الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الصلاة)
الشيخ: ما يمكن يزول الماء إلا بالعصر إذا اشترطنا العدد.
القارئ: والثانية لا يعفى عنها لعدم ورود الشرع فيها.
الشيخ: عند شيخ الإسلام رحمه الله يرى أنه يعفى عن كل يسير من النجاسات حتى من رشاش البول ولكن الصحيح أن البول وما وردت السنة بغسله لا يعفى عنه كدم الحيض والاستحاضة وأما الدم الخارج من غير السبيلين ........ (1) لأنه ليس في السنة ما يدل على أن ما يخرج من الآدمي نجس من الدم إلا ما خرج من السبيلين والقاعدة الشرعية أن ما أبين من حي فهو كميتته ميتة الآدمي طاهرة وقد ذكر الفقهاء أنفسهم رحمهم الله أن دم السمك طاهر لأن ميتته طاهرة فكذلك الآدمي ولأنه لو قطعت يده لكانت طاهرة مع أنها ........ فالذي يظهر لي أن الدم ليس بنجس ما لم يخرج من السبيلين وما ادعي من الإجماع على نجاسته ففيه نظر فإن الخلاف فيه ثابت نعم لو تحققنا أن العلماء أجمعوا على نجاسته لحكمنا بالنجاسة ثم إذا حكمنا بالنجاسة نحتاج إلى دليل عن العفو عنها والأدلة كما ترون كلها تدل على أن الصحابة يصلون في دمائهم بجروحهم وتصيبهم البثرة وما أشبه ذلك أما ما استحال من الدم كالقيح والصديد فإن شيخ الإسلام يرى أنه طاهر يقول لأن هذا ليس بدم هذا استحال وكذلك ماء الجروح التي تحصل من حرق النار وشبهها فإنه طاهر.
القارئ: وفي النبيذ روايتان إحداهما يعفى عن يسيره لوقوع الخلاف فيه والثانية لا يعفى عنه لأن التحرز عنه ممكن وما عدا هذا من النجاسة لا يعفى عنه شيء منه ما أدركه الطَرْف منها وما لم يدركه لأنها نجاسة لا يشق التحرز منها فلم يعفَ عنها كالكثير.
السائل: النجاسة لا تذهب في الغالب إلا بثلاث مع أن حديث (إذا استيقظ أحدكم .... ) لا يدل على نجاسة اليد؟
الشيخ: نعم لا يدل على نجاستها لكن يدل على أنه لابد من غسلها ثلاثاً (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده).
(1) هذه النقاط ( ........ ) تعني أن هناك سقطاً.
السائل: حديث (إذا استيقظ أحدكم من نومه
…
) إذا قلنا إنها من أجل النجاسة وهي نجاسة متوهمة أليس القياس في النجاسة المحققة من باب أولى فإما أن يقول بالتعبد أو يلزم بغسل الثلاث يعني إذا كان التوهم تغسل ثلاثة وهو قد تكون نجاسة أو لا تكون؟
الشيخ: من قال إنه توهم النجاسة؟! لأنك لو وضعت يدك في جراب وحزمتها وربطتها تيقنت أنه ما أصابها النجاسة ولا يقال تعبدياً لكن هذا يشبه قول الرسول عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان يبيت على خيشومه) لما أمر المستيقظ بأن يستنثر ثلاثاً قال (فإن الشيطان يبيت على خيشومه) فهذه الأيدي ربما أن للشيطان فيها عملاً يكون ضاراً على الإنسان وإن لم يكن نجساً.
السائل: هناك يا شيخ حيوان بحري يسمى حبار إذا حس بالخطر يخرج مادة كالحبر فهل هذه المادة نجسة؟
الشيخ: لدينا قاعدة كل ما خرج من مأكول فهو طاهر البول من المأكول طاهر والروث من المأكول طاهر والقيء من المأكول طاهر.
كتاب الصلاة
القارئ: الصلوات المكتوبات خمس لما روى طلحة بن عبيد الله أن أعرابياً قال (ماذا فرض الله علي من الصلاة قال خمس صلوات في اليوم والليلة قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع شيئاً) متفق عليه ولا تجب إلا على مسلم عاقل.
الشيخ: وهذا هو الصحيح أن الوتر ليس بواجب لأن الحديث صريح في أنه ليس عليه غيرها وأما ما له سبب كالكسوف وصلاة الجنازة وما أشبهها فهذه مربوطة بأسبابها وصلاة الكسوف فيها خلاف هل هي واجبة أو لا؟ والصحيح أنها واجبة وأنها فرض كفاية لكن لسبب كما قال بعض العلماء بأن تحية المسجد واجبة لأنها ذات سبب أما الصلوات اليومية فإنه لا يجب إلا الصلوات الخمس فقط فإن قال قائل والجمعة قلنا الجمعة في وقت الظهر.
