الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: يحتمل هذا ويحتمل غيره لكن وصل التكبير ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يجوز أن تصل التكبيرتين الأوليين بعضهما ببعض.
السائل: هل يجيب المؤذن نفسه؟
الشيخ: ظاهر كلام المؤلف لا لأنه قال يسن لسامعه وهو أيضاً ظاهر الحديث (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) والمؤذن لا حاجة إلى أن يقول مثل ما يقول فهو الذي كبَّر وأذن فإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله الوسيلة حصلت له.
السائل: إجابة الإقامة ماالراجح فيها؟
الشيخ: أنه لا يجيب لوصح الحديث فيها لقلنا به.
باب
شرائط الصلاة
القارئ: وهي ستة الطهارة من الحدث لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) رواه مسلم والثاني الطهارة من النجس لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء في دم الحيض (حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه وصلي فيه) فدل على أنها ممنوعة من الصلاة فيه قبل غسله فمتى كانت عليه في بدنه أو ثيابه نجاسة مقدور على إزالتها غير معفو عنها لم تصح صلاته.
الشيخ: أولاً شرائط الصلاة، شرائط: جمع شريطة وشروط جمع شرط ولهذا عندي باب شرائط الصلاة وهي ست عندي للتأنيث وهي نسخة.
المؤلف رحمه الله بين شروط الصلاة وهي ما تتوقف عليه صحتها أي صحة الصلاة منها الطهارة من الحدث وهي فعل مأمور (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) الثاني اجتناب الطهارة من النجس واستدل له رحمه الله بدم الحيض أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بغسله ثم الصلاة فيه ولكن المؤلف قال الطهارة من النجس في بدنه أو ثيابه وبقي موضع ثالث وهو مكان صلاته فيجب اجتناب النجاسة في هذه المواطن الثلاثة البدن والثوب والمكان.
السائل: إذا صلى وهو لا يعلم أن هناك نجاسة في جسمه إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة ألا يدل هذا على أنها واجبة وليست شرطاً.
الشيخ: هي شرط الصحة مع الذكر والعلم فالظاهر أنها شرط لأن الرسول قال في اجتناب النجاسة (ثم صلي فيه) بعدما يزيلها يصلي فيه ولأن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى في نعل فيهما قذر فخلعهما ويرى بعض العلماء كالشوكاني أن اجتناب النجاسة ليس شرطاً للصلاة ولكنه واجب والذي يظهر لنا أنه شرط ولابد منه.
السائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول) هذه في نفس الحروف والترتيب فقط أم أيضاً في رفع الصوت؟
الشيخ: في الحروف والترتيب صحيح أما في الصوت فلا، ووجه ذلك عمل الصحابة رضي الله عنهم فما كان كل واحد منهم يرفع صوته حتى يكون كالمؤذن فهذه واحدة والتعليل أن المؤذن إنما يرفع صوته لإعلام الناس إذ لا يمكن حصول الإعلام إلا برفع الصوت وأما هذا فيتابع من أجل الأجر، ولا يقول مع المؤذن لأنه لا يصدق عليه أنه قال الله أكبر حتى يتم الله أكبر.
السائل: ذكر المؤلف أن هناك نجاسة غير معفو عنها فهل هناك نجاسة معفو عنها؟
الشيخ: يسير الدم الذي مر علينا يسير الدم النجس معفو عنه اليسير عند شيخ الإسلام كل شيء يشق فهو معفو عن يسيره بل عنده رحمه الله كل النجاسات معفو عن يسيرها إنما على المذهب منها ما يعفى عن يسيره كالدم ومنها ما لا يعفى عن يسيره كالبول.
القارئ: وإن جبر عظمه بعظم نجس لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر وأجزأته صلاته لأن ذلك يبيح ترك التطهر من الحدث وهو آكد ويحتمل أن يلزمه قلعه إذا لم يخف التلف لأنه لا يخاف التلف أشبه إذا لم يخف الضرر.
الشيخ: مثال ذلك رجل انكسر زنده فأوتي بعظم كلب فألحق به وجبر فإنه لا يجب عليه قلعه مع الضرر وما ذكره المؤلف من احتمال وجوب القلع فهذا احتمال ضعيف جداً بل يقال إنه لا يجب قلعه مع الضرر وهو الصواب وأما إن لم يتضرر بحيث أمكن أن نقلع هذا العظم النجس ونجعل بدله عظماً طاهراً وجب ذلك أما الآن ولله الحمد بعد تقدم الطب صاروا يضعون بدله إما بلاستيك أو حديد أو ما أشبه ذلك.
القارئ: وإن أكل نجاسة لم يلزمه قيئها لأنها حصلت في معدته فصارت كالمستحيل في المعدة وإن عجز عن إزالة النجاسة من بدنه أو خلع الثوب النجس لكونه مربوطاً أو نحو ذلك صلى ولا إعادة عليه لأنه شرط عجز عنه فسقط كالسترة وإن لم يجد إلا ثوباً نجساً صلى فيه لأن ستر العورة آكد لوجوبه في الصلاة وغيرها وتعلق حق الآدامي به في ستر عورته وصيانة نفسه والمنصوص أنه يعيد لأنه ترك شرطاً مقدوراً عليه ويتخرج أن لا يعيد كما لو عجز عن خلعه أو صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه.
الشيخ: وهذا هو الصحيح أنه إذا لم يجد إلا ثوباً نجساً فإنه يصلي فيه ولا إعادة عليه لعموم قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
وقوله والمنصوص يعني عن أحمد أنه يعيد لماذا لأنه ترك شرطاً مقدوراً عليه وهو تجنب النجاسة إذ بإمكانه أن يخلع هذا الثوب ويصلي لكنه يكون عرياناً لكن يترتب على هذا ترك شرط آخر وهو ستر العورة ولهذا كان الصحيح أنه لا يعيد.
وقوله يتخرج أن لا يعيد التخريج معناه نقل حكم مسألة إلى مسألة أخرى يشبه ما يعرف عند الأصوليين بالقياس ما هو التخريج على أي شيء قال يتخرج أن لا يعيد كما لو عجز عن خلعه أو صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه لأنه لو صلى في موضع نجس لا يمكن الخروج منه أجزأت صلاته فيتخرج أن ينقل حكم تلك المسألة إلى هذه.
السائل: إذا لم يجد إلا ثوباً نجساً فالصلاة بالثوب النجس محرم والصلاة وعورته مكشوفة كذلك محرم فاجتمع عندنا محرمان ما أدرانا أن هذا آكد من هذا؟
الشيخ: لأنه إذا ستر عورته حصل على السترة وبروز العورة مخالفة ظاهرة والنجاسة مخالفة خفية قد لا تتبين النجاسة في الثوب فكان مراعاتها أولى هذه واحدة ثانياً أنه يقال إنه ستر عورته بثوب لا يستطيع أن يزيل ما به من نجاسة فسقط عنه وجوب الإزالة لعجزه عن ذلك.
(هنا سقط من باب شرائط الصلاة عند قوله: وإن خفي عليه موضع النجاسة لم يزل حكمها .... إلى فصل في الأماكن التي لا تصح فيها الصلاة عند قوله لارتكابه للنهي وإن لم يعلم صحت)
] أدى ذلك إلى أن يشركوا فيصلوا لهذه القبور وليست العلة ما يذكره بعض الناس أن المقبرة قد تكون منبوشة ويكون التراب متلوثاً بالصديد والدم وذلك لأن صديد الميت طاهر لأن المؤمن لا ينجس حياً ولا ميتاً فالعلة إذاً لأنها ذريعة إلى الشرك سواءً كانت قديمة أو حديثة.
الثاني الحمام والحمام هو موضع السباحة وليس هو موضع قضاء الحاجة موضع قضاء الحاجة يسمى الحش لكن الحمام موضع السباحة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام) أما العلة في الحمام فلأنه موضع كشف العورات وموضع يكثر فيه الداخل والخارج فيشوش على المصلي وقيل إنه أي الحمام مأوى الشياطين فلا ينبغي أن يصلي في مأوى الشياطين فيه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها) يعني لا تجعلوها في قبلتكم ولو كان ذلك في غير مقبرة فلا يجوز للإنسان أن يجعل القبر أمامه لأنه يشبه عابده.
الموضع الثالث أعطان الإبل أعطان الإبل لا يصلى فيها وهي التي تقيم فيها وتأوي إليها وقيل أعطان الإبل ما تقف فيه بعد الشرب فإنه جرت العادة أن الإبل إذا شربت انحازت إلى مكان ثم جعلت تبول وتروِّث فتعطِّن ثم ترجع فتشرب تشرب عللاً يسمونه العامة من العَلَلَ من أجل أن تملأ بطونها من الشراب المهم أعطان الإبل لا تصح الصلاة فيها لماذا؟ لنهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم [.
القارئ: وضم بعض أصحابنا إلى هذه المواضع أربعة أخر المجزرة وهي موضع الذبح والمزبلة وقارعة الطريق وظهر بيت الله الحرام فجعل فيها الروايات الثلاث لما روي عن ابن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (سبعة مواطن لا تجوز فيها الصلاة المجزرة والمزبلة والمقبرة ومعاطن الإبل والحمام وقارعة الطريق وفوق بيت الله) رواه ابن ماجة وفيه ضعف ولأن قارعة الطريق والمجزرة والمزبلة مظان للنجاسة أشبهت الحش والحمام وفي الكعبة يكون مستدبراً لبعض القبلة وإن صلى النافلة في الكعبة أو على ظهرها وبين يديه شيء منها صحت صلاته لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت ركعتين متفق عليه والصلاة في هذه المواضع صحيحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فحيث ما أدركتك الصلاة فصل) متفق عليه إلا المقبرة فإن ابن حامد قال لا تصح الصلاة إليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تصلوا إليها).
الشيخ: والمؤلف رحمه الله صحح الصلاة في هذه المواضع السبعة أنها تصح الصلاة فيها ما عدا ما يدخل في المواضع الخمسة السابقة ودليل ذلك (جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا) وهذا عموم لا يمكن أن يخرج منه شيء إلا بدليل مساوٍ له وهذا في الصحيحين ومن ذلك صلاة الفريضة في الكعبة فإن الصحيح جوازها وإجزاؤها لأن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل وأما قوله (إلا المقبرة) فإن ابن حامد قال لا تصح الصلاة إليها فالصواب أنها لا تصح الصلاة إلى القبر لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) والحديث لمسلم من حديث أبي مرثد الغنوي (لا تصلوا إلى القبور) لا تجعلوها بين أيديكم لأن هذا يشبه عبادتها فلذلك نهي عنه.
القارئ: وإن صلى في مسجد بني في المقبرة فحكمه حكمها وإن حدثت المقبرة حوله صحت الصلاة فيه لأنه ليس بمقبرة.
الشيخ: هذه مسألة المسجد والمقبرة لابد فيه من تفصيل المسجد إن بني على القبور فالصلاة فيه غير صحيحة لأنه بني في مقبرة وإن دفن فيه بعد بنائه فإن الصلاة فيه تصح ويجب نبش القبر وقبره مع الناس إلا إذا كان القبر بين يدي المصلين فإن الصلاة لا تصح لأنه داخل في عموم النهي عن الصلاة إلى القبور أما إذا كانت المقبرة خارج المسجد فإن كان بينها وبين المسجد جدار أو كانت عن يمينه أو يساره أو شرقه أو خلف القبلة فلا بأس به وإن لم يكن بينها وبينه جدار يحول يعني جدار حائل فإن الصلاة إلى القبور لا تصح.
السائل: الذين يصلون ويجعلون غرفة عائشة بينهم وبين قبلة المسجد النبوي هل يجوز ذلك؟
الشيخ: لا لأن القبر قد حال بينهم وبينه عدة جدران لكن قد يكون هؤلاء ينون الصلاة للرسول فيكون شركاً أكبراً.
السائل: ما الحكم لو أزيحت القبور بكاملها بجانب من المقبرة وبني فيها المسجد؟
الشيخ: لا يجوز لأن المقبرة لا يجوز نبش القبور فيها إلا لضرورة فأصحاب القبور أحق بأمكنتهم من غيرهم.
القارئ: وفي أسطحة هذه المواضع وجهان أحدهما أن حكمَها حكمُها لأنها تابعة لها والثاني تصح لأنها ليست بمظنة النجاسة ولا يتناوله النهي
الشيخ: الصحيح أنها تصح الصلاة في أسطحتها إلا إذا كان السطح منها كما لو بني حجرة في المقبرة فهنا لا تصح الصلاة لا في الحجرة ولا في سطحها أو في الحمام والحمام ليس حمامنا هذا فإنه إذا بني فيه بناء فإن كل ما دخل فيه لا تصح الصلاة فيه ولو كان في السطح وأما ما عدا ذلك فالصحيح أنه صحيح يعني مثلاً لو بنينا روشاً على السوق فإن الصلاة تصح فيه أو بنينا سقفاً على محل قضاء الحاجة محل الحشوش لكن ليست متصلة بالحوش كما يوجد في بعض المساجد الآن فلا بأس بذلك كما لو وضعنا شيئاً طاهراً على الأرض النجسة فإن الصلاة تصح.
السائل: من هو ابن حامد؟
الشيخ: ابن حامد من أصحابهم من الحنابلة من المتقدمين.
باب
ستر العورة
القارئ: وهو الشرط الثالث للصلاة لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) رواه أبو داوود.
الشيخ: الشرط الأول الطهارة من الحدث والشرط الثاني اجتناب النجاسات.
قوله (صلاة حائض) يعني البالغة بالحيض فيه أيضاً دليل آخر وهو قوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) فإن المراد بأخذ الزينة الثياب.
القارئ: وعورة الرجل ما بين سرته وركبتيه لما روى أبو أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بين السرة وبين الركبتين عورة) رواه أبو بكر بإسناده وعن جرهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (غط فخذك فإن الفخذ من العورة) رواه أحمد في المسند وليست السرة والركبة من العورة لما ذكرنا.
الشيخ: أنا عندي رواه أحمد في المسند وأبو داوود والترمذي.
القارئ: وعنه أنها الفرجان لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري وعورة الحر والعبد سواء لعموم الأحاديث.
الشيخ: هذه الرواية الثانية عن أحمد أنها الفرجان وعلى هذا ما بين السرة والفرج ليس بعورة وما بين الفرج والركبة ليس بعورة واستدل بهذا الحديث والحديث بالنسبة للصلاة ليس فيه دليل لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كشف عن فخذه في غير صلاة والصلاة قال الله فيها (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ) وهل من غطى السوأة القبل والدبر فقط وصلى هل يقال أخذ زينته؟ أبداً لا يقال ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله لا ينبغي أن يكون في المسألة خلاف بالنسبة لعورة الصلاة وما قاله صحيح رحمه الله فإن عورة الصلاة يطلب أن يكون الإنسان على أحسن هيئة حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه أو على عاتقه منه شيء) فكيف نقول بصحة صلاة الرجل عنده ثياب وضع سَيْرَاً على قبله ودبره ثم صلى هذا لا ينبغي أن يقول به أحد من أهل العلم ولا أظن الإمام أحمد رحمه الله أراد بالرواية عنه هذا المعنى نعم في مسألة النظر قد يقال إن الفخذ ليس بعورة وقد يفرق بين الفخذ المحاذي للسوأة وما نزل عنه وقد يفرق بين الشاب والكبير لأن خروج فخذ الشاب فتنة بخلاف الرجل الكبير رجل أعمال رفع ثوبه ليعمل هذا لا ليس فيه فتنة فالحاصل الآن أن الصواب بلا شك أنه في مسألة الصلاة يجب أن يستر ما بين السرة والركبة على أقل تقدير أما خارج الصلاة فهنا قد نقول إن الفخذ ليس بعورة في باب النظر ولكن يجب ستره من الشباب من أجل خوف الفتنة على أنه لو قال قائل إن الرسول صلى الله عليه وسلم حسر عن فخذه فما الذي جعلكم تلغون ما بين السرة والفرج يعني لو فرضنا جدلاً أن حديث أنس هذا وهو فعل يخصص حديث جرهد لقلنا إذا كان يخصص
فيخصص في محل التخصيص وهو الفخذ لا يوجد أن الرسول مثلاً حسر عن عانته لأنه على رأي هؤلاء الذين يقولون فرجان فقط استر الذكر والأنثيين والدبر والباقي يجوز كشفه.
السائل: ما الدليل على أن الزينة من السرة إلى الركبة.
الشيخ: هذا أدنى شيء فلا أحد يقوم بالزينة بأدنى من ذلك أبداً وهذا عن طريق العُرف.
السائل: ما رأيك فيمن ينكر على من يأتي للصلاة بثوب النوم ويستدل بهذه الآية (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ).
