الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
«المقترح في المصطلح في الجدل» لأبي منصور محمد بن محمد البَرْوي (ت 567). وقد طبع أخيرًا بتحقيق شريفة المويلحي.
7 -
«الإيضاح لقوانين الاصطلاح» ليوسف ابن الجوزي (ت 656)، مطبوع بتحقيق الأستاذ فهد السدحان سنة 1413.
8 -
«عَلَمُ الجَذَل في عِلْمِ الجَدَل» لنجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي (ت 716)، مطبوع بتحقيق المستشرق فولفهارت هاينرشس، ألمانيا سنة 1408.
ويمكننا أن نُدْرج في هذه المرحلة اتجاهًا آخر في التأليف، له ارتباط أوثق بعلوم المنطق والمباحث العقلية، وصناعة الحدود، مثل كتاب «الكافية في الجدل» لإمام الحرمين الجويني (ت 478)، وهو مطبوع بتحقيق فوقيّة حسين محمد عام 1399.
وعلى هذه الطريقة تندرج المقدمة الجدلية التي صَدَّر بها أبو الوفاء ابن عقيل (ت 513) كتابه الأصولي «الواضح»
(1)
، وطريقته فيه مخالفة في منهجها وأسلوبها ومباحثها كتابه الآنف الذكر. ومثلهما ما تضمنه كتابا الرازي (ت 606)، والآمدي (ت 630) من مباحث في علم الجدل.
المرحلة الثالثة:
وهذه المرحلة بدأت واشتهرت على رأس القرن السادس على يد العَمِيدي
(2)
، وصارت تُعرف بالطريقة العميدية، ولا خلاف
(1)
(1/ 296 - 530).
(2)
وهو: أبو حامد محمد بن محمد السمرقندي، ركن الدين العميدي، الفقيه الحنفي، كان مبرزًا في علم الخلاف، وله عدة تصانيف فيه، كمختصره الأصولي، و «الإرشاد» و «النفائس» وغيرها، توفي سنة (615) ببخارى. انظر «وفيات الأعيان»:(4/ 257)، و «الجواهر المضية»:(3/ 355)، و «تاج التراجم» (ص 248)، و «السير»:(22/ 76)، و «تاريخ الإسلام» (وفيات 615)(ص 263)، و «الأعلام»:(7/ 27).
بين العلماء أنه أول مَن اخترع هذه الطريقة وصنف فيها، قال ابن خلكان: «كان إمامًا في فن الخلاف، خصوصًا الجُسْت
(1)
، وهو أول مَن أفرده بالتصنيف، ومَن تقدمه كان يمزجه بخلاف المتقدمين
…
»
(2)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وفي ذلك الوقت ــ أي سنة 615 ــ ظهرت دولة المغل جنكسخان بأرض المشرق
…
وظهرت بدعٌ في العلماء والعُبَّاد، كبحوث ابن الخطيب، وجست العميدي، وتصوُّف ابن العربي
…
»
(3)
.
وهي مرحلة جديدة الوجه واليد واللسان، وصفها ابن خلدون بقوله:«وهي عامة في كل دليل يُستدل به من أيِّ علمٍ كان، وأكثره استدلال، وهو من المناحي الحسنة، والمغالطات فيه في نفس الأمر كثيرة، وإذا اعتبرنا النظر المنطقي كان في الغالب أشبه بالقياس المغالطي والسوفسطائي»
(4)
.
(1)
الجُسْت: كلمة فارسية معناها البحث والفحص والتقصِّي، ثم أصبحت عَلَمًا على فنٍّ من فنون علم الخلاف والجدل، وهو المبني على طريقة الفلاسفة والمتكلمين. انظر:«المعجم الفارسي ــ فرهنك فرزان» (ص 301) للدكتور طبيبيان، و «تكملة المعاجم العربية»:(2/ 211) لدوزي.
(2)
«وفيات الأعيان» : (4/ 257). وانظر «مقدمة ابن خلدون» (ص 506 - 507).
(3)
«جامع المسائل ــ الأموال السلطانية» : (5/ 396 - 397)، ونحوه في «الصواعق المرسلة»:(3/ 1078) لابن القيم، و «مختصره»:(2/ 435 ــ أضواء السلف) للموصلي.
(4)
«المقدمة» (ص 506 - 507).
ووصفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وصفًا بليغًا دقيقًا فقال: «ثم إن بعض طلبة العلوم من أبناء فارس والروم، صاروا مولَعِين بنوع من جدل المموِّهين، استحدثه طائفة من المشرقيين، وألحقوه بأصول الفقه في الدين، راوغوا فيه مراوغة الثعالب، وحادوا فيه عن المسلك اللاحب، وزخرفوه بعبارات موجودة في كلام العلماء قد نطقوا بها، غير أنهم وضعوها في غير مواضعها المستحقَّة لها، وألَّفوا الأدلة تأليفًا غير مستقيم، وعَدَلوا عن التركيب الناتج إلى العقيم.
غير أنهم بإطالة العبارة، وإبعاد الإشارة، واستعمال الألفاظ المشتركة والمجازية في المقدمات، ووضع الظنيات موضع القطعيات، والاستدلال بالأدلة العامة ــ حيث لها دلالة ــ على وجهٍ يستلزم الجمعَ بين النقيضين، مع الإحالة والإطالة، وذلك من فِعْل غالط أو مغالط للمجادلة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أغلوطات المسائل= نَفَق ذلك على الأغتام الطَّماطم، وراج رواج البَهْرَج على الغِرِّ العادم، واغترَّ به بعض الأغمار الأعاجم، حتى ظنُّوا أنه من العلم بمنزلة الملزوم من اللازم، ولم يعلموا أنه والعلم المقرِّب متعاندان متنافيان
(1)
، كما أنه والجهل المركب متصاحبان متآخيان
…
»
(2)
.
وقد نقل الحاج خليفة في «كشف الظنون»
(3)
عن بعض العلماء قوله:
(1)
وقد قال الذهبي في ترجمة العميدي المتقدم ذكره: «وليس علمه مما يُرشد إلى الله والدار الآخرة، ولا هو من عُدة القبر، فالله المستعان» . «تاريخ الإسلام» ، وبنحوه في «السير» .
(2)
«العقود الدرية» (ص 49 - 50)، و «تنبيه الرجل» (ص 6 - 7).
(3)
(1/ 580).
«إياك أن تشتغل بهذا الجدل الذي ظهر بعد انقراض الأكابر من العلماء (يشير إلى جدل العميدي) فإنه يبعد عن الفقه، ويضيع العمر، ويورث الوحشة والعداوة، وهو من أشراط الساعة، كذا ورد في الحديث، ولله دَرُّ القائل:
أرى فقهاء هذا العصر طُرًّا
…
أضاعوا العلم واشتغلوا بلِمْ لِمْ
إذا ناظرتَهم لم تَلْق منهم
…
سوى حَرْفَيْنِ لِمْ لِمْ لا نُسَلِّمْ»
وهذا هو الجدل المذموم الذي منه ما يكون محرمًا، قال إمام الحرمين الجويني: «فالمذموم منه ما يكون لدفع الحق، أو تحقيق العناد، أو ليُلْبَس الحق بالباطل، أو لما لا يطلب به تعرُّفٌ ولا تقرُّبٌ
…
إلى غير ذلك من الوجوه المنهيِّ عنها»
(1)
.
وهذه الطريقة المخترعة يبدو أنها لقيت رواجًا في القرن السابع في أوساط الطلبة والمتفقهة، تدل على ذلك عبارةُ ابن خلكان ــ لما ذكر طريقة العميدي ــ «وهي مشهورة بأيدي الفقهاء»
(2)
، وكذلك كَثُرت في هذه الطريقة الشروح والتآليف
(3)
، وتدل عليه عبارة شيخ الإسلام المذكورة آنفًا. من أجل ذلك رأى شيخ الإسلام أنه يجب التصدِّي لهذه الطريقة وتفنيد ما فيها من الخطأ والباطل
(4)
، وذلك بنقض كتاب يُمَثِّل هذه الطريقة، وهو «فصول في الجدل» لبرهان الدين محمد بن محمد النسفي الحنفي المتوفى
(1)
«الكافية في الجدل» (ص 22).
(2)
«الوفيات» : (1/ 257).
(3)
انظر ما سيأتي في المقدمة، و «مقدمة ابن خلدون» (ص 507).
(4)
انظر «الصواعق المرسلة» : (3/ 1079 - 1080).
سنة (687)، وقد ذكر ابنُ خلدون النسفيَّ على أنه أحد المؤلفين في هذه الطريقة الذين سلكوا مسلك العَمِيدي
(1)
.
وقد زادت قناعةُ شيخ الإسلام بنقض هذه الطريقة بعد ما طُلِب إليه أن يكتب ما يكشف مُشكلها ويفتح مُقْفَلَها، ويبين ما فيها من زللٍ وخَطَل، حتى يتبين لمن سلكها من الطلاب أنه في طريق لا يهدي إلى الهدى والرشد، ولا يوصل إلى حقيقة، وإن أخذوا من الجدل الصحيح ما فيه من الرسوم والألفاظ تمويهًا دون حقائقه ومعانيه، وذلك بمنزلة ما في الدرهم الزائف من العين!
إلا أن رواج هذه الطريقة لم يلبث طويلًا، فسرعان ما هُجِرت وانفضَّ الطلابُ عن الاهتمام بدراستها، والعلماءُ عن التأليف فيها
(2)
، لما فيها من التعقيد وصعوبة المسلك، مع بُعْدها عن العلم الصحيح الذي يورث الفقهَ، والعلمَ النافع.
* * *
(1)
«المقدمة» (ص 507)، وقد وهم كثير من الباحثين في تعيين «النسفي» في نص ابن خلدون هذا، وليس هو إلا صاحبنا.
(2)
وانظر «مقدمة ابن خلدون» (ص 507).