القارئ: ولا تجب إلا على مسلم عاقل بالغ فأما الكافر فلا تجب عليه أصلياً كان أو مرتدا وخرج أبو اسحاق بن شاقلا في رواية أخرى أنها تجب على المرتد ولا يؤمر بقضائها لأنه اعتقد وجوبها وأمكنه التسببُ إلى أدائها فأشبه المسلم والمذهب الأول لقول الله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) ولأنه قد أسلم كثير في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبعده فلم يؤمروا بقضاء ولأن في إيجاب القضاء تنفيراً له عن الإسلام فعفي عنه.
الشيخ: وهذا هو الفائدة من قولنا إنها لا تجب على الكافر أنه لا يؤمر بقضائها إذا أسلم وأما العقوبة عليها فيعاقب عليها ولهذا إذا سألهم أصحاب اليمين (مَاسَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46)) فهم يعاقبون عليها في الآخرة لكن لا يؤمرون بقضائها إذا أسلموا ولا يؤمرون بفعلها ما داموا على الكفر لأنها لا تقبل منهم بل إن الكافر يعاقب على الأكل والشرب واللباس لقول الله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فهي للمؤمنين خالصة يوم القيامة وللكافرين غير خالصة.
القارئ: ولا تجب على مجنون لقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) هذا حديث حسن ولأن مدته تتطاول فيشق إيجاب القضاء عليه فعفي عنه.
ولا تجب على الصبي حتى يبلغ للحديث ولأن الطفل لا يعقل والمدة التي يكمل فيها عقله وبنيته تخفى وتختلف فنصب الشرع عليه علامة ظاهرة وهي البلوغ لكنه يؤمر بها لسبع ويضرب عليها لعشر ليتمرن ويعتادها فلا يتركها عند بلوغه وتصح صلاته ويستحب له فعلها لما ذكرنا وعنه أنها تجب عليه إذا بلغ عشرا لكونه يعاقب على تركها.
الشيخ: كيف يعاقب بأي شيء؟ بالضرب عليها.
القارئ: والواجب ما عوقب على تركه والأول المذهب فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في الوقت لزمته إعادتها لأنه صلاها نفلاً فلم تجزه عما أدرك وقته من الفرض كما لو نواها نفلا.
الشيخ: والصحيح خلاف ذلك أن الصبي إذا صلى ثم بلغ بعد الصلاة فإنه لا يؤمر بها لأنه فعل ما أمر به فسقطت المطالبة به قولهم إنه فعلها على نفل قلنا نعم فعلها على نفل لأنها وقعت في حال قبل أن يبلغ وأما ........ الظهر الصبي هذا الذي صلى ينويها صلاة الظهر لكنها نافلة لوصف يتعلق به هو لا بها هي.
القارئ: وإن بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو أسلم الكافر أو طهرت الحائض قبل غروب الشمس لزمتهم الظهر والعصر وإن كان ذلك قبل طلوع الفجر لزمتهم المغرب والعشاء لأن ذلك يروى عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس ولأن وقتهما وقت لكل واحدة منهما حال العذر فأشبه ما لو أدرك جزءاً من وقت الأولى وإن بلغ في وقت الفجر.
الشيخ: هذه المسألة فيها مناقشتان الأولى إذا طهرت المرأة أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو أسلم الكافر قبل خروج وقت الثانية مما يجمع بعضهما إلى بعض فذكر المؤلف أنه تلزمه الصلاتان الأولى والثانية والصحيح أنه لا تلزمه إلا الثانية فقط لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وفي رواية أخرى (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) ولم يبين أن عليه الظهر ولأن الأثر المروي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس في صحته نظر وحتى لو صح عنهما فالدليل يخالفه فالصواب أنه لا يلزمها إلا ما أدركت وقته فقط فإذا طهرت قبل مغيب الشمس ماذا يلزمها؟ العصر فقط وكذلك إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو أسلم الكافر.
المناقشة الثانية قوله وإن كان ذلك قبل طلوع الفجر لزمتهم المغرب والعشاء الصواب أنه لا يلزمهم لا مغرب ولا عشاء إذا كان ذلك بعد منتصف الليل لأن وقت العشاء ينتهى بنصف الليل فإن الآية والأحاديث تدل على ذلك أما الآية فقال الله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) ثم فصل فقال (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) ولو كان وقت العشاء متصلاً بالفجر لقال أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى طلوع الشمس ثم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص حديث جبريل كلها صريحة بأن منتهى صلاة العشاء نصف الليل وإذا كان هذا هو المنتهى فلا يمكن أن نزيد الوقت من عند أنفسنا ولأن القياس يقتضي ذلك فإن ما بين الفجر إلى الظهر نصف النهار وما بين انتهاء صلاة العشاء إلى الفجر نصف الليل فكان هذا مقابل هذا وأما قوله رحمه الله ولأن وقتهما وقت لكل واحدة منهما حال العذر فأشبه ما لو أدرك جزءاً من وقت الأولى فهذا فيه نظر أولاً يقال له إن الوقت وقت لكل واحدة منهما حال العذر صحيح لكن هذا فيمن يلزمه الصلاتان هذه واحدة ثم إن هذا منقوض بما لو أتاها الحيض بعد دخول وقت الظهر في منتصف وقت الظهر أتاها الحيض وهي ولم تصلي الظهر هل تلزمها صلاة العصر؟ لا إذاً ما الفرق؟!