الشيخ: ليس صحيحاً الثياب من الزينة حتى ثياب النوم لكن قد ينكر عليه يقول له إنه ما جرت به العادة فيكون من باب الشهرة.
السائل: العورة في الصلاة من السرة إلى الركبة وهنا يقول ما بين السرة والركبتين هنا السرة خارجة؟
الشيخ: المذهب فيه رأي من السرة إلى الركبة، وأنا عندي كله في نفسي منها شيء فلو أن إنساناً صلى وأظهر سرته أو ركبته فصلاته صحيحة وهذا هو المذهب.
فصل
القارئ: والمرأة كلها عورة إلا الوجه وفي الكفين روايتان لقول الله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال ابن عباس وجهها وكفيها ولأنه يحرم ستر الوجه في الإحرام وستر الكفين بالقفازين ولو كانا عورة لم يحرم سترهما والثانية أن الكفين عورة لأن المشقة لا تلحق في سترهما فأشبه سائر بدنها وما عدا هذا عورة لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) وعن أم سلمة قالت يا رسول الله تصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار فقال (نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها) رواه أبو داوود.
الشيخ: هذه مسألة المرأة كلها عورة يعني في الصلاة قال إلا الوجه والكفين ففيهما روايتان لقول الله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال ابن عباس وجهها وكفيها والاستدلال بهذه الآية في هذا الموضع غير صحيح لأن هذه الآية إنما وردت في النظر (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ) إلى آخره لكن يمكن أن يستدل على هذا بقوله صلى الله عليه وسلم (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) ولم يذكر تغطية الوجه وأما الكفان فيهما روايتان المذهب عند المتأخرين من أصحابنا أنهما عورة والقول الثاني أنهما ليستا بعورة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو الصحيح لكن سترهما أفضل من باب الاحتياط ووجه ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) والمعتاد عند نساء الصحابة في لباسهن إخراج الكف هذا المعتاد لأن ثيابهن من رسغ اليد إلى كعب الرجل هذا لباسهن في البيوت والصلاة ما تكون إلا في البيت ولهذا كان القول الراجح أن القدمين والكفين يجوز إخراجهما في الصلاة ولا يلزم سترهما لكن إن احتاطت المرأة وسترتهما فهو خير.
وأما قول المؤلف ولأنه يحرم ستر الوجه في الإحرام هذا فيه نظر ستر الوجه في الإحرام ليس بحرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ولا تنتقب) ولبس النقاب أخص من مجرد ستر الوجه لأن النقاب لبس الوجه فحرم على المرأة في حال الإحرام أن تلبس في وجهها وكفيها ما اعتادت لبسه لأنه في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كن يعتدن لبس القفازين في الكفين والنقاب في الوجه فنهيت المحرمة عن ذلك أما مجرد التغطية فليست بحرام لكن الأفضل كشف الوجه لحديث عائشة أنه إذا مر بهن الرجال سدلن خمرهن على وجوههن فإذا انصرفوا أو ذهبوا كشفن وجوههن
السائل: هل يجب ستر العورة وهو يصلي بحيث لا يراه أحد؟
الشيخ: نعم في الصلاة يجب فلو كان الإنسان في ظلمة ما عنده أحد حتى هو نفسه ما يرى عورته يجب عليه أن يسترها وغير الصلاة فيها خلاف.
السائل: إذا امرأة صلت في حضرة جامع وغطت وجهها في السجود هل تكشف الغطاء أولا؟
الشيخ: إذا لم يكن عليها مشقة فالأفضل أن تكشف لأجل أن تباشر جبهتها الأرض ولا يجوز للرجال أن ينظروا إليها وهي كاشفة.
فصل
القارئ: وما يظهر غالباً من الأمة كالرأس واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الركبتين ليس بعورة لأن عمر نهى الأمة عن التقنع والتشبه بالحرائر قال القاضي في الجامع وما عدا ذلك عورة لأنه لا يظهر غالباً أشبه ما تحت السرة وقال ابن حامد عورتها كعورة الرجل لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة) يريد عورة الأمة رواه الدارقطني ولأنه من لم يكن رأسه عورة لم يكن صدره عورة كالرجل والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالقن لأنهما مثلها في البيع وغيره وأم الولد والمعتق بعضها كذلك لأن الرق باق فيهما إلا أنه يستحب لهما التستر لما فيهما من شبه الأحرار وعنه أنهما كالحرة لذلك.
الشيخ: المراد بقوله (أنهما) أم الولد والمعتق بعضها، والمراد بقوله (كذلك) أي للشبه الذي حصل.
القارئ: وعورة الخنثى المشكل كعورة الرجل لأن الأصل عدم وجوب الستر فلا نوجبه بالشك فإن قلنا العورة الفرجان لزمه ستر قُبُلِه وَذَكَرِه لأن أحدهما واجب الستر ولا يتيقن ستره إلا بِسَتْرِهما.
الشيخ: قوله قبله وذكره ليسا مترادفان القبل صفة الفرج الخنثى المشكل له فرج أنثى وذكر رجل فيسترهما جميعاً.
السائل: ما الراجح في مسائل عورة الأمة؟
الشيخ: أنا في الحقيقة ما وجدت أدلة أقتنع فيها ولذلك فإني مقلد المذهب في هذه المسالة إلا في مسألة الكفين والقدمين فإن الظاهر من الأدلة عدم وجوب الستر يذكر أن شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله رأى في المنام أم المؤمنين عائشة تصلي وهي كاشفة كفيها وأظنه في سن الطلب فتعجب وقال كيف أم المؤمنين تكشف كفيها وهي تصلي فلما راجع كتب أهل العلم وجد أن هذا هو قولها.
فصل
القارئ: وإن انكشف من العورة شيء يسير عفي عنه لأن اليسير يشق التحرز منه وإن كثر بطلت الصلاة به لأن التحرز منه ممكن وإن أطارت الريح ثوبه عن عورته فأعاده بسرعة لم تبطل صلاته لأنه يسير فأشبه اليسير من العورة ويجب ستر العورة بما يستر لون البشرة من الثياب أو الجلود أو غيرهما فإن وصف لون البشرة لم يعتد به لأنه ليس بساتر ويجب أن يجعل على عاتقه شيئاً من اللباس في الصلاة المفروضة لما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء) متفق عليه وإن ترك عليه شيئاً من اللباس أجزأه وإن لم يسترها استدلالاً بمفهوم الحديث وقال القاضي ستر المنكبين واجب في الفرض وقيل يجزئه وضع خيط وظاهر الحديث يدل على ما ذكرنا.
الشيخ: والصحيح أن هذا على سبيل الاستحباب في الفرض والنفل وأنه لو صلى وهو مكشوف الكتفين فصلاته صحيحة والدليل على ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعن أبيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له في الثوب (إن كان واسعاً فالتحف به وإن كان ضيقاً فاتزر به) فحدث بذلك جابر رضي الله عنه فلما حضرت الصلاة أراد أن يصلي بإزار فقال له بعض من حضر هذا الرداء على المشجب والمشجب شيء يوضع على البئر فقال كنت أعلم بذلك ثم استدل بهذا الحديث وهو أن ستر الكتفين ليس بواجب وهذا هو الصحيح أنه ليس بواجب فلو صلى بالإزار فصلاته صحيحة لكن الأفضل أن يسترها.
السائل: فإن لم يجد إلا ما يستر منكبيه أو فرجيه فأيهما يقدم؟
الشيخ: هم يقولون رحمهم الله إن لم يكفيهما فالدبر أي إن لم يكفِ السوأتين فإنه يستر الدبر لأنه ينفرج إذا سجد وإن لم يجد إلا ما يستر واحداً من ثلاثة فهو يستر المنكبين وهذا ضعيف جداً.
السائل: ما هو الدليل على وجوب تغطية شعر رأس المرأة؟
الشيخ: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) والأصل أن نفي القبول نفي للإجزاء هذا الأصل ما لم يوجد دليل على أنه لنفي الكمال.
السائل: لو كشفت عورته في الصلاة فهل تبطل الصلاة؟
الشيخ: إذا كان يسيراً فإنه لا يضر وإن كان كثيراً وستره في الحال لم يضر أيضاً لو أطارت الريح مثلاً إزاره ثم في الحال ستر فلا بأس فإذا طال الزمن أو فحش المنكشف فهو ما يصح ويستأنف الصلاة.
فصل
القارئ: ويستحب للرجل أن يصلي في قميص ورداء أو إزار وسراويل لما روى ابن عمر قال قال عمر إذا كان لأحدكم ثوبان فليصلِّ فيهما رواه أبو داوود فإن اقتصر على ثوب واحد أجزأه لأن (النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد) متفق عليه والقميص أولى من الرداء لأنه أعم في الستر فإن كان واسع الجيب ترى منه عورته لم يجزئه لما روى سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول الله إنا نصيد أفنصلي في القميص الواحد قال (نعم وازرره ولو بشوكة) حديث حسن فإن كان ذا لحية تسد جيبه فلا ترى عورته جاز وإن صلى في رداء وكان واسعاً التحف به وإن كان ضيقاً خالف بين طرفيه.
الشيخ: إذا لم يكن ذا لحية وانفتح الجيب وليس فيه إزرار فهل يجزئ أن يضع يده؟ الجواب نعم يجزئ وذلك لأن وضع اليدين على الركبتين حال الركوع ليس بواجب إنما هو سنة وفي قوله إن كان ذا لحية يدل على إبقاء اللحية ولو كثيفة وطويلة وقد حدثني بعض الناس اليوم عن شخص من العلماء أنه يقول إن الإنسان إذا زادت لحيته عن القبضة فإن ذلك من الإسبال على كل حال معلوم أن هذا قياس مع الفارق إسبال الثوب من فعل الإنسان وطول اللحية من فعل الله عز وجل.
القارئ: وإن كان ضيقاً خالف بين طرفيه على منكبيه كالقصار لما روى عمر بن أبي سلمة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد قد ألقى طرفيه على عاتقيه متفق عليه وإن لم يجد إلا ما يستر عورته أو منكبيه ستر عورته لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به وإن كان ضيقاً فاتزر به) رواه البخاري.
السائل: قلتم بأن وضع اليد على الجيب يكفي لكن ماذا يفعل في حال السجود لأن السجود على سبعة أعظم ركن؟
الشيخ: في حال السجود يمكن يضم ثوبه وينستر ولا يضع يده.
السائل: ما الفرق بين القميص والرداء؟
الشيخ: القميص مثل ثوبنا هذا يعني الذي له أكمام والرداء مثل لباس الرجل إذا أحرم يلبس الإزار والرداء.
القارئ: ويستحب للمرأة أن تصلي في درع وخمار وجلباب تلتحف به لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال تصلي المرأة في ثلاثة أثواب درع وخمار وإزار وإن صلت في درع وخمار يستر جميع بدنها أجزأ لما روينا من حديث أم سلمة وقد روي عن أم سلمة وميمونة أنهما كانتا تصليان في درع وخمار وليس عليهما إزار رواه مالك.
الشيخ: أخذ شيخ الإسلام من هذا الحديث أن كفي المرأة وقدميها ليستا عورة في الصلاة وهذا صحيح أن كفي المرأة وقدميها ليستا من العورة في الصلاة لكن سترهما أولى خروجاً من الخلاف.
فصل
القارئ: فإن عدم السترة وأمكنه الاستتار بحشيش يربطه عليه أو وَرَق لزمه لأنه ساتر للبشرة أشبه الثياب وطيناً لم يلزمه أن يطين عورته لأنه يلوثه ولا يغيب الخلقة وإن وجد بارية توذي جسمه ويدخل القصب فيه لم يلزمه لبسها لما فيه من الضرر وإن وجد ماءً لم يلزمه النزول فيه وإن كان كدراً لأنه ليس يستره ويمنعه التمكن من الصلاة.
الشيخ: هذه الأشياء يقول إن عدم السترة وأمكنه الاستتار بحشيش يربطه عليه أو ورق لزمه لأنه أمكنه أن يستر عورته وإن وجد طيناً لم يلزمه أن يضع طيناً على عورته وعلل المؤلف رحمه الله لأنه يلوثه ولا يغيب الخلقة وإن وجد بارية تؤذي جسمه البارية مثل الخصيف أو الحصير وما أشبهها فإن هذا يؤذي جسمه ويدخل القصب في جسمه لم يلزمه لما فيه من الضرر وإن وجد ماءً هذا الرابع إن وجد ماءً لم يلزمه أن ينزل فيه ليستر عورته ولو كان كدراً لأنه لو قدرنا أن الماء يصل إلى سرته مثلاً وهو كدر ويستتر فيه لكن ماذا يصنع عند السجود؟ إذا انغمس سوف ينخنق ولا يقال يومئ لأن فيه مشقة والمؤلف رحمه الله علل لأنه ليس بسترة ويمنعه أيضاً التمكن من الصلاة.
فصل
القارئ: فإن لم يجد إلا ما يستر بعض العورة ستر الفرجين لأنهما أغلظ وإن لم يكفِ إلا أحدهما ستر الدبر في أحد الوجهين لأنه أفحش وفي الآخر القبل لأنه يستقبل القبلة والدبر يستتر بالإليتين وأيهما ستر أجزأه.
الشيخ: القبل لا شك أن ستره أولى لأنه يستقبل به القبلة ولا يرد عليه إلا في حال السجود في حال السجود يستتر القبل وينفرج الدبر لكن حتى عند عامة الناس القبل أفحش من الدبر فيكون هو الأولى بالستر ومع ذلك يقول المؤلف إذا ستر أحدهما أجزأ.
فصل
القارئ: فإن عدم بكل حال صلى عرياناً جالساً يومئ بالسجود لأنه يحصل به ستر أغلظ العورة وهو آكد لما ذكرناه وعنه يصلي قائماً ويركع ويسجد لأن المحافظة على ثلاثة أركان أولى من المحافظة على بعض شرط ويصلي العراة جماعة صفاً واحداً لأن لا يرى بعضهم عورات بعض ويكون إمامهم في وسطهم ليكون أستر له فإن لم يسعهم صف واحد صلوا صفين وغضوا أبصارهم فإن كان فيهم نساء صلى كل نوع لأنفسهم فإن ضاق المكان صلى الرجال واستدبرهم النساء ثم صلى النساء واستدبرهن الرجال.
الشيخ: الصحيح في المسألة الأولى أنه يصلي قائماً ولا يصلي جالساً وأنه يركع ويسجد والتعليل كما قال المؤلف رحمه الله لأن المحافظة على ثلاثة أركان أولى ثم هو عاجز عن السترة وفي حال العجز يسقط عنه الوجوب وليس بعاجز عن القيام ولا عن الركوع ولا عن السجود فيقال في هذا إذا صلى قائماً وركع وسجد أتى بثلاثة أركان وهو أولى من المحافظة على بعض شرط وأيضاً هو عاجز عن السترة وليس عاجز عن القيام والركوع والسجود فيلزمه ما قدر عليه ويسقط عنه ما عجز عنه فالصواب بلا شك أنه يصلي قائماً ويركع ويسجد أما قوله إن العراة يصلون صفاً واحداً فهذا متوجه إذا كانوا في إضاءة أو نهار أما إذا كانوا في ظلمة فالإمام يتقدمهم هذا هو الأفضل.
السائل: لماذا يصلون العراة صفاً واحداً؟
الشيخ: لأن هذا أستر إذا صلوا صفين صار الذين في الخلف ينظرون إلى عورة الذين أمامهم وإذا كانوا صفاً واحداً فهو أستر.
فصل
القارئ: وإن وجد السترة بعد الصلاة لم يعد لأنه شرط للصلاة عجز عنه أشبه القبلة وإن وجدها في أثناء الصلاة قريبة ستر وبنى لأنه عمل قليل وإن كانت بعيدة بطلت صلاته لأنه يفتقر إلى عمل كثير وإن عتقت الأمة في الصلاة وهي مكشوفة الرأس فكذلك فإن لم تعلم حتى صلت أعادت كما لو بدت عورتها ولم تعلم بها.
فصل
القارئ: إذا كان معهم ثوب لأحدهم لزمته الصلاة فيه فإن آثر غيره وصلى عرياناً لم تصح لأنه قادر على السترة.
الشيخ: مر علينا هذا ذكرنا أن الإيثار بالقرب إذا كانت واجبة فهو حرام وإذا كانت مستحبة ينظر لما هو أصلح.
القارئ: وإن أعاره لواحد لزمه قبوله وصار بمنزلته لأن المنة لا تلحق به ولو وهبه له لم يلزمه قبوله لأن فيه منة فإن أعاره لجميعهم صلى فيه واحد بعد واحد إلا أن يخافوا ضيق الوقت فيصلي فيه واحد والباقون عراة ويستحب أن يعيره لمن يصلح لإمامتهم حتى يأمهم ويقوم بين أيديهم فإن أعاره لغيره جاز قال القاضي ويصلي وحده لأنه قادر على شرط الصلاة فلم يجز أن يأتم بالعاجز عنه كالمعافى يأتم بمن به سلس البول.
