الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف العين
وهو الحرف الذي اعتمده الخليل بن أحمد رضي الله تعالى عنه، وبدأ به كتابه، وتابعه الناس عليه. قال الأزهري: قال الليث: قال الخليل: لم يأتلف العين والغين في شيء من كلام العرب.
عبب: قال الإمام أبو منصور الأزهري جاء في بعض الأخبار مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا. والعب: أن يشرب الماء ولا يتنفس، وقيل: إنه يورث الأكباد، وقد روي في خبر مرفوع. وقال أبو عمرو: العب أن يشرب الماء دعرقة بلا عبث. والدعرقة أن يصب الماء مرة واحدة. والعبث أن يقطع الجرع. قال الأزهري: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: الحمام من الطير ما عب وهدر، وذلك أن الحمام يعب الماء عبًا ولا يشرب كما تشرب الطير شيئًا فشيئًا. وقال صاحب المحكم: شرب الماء بلا مص، وهو الجرع، وقيل: تتابع الجرع، يقال عبه يعبه عبًا وعب في الإناء والماء عبًا أي كرع. ويقال في الطائر عب ولا يقال شرب. وفي الحديث "أن الله تعالى قد وضع عنكم عبية الجاهلية"
قال أبو عبيدة واللحياني والأزهري وصاحب المحكم وجماعات من المتقدمين وغيرهم: هي بضم العين وكسرها لغتان، ومعناهما الكبر والفخر. قال الأزهري: لا أدري أهي فعيلة من العب أو من العبو وهو الضوء. قال الإمام أبو القاسم الرافعي: العب هو شرب الماء جرعا والهدير ترجيعه وصوته تغريده، قال: والأشبه أن يقال ما له عب وله هدير، قال: ولو اقتصروا في تفسير الحمام على العب لكفاهم، ذلك يدل عليه نص الشافعي رحمه الله تعالى في عيون المسائل، قال: وما عب في الماء عبا فهو البغوي، وما شرب قطره قطرة كالدجاج فليس بحمام.
عبق: قال أهل اللغة: يقال عبق به الطيب بكسر الباء أي: لزق أو يعبق بفتحها عبقًا بالفتح، وعباقية على وزن ثمانية.
عتر: ذكر في الروضة في باب العقيقة قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا فرع ولا عتيرة” وذكر اختلاف الأصحاب في أنهما مكروهان أم لا، وهذا الحديث في صحيح البخاري من رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وفيه في صحيح البخاري الفرع أول النتاج كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب.
قال الخطابي في شرح صحيح البخاري: أحسب هذا التفسير من كلام الزهري راوي الحديث. قال الخطابي: وأصل العتيرة النسيكة التي تعتر أي: تذبح، وكان أهل الجاهلية يذبحونها في رجب ويسمونها الرجبية، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، وكان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبحها في رجب. قلت: لا خلاف أن تفسير العتيرة ما ذكره إلا أنها في العشر الأول من رجب.
كذا قال الجوهري: العتر والعتيرة بمعنى كذبح وذبيحة، وقد عتر الرجل يعتر بكسر التاء في المضارع عترا بفتح العين وإسكان التاء إذا ذبح العتيرة، ويقال هذه أيام ترجيب وتعتير.
عتق: قوله في الحديث: نهى عن الصلاة في سبع مواطن منها فوق بيت الله العتيق بمعنى الكعبة المعظمة. واختلف العلماء في سبب تسميته عتيقا، فروى الواحدي في الوسيط بإسناده عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما سمى الله تعالى البيت العتيق لأن الله تعالى أعتقه من الجبابرة فلم يظهر جبار قط، قال: وهذا قول أكثر المفسرين.
وقال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: قال الحسن: والبيت القديم. قال: وقال غيره: البيت العتيق أعتق من الغرق أيام الطوفان، وقيل: إنه أعتق من الجبابرة ولم يدعه منهم أحد.
وذكر صاحب المحكم الأقوال الثلاثة التي ذكرها الأزهري، قال: والأول أولى يعني أنه سمي به لقدمه، وذكر الهروي أيضًا هذه الأقوال وقدم الأول منها. وقال صاحب مطالع الأنوار: العرب تقول لكل مثناة في الجودة عتيق، ومنه سميت الكعبة البيت العتيق.
وذكر أيضًا هذه الأقوال الثلاثة، قال الأزهري عن شمر: العاتق الجارية التي قد أدركت وبلغت ولم تتزوج بعد. وقال ابن الأعرابي: العاتق الجارية التي قد بلغت أن تدرع
وعتقت من الصبا والاستعانة بها، وإنما سميت عاتقا لهذا. وقال الجوهري: جارية عاتق أي: شابة أول ما أدركت فخدرت في بيت أهلها ولم تبن إلى زوج. وقال صاحب المحكم: جارية عاتق شابة، وقيل: العاتق البكر التي لم تبن عن أهلها، وقيل: هي بين التي أدركت وبين التي عنست. والعاتق أيضا التي لم تتزوج سميت بذلك لأنها عتقت عن رحمة أبويها ولم يملكها زوج بعد. قال الفارسى: وليس بقوي والجمع في ذلك كله عواتق.
قال الجوهري: العتق الكرم يقال ما أبين، والعتق في وجه فلان يعني الكرم والعتق الجمال والعتق الحرية، وكذلك العتاق بالفتح، والعتاقة بالفتح تقول منها: عتق العبد يعتق بالكسر عتقا وعتاقا وعتاقة فهو عتيق وعاتق وأعتقته أنا، وفلان مولى عتاقة، ومولى عتيق، ومولاة عتيقة، وموال عتقاء، ونساء عتائق، وذلك إذا أعتقن وعتق الشيء بالضم عتاقة أي: قدم وصار عتيقا، وكذلك عتق يعتق مثل دخل يدخل فهو عاتق، ودنانير عتق وعتقته أنا تعتيقًا. والعتيق القديم من كل شيء حتى قالوا رجل عتيق أي قديم.
عن أبي عبيد: والعتيق العبد المعتق، والعتيق الكريم من كل شيء، والخيار من كل شيء التمر والماء والبازي والشحم، والعاتق موضع الرداء من المنكب يذكر ويؤنث، وفرس عتيق أي: رائع والجمع العتاق، وإنما قيل: قنطرة عتيقة بالهاء، وقنطرة جديد بلا هاء لأن العتيقة بمعنى الفاعلة، والجديدة بمعنى المفعولة، ليفرق بين ما له الفعل وبين ما الفعل واقع عليه، هذا ما ذكره الجوهري.
وقال الأزهري: عتيق التمر وغيره، وعتق يعتق إذا صار قديمًا. قال الأصمعي: العاتقان ما بين
المنكبين والعتق والجمع العواتق. وقال ابن الأعرابي: كل شيء بلغ النهاية في جودة أو رداءة أو حسن أو قبح فهو عتيق، وجمعه عتق، قال: وبكرة عتيقة إذا كانت نجيبة كريمة، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: العتق خلاف الرق، عتق يعتق وعتقًا وعتاقا وعتاقة فهو عتيق وجمعه عتقاء، وأعتقته فهو معتق وعتيق والجمع كالجمع، وأمة عتيق وعتيقة في إماء عتائق وحلف بالعتاق أي بالاعتاق، وفرس عتيق أي رائع كريم، وقد عتق عتاقة، والاسم العتق العتيق القديم من كل شيء، وقد عتق عتاقًا وعتاقة.
وقال بعض حذاق اللغويين: العتق للموات كالخمر والتمر، والقدم للموات والحيوان جميعًا، وعتق الشمس وعتق أي قدم عن اللحياني، والعاتق ما بين المنكب، والعتق مذكر وقد أنث وليس يثبت. قال اللحياني: وهو مذكر لا غير، والجمع عتق وعتق وعواتق، وهذا ما ذكره في المحكم. وقد ذكر ابن قتيبة العاتق في باب ما يذكر ويؤنث لغتان، وقال ابن السكيت: هو مذكر وقد يؤنث، وأنشد بيتًا في تأنيثه.
وقال شيخنا جمال الدين في كتابه المثلث: العتق بالكسر التخلص من العبودية، وهو نجابة الإنسان وغيره، وهو قدم الشيء وقد يضم، والعتق بالضم جمع عتيق، وهو الجيد والجميل والقديم أيضًا، قال: والعتاق بالفتح عتق العبد، والعتاق بالكسر جمع عتيق، والعتاق بالضم الجيد الجميل. قال الأزهري رحمه الله تعالى في باب العتق من كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني: وإنما قيل: لمن أعتق نسمة أعتق رقبة وفك رقبة، وخصت الرقبة دون جميع الأعضاء لأن ملك السيد لعبده كالحبل في رقبته وكالغل، فإذا أعتق فكأنه فك من ذلك، وذكر أبو محمد بن قتيبة في أول كتابه غريب الحديث مثله أو نحوه.
قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: العتق مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق ونجا، وعتق فرخ الطير إذا طار فاستقل فكأن العبد لما فكت رقبته من الرق تخلص وذهب حيث شاء. قال صاحب مطالع الأنوار: يقال عتق المملوك يعتق عتقا وعتاقة بالفتح فيهما وعتاقا أيضا بالفتح، والاسم العتق بالكسر، قال: ولا يقال عتق إنما هو أعتق إذا أعتقه سيده، قال: والذهب العتق بضم العين والتاء جمع عتيق، وهي القديمة، قال: وفي رواية بعض شيوخ الموطأ بفتح التاء وشدها على مثال سجد، قال: والأول أشبه، والله تعالى أعلم. وقوله في التنبيه وغيره: وإن نذر عتق رقبة كذا وقع في النسخ، وكان الأصوب أن يقول إعتاق مصدر أعتق.
عته: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال أبو عمرو المعتوه والمخفوق المجنون. وقال ابن الأعرابي عن المفضل: رجل معته إذا كان مجنونا مضطربا في خلقه، قال: وقال الأصمعي نحوا من ذلك. وقال الليث: المعتوه المدهوش مس جنون، قال: والتعته التجنن، هذا ما ذكره الأزهري في باب عته، وقال في عنن، قال أبو عمرو: يقال للمجنون معنون ومهروع ومحموع ومعتوه وممنوه وممنه إذا كان مجنونا. قال صاحب المحكم: يقال عته الرجل عتها وعتاها وهو بين العته، والعته من لا عقل له.
عثث: قال الأزهري: العثث السوس الواحدة عثة، وقد عث الصوف إذا أكله العث، ويقال للمرأة ما هي إلا عثة. وقال صاحب المحكم: العثة السوسة والأرضة، والجمع العث وعثث، وعث الصوف والثوب يعثه عثًا إذا أكله، والعث دويبة تأكل الجلود، وقيل: دويبة تعلق بالاهاب فتأكله، هذا قول ابن الأعرابي.
قال ابن دريد: بغير هاء دواب تقع في الصوف، فدل على أن العث جمع، وقد يجوز أن يعني بالعث الواحدة، وعبر عنه بالدواب لأنه حسن معناه الجمع، وإن كان معناه واحدا، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
عثر: في الحديث: “فيما سقت السماء أو كان عثريا العشر” العثري بعين مهملة ثم ثاء مثلثة مفتوحتين ثم راء مهملة مكسورة ثم ياء مشددة. قال صاحب الطوالع وحكى ابن المرابط عثريا بسكون الثاء قال والأول أعرف.
قال الشيخ تقي الدين ابن الصلاح رحمه الله تعالى: هو عند بعض أهل اللغة العذى، قال: والأصح ما ذهب إليه الأزهري وغيره من أهل اللغة: أنه مخصوص بما سقى من ماء السيل فيجعل عاثور، وهو شبه ساقية تحفر له يجري فيها الماء إلى أصوله سمي ذلك عاثورا؛ لأنه يتعثر بها الإشارة الذي لا يشعر بها، وهذا هو الذي فسره الشيخ أبو إسحاق رحمه الله تعالى في مهذبه ولكن لم يقيده بماء السيل والمطر، فأشكل على القلعي اليمني شارح ألفاظه، فقال في معرض الإنكار: العثرى هو ما سقت السماء، لا اختلاف فيه بين أهل اللغة فوقع ولم يسلم أيضًا من حديث أنه أطلق أيضًا ولم يقيد. والله تعالى أعلم، هذا كلام الشيخ تقي الدين.
وروينا في سنن ابن ماجه عن يحيى بن آدم، أنه قال: البعل والعثري ما يزرع للسحاب وللمطر خاصة ليس يصيبه إلا ماء المطر، والبعل ما كان من الكروم قد ذهبت عروقه في الأرض إلى الماء فلا يحتاج إلى السقي الخمس سنين والست. فذكر الجوهري في صحاحه وغيره: أن العثري الزرع الذي لا يسقيه إلا ماء المطر. وذكر ابن فارس في المجمل قولين: أحدهما هذا، والثاني وأشار إلى ترجيحه أنه ما سقي من النخل سحا والسح الماء الجاري.
عجب: ذكر في باب الصيد والذبائح عجب الذنب هو بفتح العين وإسكان الجيم، وهو أصل الذنب.
عجج: في الحديث “أفضل الحج العج والثج” ذكره في المهذب العج بفتح
العين. قال الأزهري رحمه الله تعالى: قال أبو عبيد: رفع الصوت بالتلبية، والثج سيلان دماء الهدي، ويقال: عج القوم يعجون وضح يضجون، إذا رفعوا أصواتهم بالدعاء والاستغاثة، قال: والعجاج غبار يثور به الريح الواحدة عجاجة وفعله التعجيج، قال: وقال اللحياني: رجل عجاج ثجاج إذا كان صياحا. قال غيره: عج أي: صاح. قال صاحب المحكم: عج يعج ويعج عجا وعجيجا رفع صوته، وعجة القوم وعجيجهم صياحهم وجلبتهم، ورجل عجاج صياح والأنثى بالهاء، ونهر عجاج تسمع لمائه عجيجًا، وعج البيت دخانًا فتعجج ملأه.
عجر: قوله في الروضة في أول الجنايات: “العجار من المقاتل”، هو بكسر العين وتخفيف الجيم، وهو ما بين الخصية وحلقة الدبر.
عدد: في حديث أبيض بن حمال ذكر الماء العد ذكراه في باب الاقطاع والحمى من المهذب والوسيط فالعد بكسر العين وتشديد الدال المهملة.
قال أبو منصور الأزهري: قال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: الماء العد الدائم الذي لا ينقطع مثل ماء العين وماء البئر، وجمع العد أعداد. وقال شمر: قال أبو عبيدة: العد القديمة من الركايا. قال: وهو من قولهم حسب عداي قديم. قال: وقال أبو عدنان: سألت أبا عبيدة عن الماء العد، فقال لي: الماء العد بلغة تميم الكثير، وهو بلغة بكر بن وائل الماء القليل، قال: وقالت لي الكلابية: الماء العد الركي، يقال: أمن العد هذا أم من ماء السماء، قالت: ومأكل ركية عد قل أم كثر، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: الماء العد الذي له مادة وهذا نحو الأول، وقولهم في كتاب الفرائض مسألة المعادة: هو بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة. قال الأزهري: قال شمر: العد أهل الذي يعادي بعضهم بعضًا على الميراث. قال الأزهري: العدة الجماعة قلت أو كثرت، يقال: عدة رجال وعدة نساء، قال: والعدة مصدر عددت الشيء عدًا وعدة، قال: والعدة عدة المرأة شهورا كانت أو أقراء، أو وضع حمل حملته من زوجها، وجمع عدتها عدد، وأصل ذلك كله من العد قول الله تبارك وتعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (البقرة: من الآية203) مذهبنا أنها أيام التشريق، هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر: أولها: وهو الحادي عشر من ذي الحجة ويسمى يوم النفر، وثانيها: يوم الثاني عشر وهو يوم النفر الأول، وثالثها يوم الثالث عشر وهو يوم النفر الثاني.
