المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النمل (27): الآيات 18 الى 19] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١٣

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الفرقان

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 7 الى 8]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 9 الى 10]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 17 الى 19]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 20]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 27 الى 29]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 30 الى 31]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 32 الى 33]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 34]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 37]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 38]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 39]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 40]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 41 الى 42]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 43]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 44]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 47]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 48]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 49]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 50]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 51 الى 52]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 53]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 54]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 55]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 58]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 59]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 60]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 61]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 62]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 63]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 64]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 67]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 70]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 71]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 72]

- ‌[سورة الفرقان (25): آية 73]

- ‌[سورة الفرقان (25): الآيات 74 الى 77]

- ‌سورة الشعراء

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 10 الى 15]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 16 الى 22]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 23 الى 51]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 52 الى 68]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 69 الى 77]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 78 الى 82]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 83 الى 89]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 90 الى 104]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 105 الى 122]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 123 الى 140]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 141 الى 159]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 160 الى 175]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 176 الى 191]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 192 الى 196]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 197 الى 203]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 204 الى 209]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 210 الى 213]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 214 الى 220]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 221 الى 223]

- ‌[سورة الشعراء (26): الآيات 224 الى 227]

- ‌سورة النمل

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 7 الى 14]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة النمل (27): آية 17]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 18 الى 19]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 20 الى 28]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 29 الى 31]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 32 الى 34]

- ‌[سورة النمل (27): آية 35]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 36 الى 40]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة النمل (27): آية 44]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 48 الى 49]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 50 الى 53]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 54 الى 61]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 69 الى 71]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 72 الى 75]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 76 الى 81]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 82 الى 86]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 87 الى 90]

- ‌[سورة النمل (27): الآيات 91 الى 93]

- ‌سورة القصص

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 10 الى 14]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 15 الى 19]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 20 الى 22]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 23 الى 28]

- ‌[سورة القصص (28): آية 29]

- ‌[سورة القصص (28): آية 30]

- ‌[سورة القصص (28): آية 31]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 32 الى 35]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة القصص (28): آية 43]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 44 الى 45]

- ‌[سورة القصص (28): آية 46]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 49 الى 51]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 54 الى 55]

- ‌[سورة القصص (28): آية 56]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 59 الى 61]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 62 الى 67]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 68 الى 70]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة القصص (28): آية 78]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 79 الى 80]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة القصص (28): الآيات 85 الى 88]

- ‌سورة العنكبوت

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 4 الى 7]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 8 الى 9]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 16 الى 19]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 20 الى 25]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 28 الى 35]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 36 الى 37]

- ‌[سورة العنكبوت (29): آية 38]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 39 الى 40]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 41 الى 43]

- ‌[سورة العنكبوت (29): آية 44]

- ‌[سورة العنكبوت (29): آية 45]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 46 الى 47]

- ‌[سورة العنكبوت (29): آية 48]

- ‌[سورة العنكبوت (29): آية 49]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 50 الى 52]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 56 الى 60]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 61 الى 62]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 63 الى 64]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 65 الى 66]

- ‌[سورة العنكبوت (29): الآيات 67 الى 68]

- ‌[سورة العنكبوت (29): آية 69]

الفصل: ‌[سورة النمل (27): الآيات 18 الى 19]

النَّاسَ أَكْثَرَ مِمَّا تَرْدَعُهُمْ حُدُودُ الْقُرْآنِ وَهَذَا جَهْلٌ بِاللَّهِ وَحِكْمَتِهِ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ مَا وَضَعَ الْحُدُودَ إِلَّا مَصْلَحَةً عَامَّةً كَافَّةً قَائِمَةً لِقِوَامِ الْخَلْقِ، لَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا، وَلَا نُقْصَانَ مَعَهَا، وَلَا يَصْلُحُ سِوَاهَا، وَلَكِنَّ الظَّلَمَةَ خَاسُوا بِهَا، وَقَصَّرُوا عَنْهَا، وَأَتَوْا مَا أَتَوْا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَلَمْ يَقْصِدُوا وَجْهَ اللَّهِ فِي الْقَضَاءِ بِهَا، فَلَمْ يَرْتَدِعِ الْخَلْقُ بِهَا، وَلَوْ حَكَمُوا بِالْعَدْلِ، وَأَخْلَصُوا النِّيَّةَ، لَاسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ، وَصَلُحَ الْجُمْهُورُ.

