الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرجاء مجرد التوقع الذي يشمل ما يسرّ وما يسوء، واللقاء: الاستقبال والمواجهة، والاطمئنان: سكون النفس إلى الشيء وارتياحها به، والمأوى: الملجأ الذي يأوى إليه المتعب أو الخائف أو المحتاج من مكان آمن أو إنسان نافع، وقد أطلق على الجنة فى ثلاث آيات، وعلى النار فى بضع عشرة آية، والدعوى: الدعاء، وهو للناس النداء والطلب المعتاد بينهم فى دائرة الأسباب المسخرة لهم، ولله هو دعاؤه وسؤاله والرغبة فيما عنده مع الشعور بالحاجة إليه والضراعة له فيما لا يقدر عليه أحد من خلقه من دفع ضر أو جلب نفع، سبحانك: أي تنزيها لك وتقديسا، والتحية: التكرمة بقولهم حياك الله، أي أطال عمرك والسلام: السلامة من كل مكروه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر الأدلة على وجوده تعالى من خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار، وأثبت بذلك البعث والجزاء على الأعمال يوم العرض والحساب- قفى على هذا بذكر حال من كفر به وأعرض عن البينات الدالة عليه، وحال المؤمنين الذين عملوا الصالحات موقنين بلقاء ربهم- ثم ذكر جزاء كلّ من الفريقين.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) أي إن الذين لا يتوقعون لقاءنا فى الآخرة للحساب والجزاء على الأعمال لإنكارهم للبعث، ورضوا بالحياة الدنيا بدلا من الآخرة فقصروا كل همهم من الحياة على الحصول على أغراضهم منها، وسكنت نفوسهم إلى شهواتها ولذاتها.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) فلا يتدبرون منها ما نزل على رسولنا وما حوته من عبر ومواعظ ومعاد وحكم، ولا يتفكرون فى صحائف الكون وما فيها من حكمته وسننه فى الخلق، وبهذا شاركوا الفريق الأول فى الشغل بالدنيا عن الآخرة، ومن ثم لم يستعدوا لحسابنا وما يعقبه من نعيم مقيم، وعذاب أليم.
(أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي أولئك الذين سلف ذكرهم مأواهم فى الآخرة النار جزاء ما اجترحوا من السيئات طوال حياتهم، فهم قد دنسوا أنفسهم بشرور الوثنية وظلمات الشهوات الحيوانية فلم يعد لنور الحق والخير مكان فيها، ومن ثم لا يجدون ملجأ بعد هول الحساب إلا جهنم دار العذاب.
وبعد أن أبان جزاء الفريق الأول كان من الواضح أن تستشرف نفس القارئ والسامع إلى جزاء الفريق الثاني فقال:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) أي إن الذين آمنوا بما يجب الإيمان به ولم يغفلوا عن الآيات التي غفل عنها الغافلون ورجوا لقاء ربهم وخافوا حسابه وعقابه، يهديهم ربهم بسبب إيمانهم صراطه المستقيم فى كل ما يعملون وينتهى ذلك بهم إلى دخول الجنة التي أعدها لعباده المخبتين.
وفى هذا إيماء إلى أن الإيمان والعمل الصالح هما سبب الهداية والفوز برفيع الدرجات والوصول إلى أقصى الغايات.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي تجرى من تحت غرفهم فى الجنات ومن تحت الأشجار.
(دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي إنهم يبدءون كل دعاء وثناء عليه تعالى يناجونه به بهذه الكلمة (سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ) أي تنزيها وتقديسا لك يا الله، وأن تحيتهم فيها كلمة (سَلامٌ) الدالة على السلامة من كل مكروه، وهى تحية المؤمنين فى الدنيا.
وهذه التحية تكون منه عز وجل حين لقائه كما قال فى سورة الأحزاب: «تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ» ومن الملائكة لهم عند دخول الجنة كما قال: «وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» وتكون منهم بعضهم لبعض كما قال: