الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير المفردات
تعجيل الشيء. تقديمه على أوانه المقدر له أو الموعود به، والاستعجال به: طلب التعجيل له، والعجلة من غرائز الإنسان كما قال تعالى «خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ» فاستعجاله بالخير لشدة حرصه على منافعه وقلة صبره عنها، واستعجاله بالضر لا يكون من دأبه بل بسبب عارض كالغضب والجهل والعناد والاستهزاء والتعجيز، أو للنجاة مما هو شر منه، وقضاء الأجل: انتهاؤه، ونذر: نترك، والطغيان: مجاوزة الحد فى الشر من كفر وظلم وعدوان، والعمه: التردد والتحير فى الأمر أو فى الشر، ومرّ: أي مضى فى طريقته التي كان عليها من الكفر بربه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر تعجب القوم من تخصيص محمد بالنبوة، وأزال هذا التعجب بقوله «أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ» ثم ذكر دلائل التوحيد والبعث والجزاء- ذكر هنا جوابا عن شبهة كانوا يقولونها أبدا وهى: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فى ادعاء الرسالة فأمطر علينا حجارة من السماء.
وخلاصة الجواب أنه لا مصلحة لهم فى إيصال الشر إليهم إذ لو أوصله إليهم لماتوا وهلكوا، ولا صلاح فى إماتتهم، فربما آمنوا بعد ذلك أو خرج من صلبهم من يكون مؤمنا.
الإيضاح
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أي ولو يعجل الله للناس إجابة دعائهم فى الشر وفيما عليهم فيه مضرة فى نفس أو مال كاستعجال مشركى مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعذاب الذي أنذرهم نزوله بهم كما حكى الله عنهم من نحو قوله «وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ
الْمَثُلاتُ»
وقوله «وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ، وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً» وقوله «وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» .
كاستعجالهم بالخير الذي يطلبونه بدعاء الله أو بعلاج الأسباب التي يظنون أنها قد تأتى به قبل أوانه، لقضى أجلهم قبل وقته الطبيعي كما هلك الذين كذبوا الرسل واستعجلوهم بالعذاب من قبلهم.
ولكن الله أرحم بهم من أنفسهم، وقد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهداية الدائمة، وقضى بأن يؤمن به قومه العرب ويحملوا دينهم إلى العجم، وأنه يعاقب المعاندين من قومه فى الدنيا بما فيه تأديب لهم كما بين ذلك بقوله «قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ» ويؤخر عذاب سائر الكافرين إلى يوم القيامة، ولم يقض بإهلاكهم واستئصالهم، بل يذرهم إلى نهاية آجالهم كما قال:
(فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي فنترك الذين لا يرجون لقاءنا ممن تقدم ذكرهم فيما هم فيه من طغيان فى الكفر والتكذيب، يترددون فيه متحيرين لا يهتدون سبيلا للخروج منه، ولا نعجل لهم العذاب فى الدنيا بالاستئصال حتى يأتى أمر الله فى جماعتهم بنصر رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، وفى أفرادهم بقتل بعضهم وموت بعض، ومأواهم النار وبئس القرار، إلا من تاب وآمن منهم.
وقد يكون المراد: ولو يعجل الله للناس الشر الذي يستعجلونه بما يقترفونه من ظلم وفساد فى الأرض لأهلكهم كما جاء فى قوله «وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ» ومن هذا دعاؤهم على أنفسهم حين اليأس، ودعاء بعضهم على بعض حين الغضب كما قال «وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ» أي وما دعاء الكافرين بربهم أو بنعمه فيما يخالف شرعه وسننه فى خلقه إلا فى ضياع لا يستجيبه الله لهم لحلمه عليهم ورحمته بهم.