[سورة النمل (27): الآيات 18 الى 19]

حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (19)

فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ) قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ وَادٍ بِأَرْضِ الشَّامِ. وَقَالَ كَعْبٌ: هُوَ بِالطَّائِفِ. (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ) قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ لِلنَّمْلَةِ جَنَاحَانِ فَصَارَتْ مِنَ الطَّيْرِ، فَلِذَلِكَ عَلِمَ مَنْطِقَهَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا عَلِمَهُ. وَقَدْ مَضَى هَذَا وَيَأْتِي. وَقَرَأَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِمَكَّةَ:" نَمُلَةٌ" وَ" النَّمُلُ" بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْمِيمِ. وَعَنْهُ أَيْضًا ضَمُّهُمَا جَمِيعًا. وَسُمِّيَتِ النَّمْلَةُ نَمْلَةً لِتَنَمُّلِهَا وَهُوَ كَثْرَةُ حَرَكَتِهَا وَقِلَّةُ قَرَارِهَا. قَالَ كَعْبٌ: مَرَّ سُلَيْمَانُ عليه السلام بِوَادِي السَّدِيرِ مِنْ أَوْدِيَةِ الطَّائِفِ، فَأَتَى عَلَى وَادِي النَّمْلِ، فَقَامَتْ نَمْلَةٌ تَمْشِي وَهِيَ عَرْجَاءُ تَتَكَاوَسُ مِثْلَ الذِّئْبِ فِي الْعِظَمِ، فَنَادَتْ:" يَا أَيُّهَا النَّمْلُ" الْآيَةَ. الزَّمَخْشَرِيُّ: سَمِعَ سُلَيْمَانُ كَلَامَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَكَانَتْ تَمْشِي وَهِيَ عَرْجَاءُ تَتَكَاوَسُ، وَقِيلَ: كَانَ اسْمُهَا طَاخِيةُ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: ذَكَرُوا اسْمَ النَّمْلَةِ الْمُكَلِّمَةِ لِسُلَيْمَانَ عليه السلام، وَقَالُوا اسْمَهَا حَرْمِيَا، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ يُتَصَوَّرُ لِلنَّمْلَةِ اسْمٌ عَلَمٌ وَالنَّمْلُ لَا يُسَمِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا الْآدَمِيُّونَ يُمْكِنُهُمْ تَسْمِيَةُ

