المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إفادة العلماء منه: - تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل - المقدمة

[ابن تيمية]

الفصل: ‌ إفادة العلماء منه:

تحتها. وأحيانًا يتكلم بعد افتراضِ شيء، ويتوسَّع في الكلام، ثم يُبيِّن أن هذا الافتراض ليس بصحيح. والأمثلة على ذلك كثيرة مبثوثة في الكتاب.

وينبغي أن يكون القارئ والدارس على معرفةٍ بالغرض الأصلي من تأليف هذا الكتاب، فقد كان قصدُ الشيخ فيه التمييز بين الجدل الصحيح والباطل، والتنبيه على ما في كلام الجدليين المموّهين من المغالطات، وما يسلكونه من الطرق المعوجّة للوصول إلى المقصود. وقد نبَّه الشيخ كثيرًا على هذا الغرض في أثناء كلامه. يقول في موضع (ص 421):«واعلم أن نكت هؤلاء المموِّهين إذا صحَّ بعضُها وكان مبنيًّا على أصول الفقه، فإنه لابدّ من حشوٍ وإطالة، وذِكْر ما لا يفيد، ووقف الاستدلال على ما لا يتوقف، وإدخال ما ليس من مقدمات الدليل في المقدمات، فهي دائرة بين تغليط وتضييع، وبين الإحالة والإطالة، وبين الباطل الصريح والحشو القبيح» . ونحو هذا الكلام عنده كثير، فعلينا عند دراسة آراء الشيخ أن لا ننسب إليه ما هو منه برئ، وإنما ورد ما ورد منه في كلامه على لسان المعترض أو المستدل.

وبالإضافة إلى مباحث الجدل والأصول يوجد في الكتاب آراء جديدة للشيخ في النحو واللغة، ونخصُّ بالذكر هنا كلامه في المصدر الصناعي (ص 250 - 256)، فقد أطال الكلام حوله، وبيَّن ما هو على الجادة منه مما ليس كذلك، وقد ردَّ هنا على النحويين وفصَّل تفصيلًا لا يوجد في كتب النحو القديمة والجديدة التي رجعنا إليها.

*‌

‌ إفادة العلماء منه:

وقفنا ولله الحمد على ثلاثة من العلماء اقتبسوا من هذا الكتاب:

ص: 52

1 -

الإمام محمد بن أحمد بن عبد الهادي (ت 744)، فقد ذكر الكتاب وأثنى عليه، وساق خطبته كاملة في ترجمته لشيخ الإسلام ابن تيمية «العقود الدرية» (ص 45 - 51).

2 -

الإمام ابن قيم الجوزية (ت 751) في كتابه «إعلام الموقعين» فقد نقل نصًّا طويلًا في الكلام على الاحتجاج بأقوال الصحابة، مع بعض التصرف كعادة ابن القيم في نقله عن الشيخ، وهذا النقل في (5/ 546 - 581)، (6/ 5 - 40) وهو في «التنبيه» (ص 529 - 556).

3 -

الإمام علاء الدين المرداوي (ت 885) في كتابه «التحبير في شرح التحرير» (1/ 212 - 213)، ونصه: «قال الشيخ تقي الدين في الرد على الجست

(1)

: «النظر له معان عدة. منها: نظر العين كقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23]، وقوله تعالى:{عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين: 23، 25].

ومنها: نظر القلب كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 185].

ومنها: معنى العطف والرحمة كقوله: {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 77].

ومنها: معنى الانتظار كقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} [الزخرف: 66]، {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13]، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ

(1)

وقع في مطبوعة «التحبير» : «الجشت» ، وهو تصحيف. وقد تقدم تفسير «الجست» (ص 41).

ص: 53

الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35].

ومنها: معنى المقابلة والمحاذاة، يقال: داري تناظر دارك، أي: تقابلها، والموضع الفلاني ينظر إلى جهة كذا، أي: يقابله ويحاذيه.

ومنه النِّظْر: لأنه يقابل الآخر ويناظره، ويُسَمَّى المتحاجان متناظرين؛ لأنهما متقابلان تقابلَ الشيئين المتواجهين، ولأنهما متعاونان على النظر الذي هو التفكر والاعتبار، طلبًا لإدراك العلم وبيانه.

والمعنى الأول أظهر عند أهل العربية. وإلى المعنى الثاني صَغو الجدلين» انتهى.

ويبدو أن هذا الاقتباس من أوائل كتاب «التنبيه» ، وأوائله ساقطة من نسختنا كما سلف.

* * *

ص: 54