الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: قبل الثمانين ما يمكن يعني لو أسقطت قبل الثمانين فإنه دم فساد وأقل ما يتبين فيه خلق الإنسان واحد وثمانين يوم وفي الثمانين لا يخلق.
باب أحكام النجاسات
القارئ: بول الآدمي نجس لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يعذب في قبره (إنه كان لا يستبرئ من بوله) متفق عليه والغائط مثله.
الشيخ: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يراق على بول الأعرابي ذنوبا من ماء ولأنه لما بال في حجره صبي دعا بماء فأتبعه إياه.
القارئ: والودي ماء أبيض يخرج عقيب البول حكمه حكم البول لأنه في معناه والمذي نجس لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي في المذي (اغسل ذكرك) ولأنه خارج من الذكر لا يخلق منه الولد أشبه البول وعنه إنه كالمني لأنه خارج بسبب الشهوة أشبه المني.
الشيخ: والصحيح أن حكمه بينهما لا يجب غسله ولا يجوز إغفاله بل ينضح نضحا كما جاء ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام في سنة صحيحة فيكون كبول الغلام الصغير الذي لا يأكل الطعام لأنه في الحقيقة ليس كحقيقة المني الذي طهر بسبب قوة الشهوة ونضج وانتقل إلى عين ثخينة وليس كالبول الذي هو فضلات الطعام لأنه من أثر الشهوة فإن المذي يخرج إذا تحركت شهوة الإنسان ويخرج بغير شعور منه بخلاف المني فإنه يخرج دفقا بلذة فبينهما فرق وعلى هذا فالخارج من الذكر ثلاثة أقسام:
1.
مني وحكمه الطهارة ووجوب الغسل منه.
2.
بول وودي وحكمه النجاسة ووجوب الوضوء منه.
3.
مذي وحكمه أن نجاسته مخففة يكفي فيه النضح لكن يجب فيه غسل الذكر والأنثيين وإن لم يصبهما ومن فوائد غسل الذكر والأنثيين أن ذلك يقلل من خروج المذي.
القارئ: وبول ما لا يؤكل لحمه ورجيعه نجس لأنه بول حيوان غير مأكول أشبه بول الآدمي إلا بول ما لا نفس له سائلة فإن ميتته طاهرة أشبه الجراد.
الشيخ: ما خرج مما ليس له نفس سائلة فإنه يكون على كلام المؤلف طاهر ومثل الذباب كما قلتم وفيه أيضا سبب آخر وهو مشقة التحرز منه لأنه أحيانا تهيج عليك الذبابات وتملأ غترتك أو ثوبك مما يخرج منها ولو قلنا بإيجاب غسله لكان فيه مشقة.
القارئ: وبول ما يؤكل لحمه ورجيعه طاهر وعنه أنه كالدم لأنه رجيع والمذهب الأول لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلوا في مرابض الغنم) حديث صحيح وكان يصلي فيها قبل بناء مسجده وقال للعرنيين (انطلقوا إلى إبل الصدقة فاشربوا من ألبانها) متفق عليه.
الشيخ: عندي من ألبانها لكن لو أضاف وأبوالها لأنه هو الشاهد.
القارئ: ومني الآدمي طاهر لأن عائشة قالت (كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه) متفق عليه ولأنه بدء خلق آدمي فكان طاهرا كالطين وعنه أنه نجس ويكفي فرك يابسه ويعفى عن يسيره.
الشيخ: يعني بناءً على هذه الرواية على نجاسته أنه يكفي فرك يابسه ويعفى عن يسيره.
القارئ: لما روي عن عائشة (أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حديث صحيح.
الشيخ: مني الآدمي طاهر وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يغسله ويتحرز منه بل كانت عائشة رضي الله عنها هي التي تغسل رطبه لأن رطبه لو بقي للوث الإنسان إذا مسه ولكان له منظر تتقزز منه النفوس وتفرك يابسه أو تحكه بظفرها أحيانا وهذا يدل على أنه طاهر لأنه لو كان نجسا لم يكف في التطهر منه مثل هذا العمل وعنه أنه نجس لكن هذه الرواية ضعيفة من حيث الدليل وذكر ابن القيم أن ابن عقيل رحمه الله كان يناظر رجلا في هذه المسألة فمر به جماعة وقالوا ما لك يا أبا عقيل قال أنا أجادله لأقول له إن أصلك طاهر وهو يجادلني ليقول لي إن أصله نجس فرق بين هذا وهذا.
القارئ: ولأنه خارج من مخرج البول أشبه المذي وفي رطوبة فرج المرأة روايتان إحداهما نجسة لأنها بلل من الفرج لا يخلق منه الولد أشبه المذي والثانية إنها طاهرة لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من جماع لأن الأنبياء لا يحتلمون وهو يصيب رطوبة الفرج.
الشيخ: رطوبة فرج المرأة طاهرة على القول الراجح لما ذكر من كون عائشة تفرك المني من ثوب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو من جماع ولأن المشقة في التحرز منه شديدة لأن بعض النساء دائما يخرج معها هذا الشيء فلو قلنا بالنجاسة لأدى ذلك إلى مشقة عظيمة وهل ينقض الوضوء؟ لم أرى أحد قال إنه لا ينقض إلا ابن حزم فإنه قال إنه لا ينقض الوضوء ولكن الذي يظهر لي أنه ينقض الوضوء لأنه خارج من السبيل والخارج من السبيل في الأصل ينقض الوضوء فإن قال قائل كيف نجمع بين الحكم بطهارته وكونه ينقض الوضوء؟ قلنا نجمع بأن الريح تخرج من دبر الإنسان وهي طاهرة ومع ذلك تنقض الوضوء
بالنص (لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا) فالريح طاهرة وبعض الفقهاء قال لو حمل قربة فساء وهو يصلي فإن صلاته لا تبطل لماذا؟ لأنه طاهر لكن هذا مما يصوره الفقهاء تمرينا للطالب وإلا مستحيل إن الإنسان يجمع قربه كاملة لكن يمكن شيء صغير ولكن الذي يوضح المسألة أن الإنسان لو فسى وثوبه رطب أو ما بين أليتيه رطب فلو قلنا بنجاسة الريح لو جب غسل الثوب وغسل ما بين الفخذين لأن الريح تمر به ولكنها طاهره والمهم أن ما يخرج من فرج المرأة من الرطوبة العادية هذه طاهرة أما لو كان الذي يخرج منها يخرج من المثانة بأن يكون مع المرأة سلس بول فهذا معروف أنه نجس.
القارئ: والقيء نجس لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد أشبه الغائط.
الشيخ: لا دليل على نجاسة القيء لا في السنة ولا في القرآن كما هو ظاهر في القرآن، وقياسه على الغائط قياس مع الفارق العظيم لأنه
أولاً أننا إذا قلنا إنه طعام استحال فأشبه الغائط إذا قلنا بذلك قلنا إذا تقيء الإنسان من حين أكل فإن القيء طاهر لأنه لا يتغير يخرج كما هو حتى في طعمه ورائحته.
والثاني أن استحالة الطعام في المعدة ليس كاستحالته إذا مر بالأمعاء لا في الرائحة ولا في غيره ولهذا لو تقيء الإنسان بعد مدة من الأكل ساعتين أو ثلاث أو أربع لم يجد الرائحة فيه كما في الغائط فهو قياس مع الفارق ثم إن القيء ليس بالأمر النادر بل هو يقع كثيرا مع الناس وهو مما تتوافر الدواعي على نقل نجاسته لو كان نجسا فأنا ما وجدت دليلا على هذه المسألة لكن جمهور العلماء على نجاسته أي نجاسة القيء فمن احتاط وتورع وغسل ما أصابه منه فهو أحسن.
القارئ: وقيء كل حيوان غير الآدمي ومنيه في حكم بوله في الطهارة والنجاسة لأنه في معناه.
الشيخ: في معناه أي في معنى البول.
القارئ: والنخامة طاهرة سواء خرجت من رأس أو صدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره أو تحت قدمه فإن لم يجد فليقل هكذا وتفل في ثوبه ومسح بعضه على بعض) رواه مسلم.
الشيخ: وهذا في الصلاة ولو كان نجسا ما جاز هذا الفعل.
القارئ: وذكر أبو الخطاب أن البلغم نجس قياسا على القيء والأول أصح والبصاق والمخاط والعرق.
الشيخ: البلغم يخرج من الصدر فقاسه أبو الخطاب رحمه الله على القيء لكنه ليس بصحيح.
السائل: البلغم إذا خرج معه دم؟
الشيخ: الدم نجس لكن الدم الذي يخرج مع البلغم يسير جدا معفو عنه.
السائل: رطوبة فرج المرأة هل هو الماء الذي يخرج مع الجماع؟
الشيخ: مع الجماع وغير الجماع بعض النساء دائما يكون معها هذا الشيء.
القارئ: والبصاق والمخاط والعرق وسائر رطوبات بدن الآدمي طاهرة لأنه من جسم طاهر وكذلك هذه الفضلات من كل حيوان طاهر.
الشيخ: هذه الفضلات من كل حيوان طاهر مثل الهرة وما دونها في الخلقة فعرقها ومخاطها وبصاقها كله طاهر وكذلك على القول الراجح من الطاهر في الحيوانات الحمار والبغل فإنهما من الطاهر في الحياة لأنهما من الطوافين علينا فيكون مخاطه وعرقه طاهراً فلو نخر الحمار حولك وأصابك من رذاذ نخره فهو طاهر.
فصل
القارئ: والدم نجس لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء في الدم (اغسليه بالماء) متفق عليه ولأنه نجس لعينه بنص القرآن أشبه الميتة إلا دم السمك فإنه طاهر لأن ميتته طاهرة مباحة.
الشيخ: الدم نجس إلا ما استثني لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء في الدم اغسليه بالماء ولكن معلوم أنه يخاطب المرأة التي خرج دمها من فرجها وما خرج من الدم من الفرج فهو نجس حتى دم الاستحاضة على القول الراجح ولأنه نجس لعينه بنص القرآن أشبه الميتة نعم هو نجس لعينه بنص القرآن (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) فقوله إنه رجس يعني هذا المطعوم من هذه الثلاثة ولكن الدم المذبوح دمٌ من حيوان ينجس بالموت ودم الآدمي من حيوان لا ينجس بالموت فقياسه على دم السمك أقرب من قياسه على دم الحيوان لأن قول النبي عليه الصلاة والسلام (إن المؤمن لا ينجس) عام ولأنه لو قطعت يد الإنسان فإن يده طاهرة مع أنها مملوءة بالدم وهذا يدل على أن ما انفصل من جسم الإنسان طاهر إلا ما دل الدليل على نجاسته كالبول والغائط والمذي وما أشبهه فليس هناك دليل على أن دم الآدمي نجس بل قد نقول إن هناك دليل على أنه طاهر لأن الصحابة في مغازيهم كانوا يصابون بالجروح العظيمة ولم ينقل أن أحداً منهم ذهب يغسل ثوبه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد كانت ابنته فاطمة تغسل الدم عن وجهه وهو يفور ولم ينقل أنه غسل ثيابه منه مع أن الغالب أنه يتناثر على الثياب والأصل في الأشياء الحل فيما يؤكل والطهارة فيما يلبس حتى يقوم الدليل على النجاسة وأما قوله أشبه الميتة فنقول نعم فما ميتة الآدمي إذا أشبهها؟ طاهرة.
يقول المؤلف إلا دم السمك فإنه طاهر وعلل فقال لأن ميتته طاهرة وهذه العلة إذا جعلنها صحيحة قلنا ودم الآدمي طاهر لأن ميتته طاهرة.
