الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ) وَقِيلَ: هُوَ أَمْرٌ بِصِلَةِ الْمَسَاكِينِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ جِمَاعُهَا اسْتِعْمَالُ نِعَمِ اللَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وقال مالك: هو الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَرَى مَالِكًا أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْغَالِينَ فِي الْعِبَادَةِ وَالتَّقَشُّفِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ، وَيَشْرَبُ الْعَسَلَ، وَيَسْتَعْمِلُ الشِّوَاءَ، وَيَشْرَبُ الْمَاءَ الْبَارِدَ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ لَا تَعْمَلْ بِالْمَعَاصِي (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
[سورة القصص (28): آية 78]
قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) يَعْنِي عِلْمَ التَّوْرَاةِ. وَكَانَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ أَقْرَأِ النَّاسِ لَهَا، وَمِنْ أَعْلَمِهِمْ بِهَا. وَكَانَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ السَّبْعِينَ الذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى لِلْمِيقَاتِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ لِعِلْمِهِ بِفَضْلِي وَرِضَاهُ عَنِّي. فَقَوْلُهُ:" عِنْدِي" مَعْنَاهُ إِنَّ عِنْدِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَانِي هَذِهِ الْكُنُوزَ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِاسْتِحْقَاقِي إِيَّاهَا لِفَضْلٍ فِيَّ. وَقِيلَ: أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِنْدِي بِوُجُوهِ التِّجَارَةِ وَالْمَكَاسِبِ، قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى. وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَوْ لَمْ يُسَهِّلْ لَهُ اكْتِسَابَهَا لَمَا اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي بِصَنْعَةِ الذَّهَبِ. وَأَشَارَ إِلَى عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ. وَحَكَى النَّقَّاشُ: أَنَّ مُوسَى عليه السلام عَلَّمَهُ الثُّلُثَ مِنْ صَنْعَةِ الْكِيمْيَاءِ، وَيُوشَعُ الثُّلُثَ، وَهَارُونُ الثُّلُثَ، فَخَدَعَهُمَا قَارُونُ- وَكَانَ عَلَى إِيمَانِهِ- حَتَّى عَلِمَ مَا عِنْدَهُمَا وَعَمِلَ الْكِيمْيَاءَ، فَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُ. وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى عَلَّمَ الْكِيمْيَاءَ ثَلَاثَةً، يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، [وَكَالِبَ بْنَ يُوفِنَا «1»]، وَقَارُونَ، وَاخْتَارَ الزَّجَّاجُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَعْمَلُ الْكِيمْيَاءَ. قَالَ: لِأَنَّ الْكِيمْيَاءَ بَاطِلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ مُوسَى عَلَّمَ أُخْتَهُ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ، وَكَانَتْ زَوْجَةَ قَارُونَ، وَعَلَّمَتْ أُخْتُ مُوسَى قارون، والله أعلم
(1). في الأصول" طالوت" وهو تحريف. والتصويب من كتب التفسير.