الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة يونس (10) : الآيات 101 الى 103]
قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (101) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَاّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (102) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)
المعنى الجملي
بعد أن أبان سبحانه أن سننه فى نوع الإنسان، أن خلقه مستعدا للإيمان والكفر والخير والشر، ولم يشأ أن يجعله على طريقة واحدة إما الكفر وحده وإما الإيمان وحده وإنك أيها الرسول لا تقدر على جعله على غير ذلك- بين هنا أن مدار سعادته على استعمال عقله فى التمييز بين الخير والشر. وما على الرسول إلا التبشير والإنذار وبيان الطريق المستقيم الذي يوصل إلى السعادة، وما الدين الا مساعد للعقل على حسن الاختيار إذا أحسن النظر والتفكر اللذين أمر الله بهما.
فليحذر أولئك القوم أن يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم من المكذبين، فإن سنننا لا تغيير فيها ولا تبديل، فننجى رسلنا والذين آمنوا معهم ونهلك من كذبهم وندخله سواء الجحيم.
الإيضاح
(قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي قل أيها الرسول لمن تحرص على هدايتهم من قومك: انظروا بأبصاركم وبصائركم ماذا فى السموات والأرض من كواكب نيرات، ثوابت وسيارات، وشمس وقمر، وليل ونهار، وسحاب ومطر، وهواء وماء، وليل ونهار، وإيلاج أحدهما فى الآخر حتى يطول هذا ويقصر ذاك وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع والأزاهير وصنوف النبات، وماذرأ فيها من دواب مختلفة الأشكال والألوان والمنافع، وما فيها من جبال وسهول وقفار وعمران، وما فى البحر من عجائب وهو مسخّر
مذلّل للسالكين، يحمل سفنهم ويجرى بها برفق بتسخير القدير العليم الذي لا إله غيره ولا رب سواه «وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ» إنه يريكم كل هذه الآيات ثم أنتم تشركون.
(وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) تغنى: تنفع وتفيد، والنذر واحدها نذير، أي إن الآيات الكونية على ظهور دلالتها، والرسل على بلاغة حجتها، لا تجدى نفعا لقوم لا يتوقع إيمانهم، لأنهم لم يوجهوا أنظارهم إلى الاعتبار بالآيات والاستدلال بها على ما تدل عليه من وحدانية الله وقدرته. والاعتبار بسننه فى خلقه والاستفادة منها فيما يزكّى النفس ويرفعها عن الأرجاس والأدناس.
(فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم محذّرا مشركى قومه من حلول عاجل نقمة ربهم بهم وقد حل بمن قبلهم من سائر الأمم الخالية التي سلكت فى تكذيب رسله وجحودهم مسلكهم: هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون بما جئتهم به من عند الله تعالى إلا يوما يعاينون فيه من عذاب الله مثل أيام أسلافهم الذين كانوا على مثل ما هم عليه من الشرك والتكذيب.
والخلاصة- إنهم لا ينتظروا إلا مثل وقائعهم مع رسلهم مما بلغهم مبدؤه وغايته.
(قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) أي قل لهم منذرا مهدّدا: انتظروا عقاب الله ونزول سخطه بكم، إنى من المنتظرين هلاككم بالعقوبة التي تحل بكم، وإنى على بينة بما وعد الله به وصدق وعده للمرسلين، وإن الذين يصرّون على الجحود والعناد سيكونون من الهالكين.
(ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) أي إن سنتنا فى رسلنا مع أقوامهم الذين يبلغونهم الدعوة، ويقيمون عليهم الحجة، وينذرونهم سوء عاقبة التكذيب، فيؤمن بعض ويصر آخرون على الكفر- أن نهلك المكذبين وننجى رسلنا والذين آمنوا بهم.