قال الإمام: أقضى القضاة الماوردي صاحب
الحاوي في تفسير قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} هي أيام منى في قول جميع المفسرين، وإن خالف بعض الفقهاء في أن شرك بين بعضها وبين الأيام المعلومات. وقال الإمام الواحدي: الأصح أن هذه الأيام يراد بها أيام التشريق أيام منى سماها معدودات لقلتها كقوله تعالى: {مَعْدُودَةً} (البقرة: من الآية80) وجمعها على الألف، والتاء تدل على القلة نحو دريهمات وحمامات. قال: وأكثر العلماء على ما ذكرنا، وهو أن الأيام المعدودات أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
وقال الإمام الأزهري في تهذيب اللغة: الأيام المعدودات في الآية ثلاثة بعد يوم النحر، وهو قول ابن عباس والضحاك والشافعي رضي الله تعالى عنهم. قال: وقال الزجاج: كل عدد قل أو كثر فهو معدود، ومعدودات تدل على القلة؛ لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء نحو دريهمات وحمامات، وقد يجوز أن تقع الألف والتاء للتكثير. قال الأزهري: قال أبو زيد: يقال انقضت عدة الرجل إذا انقضى أجله، وجمعها العدد، ومثله انقضت مدته وهي المدد. قال: وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: يقال هذا عداده وعده ونده ونديده وبده وبديده وسيه وزنه وزنه وحيده وحيده وعفره وغفره ودنه أي: مثله، وفي الحديث: “ما زالت أكلة خيبر تعادني”. قال أبو عبيد: قال الأصمعي: هو من العداد، وهي الشيء الذي يأتيك لوقت مثل الحمى الربع والغب.
قال الأزهري: قلت: معناه تؤذيني وتراجعني في روينا معدودة. قال الأزهري: ويقال فلان عداده في بني فلان إذا كان ديوانه معهم، والعدائد النظراء واحدهم عديد وعداد القوس صوتها والعديد الكثرة، ويقال: ما أكثر عديد بني فلان وهذه الدراهم تعديد هذه إذا كانت بعددها، ويقال: إنهم ليتعادون على عشرة الآف أي: يزيدون عليها في العدد، ويقال: هم يتعادون إذا اشتركوا فيما يتعادونه بعضهم بعضًا من المكارم وغيرها، والعدة ما أعد للأمر بحدث مثل الأهبة، ويقال: أعددت للأمر عدته، والعدات الرماة، ويقال: أتيت فلانا في يوم عداد أي: يوم جمعة أو فطر أو عيد، وفلان به عداد من اللمم وهو يشبه الجنون يأخذ الإنسان في أوقات معلومة، هذا آخر كلام الأزهري.
قال صاحب المحكم: العد إحصاء الشيء عده يعده عدًا وتعدادًا وعدده، وحكى اللحياني عده معدًا، وحكى اللحياني أيضًا عن العرب عددت الدراهم أفرادًا ووحادًا، وأعددت الدراهم
أفرادًا ووحادًا. ثم قال: لا أدري أمن العدد أم من العدة، فشكه في ذلك يدل على أن أعددت لغة في عددت ولا أعرفها. والعدد مقدار ما يعد ومبلغه والجمع أعداد، وعددت من الأفعال المتعدية إلى مفعولين بعد اعتقاد حذف الوسط، والوسط حرف الجر، يقولون: عددتك المال وعددت لك المال عددتك وعددت لك ولم يذكر المال، وإعداد الشيء واستعداده واعتداده وتعدده إحصاؤه. قال ثعلب: يقال استعددت للمسائل وتعددت واسم ذلك العدة. قال ابن دريد: والعدة من السلاح ما اعتددته خص به السلاح لفظًا فلا أدري أخصه في المعنى أم لا؟ وعدان الشباب والملك أولهما وأفضلهما. والعدان الزمان، والعهد وجبتك على عدان تفعل ذلك عدان، تقول ذلك أي حينه، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قال الشيخ الإمام العلامة النحوي الزبيدي في شرح المجمل له: لما كان المضاف يتعرف بالمضاف إليه ويتنكر به كان حكم الاسم المضاف إلى النكرة، إذا عرف دخول الألف واللام على الثاني فتعرف بهما، فيتعرف الأول بالإضافة إلى الثاني المتعرف بالألف واللام، ولا تدخل الألف واللام على الأول لأنهما لا يجتمعان مع الإضافة، وكذا كل عدد مضاف إذا عرف أدخلناه على الاسم المضاف فيتعرف بهما، ويتعرف العدد بإضافته إلى ذلك الاسم سواء أضيف العدد إلى واحد أو إلى جمع، نحو: ثلاثة الرجال ومائة الدراهم وألف الدراهم وشاهده:
ثلاث الأيامى والديار البلاقع
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى
ومنه:
فسما فأدرك خمسة الأشبار
والعدد المفسر بواحد مركب وغير مركب: فالمركب يكتفي فيه بدخول الألف واللام نحو أحد عشر درهما تقول فيه الأحد عشر درهمًا؛ لأن المركب حكمه وحكم غير المركب واحد؛ لأن المركب صار كالمفرد مركب، فالوجه لإدخالهما على الاسم الأول كالاسم المفرد إذا أدخلناه في أوله لا في آخره هذا هو المختار. ومنهم من يدخلهما في الأول والثاني نحو الخمسة العشر درهما، ووجهه أن الإسمين المركبين وإن صارا كالاسم الواحد، فالأصل أيضًا أن يراعى فيهما كونهما اسمين فأدخلنا في كل واحد منهما على حدته وهذا جيد، والأول أجود. ومنهم من يدخلهما في الأول والثاني
والتمييز فيقول هذه الخمسة العشر الدراهم، وهذا قبيح لدخول الألف واللام على التمييز، وحكمه وجوب تنكيره، ولكن لما كان التمييز مشتبها بالمفعول دخلتا عليه فنصب على التشبيه بالمفعول به لا أنه تمييز فلذا دخلتاه وإن قبح، والعدد المجموع بواو ونون وياء ونون يدخل عليه الألف واللام لا على التمييز بعده نحو العشرون رجلا، فتدخل على الأول والثاني لأنهما ليسا مركبين، فيتعرف كل واحد منهما على حدته، ويجوز الثلاثة والعشرون رجلا لأنهما وإن كانا غير مركبين فالثاني منهما معطوف على الأول، ولجمع العطف لهما أشبها التركيب لأنهما عدد واحد، وتعريف التمييز في هذا وجهه كوجهه فيما تقدم.
عدن: قال الإمام الرافعي في إحياء الموات: المعادن هي البقاع التي أودعها الله تعالى شيئا من الجواهر المطلوبة، وهي قسمان: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة: هي التي يبدو جوهرها بلا عمل، وإنما السعي والعمل لتحصيله وذلك كالنفط والكبريت والقار والمومياء والبرام والقطران وأحجار الرحى وشبهها، وهذه لا يملكها أحد بالاحياء والعمارة وإن أراد بها النيل، ولا يختص بها المحتجر أيضًا، وليس للسلطان إقطاعها بل هي مشتركة بين الناس كالماء والحطب والكلأ. وأما الباطنة: فهي التي لا يظهر جوهرها إلا بالعمل في المعالجة كالذهب والفضة والفيروزج والياقوت والرصاص والنحاس والحديد وسائر الجواهر المبثوثة في طبقات الأرض وهل يملك هذه بالاحياء، فيه وجهان أظهرهما أنها كالظاهرة.
عذب: الماء العذب هو الطيب كذا قاله أهل اللغة والمفسرون. قال الواحدي: سمي عذبًا لأنه يعذب العطش أي: يمنعه، قال: وأصل العذب في كلام العرب المنع، يقال عذبته عذبًا إذا منعته، وعذب عذوبًا إذا امتنع، قال: وسمي العذاب عذابًا لأنه يمنع المعاقب من المعاودة لما جرمه، ويمنع غيره من مثل فعله، قال: والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه.
عذر: قوله في الوسيط في أول كتاب السير والنظر في طرفين في الواجبات على الكفاية وفي المعاذير المسقطة. المراد بالمعاذير الأعذار، وهذا مما ينكر عليه، فيقال العذر لا يجمع على معاذير، وإنما جمعه المعروف أعذار فيجاب بأن هذا صحيح فصيح موافق لقول الله عز وجل:{وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (القيامة:15) فإن جمهور العلماء من المفسرين
وأهل العربية: على أن المراد معاذيره الاعذار. وروي في مسند أبي عوانة في كتاب اللعان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا شخص أحب إليه المعاذير من الله تعالى” ولذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين، والمراد بالمعاذير الاعذار، فقد جاء في الروايات الأخر العذر وبه يصح المعنى، فقد جاءت المعاذير في الكتاب والسنة بمعنى الأعذار فوجب قبوله، وهو - والله تعالى أعلم - جمع معذور بمعنى العذر، فالمعذور على هذا مصدر كما قالوا مجنون ومجلود ومعقول بمعنى الجنون والجلد، والعقل فهي مصادر مسموعة خارجة عن القياس وكذا المعذور بمعنى العذر، فالمعاذير جمع معذور، وإن لم يسمع واحده كما قالوا في جمع المذكر مذاكير.
عذط: العذيوط مذكور في الوسيط والروضة في خيار النكاح، وهو بكسر العين وإسكان الذال المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت وإسكان الواو والطاء المهملة، وهو الذي يخرج منه الغائط عند جماعة، والمرأة عذيوطة والمصدر عذيطة بكسر العين.
عذق: قال الأزهري: قال الأصمعي وغيره: العذق بالفتح هو التحلة نفسها. والعذق بالكسر الكباسة والجمع عذوق وأعذاق. وقال ابن الأعرابي: اعتذق الرجل واعتذب إذا أرسل لعمامته عذبتين من خلف، هذا ما ذكره الأزهري. وقال صاحب المحكم: العذق بالفتح كل غصن له شعب والعذق أيضًا النخلة. والعذق: يعني بالكسر الصنو من النخل والعنقود من العنب وجمعه أعذاق وعذوق.
عرب: قول الغزالي: لغو اليمين قول: لا والله وبلى والله، لا يخفى أن لغو اليمين لا يختص بالعرب، وكان حقه أن يقول قول الناس، ولعل سبب ذكره العرب أن لغو اليمين في كلامهم أكثر، وقد يمنع هذا، ويحتمل أنه أراد أن هذا كان معروفا عند العرب، فنزل قول الله تعالى:{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (البقرة: من الآية225) وحمل على ذلك.
عرج: قال أهل اللغة: يقال عرج في السلم ونحوه يعرج بضم الراء عروجًا أي ارتقى، وعرج أيضًا بفتح الراء إذا أصابه شيء في رجله فجمع، ومشى مشية الأعرج ذا لم يكن خلقة أصلية، فإذا كان خلقة قلت: عرج بكسر الراء، كذا ذكره الجوهري وغيره، قال: ويقال من الثاني أعرج بين العرج، وقوم عرج
وعرجان، وأعرجه الله تعالى، وما أشد عرجه، ولا يقال ما أعرجه، والعرجان بفتح العين والراء مشية الأعرج. وعرج على الشيء بالتشديد تعريجًا إذا أقام عليه، ويقال ما لي عليه عرجة ولا عرجة بضم العين وفتحها ولا تعريج ولا تعرج أي: إقامة والمعراج السلم، ومنه ليلة المعراج لنبينا صلى الله عليه وسلم هو بكسر الميم وفتحها لغتان ذكرهما الأخفش وغيره قال: وهما كالمرقاة والمرقاة، ويقال في جمعه المعارج والمعاريج بإثبات الياء وحذفها كالمفاتح والمفاتيح.
وقوله في المهذب في باب استيفاء القصاص: أن رجلا طعن رجلا بقرن في رجله فعرج هو بفتح الراء على ما ذكرناه، وكذا ضبطه بعض المحققين المصنفين في ألفاظ المهذب.
عدا: قوله في الوسيط والبسيط والوجيز إذا غاب إلى مسافة العدوى. قال إمام الحرمين وغيره: هي التي يمكن قطعها في اليوم الواحد ذهابا ورجوعا، ومعناه أن يتمكن المبتكر إليها من الرجوع إلى منزله قبل الليل. قال الرافعي: مأخذ لفظها ففي الصحاح أن العدوى الاسم من الاعداء وهي المعونة، يقال أعدى الأمير فلانًا على خصمه إذا أعانه عليه، والعدوى أيضًا ما يعدي من جرب وغيره، وهي مجاوزته من صاحبه إلى غيره، فقيل لهذه المسافة مسافة العدوى لأن القاضي يعدي من استعدى به على الغائب إليها فيحضره، ويمكن أن يجعل من الأعداء بالمعنى الثاني لسهولة المجاوزة من أحد الموضعين إلى الآخر هذا كلام الرافعي.
عرر: قال الله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحج: من الآية36) ذكر في باب الأضحية من المهذب وذكر تفسير الحسن ومجاهد. وقال الإمام أبو منصور الأزهري: قال جماعة من أهل اللغة: القانع الذي يسأل، والمعتر الذي يطيف بك، ولا يطلب ما عندك سألك أو سكت عن السؤال. قال ابن الأعرابي: عراه واعتراه وعره واعتره بمعنى واحد إذا أتاه وطلب معروفه. وقال الإمام أبو إسحاق الثعلبي المفسر: روى العوفي عن ابن عباس وليث عن مجاهد: أن القانع الذي يقنع بما يعطى ويرضى بما عنده ولا يسأل الناس. والمعتر الذي يمر بك ويتعرض لك ولا يسألك. وقال عكرمة وإبراهيم وقتادة: القانع المتعفف الجالس في بيته، والمعتر السائل الذي يعتريك فيسألك، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس. وعن مجاهد:
القانع أهل مكة وجارك وإن كان غنيًا والمعتر الذي يعتريك ويأتيك فيسألك. وعلى هذه التأويلات يكون القانع من القناعة وهو الرضى والتعفف وترك السؤال.
قال سعيد بن جبير والكلبي: القانع الذي يسألك والمعتر الذي يتعرض لك ويريك نفسه ولا يسألك، وعلى هذا القول يكون القانع من القنوع وهو السؤال. وقال زيد بن أسلم: القانع المسكين الذي يطوف ويسأل والمعتر الصديق الزائر. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: القانع الطامع والمعتر من يعتر بالبدن من غني أو فقير. وقال أبو زيد: القانع المسكين والمعتر الذي يعتر القوم برسوم وليس بمسكين ولا يكون له ذبيحة، فيجيء إلى القوم لأخذ لحمهم. وقال الحسن: المعترى وهو مثل المعتر يقال اعتراه وعراه وأعراه إذا أتاه طالبا معروفه، هذا ما ذكره الثعلبي.
قال صاحب المحكم: المعتر الفقير، وقيل المعترض للمعروف من غير أن يسأل. عره واعتره واعتر به. قال: والعرعر شجر عظيم جبلي لا يزال أخضر. قوله في المهذب في باب من تقبل شهادته لم ترد لمعرة، هي بفتح الميم والعين وهي العيب.
عرس: العرس بضم الراء وإسكانها لغتان مشهورتان، وهي مؤنثة وتذكر. ويقال أعرس اتخذ عرسًا، وأعرس بامرأته إذا بنى بها، وكذا إذا وطأها. قال الجوهري: ولا يقال عرس، ونقل غيره عرس أيضًا، وفي صحيح البخاري في أبواب الوليمة عن سهل ابن سعد، قال: عرس أبو أسد، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعامًا إلا امرأته.