الشيخ: والصحيح أنه يصلي معهم ولا حرج وأنه يجوز أن يكون الإمام عاجزاً عن بعض الشروط.
السائل: إذا أعتقت الأمة هل تعيد صلاتها؟
الشيخ: إن أعتقت بعد الصلاة لا تعيد وإن أعتقت أثناء الصلاة وعلمت بعد الصلاة أنها أعتقت ولم تستتر تعيد لأن الشرط لا يسقط بالجهل.
السائل: قوله ويستحب أن يعيره لمن يصلح لإمامتهم؟
الشيخ: صحيح يعني بعد صلاته هو.
فصل
القارئ: ويحرم لبس الثوب المغصوب لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه فإن لم يجد غيره صلى وتركه ويحرم على الرجال استعمال ثياب الحرير في لبسها وافتراشها وكذلك المنسوج بالذهب والمموه به لما روى أبو موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم) قال الترمذي هذا حديث صحيح وإن صلى في ذلك ففيه روايتان مضى توجيههما في المواضع المنهي عنها وإن صلى في عمامة محرمة أو خاتم ذهب صحت صلاته لأن النهي لا يعود إلى شرط الصلاة ولا بأس بصلاة المرأة في الحرير والذهب لحله لها ولا بأس بلبس الرجال الخز لأن الصحابة رضي الله عنهم لبسوه ومن لم يجد إلا ثوب حرير صلى فيه ولا يعيد لأنه مباح له في تلك الحال ويباح علم الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع فما دون لما روى عمر بن الخطاب قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع حديث صحيح رواه مسلم، وقال أبو بكر يباح وإن كان مذهباً وكذلك الرقاع ولبنة الجيف وسجف الفراء وما نسج من الحرير وغيره جاز لبسه إذا قل الحرير عن النصف لما روى عن ابن عباس أنه قال إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت.
الشيخ: قول أبي بكر يباح ولو مذهباً هذا هو الذي عليه عمل الناس اليوم فالمشالح التي فيها أزارير مذهبة لكنها أقل من أربع أصابع فلا تكون حراماً ومن يرى أن المذهب حراماً مطلقاً يقول هذه لا يجوز لبسها بشرط أن يكون الذي فيها ذهب وإنما اشترطنا ذلك لأن بعضها يكون لونه لون الذهب ولكنه ليس بذهب.
السائل: إذا وجد الرجل ثوب امرأة وما عنده ما يستتر به؟
الشيخ: يصلي به لكن لا يلبسه كأن يتزر به.
السائل: هل يوجد فرق بين سترة الأمة والحرة؟
الشيخ: الأمة عند الفقهاء مثل الرجل ما بين السرة والركبة والحرة كلها عورة إلا وجهها.
القارئ: أما العلم وسدى الثوب فليس به بأس رواه أبو داود، وإن زاد عن النصف حرم لأن الحكم للأغلب وإن استويا ففيه وجهان أحدهما إباحته للخبر والثاني تحريمه لعموم خبر التحريم ويباح لبس الحرير للقمل والحكة لأن أنساً روى أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شَكَوَا القمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرخص لهما في قمص الحرير متفق عليه وعنه لا يباح لعموم التحريم واحتمال اختصاصهما بذلك.
الشيخ: هذه غير صحيحة احتمال الاختصاص لا وجه له لأن الأصل عدم الخصوصية.
القارئ: وهل يباح لبسه في الحرب فيه روايتان إحداهما لا يحوز لعموم الخبر والثانية يجوز لأن المنع منه للخيلاء وهي غير مذمومة في الحرب وكان لعروة يَلْمَقٌ من ديباج بطانته من سندس يلبسه في الحرب وليس لولي الصبي أن يلبسه الحرير لأنه ذكر فيدخل في عموم الخبر وعنه يباح لأن الصبي غير مكلف فأشبه ما لو ألبسه الدابة.
السائل: ما الصحيح في لبس الحرير للصبي؟
الشيخ: الصحيح أنه لا يجوز، لا يجوز ليس لأنه مكلف ولكن لأنه يأخذ عليه.
فصل
فيما يكره لبسه
القارئ: ويكره للرجل لبس المزعفر والمعصفر لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن يتزعفر الرجل) متفق عليه وعن علي رضي الله عنه قال (نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن لباس المعصفر) رواه مسلم.
الشيخ: المعصفر المصبوغ بالعصفر والمزعفر المصبوغ بالزعفران وهذا يكون أحمر وقد يميل إلى الصفرة قليلاً ويؤخذ على المؤلف رحمه الله أنه قال لما روي ثم قال متفق عليه وروي صيغة تمريض ولا يؤتى بصيغة التمريض إلا في الحديث الضعيف لكن هذه عادة للمؤلف رحمه الله يقول لما روي بصيغة التمريض ويبرر هذا أنه يذكر بعد ذلك بأنه متفق عليه أو رواه مسلم أو ما أشبه ذلك فكأنه يأتي بُروي المبني للمجهول لأنه والله أعلم لم يستحضر الراوي فيذكره بعينه لا لأن الحديث عنده ضعيف فعلى هذا يكون حذف الفاعل هنا لعدم ذكره أو للجهل به لكن الغالب لهؤلاء الأئمة أن يكون لعدم ذكره لا لضعف الحديث.
القارئ: ولا بأس بذلك للنساء فأما ما عليه صور الحيوان فقال أبو الخطاب يحرم لبسه لأن أبا طلحة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة) وقال ابن عقيل يكره وليس بمحرم لأن في سياق الحديث (إلا رقما في ثوب) متفق عليه.
الشيخ: قوله لأن في سياق الحديث (إلا رقماً في ثوب) غريب أن يستدل بهذا على الكراهة وقد استثني من هذا الوعيد وكان على من استدل به أن يقول أنه لا كراهة في ذلك كأن الذين يستدلون بهذا الاستثناء يقولون إن المراد بالصورة ما كان مجسماً وأما ما ليس بمجسم وهو الرقم فإنه لا بأس به وقد أخذ بهذا بعض السلف وعلماء الخلف كما رأيتم فيقولون المراد بهذا ما ذكر.
المهم أن الصحيح أن يحمل قوله (إلا رقماً في ثوب) على الأرقام غير المصورة بصورة حيوان ويدل لهذا الحمل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما رأى ستراً قد صور فيه في بيت عائشة هتكه عليه الصلاة والسلام يعني مزقه ولما رأى النمرقة وقف ولم يدخل، نمرقة مخدة أو سجادة وقف وقال عليه الصلاة والسلام (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يقال أحيوا ما خلقتم) وهذا يدل على أن قوله (إلا رقماً في ثوب) إن كانت الكلمة محفوظة فالمراد بها ما كان صورة لكنها غير صورة حيوان.
فصل
في اشتمال الصماء
القارئ: ويكره اشتمال الصماء لما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (نهى عن اشتمال الصماء) رواه البخاري ومعنى الصماء أن يجعل الرداء تحت كتفه الأيمن ويرد طرفيه على الأيسر فيبقى منكبه الأيمن مكشوفا وعنه إنما نهى عنه إذا لم يكن عليه إزار فيبدو فرجه أما إذا كان عليه إزار فتلك لبسة المحرم فلا بأس بها.
الشيخ: اشتمال الصماء فسرها المؤلف رحمه الله بأنها الاضطباع والرواية الأخرى يقول بشرط أن لا يكون عليه إزار بأن يكون الرداء كبيراً واسعاً يسع كل الجسم فيضطبع به والاضطباع أن يجعل وسطه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر هذه هي اشتمال الصماء وقيل إن اشتمال الصماء أن يلتف بثوب على جميع بدنه ولذلك سميت صماء لأنه ليس لها منفذ وقال إن هذا الاشتمال يمنعه من أن يأتي بالصلاة كاملة فيمنعه مثلاً من رفع اليدين ويمنعه من أن يدافع عن نفسه فيما لو هاجمه حيوان أو غيره أما الاضطباع فإنه ليس بمكروه ولهذا يشرع للمحرم إذا طاف بالبيت والقدوم أن يضطبع فعلى كل حال نقول إذا فسرناه بما فسره به المؤلف بأنه الاضطباع فإنه يحمل على ما إذا لم يكن تحته إزار لأنه في هذه الحال ربما مع حركة اليدين ينكشف بخلاف ما إذا كان عليه الإزار أما إذا قلنا بالقول الآخر الذي يدل عليه الاشتقاق وهو اشتمال وصماء والاشتمال معناه شمول الشيء فهذا يدل على أنه يلتف بثوب دون أن يجعل ليديه مخارج.
القارئ: ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل اختيالا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) متفق عليه.
الشيخ: اقتصار المؤلف رحمه الله على الكراهة فيه نظر ظاهر بل لا نقتصر على التحريم في هذا بل نقول إنه من كبائر الذنوب لأن عليه وعيداً قد يقول قائل لعل المؤلف أراد بالكراهة كراهة التحريم فيقال هذا خلاف مصطلح عندهم المصطلح عند المتأخرين أن الكراهة عند الإطلاق للتنزيه لكن من حمله على أن المراد بالكراهة كراهة التحريم فإنه يقول حال المؤلف تبعد أن يقول يكره ثم يستدل عليها بهذا الحديث كيف تبعد؟ لأن المؤلف رحمه الله عالم فقيه بل هو إمام لمن دونه فكيف نقول إن مراده بالكراهة كراهة التنزيه وهو يستدل بحديث يقتضي أن تكون من المحرمات بل من الكبائر ولهذا الصحيح أن إسبال القميص والإزار والسراويل اختيالاً من كبائر الذنوب وأن عقوبته أن الله لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم والعياذ بالله وأما من نزل ثوبه إلى أسفل من الكعبين لا اختيالاً فإنه يعذب عليه بالنار بمقدار ما نزل فقط ولا جرم أن يكون هذا حقاً أي أن يعذب الإنسان على جزء من بدنه وليس فيه إشكال بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (ويل للأعقاب من النار) فجعل الوعيد هنا على الأعقاب حيث أخلوا بغسلها فإنها أرهقتهم صلاة العصر وأسرعوا في الوضوء فصاروا يتوضؤون ولا يكملون أعقابهم فقال (ويل للأعقاب من النار) فهنا العذاب جزئي فكذلك ما حصلت به المخالفة في الثوب النازل عن الكعبين فإنه جزئي على ما حصلت فيه المخالفة ثم إذا قلنا إنه لا ينزل عن الكعبين فما هو الأفضل؟ نقول ما بين نصف الساق إلى الكعب كله سنة لأنك إذا تأملت ألبسة الصحابة وجدت الأمر كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث بهذا الحديث (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه) قال أبو بكر يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي علي إلا أن أتعاهده فقال إنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء فهذا يدل على أن ثوبه من نصف الساق فأنزل لأنه لو كان إلى نصف الساق ثم نزل إلى الأرض
لبدت عورته من فوق فالتشديد في هذه المسألة وكون الإنسان يتزعم أن هذا سمة الصالحين المتبعين للرسول عليه الصلاة والسلام وأن من أنزل ثوبه عن نصف الساق فإن هذه من سمة المتهاونين الذين لم يصلوا إلى درجة الكمال فهذا خطأ بل يقال الأمر واسع ما بين نصف الساق إلى الكعب بل إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام (ما أسفل من الكعبين في النار) يدل دلالة واضحة على جواز ما كان على الكعبين أو فوق الكعبين وهو كذلك.
الشاهد أن تعبير المؤلف بكلمة يكره ثم استدلاله بحديث يقتضي أنه من الكبائر إذا نظرنا إلى حال المؤلف قلنا إن المراد بالكراهة التحريم وإن كان هذا خلاف ما اصطلح عليه المتأخرون من أهل العلم.
السائل: لماذا فرقنا إسبال الإزار بأنه من كبائر الذنوب وأن الإسبال من غير خيلاء يكون حراماً برغم أن هناك عقوبة؟
الشيخ: من قال لك في هذا تفريق كله من كبائر الذنوب لكن عقوبة الخيلاء أعظم لأن فيها لم ينظر الله إليه ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم أما هذا ففيه وعيد أو إشارة للوعيد في قوله (ما أسفل من الكعبين ففي النار).
السائل: بالنسبة للصلاة في المشلح لو ترك إدخال اليدين في المشلح هل تعتبر من اشتمال الصماء؟
الشيخ: لا، لا يعتبر من اشتمال الصماء لكن قل هل يكون من السدل المكروه أو لا؟ يقول شيخ الإسلام إنه ليس من السدل المكروه لا المشلح ولا القباء فلو جعل الإنسان الكوت مثلاً على كتفيه ولم يدخل يديه في الكمين فليس من المكروه.
السائل: بعض الناس إذا رأوا من يلبس إلى نصف ساقه يستنكروه ولا يتقبلون منه؟
الشيخ: أنا يتخيل لي أنه أراد أن الإنسان إذا رفع لباسه إلى نصف الساق صار من لباس الشهرة ولباس الشهرة منهي عنه فنقول إن ما كان من لباس الشهرة لأن الناس تركوه فيستنكروه لكن لا ينبغي أن نقول إن هذا من لباس الشهرة وينهى عنه وقد جاء الحديث (إزرة المؤمن إلى نصف ساقه) لكننا نقول لا تشددوا علينا إذا نزل إلى ما بعد نصف الساق وتقول أنتم جماعة آخرين لستم سلفيين ولا تحبون السنة وما أشبه ذلك يوجد بعض السفهاء يقول هكذا.
القارئ: ويكره تغطية الفم في الصلاة لما روى أبو هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه) رواه أبو داوود.
الشيخ: السدل قال العلماء أن يطرح الرداء على كتفيه ولا يرد طرفيه على الكتفين هذا السدل وعللوا ذلك بأنه من عمل اليهود.
أما تغطية الفم فنعم لأنك إذا غطيت فمك وأنت تصلي لم تتمكن من إظهار القراءة والتسبيح وغيرها على الوجه الأكمل ولكن إذا حدث تثاؤب وعجزت عن كظمه فإن من المشروع أن تغطي فاك لكن هذا عارض.
السائل: لو أنه يشم رائحة من فمه كريهة أو من غيره؟
الشيخ: أما إذا كان هو في فمه رائحة فلا يحضر المسجد لأن لا يؤذي الملائكة والمصلين وأما إذا كان هو نفسه يتأذى ولم يتيسر له أن ينتقل إلى مكان آخر مثل أن يكون قد دخل في الصلاة الآن فلا حرج لأنه حاجة كما قلنا بكراهة تغميض العينين في الصلاة إذا رأى ما يشغله فله أن يغمض.
السائل: ما الإجابة على تفريق بعض العلماء يقولون إن المعصفر مكروه والمزعفر حرام كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أثر صفرة في عبدالرحمن بن عوف، وأن ابن عمر خرج في ثوب أصفر فلم ينكر عليه وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك؟
الشيخ: الإجابة أن المزعفر في الإحرام صحيح لأنه طيب وأما غير الإحرام فإذا كان المزعفر أحمر خالص فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لباس الأحمر الخالص وأما إذا كان يميل إلى الصفرة كما هو الغالب في الزعفران وإن كان الزعفران أقرب إلى الحمرة من العصفر فهو باق على الكراهة وأما أثر الزعفران بدون أن يكون الثوب كله زعفران فلا بأس.
القارئ: ويكره شد الوسط بما يشبه شد الزنار لما فيه من التشبه بالنصارى فأما شده بغير ذلك فلابأس به.
الشيخ: شد الوسط يتحزم الواحد بوسطه والزنار يعني شد معروف عند النصارى يشدون به أوساطهم عند تعبدهم في الكنائس وأنا ما رأيته لكنه من خصائص لباس النصارى عند التعبد فيكره للمسلم في حال الصلاة أن يشد وسطه بما يشبه شد الزنار وقال بعض الفقهاء يكره مطلقا في الصلاة وغيرها لأنه لا يلبس الزنار إلا النصارى فيكون شد الوسط به تشبهاً بهم ولكن بقي أن يقال المؤلف يقول يكره لما فيه من التشبه بالنصارى وظاهر كلامه أن التشبه بالكفار مكروه لا محرم وهذا هو المشهور من المذهب عندنا أن التشبه بالكفار ليس بمحرم بل هو مكروه صرحوا به في قولهم يكره التشبه بالكفار في لباس وغيره ولكن الصحيح أن التشبه بالكفار محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم اسناده جيد وأقل أحواله التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم.
