الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب تنبيهٌ للشخص الذي يَعقِلُ مثل هذه المباحث الجدلية على تمويهات الجدليين المتأخرين. وهذا هو الراجح في نظرنا، وقد اخترنا أن يكون العنوان «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» كما في «العقود الدرية» ، وما في المصادر الأخرى مقارب له.
*
تاريخ تأليفه:
نحسب أن شيخ الإسلام ألَّف هذا الكتاب في المرحلة الأولى من حياته في أثناء إقامته بدمشق قبل سفره إلى مصر سنة 705. ومما يستأنس به في ذلك أن الشيخ لم يُشِر في هذا الكتاب إلى شيء من مؤلفاته وكتاباته، مع أنه كثير الإحالة إليها في كتبه إمّا إجمالًا كقوله: «كما بُسِط ذلك في موضع آخر»، أو بتحديد عنوان كتابه. ولم يفعل هذا في الكتاب الذي بين أيدينا.
ثم إن ميلَه إلى السجع في مقدمة الكتاب ــ كما صنع في مقدمة «الصارم» و «الإبطال» ــ وكلامه على بعض الأحاديث الواردة في الكتاب باختصار، واهتمامه بأمر اللغة والنحو والتنبيه على اللحن، كلُّ ذلك يشير إلى قِدَم تأليفه، وأنه من أوائل كتبه التي ألَّفها، فلم نعهد منه هذا في المرحلة الأخيرة من حياته.
*
إثبات نسبته إلى المؤلف
(1)
:
وصلت إلينا نسخة فريدة من الكتاب كتبت سنة 759، وهي في مكتبة
(1)
هذا ما كنا ذكرناه في مقدمة الطبعة الأولى، ثم زدناها عددًا وبيانًا في مقدمة الطبعة الثانية، وهي بين يديك.
رضا في رامفور بالهند برقم [2170]. وقد كانت في فهرسها القديم (1/ 512) منسوبةً إلى ابن عقيل الحنبلي. وبعد الاطلاع على النسخة ودراستها ظهر أنها ليست لابن عقيل، فإنه توفي سنة 513، والكتاب يناقش «الفصول في الجدل» لبرهان الدين النسفي المتوفى سنة 687، وهو متأخر عن ابن عقيل كما نرى.
وكان علينا أن نبحث عن المؤلف الحقيقي له في الفترة بين (687 - 759 تاريخ وفاة النسفي وتاريخ كتابة النسخة). وبما أن الملزمة الأولى من النسخة ناقصة، فذهبت بعشر أوراق تحتوي على مقدمة الكتاب والكلام على بعض الفصل الأول من «الفصول» ، كان لابدّ من دراسة النسخة والتأمل فيها لعلنا نهتدي إلى المؤلف الحقيقي. وبعد عكوفنا على النسخة والقراءة المتأنية فيها وجدنا قرائن تُشير إلى أن المؤلف هو شيخ الإسلام، ثم توصلنا إلى القطع بذلك بعدما وجدنا نصوصًا مقتبسة منه في «إعلام الموقعين» لابن القيم.
أما القرائن فكانت عديدة:
منها: أن المترجمين لشيخ الإسلام ذكروا له كتابًا في الجدل بعنوان «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» . والكتاب الذي بين أيدينا نقدٌ لأصحاب الجدل الباطل وبيانٌ لتمويهاتهم، ولا نعرفُ أحدًا غيره ألَّف على هذا النحو في الرد على الجدليين المتأخرين.
ومنها: أن شيخ الإسلام كان في هذه الفترة التي حددناها، أي بعد وفاة النسفي 687، وقبل تاريخ النسخة 759. ولا نعرف أحدًا غيره برز في هذه الفترة للرد على الجدليين.
ومنها: أن في الكتاب ذكر «تمويه» الجدليين والجدل «المموّه» وأصحاب الجدل «المموّهين» ومشتقاته بكثرة، وإذا قرأنا مقدمة الكتاب التي اقتبسها ابن عبد الهادي في «العقود» عرفنا أن المقصود الاصلي من الكتاب نقد جدل «المموّهين» وبيان «تمويهاتهم» .
ومنها: أن هذه المقدمة المقتبسة فيها أن المؤلف يأخذ في تمييز حقّه من باطله وحالِيه من عاطله بكلام مختصر، والنسخة كلها تحوي نقد كتاب النسفي المذكور وتمييز حقّه من باطله وتمييز صحيحه من سقيمه.
ومنها: أن في الكتاب موضوعاتٍ وأبحاثًا اشتهر شيخ الإسلام بالحديث عنها، منها نقله لكلام الإمام أحمد:«ينبغي للمتكلم في الفقه أن يجتنب هذين الأصلين» . وقوله: «أكثر ما غلط الناس من جهة التأويل والقياس» ، وبيانه لمعناه (ص 205). وانظر نحو هذا الكلام في «قاعدة في الاستحسان» (ص 74) و «مجموع الفتاوى» (7/ 391، 392).
وتكلم في موضوع النهي عن التشبه بالأعاجم والكفّار (ص 257 - 259). وقد فصَّل فيه الكلام بما لا مزيد عليه في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم» .
وتكلم في موضوع التنافي (ص 397 وما بعدها)، ونحوه في «الرد على المنطقيين» (ص 205، 206).
وهناك موضوعات أخرى أشرنا إلى ما ورد منها ما يماثلها في كتبه الأخرى.
هذه القرائن وغيرها أرشدتنا إلى أن الكتاب من تأليفه، ثم وجدنا تلميذه