عرق: قوله في المهذب قال في اختلاف العراقيين هو بفتح الياء الأولى وكسر النون على لفظ التثنية، والمراد بهما ابن أبي ليلى وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واسم أبي ليلى مختلف فيه، قيل: اسمه يسار وهو قول مسلم بن الحجاج ومحمد بن عبد الله بن نمير، وقيل: اسمه داود بن بلال، وقيل: سيار بن نمير، وقيل: اسمه بلال، وقيل: اسمه بليل بباء موحدة مضمومة ثم لام مفتوحة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، وقيل: لا يحفظ اسمه وسيأتي إن شاء الله تعالى في الأسماء والقبائل في اختلاف العراقيين، هو للإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وهو كتاب صنفه الشافعي رضي الله تعالى عنه من جملة كتب الأم، يذكر فيه المسائل التي اختلف
فيها أبو حنيفة وابن أبي ليلى فتارة يختار أحدهما ويزيف الآخر، وتارة يزيفهما معا ويختار غيرهما، وهو كتاب حجمه لطيف.
قوله صلى الله عليه وسلم: “ليس لعرق السهو حق” أخرجه أبو داود في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعد بن زيد أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الترمذي أيضًا، وأخرجه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فلم يذكر فيه سعيدًا، وإسناد أبي داود صحيح، رجاله رجال الصحيح.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: من الناس من يرويه على إضافة العرق إلى الظالم، وهو الغارس الذي غرسه فى غير حقه، ومنهم من يجعل الظالم من نعت العرق يريد به الغراس والشجر وجعله ظالمًا لأنه ثبت حقه. قال صاحب المطالع: معناه لعرق ذي ظلم على النعت ومن أضافه إلى الظالم فبين، وأحسن ما قيل فيه أنه كل ما احتفر أو غرس بغير حق كما قال مالك. ولم يذكر الأزهري في تهذيب اللغة وصاحبه ابن فارس في المجمل فيه إلا تنوين عرق على النعت، وكذا قاله أيضًا الأزهري في شرح الفاظ المختصر: قال لأن الغارس ظالم، وإذا كان ظالمًا فعرق ما غرس ظالم. وأصل الظلم وضع الشيء موضعه. قال الإمامان أبو عبد الله مالك بن أنس والشافعي رضي الله تعالى عنهم: العرق الظالم كل ما احتفر أو بني أو غرس ظلمًا في حق امرىء بغير خروجه منه، هذا لفظ الشافعي. ولفظ مالك: العرق الظالم كل ما احتفر أو غرس أو أخذ بغير حق. وفي هذا ذكر معنى الحديث وهو أن اختيار هذين الإمامين في ضبط هذا الحديث تنوين عرق. وقال الأزهري: قال أبو عبيد: قال هشام بن عروة: وهو الذي روى الحديث العرق الظالم أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسًا.
قلت: وهذا أيضًا تصريح بأن هؤلاء الأئمة رووه بالتنوين. وفي حديث المستحاضة إنما ذلك عرق هو بكسر العين، ومعناه أن الاستحاضة تخرج من عرق يسمى العاذل بكسر الذال المعجمة بخلاف الحيض، فإنه يخرج من قعر الرحم، وقد قدمت بيان هذا في فصل حيض موضحًا غاية الإيضاح. قال: وقال الأزهري: قال ابن الأعرابي: العرق أهل الشرف واحدهم عريق وعروق، والعرق أهل السلام في الدين، وغلام عريق نحيف الجسم خفيف
الروح وجمعه عراق، وهي العظام الذي يؤخذ منها هين اللحم، ويبقى عليها لحوم رقيقة طيبة فتكسر وتطبخ، وتؤخذ إهالتها من طفاحتها، ويؤكل ما على العظام من لحم رقيق وتتمشمش العظام، ولحمها من أطيب اللحمان عندهم، يقال عرقت العظم وتعرقته وأعرقته إذا أخذت اللحم عنه نهشًا بأسنانك، وعظم معروق إذا ألقى عنه لحمه، والعراق مثل العراق.
قال الدباسي: يقال عرقت العظم وأعرقه، وفرس معروق ومعرق إذا لم يكن على قصبه لحم، وفرس معرق أي مضمر، وعرق فرسك تعريقًا أي أجره حتى يعرق ويضمر ويذهب وهل لحمه، وأعرق الشجر وتعرق امتدت عروقه في الأرض، والعرقة الطرة تنسج على جوانب الفسطاط، والعرقة خشبة تعرض على الحائط بين اللبن، وجري الفرس عرقًا أو عرقين أي طلقًا أو طلقين، والعرق النفع والثواب، ولقيت منه ذات العراقي أي الداهية، ويقال للخشبتين اللتين يعرضان على الدلو كالصليب العرقوتان والجمع العراقي، وعرقيت الدلو عرقاة إذا شددت عليه العرقوتين، والعرب تقول في الدعاء استأصل الله عرقاته بنصب التاء؛ لأنهم يجعلونها واحد مؤنثة.
قال الأزهري: ومن كسر التاء فجعلها جمع عرقة فقد أخطأ. قال الليث: العراقة من الشجر أرومه الأوسط ومنه تتشعب العروق، هو على تقدير فعلاة، والعرق الجبل الصغير ويقال تركت الحق معرقًا وصادحا وسانحًا أي لائحًا بينا، وعرق في الأرض عروقا أي ذهب فيهان هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم رحمه الله تعالى: العرق ما جرى من أصول الشعر من ماء الجلد، اسم للجنس لا يجمع، هو في الحيوان أصل وفي غيره مستعار، يقال عرق عرقًا ورجل عرق كثير العرق، فأما عرقة فبناء مطرد في كل فعل ثلاثي كضحكة وهزأة، ولربما غلط بمثل هذا ولم يشعر بمكان اطراده، فذكر كما يذكر ما يطرد.
فقد قال بعضهم: رجل عرق وعرقة كثير العرق، فيسوى بين عرق وعرقة وعرق غير مطرد وعرقة مطرد كما ذكرنا، وأعرقت الفرس وعرقته أجريته ليعرق، وعرق الحائط عرقا ندى، وكذلك الأرض الثرية إذا نتج فيها الندى حتى يلتقي هو والثرى، وعرق الزجاجة ما نتح به من الشراب وغيره مما فيها، ولبن عرق فاسد الطعم، وذلك من أن تشد قربة على جنب البعير بلا وقاية فيصيبها عرقه.
وقيل: هو الخبيث الحمض، وقد عرق عرقا، والعرق اللبن لأنه
عرق يتحلب في العروق حتى ينتهي إلى الضرع، وما أكثر عرق إبلك وغنمك أي لبنها ونتاجها، وعرق التمر دبسه، وناقة دائمة العرق أي الدرة. وقيل: دائمة اللبن وفي غنمه عرق أي نتاج كثير، وعرق كل شيء أصله والجمع أعراق وعروق، ورجل معرق في الحسب، وقد عرق فيه أعمامه وأخواله وأعرقوا، وأعرق فيه إعراق العبيد والإماء إذا خالطه ذلك وتخلق بأخلاقهم، وعرق فيه اللئام، ويجوز في الشعر أنه لمعروق له في الكرم على توهم حذف الزائد، وتداركه اعراق خير واعراق شر، وكذلك الفرس وغيره، وقد أعرق وعروق كل شيء أطناب تتشعب منه واحدها عرق وأعرق، وعرق الشجر امتدت عروقه، والعرقاة الأصل الذي يذهب في الأرض سفلا وتتشعب منه العروق.
وقال بعضهم: أعرقه وعرقاة فجمع بالتاء، وعرقاة كل شيء، وعرقاته أصله وما يقوم عليه ويقال استأصل الله عرقاتهم وعرقاتهم أي شأفتهم، فعرقاتهم بالكسر جمع عرق كأنه عرق، وعرقات كعرس وعرسات، إلا أن عرسًا أنثى، فيكون هذا من المذكر الذي جمع بالألف والتاء كسجل وسجلات وحمام وحمامات. ومن قال: عرقاتهم أجراه مجرى سعلاة، وقد يكون عرقاتهم جمع عرق وعرقة. كما قال بعضهم: رأيت بناتك فشبهوها بهاء التأنيث التي في قناتهم وفتاتهم لأنهم للتأنيث، كما أن هذه له، والذي سمع من العرب الفصحاء عرقاتهم بالكسر، والعرق: الأرض الملح التي لا تنبت.
وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: العرق سبخة تنبت الشجر، واستعرقت إبلكم أتت ذلك المكان، وإبل عراقية منسوبة إلى العراق على غير قياس. والعراق العظم بغير لحم فإن كان عليه لحم فهو عرق. وقيل: العرق الذي قد كان أخذ أكثر لحمه والعرق بالتشقق من اللحم وجمعها عراق، وهو من الجمع العزيز وله نظائر. وحكى ابن الأعرابي في جمعه: عراق بالكسر، وهو أقيس وعرق العظم يعرقه عرقا وتعرقه واعترقه أكل ما عليه، ورجل معروق ومعترق ومعرق قليل اللحم، وكذلك الخد، وعرقته الخطوب تعرقه أخذت منه، والعرق الزبيب نادر، والعرقة الدرة التي يضرب بها، والعرقوة خشبة معروضة على الدلو والجمع عرق يعني بفتح العين وإسكان الراء وأصله عرقو، إلا أنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حرف مضموم، وإنما يختص بهذا الضرب الأفعال نحو سرو ونهو ودهو،
فإذا أدى قياس إلى مثل هذا رفض فعدلوا إلى إبدال الواو ياء، فكأنهم حولوا عرقوًا إلى عرقي، ثم كرهوا الكسرة على الياء فأسكنوها وبعدها النون ساكنة، فالتقى ساكنان فحذفوا الياء وبقيت الكسرة دالة عليها، وثبتت النون إشعارًا بالصرف، فإذا لم يلتق ساكنان ردوا الياء، فقالوا: رأيت عرقيها، والعرقاة العرقوة وذات العراقي هي الدلو، والدلو من أسماء الداهية، وعرق في الأرض يعرق عرقًا ذهب، والعراقي عند أهل اليمن التراقي، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قوله في حديث المظاهر والمجامع في شهر رمضان “فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر العرق” بفتح العين والراء. قال الأزهري: هكذا رواه ابن جبلة عن أبي عبيد عرق يعني بفتح الراء. قال الأزهري: وأصحاب الحديث يخففونه يعني بسكون الراء. قال الأصمعي: العرق الشقيقة المنسوجة من الخوص قبل أن يجعل منها زبيل فسمي الزبيل عرقًا، وكذلك كل شيء يصطف مثل الطير إذا اصطفت في السماء فهي عرقة. قال غيره: وكذلك كل شيء مظفور فهو عرق، هذا أخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: العرق والعرقة الزبيل. وفي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه: “لا تغالوا في صداق النساء فإن الرجل يغالي في صداقها حتى يقول تجشمت إليك عرق القربة” قال الأزهري: قال أبو عبيد: قال الكسائى: معناه أن تقول تصببت وتكلفت حتى عرقت كعرق القربة، وعرقها سيلان مائها. قال أبو عبيد: هو أن يقول تكلفت لك ما لم يبلغه أحد حتى تجشمت ما لا يكون لأن القربة لا تعرق، ومثل هذا قولهم حتى يشيب الغراب ويبيض القار. قال الأصمعي: عرق القربة كلمة معناها الشدة ولا أدري ما أصلها. قال ابن الأعرابي: علق القربة وعرقها واحد، وهو معلاق تحمل فيه القربة، فهذا آخر كلام الأزهري عن حكاية أبي عبيد.
عرم: قد تكرر في الوسيط لفظ العرامة كقوله في باب حد قاطع الطريق: إذا فترت قوة السلطان وثار ذوو العرامة في البلاد، فالعرامة بفتح العين وتخفيف الراء، يقال: عرم الرجل بكسر الراء وفتحها وضمها والعين مفتوحة بكل حال فهو عارم وهو الشرير المفسد. وقيل: هو الجاهل الشرس.
عري: في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا، فقد فسرت في الكتب الثلاثة فلا حاجة إلى تفسيرها. قال الهروي: واحدة العرايا عرية فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه، ويحتمل أن تكون من عرى يعري كأنها عريت من جملة التحريم، فعريت أي حلت وخرجت، فهي فعيلة بمعنى فاعلة. ويقال: هو عرو من هذا الأمر أي خلو منه. قال الأزهري: هي فعيلة بمعنى فاعلة. وقيل: هي مشتقة من عروت الرجل إذا ألممت به؛ لأن صاحبها يتردد إليها. وقيل: سميت بذلك لتخلي صاحبها الأول عنها من بين سائر نخيله ذلك.
قوله في باب ستر العورة من المهذب: وإن اجتمع نساء عراة، هكذا وقع في الكتاب عراة وهو لحن، وصوابه عاريات كضاربة وضاربات، قوله: كانوا يطوفون بالبيت عراة. حكى أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة: أن الذين كانوا يطوفون عراة هم العرب العرباء غير قريش أهل مكة، فأما أهل مكة قريش فإنهم كانوا يطوفون مستترين، ثم روى الأزرقي: أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا قريش وأحلافها، فمن جاء من غيرهم وضع ثيابه خارج المسجد. قال: وقال ابن جريج: لما أن أهلك الله أبرهة صاحب الفيل وسلط عليه الطير الأبابيل عظم جميع العرب قريشًا وأهل مكة، وقالوا: هم أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤونة عدوهم، فازدادوا في تعظيم الحرم والمشاعر الحرام، ورأوا أن دينهم خير الأديان، وقالت قريش وأهل مكة: نحن أهل الله بنو إبراهيم خليل الله وولاة البيت الحرام وسكان حرمه، فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا، ولا تعرف العرب لأحد مثل ما تعرف لنا، فابتدعوا عند ذلك أحداثا في دينهم أداروها بينهم، فقالوا: لا تعظموا شيئا من الحل كما تعظموا الحرم، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمكم، فتركوا الوقوف بعرفة والإفاضة منها، وهم يعتقدون أنها من المشاعر العظام ودين إبراهيم عليه السلام، ويقرون سائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها، وقالوا: نحن لا ينبغي لنا أن نخرج من الحرم ولا نعظم غيره، ثم جعلوا لمن ولد من سائر العرب من سكان الحل والحرم، مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم، وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك ثم ابتدعوا أمورًا لم تكن، حتى قالوا: لا ينبغي لنا أن
نأقط الأقط ولا نسلؤا السمن ونحن محرمون، ولا ندخل بيتًا من شعر ولا نستظل إلا في بيوت الأدم، ثم زادوا في الابتداع، فقالوا: لا ينبغي لأهل الحرم أن يأكلوا من طعام جاؤوا به معهم من الحل في الحرم إذا جاؤوا حجاجا أو معتمرين، ولا يأكلوا في الحرم
إلا من طعام أهل الحرم إما قراء وإما شراء.
وكان مما ابتدعوا: أنهم إذا حج الصرورة إنسان من غير الحمس، والحمس من أهل مكة قريش وخزاعة وكنانة، ومن دان دينهم ممن ولدوا من حلفائهم فلا يطوف إلا عريانًا رجلا كان أو امرأة، إلا أن يطوف في ثوب أحمسي إما بإعارة وإما بإجارة، فيقف الغريب بباب المسجد، ويقول من يعيرني ثوبا، فإن أعاره أحمسي ثوبا أو أكراه طاف به، وإن لم يعره ألقى ثيابه بباب المسجد من خارج، ثم دخل الطواف وهو عريان، فإذا فرغ من طوافه خرج فيجد ثيابه كما تركها لم تمس، فيأخذها فيلبسها، ولا يعود إلى الطواف بعد ذلك عريانا، ولم يكن يطوف عريانا إلا الصرورة من غير الحمس، فأما الحمس فكانت تطوف في ثيابها، فإن قدم غير أحمسي من رجل أو امرأة، ولم يجد ثياب أحمسي يطوف فيها ومعه فضل ثياب يلبثها غير ثيابه التي عليه طاف بثيابه ثم جعلها لقا، واللقى: أن يطرح ثيابه بين أساف ونائلة، فلا يمسها أحد ولا ينتفع بها حتى تبلى من وطء الأقدام والشمس والرياح والمطر، فجاءت امرأة لها جمال وهيئة فطلبت ثيابا لأحمسي فلم تجدها، ولم تجد بدًا من الطواف عريانة، فنزعت ثيابها بباب المسجد ثم دخلت المسجد عريانة فوضعت يدها على فرجها وجعلت تقول:
فما بدا منه فلا أحله
اليوم يبدو بعضه أو كله
فجعل فتيان مكة ينظرون إليها وكان لها وتزوجت في قريش. وجاءت امرأة تطوف عريانة ولها جمال، فأعجبت رجلا فطاف إلى جنبها ليمسها فأدنى عضده إلى عضدها فالتزقت عضده بعضدها، فخرجا من المسجد هاربين على وجوههما فزعين لما أصابهما، فلقيهما شيخ من قريش فأخبراه، فأفتاهما أن يعودا إلى مكانهما الذي أصابهما فيه ما أصابهما فيدعوا ويخلصا أن لا يعودا، فرجعا فدعوا الله تعالى وأخلصا إليه أن لا يعودا فافترقت أعضادهما، فذهب كل واحد منهما إلى ناحية، هذا آخر ما حكاه
الأزرقي عن ابن جريج.
وروى الأزرقي عن ابن عباس، قال: كانت قبائل من العرب من بني عامر وغيرهم يطوفون عراة الرجال بالنهار والنساء بالليل، وكانوا يقولون: لا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب.
عزز: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: العزيز من صفات الله تعالى الحسنى. قال أبو إسحاق بن السري: هو الممتنع فلا يغلبه شيء. وقال غيره: هو القوي الغالب على كل شيء. وقيل: هو الذي ليس كمثله شىء. قال: وقوله تعالى: {فعززنا بثالث} معناه قوينا وشددنا. قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى في كتابه البسيط في التفسير: اختلف قول أهل اللغة في معنى العزيز واشتقاقه، فقال أبو إسحاق العزيز في صفات الله تعالى: الممتنع فلا يغلبه شيء، وهذا قول المفضل. قال: العزيز الذي لا تناله الأيدي، وعلى هذا القول العزيز من عز يعز بفتح العين إذا اشتد، يقال: عز علي ما أصاب فلانًا أي اشتد وتعزز لحم الناقة، إذا صلب واشتد، والعزاز: الأرض الصلبة فمعنى العزة في اللغة الشدة، ولا يجوز في وصف الله تعالى الشدة، ويجوز العزة وهي امتناعه على من أراده.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: العزيز الذي لا يوجد مثله. قال الفراء: يقال عز الشيء يعز بالكسر إذا قل حتى لا يكاد يوجد عزة فهو عزيز. وقال الكسائى وابن الانبارى وجماعة من أهل اللغة: العزيز القوي الغالب، تقول العرب: عز فلان فلانًا يعزه عزا إذا غلبه، قال الله تعالى:{وعزنى في الخطاب} هذا ما ذكره الواحدي. قال أهل اللغة: العز والعزة بمعنى، وهي الرفعة والامتناع والشدة والغلبة، ورجل عزيز من قوم أعزة وأعزاء وأعزاز.
قال صاحب المحكم: ولا تقل عززا كراهة التضعيف، قال: وامتناع هذا مطرد، فما كان من هذا النحو المضاعف، قال: وأما قولهم عز عزيزًا إما أن يكون للمبالغة وإما أن يكون بمعنى معز، قال: واعتز به وتعزز أي: تشرف وعز علي يعز عزًا وعزة وعزازة كرم، قال: وعززت القوم وعززتهم وأعززهم قويتهم، قال: وقال ثعلب في كتابه الفصيح: “إذا عز أخوك فهن” معناه إذا تعظم أخوك شامخًا عليك فالتزم له الهوان. قال أبو إسحاق: هذا خطأ من ثعلب إنما هو فهن بكسر الهاء، معناه إذا اشتد فهن من هان يهين إذا صار هينًا لينًا فإن العرب لا تأمر بالهوان؛ لأنهم أعزة أباؤن للضيم. قال صاحب المحكم: عندي أن قول ثعلب
صحيح لقول ابن أحمر:
إذا عز ابن عمك أن تهونا
دببت لها الضراء رجاء أبقي
قلت: ولم يذكر الأزهري وجماعة إلا فهن بالضم. قوله في كتاب الحج: إنك أنت الأعز الأكرم، الأعز: معناه العزيز. قال الأزهري: يقال ملك أعز وعزيز بمعنى واحد، وكذا قاله صاحب المحكم وغيره. قال الأزهري: عز الرجل يعز عزا وعزة إذا قوي بعد ذله، وتقول العرب من عز بز أي: من غلب سلب. وفي الحديث استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو عمرو: استعز بفلان أي غلب في كل أمر من مرض أو عاهة، قال: واستعز الله بفلان معزاز، واستعز بحقي أي غلبني، وفلان معزاز المرض شديده. قال الأزهري: قال الفراء: العزة بيت الطيبة، وبها سميت المرأة عزة.
عزف: المعازف الملاهي وتشمل الأوتار والمزامير حكاه الرافعي. قال الجوهري: عزفت نفسي عن الشيء تعزف وتعزف عزوفا أي زهدت فيه وانصرفت عنه، والعزيف: صوت الجن وعزفت الجن تعزف بالكسر عزيفًا، والمعازف الملاهي، والعازف اللاعب بها وعزفت عزفا.
عزى: قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر التعزية التأسية لمن يصاب بمن يعز عليه، وهو أن يقال له تعز بعزاء الله تعالى، وعزاء الله تعالى قوله عز وجل:{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:156) وكقوله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} (الحديد: من الآية22، 23) قال: والعزاء اسم أقيم مقام التعزية، ومعنى تعز بعزاء الله تعالى تصبر بالتعزية التي عزاك الله تعالى بها، وأصل العزاء: الصبر وعزيت فلانا أمرته بالصبر، هذا كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم في باب عزز: قولهم تعزيت عنه أي: تصبرت أصلها تعززت أي: تشددت مثل تظنيت من تظننت، والاسم منه العزاء.
عسس: قال أهل اللغة: يقال: عس يعس عسًا واعتس يعتس إذا طاف بالليل، فيكشف عن أهل الريبة ورجل عاس، قال أكثرهم: والجمع عسس كخادم وخدم.
وقال صاحب المحكم: جمعه عساس وعسسة ككافر وكفار وكفرة، قال: والعسس اسم للجمع. وقيل: جمع عاس، قال: وقيل: العاس يقع على الواحد والجمع، واعتس الشيء أي طلبه ليلا وقصده، وذئب عسعس
وعساس أي طلوب لصيد بالليل. وقيل: يقع هذا الاسم على كل السباع إذا طلب الصيد بالليل. وقيل: هو الذي لا ينقاد. وقيل: العسعاس الخفيف من كل شيء، وعسعس الليل عسعسة أدبر، كذا قاله الأكثرون.
ونقل الفراء إجماع المفسرين عليه، وقال آخرون: معناه أقبل، وقال آخرون: هو من الأضداد، يقال إذا أقبل وإذا أدبر، وقد بسط الأزهري القول فيه، ونقله عن أئمة اللغة بجميع ما ذكرته.
عسف: قوله في الوسيط والوجيز والمنهاج راكب تعاسيف هو من العسف. قال الأزهري: العسف ركوب الأمر بغير روية وركوب الفلاة وقطعها صوب.
عسم: قوله في باب الديات من المهذب في يد الأعسم الدية. قال ابن الأعرابي وغيره من أهل اللغة وصاحب الشامل وغيره من أصحابنا في كتب المذهب: العسم اعوجاج وميل في رسغ اليد، والرسغ مفصل الكف من الذراع.
قال صاحب الشامل: هو جار مجرى عين الأحول. وقال ابن فارس في المجمل: العسم يبس في المرفق. وقال الجوهري: هو يبس مفصل الرسغ حتى يعوج الكف والقدم، ورجل أعسم وامرأة عسماء.
عسى: قال الإمام أبو الحسن الواحدي المفسر في كتابه في قول الله تبارك وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (البقرة: من الآية216) عسى عند العامة شك وتوهم، وهي عند الله تبارك وتعالى يقين وواجب، وعسى فعل متصرف درج مضارعه وبقي ماضيه، تقول: عسيتما وعسيتم يتكلم فيه على فعل ماض، وأميت ما سواه من وجوه فعله ويرتفع الاسم بعده كما يرتفع بعد الفعل، يقال منه أعسى لفلان أن يفعل كذا مثل أحرى وأخلق بعده، وبالعسي أن تفعل كما تقول بالحري أن تفعل ومعناه من جميع الوجوه قريب وقرب وأقرب به، ومنه قوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ} (النمل: من الآية72) أي: قرب، وقوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً} (الإسراء: من الآية51) أي: قرب ذلك وكثرت عسى على الألسنة حتى صارت كأنها مثل لعل، وتأويل عسى التقريب، وجاءت عسى في القرآن بدخول أن كقوله تعالى:{عسى ربكم أن يرحمكم} و {عسى أن يكون ردف لكم} ولما كثرت عند العرب في ألفاظهم أسقطوا أن، كما قال الشاعر:
له كل يوم في خليقته أمر
عسى فرج يأتي به الله أنه
وقال آخر:
يكون وراءه فرج قريب
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
هذا آخر ما ذكره الواحدي هنا. وذكر في قوله تعالى: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (البقرة: من الآية246) قرأ نافع وحده عسيتم بكسر السين، واللغة الفصيحة المشهورة فيها فتحها. قال: ووجه قراءة نافع ما حكاه ابن الأعرابي أنهم يقولون هو عسى بكذا، وما أعساه وأعسى به، وقولهم عسى يقوي عسيتم بكسر السين ألا ترى أن عسى مثل شج وحرفان، قالوا: يلزمكم أن تقرؤوا عسى ربكم. قيل: القياس هذا، وله أن يأخذ باللغتين فيستعمل إحداهما في موضع والأخرى في موضع.
قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره في قوله تعالى: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} قال: قرأ نافع وطلحة والحسن عسيتم بكسر السين في القرآن كله وهي لغة، والباقون بالفتح وهي اللغة الفصيحة. قال أبو عبيد: لو جاز عسيتم يعني بالكسر لقرىء عسى ربكم يعني بالكسر مثله. والجواب: عما ذكره الواحدي كما تقدم. وقال الإمام أبو البقاء النحوي في كتابه إعراب القرآن في هذه الآية: جمهور القراء على فتح السين لأنه على فعل تقول عسى مثل رمى وتقرأ بكسرها وهي لغة، والفعل منها عسى مثل خشي، واسم الفاعل مثل عم حكاه ابن الأعرابي.
قال الواحدي في قول الله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} (الاسراء: من الآية79) قال المفسرون: كلهم عسى من الله عز وجل واجب. قال أهل المعاني: وإنما كان كذلك لأن معنى عسى في اللغة التقريب والإطماع، ومن أطمع إنسانا في شيء حرمه كان عارا، والله تعالى أكرم من أن يطمع إنسانا في شيء ثم لا يعطيه ذلك.
عشر: العشر من الشهر فيه لغتان التأنيث والتذكير، والتأنيث أكثر في الأحاديث وكلام العرب، ومنه الأحاديث الصحيحة في طلب ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ومما جاء في التذكير حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في صحيح مسلم في آخر كتاب الصيام في حديث ليلة القدر، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العسر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قال صلى الله عليه وسلم: “إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر” هذا
هو في جميع النسخ العشر الأوسط من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية بعده من كلام أبي سعيد العشر الوسطى.
عشش: العش للطائر معروف، وهو ما يجمعه من قطع العيدان والحشيش ونحوها، فيبيض فيه في جبل أو شجرة أو سقف أو نحو ذلك. قال صاحب المحكم: جمعه أعشاش وعشاش وعشوش وعششة. قال: واعتش الطائر اتخذ عشا وكذلك عشعش. قال الأزهري: قال أبو عبيد من أمثالهم: “ليس هذا بعشك فادرجي” يضرب مثلا لمن يرفع نفسه فوق قدره، ونحوه: “تلمس أعشاشك” أي: تلمس التجني والعلل في ذويك.
عشق: قال الأزهري: سئل أحمد بن يحيى عن الحب والعشق أيهما أحمد، فقال: الحب لأن العشق فيه إفراط. قال ابن الأعرابي: والعشق اللبلاب واحدتها عشيقة. قال: وسمي العاشق عاشقا لأنه يذبل ممن شدة الهوى كما تذبل العشقة إذا تركت. قال أبو عبيدة: امرأة عاشق بلا هاء وحكاه عن الكسائى. قال الليث: عشق يعشق عشقا وعشقا العشق الاسم. قال غيره: والعشق بالسين والشين اللزوم للشيء لا يفارقه، ولذلك قيل للكلف عاشق للزومه هواه، والمعشق العشق هذا كلام الأزهري. وقال الليث في العين بعد ذكره ما نقله الأزهري عنه يقال للفاعل عاشق وعاشقة، وللمفعول معشوق ومعشوقة. وقال صاحب المحكم: العشق عجب المحب بالمحبوب يكون في عفاف الحب ودعارته عشقه عشقا وعشقا وتعشقه. وقيل: العشق الاسم، ورجل عاشق وعشيق كثير العشق، وامرأة عاشق وعاشقة، والعشقة شجرة تخضر ثم تدق وتصفر قاله الزجاج، وزعم أن اشتقاق العاشق من ذلك.
عصب: في الحديث: “إلا ثوب عصب” مذكور في العدة من المهذب هو بعين مفتوحة ثم صاد ساكنة مهملتين ثم باء موحدة، وهي برود اليمن يعصب غزلها ثم يصبغ معصوبا ثم ينسج.
عصص: قال الأزهري: قال ابن الأعرابي: يقال في عجب الذنب هو العُصْعُص والعُصْعَص والعُصَص والعَصَص والعُصْعُوص كلها صحيحة. قال صاحب المحكم: عص الشيء يعص بفتح العين عصًا إذا صلب واشتد وجمع العصعوص عصاعص.
عضب: المعضوب المذكور في كتاب الحج العاجز عن الحج بنفسه لزمانة أو كسر أو مرض لا يرجى زواله أو كبر بحيث لا يستمسك على الراحلة إلا بمشقة شديدة هذا حده عند أصحابنا، وتفصيله في هذه الكتب واضح معروف، وهو بالعين المهملة والضاد المعجمة، وهو من العضب بفتح العين وإسكان الضاد وهو القطع، هكذا قاله أهل اللغة، وقالوا يقال منه عضبته أي قطعته.
قال الجوهري في الصحاح: المعضوب الضعيف، قلت: فيجوز أن يكون تسمية الفقهاء العاجز عن الحج معضوبا لهذا، ويجوز أن يكون من القطع لأن الزمانة ونحوها قطعت حركته، وهذا هو الذي قاله الشارحون لألفاظ الفقهاء، ثم هذا الذي ذكرناه من كونه بالضاد المعجمة، هو المشهور المعروف الذي قاله الجماهير بل الجميع.
وقال الإمام أبو القاسم الرافعي: بالمعجمة، ثم قال: وقيل: هو المعصوب بالصاد المهملة كأنه ضرب على عصبه فتعطلت أعضاؤه. قول الشافعي رضي الله تعالى عنه في المختصر في زكاة الفطر: ويزكي عمن كان مرهوبا أو مغصوبا، المشهور أنه مغصوب بالغين المعجمة والصاد المهملة. قال صاحب الحاوي: ومنهم من رواه معضوب بالعين المهملة والضاد المعجمة أي زمنًا وله وجه أيضًا.