ص: 169

وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ بِاسْمِ عَلَمٍ، لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ لِلْآدَمِيِّينَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَا هُمْ أَيْضًا وَاقِعُونَ تَحْتَ مِلْكَةِ بَنِي آدَمَ كَالْخَيْلِ وَالْكِلَابِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الْعَلَمِيَّةَ فِيمَا كَانَ كَذَلِكَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ. فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ الْعَلَمِيَّةَ مَوْجُودَةٌ في الأجناس كثعالة وأسامهه وَجَعَارٍ وَقَثَامٍ فِي الضَّبْعِ وَنَحْوَ هَذَا كَثِيرٌ، فَلَيْسَ اسْمُ النَّمْلَةِ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ لِنَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ بَيْنٍ سَائِرِ النَّمْلِ، وَثُعَالَةُ وَنَحْوُهُ لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنَ الْجِنْسِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ رَأَيْتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَهُوَ ثُعَالَةُ، وَكَذَلِكَ أُسَامَةُ وَابْنُ آوَى وَابْنُ عِرْسٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَإِنْ صَحَّ مَا قَالُوهُ فَلَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ النَّمْلَةُ النَّاطِقَةُ قَدْ سُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ فِي التَّوْرَاةِ أَوْ فِي الزَّبُورِ أَوْ فِي بَعْضِ الصُّحُفِ سَمَّاهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الِاسْمِ، وَعَرَّفَهَا بِهِ الْأَنْبِيَاءَ قَبْلَ سُلَيْمَانَ أَوْ بَعْضَهُمْ. وَخُصَّتْ بِالتَّسْمِيَةِ لِنُطْقِهَا وَإِيمَانِهَا فَهَذَا وَجْهٌ. وَمَعْنَى قَوْلِنَا بِإِيمَانِهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّمْلِ:(لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) فَقَوْلُهَا:" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" الْتِفَاتَةُ مُؤْمِنٍ. أَيْ مِنْ عَدْلِ سُلَيْمَانَ وَفَضْلِهِ وَفَضْلِ جُنُودِهِ لَا يَحْطِمُونَ نَمْلَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بِأَلَّا يَشْعُرُوا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ تَبَسُّمَ سُلَيْمَانَ سُرُورٌ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْهَا، وَلِذَلِكَ أَكَّدَ التَّبَسُّمَ بِقَوْلِهِ:" ضاحِكاً" إِذْ قَدْ يَكُونُ التَّبَسُّمُ مِنْ غَيْرِ ضَحِكٍ وَلَا رِضًا، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْغَضْبَانِ وَتَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. وَتَبَسُّمُ الضَّحِكِ إِنَّمَا هُوَ عَنْ سُرُورٍ، وَلَا يُسَرُّ نَبِيٌّ بِأَمْرِ دُنْيَا، وَإِنَّمَا سُرَّ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَالدِّينِ. وَقَوْلُهَا:" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" إِشَارَةٌ إِلَى الدِّينِ وَالْعَدْلِ وَالرَّأْفَةِ. وَنَظِيرُ قَوْلِ النَّمْلَةِ فِي جُنْدِ سُلَيْمَانَ" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي جُنْدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:" فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ «1» ". الْتِفَاتًا إِلَى أَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ هَدْرَ مُؤْمِنٍ. إِلَّا أَنَّ الْمُثْنِيَ عَلَى جُنْدِ سُلَيْمَانَ هِيَ النَّمْلَةُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُثْنِيَ عَلَى جُنْدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هُوَ اللَّهُ عز وجل بِنَفْسِهِ، لِمَا لِجُنُودِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْفَضْلِ عَلَى جُنْدِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَضْلٌ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ أَجْمَعِينَ. وَقَرَأَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ:" مَسْكَنَكُمْ" بِسُكُونِ السِّينِ عَلَى الْإِفْرَادِ. وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ" مَسَاكِنَكُنَّ لَا يَحْطِمَنْكُمْ". وَقَرَأَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ" مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنْكُنَّ" ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ، أَيْ لَا يَكْسِرُنَّكُمْ بِوَطْئِهِمْ عَلَيْكُمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بكم

(1). راجع ج 16 ص 28.

