الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الشمس والليل والضحى:
أقول: هذه الثلاثة حسنة التناسق جدًّا؛ لما في مطالعها من المناسبة؛ لما بين الشمس والليل3 والضحى من الملابسة، ومنها سورة الفجر؛ لكن فصلت بسورة البلد لنكتة أهم، كما فصل بين الانفطار والانشقاق، وبين المسبحات؛ لأن مراعاة التناسب بالأسماء والفواتح وترتيب النزول، إنما يكون حيث لا يعارضها ما هو أقوى وآكد في المناسبة.
ثم إن سورة الشمس ظاهرة الاتصال بسورة البلد، فإنه سبحانه لما ختمها بذكر أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، أراد الفريقين في سورة الشمس على سبيل الفَذْلَكَة4، فقوله:[في الشمس]{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} "9" هم أصحاب الميمنة في سورة البلد، وقوله:{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} "10"[في الشمس] ، هم أصحاب المشأمة في سورة
1 في المطبوعة: "وأكثر" تحريف، والمثبت من "ظ".
2 ومن التناسب أيضًا بين هذه السور وسابقتها: أنه تعالى لما ذكر في تلك ابتلاء الإنسان بضيق الرزق بسبب عدم إطعام المسكين، وعدم إكرام اليتيم، ونعى عليه حب المال، ذكر في هذه ندمه يوم القيامة، وتذكره حبس المال، وذلك حين يقول:{يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} "الفجر: 24".
3 في "ظ": "والقمر".
4 الفَذْلَكَة: مُجمل ما فُصِّل وخلاصته "وهي كلمة مولدة: أي استعملها الناس قديمًا بعد عصر الرواية". انظر: "المعجم الوسيط""فذلكة""2/ 703".
البلد، فكانت هذه السورة فَذْلَكَة تفصيل تلك السورة؛ ولهذا قال الإمام: المقصود من هذه السورة: الترغيب في الطاعات، والتحذير من المعاصي.
ونزيد في سورة الليل: أنها تفصيل إجمال سورة الشمس، فقوله:{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} "الليل: 5" وما بعدها، تفصيل {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} "الشمس: 9"، وقوله: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} "الليل: 8" الآيات، تفصيل قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} "الشمس: 10".
ونزيد في سورة الضحى: أنها متصلة بسورة الليل من وجهين، فإن فيها:{وإن لنا للآخرة والأولى} "الليل: 13"، وفي الضحى:{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} "4"، وفي الليل:{وَلَسَوْفَ يَرْضَى} "الليل: 21"، وفي الضحى:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} "5".
ولما كانت سورة الضحى نازلة في شأنه صلى الله عليه وسلم افتتحت بالضحى، الذي هو نور، ولما كانت سورة الليل [نازلة في بخيل في قصة طويلة، افتتحت بالليل الذي هو ظلمة.
قال الإمام: سورة الليل] 1 سورة أبي بكر، يعني: ما عدا قصة البخيل2، وكانت سورة الضحى سورة محمد، عقب بها، ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم ألا واسطة بين محمد وأبي بكر.
1 ما بين المعقوفين إضافة من "ظ"، وانظر هذه القصة في تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم "1/ 3439، 3440".
2 الذي نزل في أبي بكر رضي الله عنه من هذه السورة قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} إلى {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} "الليل: 5-7"، أخرج ابن جرير أنه كان يعتق على الإسلام بمكة عجائز ونساء إذا أسلمن فَلامَهُ أبوه، فنزلت "تفسير ابن جرير الطبري 30/ 142".