عضض: قال الأزهري: العض بالأسنان والفعل عضضت يعني بكسر الضاد أعض، والأمر منه عض واعضض. قال صاحب المحكم: العض الشد بالأسنان على الشيء، وكذلك عض الحية، ولا يقال للعقرب. وقد عضضته أعضه وعضضت عليه عضًا وعضاضًا وعضيضًا ويقال عَضَّضْتُه تميمية، والعض باللسان أن يتناوله بما لا ينبغي، والفعل كالفعل وكذلك المصدر، ودابة ذات عضيض وعضاض وفرس عضوض وكلب عضوض وناقة عضوض بغير هاء.
وقال الأزهري: قال الفراء: العضاض ما لان من الأنف. وقال الفراء: والعضاضي الرجل الناعم اللين مأخوذ منه. قال الأزهري: واليعضوض ثمر أسود والياء ليست أصلية له ذكر في حد وفد عبد القيس. قال الزبيدي في مختصر العين: لا يدخله السوس أبدًا.
عضل: العضل بفتح العين وإسكان الضاد، هو منع الولي الأيم من التزويج، ومنع الزوج امرأته من حسن الصحبة
لتفتدي منه، وكلاهما محرم بنص القرآن العزيز. قال أهل اللغة: العضل المنع، يقال عضل فلان أيمه إذا منعها من التزويج فهو يعضلها، ويعضلها بكسر الضاد وضمها. قالوا: وأصل العضل الضيق يقال عضلت المرأة إذا نشب الولد فى بطنها، وكذلك عضلت الأرض بالجيش إذا ضاقت بهم كثرة، وأعضل الداء الأطباء إذا أعياهم. ويقال داء عضال بضم العين كغراب وامرأة عضال وأعضل الأمر أي اشتد.
عضو: قوله في أول كتاب الرهن من المهذب لأن الرهن إنما جعل ليحفظ عوض ما زال ملكه عنه من مال ومنفعة وعضو، فقوله وعضو هو بضم العين ثم ضاد ثم واو هذا هو الصحيح الصواب، وهكذا هو في نسخة قوبلت مع الشيخ أبي إسحاق المصنف رحمه الله تعالى، ويوجد في أكثر النسخ، وعوض بتقديم الواو على الضاد وهو غلط أو فاسد من حيث النقل والمعنى، والصواب ما تقدم أنه عضو بتقديم الضاد. فقوله ليحفظ عوض ما زال ملكه عنه من مال ومنعفة وعضو. أما عوض المال فهو ثمن المبيع وقيمة المتلف والمسلم فيه وغير ذلك. وأما عوض المنفعة فأجرة الدار وشبهها ومال الخلع وغيره. وأما عوض العضو فأرش الجناية والمهر، فإن أرش الجناية عوض العضو المجنى عليه وكذلك الصداق، ولا يقال كيف يقال زال ملك الإنسان من عضوه، وكيف يملك الإنسان نفسه أو بعضها، لأنا نقول سماه مالكا مجازًا وكثيرًا ما يطلق أصحابنا هذه العبارة لا سيما في أبواب النكاح، إذ يقولون ملكت المرأة نفسها بالخلع وبالطلاق فيسمون ذلك وأشباهه ملكا من حيث أنه يتصرف في نفسه تصرف المالك في ملكه ومراد المصنف - والله تعالى أعلم - أن يضبط أنواع الدين الذي يكون الرهن عليه، وقد ذكر ذلك أولا في قوله: يجوز أخذ الرهن على دين السَّلم، وعوض القرض، والثمن، والأجرة، والصداق، وعوض الخلع، ومال الصلح، وأرش الجناية، وغرامة المتلف، والله تعالى أعلم.
عطى: قوله في الوجيز في كتاب الصداق تزوجها على أن يعطي أباها ألفًا. قال الرافعي: يجوز أن يعطي بالياء والتاء وبيانهما يعرف من الخلاف والتفصيل الذي في المسألة.
عفص: العفص الذي يدبغ به معروف الواحدة عفصة. وفي باب اللقطة يعرف عفاصها هو بكسر العين وبالفاء.
قال أهل اللغة والفقهاء: هو الوعاء الذي يكون فيه اللقطة سواء كان من جلد أو خرقة أو غيرهما. قالوا: ويطلق العفاص أيضًا على الجلد الذي يلبسه رأس القارورة لأنه كالوعاء له، فأما الذي يدخل في فم القارورة من خشبة أو جلد أو خرقة مجموعة ونحو ذلك فهو الصمام بكسر الصاد. ويقال: عفصتها عفصًا إذا شددت العفاص عليها، واعتفصته إعفاصا إذا جعلت لها عفاصًا.
عفف: قال أبو منصور الأزهري: يقال: عف الإنسان عن المحارم يعف عفة وعفًا وعفافا فهو عفيف، وجمعه أعفاء، وامرأة عفيفة الفرج ونسوة عفائف. وقال صاحب المحكم: العفة الكف عما لا يحل ولا يحمد، يقال: عف يعف عفة وعفافا وعفافة وتعفف واستعفف، ورجل عف، وعفيف والأنثى بالهاء، وجمع العفيف أعفة وأعفاء، ولم يكسروا العف. وقيل: العفيفة من النساء السيدة الحرة، ورجل عفيف، وعف عن المسألة والحرص، والجمع كالجمع هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قال الجوهري: ويقال أعفه الله تعالى. قال الزبيدي في مختصر العين: عفان فعلان من العفة.
عقب: أركبه عقبة أي نوبة لأن كل واحد منهما يعقب صاحبه ويركب موضعه. قال صاحب العين: العقبة مقدار فرسخين، ويقال اعتقبا وتعاقبا. قال الواحدي: سمي العقاب عقابا لأنه يعقب الذنب.
عقد: قال صاحب المحكم: العقد نقيض الحل عقده يعقده عقدا وتعاقدا وعقده واعتقده كعقده وقد انعقد وتعقد. قال سيبويه: وقالوا: هو مني كعقد الإزار أي بتلك المنزلة له، فحذف وأوصل الفعل والعقدة حجم العقد، والجمع عقد، والعقد الخيط ينظم فيه الخرز، والجمع عقود، والمعقاد خيط تنظم فيه خرزات وتعلق في عنق الصبي، وعقد التاج فوق رأسه واعتقده عصبه به، وعقد العهد واليمين يعقدهما عقدًا، وعقدهما أكد عقدهما، والعقد العهد، والجمع عقود وعاقده عاهده وتعاقدوا تعاهدوا، والعقيد الحليف، وعقد البناء بالجص يعقده عقدا ألزقه والعقد ماعقدت من البناء، والجمع أعقاد وعقود، وعقد العسل والربُّ ونحوهما يعقد ويعقد. وأعقدته فهو معقد وعقيد، والعقيد عسل يعقد حتى يخثر، وفي لسانه عقدة وعقد أي التواء، ورجل أعقد في لسانه
عقدة وعقد كلامه أعوصه وعماه، وعقد على الشيء لزمه، وعقد النكاح والبيع وجوبهما. قال الفارسى: هو من الشد والربط، وعقد كل شيء إبرامه، واعتقد الشيء صلبه، وتعقد الإخاء استحكم، وعقد الشحم يعقد انبنى وظهر، والعقد المتراكم من الرمل واحده عقدة والجمع أعقاد، والعقد بالفتح لغة في العقد، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري: أعقدت العسل ونحوه. وروى بعضهم عقدته، والكلام اعتقدت، وموضع العقد من الحل معقد وجمعه معاقد، هذا آخر كلام الأزهري. وقال الليث في العين: تعقد السحاب إذا صار كأنه عقد مضروب مبني، والعقدة الضيعة والجمع العقد، واعتقد الرجل مالا وإخاء، وعقد الرجل والمرأة فهو أعقد وهي عقداء، إذا كان في لسانه عقدة وغلظ في وسطه، والفعل عقد يعقد عقدًا.
عقر: قولهم في الشفعة: لا تجب إلا في عقار هو بفتح العين. قال الأزهري: قال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: عقر الدار أصلها في لغة الحجاز، فأما أهل نجد فيقولون: عقر، قال: ومنه قيل العقار وهو المنزل والأرض والضياع، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن العزيز في قوله تعالى في سورة آل عمران حكاية عن زكريا عليه السلام: {وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} (آل عمران: من الآية40) قال: والعقار كل ما له أصل، قال: وقد قيل إن النخل خاصة يقال لها عقار. قال: وعقر دار القوم أصل مقالهم الذي عليه معولهم، وإذا انتقلوا منه لنجعة رجعوا إليه، هذا آخر كلام الزجاج. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “خمس من قتلهن فلا جناح عليه” فذكر فيهن الكلب العقور.
قال الأزهري: قال أبو عبيد: بلغني عن سفيان بن عيينة، أنه قال: معناه كل سبع يعقر، ولم يخص به الكلب. قال أبو عبيد: ولهذا يقال لكل جارح أو عاقر كلب عقور مثل الأسد والفهد والنمر وما أشبهها. وفي أول باب الهبة من المهذب في الحديث: “مر بحمار عقير” معناه معقور فعيل، بمعنى مفعول كالقتيل والذبيح والجريح والعصير ونظائرها والمراد حمار وحش، وجمع العقير عقرى كقتلى ومرضى وجرحى، الذكر والأنثى فيه سواء. قال الأزهري: والعقاقير الأدوية التي يستشفى بها. قال أبو الهيثم: العقار والعقاقير كل نبت ينبت مما فيه شفاء، قوله في الوسيط في مواضع منها كتاب الرهن بدل المنفعة
ككسب العبد والعقر لا يتعدى إليه الرهن، العقر هنا بضم العين المهملة وإسكان القاف وبعدها راء مهملة وهو المهر، ويعني بها هنا مهر الأمة المرهونة لو وطئت اليسرى أو زنا.
قال الأزهري: قال ابن شميل: عقر المرأة مهرها وجمعه الاعقار. وقال أحمد بن حنبل: العقر المهر. قال ابن المظفر: عقر المرأة دية فرجها إذا غصبت فرجها. وقال أبو عبيد عقر المرأة ثواب تثابه المرأة من نكاحها، هذا ما ذكره الأزهري. وقال الإمام أبو الحسن عبد الغافر الفارسى في مجمع الغرائب العقر ما تعطاه المرأة على وطء الشبهة لأن الواطىء إذا افتضها عقرها فسمى مهرها عقرًا ثم استعمل في الثيب وغيرها.
قال الواحدي في البسيط في أول سورة آل عمران: العاقر من النساء التي لا تلد، يقال عقرت المرأة يعني بضم القاف تعقر عقرًا وعقارة وعقر، ثم قال: ويقال أيضًا: عقر الرجل وعقَر وعقِر بضم القاف وفتحها وكسرها إذا لم يُحبل ورجل عاقر ورجال ونساء عقر، ويقال: أعقر الله تعالى رحمها فهي معقرة ورمل عاقر لا ينبت شيئًا. قال شيخنا جمال الدين بن مالك في المثلث: عقرت المرأة بضم القاف وفتحها وكسرها إذا انقطع حملها، وكذلك الرجل إذا لم يولد له، وعقمت بالكسر والضم صارت لا تلد وكذلك الرجل، وفي الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في شأن صفية رضي الله تعالى عنها “عقرى حلقى” هكذا يرويه المحدثون بالألف، التي هي ألف التأنيث ويكتبونه بالياء ولا ينونونه، وهكذا نقله جماعة لا يحصون عن روايات المحدثين، وهو صحيح فصيح.
قال الأزهري: قال أبو عبيد: معنى عقرى عقرها الله تعالى وحلقى حلقها الله تعالى يعني عقر الله تعالى جسدها، وأصابها بوجع في حلقها. قال أبو عبيد: أصحاب الحديث يروونه عقرى حلقى، وإنما هو عقرًا حلقًا. قال: وهذا على مذهب العرب في الدعاء على الشيء إرادة لوقوعه. قال شمر: قلت لأبي عبيد: لم لا تجيز عقرى، قال: فعلى تجيء نعتًا ولم تجىء في الدعاء، فقلت: روى ابن شميل عن العرب مُطَّيْرى، وعقرى أخف منها فلم ينكره، هذا آخر كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: ويقال للمرأة عقرى حلقى معناه عقرها الله تعالى وحلقها أي: حلق شعرها أو أصابها بوجع في حلقها، فعقرى ههنا مصدر كدعوى، وقيل: عقرى حلقى يعقر قومها ويحلقهم بشؤمها، وقيل: العقرى الحائض، وقيل: عقرى حلقى أي
عقرها الله تعالى وحلقها، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقيل معناه عاقر لا تلد، وعلى الأقوال كلها كلمة استعت فيها العرب فصارت تطلقها، ولا تريد حقيقة معناها الذي وضعت له كتربت يداك وقاتله الله ما أشجعه.
وقال صاحب المحكم: العقر والعِقر العقم، وقد عقرت المرأة عَقارة وعِقارة وعَقَرت تَعْقر عَقرًا وعُقرًا وعَقَرت عِقارًا وهي عاقر، وكذلك الناقة وجمعها عقر ورجل عاقر وعقير لا يولد له، ولم نسمع في المرأة عقيرًا، والعُقْرة خرزة تشدها المرأة على حقويها لئلا تحبل، وعَقُر الأمر عُقُرًا لم ينتج عاقبة والعاقر من الرمل ما لا ينبت. وقيل: هي الرملة التي تنبت جنباتها ولا ينبت وسطها، والعقر شبيه بالحز عقره يعقره وعقره، والعقير: المعقور، والجمع عقرى الذكر والأنثى سواء، وعقر الفرس عقرًا قطع قوائمه، وعقر الناقة يعقرها ويعقرها عقرًا، وعقرها إذ فعل بها ذلك حتى تسقط فنحرها مستمكنا منها، وكذلك كل فعيل مصروف عن مفعول به فإنه بغير هاء.
قال اللحياني: وهو الكلام المجتمع عليه، ومنه ما يقال بالهاء، وعاقر صاحبه فاخره في عقر الإبل، وتعاقر الرجلان عقرا إبلهما ليرى أيهما أعقر لها، والعقيرة ما عقر من صيد أو غيره، وعقيرة الرجل صوته إذا غنى أو بكى أو قرأ، والعقيرة الرجل الشريف يقتل وعقر القتب، والرحل ظهر الناقة، والسرج ظهر الدابة، يعقره عقرًا حزه وأدبره واعتقر الظهر وانعقر دبر وسرج معقار ومِعقر ومُعقر وعُقَرة وعُقَر وعاقور يعقر ظهر الدابة، وكذلك الرحل.
وقيل: لا يقال معقر إلا لما عادته أن يعقر، ورجل عُقَرة وعُقَر ومِعقر يعقُر الإبل من إتعابه إياها، ولا يقال عقور، والجمع عقر، وكلأ أرض كذا عُقَار وعقار، يعقر الماشية وعقر النخلة عقرا فهي عقرة قطع رأسها فيبست، وبيضة العقر التي تمتحن بها المرأة عند الافتضاض. وقيل: هي أول بيضة تبيضها الدجاجة؛ لأنها تعقرها. وقيل: هي آخر بيضة تبيضها إذا هرمت. وقيل: هي بيضة الديك يبيضها في السنة مرة. ويقال للذي لا غناء عنده بيضة العقر على التشبيه بذلك، وبيضة العقر الأبتر الذي لا ولد له وعُقْر القوم وعَقرهم محلتهم بين الدار والحوض، وعقر الحوض وعقره مؤخره. وقيل: مقام الشاربة منه، وناقة عقرة تشرب من عقر الحوض، وعقر النار وعقرها أصلها الذي تتأجج منه. وقيل: معظمها ومجتمعها، وعقر الدار وعقرها أصلها. وقيل: وسطها، وهذا البيت عقر القصيدة أي خيارها،
والعقر والعقار المنزل والضيعة، وخص بعضهم بالنخل العقار، وعقر البيت متاعه ونضده الذي لا يتبدل إلا في الأعياد، والحقوق الكبار. وقيل: عقار المتاع خياره. وقيل: عقاره متاعه ونضده إذا كان حسنا كثيرًا، وعاقر الشيء معاقرة وعقارا لزمه والعقار الخمر لأنها عاقرت الدن لزمته. وقيل: لأن أصحابه تعاقروا بها أي: يلازمونها. وقيل: هي التي تعقر شاربها. وقيل: التي لا يلبث أن يسكر، وعقر الرجل عقرا فجأه الروع فلم يقدر أن يتقدم أو يتأخر. وقيل: عقر دهش والعقر والعقر القصر. وقيل: القصر المنهدم بعضه على بعض. وقيل: البناء المرتفع، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال ابن شميل: ناقة عقير وجمل عقير، والعقر لا يكون إلا في القوائم.