ص: 170

قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَأَفْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى النَّمْلَةَ هَذَا لِتَكُونَ مُعْجِزَةً لِسُلَيْمَانَ. وَقَالَ وَهْبٌ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الرِّيحَ أَلَّا يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ إِلَّا طَرَحَتْهُ فِي سَمْعِ سُلَيْمَانَ، بِسَبَبِ أَنَّ الشَّيَاطِينَ أَرَادَتْ كَيْدَهُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْوَادِيَ كَانَ بِبِلَادِ الْيَمَنِ وَأَنَّهَا كَانَتْ نَمْلَةً صَغِيرَةً مِثْلَ النَّمْلِ الْمُعْتَادِ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ نَوْفٌ الشَّامِيُّ وَشَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ: كَانَ نَمْلُ ذَلِكَ الْوَادِي كَهَيْئَةِ الذِّئَابِ فِي الْعِظَمِ. وَقَالَ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ: كَهَيْئَةِ النِّعَاجِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ: فَإِنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْخِلْقَةِ فَلَهَا صَوْتٌ، وَإِنَّمَا افْتُقِدَ صَوْتُ النَّمْلِ لِصِغَرِ خَلْقِهَا، وَإِلَّا فَالْأَصْوَاتُ فِي الطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ كَائِنَةٌ، وَذَلِكَ مَنْطِقُهُمْ، وَفِي تِلْكَ الْمَنَاطِقِ مَعَانِي التَّسْبِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ «1» ". قُلْتُ: وَقَوْلُهُ" لَا يَحْطِمَنَّكُمْ" يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْكَلْبِيِّ، إِذْ لَوْ كَانَتْ كَهَيْئَةِ الذِّئَابِ والنعاج لما حطمت بالوطي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ:" ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ" فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الْآدَمِيِّينَ لِأَنَّ النَّمْلَ هَاهُنَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْآدَمِيِّينَ حِينَ نَطَقَ كَمَا يَنْطِقُ الْآدَمِيُّونَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ: وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ لَهَا لِمَ حَذَّرْتِ النَّمْلَ؟ أَخِفْتِ ظُلْمِي؟ أَمَا عَلِمْتِ أَنِّي نَبِيٌّ عَدْلٌ؟ فَلِمَ قُلْتِ:" يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ" فَقَالَتِ النَّمْلَةُ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلِي" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" مَعَ أَنِّي لَمْ أُرِدْ حَطْمَ النُّفُوسِ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ حَطْمَ الْقُلُوبِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَمَنَّيْنَ مِثْلَ مَا أُعْطِيْتَ، أَوْ يُفْتَتَنَّ بِالدُّنْيَا، وَيُشْغَلْنَ بِالنَّظَرِ إِلَى مُلْكِكَ عَنِ التَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ. فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ: عِظِينِي. فَقَالَتِ النَّمْلَةَ: أَمَا عَلِمْتَ لِمَ سُمِّيَ أَبُوكَ دَاوُدُ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: لِأَنَّهُ دَاوَى جِرَاحَةَ فُؤَادِهِ، هَلْ عَلِمْتَ لِمَ سُمِّيتَ سُلَيْمَانَ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: لِأَنَّكَ سَلِيمُ النَّاحِيَةِ عَلَى مَا أُوتِيتَهُ بِسَلَامَةِ صَدْرِكَ، وَإِنَّ لَكَ أَنْ تَلْحَقَ بِأَبِيكَ «2». ثُمَّ قَالَتْ: أَتَدْرِي لِمَ سَخَّرَ اللَّهُ لَكَ الرِّيحَ؟ قَالَ: لَا. قَالَتْ: أَخْبَرَكَ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا رِيحٌ. (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها) مُتَعَجِّبًا ثُمَّ مَضَتْ مُسْرِعَةً إِلَى قَوْمِهَا، فقالت: هل عندكم من شي نهديه إلى

(1). راجع ج 10 ص 266 فما بعد.

(2)

. العبارة في" قصص الأنبياء" للثعلبي:" قالت لأنك سليم ركنت إلى ما أوتيت بسلامة صدرك، وحق لك أن تلحق بأبيك داود".

ص: 171

نَبِيِّ اللَّهِ؟ قَالُوا: وَمَا قَدْرُ مَا نُهْدِي لَهُ! وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلَّا نَبْقَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَتْ: حَسَنَةٌ، ايتُونِي بِهَا. فَأَتَوْهَا بِهَا فَحَمَلَتْهَا بِفِيهَا فَانْطَلَقَتْ تَجُرُّهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ الرِّيحَ فَحَمَلَتْهَا، وَأَقْبَلَتْ تَشُقُّ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَالْعُلَمَاءَ وَالْأَنْبِيَاءَ عَلَى الْبِسَاطِ، حَتَّى وَقَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ وَضَعَتْ تِلْكَ النَّبْقَةَ مِنْ فِيهَا فِي كَفِّهِ، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:

