل هذا في ثمين الجواهر لأنه لا يعرفها إلا خواص الناس.
الشيخ: قول المؤلف فدل على تحريمه هل يكتفى بهذا القول أو يقال إنها من الكبائر؟ الصحيح الثاني لأن الوعيد على الشيء يدل على أنه كبيرة من كبائر الذنوب.
القارئ: ويحرم اتخاذها لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالطنبور ويستوي في ذلك الرجال والنساء لعموم الخبر
الشيخ: عندنا ثلاثة أشياء في أواني الذهب والفضة استعمالها في الأكل والشرب واستعمالها في غير الأكل والشرب واتخاذها يعني مثل أن يجعلها زينة أما استعمالها في الأكل والشرب فهو من كبائر الذنوب كما عرفتم وأما استعمالها في غير الأكل والشرب فالمشهور أنه كاستعمالها في الأكل والشرب أي أنه حرام من كبائر الذنوب ولكن الصحيح أنه ليس كذلك وأن استعمالها في غير الأكل والشرب مثل أن نجعلها أوعية للأدوية أو ما أشبه ذلك لا بأس به ودليل ذلك أن أم سلمة راوية الحديث الثاني كان عندها جلجل من فضة والجلجل من جنس الطابوق حق الكحل وحق الزنجبيل والأشياء هذه فعندها جلجل من فضة فيه شعرات من شعرات النبي صلى الله عليه وسلم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم خص فقال (من أكل أو شرب) ومعلوم أن الأكل أو الشرب في مظهره أشد من أن يكون الإناء وعاءً لشيء مخزون عند الإنسان لأن الأكل والشرب عام يشاهده كل أحد ويكثر استعماله ويحصل فيه للإنسان من الفخر والأبهة والتعاظم في نفسه ما لا يحصل فيما لو كان عنده وعاء يخزن فيه دواءً أو ما أشبه ذلك.
الثالث اتخاذها فينظر إن اتخذها لمحرم صار حراما من باب الوسائل وإن اتخذها لحلال فهي حلال كما لو اتخذها لدواء أو غيره وإن اتخذها لمجرد الزينة فينبغي أن يقول إنها حرام لما في ذلك من إضاعة المال فالحاصل أن هذا هو القول الذي أطمئن إليه أما عند الفقهاء رحمهم الله فاستعمالها في الأكل والشرب حرام وفي غير الأكل والشرب حرام واتخاذها حرام يعني كل الثلاثة حرام عندهم.
السائل: أحسن الله إليك أقول ألا ينتقض هذا إذا كان العلة هي كسر قلوب الفقراء أو السرف والخيلاء يعني لا فرق بين الأكل والشرب أو اتخاذه؟
الشيخ: العلة ليست كسر قلوب الفقراء الفقير ينكسر قلبه إذا كان عند الإنسان سيارة فخمة وإذا كان عنده قصر مشيد وإذا كان عليه لباس جميل ولا علة أحسن من تعليل الرسول صلى الله عليه وسلم (فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) يعني أن الدنيا ليست دارا لأن يأكل الإنسان ويشرب فيها في آنية الذهب والفضة وهذا واضح والقول بما ذكر المؤلف فيه نظر لكن لا بأس أن ندعم النص به وإلا فإن الإنسان لو اتخذ مثلا ثياب من مواد فخمة أغلى من الحرير لم نقل له هي حرام لكن لو لبس الحرير قلنا حرام لأن لباس الحرير إنما هو لباس أهل الجنة وهذه أيضا أواني الذهب والفضة أواني أهل الجنة ولهذا قال (إنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة).
السائل: لو قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر الشرب والأكل إلا على سبيل التمثيل لأن غالب الاستخدام يكون في هذا ولكن النهي عام سواء لاستخدام الأكل والشرب أو غير ذلك؟
الشيخ: في هذا نظر لأن أم سلمة رضي الله عنها وهي راوية الحديث أيدت المفهوم وهو قولها (الذي يشرب في آنية الذهب والفضة) ثم إنه من المعلوم إن استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب أعم وأكثر فيحصل فيها للقلب ما يحصل من الأبهة والتعالي والتعاظم بخلاف مثلا ما لو أخذ إناءً من فضة أو وعاءً من فضة وجعله عنده في صندوق أو في خزانة أو ما أشبه ذلك
القارئ: وإنما أبيح للنساء التحلي للحاجة إلى الزينة للأزواج فما عداه تجب التسوية فيه بين الجميع وما ضبب بالفضة أبيح إذا كان يسيرا.