قال الأزهري: والعقر عند العرب كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقرًا لأن ناحر البعير يعقر، ثم ينحر. وذكر في سبب تسمية الخمر عقارًا كمهر، وهو داء في الرحم، وعقرة العلم النسيان وبيضة العقر. يقال: إنها بيضة الديك، وذلك أنه يبيض في السنة بيضة واحدة تضرب مثلا للعطية القليلة لا التي لا يربها معطيها ببر يتلوها، والعاقرة الملاعنة، والعقاقير الأدوية التي يستشفى بها. وقال أبو الهيثم: العقار والعقاقير كل نبت ينبت مما في شفاء، هذا آخر كلام الأزهري.
عقص: قوله في قصة الظعينة في قصة حاطب رضي الله تعالى عنه فأخرجت الكتاب من عقاصها مذكور في آخر كتاب السير من المهذب العقاص بكسر العين. قال الأزهري: قال أبو عبيد: العقص ضرب من الضفر، وهو أن يلوي الشعر على الرأس، ولها تقول النساء لها عقصة، وجمعها عقصة وعقاص. وقال الليث: العقص أن تأخذ المرأة كل خصلة من شعرها فتلويها ثم تعقدها، حتى يبقى فيها التواء، ثم ترسلها فكل خصلة عقيصة. قال: والمرأة ربما اتخذت عقيصة من شعر غيرها.
قال أبو عبيد عن أبي زيد: العقصاء من الشعر التي التوى قرناها على أذنيها من خلفها، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم: العقيصة الخصلة، والجمع عقائص وعقاص وهي العقصة، ولا يقال للرجل عقصة وعقصت شعرها تعقصه عقصا شدته في قفاها.
عقق: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال أبو عبيد: قال الأصمعي وغيره: العقيقة أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد، وإنما سميت الشاة التي تذبح
عنه في تلك الحال عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح، ولهذا قال في الحديث: “أميطوا عنه الأذى” يعني بالأذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه، قال: وهذا مما قلت لك إنهم ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من شبهه، فسميت الشاة عقيقة لعقيقة الشعر.
قال أبو عبيد: وكذلك كل مولود من البهائم، فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد عقيقة وعقة. وقال الأزهري: ويقال لذلك الشعر عقيق بغير هاء. قال الأزهري: العق في الأصل الشق والقطع، وسميت الشعرة الذي يخرج الولد من بطن أمه، وهي عليه عقيقة لأنها إذا كانت على رأس الأنسي حلقت فقطعت، وإن كانت على البهيمة فإنها تتنسل. وقيل: للذبيحة عقيقة لأنها تذبح أي تشق حلقومها ومريها وودجاها قطعا كما سميت ذبيحة بالذبح، وهو الشق. قال ابن السكيت: عق فلان عن ولده إذا ذبح عنه يوم أسبوعه، قال: وعق فلان أباه يعقه عقا، وقال غيره: عق فلان والديه يعقهما عقوقا إذا قطعهما ولم يصل رحمه منهما، وجمع العاق القاطع لرحمه عققة. ويقال أيضًا: رجل عق. قال ابن الأعرابي: العقق قاطعوا الأرحام.
قال الأزهري: والعرب تقول لكل مسيل ما شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه عقيق. وفي بلاد العرب أربعة أعقة وهي أودية شقتها السيول عادية، فمنها: عقيق عارض اليمامة وهو واد واسع مما يلي العرمة يتدقق فيه شعاب العارض، وفيه عيون عذبة الماء، ومنها: عقيق بناحية المدينة فيها عيون ونخيل، ومنها: عقيق آخر يتدفق ماؤه في غوري تهامة هو الذي ذكره الشافعي رضي الله تعالى عنه، فقال: ولو أهلوا من العقيق لكان أحب إلي، ومنها: عقيق القنان تجري إليه مياه قلل نجد وجباله. وقال الأصمعي: الأعقة الأودية. وقال أبو عبيدة: عقيقة الصبي غرلته إذا ختن.
قال صاحب المحكم: عق والده يعقه عقا وعقوقا شق عصى طاعته. قال: وقد يعم بلفظ الرحم الفعل كالفعل والمصدر كالمصدر ورجل عقق وعقق وعق بمعنى عاق والمعقة العقوق. قال: والعقيقة الشعر الذي يولد به العربي الجلد والعلقة كالعقيقة، وقيل: العقة في الناس والخمر خاصة، وأعقت الحامل نبت شعر ولدها وعق عن ابنه يعق ويعق حلق عقيقته أو ذبح عن شاة والعقوق من البهائم الحامل. وقيل: هي من الحامل خاصة والجمع عقق وعقائق، وإذا طلب
الإنسان فوق ما يستحق، قالوا: طلب الأبلق العقوق فكأنه طلب أمرًا لا يكون أبدًا لأنه لا يكون الأبلق عقوقًا، ويقال: إن رجلا سأل معاوية أن يزوجه أمه، فقال: أمرها إليها، وقد أبت أن تتزوج فقال: فولني مكان كذا، فقال معاوية: متمثلا:
لم ينله أراد بيض الأنوق
طلب الأبلق العقوق فلما
والأنوق طائر أبيض يبيض في قنن الجبال فبيضه في حرز، إلا أنه يطمع فيها، فمعناه: أنه طلب ما لا يكون، فلما لم يجد ذلك طلب ما يطمع في الوصول إليه، وهو مع ذلك بعيد. وماعق وعقاق شديد المرارة، الواحد والجمع فيه سواء، والعقيق: خرز أحمر يتخذ منه الفصوص الواحدة عقيقة، وعقعق الطائر بصوته ذهب، وجاء والعقعق طائر معروف من ذلك، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
عقل: قال الأزهري: قال ابن الأعرابي: العقل التثبت في الأمور، والعقل القلب، والقلب العقل. قال: وقال غيره: سمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي: يحبسه. وقال آخرون: العقل هو التمييز الذي يتميز به الإنسان عن سائر الحيوان، قال: والمعقول ما تعقله بقلبك، والمعقول العقل يقال ما له معقول أي: ما له عقل، ويقال: اعتقل لسانه إذا لم يقدر على الكلام. قال: والعقل في كلام العرب الدية سميت عقلا لأن الدية كانت ثم العرب إبلا لأنها كانت أموالهم، فسميت الدية عقلا لأن القاتل كان يكلف أن يسوق إبل الدية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعقل، ويسلمها إلى أوليائه.
وأصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، وهو حبل يثنى به يد البعير إلى ركبتيه فتشد به، ويقال: عقلت فلانا إذا أعطيت ديته ورثته وعقلت عن فلان إذا ألزمته جناية فغرمت ديتها عنه، والمعقل الملجأ، وعقل الدواء بطنه يعقله عقلا إذا أمسكه بعد استطلاقه، وذلك الدواء عقول وعقل أيضًا بطنه، وعقل المصدق الصدقة قبضها، واعتقل رمحه وضعه بين ركابه وساقه، واعتقل الشاة وضع رجلها بين فخذه، وساقه فحلبها، ولفلان عقلة يعقل بها الناس، إذا صارعهم عقل أرجلهم، والعقيلة الكريمة من النساء والإبل وغيرهما، والجمع العقائل، وعقل الظل إذا قام قائم الظهيرة، وعقل فلان فلانًا وعكله إذا أقامه على إحدى
رجليه، وهو معقول منذ اليوم، وصار دم فلان معقلة على قومه إذا غرموه، واعتقل فلان من دم صاحبه إذا أخذ العقل، والمعاقل حيث تعقل الإبل، وعقلت المرأة شعرها إذا مشطته، والماشطة العاقلة، والدرة الكبيرة الصافية عقيلة البحر، والعقنقل من الرمل ما ارتكم، وتعقل بعضه ببعض ويجمع عقنقلات، وعقاقل وأعقلت فلانا لقيته عاقلا، وعقلته جعلته عاقلا، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: العقل ضد الحمق، والجمع عقول عقل يعقل عقالا وعقالا فهو عاقل من قوم عقلاء. قال إمام الحرمين في أول الإرشاد: العقل علوم ضرورية، والدليل على أنه من العلوم استحالة الاتصاف به مع تقدير الخلو من جميع العلوم، وليس العقل من العلوم النظرية، إذ شرط النظر تقدم العقل، وليس العقل جميع العلوم الضرورية، فإن الضرير ومن لا يدرك يتصف بالعقل، مع انتفاء علوم ضرورية عنه، فبان بهذا: أن العقل من العلوم الضرورية وليس كلها، هذا كلام الإمام.
واختلف الناس في محل العقل هل هو في القلب أم في الدماغ، فذهب أصحابنا من المتكلمين أنه في القلب، وبه قال جمهور المتكلمين وهو قول الفلاسفة. وقالت الأطباء: هو في الدماغ، وهو محكي عن أبي حنيفة. احتج أصحابنا بقول الله تعالى:{أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها} وقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب} وبقوله صلى الله عليه وسلم: “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” فجعل صلى الله عليه وسلم صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد،
واحتج القائلون بالدماغ: بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل. والجواب: أن الله تعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ مع أن العقل ليس فيه، ولا امتناع في هذا، والمعقول العقل، وهو أحد المصادر التي جاءت على مفعول كالميسور والمعسور، وعاقله فعقله بعقله إذا كان أعقل منه، وعقل الشيء يعقله عقلا فهمه، وقلب عقول فهم، وتعاقل أظهر أنه عاقل فهم وليس كذلك، وعقل الدواء بطنه، يعقله ويعقله عقلا أمسكه، واعتقل لسانه امتسك، وعقله عن حاجته يعقله، وعقَّله وتعقله واعتقله حبسه، وعقل البعير يعقله عقلا، وعقَّله واعتقله شد وظيفه إلى ذراعه وكذلك الناقة، وقد يعقل العرقوبان،
والعقال الرباط الذي يربط به والجمع عقل، وهم على معاقلهم الأولى أي: على حال الديات التي كانت في الجاهلية، وعلى معاقلهم أيضًا أي: على مراتب آبائهم، وأصله من ذلك، وفلان عقال المئين وهو الرجل الشريف إذا أسر فدى بمئين من الإبل، والعقل اصطكاك الركبتين، وقيل: التواء في الرجل، وقيل: هو أن يفرط الروح في الرجلين حتى يصطك العرقوبان، وداء ذو عقال لا يبرأ منه، والعقيلة من النساء المخدرة، وعقيلة القوم سيدهم، وعقيلة كل شيء أكرمه، وعقائل الإنسان كرائم ماله، وعاقول البحر معظمه وقيل: موجه، وعاقول النهر ما اعوج منه، والعاقول ما التبس من الأمور، وأرض عاقول لا يهتدى إليها، والعقل ضرب من الوشي الأحمر. وقيل: هو ثوب أحمر يجلل به الهودج، وعقله يعقله عقلا، واعتقله صرعه وعقل إليه يعقل عقلا وعقولا لجأ، والعقل الحصن وجمعه عقول وهو المعقول، وفلان معقل لقومه أي ملجأ على هذا المثل، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قولهم: التمر المعقلي هو بفتح الميم وإسكان العين هو نوع معروف. قيل: منسوب إلى معقل بن يسار الصحابي رضي الله تعالى عنه. قال ابن ماكولا في الأنساب: وإليه أيضا ينسب نهر معقل بالبصرة. وفي الحديث: “لو منعوني عقالا لقاتلتهم” قيل: هو العقال الذي هو الحبل. وقيل: هو صدقة عام، والخلاف فيه مشهور للمتقدمين والمتأخرين من الفقهاء، وأهل الحديث واللغة وكلاهما يسمى عقالا في اللغة.
عكب: العنكبوت معروفة، وهي هذه الناسجة، قال الجوهري: الغالب عليها التأنيث، قال: وجمعها عناكب والعنكبات العنكبوت أيضًا. وقال أبو حاتم السجستاني: العنكبوت مؤنثة، وجمعها عنكبوتات وعناكيب وعناكب، وربما ذكر العنكبوت في الشعر. قال الواحدي: قال الليث: العنكبوت دويبة تنسج نسجًا رفيعًا مهلهلا بين الهواء والأرض وعلى رأس التين. قال: وتجمع العناكب والعناكيب والعنكبوتات وتصغر عنيكبًا وعنيكيبًا، وأهل اليمن تقول: العنكبوه بالهاء. وحكي عن الفراء أيضًا أنها مؤنثة وقد يذكرها بعض العرب.
عكف: قال الله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (البقرة: من الآية187) يقال: عكف يعكف ويعكف إذا أقام قوله تعالى: {والهدى} .
معكوفا: قال الإمام أبو منصور الأزهري في التهذيب: قال المفسرون وغيرهم من أهل اللغة:
عاكفون مقيمون في المساجد، يقال: عكف يعكف ويعكف إذا أقام، قوله تعالى:{والهدى معكوفا} فإن مجاهدًا وعطاء قالا محبوسًا. وكذلك قال الفراء: يقال عكفته أعكفه عكفا إذا حبسته. قال الأزهري: ويقال عكفته عكفا فعكف يعكف عكوفا، وهو لازم وواقع يعني: متعديا، كما يقال رجعته فرجع، إلا أن مصدر اللازم العكوف، ومصدر الواقع العكف. وقال الليث: يقال عكف يعكف ويعكف عكفًا وعكوفا، وهو إقبالك على الشيء لا ترفع عنه وجهك.
عكن: في الحديث: “أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بملحفة ورسية” قال الراوي: فكأني أنظر إلى أثر الورس في عكنة مذكور في باب صفة الوضوء من المهذب. قوله: عكنه هو بضم العين وفتح الكاف، جمع عكنة بضم العين وإسكان الكاف. قال الأزهري: قال الليث وغيره: العكن الانطواء في بطن الجارية من السمن واحدة العكن عكنة، ولو قيل جارية عكناء لجاز، ولكنهم يقولون معكنة، ويقال تعكن الشيء تعكنًا إذا ركم بعضه على بعض وانثنى.
علس: العلس المذكور في زكاة النبات هو بفتح العين واللام المخففة، وهو صنف من الحنطة يكون حبتان منه في نبت. روى الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال: العلس ضرب من القمح يكون في الكمام منه حبتان، وهو في ناحية اليمن ولم يذكر غير هذا، وكذا قال الجوهري وهو طعام أهل صنعاء وصنعاء قاعدة اليمن. وأما قول الغزالي في الوسيط: أنه حنطة توجد بالشام فأنكر عليه فإنه لا يعرف ذلك في الشام، ولا قيل أنه كان فيه، وذكر بعض فضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب: أنه حنطة صلبة سمراء عسرة الاستنقاء جدًا، لا تنقى إلا بالمهارس، وهي طيبة الخبز سنبلها لطاف قليلة الريع.