أَلَمْ تَرَنَا نُهْدِي إِلَى اللَّهِ مَالَهُ

وَإِنْ كَانَ عَنْهُ ذَا غِنًى فَهُوَ قَابِلُهْ

وَلَوْ كَانَ يُهْدَى لِلْجَلِيلِ بِقَدْرِهِ

لَقَصَّرَ عَنْهُ الْبَحْرُ يَوْمًا وَسَاحِلُهْ

وَلَكِنَّنَا نُهْدِي إِلَى مَنْ نُحِبُّهُ

فَيَرْضَى بِهِ عَنَّا وَيُشْكَرُ فَاعِلُهْ

وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ كَرِيمِ فِعَالِهِ

وَإِلَّا فَمَا فِي مُلْكِنَا مَا يُشَاكِلُهْ

فَقَالَ لَهَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ، فَهُمْ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ أَشْكَرُ خَلْقِ اللَّهِ وَأَكْثَرُ خَلْقِ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: الْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ وَالنَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْأَعْرَافِ"«1» . فَالنَّمْلَةُ أَثْنَتْ عَلَى سُلَيْمَانَ وَأَخْبَرَتْ بِأَحْسَنِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَشْعُرُونَ إِنْ حَطَمُوكُمْ، وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عَنْ عَمْدٍ مِنْهُمْ، فَنَفَتْ عَنْهُمُ الْجَوْرَ، وَلِذَلِكَ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا، وَعَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ، لِأَنَّهُ كَانَ دَلِيلَ سُلَيْمَانَ عَلَى الْمَاءِ وَرَسُولَهُ إِلَى بِلْقِيسَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنَّمَا صَرَفَ اللَّهُ شَرَّ سُلَيْمَانَ عَنِ الْهُدْهُدِ لِأَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِوَالِدَيْهِ. وَالصُّرَدُ يُقَالُ لَهُ الصَّوَّامُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ صَامَ الصُّرَدُ وَلَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مِنَ الشَّأْمِ إِلَى الْحَرَمِ فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ كَانَتِ السَّكِينَةُ «2» مَعَهُ وَالصُّرَدُ، فَكَانَ الصُّرَدُ دَلِيلَهُ عَلَى الْمَوْضِعِ وَالسَّكِينَةُ مِقْدَارَهُ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى الْبُقْعَةِ وَقَعَتِ السَّكِينَةُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ وَنَادَتْ وَقَالَتْ: ابْنِ يَا إِبْرَاهِيمُ عَلَى مِقْدَارِ ظِلِّي. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْأَعْرَافِ" سَبَبُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الضُّفْدَعِ وَفِي" النَّحْلِ"«3» النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النَّحْلِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

(1). راجع ج 7 ص 270 طبعه أولى أو ثانية.

(2)

. السكينة: سحابة كما في القصة. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه إِنَّ السكينة ريح سريعة الممر. وليس بواضح.

(3)

. راجع ج 10 ص 134 طبعه أولى أو ثانية.