السائل: عمر صلى وهو يثعب دماً؟
الشيخ: نعم لكن لو أن الإنسان تطهر منه لكان أحسن وأبعد عن كراهة المنظر وعن خلاف العلماء لأن جمهور العلماء على أن دم الآدمي نجس يعفى عن يسيره حتى إن بعضهم حكى الإجماع على هذا لكن الصحيح أنه لا إجماع في المسألة وأن المسألة تحتاج إلى نظر.
القارئ: وفي دم ما لا نفس له سائلة كالذباب والبق والبراغيث والقمل روايتان إحداهما نجاسته.
الشيخ: قوله ما لا نفس له سائلة يعني ما لا دم له يسيل فالمراد بالنفس الدم يعني الذي لا يسيل دمه دمه فيه روايتان.
القارئ: إحداهما نجاسته لأنه دم أشبه المسفوح والثانية طهارته لأنه دم حيوان لا ينجس بالموت أشبه دم السمك.
الشيخ: إذاً في هذه جاءت العلة مرة ثانية دم حيوان لا ينجس بالموت فيكون طاهرا والصحيح أن الدم منها طاهر لأنه يسير ودم من حيوان طاهر في الحياة وطاهر بعد الموت أيضا.
القارئ: وإنما حرم الدم المسفوح.
الشيخ: يعني وإنما المحرم هو الدم المسفوح وهذا ليس مسفوحا ما له دم يسيل.
القارئ: والعلقة نجسة لأنها دم خارج من الفرج أشبه الحيض وعنه أنها طاهرة لأنها بدء خلق آدمي أشبهت المني والقيح نجس لأنه دم استحال إلى نتن وفساد والصديد مثله إلا أن أحمد قال هما أخف حكما من الدم لوقوع الخلاف في نجاستهما وعدم النص فيهما.
الشيخ: والصحيح أنهما طاهران القيح والصديد الذي يكون في الجروح مادة بيضاء وكذلك ماء الجروح أحيانا يكون الإنسان ينفض جسمه بحبات إذا مسها جرى الماء منها بعد حروق أو غير ذلك هذه أيضا طاهرة.
القارئ: وما بقي من الدم في اللحم معفو عنه ولو علت حمرة الدم القدر لم يكن نجسا لأنه لا يمكن التحرز منه.
الشيخ: سبحان الله غريب التعلل بهذا، المذكاة إذا ذكيت صارت طاهرة كلها بجميع أجزائها.
مسألة: العلقة من الآدمي الصحيح أنه إذا صححنا أن دم الآدمي طاهر فهي من باب أولى.
فصل
القارئ: والخمر نجس لقول الله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) ولأنه يحرم تناوله من غير ضرر فكان نجسا كالدم والنبيذ مثله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) رواه مسلم ولأنه شراب فيه شدة مطربة أشبه الخمر.
الشيخ: يقول المؤلف رحمه الله الخمر نجس ثم استدل بقوله تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لعلكم تفلحون) أما الحكم في قوله الخمر نجس فهذا عليه جمهور أهل العلم أنه نجس ومن أدلة هذا القول هذه الآية (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) وذهب بعض أهل العلم إلى أن الخمر ليس نجسا نجاسة حسية ومانع في هذا الدليل وقال إن هذا الدليل لا يصح الاستدلال به على نجاسة الخمر نجاسة حسية لأن الله قال (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) فهذه أربعة مبتدآت خبرها خبر واحد وهو قوله رجس وهو أيضا مقيد هذا الرجس رجس من عمل فهو رجس عملي وليس رجسا عينيا تكون به هذه الأشياء نجسة فإذا كان بالاتفاق أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة نجاسة عينية فما الذي يخرج الخمرة منها إذاً فالآية ليس فيها دليل نعم لو كان هناك دليل آخر خارجي يدل على أن الخمر نجس لقلنا إن دلالة الاقتران ليست دلالة صريحة ويمكن أن يخرج بعض المقترنات من هذا الحكم أما ولا دليل فلا شك أن تشطير الدليل إلى شطرين شطر بمعنى كذا وشطر بمعنى كذا لا وجه له وعلى هذا فنقول لا دلالة