علق: قولهم في نجاسة العلقة وجهان: هي العلقة التي هي أصل الإنسان يعني: لو ألقت المرأة العلقة ففي نجاستها وجهان، قال الله تعالى:{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} (المؤمنون: من الآية14) قال الأزهري: العلقة الدم الجامد الغليظ، ومنه قيل: لهذه الدابة التي تكون في الماء علقة لأنها حمراء كالدم، وكل دم غليظ علق. قال: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي في تفسيره سورة اقرأ العلق جمع علقة، والعلق قطعة من دم رطب سميت
بذلك؛ لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه، فإذا جفت لم تكن علقة. وقال صاحب المحكم: العلق الدم ما كان. قال: وقيل هو الجامد قبل أن ييبس. وقيل: هو ما اشتدت حمرته والقطعة منه علقة.
قوله في الوسيط: لو حمل علاق المصحف هو بكسر العين. قال الأزهري: العلاقة بالكسر علاقة السيف والسوط يعني: وشبههما، وكذا قاله صاحب المحكم وجماعات قوله في كتاب البيع من الوسيط: إذا انضم إلى البيع معه علقة هي بضم العين وإسكان اللام يعني بقية ودعوى. قال الأزهري: عندهم علقة من طعامهم أي بقية. قال: وقال ابن شميل: يقال لفلان في هذه الدار علاقة أي: بقية نصيب وفي الدعوى له علاقة. قال الأزهري: الإعلاق معالجة عذرة الصبي ودفعها بالأصبع، يقال: أعلقت عنه أمه عذرة إذا فعلت ذلك به، وغمزت ذلك الموضع بأصبعها ودفعته. والعلق: الدواهي وهي أيضا المنايا والاشغال، وعلق العلق بحنك الدابة تعلق علقًا، إذا عض على موضع العذرة من حلقه فشرب الدم، والمعلوق من الناس والدواب الذي أخذ العلق بحلقه عند الشرب، ويقال: علق فلان فلانة وعلقها تعليقا، وهو معلق القلب بها إذا أحبها.
والعلاقة: بفتح العين الهوى اللازم للقلب، والعلاقة بكسر العين علاقة السيف والسوط، وعلق يفعل كذا كطفق، وفي الحديث: “أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمار الجنة”. قال الأزهري: معناه تتناول بأفواهها، يقال: علقت تعلق علوقا، والمعلق قدح يعلقه الراكب معه، وجمعه معاليق، والعلقة من الطعام والمركب ما يتبلغ به وإن لم يكن تامًا، وعندهم علقة من متاعهم أي: بقية، وما في الأرض علاق أي: ما يتبلغ به، وامرأة معلقة إذا لم ينفق عليها زوجها ولم يخل سبيلها، فهي لا أيم ولا ذات بعل، والعلق: الشيء النفيس وهو علق مضغة أي: مص به وجمعه أعلاق، وما عليه علقة إذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة، والعلق في الثوب ما علق به، وفلان معلاق وذو معلاق أي: شديد الخصومة، ومعلاق الرجل لسانه إذا كان جدلا، والمعلاق والمعلوق بكسر الميم في الأول وضمها في الثاني، ما تعلق عليه الشيئ، وتعليق الباب نصبه وتركيبه، والعليق القصيم يعلق على الدابة، ويقال للشارب عليق، والعليق نبات معروف يتعلق بالشجر ويلتوي عليه، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم:
علق بالشيء علقًا وعلقة نشب فيه، وهو عالق به أي: نشيب فيه، وأعلق فاحتككت علق الصيد بحبالته، وعلق الشيء علقًا وعلق به لزمه، وعلقت نفسه الشيء فهي علقة وعلاقية وعلقنة لهجت به، والعلاقة الحب اللازم للقلب، وقد علقها علقا وعلاقة وعلق بها وتعلقها وتعلق بها وعلقها وعلق بها.
قال اللحياني: العلق الهوى يكون للرجل في المرأة وإنه لذو علق في فلانة كذا عداه بفي. قال اللحياني عن الكسائى: لها في قلبي علق حب وعلاقة حب، قال: ولم يعرف الأصمعي علق حب ولا علاقة حب، إنما عرف علاقة حب بالفتح وعلق حب، قال: بفتح العين واللام، وعلق الشيء بالشيء ومنه وعليه تعليقًا ناطه، والعلاقة ما علقته به، وتعلق الشيء ما علقه من نفسه، وعلاقة السوط هي ما في مقبضه من السير، وكذلك علاقة القدح والمصحف وما أشبه ذلك، وأعلق السوط والمصحف والقدح جعل لها علاقة، وعلقه على الوتد، وعلق الشيء خلفه كما تعلق الحقيبة وغيرها من وراء الرجل، وتعلق به وتعلقه على حذف الوسيط سواء، وعلق الثوب من الشجر علقا، وعلوقا بقي متعلقا به، والعلق الجذبة في الثوب وغيره، وهو منه، والعلق كل ما علق.
قال اللحياني: وهو العلوق، والمعالق بغير ياء، والمعلاق والمعلوق ما علق به من عنب ونحوه، لا نظير له إلا مغرود لضرب من الكمأة، ومغفور ومغثور ومغبور لغة في مغثور ومزمور، ومعاليق العقد السيوف، ويجعل فيها من كل ما يحس فيه، والأعاليق كالمعاليق كلاهما ما علق، ولا واحد للأعاليق، وكل شيء علق فيه شيء فهو معلاقه، والمعلقة بعض أداة الراعي، وعلق به علقا وعلوقا تعلق، والعلوق ما تعلق بالإنسان، والعلوق المسة، ويقال ما بينهما علاقة يعني بفتح العين أي: شيء يتعلق به أحدهما على الآخر، ولي في الأمر علوق ومتعلق أي: مفترض، والعليق القضيم يعلق على الدابة، وعلقها على الدابة وعلقها علق عليها، وعلق به علقا خاصمه، والعلاقة الخصومة، يقال: لفلان في أرض بني فلان علاقة أي: خصومة، والعلاقى مقصور الألقاب، واحدتها علاقية، وهي أيضا العلائق واحدتها علاقة لأنها تعلق على الناس، والعلق دود أسود في الماء المعروف الواحدة علقة، وعلق الدابة علقا تعلقت به العلقة، وعلقت به علقا لزمته، والمعلوق الذي أخذ العلق بحلقه عند الشرب، والعلوق التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تألف الفحل ولا ترأم الولد، وكلاهما على الفال.
وقيل: هي التي ترأم بأنفها ولا تدر، وقيل: هي التي عطفت على ولد غيرها، ولم تدر
عليه، والعلق المال الكريم، يقال علق خير، وقد قالوا: علق شر والجمع أعلاق، والعلق الخمر لنفاستها. وقيل: هي القديمة، والعلقة الثوب النفيس يكون للرجل، والعلقة قميص بلا كمين. وقيل: ثوب صغير للصبي. وقيل: أول ثوب يلبسه المولود.
وقال اللحياني: العلق الثوب الكريم أوالترس أو السيف، وكذا الشيء الواحد الكريم الروحانيين، ويقال له العلوق، وعلق علاقا وعلوقا أكل، وأكثر ما يستعمل في الجحد، يقال: ما ذقت علاقا ولا علوقا. وفي الحديث: “أروح الشهداء تعلق من ثمار الجنة” بضم اللام تصيب، ورواه الفراء تعلق بفتح اللام، والعلقى شجر تدوم خضرته في القيظ، ولها أفنان طوال رقاق وورق لطاف، فبعضهم يجعل ألفها للتأنيث وبعضهم يجعلها للالحاق، والعلائق الصنائع، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري في باب علق: قال ابن الأعرابي: يقال علق مصة وعلق مطة بمعنى واحد سمي علقا؛ لأنه علق به بحبه إياه يقال ذلك لكل ما أحبه. قوله في المهذب في باب الربا في حديث فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه: “أتى بقلادة معلقة بذهب” هكذا هو بالعين المهملة والقاف فهكذا هو في روايات الحديث، وعند الفقهاء المحققين، وكذا ضبطه ابن البرزي وغيره من المتكلمين على ألفاظ المهذب. وحكى ابن معن أنه روى أيضا بغين معجمة وفاء، وهذا الذي حكاه، وإن كان صحيح المعنى فهو غير معروف في الروايات.
علل: قال الإمام أبو منصور الأزهري: عل ولعل حرفان وضعا للترجي في قول النحويين. وقال يونس في قول الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} (الكهف: من الآية6) و {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} (هود: من الآية12) قال: معناه كأنك فاعل ذلك إن لم يؤمنوا، قال: ولعل لها مواضع في كلام العرب من ذلك قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الأنعام: من الآية152) و {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: من الآية21) و {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} (طه: من الآية44) قال: معناها كي كقولك ابعث إلي بدابتك لعلي أركبها بمعنى كي، قال: وتقول: انطلق بنا لعلنا نتحدث أي: كي نتحدث.
وقال ابن الأنبارى: لعل تكون ترجيًا، وتكون بمعنى كي، وتكون ظنا كقولك لعلي أحج العام، معناه أظنني سأحج، وتكون بمعنى عسى، تقول: لعل عبد الله أن يقوم معناه عسى، وتكون بمعنى الاستفهام كقولك لعلك تشتمني، فإنما قيل معناه هل تشتمني. وقال ابن السكيت: في لعل لغات تقول بعض العرب: لعلني، وبعضهم لعني، وبعضهم علني، وبعضهم لأني ولأنني، وبعضهم لو أنني، هذا ما
ذكره الأزهري في باب العين واللام، وذكر في باب العين والنون.
قال الفراء: لأنك، وأنك، ولعنك بمعنى لعلك. قال الأزهري: وقال ابن الأعرابي: لعنك لبني تميم. قال: وبنو تيم الله بن ثعلبة يقولون: ورعنك، يقولون ذلك يريدون لعلك. وقال اللحياني: ومن العرب من يقول وعنك ولغنك بالغين بمعنى لعلك. قوله: بالغين يعني المعجمة، هذا آخر كلام الأزهري.
قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي المفسر في تفسيره المشهور عند ذكر تفسير قول الله تعالى: {وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (البقرة: من الآية150) في لعل ست لغات: لعل، وعل، ولعن، وعن، ورعن، ولعا. ولها ستة أوجه: هي من الله تعالى واجبة، ومن الناس على معان تكون بمعنى الاستفهام: كقول القائل لعلك فعلت ذلك مستفهما. وتكون بمعنى الظن: يقول قام فلان، فيقال لعل ذلك بمعنى أظن وأرى ذلك. وتكون بمعنى الإيجاب: بمعنى ما أخلقه كقولك وقد وجبت الصلاة، فيقال لعل ذلك أي: ما أخلقه، وتكون بمعنى الترجي والتمني: كقولك لعل الله تعالى أن يرزقني مالا. وتكون بمعنى عسى: يكون ما يراد كقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} (غافر: من الآية36) . وتكون بمعنى كي: على الجزاء كقوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} (الأنعام: من الآية65) أي: لكي يفقهون، هذا آخر ما ذكره الثعلبي.
قال صاحب المحكم: العلة الحدث يشغل صاحبه عن وجهه، وقد اعتل الرجل وهذا علة لهذا أي سبب، والعلة المرض يقال منه: عل يعل واعتل وأعله الله تعالى، ورجل عليل، وحروف العلة والاعتلال الألف والياء والواو سميت بذلك للينها وثبوتها. واستعمل أبو إسحاق لفظة المعلول في المتقارب من العروض، واستعمله في المضارع، وأرى هذا إنما هو على طرح الزائد كأنه جاء على عل وإن لم يلفظ به، وإلا فلا وجه له، والمتكلمون يستعملون لفظ المعلول في هذا كثيرًا وبالجملة، فلست منها على ثقة ولا ثلج؛ لأن المعروف إنما هو أعله الله تعالى فهو معل، اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه، من قولهم مجنون ومسلول من أنه جاء على جننته وسللته، وإن لم يستعملا في الكلام استغناء عنهما بأفعلت، قال: وإذا قالوا: جن وسل فإنما يقولون جعل فيه الجنون والسل، كما قالوا: حرف وصل، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الإمام الواحدي في قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:21) قال ابن الأنبارى: لعل تكون ترجيًا، وتكون بمعنى كي وتكون ظنا. وقال يونس وقطرب:
لعل تأتي في كلام العرب بمعنى كي. وقال سيبويه: لعل كلمة ترجية وتطميع للمخاطين أي: كونوا على رجاء وطمع أن تتقوا بعبادتكم عقوبة الله تعالى أن تحل بكم، كما قال في قصة فرعون:{لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: من الآية44) كأنه قال: اذهبا أنتما على رجائكما وطمعكما والله تعالى من وراء ذلك، وعالم بما يؤول إليه أمره - والله تعالى أعلم - هذا آخر كلام الواحدي هنا.
وكذلك قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه معاني القرآن العزيز في هذه الآية: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: من الآية21) قال: فيها قولان، أحدهما: معناه عند أهل اللغة كي تتقوا. قال: والذي ذهب إليه سيبويه في مثل هذا: أنه فرح لهم، كما قال الله عز وجل في قصة فرعون:{لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طه: من الآية44) أي: كأنه قال اذهبا أنتما على رجائكما والله تعالى من وراء ذلك، وكذا قال الزجاج والواحدي في قول الله تعالى:{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: من الآية103) قالا: معناه لتكونوا على رجاء هدايته، وقد كرر الواحدي هذا القول في مواضع كثيرة.
وقال صاحب المحكم: لعل ولعل يعني: بفتح اللام الثانية وكسرها طمع وإشفاق كعل. قال: وقال بعض النحويين: اللام الأولى زائدة مؤكدة، وإنما هو عل. وأما سيبويه فجعلها حرفا واحدًا غير مزيد. وحكى أبو زيد: أن لغة عقيل لعل زيد منطلق بكسر اللام الأخيرة من لعل وجر زيد، قال كعب بن سعد الغنوي:
لعل أبي متوقد منك قريب
فقلت أدعوا أخرى وأرفع الصوت ثانيا
وقال أبو الحسن الأخفش: قال أبو عبيدة: أنه سمع لام لعل مفتوحة في لغة من جر بها، في قول الشاعر:
جهارا من زهير أو أسيد
لعل الله يمكنني عليها
قال الأزهري: قال أبو زيد في نوادرة: يقال: هما أخوان من علة وهما ابنا علة إذا كانت أماهما شتى والأب واحد، وهم بنو العلات، وهم أخوة من علة وعلات، كل هذا من كلامهم، ونحن إخوان من علة، وهو أخي من علة، وهما أخوان من ضرتين، ولم يقولوا من ضرة وهم أولاد العلات. قال الأصمعي: تعللت بالمرأة لهوت بها. وقال صاحب المحكم: تعلل بالأمر واعتل به تشاغل، وعلله بطعام، وحديث ونحوهما شغله، وتعلت المرأة من نفاسها، وتعللت خرجت منه وطهرت، وبنو العلة من العالمين وجمعها علائل.
علو: وأما قولهم في بابي السجود
والتلاوة: إذا فعل كذا فعليه سجود السهو، وسجود التلاوة على المستمع كهو على القارىء، وأشباه ذلك مع أن سجود السهو وسجود التلاوة سنتان عندنا بلا خلاف. فقال الرافعي: لفظة على هنا ليست للإيجاب بل المراد تأكيد الاستحباب، قال: وكثيرا ما يتكرر هذا في كلام الأصحاب في هاتين السجدتين، ومرادهم ما ذكرنا، قال: وقد يستعملون لفظ الوجوب واللزوم في ذلك والمراد تأكيد الاستحباب. قلت: ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: “غسل الجمعة واجب على كل محتلم وإذا عطس فحمد الله تعالى فحق على من سمعه أن يسمته”.
عمد: في الحديث: “لا يعمد إلى أسد من أسد الله تعالى ثم يعطيك سلبه” ذكره في الإيمان من المهذب معنى يعمد يقصد هو بكسر الميم، والعمدة ما يعتمد عليه، والعمود معروف، وجمعه عمد وعمد بضم العين والميم وفتحهما. والعمد ضد الخطأ، وعمد الخطأ في الجنايات معروف. قال الواحدي: قال الفراء: العمد والعمد جمع العمود كأدم وأدم، والعماد والعمود ما يعمد الشيء به. يقال: عمدت الحائط أعمده بضم الميم إذا دعمته، فاعتمد الحائط على العماد أي امتسك به، وفلان عمدة قومه أي: يعتمدونه فيما ينوبهم.