ص: 172

الثَّانِيَةُ- قَرَأَ الْحَسَنُ:" لَا يَحَطِّمَنَّكُمْ" وَعَنْهُ أَيْضًا" لَا يِحَطِّمَنَّكُمْ" وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ:" لَا يُحَطِّمَنَّكُمْ" وَالْحَطْمُ الْكَسْرُ. حَطَمْتُهُ حَطْمًا أَيْ كَسَرْتُهُ وَتَحَطَّمَ، وَالتَّحْطِيمُ التَّكْسِيرُ،" وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ سُلَيْمَانَ، وَجُنُودِهِ، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ" يَحْطِمَنَّكُمْ". أَوْ حَالًا مِنَ النَّمْلَةِ وَالْعَامِلُ" قالَتْ". أَيْ قَالَتْ ذَلِكَ فِي حَالِ غَفْلَةِ الْجُنُودِ، كَقَوْلِكَ: قُمْتُ وَالنَّاسُ غَافِلُونَ. أَوْ حَالًا مِنَ النَّمْلِ أَيْضًا وَالْعَامِلُ" قالَتْ" عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: وَالنَّمْلُ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ يَفْهَمُ مَقَالَتَهَا. وَفِيهِ بُعْدٌ وَسَيَأْتِي. الثَّالِثَةُ- رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" أن نَمْلَةً قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ" وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ:" فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً". قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُقَالُ إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ هُوَ مُوسَى عليه السلام، وَإِنَّهُ قَالَ: يَا رَبَّ تُعَذِّبُ أَهْلَ قَرْيَةٍ بِمَعَاصِيهِمْ وَفِيهِمُ الطَّائِعُ. فَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَهُ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِ الْحَرَّ حَتَّى الْتَجَأَ إِلَى شَجَرَةٍ مُسْتَرْوِحًا إِلَى ظِلِّهَا، وَعِنْدَهَا قَرْيَةُ النَّمْلِ، فَغَلَبَهُ النَّوْمُ، فَلَمَّا وَجَدَ لَذَّةَ النَّوْمِ لَدَغَتْهُ النَّمْلَةُ فَأَضْجَرَتْهُ، فَدَلَكَهُنَّ بِقَدَمِهِ فَأَهْلَكَهُنَّ، وَأَحْرَقَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ الَّتِي عِنْدَهَا مَسَاكِنُهُمْ، فَأَرَاهُ اللَّهُ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ آيَةً: لَمَّا لَدَغَتْكَ نَمْلَةٌ فَكَيْفَ أَصَبْتَ الْبَاقِينَ بِعُقُوبَتِهَا! يُرِيدُ أَنْ يُنَبِّهَهُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَعُمُّ فَتَصِيرُ رَحْمَةً عَلَى الْمُطِيعِ وَطَهَارَةً وَبَرَكَةً، وَشَرًّا وَنِقْمَةً عَلَى الْعَاصِي. وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةٍ وَلَا حَظْرٍ فِي قَتْلِ النَّمْلِ، فَإِنَّ مَنْ آذَاكَ حَلَّ لَكَ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِكَ، وَلَا أَحَدَ مِنْ خَلْقِهِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الْمُؤْمِنِ، وَقَدْ أُبِيحَ لَكَ دَفْعُهُ عَنْكَ بِقَتْلٍ وَضَرْبٍ عَلَى الْمِقْدَارِ، فَكَيْفَ بِالْهَوَامِّ وَالدَّوَابِّ الَّتِي قَدْ سُخِّرَتْ لَكَ وَسُلِّطْتَ عَلَيْهَا، فَإِذَا آذَاكَ أُبِيحَ لَكَ قَتْلُهُ. وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ: مَا آذَاكَ مِنْ النَّمْلِ فَاقْتُلْهُ. وَقَوْلُهُ:" أَلَا نَمْلَةٌ وَاحِدَةٌ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُؤْذِي يُؤْذَى وَيُقْتَلُ، وَكُلَّمَا كَانَ الْقَتْلُ لِنَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ. وَأَطْلَقَ لَهُ نَمْلَةً وَلَمْ يَخُصَّ تِلْكَ النَّمْلَةَ الَّتِي لَدَغَتْ مِنْ غَيْرِهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْقِصَاصَ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ أَلَا نَمْلَتُكَ الَّتِي لَدَغَتْكَ، وَلَكِنْ قَالَ: أَلَا نَمْلَةٌ مَكَانَ نَمْلَةٍ، فعم البرئ

