الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال (ص 448) تعليقًا على قول صاحب الفصول «يقال في الخلافيات» : «يعني به خلافيات أهل الجدل المموَّه، وإلا فالخلافيات المشهورة عند كل الطوائف لا يلتفتون فيها إلى هذا الكلام» .
ومواضع أخرى: (ص 63، 130، 182، 183، 283، 402، 406، 421، 442، 597)، ولا نُطيل على القراء بنقل النصوص الموجودة فيها.
فهذا التطابقُ ــ لمن يتدبر ويفهم ــ لا يعني إلا شيئًا واحدًا: أن تلك المقدمة المحفوظة في كتاب ابن عبد الهادي هي لهذا الكتاب الذي نحن بصدده.
القرينة الخامسة:
أن عنوان الكتاب «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» ، فما مدى تطابق العنوان مع المضمون؟ انظر معنا إلى عبارات المؤلف في الكتاب، حيث يقول في وصف النسفي صاحب الكتاب المردود عليه، ووصف أصحاب هذه الطريقة:
قال (ص 180): «قال صاحب الجدل الباطل» ويقتبس من كلامه.
ويقول (ص 40): «هو من أفسد أنواع الشغب والجدل الباطل» .
ويقول (ص 202): «الجدل الباطل لا يفلح فيه من سلكه استدلالًا وسؤالًا وانفصالًا، فإن من استدل بالباطل فهو مبطل، ومن ردَّ الباطل بالباطل .... فهو مبطل
…
».
وفي (ص 81): «وهذا كلام أصحاب هذا النوع من الجدل
…
».
ويقول في (ص 248): «إنما حاققنا فيها من عدَّها قاعدةً من نظرائه الجدليين أصحاب الجدل المحدث
…
».
وأشار إلى المراوغة ــ التي سبق في المقدمة أن وصفها بـ «مراوغة الثعالب» ــ بقوله (ص 29): «وانقطع باب المراوغة الذي فتحوه» .وبقوله (ص 295): «فكيف تروغ من هذه المعارضة مراوغة الثعلب الأملس» .
واقرأ أيضًا في الكتاب (ص 18): «هذا الكلام على تعقيده وقبح التعبير به ــ لما فيه من الألفاظ المشتركة الخالية عن قرينة التمييز، ولما فيه من حشو كلماتٍ لا حاجة إليها ــ فهو مع خلوِّه عما يحتاج إليه في البيان، واشتماله على ما لا يحتاج إليه خالٍ عن الفائدة» .
وفي (ص 37): «وأمثلة هذا الكلام المزيف الذي لا يقوله عاقل كثيرة، حتى يتمكن مِن تقوُّلِه مَن استباح القضايا المتناقضة من التراكيب الفاسدة» .
واستهزأ شيخ الإسلام فيه (ص 196 - 197) بهذا الجدل الباطل وأصحابه فقال: «واعلم أن هذا الكلام دعوى عارية ليس فيها زيادة على الدعاوي الماضية سوى تغيير العبارة وتطويلها بغير فائدة، وسلوك الطريق المعوجّة المنكوسة، وما مثل هذا إلاّ مثل من قيل له: أين أُذُنك اليسرى؟ فوضع يده اليمنى فوق رأسه، ثم نزل بها إلى أذنه، وترك أن يوصل إليها من تحت ذقنه
…
». إلى آخر ما في الكتاب في هذا الموضع.
وقد سبق أن ذكرنا التمويه ومشتّقاته فيما مضى، فإذا قرأنا هذه العبارات في أثناء الكتاب= عَلِمْنا أن عنوان الكتاب «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» مطابق تمامًا لمضمون الكتاب الذي بين أيدينا، وأن المؤلف
قصد فيه الرد على الجدل الباطل وأصحابه المموّهين، وأن هذا الجدل محدث، وأن أصحابه راغوا فيه مراوغة الثعالب، وحادوا فيه عن المسلك اللاحب.
وبعد هذا البيان الواضح هل سيبقى من يتوهّم أن كتابنا مجرّد شرح لكتاب النسفي؟! وهل سيبقى لهذا الوهم أيّ اعتبار في ميزان النقد العلمي؟ كلا!!
القرينة السادسة: أن المؤلف نقل في مواضع كثيرة عن الإمام أحمد أكثر من أي إمام آخر (انظر فهرس الأعلام ص 648)، وكان مهتمًا بنقل رواياته على طريقة شيخ الإسلام المعروفة، ولنذكر نماذج:
ص 10: «فعن أحمد فيها روايتان إحداهما .. وهي المنصورة عند أصحابه» .
ص 203: «وهو قول المالكية أو أكثرهم وأكثر الشافعية وإحدى الروايتين عن أحمد وقول كثير من أصحابه» .
ص 234: «ولم يجب عند الشافعي وأحمد في المشهور عنه» .
ص 308: «وهو أشهر الروايتين عن أحمد» .
وهكذا في بقية المواضع (ص 331، 337، 370، 433، 436، 516، 530، 531، 572، 573). وهذه هي طريقة ابن تيمية التي لا تخفى على من قرأ شيئًا من كتبه.
القرينة السابعة: أن في الكتاب استعمال عبارات اشتهر شيخ الإسلام بالإكثار منها، كقوله على سبيل المثال: