الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظهريّا، فذلوا بعد عزة، وأجلب الكفار عليهم بخيلهم ورجلهم ودخلوا عليهم فى عقر دارهم، وامتلكوا بلادهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
[سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَاّ قَلِيلاً (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)
تفسير المفردات
الخداع: إيهام غيرك أن الشيء على ما يحب ويريد بتزيينك له وهو على غير ذلك.
كسالى: واحدهم كسلان، وهو المتثاقل المتباطئ، المراءاة: من الرؤية، وهى أن يكون من يرائيك بحيث تراه كما يراك، فالمرائى يريهم عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل الذبذبة: حكاية صوت الحركة للشىء المعلق ثم استعملت فى كل اضطراب وحركة.
المعنى الجملي
لا يزال الحديث فى المنافقين وبيان أحوالهم بعد أن ذكر طرفا منها قبل ذلك.
الإيضاح
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ)
أي يخادعون رسول الله فيظهرون له الإيمان ويبطنون الكفر، ونسب ذلك إلى الله من جهة أن معاملة الرسول بذلك كمعاملة الله به كما قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ» .
وفى جعل ذلك خداعا لله تنبيه إلى شيئين، فظاعة فعلهم فيما تحرّوه من الخديعة،
إذ هم بمخادعتهم للرسول إنما يخادعون الله، وعظم شأن المقصود بالخداع، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وأن معاملته بذلك كمعاملة الله به.
(وَهُوَ خادِعُهُمْ)
أي مجازيهم على خداعهم، وسمى ذلك مخادعة مشاكلة للفظ الأول، ونظيره «وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ» وإنما جعل كذلك لأنه قد استعمل فى المعاني المذمومة التي تتضمن الكذب أو تدل على ضعف صاحبها وعجزه غالبا.
وخلاصة المعنى- إنه عبر عن سنة الله فى عاقبة أمرهم فى العاجل والآجل من حيث إنها جاءت على غير ما يحبون بلفظ مأخوذ من المخادعة، إذ أنهم بمخادعتهم للرسول والمؤمنين يسيرون فى طريق يضلّون فيه وينتهون إلى الخزي والوبال من حيث هم يطلبون السلامة والنجاة، فمخادعتهم لأنفسهم بسوء اختيارهم لها هو مخادعة الله لهم، إذ جرت سنته تعالى فيمن يعمل مثل عملهم أن يلاقى الخزي فى الدنيا والنكال فى الآخرة، وهكذا حال المنافقين فى كل أمة وملة يخادعون ويكذبون، ويكيدون ويغشّون، ويتولون أعداء أمتهم يبتغون بذلك يدا عندهم يمتون بها إليهم إذا دالت دولتهم، وكتب التاريخ ملأى بأخبار هؤلاء الأشرار، ويكثر عددهم فى الأمم فى أطوار الضعف وقوة الأعداء، إذ هم طلاب منافع يلتمسونها من كل فج، ويسلكون لها كل طريق، ولو فيما يضر أمتهم والناس أجمعين، وقد روى عن ابن عباس أنه قال: خداعه تعالى لهم أن يعطيهم نورا يوم القيامة يمشون به مع المسلمين فإذا وصلوا إلى الصراط انطفأ نورهم وبقوا فى ظلمة، ودليله قوله تعالى «كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ» .
(وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى)
أي متباطئين متثاقلين ليست لديهم رغبة تبعثهم على عمل، ولا نشاط يدفعهم على فعل، لأنهم لا يرجون ثوابا فى الآخرة، ولا يخشون عقابا إذ لا إيمان لهم، وإنما يخشون الناس، فإذا كانوا بمعزل عن المؤمنين