وما قاله رحمه الله هو الصواب أن التشبه بالكفار محرم لما فيه من المفاسد العظيمة لأن المتشبه بهم لا شك أنه قد أعجبه صنيعهم فيكون في قلبه تعظيم لهم ولأن التشبه بهم يؤدي إلى افتخارهم واعتزازهم فإن جبلة الإنسان وطبيعته تقضتي أنه إذا رأى الناس يقتدون به شمخ وانتفخ ومن المعلوم أن المطلوب منا أن لا نفعل ما يكون به إعزاز الكفار بل المطلوب منا أن نفعل ما يغيظ الكفار وقد حثنا الله على ذلك في قوله (وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ) إغاظة الكفار من العمل الصالح وقال عز وجل في وصف محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) هذه الرفعة العظيمة للمسلمين لمحمد ومن معه من أجل إغاظة الكفار فمن تشبه بهم هل يكون مغيظاً لهم أو شارحاً لصدورهم.
ثالثاً أن التشبه بهم في الظاهر يؤدي إلى التشبه بهم في الباطن لأنه لم يتشبه بهم إلا وقد أعجبه ما يصنعون فيتدرج به الشيطان حتى يتبعهم في باطن أمورهم وهذا شيء مشاهد وقد حكي لي شيء عجيب أن بعض المسلمين يقتنون الكلاب مع تحريم اقتنائها وأنهم كل يوم يغسلونها بالماء والصابون والشامبو نعم هكذا سمعت وهم إذا غسلوها هذا التغسيل ما تطهر لأن النجاسة عينية الذي يطهر هو ما كانت نجاسته حكمية أما ما كانت نجاسته عينية فلا يمكن أن يطهر لو يبقى في سبعة أبحر ألف عام هذا من التشبه بالكفار كل يوم ينقص من أجرهم قيراط أو قيراطان هدم للأجور والحسنات والعياذ بالله إلا ما رخص به الشرع ككلب ماشية أو حرث أو زرع وإن كان بعضهم يدعي أنه وضعه في البيت للحماية وقال إن حماية النفوس أولى من حماية البهائم وقد أباحه الرسول عليه الصلاة والسلام لأجل الماشية فالنفوس من باب أولى نقول هب أننا سلمنا ذلك وقلنا أنت المنفرد عن الناس ببيتك أو قصرك اقتني كلباً لكن ما الذي يجعلك تغسله وتصوبنه وتجعل عليه الشامبو وما أشبه ذلك خطأ اللهم اهدهم اللهم اهدهم.
السائل: ما هو ضابط النهي عن التشبه؟
الشيخ: التشبه بعباداتهم هذا حرام على كل حال حتى لو انتشر بين المسلمين التشبه بالعبادات ومن ذلك التشبه بهم في أداء السلام أو في رد السلام فإنه محرم لأن السلام عبادة وأما العادات فقد ذكر العلماء رحمهم الله أن ما تعلق الحكم فيه بعلة يزول حكمه بزوال العلة فإذا كان العلة من هذا الفعل أو من هذا اللباس أو من هذا الفراش هي التشبه وانتشر هذا الأمر بين الناس وصار لا فرق فيه بين المسلم والكافر فإنه يرتفع الحكم لأن ما ثبت بعلة زال بزوالها وقد ذكر ذلك الحافظ بن حجر رحمه الله في فتح الباري ونقله عن مالك وهذا صحيح.
السائل: كيف يجاب في قصة الحسن والحسين عندما كان تحت السرير جرو؟
الشيخ: إن صح فإنه يغتفر للصبيان ما لا يغتفر للكبار هذا من وجه أو يقال إن هذا قبل النهي.
القارئ: ويكره لف الكم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف شعراً ولا ثوباً) متفق عليه.
الشيخ: (أمرت) يعني أمره الله وأما كف الكم المؤلف يقول كف الكم والحديث (ولا أكف ثوباً) وهناك فرق بين كف الثوب وكف الكم، كف الثوب من الأسفل وكف الكم في اليد ولا سيما أكمام القميص لأن الحكمة والله أعلم من النهي عن كف الثوب أنه يحصر ما يسجد معه فإذا أرخى الثوب اتسع المكان وسجد على أكبر بقعة من الأرض والكم في القيمص لا يصل إلى الأرض ولهذا نظر بعض العلماء في كف الكم وقال إنه لا يدخل في الحديث هذه واحدة والذين قالوا الكم قالوا لعموم قوله لا أكف ثوباً ثم هل المكروه أن يكفه للصلاة أو أن يكفه مطلقاً مثل أن يكون قد عمل عملاً قبل أن يصلي فرفع ثوبه من أجل هذا العمل أو كفه أو كف كمه في هذا قولان للعلماء وأظهرهما أن النهي عما إذا كان عند الصلاة أما ما فعله قبل أن يصلي ثم بقي كما هو كما يصنعه العمال والحراث فإن هذا لا بأس به وهو ظاهر من اللفظ (أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف) يعني عند السجود ولم يقل ولا يكون ثوبي مكفوفاً أو شعري مكفوفاً نعم الشعر ورد فيه نهي خاص (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل وهو معقوص الشعر أو الرأس).
باب
استقبال القبلة
القارئ: وهو الشرط الرابع للصلاة لقول الله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
الشيخ: استقبال القبلة، القبلة: هي الكعبة للمسلمين وهل هذه الكعبة قبلة للأنبياء السابقين وحصل التحريف من أتباعهم كما قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فإن شيخ الإسلام يقول إن الكعبة قبلة جميع الأنبياء ولكن اليهود حرفوها والنصارى كذلك حرفوها فاليهود حرفوا استقبال القبلة إلى أن يستقبلوا بيت المقدس وذلك مراغمة للنصارى فإن النصارى لما استولوا على بيت المقدس قذروا على الصخرة وألقوا عليها القمامة والكناسة وأهانوها فجاء اليهود وفعلوا ضد ذلك من إكرامها حتى اتجهوا إليها واستدبروا الكعبة إذا كانوا بينها وبين الكعبة أما النصارى فاتجهوا إلى المشرق فكانت القبلة محرفة كما حُرِّف الإيمان بالله ورسوله.
ثم إن من الحكمة أن الله جعل للمصلي قبلة يستقبل إليها ليتعلق قلبه بالله في السماء وببيته في الأرض ولأجل أن يتحد المسلمون على قبلة واحدة لولا هذا لكان أحد يصلي للشرق والثاني يصلي للغرب والثالث يصلي للشمال والرابع يصلي للجنوب كيفما تيسر لكن صارت القبلة شرطاً لصحة الصلاة في جميع أقطار الأرض لكل مسلم ودليلها (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) في أي مكان في السماء في الأرض في البحر في أي مكان (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) إذا قال قائل هل المراد تولية الوجه فقط يعني أن الإنسان يمكن أن يكون جسمه للشمال ووجه للقبلة أو الجسم للجنوب والوجه للقبلة أو المراد الجميع؟ المراد الجميع لكنه نص على الوجه لأنه هو المقابل ولهذا يكره الإنسان أن يلتفت في صلاته.
القارئ: وهو الشرط الرابع للصلاة لقول الله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
الشيخ: حيث: ظرف مكان أي في أي مكان كنتم فولوا وجوهكم شطره وهي شرطية.
القارئ: والناس في القبلة على ضربين منهم من يلزمه إصابة العين وهو المعاين للكعبة أو من بمكة أو قريباً منها من وراء حائل فمتى علم أنه مستقبل الكعبة عمل بعلمه وإن لم يعلم كالأعمى والغريب بمكة أجزأه الخبر عن يقين أو مشاهدة أنه مصلي إلى عين الكعبة.
الشيخ: هذا القسم الأول من يلزمه استقبال عين الكعبة والمؤلف رحمه الله يقول هو من بمكة أو قريب منها من وراء حائل قريب منها يعني من الكعبة من وراء الحائل وفي هذا شيء من المشقة لأن من بمكة لا يمكنه مشاهدة الكعبة ومن بينه وبينها وراء حائل لا يمكن أيضاً مشاهدة الكعبة فالصواب أن من أمكنه مشاهدة العين لزمه استقبال العين ومن لم يمكنه لم يلزمه وعلى هذا فالذين في المسجد الحرام يمكنهم مشاهدة العين اللهم إلا من كان بعيداً فهذا لا يمكنه لأنه يوجد أعمدة كثيرة تغطي والقاعدة التي تفهم في هذا الباب هي ما ذكره الله في قوله (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) اتقوا الله ما استطعتم هذا هو الواجب فإذا كان باستطاعتك وجب عليك استقبال العين وإذا لم يكن باستطاعتك سواء كنت قريباً من الكعبة أو بعيداً فإنك لا تكلف.
القارئ: الثاني من فرضه إصابة جهة الكعبة وهو البعيد عنها ولا يلزمه إصابة العين لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما بين المشرق والمغرب قبلة) قال الترمذي هذا حديث صحيح ولأن الإجماع انعقد على صحة صلاة الاثنين المتباعدين يستقبلان قبلة واحدة ولا يمكن أن يصيب العين إلا أحدهما.
الشيخ: إذا كان بعيداً منها فإن فرضه استقبال الجهة لا العين لأن استقبال العين متعذر واستدل المؤلف رحمه الله بنص وإجماع أما النص فهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأهل المدينة (ما بين المشرق والمغرب قبلة) لان أهل المدينة يستقبلون جهة الجنوب ومن كان في حكمهم فله حكمهم فأهل الشام مثلاً يقال لهم ما بين المشرق والمغرب قبلة وأهل اليمن يقال لهم ما بين المشرق والمغرب قبلة لكن أهل جدة وأهل الطائف لا نقول لهم ما بين المشرق والمغرب قبلة نقول ما بين الشمال والجنوب قبلة واستدل بإجماع العلماء على صحة صلاة اثنين متباعدين إلى جهة واحدة يستقبلان جهة واحدة وهنا قطعاً لا يمكن أن يصيب العين إلا أحدهما وقد لا يصيبان أبداً لكن على فرض أن أحدهما أصاب العين فإن الثاني قطعاً لم يصبها يعني مثلاً الآن بين طرفي المسجد هذا وطرفه أوسع من الكعبة فإذا كان واحد يصلي في طرف مسجدنا هذا من الشمال وآخر بطرفه من الجنوب والاتجاه واحد فإننا نعلم قطعاً أنه إن أصاب أحدهما عين الكعبة فالآخر لم يصبها لأن عين الكعبة أقل من المسافة التي بينهما وهذا شيء مجمع عليه صف مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام أطول من الكعبة وقد أجمع المسلمون على صحة صلاة الناس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بصف مستقيم وطرف الصف من الجنوب أو من الشمال أحدهما لم يستقبل عين الكعبة قطعاً إن فرض أن هناك استقبال عين الكعبة إلى أحدهما.
القارئ: وهذا ينقسم ثلاثة أقسام أحدها الحاضر في قرية أو من يجد من يخبره عن يقين ففرضه التوجه إلى محاريبهم أو الرجوع إلى خبرهم لأن هذا بمنزلة النص ولا يجوز الرجوع من الاجتهاد معه كالحاكم إذا وجد النص.
الشيخ: إذا كان في قرية فالواجب أن يرجع إلى محاريبها لأن المحاريب مبنية إلى القبلة أو من يخبره عن يقين كصاحب الدار إذا استأجرت بيتاً وقال لك صاحب البيت هذه هي القبلة والآن ولله الحمد يسر الله للمسلمين هذه العلامات للقبلة التي تسمى دليل القبلة بالبوصلة وهي على قسمين قسم معين بالأرقام وقسم آخر معين بالإشارة بعضها بالأرقام وبعضها بالإشارة ففيه دليل يقول لك مثلاً ضع الإبرة على رقم ستة عشر خمسة عشر عشرين كذا ومعين البلد الذي عليه هذا الرقم ثم يتبين القبلة وقسم آخر معين البلد في نفس البوصلة في نفس الدليل ويقول لك اجعل الإبرة على وزن نفس البلد وهذه أسهل لأن هذه كل إنسان يعرفها ولا تحتاج تذكر الأرقام أو تصحب الدفتر الذي فيه الأرقام وهذه كان عندنا منها شيء نستعمله الآن وهي مصنوعة قديماً صنعها واحد من فارس مسلم مر بالبلاد وعرف سمتها فصنعها فوجدناها مضبوطة وصنع أيضاً اسطوانة فيها دليل الحاج خاصة بالمدينة ومكة والقرى التي يمر بها الحجاج ومفيدة أيضاً وهناك ساعة العصر جاءت أيضاً لتبين للناس القبلة لكن لها طريقة معينة إلا في مكة ما تعطيك الخبر وفي منى ومزدلفة ما تعطيك الخبر يظهر على الشاشة قريب للغاية لكن على كل حال هي مفيدة جداً.
القارئ: الثاني من عدم ذلك وهو عالم بأدلة القبلة ففرضه الاجتهاد لأن له طريقاً إلى معرفتها بالاجتهاد فلزمه ذلك كالعالم في الحادثة.
الثالث من عجز عن ذلك لعدم بصره أو بصيرته أو لرمد أو حبس ففرضه تقليد المجتهد لأنه عجز عن معرفة الصواب باجتهاده فلزمه التقليد كالعامي في الأحكام وإن أمكنه تعرف الأدلة والاستدلال بها قبل خروج الوقت لزمه ذلك لأنه قدر على التوجه باجتهاد نفسه فلم يجز له تقليد غيره كالعالم فإن اختلف مجتهدان قلد العامي أوثقهما عنده فإن قلد الآخر احتمل أن يجوز لأنه دليل مع عدم غيره فكذلك مع وجوده واحتمل أن لا يجوز لأنه عمل بما يغلب على ظنه خطأه فأشبه المجتهد إذا خالف جهة ظنه فإن استويا عنده قلد من شاء منهما كالعامي في الأحكام.
الشيخ: فتبين الآن أن الذي يكون في قرية يستدل بالمحاريب الإسلامية وبأخبار الثقات ففرضه ذلك والثاني من عجز مثل أن يكون في البر حانت الصلاة وأنت في البر وليس عندك علامات على القبلة فهنا يلزمك الاجتهاد إن كنت من أهل الاجتهاد ومن المجتهد هنا؟ المجتهد هنا هو الذي يعرف دلائل القبلة إما بالشمس أو بالنجوم أو بالقمر أو بغير ذلك فإن لم يمكنه الاجتهاد بأن صار لا يعرف فحينئذٍ يجب أن يقلد ثقة ولو كان الثقة يخبره عن غير يقين كاجتهاد مثلاً له أن يقلد المجتهد فإن اختلف عليه مجتهدان قال أحدهما القبلة يمين والثاني قال القبلة يسار وجب عليه أن يقلد الأوثق لأنه هو الذي يغلب على الظن عنده صدقه والعمل بغالب الظن واجب إذا تعذر اليقين فإن تساويا عنده أو لم يعرف عن حالهما شيئاً فإنه يخير هذا ما لم يكن هذان الرجلان مساويين له في عدم المعرفة فإن كانا مساويين لهما في عدم المعرفة واختلفا عليه سقط قولهما ويجتهد هو بنفسه ويتحرى ويصلي.
السائل: هل يجوز استقبال حِجْر الكعبة؟
الشيخ: نعم يجوز استقباله إلا طرفه الشمالي فإنه لا يستقبل.
السائل: لو كان يخشى في اجتهاده في الاستدلال للقلبة خروج الوقت؟
الشيخ: يسأل فإذا ما وجد أحداً وضاق عليه الوقت صلى على حسب ما يطرأ عليه يعني لو ما وجد أحداً يسأله وخاف خروج الوقت وهو لا يعرف أن يستدل فيصلي أين كان وجهه ولا يمكث حتى يخرج الوقت كما قلنا لكم مراراً وتكراراً المحافظة على الوقت فوق كل شيء ولهذا من لم يجد ماءً ومن لم يجد تراباً صلى بلا ماء ولا تراب ومن وجد ما يستر عورته سترها ومن لم يجد صلى عرياناً ومن استطاع أن يصلي قائماً صلى قائماً فإن لم يستطع فقاعداً حتى وإن كان يعرف أنه بعد خروج الوقت سيقدر على القيام المهم أن الوقت مقدم على كل شيء.
فصل
القارئ: ومن ترك فرضه بالاستقبال وصلى لم تصح صلاته وإن أصاب لأنه تارك لفرضه فأشبه ما لو أخطأ وإن أتى بفرضه فبان أنه أخطأ وكان في الحضر أعاد لأن ذلك لا يكون إلا لتفريط وإن كان مسافراً لم يعد لأنه أتى بما أمر به من غير تفريط فلم تلزمه الإعادة كما لو أصاب
الشيخ: يقول وإن أتى بفرضه وفرضه أولاً أن يستدل بالمحاريب وأشباهها إذا كان في القرية ثانياً أن يجتهد ثالثاً أن يقلد.