الشيخ: هذا جواب عما لو أورد مورد وقال كيف تقول إن الرجال والنساء سواء في استعمال الذهب والفضة مع أن المرأة يجوز لها التحلي بالذهب والفضة دون الرجل فالمؤلف ذكرالفرق أن المرأة محتاجة التزين للزوج (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)(الزخرف:18) يعني كمن ليس كذلك ومن الذي ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين النساء يعني كمن ليس كذلك وهو الرجل.
القارئ: وما ضبب بالفضة أبيح إذا كان يسيرا لما روى أنس أن قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ((انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة)) رواه البخاري ولا يباح الكثير لأن فيه سرفا فأشبه الإناء الكامل واشترط أبو الخطاب أن يكون لحاجة لأن الرخصة وردت في تشعب القدح وهو لحاجة ومعنى الحاجة أن تدعو الحاجة إلى ما فعله به وإن كان غيره يقوم مقامه وقال القاضي من غير حاجة لأنه يسير إلا أن أحمد كره الحلْقة لأنها تستعمل وتكره مباشرة الفضة بالاستعمال
الشيخ: الحلقة لأنها تستعمل يعني تستعمل وحدها يعني كره الإمام أحمد الحلقة من الفضة للإناء لأنها تستعمل يعني يمسك بها الإناء ويمكن الانفصال عنه وليعلم أن الإمام أحمد إذا قال أكره كذا فإنه للتحريم وإذا قال لا ينبغي فكذلك للتحريم وإذا قال لا يعجبني فهو للكراهة وقيل للتحريم أيضا لأن الإمام أحمد رحمه الله عنده من الورع ما يمنعه أن يقول عن الشيء إنه حرام إلا إذا كان فيه نص فمثل لو سئل عن ميته فسيقول إنها حرام وقول المؤلف تكره مباشرة الفضة بالاستعمال يعني مثلا إذا جاز أن نضبب الإناء بفضة فإنه يكره أن نباشر الفضة مثال ذلك إناء انكسر وضببناه بسلسلة من الفضة فإنه يكره عند الشرب أن يباشر الفضة هذا ما قاله المؤلف ولكن لا دليل على ذلك والصواب أنه إذا أبيحت أبيح مباشرتها ولا حرج.
السائل: ما حكم استعمال الذهب والفضة وجعلها بزابيز للماء؟
الشيخ: الظاهر أن يقال البزابيز وسيلة للشرب وإن كانت تستعمل في الوضوء وفي التغسيل وفي غيره ولكن أيضا تستعمل في الشرب وهذه تحتاج إلى نظر والظاهر لي عدم الجواز.
القارئ: فأما الذهب فلا يباح إلا في الضرورة كأنف الذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((رخص لعرفجة بن سعد لما قطع أنفه يوم الكلاب واتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره أن يتخذ أنفا من ذهب)) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ويباح ربط أسنانه بالذهب إذا خشي سقوطها لأنه في معنى أنف الذهب وذكر أبو بكر في التنبيه أنه يباح يسير الذهب قال أبو الخطاب ولا بأس بقبيعة السيف بالذهب لأن سيف عمر كان فيه سبائك من ذهب ذكره الإمام أحمد وعن مزيدة العصري قال (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة) رواه الترمذي وقال هو حديث غريب
الشيخ: هذه الكلمات اليسيرة انتقل إليها المؤلف من الأواني وإلا في الحقيقة أن محلها في باب اللباس والفقهاء ذكروها في باب الزكاة زكاة الذهب والفضة والقاعدة فيها أن استعمال الذهب والفضة في
اللباس لا يجوز إلا للنساء وبناءً على هذا لا يجوز للإنسان أن يلبس قلما فيه ذهب لأن هذا نوع من اللباس أو يتخذ سلسلة فيها ذهب أو يلبس ساعة فيها ذهب لأن كل هذا من اللباس وأما ما فيه مصلحة وعز للإسلام مثل السلاح كالسيف ونحوه فلا بأس به لأن الفخر والخيلاء والتعاظم أمام الكفار أمر مطلوب حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام قال عن مشية الخيلاء ((إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن)) وأباح لباس الحرير في الحرب وأما ما ذكره من اتخاذ الأنف والسن من الذهب للضرورة فهذا صحيح فإذا قال قائل ما الفرق بين التحلي واتخاذ الأنف فالجواب الفرق بينهما ظاهر لأن اتخاذ الأنف من باب تغطية العيب والتحلي من باب التجمل والكمال فهذا هو الفرق ولهذا نقول لو أن الرجل اتخذ سنا من ذهب للتجمل صار هذا حراما لأنه لا يحل له أن يتجمل بالذهب ولو اتخذه للحاجة صار حلالا وهل للمرأة أن تتخذ سنا من الذهب للتجمل؟ نعم لها أن تتخذ هذا لأنها كما تتجمل بالذهب على صدرها وفي أذنها وفي يدها كذلك أيضا في سنها.
