الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
يقال: جاز المكان وجاوزه وتجاوزه: إذا قطعه حتى خلفه وراءه، ويقال تبعته حتى أتبعته إذا كان قد سبقك فلحقته، المسلمين: أي المنقادين لأمره، وننجيك:
نجعلك على نجوة من الأرض، والنجوة: المكان المرتفع من الأرض، والآية:
العبرة والعظة.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عز اسمه مادار من الحوار بين موسى وفرعون، وذكر ما أتى به موسى من الحجج والبينات الدالة على صدقه وغلبه لسحرة فرعون ولم يزده ذلك إلا كبرا وعتوّا، فدعا عليه بالطمس على الأموال والشد على القلوب، وذكر استجابة الله دعوته- قفّى على ذلك بذكر خاتمة القصة وهو ما كان من تأييد الله لموسى وأخيه على ضعفهما وقوة فرعون وقومه، إذ كانت دولته أقوى دول العالم فى عصره.
الإيضاح
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي جاوز بنو إسرائيل البحر بمعونته تعالى وقدرته وحفظه وكان آية من آياته لنبيه موسى عليه السلام بفرقه تعالى بهم البحر وانفلاقه لهم، فلحقهم فرعون وجنوده ظالمين عادين عليهم، ليفتكوا بهم أو يعيدوهم إلى مصر ليسوموهم سوء العذاب ويجعلوهم
عبيدا لهم، وخاض البحر وراءهم حتى إذا أشرف على الغرق قال آمنت أنه لا إله بحق إلا الرب الذي آمنت به جماعة بنى إسرائيل بدعوة موسى، وأنا ممن أذعنوا لأمره بعد ما كان منى من جحود بآياته وعناد لرسوله.
وكرر المعنى الواحد بثلاث عبارات حرصا منه على القبول المفضى إلى النجاة، ولكن هيهات فقد فات الوقت وجاء الإيمان حين اليأس وهو لا يجدى فتيلا ولا قطميرا- وهذا ما بينه سبحانه بقوله موبخا له.
(آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) أي وقيل له أتسلم الآن حين يئست من الحياة وأيقنت بالممات؟ وقد عصيت قبل ذلك وكنت من المفسدين فى الأرض الظالمين للعباد، فدعواك الإسلام الآن لا تقبل، فقد صار إسلامك اضطرارا لا اختيارا.
وخلاصة المعنى- آلآن تقرّ لله بالعبودية، وتستسلم له بالذلة وتخلص له الألوهية، وقد عصيته قبل نزول نقمته بك فأسخطته على نفسك، وكنت من المفسدين فى الأرض الصادّين عن سبيله، فهلا أقررت بما أقررت به الآن وباب التوبة لك منفتح.
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) أي فاليوم نجعلك على نجوة من الأرض ببدنك ينظر إليك من كذّب بهلاكك، لتكون عبرة لمن بعدك من الناس يعتبرون بك فينزجرون عن معصية الله والكفر به والسعى فى الأرض بالفساد.
ووجه العبرة فى ذلك- أنه يكون شاهدا على صدق وعد الله لرسله، ووعيده لأعدائهم كطغاة مكة التي أنزلت هذه الآيات لإقامة حجج الله عليهم قبل غيرهم.
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) أي وإن كثيرا من الناس لفى غفلة عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة له وحده خالصة، فهم يمرون عليها وهم عنها معرضون، فلا يتفكرون فى أسبابها ونتائجها وحكم الله فيها.