إذا أتى بفرضه فبان أنه أخطأ وكان في الحضر أعاد لأن ذلك لا يكون إلا لتفريط والصواب أنه إذا أتى بفرضه واجتهد وهو ممن يعرف الأدلة وأخطأ فلا إعادة عليه لقول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فمثلاً إذا كان في الحضر ودخل بيتاً ينام فيه ولم يسأل صاحب البيت عن القبلة ولكنه يعرف دلائل القبلة فخرج إلى السطح ورأى النجوم وباجتهاده تبين له أن القبلة إلى هذه الناحية فصلى في هذه الناحية ثم تبين أنه أخطأ فعند المؤلف يعيد الصلاة لأن فرضه أن يسأل، الاجتهاد ما يأتي إلا إذا عدم من يسأله والصحيح أنه لا إعادة عليه لأن هذا مشقة وأحياناً يكون صاحب البيت غير موجود ولا أدري أين ذهب ولا يمكنني أن أسأله والقاعدة العامة عندنا في هذا وغيره أن كل من اجتهد في أي عبادة كان فإنه قد أدى الواجب عليه يقول وإن كان مسافراً لم يعد لأنه أتى بما أمر به من غير تفريط فلم تلزمه الإعادة كما لو أصاب.
السائل: إذا اجتهد اثنان واختلفا فقلد العامي أحدهما مع أن الآخر أوثق عنده؟
الشيخ: الصحيح أن صلاته تبطل إذا اختلف عنده اثنان وأحدهما أوثق فتبع غير الأوثق وإن كان فيه احتمال أن يكون الصواب مع غير الأوثق في هذه القضية المعينة لكن ترك تقليد من يظن أنه أصح.
السائل: ما هو تعليقكم على قوله (لأنه دليل مع عدم غيره فكذلك مع وجوده)؟
الشيخ: ليس صحيحاً، دليله مع عدم غيره ما لم يوجد من هو أولى منه.
السائل: اثنان اجتهدا في تحديد القبلة واختلفا وهما جماعة؟
الشيخ: كل واحد يصلي لما أدى اجتهاده إليه والصحيح أنهم يصلون جماعة وقيل لا يصليان جماعة لاختلاف الاتجاه لكن الصحيح أنهما يصليان كما لو اختلفا في أن هذا ناقض الوضوء أو غير ناقض.
القارئ: وإن بان له الخطأ في الصلاة استقبل جهة القبلة وبنى على صلاته لأن أهل قباء بلغهم تحويل القبلة وهم في الصلاة فاتسداروا إليها وأتموا صلاتهم متفق عليه وإن اختلف اجتهاد رجلين لم يجز لأحدهما الائتمام بصاحبه لأنه يعتقد خطأه وإن اتفقا.
الشيخ: هذا المذهب والصحيح أنه كما قلت لكم أنه يصح اقتداء أحدهما بالآخر لأن هذا مبني على الاجتهاد كما لو كان أحدهما يرى أن هذا الشيء ناقض للوضوء وأن الصلاة لا تصح معه والآخر يرى العكس لكن بعض العلماء فرق بأن المختلفين في نقض الوضوء اتجاههما واحد فهما متفقان ظاهراً أما من اختلفا في القبلة فقد يكون أحدهما يولي الآخر ظهره يكون هذا يصلي للمشرق وهذا يصلي للمغرب فحصل التباين والتنافي.
السائل: ما الحكم لو تغير اجتهاد المجتهد في تحديد القبلة أكثر من مرة وهو يصلي؟
الشيخ: العلماء ذكروا هذه المسألة قالوا لو أن الرجل صلى باجتهاد إلى جهة الشمال على أنها القبلة ثم في نفس الصلاة اختلف اجتهاده إلى أن القبلة غرباً فإنه يتجه إلى الغرب ثم اختلف اجتهاده بأن القبلة جنوباً فإنه يتجه إلى الجنوب ثم اختلف اجتهاده فظن أن القبلة شرقاً فيتجه إلى الشرق وحينئذٍ يلغز بها فيقال رجل صلى إلى أربع الجهات فصحت صلاته.
القارئ: وإن اتفقا اجتهادهما فصليا جميعاً فبان الخطأ لأحدهما استدار وحده ونوى كل واحد منهما مفارقة صاحبه فإن كان معهما مقلد تبع الذي قلده منهما ودار بدورانه وأقام بإقامته وإن قلدهما جميعاً لم يدر إلا بدورانهما لأنه دخل في الصلاة بظاهر فلا يزول إلا بمثله.
الشيخ: وعلى هذا يبقى مع الأول لم يدر إلا بدورانهما إذا استدارا جميعاً وعلى هذا فإذا استدار أحدهما دون الآخر بقي مع الأول لأنه بنى على ظاهر.
السائل: المجتهد في تحديد القبلة وهو في الصلاة كيف نقول إن صلاته صحيحة مع أن يقينه أصبح أن الجهة الأولى خاطئة؟
الشيخ: لأن أول الصلاة التي صلاها إلى جهة الشمال مثلاً بأمر الله فهو صحيح فآخر الصلاة لا يبطل أولها لأنه كله صحيح.
القارئ: وإن تغير اجتهاده في الصلاة رجع إليه كما لو بان له الخطأ نص عليه.
الشيخ: نص عليه أي الإمام أحد إذا قال المؤلف أو غيره من الأصحاب نص عليه يعني الإمام أحمد كما لو قال وهو المنصوص يعني الإمام أحمد.
القارئ: لأنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة فلم يجز له تركها وقال ابن أبي موسى لا يرجع ويبني على الأول كي لا ينقض اجتهاده باجتهاده والأول أولى وإن شك في الصلاة مضى على ما هو عليه لأنه دخل فيها بظاهر فلا يزول عنه بالشك وإن تبين له الخطأ ولم يعلم جهة القبلة فسدت صلاته لأنه لا يمكنه إتمامها إلى جهة يعلم الخطأ فيها ولا التوجه إلى جهة أخرى بغير دليل.
الشيخ: إذا تيقن أنه الآن مخطئ لكن ما يدري لأن الجهات أربع الآن تبين أن هذه الجهة خطأ لكن ما يدري هل هي في الجهة الثانية أو الثالثة أو الرابعة نقول الآن أخرج من الصلاة واعمل اجتهادك مرة أخرى حتى يترجح عندك لماذا يخرج؟ يقول المؤلف يخرج لأنه الآن يعتقد أنه على خطأ فكيف يستمر وهو يعلم أن هذه ليست هي القبلة ولم يتبين له الآن جهة أخرى حتى نقول انتقل إليها وهو ظاهر.
القارئ: وإن صلى بالاجتهاد ثم أراد صلاة أخرى لزمه الاجتهاد لها كالحاكم إذا اجتهد في حادثة ثم حدثت مرة أخرى.
الشيخ: والصحيح لا يلزمه الصحيح أنه لا يلزمه لأن الاجتهاد الأول طريق شرعي سواء في مسألة القبلة أو في الحاكم القاضي، القاضي إذا حكم بمسألة بعد أن اجتهد فيها وراجع الكتب وراجع كلام العلماء ثم حدثت أخرى نفس المسألة هل نقول يلزمك أن تبحث مرة ثانية المؤلف يقول لازم يبحث مرة ثانية والصحيح أنه لا يلزمه لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.
فصل
القارئ: فإن خفيت الأدلة على المجتهد بغيم أو غيره صلى على حسب حاله ولا إعادة عليه لما روى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) رواه ابن ماجه والترمذي ولأنه أتى بما أمر به فأشبه المجتهد مع ظهور الأدلة وإن لم يجد المقلِّد مَنْ يقلده صلى وفي الإعادة رواياتان إحداهما لا يعيد لما ذكرنا والثانية يعيد لأنه صلى بغير دليل وقال ابن حامد إن أخطأ أعاد وإلا ففيها وجهان.
الشيخ: والصحيح أنه لا يعيد لأن الله قال (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
القارئ: ويجوز للأعمى الاستدلال باللمس فإذا لمس المحاريب جاز له استقباله لأنه يحصل بذلك العلم فأشبه البصير فإن شرع في الصلاة لخبر غيره فأبصر في أثنائها وهو ممن فرضه الخبر بنى على صلاته لأن فرضه لم يتغير وإن كان فرضه الاجتهاد فشاهد ما يدل على القبلة من شمس أو محراب أو نحوه أتم صلاته وإن لم يشاهد شيئاً وكان قلد مجتهداً فسدت صلاته لأن فرضه الاجتهاد فلا تجوز صلاته باجتهاد غيره.
الشيخ: والصحيح أنها لا تفسد لأن كل من أفسد عبادة فلابد من دليل.
فصل
القارئ: ولا يقبل خبر كافر ولا فاسق ولا صبي ولا مجنون لما تقدم ويقبل خبر من سواهم من الرجال والنساء والعبيد والأحرار لأنه خبر من أخبار الديانة فأشبه الرواية وإن رأى محاريب لا يعلم أهي للمسلمين أم لغيرهم لم يلتفت إليها لأنه لا دلالة له فيها.
الشيخ: هذا الفصل القصير أنه لا يقبل خبر كافر ولا فاسق ولا صبي ولا مجنون، لا شك أن الأصل أن هؤلاء لا يقبل خبرهم ولكن إذا كان هذا مهنة للإنسان كرجل عنده آلة يقيس بها وهو فاسق لكنه مهندس يحافظ على سمعته وعلى مهنته أو كافر كذلك لكنه مهندس جيد حاذق يخاف على مهنته وعلى سمعته فإن قوله مقبول لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استأجر هادياً يدله على الطريق من مكة إلى المدينة وكان رجلاً مشركاً والعمدة في هذا هو الثقة بقوله فإذا جاءنا رجل كافر لكنه خبير بمنازل القمر والجهات مهندس لا يمكن أن يخبر بالكذب لا تديناً لله ولكن خوفاً على سمعته وحفاظاً على مهنته فما المانع من قبول خبره.
السائل: من كلام المؤلف يدل على أن محاريب غير المسلمين كمحاريب المسلمين مع أنها مختلفة عن محاريبهم؟
الشيخ: نعم لكن لعل هذا في وقت المؤلف.
السائل: الصغير الصبي هل يقبل خبره في معرفة القبلة ولو كان حاذقاً؟
الشيخ: الصبي ما يوثق بخبره ولا يقبل ولا يكون الصبي حاذقاً سبع سنين ثمان سنين ماذا يحذق؟!
فصل
القارئ: والمجتهد في القبلة العالم بأدلتها وإن كان عاميا.
الشيخ: العالم هذا ليس صفة للمجتهد ولكنه خبر مبتدأ ولو أن المؤلف رحمه الله أتى بـ (هو) ضمير الفصل لكان أبين فهو يقول المجتهد في القبلة هو العالم بأدلتها وإن كان عامياً هذا المجتهد في القبلة فقوله العالم خبر المجتهد يعني هو العالم بأدلتها.
القارئ: ومن لا يعرفها فهو مقلد وإن كان فقيها فإن من علم دليل شيء كان مجتهد فيه وأوثق أدلتها النجوم لقوله تعالى (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) وآكدها القطب وهو نجم خفي حوله أنجم دائرة كفراشة الرحى في أحدي طرفيها الفرقدان وفي طرفها الآخر الجدي وبين ذلك أنجم صغار ثلاثة من فوق وثلاثة من أسفل تدور هذه الفراشة حول القطب دوران الرحى حول قطبها في كل يوم وليلة دورة وحول الفراشة بنات نعْش مما يلي الفرقدين وهي سبعة أنجم متفرقة مضيئة والقطب في وسط الفراشة لا يبرح مكانه.
الشيخ: هذا وصف القطب وما حوله فالقبلة لها أدلة حسية متعددة منها يقول النجوم وهي أوثق الأدلة ولكن أوضح الأدلة الشمس والقمر لأن الشمس تشرق من المشرق وتغرب من المغرب فإذا عرفت جهتك حول الكعبة أو حول مكة عرفت أين القبلة إذا عرفت أن جهتك بين المشرق والمغرب بالنسبة لمكة صار المشرق على يسارك إن كنت شمالاً والمغرب على يمينك وإن كنت جنوباً فبالعكس لكن القطب ذكره لأنه لا يتغير ولكن القطب نجم خفي كما قال المؤلف رحمه الله لا يرى إلا في الليالي المظلمة التي ليس فيها قمر ولا يراه أيضاً إلا حديد البصر هذا النجم بإذن الله كقطب الرحى تدور عليه النجوم وهو لا يتغير وأقرب النجوم الواضحة حوله الجدي معروف عند العامة وأهل الأسفار يعرفون الجدي، الجدي لا يبرح عن مكانه إلا قليلاً لأنه قريب من القطب وكلما قرب من الدائرة أو أصل الدائرة فإن دورانه يكون قليلاً هذا الجدي كما قال المؤلف نجوم سبعة كالفراشة هو في طرف والفرقدان في طرف، الفرقدان نجمان مضيئان كإضاءة الجدي أو قريباً منه وتحتهما مما يلي الجدي نجمتان أيضاً أخفى منهما ثم نجمتان صغيرتان لكن ليستا تربيعية من النجمتين الأخيرتين إنما هما في جانب والجدي هو الثالث من هذه الأنجم فيكون مجموع الفراشة سبعة ثلاثة نضيد واحد اثنين أربعة الأول الجدي ثم اثنين ثم بعد ذلك أنجم أربعة نجمان هكذا واحد اثنان أربعة الذي في الطرف يسمى الفرقدان ويضرب بهما المثل في عدم التفرق كما في الملحة قال:
فرقد السماء لن يفترقا
دائماً متقارنان وهذه الفراشة السبع لا تغيب عن الأرض لأن دورتها قريبة من القطب لكن أحياناً تجدها في أول الليل جنوباً وأحياناً في أول الليل شمالاً وقول المؤلف رحمه الله إن لها في كل يوم وليلة دورة يعني في الغالب وليس على إطلاقه لأنها تسير تختلف باختلاف الزمن لكن المهم فيها أنها لا تغيب عن الأرض.
أما بنات نعش الكبرى التي يقول المؤلف رحمه الله وحول الفراشة بنات نعش مما يلي الفرقدين بنات نعش الكبرى شبيهة بالفراشة في التركيب يعني أربعة أنجم مربعة ويليها ثلاثة أنجم كل واحدة وراء الأخرى لكنها أبين وأوضح ودورتها أوسع ولهذا تغيب عن الأرض إلا أنها لا تغيب إلا مقدار أربع ساعات ثم تخرج من الشرق فهذا أثبت الأدلة لأنه لا يتغير ثم ذكر المؤلف كيف يستدل به.
القارئ: والقطب في وسط الفراشة لا يبرح مكانه، إذا جعله إنسان وراء ظهره في الشام كان مستقبلاً للكعبة وإن استدبر الفرقدين أو الجدي كان مستقبلاً للجهة.
الشيخ: أمر دقيق هذا إذا جعله وراء ظهره في الشام كان مستقلاً للكعبة يعني لعين الكعبة لكن هذا متعذر مع سعة الدائرة الأرضية وإن استدبر الفرقدين أو الجدي كان مستقبلاً الجهة أما الجدي فنعم إذا استدبره في الشام فهو مستقبل للجهة وأما الفرقدان ففيه نظر لأن الفرقدين دورتهما أوسع من دورة الجدي قد يميلان إلى الشمال وقد يميلان إلى الجنوب.
القارئ: إلا أن انحرافه يكون أكثر والشمس والقمر.
الشيخ: قوله والشمس والقمر معطوف على النجوم، فيكون: وأوثق أدلتها النجوم والشمس والقمر.
القارئ: إلا أن انحرافه يكون أكثر، والشمس والقمر ومنازلهما وهي ثمانية وعشرون منزلاً تطلع كلها من المشرق وتغرب في المغرب يكون في طلوعها على يسرة المصلي وفي غروبها على يمينه.
الشيخ: وهذا من في الشام، ومن في اليمن على العكس يكون شروقها على اليمين وغروبها على اليسار ومن في نجد يكون شروقها خلف المصلي وغروبها أمامه (1)
(1) الجدي قريب من الشام تجعله إذا كنت في نجد خلف أذنك اليمني تكون مستقبلاً القبلة.
القارئ: ويستدل من الرياح بأربع تهب من زوايا السماء الدبور تهب مما بين المغرب والقبلة مستقبلة شطر وَجْه المصلي الأيمن والصبا مقابلتها تهب من ظهره إلى كتفه اليسرى مارة إلى مهب الدبور والجنوب تهب مما بين المشرق والقبلة مارة إلى الزاوية المقابلة لها والشمال تهب من مقابلتها مارة إلى مهب الجنوب.
الشيخ: هذه الرياح هي أضعفها دلالة لأنها واسعة لكن مع ذلك يستدل بها وكثير من الناس الذين يمارسون الأسفار يعرفون الريح هل هي شمالية أو جنوبية أو صبا أو دبور بمجرد ما تهب يعرفونها من طبيعتها أما نحن الذين نخرج بثياب كثيرة وندخل بثياب ما نعرف الأشياء هذه.