مسألة: إذا أهدي للإنسان ساعة من ذهب وهو رجل فإن كان يمكن إهداءها للنساء أهداها وإذا كانت لا تصلح لباسا للنساء فيستعملها يضعها في مخباته فهذا جائز على رأي شيخ الإسلام فيما أظن وجماعة من العلماء يقولون إن استعمال الذهب في غير اللبس للرجل لا بأس به إلا في الأكل والشرب وهذا ليس أكلا ولا شربا وكذلك القلم الذي يضعه في مخباته الظاهر أنه لا بأس به لكن مشكلتنا إن القلم سيكتب به دائما والكتابة نوع من الاستعمال وإن كان الساعة يظهرها لكن التصاق القلم بيده عند الكتابة أقوى من التصاق الساعة إذا أراد أن ينظر إليها
السائل: أحسن الله إليكم اتخاذ المسدسات من ذهب مثل مسدس مقبضته ذهب؟
الشيخ: داخل في السيف وشبهه فهو جائز
فصل
القارئ: فإن تطهر من آنية الذهب والفضة ففيه وجهان أحدهما تصح طهارته وهذا قول الخرقي لأن الوضوء جريان الماء على العضو وليس بمعصية وإنما المعصية استعمال الإناء والثاني لا تصح اختاره أبو بكر لأنه استعمال للمعصية في العبادة أشبه الصلاة في الدار المغصوبة
الشيخ: الأول هو الصحيح فالصحيح صحة الطهارة من إناء الذهب والفضة لأن التحريم لا يعود إلى استعمال الماء فالماء ليس فيه شيء لكنه يعود إلى استعمال الذهب والفضة عموما وما كان تحريمه خاصا فإنه لا يؤثر في العبادة وأما قول أبو بكر والقياس على الأرض المغصوبة فهو غير متفق عليه وقد قلنا إنه لا يقاس على أصل إلا حيث كان متفقا عليه والصحيح أن الصلاة في الدار المغصوبة أو في الأرض المغصوبة صحيحة هذا هو الصحيح وأن الوضوء بالماء المغصوب صحيح لأنه لا يحرم الوضوء بالماء المغصوب لخصوصيته وإنما المحرم استعمال الماء المغصوب مطلقا في وضوء أو في نظافة أو في غسل ثياب أو غير ذلك
والقاعدة في هذا (أن ما كان النهي واردا عنه بعينه فإنه لا يصح وما كان عاما فإنه على القول الراجح يصح مع تحريم الاستعمال)
مسألة: الآن الأسنان يمكن أن تركب من غير الذهب فهل نقول إن هناك ضرورة الآن؟ نقول نعم فيه ضرورة لأنه ما هو بالضرورة أن يحتاج إلى الشيء بعينه بل أن يضطر إلى شيء يسد هذه الفتحة مثلا ولهذا اتخذ النبي عليه الصلاة والسلام مكان الشعب سلسلة من فضة مع أنه يمكن أن يتخذها من حديد وهم قالوا إن مجرد الحاجة إلى هذا الشيء يكفي ولهذا يربط السن بالذهب مع أنه قد يربط بغيره من المعادن الحديثة ولا يحصل فيها صدأ
(فائدة محررة بيد الشيخ): الأعيان النجسة:
أولاً: كل حيوان محرم الأكل ويستثنى منه:
1.
الآدمي
2.
كل ما لا نفس له سائلة أي ما لا يسيل دمه عند جرحه كالبعوض
3.
كل ما يشق التحرز عنه كالهر ونحوه من الطوافات سوى الكلب.
ثانيا كل خارج من جوف محرم الأكل كالبول والعذرة ونحوهما ويستثنى من ذلك:
1.
مني الآدمي ولبنه وريقه ومخاطه وعرقه وكذلك قيئه إلا أن يمنع من ذلك إجماع
2.
العرق والريق والمخاط من حيوان طاهر في الحياة
3.
الخارج مما لا نفس له سائلة كقيء الذباب وعذرته ونحوه عند بعض العلماء لمشقة التحرز منه
ثالثا جميع الميتات ويستثنى من ذلك
1.
ميتة الآدمي
2.
ميتة حيوان البحر.
3.
ميتة ما لا نفس له سائلة
رابعا كل جزء انفصل من حيوان ميتته نجسة ويستثنى من ذلك:
1.