في الآية واستدلوا أيضاً بأنه يحرم تناوله من غير ضرر فكان نجسا كالدم يعني يأتون بالتعليلات على الوجه الذي يصادف ما يريدون وإنما قال من غير ضرر لئلا يرد عليه السم فإن السم عين يحرم تناولها من أجل ضررها فليست بنجسة فلما خافوا من إيراد هذا قالوا من غير ضرر وهذا لا يسلم لهم لأننا نقول تحريمها لا يدل على نجاستها لأن النجاسة أخص من التحريم فكل نجس حرام وليس كل حرام نجسا ثم إن إدخالكم هذا القيد من غير ضرر من أجل أن تدافعوا عن أنفسكم مسألة السم نقول ماذا تقولون في شرب بول الإبل يقولون
إنه لا يجوز شربه إلا للتداوي فقط وإلا فهو حرام وبول الإبل طاهر أو نجس؟ طاهر فهو يحرم تناوله من غير ضرر ومع ذلك تقولون إنه ليس بنجس تقولون إنه حلال وأيضا النخامة قالوا إن بلعها حرام على الصائم وغيره لاستقذارها ومع ذلك فهم يقولون إنها طاهرة ليست بنجسة فتبين بطلان هذا
التعليل فإذا تبين بطلان الاستدلال وبطلان التعليل بقيت المسألة ليس لها دليل ولا تعليل فنرجع للأصل وهو أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل على النجاسة والتحريم لا يلزم منه التنجيس وبهذا يمكننا أن يتبين القول بكونه لا دليل عليه ثم نقول لنا دليل على الطهارة غير الأصل الذي ذكرتم الذي هو الطهارة هذا هو الأصل.
أولا لما حرمت الخمر أراقها الصحابة رضي الله عنهم بالأسواق ولو كانت نجسة ما أراقوها بالأسواق لأن ذلك ينجس المارة ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن التخلي في الطرقات لئلا ينجس المارة بها فلو كانت الخمر نجسة لامتنع الصحابة من إراقتها في الأسواق فإن قال قائل هذه الخمر لعلهم صنعوها قبل العلم قلنا وليكن ذلك لكن صارت الآن حراما ولو شربوها لأثموا وحين صارت حراما لم تكن نجسة لأنهم أراقوها في الأسواق.
ثانياً هل أمرهم الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يغسلوا الأواني بعدها لا ما أمرهم ولو كانت نجسة لأمرهم بغسل الأواني منها كما أمرهم بغسل الأواني من لحوم الحمر حينما حرمت في خيبر.
ثالثا أنه قد ثبت في صحيح مسلم أن رجلا أتى براوية من خمر فأهداها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنها حرمت فساره رجل يعني تكلم مع صاحب الراوية سرا يقول له بعها فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قلت قال قلت بعها قال (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) ففتح الرجل فم الرواية وأراق الخمر ولم يأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغسل الراوية ولو كانت نجسة لأمرهم بغسل الرواية لأن الرجل سوف يذهب بهذه الرواية ويجعل فيها الماء ثم لقال للناس احترزوا من الخمر الذي أريق بين أيديكم لو كانت نجسة فالقول الراجح أن الخمر ليس نجساً نجاسة حسية ولكنه نجس نجاسة معنوية بلا شك أما قوله النبيذ مثله فهذا ليس على إطلاقه بل النبيذ المسكر هو الذي مثله وإنما نص على ذلك لأن بعض العلماء يقول إذا كان النبيذ من غير العنب فليس بخمر ولكن الصحيح أنه خمر ثم استدل لذلك بقول الرسول عليه الصلاة والسلام (كل مسكر خمر) وكل هذه للعموم كل مسكر من أي شيء كان من العنب من الشعير من البر من أي شيء كله مسكر ولكن ما معنى المسكر هل المسكر ما أذهب العقل فقط؟ لا المسكر غطى العقل على وجه الطرب أما ما غطى العقل لا على هذا الوجه .......