فصل
القارئ: ويسقط الاستقبال في ثلاثة مواضع أحدها عند العجز لكونه مربوطاً إلى غير القبلة يصلي على حسب حاله لأنه فرض عجز عنه أشبه القيام.
الشيخ: لو قال المؤلف بقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) لكان أسهل وأطمأن لنفسه يطمئن الإنسان أكثر.
القارئ: والثاني في شدة الخوف مثل حال التحام الحرب والهرب المباح من عدو أو سيل أو سبع لا يمكنه التخلص منه إلا بالهرب فيجوز له ترك القبلة ويصلي حيث أمكنه راجلاً وراكباً لقول الله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً) قال ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم (مستقبلي القبلة وغير مستقبليها) رواه البخاري ولأنه عاجز عن الاستقبال كأشبه المربوط فإن كان طالباً للعدو يخاف فوته ففيه روايتان إحداهما يجوز له صلاة الخائف كالمطلوب لأن عبد الله بن أنيس قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى سفيان بن خالد الهذلي لأقتله فانطلقت أمشي فحضرت العصر وأنا أصلي أومئ إيماءً نحوه رواه أبو داوود وظاهره أنه أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره قال الأوزاعي قال شرحبيل بن حسنة لا تصلوا الصبح إلا على ظهر فنزل الأشتر فصلى على الأرض فمر به شرحبيل فقال مخالف خالف الله به فخرج الأشتر بالفتنة ولأنها إحدى حالتي الخوف فأشبهت حالة المطلوب والثانية لا يجوز لأنه آمن.
الشيخ: إذاًَ هذان موضعان الموضع الأول عند العجز والثاني عند الخوف وعند الطلب فيه روايتان كما سمعتم رواية أنه يجوز ترك استقبال القبلة لأن الطالب كالهارب وللحديث الذي ذكره ورواية أخرى أنه لا يجوز لأن الطالب غير خائف والله يقول (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً) والصحيح أنه ينظر في المصلحة إذا كان الطالب يريد أن يقضي على عدو يخشى منه على المسلمين فإنه يحل له ترك استقبال القبلة وإن كان عدوه هارباً أما إذا كان لا يخشى ويمكن أن يصلي الإنسان ثم يدركه بعد ذلك فلا يجوز ترك استقبال القبلة، وإذا كان المريض في المستشفى مضطجع على سرير ولا يتمكن من استقبال القبلة لا بنفسه ولا بالممرضين فهل يسقط عنه استقبال القبلة؟ نعم يسقط عنه لأنه عاجز وفي هذا دليل على أن الوقت أهم شروط الصلاة بحيث يخل الإنسان بذات الصلاة من أجل المحافظة على الوقت.
السائل: إذا كان الهارب قاتلاً هل يجوز له عدم استقبال القبلة؟
الشيخ: ماذا قال المؤلف في أول الكلام قال والهرب المباح والقاتل إذا هرب هل هربه مباح؟ ليس مباحاً إذاً لا يجوز لأنه لا يجوز أن يترخص في أمر محرم.
السائل: بالنسبة للمريض لو أمكن أن يدار السرير إلى القبلة فهل يجب ذلك؟
الشيخ: إذا أمكن أن يدار السرير إلى القبلة وجب لكن أحياناً لا يمكن لأن بعض السرر تكون ثابتة أو تكون الحجرة مثلاً ضيقة وهو في طولها ولا يمكن أن يكون في عرضها المهم إذا أمكن وجب.
القارئ: الثالث النافلة في السفر فإن كان راكباً فله الصلاة على دابته لما روى ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه وكان يوتر على بعيره) متفق عليه وكان يصلي على حماره ولا فرق بين السفر الطويل والقصير لأن ذلك تخفيف في التطوع كي لا يؤدي إلى قطعه وتقليله فيستوي فيه الطويل والقصير فإن أمكنه الاستقبال والركوع والسجود كالذي في العمارية لزمه ذلك لأنه كراكب السفينة ويحتمل أن لا يلزمه لأن الرخصة العامة يستوي فيها ذو الحاجة وغيره وإن شق عليه صلى حيث كان وجهه يومئ بالركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وإن شق عليه استقبال القبلة في تكبيرة الإحرام كراكب الجمل المقطور لا يمكنه إدارته لم يلزمه وإن كان سهلاً ففيه وجهان أحدهما يلزمه ذلك اختاره الخرقي لأنه أمكنه الاستقبال في ابتداء الصلاة فلزمه كالماشي والثاني لا يلزمه اختاره أبو بكر لأنه جزء من الصلاة فأشبه سائرها فإن عدلت به البهيمة عن جهة مقصده إلى جهة القبلة جاز لأنها الأصل وإن عدلت إلى غيرها وهو عالم بذلك مختار له بطلت صلاته لأنه ترك قبلته لغير عذر وإن ظنها طريقه أو غلبته الدابة لم تبطل فأما الماشي ففيه روايتان إحداهما له الصلاة حيث توجه لأنها إحدى حالتي سير المسافر فأشبه الراكب لكنه يلزمه الركوع والسجود على الأرض مستقبلاً لإمكان ذلك والثانية لا يجوز وهو ظاهر قول الخرقي لأن الرخصة وردت في الراكب والماشي بخلافه لأنه يأتي في الصلاة بمشي وذلك عمل كثير فإن دخل المسافر في طريقه بلداً جاز أن يصلي فيه وإن كان في البلد الذي يقصده أتم صلاته ولم يبتدئ فيه صلاة.
الشيخ: إذاً الثالث مما يستثنى في وجوب استقبال القبلة النافلة في السفر لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي على راحلته حيث ما توجهت به وهل يقاس على الراكب الماشي في هذا قولان للعلماء القول الأول أنه يقاس لأن كلاً من الراكب والماشي محتاج ولو أن الماشي وقف ليركع ويسجد ويجلس لتأخر في سيره فهو محتاج لمواصلة السير محتاج لكثرة النوافل كالراكب وهذا هو الصحيح وهو المذهب لكن فرقوا بينه وبين الراكب بأن الماشي يلزمه افتتاح الصلاة إلى القبلة والركوع والسجود والراكب يلزمه افتتاح الصلاة إلى القبلة ولا يلزمه الركوع والسجود لأنه يتعذر عليه الركوع والسجود فيؤمئ إيماءً والصحيح أنه يجوز للراكب والماشي ولا يلزمه افتتاح الصلاة إلى القبلة وإنما افتتاح الصلاة إلى القبلة أفضل وإلا فالرخصة عامة وعلى المذهب الذين يقولون بوجوب افتتاح الصلاة إلى القبلة يقول لو عجز كالإبل المقطورة التي ربط بعضها ببعض ولا يمكن أن تتجه إلى القبلة وحدها فإنه يسقط عنه في هذه الحال لأنه تعذر عليه.
السائل: الذي يجاهد من المسلمين في حرب بينه وبين الكفار كيف تكون صلاته؟
الشيخ: يصلي الصلاة المعتادة يومئ إيماءً بالركوع والسجود وإذا كان يحتاج إلى كر وفر فلا بأس يكر ويفر وهو في صلاته.
السائل: ما معنى العمارية؟
الشيخ: العمارية: هذه عبارة عن شيء يوضع على ظهر الجمل كالكرسي يمكن للإنسان في وسط العمارية هذه يتحرك يروح يمين ويسار فهل يلزمه أن يستقبل القبلة لأنه يمكنه بسهولة أو لا يلزمه؟ فيه احتمالان احتمال أنه يلزمه واحتمال أنه لا يلزمه لأن الرخصة عامة.
باب
في الشرط الخامس وهو الوقت
القارئ: وقد ذكرنا أوقات المكتوبات ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف فإن أحرم بها فبان أنه لم يدخل وقتها انقلبت نفلاً لأنه لما بطلت نية الفريضة بقيت نية الصلاة.
الشيخ: إذاً هذه قاعدة مفيدة الصلاة الفريضة تشتمل نيتها على شيئين هما النية المطلقة للصلاة والثانية النية المعينة أنها فريضة الظهر العصر المغرب العشاء الفجر فإذا بطلت باعتبار التعيين بقي الإطلاق ولهذا قال المؤلف رحمه الله لأنه لما بطلت نية الفريضة بقيت نية الصلاة.
وقول المؤلف فإن أحرم بها فبان أنه لم يدخل وقتها انقلبت نفلاً قال فبان يفهم منه أنه لو أحرم بها قبل الوقت وهو يعلم أنه لم يدخل ونواها فإنها لا تصح لا فرضاً ولا نفلاً لأنه مستهزئ يأتي إنسان يقول أنا سأصلي الظهر في الضحى ما يصير سأصلي الفجر قبل طلوع الفجر ما يمكن لو فعل ذلك متعمداً صار آثماً ولم تصح صلاته لا فرضاً ولا نفلاً.
القارئ: ووقت سنة كل صلاة مكتوبة متقدمة عليها من دخول وقتها إلى فعلها ووقت التي بعدها من فعلها إلى آخر وقتها.
الشيخ: هذا بيان لأوقات النوافل التابعة للصلاة الراتبة التي قبل الصلاة وقتها من دخول وقت الصلاة إلى فعل الصلاة والتي بعدها من انتهاء الصلاة إلى آخر الوقت وعلى هذا فراتبة الظهر الأولية إذا فعلت بعدها فهي قضاء لأنها في غير الوقت.
السائل: هل الراتبة القبلية من دخول الوقت ولو لم يؤذن؟
الشيخ: نعم ولو لم يؤذن العبرة بدخول الوقت.
السائل: بعضهم يفرق بين القائد للسيارة والراكب مع أن السائق بإمكانه يقود السيارة ويصلي؟
الشيخ: الفرق بينهما أن القائد ينشغل ذهنه وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) وأيضاً هو على خطر لكن لو فرضنا أن الخطر منتفي فالقائد وغيره سواء لأن حركة القيادة في السيارة سهلة لأن بعض السيارات ما يتحرك إلا اليد فقط تكون أتوماتيكية.
القارئ: فأما النوافل المطلقة فجميع الزمان وقت لها إلا خمسة أوقات بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وبعد العصر حتى تتضيف الشمس للغروب وإذا تضيفت حتى تغرب فلا يجوز التطوع في هذه الأوقات لصلاة لا سبب لها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس) متفق عليه وروى عقبة بن عامر قال (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول وحين تضيف الشمس للغروب) رواه مسلم والنهي عما بعد العصر يتعلق بالفعل ولو لم يصلِّ فله التنفل وإن صلى غيره لأن لفظ العصر بإطلاقه ينصرف إلى الصلاة وعن أحمد فيما بعد الصبح مثل ذلك لأنها إحدى الصلاتين فكان النهي متعلقاً بفعلها كالعصر والمشهور في المذهب أنه متعلق بالوقت لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليبلغ الشاهد الغائب أن لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين) رواه أبو داوود وسواء في هذا مكة ويوم الجمعة وغيرهما لعموم النهي في الجميع.
الشيخ: هذه أوقات النهي وهي خمسة وإن شئت فقل ثلاثة، يقول المؤلف رحمه الله خمسة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح وعند قيامها يعني وسط النهار عند الزوال حتى تزول الشمس والرابع من صلاة العصر حتى تضيف للغروب والخامس إذا تضيفت للغروب حتى تغرب لكن ما معنى تضيفت للغروب؟ قيل معناه إذا شرعت في الغروب يعني غاب أول القرص وهذا لا يستغرق إلا دقيقة ونصفاً أو نحو ذلك وقيل إذا بقي عليها أن تغرب طول طلوعها يعني قيد رمح وهذا هو الصحيح وعلى هذا فيكون من الفجر إلى طلوع الشمس ومن طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول ومن صلاة العصر حتى يبقى عليها قيد رمح ومن ذا إلى أن تغرب خمس أوقات ولكن هل النهي متعلق بوقت الصلاة في الفجر أو بفعلها؟ في هذا روايتان عن أحمد رواية أن النهي متعلق بالوقت وعلى هذا يدخل وقت النهي قبل الصلاة ورواية أخرى أن النهي متعلق بالصلاة صلاة الفجر وعلى هذا فلا ينهى عن النفل إلا بعد صلاة الفجر الدليل المؤلف رحمه الله قال إنها إحدى الصلاتين فكان النهي متعلقاً بفعلها كالعصر فجعل الحكم قياساً على صلاة العصر فإن النهي في صلاة العصر لا يدخل من وقت العصر إذا أذن العصر صلِّ ما شئت من النوافل وإنما يدخل النهي في العصر بالصلاة، الفجر سمعتم أن فيه قولين الذين قالوا بالجواز علل المؤلف قولهم بأنه قياس على العصر والصحيح أنه ليس ذلك من باب القياس بل ثبت به النص (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد صلاة الصبح) بهذا اللفظ وعلى هذا فيكون متعلقاً بفعل الصلاة لا بالقياس ولكن بالنص وهذا هو الصحيح أن الحكم متعلق بفعل الصلاة صلاة الفجر أما الحديث الذي ذكره المؤلف فلا شك أن ما بين طلوع الفجر وصلاة الفجر لا تسن فيه الصلاة إلا ركعتي الفجر وهما ركعتان خفيفتان كما عرفتم فلو قال الإنسان أنا سأقوم أصلي بين أذان الفجر وإقامة الصلاة غير الراتبة قلنا لا، لا تفعل
هذا خلاف الأولى لكن لو فعل هل يكون آثماً كما لو صلى بعد صلاة الفجر؟ الصحيح لا يكون آثماً والصلاة صحيحة لكنها غير مطلوبة في هذا الوقت وقوله: لا فرق في هذا بين مكة والجمعة وغيرها لأن بعض العلماء قال لا نهي في مكة واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار) قال (أية ساعة شاء من ليل أو نهار) وهذا يشمل الساعات التي فيها النهي وقول المؤلف: الجمعة نص عليها لأن بعض العلماء قال لا نهي عن التطوع وسط النهار يوم الجمعة وأن الإنسان له أن يتطوع ولو قبل زوال الشمس بيسير واستدلوا لهذا بحديث ورد باستثناء يوم الجمعة لكنه ضعيف (إلا يوم الجمعة) لكنه ضعيف واستدلوا بفعل الصحابة وأنهم كانوا يتقدمون إلى صلاة الجمعة ولا يزالون يصلون إلى أن يأتي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفعل الصحابة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام سنة وهذا التعليل الثاني هو الذي اختاره شيخ الإسلام رحمه الله وقال إنه لا نهي عند الزوال في يوم الجمعة لفعل الصحابة ولكن هذا إذا كان الإنسان مستمراً في التطوع أما ما يفعله بعض الناس اليوم إذا قارب مجيء الإمام قام يتطوع فهذا فيه نظر ولا ينبغي أن يفعله الإنسان.
فصل
القارئ: ويجوز قضاء المكتوبات في كل وقت لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) وقوله عليه السلام (من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته) ويجوز في وقتين منهما وهما بعد الفجر وبعد العصر الصلاة على الجنازة لأنهما وقتان طويلان فالانتظار فيهما يضر بالميت.
الشيخ: سبق لنا أن الصواب أن النهي في أول النهار متعلق بفعل الصلاة ثم ذكر المؤلف في هذا الفصل ما الذي يفعل في أوقات النهي فذكر أن الذي يفعل الصلاة الفائتة أي وقت تذكر هذه الصلاة الفائتة أو تستيقظ فصلّ دليله قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) والحديث الذي بعده ثم قال ثانياً يجوز في وقتين منها وهما بعد الفجر وبعد العصر الصلاة على الجنازة وهذا من فائدة تقسيم أوقات النهي إلى خمسة أقسام إن الأوقات الثلاث القصيرة لا يجوز فيها صلاة الجنازة وهي من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وإذا تضيفت للغروب حتى تغرب هذه لا يجوز فيها صلاة الجنازة، في الأوقات الطويلة يجوز صلاة الجنازة وعلل المؤلف ذلك بأن هذه الأوقات طويلة يشق الانتظار انتظار زوال الوقت.
القارئ: وركعتا الطواف بعده.
الشيخ: هذا الثالث ركعة الطواف بعده أي بعد الطواف.
القارئ: لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى في أية ساعة شاء من ليل أو نهار) رواه الشافعي والأثرم.
الشيخ: هذه ركعتا الطواف أيضاً تجوز في أوقات النهي في أي وقت لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار) أية بالتأنيث لأن ساعة مؤنث والمؤنث يؤتى فيه بالتاء وجه الدلالة أنه قال أية ساعة ولكنه نوزع في هذا الاستدلال وقيل إن هذا من باب النهي عن المنع بسبب الولاية فيأتي المنع الشرعي ينظر فيه يعني يقول أنتم ولاة البيت لا تمنعوا أحداً طاف به أو صلى أية ساعة وهذا باعتبار السلطة والولاية ثم هل يجوز أن يصلي أو لا يصلي هذا يرجع إلى الشرع ولا شك أن هذه منازعة قوية في هذا الدليل وأنه لقائل أن يقول هذا ولكن الصحيح أن ركعتي الطواف تفعلان في وقت النهي لكن بناءً على قاعدة مهمة نذكرها إن شاء الله تعالى في آخر ما يذكره المؤلف من الاستثناءات حتى يتبين وجه ذلك.