ما لا تحله الحياة وهو الشعر والصوف والوبر والريش فهذه طاهرة ولو كان الحيوان ميتته نجسة والشعر للبقر وشبهها والصوف للضأن والوبر للإبل والريش للطير 2. القرن والعظم عند شيخ الإسلام ابن تيمية.
خامسا الدم من آدمي أو حيوان ميتته نجسة ويستثنى من ذلك
1.
دم الشهيد عليه
2.
المسك ووعاؤه
3.
الدم الباقي في اللحم والعروق بعد الذكاة الشرعية
أما الدم من حيوان ميتته طاهرة فهو طاهر مثل دم السمك فلو انجرحت سمكة وهي حية في الماء فإنه طاهر ويحتمل طهارة دم الآدمي ما لم يخرج من السبيلين لأن ميتته طاهرة فيكون دمه كدم حيوان البحر ولأن الجزء المنفصل منه في الحياة طاهر فطهارة الدم من باب أولى.
سادسا ما تحول من الدم النجس كالقيح والصديد وماء الجروح واختار شيخ الإسلام ابن تيمية طهارة ذلك لعدم الدليل على نجاسته وهو الصحيح.
سابعا الخمر وهو كل مسكر من أي نوع كان والإسكار تغطية العقل على وجه الطرب واللذة وأما البنج وشبهه فلا يسمى مسكرا لأنه ليس على سبيل الطرب واللذة بخلاف الخمر والراجح أن الخمر ليس بنجس لعدم الدليل على نجاسته بل الدليل قائم على طهارته كما قد بين في موضع آخر
ويعفى عن النجاسات فيما يأتي:
أولا يسير الدم وما تولد منه إلا دم الحيض.
ثانيا يسير المذي وسلس البول مع كمال التحفظ.
ثالثا يسير القيء على القول بنجاسته.
رابعاً يسير بول الحمار والبغل ويسير روثهما عند من يلابسهما كثيرا.
خامسا يسير ذرق الخفاش ونحوها من الطيور التي يشق التحرز منها عند بعض العلماء والذرق الذي يخرج من دبره.
سادسا يسير جميع النجاسات عند شيخ الإسلام ابن تيمية حتى المغلظ وشيخ الإسلام رحمه الله يقول اليسير هذا يعفى عنه لأنه يشق التحرز منه غالبا والدين يسر فلو مثلا نجد شيء مثل جب الإبرة من نجاسة ولو مغلظة يقول إنه يعفى عنه لكن أكثر العلماء على خلاف كلامه رحمه الله.
فصل في أواني الكفار
القارئ: أحدهما من لا يستحل الميتة كاليهود فأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال لأن النبي صلى الله عليه وسلم (أضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة فأجابه) رواه أحمد في المسند وتوضأ عمر رضي الله عنه من جرة نصرانية.
والثاني من يستحل الميتات والنجاسات كعبدة الأوثان والمجوس وبعض النصارى فما لم يستعملوه من آنيتهم فهو طاهر وما استعملوه فهو نجس لما روى أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال (قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها) متفق عليه، وما شك في استعماله فهو طاهر وذكر أبو الخطاب أن أواني الكفار كلها طاهرة وفي كراهية استعمالها روايتان إحداهما تكره لهذا الحديث والثانية لا تكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل فيها
الشيخ: المؤلف رحمه الله تكلم عن آواني الكفار التي يستعملونها فإن كانوا ممن لا يستحل الميتة فأوانيهم طاهرة وإن كان ممن يستحلون الميتة نظرنا إن كانوا يستعملون هذه الأواني كأواني طبخهم وما أشبه ذلك فإنها لا تستعمل حتى تغسل لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها) أما إذا شككنا هل هم يستعملونها أو لا فهي طاهرة لأن الأصل الطهارة فإن قال قائل إذا كانوا يستعملونها كيف نقول إنها نجسة مع أنه يحتمل أنهم لا يستعملونها في اللحم ربما يستعملونها في الطبخ بدون لحم قلنا هذا من باب تغليب الظاهر على الأصل فصحيح أن الأصل الطهارة لكن لما كان الغالب عند الناس الذين يستعملونها في الأواني أنهم يستعملونها في الطبخ ومنه طبخ اللحم واللحم عندهم لا يحل لأنهم يأكلون ميتة غلبنا الظاهر وقال بعض أهل العلم بل آنيتهم كلها طاهرة لأن هذا هو الأصل وإنما نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الأكل فيها من أجل أن لا نكون معهم وأن لا نخالطهم لأننا إذا أكلنا في أوانيهم صاروا يأخذون منا الأواني ونأخذ منهم وصار بيننا وبينهم ارتباط قال ودليل ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها) ومعلوم أنه لو ثبتت نجاسة آنية الكفار وغسلناها لكانت طاهرة يجوز الأكل فيها حتى وإن كان عندنا شيء ولكن النبي عليه الصلاة والسلام نهانا عن ذلك لأجل أن لا نلجأ إليهم ولا نخالطهم إلا عند الضرورة وأما الأمر بغسلها فهو من باب التنزه لئلا يكون فيها شيء متلوث بنجاسة والذي يظهر لي أن الشارع أمرنا أن نبتعد عن الكفار وأن لا نمتزج بهم وأن لا نختلط وأمرنا بالغسل على سبيل التنزه والاحتياط.
