المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تصيبهم بشؤمه، محض خرافة لا مستند لها من عقل أو - تفسير المراغي - جـ ٥

[المراغي، أحمد بن مصطفى]

فهرس الكتاب

- ‌[تتمة سورة النساء]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 24 الى 25]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 29 الى 30]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 31]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 32]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 33]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 34 الى 35]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 36 الى 39]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 40 الى 42]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 46]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 47]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 48 الى 50]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 51 الى 55]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 58 الى 59]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 63]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 64 الى 65]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 66 الى 68]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 69 الى 70]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 71 الى 73]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 74 الى 76]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 77 الى 79]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 80 الى 82]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 83]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 84]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 85 الى 87]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 88 الى 91]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 92 الى 93]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 100]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌السبب فى شرع الهجرة فى صدر الإسلام

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 101 الى 103]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌صلاة القصر فى السفر وشرطها

- ‌كيفية صلاة الخوف

- ‌[سورة النساء (4) : آية 104]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 113]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 116 الى 122]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 123 الى 126]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 127 الى 130]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 135 الى 136]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 137 الى 141]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]

- ‌تفسير المفردات

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 144 الى 147]

- ‌المعنى الجملي

- ‌الإيضاح

- ‌فهرس أهم المباحث العامة التي فى هذا الجزء

الفصل: تصيبهم بشؤمه، محض خرافة لا مستند لها من عقل أو

تصيبهم بشؤمه، محض خرافة لا مستند لها من عقل أو نقل ومخالف لما بينه الله تعالى من وظيفة الرسل.

(وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً) أنك أرسلت للناس كافة بشيرا ونذيرا لا مسيطرا ولا جبارا ولا مغيّرا لنظم الكون وتحويل سنن الاجتماع أو تبديلها «فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا» .

[سورة النساء (4) : الآيات 80 الى 82]

مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)

‌المعنى الجملي

بعد أن أمر سبحانه فيما تقدم بطاعة الله وطاعة الرسول وبين جزاء المطيع وأحوال الناس فى هذه الطاعة بحسب قوة الإيمان وضعفه، ثم أمر بالقتال وبين مراتب الناس فى الامتثال له، أعاد هنا الأمر بالطاعة وبين أنها أولا وبالذات لله، ولغيره بالتبع، وبين ضروب مراوغة الضعفاء والمنافقين.

‌الإيضاح

(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) أي إن من أطاع الرسول فقد أطاع الله لأنه الآمر والناهي فى الحقيقة، والرسول إنما هو مبلّغ للأمر والنهى فليست الطاعة له

ص: 99

بالذات وإنما هى لمن بلغ عنه، إذ قد جرت سنته سبحانه ألا يأمر الناس ولا ينهاهم إلا بواسطة رسل منهم يفهمون عنهم ما يوحيه إليهم ليبلغوه عنه.

أما ما يقوله الرسول من تلقاء نفسه وما يأمر به مما يستحسنه باجتهاده ورأيه من أمور المعيشة كتأبير النخل (تلقيحه بطلع الذكر) ونحوه مما يسميه العلماء أمر إرشاد، فطاعته فيه ليست من الفرائض التي فرضها الله، لأنه ليس دينا ولا شرعا عنه تعالى، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكيل الطعام كالقمح وغيره من الحبوب عند طحنه وعند عجنه وهو من التدبير والاقتصاد فى البيوت، وأكثر المسلمين أهملوه إلا من تعوّد منهم التدبير وحسن التقدير فى المنازل، وكذلك أمر بأكل الزيت والادّهان به.

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا شكّوا فى الأمر أمن عند الله هو أم من رأى الرسول واجتهاده؟ وكان لهم فى ذلك رأى آخر سألوه، فإن أجابهم بأنه من الله أطاعوه بلا تردّد، وإن قال إنه من رأيه ذكروا رأيهم، وربما رجع النبي صلى الله عليه وسلم عن رأيه إلى رأيهم كما فعل فى بدر وأحد.

روى مقاتل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول «من أحبنى فقد أحب الله ومن أطاعنى فقد أطاع الله، فقال المنافقون: ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل؟ لقد قارف الشرك، قد نهى أن نعبد غير الله ويريد أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى، فأنزل الله هذه الآية» .

فالمؤمن حقا لا يكون خاضعا إلا لخالقه وحده دون أحد من خلقه، والخروج عن ذلك شرك، وهو نوعان:

1) أن ترى لبعض المخلوقات سلطة غيبية وراء الأسباب العادية، ومن ثم ترجو نفعها وتخاف ضرها وتدعوها وتذل لها، وذلك هو الشرك فى الألوهية.

2) أن ترى لبعض المخلوقين حق التشريع والتحليل والتحريم، كما فسر النبىّ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ» بطاعتهم فيما يحللون ويحرمون، وذلك هو الشرك فى الربوبية.

ص: 100

ذاك أن المؤمن يحب أن يكون أعز الناس نفسا وأعظمهم كرامة، فلا يرضى أن يستعبده سلطان ظالم ولا حاكم مستعبد، إذ هو يعلم علم اليقين أن الكل عبيد مسخرون لله تعالى يخضعون لأمره، وأن ذلك منتهى سعادتهم فى الدارين.

(وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) أي ومن أعرض عن طاعتك التي هى طاعة الله فليس لك أن تكرهه عليها، لأنك ما أرسلت إلا مبشرا ونذيرا ولم ترسل مسيطرا أو رقيبا تحفظ على الناس أفعالهم وأقوالهم، فالإيمان والطاعة إنما يكونان بالاختيار بعد الإقناع والاختبار.