القارئ: وإعادة الجماعة لما روى يزيد ابن الأسود أنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه فقال (ما منعكما أن تصليا معنا) فقالا يا رسول الله قد صلينا في رحالنا فقال (لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة) رواه الأثرم.
الشيخ: هذه القصة وقعت والرسول عليه الصلاة والسلام في منى في مسجد الخيف لما سلم إذا هو برجلين لم يصليا فجيء بهما ناداهما الناس فأتيا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ترعد فرائصهما يعني يتنافران من هيبة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال (ما منعكما أن تصليا معنا) قالا صلينا في رحالنا فقال (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة) إنها الضمير يعود للصلاة الأولى أو للثانية؟ للثانية لأنها أقرب مذكور ولأن الفرض سقط بالصلاة الأولى ولا يمكن أن يعود الفرض نفلاً فقوله (إنها) يعني الصلاة الثانية استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن صلاة الجماعة لا يجب أن تكون في المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينههما ما قال لا تصليا في رحالكما بل ائتيا إلى جماعة الناس بل أقرهما على أن يصليا في رحالهما وهذا هو المذهب عند الحنابلة أن صلاة الجماعة لا يجب أن تكون في المساجد بل الواجب الجماعة ولو في البيت واستدلوا بهذا الحديث وهذا الحديث في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع فيبعد أن يكون منسوخاً وقال آخرون من العلماء بل الصلاة في الجماعة واجبة في المساجد وهذان الرجلان اللذان صليا في رحالهما يحتمل أنهما لم يعلما بوجوب الصلاة في المساجد مع الناس ويحتمل أنهما ظنا أن الناس قد صلوا ويحتمل احتمالات أخرى والقاعدة في الاستدلال أنه إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال وأن النصوص المتشابهة ترد إلى المحكم فإذا كان لدينا نص محكم يدل على وجوب الصلاة جماعة في المساجد فلا يمكن أن نبطل دلالة هذا النص المحكم من أجل دلالة حديث متشابه أو نص متشابه سواء آية أو حديث وقال بعض العلماء صلاة الجماعة في المساجد فرض كفاية لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة التي لا يجوز أن تعدمها بلاد المسلمين وإذا وجد من يكفي سقط عن الباقين وعلى هذا فإذا صلى في المسجد ثلاثة وجماعته ألف نفر سقط الفرض
بصلاة هؤلاء الثلاثة بل إذا صلى اثنان سقط الفرض بصلاتهما لأنه فرض كفاية ولا شك أن الاحتياط للإنسان والأسلم والابرأ لذمته أن يصلي مع جماعة المسلمين لما في ذلك من المصالح العديدة التي يأتي ذكرها إن شاء الله في باب صلاة الجماعة الشاهد أن هذا هو الموضع الرابع مما يستثنى فعله في أوقات النهي إعادة الجماعة وظاهر كلام المؤلف أن إعادة الجماعة مشروعة حتى صلاة المغرب وهذا موضع خلاف بين العلماء فمن العلماء من يقول إن صلاة المغرب لا تسن إعادتها لأنها وتر والوتر لا يكرر والصحيح أنها كغيرها تعاد ولا يقال إنها وتر بل نقول إنها صلاة معادة غير مستقلة فالمصلي تابع لغيره ليست صلاة مستقلة وعلى هذا فلا حاجة إذا سلم الإمام من صلاة المغرب أن تقوم فتأتي برابعة والدليل على أنها تدخل صلاة المغرب عموم قوله صلى الله عليه وسلم (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم).
السائل: ما حكم من صلى جماعة في مسجد ثم يذهب إلى مسجد آخر لقصد إعادة الجماعة؟
الشيخ: قصد المسجد لإعادة الجماعة غير مشروع إلا إذا جئت بغير قصد الإعادة ولهذا قال (ثم أتيتما مسجد جماعة) ما قال فاذهبا إلى مسجد جماعة لم يقل إذا صليتما في رحالكما فاذهبا إلى مسجد جماعة بل قال (ثم أتيتما مسجد جماعة).
السائل: قول المؤلف: وركعتا الطواف بعده قوله بعده هل هذا قيد؟
الشيخ: لا هذا بيان للواقع لأنه لا يوجد ركعتا طواف قبله.
القارئ: فأما فعل هذه الصلوات الثلاث في الأوقات الثلاثة الباقية ففيها روايتان إحداهما يجوز لعموم الأدلة المجوزة ولأنها صلاة جازت في بعض أوقات النهي فجازت في جميعها كالقضاء والثانية لا يجوز لقول عقبة في حديثه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا) وذكر الصلاة مع الدفن ظاهر في الصلاة مع الميت ولأن النهي في هذه الأوقات آكد لتخصيصهن بالنهي في أحاديث ولأنها أوقات خفيفة لا يطاف على الميت فيها ولا يشق تأخير الركوع للطواف فيها بخلاف غيرها.
الشيخ: والصحيح أنها عامة بل الصحيح أن لدينا قاعدة وهي أن كل صلاة ذات سبب فهي جائزة في وقت النهي أولاً لأن في بعض أحاديث النهي أنه (نهى أن يُتحرَّى طلوع الشمس وغروبها).
وثانياً أن العلة في النهي عن الصلاة في هذه الأوقات مشابهة الكفار وما كان له سبب فإنه لا تتأتى فيه المشابهة لأن الصلاة تعزى إلى هذا السبب وتبعد فيها المشابهة.
ثالثاً أن هذه المسائل المعينة التي ورد فعلها في أوقات النهي يقاس عليها ما كان مشابهاً لها من ذوات الأسباب وهذا القول هو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد رحمه الله وهو مذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي وشيخنا عبد العزيز بن باز وهو الصحيح أن كل ذات سبب فإنها تصلى في وقت النهي فتحية المسجد مثلاً لو دخلت قبل الغروب فصلها لا تجلس حتى تصلي، ركعتا الطواف، إعادة الجماعة، صلاة الاستخارة في أمر يفوت أما في أمر لا يفوت فلا تصلي لأنه يمكن أن تؤخر الصلاة إلى أن يزول وقت النهي.
السائل: ماحكم صلاة الجنازة على القبر وقت النهي؟
الشيخ: صلاة الجنازة على القبر لا تصلى في وقت النهي لأن السبب الصلاة الأولى أما هذه فيمكن أن تؤخرها إلى وقت آخر نعم لو فرض أن الميت لم يدفن فيصلى عليه من أجل اغتنام أو انتهاز الفرصة في وجوده بين يدي المصلي.
السائل: هل قول النبي صلى الله عليه وسلم (ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم) هذا مخصوص بالفرض أم أيضاً النافلة كصلاة التراويح؟
الشيخ: حتى النافلة لا ينبغي أن تجلس والناس يصلون.
فصل
القارئ: ومتى أعاد المغرب شفعها برابعة نص عليه لأنها نافلة ولا يشرع التنفل بوتر في غير الوقت.
الشيخ: قوله نص عليه يعني الإمام أحمد رحمه الله يشفعها برابعة والصواب أنه لا يشفعها لأن الأحاديث عامة أن تصلي مع الإمام وتكون نافلة ولا يقال هذا وتر فلا يعاد نقول لأن هذه الإعادة ليست وتراً استقلالياً حتى نقول إن الرجل أوتر مرتين.
القارئ: ومتى أقيمت الصلاة في وقت نهي وهو خارج من المسجد لم يستحب له الدخول فإن دخل صلى معهم لما روي عن ابن عمر أنه خرج من دار عبد الله بن خالد حتى إذا نظر إلى باب المسجد إذا الناس في الصلاة فلم يزل واقفاً حتى صلى الناس وقال إني قد صليت في البيت
الشيخ: مثلاً رجلٌ جاء إلى المسجد وقد صلى ووجدهم يصلون فبقي خارج المسجد فلا بأس اقتداءً بفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
فصل
القارئ: فأما سائر الصلوات ذوات الأسباب كتحية المسجد وصلاة الكسوف وسجود التلاوة وقضاء السنن ففيها روايتان إحداهما المنع لعموم النهي ولأنها نافلة فأشبهت ما لا سبب له والثانية يجوز فعلها لما روت أم سلمة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد العصر فصلى ركعتين فقلت يا رسول الله صليت صلاة لم أكن أراك تصليها فقال (إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر وإنما قدم وفد بني تميم فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان) رواه مسلم وعن قيس بن عمر قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد الصبح ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصلاة الصبح مرتين) فقال له الرجل إني لم أكن صليت ركعتين قبلها فصليتهما الآن فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داوود ولأنها صلاة ذات سبب فأشبهت ركعتي الطواف والمنصوص عن أحمد في الوتر أنه يفعله قبل الفجر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله زداكم صلاة فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح) رواه الأثرم وقال في ركعتي الفجر إن صلاهما بعد الفجر أجزأه قال أحمد رحمه الله وأما أنا فأختار تأخيرهما إلى الضحى لما روى الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لم يصلِّ ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس).
الشيخ: هذا الفصل في ذوات الأسباب منها:
تحية المسجد وتعرفون أن بعض العلماء يرى أنها أي تحية المسجد واجبة وعلى هذا فلا تدخل في الاستثناء لماذا؟ لأن الكلام في النوافل ولا نهي عن واجب هذه واحدة.
الثاني صلاة الكسوف أيضاً فيها خلاف والراجح عندي أن أدنى ما نقول فيها أنها فرض كفاية وأما أن تكون سنة إن صلاها الناس أجروا وإن لم يصلوها لم يؤزروا ففي النفس منها شيء كيف يوجد كسوف والناس غافلون لا يلتفتون إلى الله هذا بعيد أن يقوله قائل والصواب أن أدنى ما يقال في صلاة الكسوف أنها فرض كفاية ولا بد.
أيضاً سجود التلاوة، سجود التلاوة مختلف في كونه صلاة فإن قلنا إنه ليس بصلاة فلا وجه لاستثنائه كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
قضاء السنن، قضاء السنن هل هو من ذوات الأسباب أو يمكن قضاؤها في وقت آخر لأن وقتها فات والحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله في حديث قيس بن عمر فظاهر هذا الحديث أنها تصلى في وقت النهي والحديث الثاني يدل على أنها تصلى بعد طلوع الشمس والصواب أنها جائز أن تصلى بعد صلاة الفجر وأن تصلى بعد طلوع الشمس والغالب أن يُختار أنها بعد صلاة الفجر لأن الإنسان إذا أخرها لها عنها ونسيها وهذا يقع كثيراً.
أما مسألة الوتر فالحديث الذي ذكره المؤلف ضعيف أو يحمل المراد إلى صلاة الصبح أي إلى وقت صلاة الصبح لأنه ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى) ولا يقضى الوتر بعد طلوع الفجر بل إذا طلع الفجر وأنت لم توتر فلا تقضه إلى بعد طلوع الشمس في الضحى ولا تقضه وتراً ولكن اقضه شفعاً لحديث عائشة الذي في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة).
السائل: كيف يقضي صلاة الوتر؟ وهل يقنت؟
الشيخ: يكون شفعاً والقنوت ليس سنة دائماً يعني لم يثبت عن الرسول أنه قنت بوتر أبداً.
باب
النية
القارئ: وهي الشرط السادس فلا تصح الصلاة إلا بها بغير خلاف لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) ولأنها عبادة محضة فلم تصح بغير نية كالصوم ومحل النية القلب.
الشيخ: الشرط السادس النية وهنا النية لها أوجه:
الوجه الأول نية العمل وهو الذي يتكلم عليه الفقهاء رحمهم الله.
والوجه الثاني نية المعمول له هل ينوي بهذا العمل وجه الله أو شيئاً آخراً وهذا يتكلم عنه أهل التوحيد
والوجه الثالث نية الامتثال امتثال الأمر وهذا يتكلم عنه أرباب السلوك فلها ثلاث جهات أولاً نية العمل والثاني نية المعمول له والثالث نية الامتثال وأكثر الناس في عباداتهم اليوم يركزون على نية العمل وينسون نية المعمول له بناءً على أنهم مخلصون لله وليس في قلوبهم شيء سوى الله لكنهم ينسون نية الامتثال وأنه قام يصلي امتثالاً لقوله تعالى (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) قام يتوضأ امتثالاً لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) وما أشبه ذلك وهذا يفوت على الإنسان خيراً كثيراً ويجعل العبادات قشوراً لا لباً فلابد من مراعاة هذه الأوجه الإخلاص ونية الامتثال ونية العمل، نية العمل يتميز بها العادة من العبادة ويتميز بها العبادات بعضها من بعض يقول المؤلف رحمه الله محلها القلب وهذا صحيح محلها القلب أما اللسان فليس له تدخل في النية ولذلك لو نطق بغير ما أراد في قلبه فإنه لا يؤثر.
القارئ: ومحل النية القلب فإذا نوى بقلبه أجزأه وإن لم يلفظ بلسانه وإن نوى صلاة فسبق لسانه إلى غيرها لم تفسد صلاته.
الشيخ: ولكن هل الأفضل أن ينطق بالنية أو لا ينطق؟ وإذا قلنا الأفضل أن ينطق فهل ينطق بها سراً أو جهراً؟ في هذا خلاف والصواب أنه لا يستحب النطق بها لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره فلا ينطق بالنية وبعضهم قال ينطق بها جهراً إعلاناً للعبادة وقياساً على قول الحاج لبيك حجاً ولكن هذا لا وجه له ومن طرائف الأخبار أن عامياً وقف إلى جنب رجلٍ يصلي في الحرم في زمن قديم قبل أن تتوسع مدارك الناس وفهومهم وعلومهم فلما أراد أن يصلي هذا الرجل الأجنبي إلى جنب العامي قال اللهم إني نويت أن أصلي صلاة الظهر أربع ركعات في المسجد الحرام خلف الإمام الراتب لما أراد يكبر قال قف باقي عليك قال وماذا بقي قال باقي عليك التاريخ قل في يوم كذا في شهر كذا في سنة كذا ما دام المسألة يقصد بها التحديد فلابد من ذكر الوقت أنت ذكرت المكان والإمام والصلاة إذا كان المقصود التعيين فلابد أن تذكر التاريخ هذه من طرائف الأخبار وليست بغريبة على العوام، العامي بفطرته ينكر ما لا يأتي به الشرع وأذكر أني مرة في مجلس فتكلم بعض الإخوان عن قول أهل التعطيل في استواء الله على العرش قال (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) يعني استولى عليه فقال العامي باللغة العامية الله يعطيه العمى إذن العرش من هو عنده بالأول فسبحان الله حتى أنا تعجبت قلت هل أنت سمعت من عالم من قبل قال لا هذه واضحة خلق السماوات والأرض ثم استولى طيب عند من العرش قبل هذا فطر العوام تنكر ما لا يأتي به الشرع اللهم لك الحمد.
السائل: الفرق بين نية المعمول له ونية الامتثال لم يتبين لي؟
الشيخ: نية الامتثال أنك تستحضر أنك تفعل هذا امتثالاً لأمر الله ونية المعمول له أن تستحضر بأنك تفعل هذا لله لا رياءً ولاسمعة فمعنى نية الامتثال امتثال أمر الله، الله أمر (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) تقول أنا الآن أشعر بأني أطبق هذا الأمر إقامة الصلاة طبعاً إقامة الصلاة لا تكون إلا بالاتباع لكن الإخلاص تصلي ولا يخطر ببالك أنك تمتثل أمر الله لكنك مخلصاً لله في هذه العبادة.
القارئ: والأفضل النية مع تكبيرة الإحرام لأنها أول الصلاة لتكون النية مقارنة للعبادة ويستحب استصحاب ذكرها في سائر الصلاة لأنها أبلغ في الإخلاص.