السائل: أحسن الله إليكم ما هو الدليل على أنهم قوم يستحلون الميتة؟
الشيخ: أهل الكتاب الغالب عليهم نصارى وبعضهم يستحل الميتة لأن النصارى في باب النجاسات متهاونين جدا يصلي الإنسان منهم في ثوبه الذي قد بال فيه ولا يتطهر من البول واليهود بالعكس يشددون إذا تنجس الثوب عندهم لا يطهر إلا بالقرض يقصه بالمقص ويقطع الذي أصابته النجاسة.
القارئ: فأما ثياب الكفار فما لم يلبسوه أو علا من ثيابهم كالعمامة والطيلسان فهو طاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ثيابا من نسج الكفار وما لاقى عوراتهم فقال أحمد أحب إلي أن يعيد إذا صلى فيها فيحتمل وجوب الإعادة وهو قول القاضي لأنهم يتعبدون بالنجاسة ويحتمل أن لا تجب وهو قول أبي الخطاب لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك
الشيخ: ثياب الكفار كما قال المؤلف ما لم يلبسوه فهو طاهر لا إشكال فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وأما ما لبسوه فينبغي أن يقال إن كانوا ممن يعرف بتوقي النجاسة كاليهود فلا كراهة في ثيابهم وإن كانوا ممن لا يعرفون بذلك بل ممن يتعبدون وهم على نجاسة مثل النصارى فإننا لا نلبس الثياب إلا عند الحاجة وإذا احتجنا إليها إن أمكن غسلها فهو الأفضل كما في الأواني وإن لم يمكن فلا حرج وإذا لم نحتج إليها فلا ينبغي أن نلبسها ولكن هل تجب إعادة الصلاة إذا لبسناها أو لا؟ الصحيح أنها لا تجب فالاحتمال الثاني هو الصحيح.
السائل: إذا كان لا يجب إعادة الصلاة إذا صلى بثياب الكفار فهل يستحب؟
الشيخ: ثياب الكفار ثلاثة أقسام:
الأول ما لم يلبسوه.
والثاني ما لبسوه ولكنهم عرفوا بتجنب النجاسة فهذان لا كراهة فيها ولا تحريم.
الثالث ما لبسوه وهم ممن عرفوا بالتعبد بالنجاسة فهذا نقول لا تلبسه إلا عند الحاجة والضرورة وإذا احتجت فاغسل أولاً فإن لم يمكن فصلِّ ولا إعادة.
مسألة: ما رأيكم لو اضطر إلى الصلاة بنجس يعني عنده ثوب نجس سواء من ثيابه أو من ثياب الكفار ولم يجد شيئا فهل يصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال بعض أهل العلم يصلي عريانا وقال بعضهم يصلي فيه ويعيد وقال آخرون يصلي ولا يعيد والأصح الأخير أما المذهب يصلي ويعيد فلو بقي شهراً أعاد صلاة الشهر كله والصحيح خلاف ذلك.