ص: 173

وَالْجَانِيَ بِذَلِكَ، لِيَعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَهُ لِمَسْأَلَتِهِ رَبَّهُ فِي عَذَابِ أَهْلِ قَرْيَةٍ وَفِيهِمُ الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ لِلْحَيَوَانِ بِالتَّحْرِيقِ جَائِزَةً فِي شَرْعِهِ، فَلِذَلِكَ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي إِحْرَاقِ الْكَثِيرِ مِنَ النَّمْلِ لَا فِي أَصْلِ الْإِحْرَاقِ. أَلَا تَرَى قَوْلَهُ:" فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً" أَيْ هَلَّا حَرَّقْتَ نَمْلَةً وَاحِدَةً. وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْعِنَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَى عَنْ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ. وَقَالَ" لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا اللَّهُ". وَكَذَلِكَ أَيْضًا كَانَ قَتْلُ النَّمْلِ مُبَاحًا فِي شَرِيعَةِ ذَلِكَ النَّبِيِّ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْتِبْهُ عَلَى أَصْلِ قَتْلِ النَّمْلِ. وَأَمَّا شَرْعُنَا فَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ قَتْلَ النَّمْلِ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ وَلَا يُقْدَرُ عَلَى دَفْعِهِ إِلَّا بِالْقَتْلِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ حَيْثُ انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ بِإِهْلَاكِ جَمْعٍ آذَاهُ وَاحِدٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى الصَّبْرَ وَالصَّفْحَ، لَكِنْ وَقَعَ لِلنَّبِيِّ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مُؤْذٍ لِبَنِي آدَمَ، وَحُرْمَةُ بَنِي آدَمَ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ غَيْرِ النَّاطِقِ، فَلَوِ انْفَرَدَ لَهُ هَذَا النَّظَرُ وَلَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ التَّشَفِّي الطَّبْعِيُّ لَمْ يُعَاتَبْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنْ لَمَّا انْضَافَ إِلَيْهِ التَّشَفِّي الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْحَدِيثِ عُوتِبَ عَلَيْهِ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ:" أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ" مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ تَسْبِيحٌ بِمَقَالٍ وَنُطْقٍ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ النَّمْلِ أَنَّ لَهَا مَنْطِقًا وَفَهِمَهُ سُلَيْمَانُ عليه السلام وَهَذَا مُعْجِزَةٌ لَهُ- وَتَبَسَّمَ مِنْ قَوْلِهَا. وَهَذَا يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً أَنَّ لِلنَّمْلِ نُطْقًا وَقَوْلًا، لَكِنْ لَا يَسْمَعُهُ كُلُّ أَحَدٍ، بَلْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّنْ خَرَقَ لَهُ الْعَادَةَ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ. وَلَا نُنْكِرُ هَذَا مِنْ حَيْثُ أَنَّا لَا نَسْمَعُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِدْرَاكِ عَدَمُ الْمُدْرَكِ فِي نَفْسِهِ. ثُمَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ قَوْلًا وَكَلَامًا وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا إِذَا نَطَقَ بِلِسَانِهِ. وَقَدْ خَرَقَ اللَّهُ الْعَادَةَ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَأَسْمَعَهُ كَلَامَ النَّفْسِ مِنْ قَوْمٍ تَحَدَّثُوا مَعَ أَنْفُسِهِمْ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا فِي نُفُوسِهِمْ، كَمَا قد نقل منه الكثير من أَئِمَّتُنَا فِي كُتُبِ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِمَّنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأَوْلِيَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا قَضِيَّةٍ. وَإِيَّاهُ عَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ:" إِنَّ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثِينَ وَإِنَّ عُمَرَ مِنْهُمْ". وَقَدْ مَضَى هَذَا المعنى

ص: 174

في [تسبيح «1»] الجماد في" سبحان"«2» وَأَنَّهُ تَسْبِيحُ لِسَانٍ وَمَقَالٍ لَا تَسْبِيحَ دَلَالَةِ حَالٍ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. الْخَامِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها" وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَيْقَعِ:" ضَحِكًا" بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ، كَأَنَّهُ قَالَ ضَحِكَ ضَحِكًا، هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وَهُوَ عِنْدَ غَيْرِ سيبويه منصوب بنفس" فَتَبَسَّمَ" لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى ضَحِكَ. وَمَنْ قَرَأَ:" ضاحِكاً" فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي" تَبَسَّمَ". وَالْمَعْنَى تَبَسَّمَ مِقْدَارَ الضَّحِكِ، لِأَنَّ الضَّحِكَ يَسْتَغْرِقُ التَّبَسُّمَ، وَالتَّبَسُّمُ دُونَ الضَّحِكِ وَهُوَ أَوَّلُهُ. يُقَالُ: بَسَمَ (بِالْفَتْحِ) يَبْسِمُ بَسْمًا فَهُوَ بَاسِمٌ وَابْتَسَمَ وَتَبَسَّمَ، وَالْمَبْسِمُ الثَّغْرُ مِثْلُ الْمَجْلِسِ مِنْ جَلَسَ يَجْلِسُ وَرَجُلٌ مِبْسَامٌ وَبَسَّامٌ كَثِيرُ التَّبَسُّمِ، فَالتَّبَسُّمُ ابْتِدَاءُ الضَّحِكِ، وَالضَّحِكُ عِبَارَةٌ عَنْ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، إِلَّا أَنَّ الضَّحِكَ يَقْتَضِي مَزِيدًا عَلَى التَّبَسُّمِ، فَإِذَا زَادَ وَلَمْ يَضْبِطِ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ قِيلَ قَهْقَهَ. وَالتَّبَسُّمُ ضَحِكُ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام فِي غَالِبِ أَمْرِهِمْ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَقِيلَ لَهُ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: نِعْمَ كَثِيرًا، كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ- أَوِ الْغَدَاةَ- حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ وَيَأْخُذُونَ فِي أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم. وَفِيهِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَحْرَقَ الْمُسْلِمِينَ «3» ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّيِّ" قَالَ فَنَزَعْتُ لَهُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فِيهِ نَصْلٌ فَأَصَبْتُ جَنْبَهُ فَسَقَطَ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ. فَكَانَ عليه السلام فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ يَتَبَسَّمُ. وَكَانَ أَيْضًا يَضْحَكُ فِي أَحْوَالٍ أُخَرَ ضَحِكًا أَعْلَى مِنَ التَّبَسُّمِ وَأَقَلَّ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ الَّذِي تَبْدُو فِيهِ اللَّهَوَاتُ. وَكَانَ فِي النَّادِرِ عِنْدَ إِفْرَاطِ تَعَجُّبِهِ رُبَّمَا ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. وَقَدْ كَرِهَ الْعُلَمَاءُ مِنْهُ الْكَثْرَةَ، كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ. وَقَدْ روى مرفوعا من

(1). زيادة يقتضيها السياق.

(2)

. راجع ج 10 ص 266 وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.

(3)

." أحرق المسلمين" أي أثخن فيهم، وعمل فيهم نحو عمل النار." هامش مسلم".

ص: 175

حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ. وَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ حِينَ رمى سعدا الرَّجُلَ فَأَصَابَهُ، إِنَّمَا كَانَ سُرُورًا بِإِصَابَتِهِ لَا بِانْكِشَافِ عَوْرَتِهِ، فَإِنَّهُ الْمُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم. السَّادِسَةُ- لَا اخْتِلَافَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَيَوَانَاتَ كُلَّهَا لَهَا أَفْهَامٌ وَعُقُولٌ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْحَمَامُ أَعْقَلُ الطَّيْرِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالنَّمْلُ حَيَوَانٌ فَطِنٌ قَوِيٌّ شَمَّامٌ جِدًّا يَدَّخِرُ وَيَتَّخِذُ الْقُرَى وَيَشُقُّ الْحَبَّ بِقِطْعَتَيْنِ لِئَلَّا يَنْبُتَ، وَيَشُقُّ الْكُزْبَرَةَ بِأَرْبَعِ قِطَعٍ، لِأَنَّهَا تنبت إذا قسمت شقين، وَيَأْكُلُ فِي عَامِهِ نِصْفَ مَا جَمَعَ وَيَسْتَبْقِي سَائِرَهُ عِدَّةً. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ خَوَاصُّ الْعُلُومِ عِنْدَنَا، وَقَدْ أَدْرَكَتْهَا النَّمْلُ بِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ لَهَا، قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْمُظَفَّرِ شَاهْنُورِ الاسفرايني: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تُدْرِكَ الْبَهَائِمُ حُدُوثَ الْعَالَمِ وَحُدُوثَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَوَحْدَانِيَّةَ الْإِلَهِ، وَلَكِنَّنَا لَا نَفْهَمُ عَنْهَا وَلَا تَفْهَمُ عَنَّا، أَمَّا أَنَّا نَطْلُبُهَا وَهِيَ تَفِرُّ مِنَّا فَبِحُكْمِ الْجِنْسِيَّةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ) فَ" أَنْ" مَصْدَرِيَّةٌ. وَ" أَوْزِعْنِي" أَيْ أَلْهِمْنِي ذَلِكَ. وَأَصْلُهُ مِنْ وَزَعَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: كُفَّنِي عَمَّا يُسْخِطُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: يَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمَانَ هِيَ امْرَأَةُ أُورْيَا الَّتِي امْتَحَنَ اللَّهُ بِهَا دَاوُدَ، أَوْ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا تَزَوَّجَهَا دَاوُدُ فَوَلَدَتْ لَهُ سُلَيْمَانَ عليه السلام. وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي سُورَةِ" ص"«1» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) أَيْ مَعَ عِبَادِكَ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى في جملة عبادك الصالحين.

(1). في تفسير قوله تعالى:" وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ" آية 24 من السورة المذكورة.

ص: 176