الشيخ: هذه مسألة مهمة النية تكون عند أول فعل العبادة ويستحب أن تكون على ذكر منها تذكرها في كل أجزاء الصلاة هذا هو الأفضل لتكون النية مقارنة للعمل في كل جزء منه هذا هو الأفضل فإن غابت عنك في أثناء الصلاة هل يضرك هذا أو لا؟ لا، لا يضرك أنت على نيتك الأولى فإن جاءك الشيطان في أثناء الصلاة قال هل أنت ناوي الظهر أو العصر فلا تلتفت لهذا لا تلتفت أنت على نية الصلاة التي أتيت لها ولهذا ذهب ابن شاقلا من أصحاب الإمام أحمد مذهباً فيه راحة للناس قال يكفي في نية الصلاة أن تنوي بها صلاة هذا الوقت وإن لم تعين أنها ظهر أو عصر لأنه قد يغيب عنك تعيين الظهر أو العصر ولا سيما إذا جئت والإمام راكع لأنه قد يغيب عن ذهنك التعيين فإذا نويت أنك إنما أتيت لتصلي فريضة هذا الوقت أجزأك وهذا لا شك أن فيه سعة للناس المهم أن استصحاب النية في جميع أجزاء الصلاة سنة فإن خلا الركوع أو السجود أو القيام أو القعود عن النية لكن ما نويت القطع أجزأ ومن هنا أخذ كثير من العلماء ومنهم الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله أنه لا يشترط نية الطواف ولا نية السعي لأن الطواف والسعي جزء من العبادة فكما أنك لا تنوي الركوع في الصلاة ولا السجود بل تكفي النية العامة للصلاة فكذلك الطواف والسعي وسائر أجزاء العبادة أنت من حين ما قلت لبيك عمرة عند الميقات فإنك قد نويت كل أفعال العمرة وهذا أيضاً فيه سعة للناس، كثير من الناس ولا سيما في أيام الزحام يدخل البيت الحرام ويشرع في الطواف ويغيب عن ذهنه أنه نوى طواف العمرة أو أي طواف كان فإذا قلنا أن الطواف والسعي بمنزلة الركوع والسجود في الصلاة وأن النية العامة تشملهما صار في ذلك سعة للناس وتسهيلاً وهو قول كثير من أهل العلم وهو الذي نختاره لأن الحقيقة أن كثيراً من الناس يندهش ولا سيما إذا رأى كثرة الناس فيدخل بنية الطواف ولا يشعر بأنه للحج أو للعمرة ولكن الطواف سينويه لأنه جاء ليطوف فيطوف.
السائل: هل يشرع التلفظ بنية الحج والعمرة؟
الشيخ: لا يشرع وأما قول لبيك حجاً فهذا إخبار عما في القلب لكن النطق بالنية أن تقول عند الإحرام اللهم إني نويت العمرة اللهم إني نويت الحج كما يذكره الفقهاء رحمهم الله قالوا ينبغي لمن أراد الإحرام أن يقول اللهم إني نويت العمرة وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني اللهم إني نويت الحج وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني هذا غير صحيح أنت إذا تهيأت ثم لبيت هذا هو الدخول فالتلبية بمنزلة تكبيرة الإحرام لا بمنزلة النية وتعيينها إظهار لما في القلب ليس عقداً بل إظهار لما في القلب كأنك تقول أنا الآن ملبي بعمرة.
السائل: هل نقول لا يستحب التلفظ بالنية أو التلفظ بها بدعة؟
الشيخ: شيخ الإسلام صرح بأنه بدعة والقاعدة أن كل من تعبد لله بما لم يشرعه الله من عقيدة أو قول أو عمل أو ترك فهو مبتدع هذا الضابط من تعبد لله فلابد من قصد التعبد في البدعة أما ما جرى مجرى العادات فهذا لا يسمى بدعة وإن سمي بدعة لغة فليس بدعة شرعاً.
القارئ: وإن تقدمت النية التكبير بزمن يسير جاز ما لم يفسخها لأن أولها من أجزائها فكفى استصحاب النية فيها كسائر أجزائها وإن كانت فرضاً لزمه أن ينوي الصلاة بعينها ظهراً أو عصراً لتتميز عن غيرها قال ابن حامد ويلزمه أن ينوي فرضاً لتتميز عن ظهر الصبي والمعادة وقال غيره لا يلزمه لأن ظهر هذا لا يكون إلا فرضا وينوي القضاء في الفائتة.
الشيخ: المؤلف اشترط في الصلاة المعينة أن ينويها بعينها فلا يصح أن ينوي مطلق الصلاة بل لابد أن ينويها بعينها إن كانت ظهراً ينويها ظهراً إن كانت عصراً ينويها عصراً فلا يجزئ النية المطلقة وقال ابن حامد يلزمه مع ذلك أيضاً أن ينوي الظهر وأنها فرض نقول الظهر ما تقع إلا فرضاً قال لا تقع إلا فرضاً في حق البالغ أما الصبي فتقع في حقه نفلاً فيقال يا ابن حامد غفر الله لك الذي يصلي الآن بالغ ولا غير بالغ؟ بالغ إذا نوى الظهر ماذا تقول؟ فرضاً يتعين بل لو نوى الظهر نفلاً وهو بالغ ما صحت فقول ابن حامد رحمه الله قول ضعيف لا شك في ضعفه.
القول الثالث الذي أشرنا إليه وهو قول ابن شاقلا نقله في الإنصاف أنه ينوي فرض هذا الوقت وإن غاب عن ذهنه أنها ظهر أو عصر وهذا هو الذي نميل إليه وذلك لأن الإنسان قد يغيب عن باله التعيين والله أعلم.
السائل: بعض الناس ينكر فعل الناس في القنوت في رمضان في قولهم اللهم اعتق رقابنا من النار يقول لأن قولهم اللهم اعتق رقابنا من النار يقتضي أننا حُكم علينا أننا من أهل النار؟
الشيخ: وإذا قلت اللهم أجرنا من النار.
السائل: أجرنا من النار يقول مقبولة لأن العتق هو تخليص من شيء وقع فيه.
الشيخ: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا (72)) لكن نعم لو قال قائل إن هذا الأسلوب (اعتق رقابنا من النار) إنه غير وارد أنا ما أحفظها واردة وعتق الرقبة يكون في المملوك يشترى ويعتق أما اعتقنا من النار لا بأس، أجرنا من النار أعذنا من النار لا بأس.
السائل: ما الفرق بين اعتقنا واعتق رقابنا؟
الشيخ: لأن الدعاء ينبغي فيه التعميم ولا يؤتى بالجزء عن الكل ثم ما دام لم ترد وورد بدلها اعتقنا من النار أو أعذنا من النار نعوذ بالله من عذاب جهنم أحسن.
السائل: إنسان يتوضأ ويذهب إلى المسجد ناوي الصلاة فكيف نقول إنه قد يغيب عنه ذكر فرض الوقت؟
الشيخ: إن كان لا يغيب عنك فإنه يغيب عني إنسان يسرح يفكر في شيء ويجيء يصف مع الناس لكن ما أنوي العشاء مثلاً لأني لو أردت أن أنوي العشاء ما عينت العشاء لكن يغيب عني أحياناً خصوصاً إذا أردت أعدلكم مثلاً استووا اعتدلوا لماذا متقدم لماذا متأخر أنسى ماذا سأصلي مثلاً وهذا واضح.
السائل: إذا واحد نام بعد العصر فاستيقظ بعد المغرب لقي الناس يصلون فظنها صلاة الفجر فنوى صلاة الفجر؟
الشيخ: هذه تقع أحياناً يستيقظ الإنسان من منامه على أنه بالليل حتى يرى النهار فهذا لا تصح صلاته لأنه نوى خلافها وإذا تبين أنها المغرب يجب أن يقطعها لأنها الآن لا هي فجر ولا مغرب يقطعها ليلقى الجماعة.
السائل: التقسيمات هذه أليس فيها مشقة على الناس نية الفرض ونية التعيين؟
الشيخ: الصحيح ما تحتاج إلى شيء من هذا، الفقهاء يريدون التحرير فقط وإلا ما تحتاج لو تسأل العامي الذي دخل المسجد عقب أذان الظهر إلا وهو ينوي صلاة الظهر لو تقول له هل نويت صلاة الظهر؟ قال سبحان الله أنا مجنون أنا ما أتيت المسجد إلا لصلاة الظهر ما فيها إشكال لكن العلماء رحمهم الله يحررون المسائل للتدقيق.
القارئ: والأفضل النية مع تكبيرة الإحرام لأنها أول الصلاة لتكون النية مقارنة للعبادة ويستحب استصحاب ذكرها في سائر الصلاة لأنها أبلغ في الإخلاص وإن تقدمت النية التكبير بزمن يسير جاز ما لم يفسخها لأن أولها من أجزائها فكفى استصحاب النية فيها كسائر أجزائها.
الشيخ: النية في العبادة لها وجهان:
الوجه الأول نية المعمول له وهذه أهم شيء لأنه هذه هو الإخلاص لمن تصلي لمن تتصدق لمن تصوم فنية المعمول له أهم ولكن هذه يتكلم عليها من يتكلمون عن التوحيد وأرباب السلوك
والثاني نية العمل ليتميز كل عمل عن الآخر وهذه التي يتكلم عليها الفقهاء
فالنية لها وجهان فالوجه الأول نية المعمول له لمن صليت لمن تصدقت لمن صمت لمن حججت وهذا يعني الإخلاص ويتكلم على هذا أصحاب العقائد وأرباب السلوك والوجه الثاني نية العمل ليتميز كل عمل عن الآخر فرض نفل ظهر عصر وهكذا وهذه يتكلم عليها الفقهاء والأول أشرف ولهذا كان أشرف العلوم علم التوحيد والعقائد المهم الآن ينبغي أن تقارن النية التكبير وإذا كبر بنية العبادة ثم غفل عن النية حتى انتهت الصلاة كان ذلك مجزئاً لأنه وإن لم يستصحب ذكرها فقد استصحب حكمها فاستصحاب الذكر أن تكون على باله من أول التكبيرة إلى التسليم على باله النية واستصحاب الحكم أن ينويها عند أول التكبير ثم تعزب عن خاطره لكن لا ينوي قطعها وهذا يسمى استصحاب الحكم.
القارئ: وإن كانت فرضاً لزمه أن ينوي الصلاة بعينها ظهراً أو عصراً لتتميز عن غيرها قال ابن حامد ويلزمه أن ينوي فرضاً لتتميز عن ظهر الصبي والمعادة وقال غيره لا يلزمه لأن ظهر هذا لا يكون إلا فرضاً.
الشيخ: الفرق بين قول ابن حامد وكلام المؤلف ظاهر يقول ابن حامد لا بد أن تنوي أنها الظهر وأنها فرض لتتميز عن صلاة الصبي والصحيح أنه لا يشترط إذا نوى الظهر كفى لأن الظهر معروف أنها تقع من البالغ فرضاً ومن الصبي نفلاً.
القارئ: وقال غيره لا يلزمه لأن ظهر هذا لا يكون إلا فرضاً وينوي الأداء في الحاضرة والقضاء في الفائتة وفي وجوب ذلك وجهان أَوْلاهما لا يجب لأنه لا يختلف المذهب فيمن صلى في الغيم بالاجتهاد فبان بعد الوقت أن صلاته صحيحة وقد نواها أداءً فإن كانت سنة معينة كالوتر ونحوه لزم تعيينها أيضاً.
الشيخ: وقد سبق لنا أننا ذكرنا قولاً لا يُلزم بالتعيين يكفي أن تنوي فرض الوقت فمثلاً إذا دخلت المسجد والناس يصلون على أنك ناوي الظهر أو أنها فرض الوقت مثلاً فإنه يجزئ وهذا القول ذكرنا أنه أصح وأنه هو الذي يستريح فيه الناس لأنه أحياناً يغيب عن ذهن الإنسان تعيين الصلاة هل هي ظهر أو عصر لكن هو ما جاء إلا ليؤدي فرض هذا الوقت فإن كان في وقت الظهر فهي ظهر وإن كان في وقت العصر فهي عصر ولكن على كل حال التعيين أفضل لكن أحياناً يغيب عن الإنسان.
القارئ: وإن كانت نافلة مطلقة أجزأته نية الصلاة ومتى شك في أثناء الصلاة هل نواها أم لا لزمه استئنافها لأن الأصل عدمها فإن ذكر أنه نوى قبل أن يحدث شيئاً من أفعال الصلاة أجزأه.
الشيخ: وهذا مقيد بما إذا لم يكن كثير الشكوك فإن كان كثير الشكوك فإنه لا يلتفت إليه لأن بعض الناس نسأل الله العافية يبتلى فتجده دخل في الصلاة كبر قرأ ثم يشك هل نوى أم لا؟ يكون كل ما دخل في الصلاة شك هذا الشك نقول هذا لا يلتفت إلى شكه لأن كثرة الشك يجب إلغاؤها لأن لا ينفتح على الإنسان باب الوسواس.
القارئ: وإن فعل شيئاً قبل ذكره بطلت صلاته لأنه فعله شاكاً في صلاته وإن نوى الخروج من الصلاة بطلت لأن النية شرط في جميع الصلاة وقد قطعها وإن تردد في قطعها فعلى وجهين أحدهما تبطل لما ذكرنا والثاني لا تبطل لأنه دخل فيها بنية متيقنة فلا يخرج منها بالشك.
الشيخ: وهذا هو الصحيح، الصحيح أنه يستمر في صلاته لو تردد هل يقطع صلاته أم لا يعني افرض أنه شرع في الصلاة ثم ذكر حاجة فتردد هل يقطع صلاته ليدرك حاجته أو لا ثم قال أمضي فعلى القول بأن التردد يبطل النية يلزمه استئناف الصلاة إذا قلنا بأن التردد في النية يبطل النية يعني يجعلها نية فاسدة وأما إذا قلنا بالقول الثاني أن التردد فيها لا يبطلها لأنه دخل بنية متيقنة وطرأ التردد عليها من غير ترجيح ومثل ذلك لو نوى فعل محظور ولم يفعله مثل أن تنحبس الريح وهو يصلي فيقول سأطلق الريح ومعلوم أنه إذا أطلق الريح أن صلاته تبطل ثم يستمر يتصبر ويستمر فإن صلاته لا تبطل لأنه نوى فعل محظور ولم يفعله.
القارئ: وإذا نوى في صلاة الظهر ثم قلبها عصراً فسدتا جميعاً لأنه قطع نية الظهر ولم تصح العصر لأنه ما نواها عند الإحرام وإن قلبها نفلاً لعذر مثل أن يحرم بها منفردا فتحضر جماعة فيجعلها نفلاً ليصلي فرضه في الجماعة صح لأن نية النفل تتضمنها نية الفرض وإن فعل ذلك لغير غرض كره وصح قلبها لما ذكرنا ويحتمل أن لا يصح لما ذكرنا في الظهر والعصر.
الشيخ: ينبغي أن يقال يحتمل أن لا يصح ليس لهذه العلة لأنه لا يجوز أن يخرج من الفرض إلا بعذر وهذا الرجل خرج من الفرض إلى النفل وهذه المسألة تحتاج إلى وضع ضابط نقول:
إذا انتقل من معين إلى معين لم يصح الاثنان.
ومن معين إلى مطلق يدخل في ضمنه المعين فإنه يصح.
ومن مطلق إلى معين لا يصح.
انتقل من الظهر إلى العصر لا يصح لا الظهر ولا العصر أما الظهر فلأنه أبطلها وأما العصر فلأنه لم ينوها من أولها انتقل من نفل مطلق إلى الوتر لا يصح لأنه من مطلق إلى معين مثل إنسان يتهجد في الليل يصلي صلاة مطلقة فجعلها وتراً نقول لا يصح لأنه من مطلق إلى معين، انتقل من صلاة الظهر إلى نفل مطلق يصح لماذا لأن صلاة الظهر تشتمل على نيتين في الواقع نية الصلاة وكونها ظهراً أبطل كونها ظهراً فبقيت نية الصلاة، انتقل من صلاة الظهر إلى راتبة الظهر لا تصح لأنه من معين إلى معين فالظهر أبطلها والراتبة لابد أن تكون من أولها راتبة ولا يمكن أن تكون الصلاة من أولها مطلقة وآخرها راتبة لا يمكن.
السائل: ما حكم من نوى أن يوتر بخمس مثلاً ثم اقتصر فأوتر بركعة واحدة؟
الشيخ: ما في بأس.
السائل: ما حكم إذا أراد أن يصلي راتبة الظهر أربعاً ركعتين ركعتين فنسي فقام إلى الثالثة؟
الشيخ: نقول اجلس لأجل تكون ركعتين ركعتين وإن أتمها أربعاً فلا بأس لكن خلاف الأولى.
فائدة: لو صلى الظهر يريد أربع ركعات وغفل وعندما جلس للتشهد الأول سلم على أنها الفجر فهذا لا يكمل لأنه صلاها على أنها ركعتين أما لو سلم من الركعتين على أنها أربع فنقول يكمل.
السائل: الذي يصلي الظهر وقلبها نافلة قلنا يصح لأنه من معين لمطلق والله قال (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) فكيف نوفق بين الآية وهذا القول؟
الشيخ: الإبطال ما معناه؟ قال بعض العلماء لا تبطلوا أعمالكم بالردة لقوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) وإما إبطال العبادة فلا يدخل في هذا والرجل ما أبطلها مثل ما قال المؤلف يكره لغير غرض صحيح، إذا كان لغرض صحيح يصح والمؤلف يقول يكره لكن فيه قول يحتمل أن لا يصح لما ذكرنا في الظهر والعصر.