فصل
القارئ: وجلود الميتة نجسة ولا تطهر بالدباغ في ظاهر المذهب لقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(المائدة: من الآية3) والجلد جزء منها وروى أحمد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال قرئ علينا كتاب رسول الله في أرض جهينة وأنا غلام شاب أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب قال أحمد ما أصلح إسناده تعجب منه ولأنه جزء من الميتة نجس بالموت فلم يطهر كاللحم وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهرا حال الحياة لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ((وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة فقال ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به قالوا إنها ميتة قال إنما حرم أكلها)) متفق عليه ولا يطهر جلد ما كان نجسا لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن جلود السباع وعن مياثر النمور)) رواه الأثرم ولأن أثر الدبغ في إزالة نجاسة حادثة بالموت فيعود الجلد إلى ما كان عليه قبل الموت كجلد الخنزير وهل يعتبر في طهارة الجلد المدبوغ أن يغسل بعد دبغه؟ على وجهين أحدهما لا يعتبر لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أيما إهاب دبغ فقد طهر)) متفق عليه، والثاني يعتبر لأن الجلد محل النجس فلا يطهر بغير الماء كالثوب
الشيخ: هذا الفصل كما رأيتم في حكم جلود الميتة بين المؤلف أن جلد الميتة نجس واستدل له بقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(المائدة: من الآية3) والجلد منها ولكن الاستدلال بهذه الآية لا يتم لأن الآية فيها تحريم الميتة وليس فيها نجاسة الميتة ولا يلزم من التحريم النجاسة لكن يلزم من النجاسة التحريم ولهذا نقول (كل نجس محرم وليس كل محرم نجسا) لكن الدليل الصحيح قوله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)(الأنعام: من الآية145) هذه هي الآية الصريحة (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) وقد ذكر الميتة إذاً جلود الميتة نجسة لأن الميتة نجسة والجلود منها ولكن إذا دبغت فهل تطهر أو لا تطهر؟ في هذا أقوال للعلماء منهم من قال لا تطهر مطلقا ومنهم من قال تطهر مطلقا ومنهم من قال يطهر جلد ما كان طاهراً في الحياة ومنهم من قال يطهر جلد ما تبيحه الذكاة فالذين قالوا بأنه يطهر مطلقا قالوا إن النبي عليه الصلاة والسلام قال (أيما إهاب دبغ فقد طهر) وإهاب نكرة في سياق الشرط فيعم كل إهاب سواء كان ممن ميتته طاهرة أو مما تحله الذكاة أو من غير ذلك فإنه يطهر والقول الثاني يقول لا يطهر مطلقا وحجتهم ما أشار إليه المؤلف حديث عبدالله بن عكيم قال (قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض جهينة وأنا غلام شاب أن لا
تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) وهذا كما رأيتم إن صح عام يمكن أن يخصص فيقال لا تنتفع من الميتة بإهاب إلا إذا دبغتموه فيكون عاما فيحمل على الخاص فيقال هذا ما لم يدبغ بدليل أنه قرنه بالعصب والعصب لا يدبغ فإذا صح الحديث فالمراد به الإهاب الذي لم يدبغ فلا ينتفع به وقالوا أيضا دليل آخر غير الحديث كما أن لحم الميتة لا يطهر بالطبخ مع أن الطبخ يزيل ما فيه من الخبث فكذلك الجلد لا يطهر بالدبغ وهذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة عند المتأخرين لكنهم قالوا يجوز الانتفاع به في اليابسات فقط وبعد الدبغ فقط القول الثالث يقول يطهر جلد ما كان طاهراً في الحياة مثل الهر والحمار على قول والبعير والشاة والمأكول مطلقاً لأنه طاهر في الحياة وعللوا ذلك بأن هذا الجلد كان في الحياة طاهرا فلما حل به الموت صار نجسا فإذا دبغ عاد إلى حاله الأولى فيكون طاهراً والقول الرابع أنه يطهر جلد ما تحله الذكاة فقط واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (دباغ جلود الميتة ذكاتها) فجعل الدبغ بمنزلة الذكاة والذكاة لا يجري حكمها إلا فيما تبيحه الذكاة وعلى هذا فيطهر جلد الغنم والبقر والإبل والضباع والأرانب دون جلود السباع والهرة وما أشبه ذلك وأقرب الأقوال أنه يطهر جلد ما تحله الذكاة هذا أقرب الأقوال ويدل له حديث ميمونة لما قالوا له إنها ميتة (قال إنما حرم أكلها) وفي لفظ (يطهرها الماء والقرض).
فصل
القارئ: وعظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها نجس لا يطهر بحال لأنه جزء من الميتة فيدخل في عموم قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(المائدة: من الآية3) والدليل على أنه منها قوله تعالى (قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
…
(78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) (يّس: من الآية79) ولأن دليل الحياة الإحساس والألم والضرس يألم ويحس بالضرس وبرودة الماء وحرارته وما فيه حياة يحله الموت فينجس به كاللحم
الشيخ: يقول المؤلف عظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها نجس أما عظمها فظاهر نجاسته لأنه داخل اللحم والدم والعروق وكما قال المؤلف في قوله تعالى (قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا) (يّس: من الآية79) فقال يحيها فدل ذلك على أن الحياة تحلها وأما الظفر والقرن والحافر فلا تدخل نجاسته وذلك لأنه منفصل يعني غير مخبأ باللحم ولا يحله الدم ولهذا كان الحيوان الذي ليس له دم طاهرا في الحياة وبعد الموت فالصحيح أن يقال في كلام المؤلف أن القرن والظفر والحافر طاهر وأما العظم الذي يكون داخل اللحم فإنه نجس وقد سمعتم قبل قليل أن شيخ الإسلام رحمه الله يرى أن الكل طاهر ويستدل على طهارة العظام بأن (ما لا نفس له سائلة ميتته طاهرة) لأنه ليس له دم ويقول إن العظم لا يدخل فيه الدم فلذلك يرى أنه طاهر ولكنه يرى أنه طاهر تنجس بملاقاة اللحم النجس وعلى هذا إذا أردت أن تستعمله فلابد من غسله.
فصل
القارئ: وصوفها ووبرها وشعرها وريشها طاهر لأنه لا روح له فلا يحله الموت لأن الحيوان لا يألم بأخذه ولا يحس ولأنه لو كانت فيه حياة لنجس بفصله من الحيوان في حياته لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أبين من حي فهو ميت) رواه أبو داود بمعناه.
الشيخ: هذا واضح لكن بعض العلماء اشترط أن يجز جزا لا أن يقلع قلعا لأنه إذا جز فإن أصوله التي في الجلد لا تتبعه وإذا قلع قلعا فإن أصوله تتبعه فتكون أصول هذا الشعر نجسة وهذا أقرب وأحوط أنه لا يقلع قلعاً وإنما يجز.
مسألة: القرن له غلاف وله أصل فأصله هذا مثل العظم متصل تماما بالرأس ما يمكن قلعه والغلاف هو الذي يقلع.
فصل
القارئ: وحكم شعر الحيوان وريشه حكمه في الطهارة والنجاسة متصلا كان أو منفصلا في حياة الحيوان أو موته فشعر الآدمي طاهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم ((ناول أبا طلحة شعره فقسمه بين الناس)) رواه الترمذي وقال حديث حسن واتفق على معناه ولولا طهارته لما فعل ولأنه شعر حيوان طاهر فأشبه شعر الغنم
الشيخ: وشعر الغنم والوبر قال الله تعالى (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ)(النحل: من الآية80) ولكن شيخ الإسلام رحمه الله يرى وغيره من العلماء أن الشعر طاهر من كل حيوان حتى من الكلب وبناءً على ذلك نقول ليس في الشعور شيء نجس وهذا الذي قاله شيخ الإسلام فيه تيسير على الناس بالنسبة للكلب خاصة لأن الصبيان الآن يلعبون في الكلاب أليس كذلك؟ بعضهم ربما يقبل شفة الكلب لأن كلبه قد ملأ قلبه حبا وبعضهم أيضا يمسحه والمشهور من المذهب أنه إذا مسح الشعر ويده رطبة يجب أن يغسل يده سبع مرات إحداها بالتراب فقول شيخ الإسلام فيه تخفيف على الناس وليس هناك دليل واضح أن شعر الكلب يكون كريقه وقد ذهب بعض العلماء خصوصا الظاهرية إلى أن نجاسة الكلب كغيرها من النجاسات إلا في الولوغ فقط قالوا إذا ولغ يجب أن يغسل سبع مرات إحداها بالتراب وغير ذلك بوله وعذرته وما يخرج منه حكمه كغيره من السباع يعني يغسل حتى تزول النجاسة فقط وهذا القول له قوة ولكن لا شك أن الاحتياط أن تغسل نجاساته كلها بسبع غسلات إحداها بالتراب لكن الشعر القول بطهارته وجيه جدا لأن الشعر كما عرفتم لا تحله الحياة
مسألة: عند شيخ الإسلام ما تولد من النجاسة فليس بنجس لأنه استحال فصراصر الكنيف على كلام الشيخ رحمه الله طاهرة وعلى المشهور من المذهب نجسة لأنها متولدة من نجس
فصل
القارئ: ولبن الميتة نجس لأنه مائع في وعاء نجس وأنفحتها نجسة لذلك وعنه أنها طاهرة لأن الصحابة رضي الله عنهم أكلوا من جبن المجوس وهو يصنع بالأنفحة وذبائحهم ميتة فأما البيضة فإن صلب قشرها لم تنجس كما لو وقعت في شيء نجس وإن لم يصلب فهي كاللبن وقال ابن عقيل لا تنجس إذا كان عليها جلدة تمنع وصول النجاسة إلى داخلها
الشيخ: هذا أيضا مهم لبن الميتة نجس لأنه مائع في وعاء نجس هذا هو الصحيح فلو أن شاة ماتت ثم شققنا بطنها وأخرجنا ضرعها وعصرنا ما فيه من اللبن كان هذا اللبن نجسا واختار شيخ الإسلام أنه طاهر لأنه تولد قبل الموت خرج من بين فرث ودم قبل أن تموت فكان طاهرا لكن ما ذكره المؤلف هو الصحيح لأننا نقول هب أنه تولد من البهيمة قبل أن تموت وهو طاهر لكنه لاقى النجاسة وماهي النجاسة؟ الوعاء.