وقوله فأشبه ما لو أدرك جزءاً من وقت الأولى هذا غريب لأنه لو أدرك جزءاً من وقت الأولى فقد أدرك الوقتيين جميعاً إذا أدرك جزءاً من وقت الأولى فالثانية بالتأكيد أدركها سبحان الله أحياناً تجري من العلماء الفطاحل أشياء يعرفها صغار طلبة العلم وهذا يدلنا على أن الإنسان بشر مهما كان لابد أن يدخل عليه النقص.
القارئ: وإن بلغ في وقت الفجر لم يلزمه غيرها لأن وقتها مختص بها.
وتجب الصلاة على المغمى عليه لمرض أو شرب دواء وعلى السكران لأن عماراً أغمي عليه فقضى ما فاته ولأن مدته لا تتطاول ولا تثبت الولاية عليه فوجبت عليه كالنائم.
الشيخ: قوله تجب الصلاة على المغمى عليه لمرض والصحيح أن من أغمي عليه لمرض لا تجب عليه الصلاة لأن هذا الإغماء بغير اختياره ولا يمكن قياسه على النائم لأن النائم إذا أوقظ استيقظ وإذا سمع أصوات عنده أحس بها بخلاف هذا وأما قوله ولا تثبت عليه الولاية كالنائم فسبحان الله العظيم نحن الآن في مقام الولاية أو في مقام وجوب الصلاة أحياناً يقولون أقيسة غريبة وأما من شرب دواءً أو سكر فإن الصلاة تجب عليه لأن هذا حصل باختياره فلزمته والسكران من باب أولى لكن قد يقول قائل ألستم تقولون إذا أخر الصلاة عن وقتها متعمداً فإنه لا يقضيها قلنا بلى لكن هل هذا شرب الدواء لئلا يصلي إن شربه لئلا يصلي قلنا ما تقبل صلاته بعد ذلك كذلك إن سكر لئلا يصلي فإنه لا يقضيها لأنه كالذي أخرها بدون سكر وبدون شرب دواء.
فصل
القارئ: ومن وجبت عليه الصلاة لم يجز له تأخيرها عن وقتها إذا كان ذاكراً لها قادراً على فعلها إلا المتشاغل بتحقيق شرطها ومن أراد الجمع لعذر.
الشيخ: قال من وجبت عليه الصلاة لم يجز له تأخيرها عن وقتها لأن الله قال (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) هذا إن كان ذاكراً لها فإن كان ناسياً صلاها إذا ذكر لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
قوله (قادراً على فعلها) هذا فيه نظر لأنه ما من إنسان إلا ويقدر فلا يقول إنسان والله أنا ما أقدر أصلي الآن سأخرها إلى الوقت الثاني فالصواب أن الإنسان يصلي على حسب قدرته ولا حاجة لأن يشترط قادراً على فعلها.
قوله (إلا لمتشاغل بتحقيق شرطها) هذا أيضاً فيه نظر من وجهين:
الوجه الأول أن الأصحاب الذين استثنوا هذا قالوا إلا لمتشاغل بشرطها الذي يحصله قريباً مثل لو كان معه ثوب يخيطه فتضايق عليه الوقت وليس عنده إلا هذا الثوب فهل ينتظر حتى تتم خياطته ثم يصلي بعد الوقت أو يصلي في الوقت عرياناً؟ الصواب أنه يصلي في الوقت عرياناً لأن الوقت مقدم على كل شيء إلا إذا كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها فهنا تدخل في المسألة الأخيرة قال ومن أراد الجمع لعذر فصار في كلام المؤلف قادر على فعلها متشاغل بتحقيق شرطها هذا كله فيه نظر.
الوجه الثاني أن هذا الاستثناء غير صحيح بل نقول صلِّ الصلاة لوقتها إن تمت شروطها فذاك وإن لم تتم فما استطعت فافعل وما لم تستطع يسقط عنك.
القارئ: فإن جحد وجوبها كفر لأنه كذب الله تعالى في خبره.
الشيخ: خبره في قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) أي مفروضة.
فيكون كذب الله في خبره هذا وجه والثاني أنه أنكر ما يعلم بالضرورة من دين الإسلام فإن وجوب الصلاة أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام كمن أنكر تحريم الزنا مثلاً وهل يستثنى من ذلك شيء؟ نعم يستثنى من عاش في مكان بعيد ومن كان حديث عهد بإسلام ويجهل وجوب الصلاة فهذا إذا أنكر فلا شيء عليه ولا يقتل عمر رضي الله عنه أنكر آية من القرآن لأنه لم يعلم بها في قصة الرجل الذي سمعه يقرأ سورة الفرقان بغير ما كان الرسول أقرأها عمر فأمسكه وأنكر عليه وقال هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال أقرأها فقال نعم هكذا أنزلت فالمهم أن من أنكر الشيء لجهله به فإنه لا يكفر.