(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ) أي ويقول ذلك الفريق الذين أخبر الله عنهم أنهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية، إذا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر: أمرك طاعة- أي أمرك مطاع، إظهارا لكمال الانقياد والخضوع.

(فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) البراز- بفتح الباء- الأرض الفضاء، والتبييت ما يدبر فى الليل من رأى ونية وعزم على عمل، ومنه تبييت العدو للإيقاع به ليلا، أي إذا خرجوا من المكان الذي يكونون معك فيه إلى البراز وهم منصرفون إلى بيوتهم، دبر جماعة منهم ليلا غير الذي قالوا لك وأظهروه من الطاعة نهارا.

روى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: هم ناس يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمنا بالله ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، وإذا برزوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا إلى غير ما قالوا عنده فعاتبهم الله على ذلك.

(وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) أي يبينه لك فى كتابه ويفضحهم بمثل هذه الآيات، وفى هذا من التهديد الشيء الكثير.

(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) ولا تهتمّ بما يبيتون ولا تؤاخذهم بما أسروا ولم يعلنوا.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) أي فوّض الأمر إليه، وثق به فى جميع أمورك، فإن الله يكفيك شرهم وينتقم لك منهم.

ص: 101

(وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا) لمن توكل عليه، فهو قادر على إيقاع الجزاء بهم، وعليم بمقدار ما يستحقون منه، لا يعجزه منه شىء.

(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) أصل التدبر التأمل فى أدبار الأمور وعواقبها، ثم استعمل فى كل تأمل سواء كان نظرا فى حقيقة الشيء وأجزائه، أو سوابقه وأسبابه، أو لواحقه وأعقابه، وتدبر الكلام هو النظر والتفكر فى غاياته ومقاصده التي يرمى إليها، وعاقبة من يعمل به ومن يخالفه.

أي أجهل هؤلاء القوم حقيقة الرسالة وكنه هذه الهداية فلا يتدبرون القرآن الذي يدل على حقيقتها؟ ولو تدبروه لعرفوا أنه الحق من ربهم وأن ما وعد به المتقين الصادقين وما أنذر به الكافرين والمنافقين واقع لا محالة، فهو إذ صدق فى الإخبار عما يبيتون فى أنفسهم من القول يصدق كذلك فيما أخبر عن سوء مصيرهم والوبال والنكال فى عاقبتهم.

(وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) أي ولو كان من عندك لا من عند الله الذي أرسله به لوجدوا فيه اختلافا كثيرا لأسباب كثيرة:

1) أن أي مخلوق لا يستطيع تصوير الحقائق كما صورها القرآن بلا اختلاف ولا تفاوت فى شىء منها.

2) أنه حكى عن الماضي الذي لم يشاهده محمد صلى الله عليه وسلم ولم يقف على تاريخه، وعن الآتي فوقع كما أنبأ به، وعن الحاضر فأخبر عن خبايا الأنفس ومكنونات الضمائر كما أخبر عما بيتته هذه الطائفة مخالفا لما تقول للرسول أو ما يقوله لها فتقبله فى حضرته وترفضه فى غيبته.

3) أن أحدا لا يستطيع أن يأتى بمثله فى بيان أصول العقائد وقواعد الشرائع وسياسة الشعوب والقبائل مع عدم الاختلاف والتفاوت فى شىء من ذلك.

4) أن أحدا لا يستطيع أن يأتى بمثله فى سنن الاجتماع ونواميس العمران وطبائع الملل والأقوام مع إيراد الشواهد وضرب الأمثال وتكرار القصة الواحدة بالعبارات

ص: 102

لبليغة تنويعا للعبرة وتلوينا للموعظة، واتفاق كل ذلك وتواطئه على الصدق، وبراءته من الاختلاف والتناقض.

5) أن أحدا لا يستطيع أن يأتى بمثله فيما جاء به من فنون القول وألوان العبر فى أنواع المخلوقات فى الأرض أو فى السموات، فقد تكلم على الخلق والتكوين ووصف جميع الكائنات كالكواكب ونظامها والرياح والبحار والحيوان والنبات وما فيها من الحكم والآيات، وكان فى كل ذلك يؤيد بعضه بعضا لا تفاوت فيه، ولا اختلاف بين معانيه.

6) أنه أخبر عن عالم الغيب والدار الآخرة وما فيها من الحساب على الأعمال والجزاء العادل، وكان فى كل ذلك جاريا على سنة الله تعالى فى تأثير الأعمال الاختيارية فى الأرواح، مع الالتئام بين الآيات الكثيرة، وهو غاية الغايات فى ذلك عند من أوتى الحكمة وفصل الخطاب.

هذا إلى أنه نزل منجما بحسب الوقائع والأحوال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية أو الآيات يأمر بأن توضع فى محلها من سورة كذا، وهو يحفظه حفظا، وقد جرت العادة بأن من يأتى بكلام من عنده فى مناسبات مختلفة لا يتذكر جميع ما سبق له فى السنين الطوال ولا يستحضره حتى يجعل الآخر موافقا للأول مع أن بعض الآيات كان ينزل فى أيام المحن والكروب، وبعضها عند تنازع الأقوام حين الخصام.

إلى أنّ كر الغداة ومر العشى لا يزيده إلا جدّة، ولا يزيد أحكامه إلا ثباتا ورسوخا، وكلما اتسعت دائرة العلوم والمعارف ونمت أحوال العمران زاد إيمان الناس به، إذ تتوثق روابط الصلة بين الدين والعلم وتتظاهر أحكامه مع نواميس الاجتماع وشؤون الكون.

والخلاصة- إن تدبر القرآن وتأمل ما امتاز به هو طريق الهداية القويم، وصراط الحق المستقيم، فإنه يرشد إلى كونه من عند الله، وإلى وجوب الاهتداء به،

ص: 103