فالوعاء لاقى النجاسة فلبنها نجس واستثنى بعض العلماء الأنفحة وقال إنها طاهرة فما هي الأنفحة؟ الأنفحة هي لبن الرضيع أول ما يرضع فالحيوان أول ما يسقط من بطن أمه ويرضع هذا الرضاع الأول الذي هو اللبأ يكون أشد من الجبن تجبينا للأشياء ومن عادتهم أنهم إذا ذبحوا هذه الحيوانات الصغار أنهم يأخذون المعدة ثم يأخذون ما فيها من اللبن ويصير أعظم من أي جبن على وجه الأرض لو تحط فيه شيء قليل من الماء جمد ونذكر أن المرق الذي يطبخ فيه هذا الطفل الصغير يتجمد إذا برد تقول كأنه كريمة أو شيء جامد مرة هذه هي الأنفحة إذاً الأنفحة هي عبارة عن اللبأ الذي يرضعه الحيوان عند وضعه ولكن أين تكون الأنفحة هل هي في الضرع أو في المعدة؟ تكون في المعدة فقياسها على اللبن فيه نظر لأن اللبن ليس يبقى في الضرع كما يبقى اللبن في المعدة ولكن اللبن متخلل في الضرع متخلل فيها مختلط بها فبينهما فرق وأما الاستدلال بفعل الصحابة وأنهم يأكلون من جبن المجوس فهذا له مأخذان المأخذ الأول أن الأنفحة ليست بنجسة والمأخذ الثاني أن الجبن لا يخلط فيه شيء كثير من الأنفحة وإنما يخلط بشيء يسير يستهلك في اللبن فلذلك كانوا يأكلون الجبن.
فصل
القارئ: ولبن الميتة نجس لأنه مائع في وعاء نجس وأنفحتها نجسة لذلك وعنه أنها طاهرة لأن الصحابة رضي الله عنهم أكلوا من جبن المجوس وهو يصنع بالأنفحة وذبائحهم ميتة فأما البيضة فإن صلب قشرها لم تنجس كما لو وقعت في شيء نجس وإن لم يصلب فهي كاللبن وقال ابن عقيل لا تنجس إذا كان عليها جلدة تمنع وصول النجاسة إلى داخلها
الشيخ: يعني بيضة الميتة فإذا ماتت دجاجة وفيها بيضة فهل تنجس أولا؟ الجواب إن صلب قشرها لم تنجس لكن يغسل القشر لأنه لاقى النجاسة وإن لم يصلب نجست وقال ابن عقيل رحمه الله لا تنجس مادام القشر يمنع وصول النجاسة إليها وقوله أصح لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما وقوله كما لو وقع في ماء نجس واضح لو أن بيضة طبخت في ماء نجس لكانت حلالا ولا تنجس بذلك لأن القشر يمنع وصول الماء
السائل: ماهي الانفحة؟
الشيخ: أنا قلت لكم إن طفل الغنم أو طفل البقر أو طفل الضأن أي شيء إذا رضع أول رضعة وملأ بطنه فهذا اللبن يكون أنفحة ويجبن الأشياء يجعل الماء جامداً هذه الأنفحة اختلف العلماء فيها منهم من قال إنها طاهرة ومنهم من قال إنها نجسة والذين قالوا بطهارتها استدلوا بأن الصحابة كانوا يأكلون جبن المجوس وهو من أنفحة ذبائحهم وذبائحهم ميتة لأنها لا تحل لأنهم ليسوا أهل كتاب والذين قالوا بأنها نجسة قالوا إنها لبن يسير لاقى محلا نجسا فتنجس به وذكرنا لكم أن الأقرب أنها نجسة ولكن يجاب عن فعل الصحابة رضي الله عنهم بأنه يؤخذ منها شيء يسير يخلط باللبن فيتجبن والشيء اليسير إذا لم يظهر طعمه ولا ريحه فإنه لا يؤثر حتى العلماء قالوا لو أنه خلط ماء بخمر ولم يتغير فإنه لا يكون حراما لأن المستهلك في غيره لا حكم له
فصل
القارئ: وكل ذبح لا يفيد إباحة اللحم لا يفيد طهارة المذبوح كذبح المجوسي ومتروك التسمية وذبح المحرم للصيد وذبح الحيوان غير المأكول لأنه ذبح غير مشروع فلم يطهر كذبح المرتد