عمر: قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (البقرة: من الآية196) قال الأزهري: العمرة مأخوذ من الاعتمار وهو الزيارة، يقال: أتانا فلان معتمرا أي: زائرًا. قال: ويقال الاعتمار القصد، قال: وقيل: إنما قيل الفاء لأنه قصد لعمل في موضع عامر.
وقال الجوهري: العمرة في الحج أصلها من الزيارة، والجمع العمر، والعمرى بضم العين نوع من الهبة، ولها ثلاث صور مشهورة في هذه الكتب وغيرها، وهي مشتقة من العمر، وقد سبق في باب الراء أن الرقبى والعمرى ينفذ من هبات الجاهلية. قال الجوهري: عمرويه شيئان جعلا واحدًا وكذلك سيبويه، وبني على الكسر لأن آخره أعجمي مضارع للأصوات فشبه بغاق، فإن نكرته نونت، فقلت: مررت بعمرويه، وعمرويه آخر.
ذكر المبرد في تثنيته: وجمعه العمرويهان والعمرويهون. وذكر غيره: أن من قال: هذا عمرويه وسيبويه، ورأيت عمرويه وسيبويه، فأعربه وثناه وجمعه، ولم يشرطه المبرد، وعمرو: اسم رجل يكتب بالواو فرقا بينه وبين عمر، ويسقطها النصب لأن الألف تلحقها، ويجمع على عمور، قاله
الجوهري.
وقال الأزهري في آخر تهذيب اللغة في آخر باب الواوات: زيدت الواو في عمرو دون عمر؛ لأن عمر أثفل من عمرو، وهكذا ذكر هذا الفرق أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب. قال الجوهري: عمرت الخراب أعمره عمارة فهو عامر أي: معمور مثل دافق أي: مدفوق، ومكان عمير أي: عامر.
قوله في المهذب في استقبال القبلة: إذا ركب في عمارته وفي الحج لا يلزمه حتى يجد عمارته هي بفتح العين. قال ابن البرزي ثم ابن باطيش في شرحهما ألفاظ المهذب: هي بفتح العين وتشديد الميم والتاء وفتحها، وذكرها غيرهما بتخفيف الميم، وهي مركب صغير على هيئة مهد الصبي أو قريبة من صورته، ولعلها مأخوذة من العمارة بفتح العين وتخفيف الميم، وهي كل شيء جعلته على رأسك من عمامة أو قلنسوة أو تاج، ذلك ذكره الأزهري والجوهري عن أبي عبيدة، لكن الجوهري: ذكر عمارة بالهاء في آخره، وهي عامرة وعمر فلان المكان سكنه وعمره جعله عامرا بفتح الميم فيهما، وعمر الرجل طال عمره بفتح العين وكسر الميم، وعمر بالكسر أيضًا بالمكان أقام فيه، وعمرت الدار ضد خربت بضم الميم عن قطرب وبفتحها عن غيره، ويقال: طال عمره وعمره وعمره بضم العين والميم وبضم العين وإسكان الميم وبفتح العين وإسكان الميم، والتزموا في القسم لعمرك وعمرك بفتح العين. قال الزجاج وغيره: لأن الفتح أخف سمرات لكثرة القسم. قال المفسرون في قول الله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الحجر:72) معناه وحياتك. قال: وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. قال الزجاج: وهذه آية عظيمة في تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل معناه: وعيشك. وقيل: ومدة بقائك حيا.
قال الأزهري: والعمران أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فغلب عمر لأنه أخف الأسمين. وقيل: شبه العمرين قبل خلافة عمر بن عبد العزيز يعني: ما جاء في الحديث أنهم قالوا لعثمان رضي الله تعالى عنه: يوم الدار تسلك سيرة العمرين. قال الأزهري: قال أبو عبيدة: فإن قيل كيف بدأ بعمر قبل أبي بكر وهو قبله وهو أفضل منه، فإن العرب تفعل هذا يبدأون بالأخس يقولون ربيعة ومضر وسليم وعامر ولم يترك قليلا ولا كثيرًا. وعن قتادة: أنه قال أعتق العمران فيمن بينهما من الخلفاء العالمين الأولاد، ففي قول قتادة
العمران عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنهما يعني؛ لأنه لم يكن بين أبي بكر وعمر خليفة.
عمق: العمق بفتح العين وضمها قعر البئر ونحوها، وكذلك الوادي وشبهه.
عمم: قال الأزهري: العم أخو الأب. قال أبو عبيد: قال أبو زيد: يقال تعممت الرجل إذا دعوته عما ومثله تخولت خالا. قال الأزهري: ويجمع العم أعمامًا وعمومة. قال ابن السكيت: يقال هما ابنا عم ولا يقال هما ابنا خال، ويقال هما ابنا خالة ولا يقال عما ابنا عمة. قال الأزهري: والعمامة من لباس الناس معروفة، والجمع العمائم، وقد تعممها الرجل واعتم بها، وإنه لحسن العمة، والعرب تقول للرجل إذا سود قد عمم، وذلك أن العمائم تيجان العرب، وكانوا إذا سودوا رجلا عمموه عمامة حمراء، وكانت الفرس تتوج ملوكها، فيقال له متوج، وتقول العرب رجل معم مخول إذا كان كريم الأعمام والأخوال. وقال الليث: ويقال فيه معم مخول أيضًا.
قال الأزهري: ولم أسمعه لغيره، ولكن يقال رجل معم ملم إذا كان يعم الناس ببره وفضله، ويلمهم أي يصلح أمرهم ويجمعهم، والمعمم السيد الذي يقلده القوم أمورهم، ويلجأ إليه العوام، هذا آخر كلام الأزهري. وكذا في أصله معم ملم بكسر الميم فيهما. وقال صاحب المحكم: بضمهما وهو أظهر. وقال الجوهري: المعم المخول الكثير الأعمام والأخوال الكريمهم وقد يكسران. قولهم السفر عذر عام، والمرض عذر عام، ونحو ذلك معناه أنه كثير ليس بنادر كالاستحاضة لأنه هو الأغلب الأكثر.
قوله في المهذب في باب التيمم: وإن سفت عليه الريح ترابا عمه، هكذا ضبطناه على شيوخنا عمه بالعين المهملة وكذا عرفناه أى: استوعب جميع العضو. ورأيت فى ألفاظ المهذب لابن البرزى ثم لابن باطيش الإمامين، قالا: قوله غمه هو بغين معجمة أي: غطاه. قلت: وهذا صحيح أيضًا، فقد قال أهل اللغة: غممت الشيء غطيته، والله تعالى أعلم.
وقال صاحب المحكم: العم أخو الأب، والجمع أعمام وعموم وعمومة. قال سيبويه: أدخلوا فيها الهاء لتخفيف التأنيث، ونظيره البعولة والفحولة. وحكى ابن الأعرابي في أدنى العدد أعم وأعمومون بإظهار التضعيف جمع الجمع، وكان الحكم أعمون لكن هذا حكاه. والأنثى عمة والمصدر العمومة، وما كنت عمًا، ولقد عممت، ورجل معم، ومعم كثر الأعمام، واستعم الرجل اتخذه عمًا،
وتعممه إذا دعاه عمًا، وتعممته النساء دعونه عمًا كما تقول تأخاه وتأباه وتبناه، وهما ابنا عم تفرد العم، ولا تثنيه لأنك إنما تريد أن كل واحد منهما مضاف إلى هذه الكنية، هذا قول سيبويه.
والعمامة معروفة، وربما كنى بها عن البيضة والمغفر، والجمع عمائم، وعمام الأخيرة عن اللحياني. قال اللحياني: والعرب تقول لما وضعوا عمائمهم عرفناهم فإما أن يكون جمع عمامة جمع تكسير، وإما أن يكون من باب طلحة وطلح، وعمهم الأمر يعمهم شملهم، والعامة خلاف الخاصة. قال ثعلب: سميت بذلك لأنها تعم بالشر، والأعم الجماعة عن أبي زيد قال: وليس في الكلام أفعل يدل على غير هذا إلا أن يكون اسم جنس كالاروي، والأمر الذي هو الأمعاء، هذا آخر كلام صاحب المحكم، وهذا الذي حكاه عن ثعلب في سبب تسمية العامة محتمل لكن الأظهر - والله تعالى أعلم - أنهم سموا بذلك لعمومهم وكثرتهم بالنسبة إلى الخاصة.
قال ابن فارس في المجمل والجوهري: المعمم الكثير الأعمام الكريمهم والعمية الكبر. قال الجوهري: ويقال يا بن عمي ويا بن عم ويا بن عم ثلاث لغات: قال: والنسبة إلى عم عموي كأنه منسوب إلى عمي، قاله الأخفش.
عنز: في حديث أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في حلة حمراء فركز غنزة فجعل يصلي إليها بالبطحاء” هذا حديث متفق على صحته العنزة بعين مهملة ثم نون ثم زاي مفتوحات ثم هاء. قال أبو عبيدة وغيره: هي مثل نصف الرمح وأطول فيها سنان مثل سنان الرمح. قال بعضهم: لكن سنانها في أسفلها، بخلاف الرمح فإن سنانه في أعلاه.
عنف: العنف بضم العين وإسكان النون ضد الرفق، وهذا الذي ذكرته من ضمه هو المعروف في كتب اللغة، وممن نص على ضمه ابن الأثير في نهاية الغريب. قال الجوهري: العنف ضد الرفق، تقول منه عنُف عليه بضم النون وعنف به أيضًا، والعنيف الذي ليس له رفق بركوب الخيل، والجمع عنف، والتعنيف التعيير، واللوم وعنفوان الشيء أوله بضم العين والفاء.
عنق: قال صاحب المحكم: العنق، والعنق وصلة ما بين الرأس والجسد، يذكر ويؤنث، والتذكير أغلب. وقيل: من ثقل أنث ومن خفف ذكر. قال سيبويه: عنق مخفف من عنق، وجمعها أعناق، لم
يجاوزوا هذا البناء، والعنق طول العنق وغلظه، يقال عنق عقنًا فهو أعنق، والأنثى عنقاء، ورجل معنق، وامرأة معنقة طويلا العنق، وهضبة عنقاء، ومعنقة طويلة، وعانقه معانقة وعناقا التزمه فأدنى عنقه من عنقه.
وقيل: المعانقة في المودة والاعتناق في الحرب، والعنيق المعانق، وكلب أعنق في عنقه بياض، والمعنقة قلادة توضع في عنق الكلب، وأعنقه قلده إياها، واعتنقت الدابة في الرحل فأخرجت عنقها، وعنق الشتاءء الصيف والسنة وكل شيء أوله، والجمع أعناق، وعنق الجبل ما أشرف منه والجمع كالجمع، والأعناق الرؤساء، والعنق الجماعة من الناس تذكر، والجمع كالجمع، وجاء القوم عنقًا عنقًا أي طوائف، وله عنق في الخير أي: سابقة، والعنق بفتحتين من السير هو المنبسط، وسير عنق وعنيق، وأعنقت الدابة وهي معنق ومعناق وعنيق، والعناق الحرة، والعناق الأنثى من المعز، والجمع أعنق وعنق وعنوق.
قال سيبويه رحمه الله تعالى: أما تكسيرهم إياه على أفعل إذا كانا يعنقان على باب فعل، وشاة معناق تلد العنوق، وعناق الأرض دويبة أصغر من الظهر يصيد كل شيء حتى الطير، والعناق الداهية والخيبة، والعناق النجم الأوسط من بنات نعش الكبرى، والعنقاء الداهية، والعنقاء طائر ضخم ليس بالعقاب. وقيل: العنقاء المغرب كلمة لا أصل لها، ويقال إنها طائر عظيم لا يرى إلا في الدهور، ثم كثر ذلك حتى سموا الداهية عنقاء مغربا ومغربة. وقيل: سميت عنقاء لأنه كان في عنقها بيضا كالطوق. وقال كراع: العنقاء فيما يزعمون طائر يكون عند مغرب الشمس، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري في قوله عز وجل: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (الشعراء: من الآية4) قال أكثر المفسرين: الأعناق هنا الجماعات، وقيل الرقاب، والعنق مؤنثة وقد ذكره بعضهم، والعنق: القطعة من المال والقطعة من العمل خيرا كان أو شرا. وفي الحديث: “المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة” قال ابن الأعرابي: معناه أكثر الناس أعمالا. وقال غيره: هو من طول العنق لأن الناس يومئذ في الكرب وهم في الروح والنشاط مشرئبون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة، والعنقة القلادة، والمعنقة بضم الميم والتشديد دويبة، وكان ذلك على عنق الدهر أي: قديمة، والعناق الأنثى من أولاد العز إذا أتت عليها سنة، وجمعها عنق، وهذا جمع نادر، ويقولون في العدد الأقل ثلاث أعنق، وانطلقوا معنقين أي
مسرعين، وأعنقت إليه أعنق أعناقا، ورجل معنق، وقوم معنقون ومعانيق، وأعنقت الثريا غابت، وأعنقت النجوم تقدمت للمغيب، والمعنق السابق هذا آخر كلام الأزهري. وفي العناق من أولاد المعز كلام سبق في فصل الجفرة.
عن: قال الإمام أبو منصور الأزهري في فصل عنن: قال النحويون: عن ساكنة النون حرف وضع لمعنى ما عداك وتراخى عنك، يقال: انصرف عني وتنح عني. قال أبو زيد: العرب تزيد عنك يقال خذ ذا عنك المعنى خذ ذا وعنك زائدة. قال: وقال الفراء: لغة قريش ومن جاورهم أن وتميم وقيس وأسد ومن جاورهم يجعلون ألف أن إذا كانت مفتوحة عينًا، يقولون: أشهد عنك رسول الله فإذا كسروا رجعوا إلى الألف. قال: والعرب تقول لأنك وتقول لعنك بمعنى لعلك. وقال صاحب المحكم: عن تكون حرفا واسما بدليل قولهم من عنه. قال أبو أسحاق: يجوز حذف النون من عن يجوز للشاعر، كما يجوز له حذف نون من وكأن حذفه، إنما هو لالتقاء الساكنين إلا أن حذف نون من في الشعر أكثر من حذف نون عن لأن دخول من في الكلام أكثر من دخول عن.
عنن: قولهم شركة العنان هي بكسر العين وتخفيف النون. قال الأزهري: قال الفراء: شاركه شركة عنان أي اشتركا في شيء عن لهما أي: عرض. وقال ابن السكيت: شاركه شركة عنان أي: اشتراكا في شيء خاص كأنه عن لهما أي: عرض فاشترياه واشتركا فيه. قال الأزهري: وقال غيرهما: سميت هذه شركة عنان لمعارضة كل واحد منهما صاحبه بمال مثل مال صاحبه، وعمل فيه مثل عمله بيعًا وشراء، يقال: عانه عنانا ومعانة كما يقال عارضه معارضة وعراضًا. قال: وسمي عنان اللجام عنانا لاعتراض سيرين على صفحتي عنق الدابة من عن يمينه وشماله.
قال الكسائى: أعننت اللجام إذا عملت له عنانا. وقال الأصمعي: أعننت الفرس وعننته بالألف، وغير الألف إذا عملت له عنانا. وقال غيره: جمع العنان أعنة. وقال أبو الهيثم: وسمي عنوان الكتاب عنوانًا لأنه يعن له من ناحيته. قال: وأصله عننان، فلما كثرت النونات قلبت أحداها واوا، ومن قال علوان جعل النون لامًا لأنها أخف وأظهر من النون. قال: وكلما استدللت بشيء تظهره على غيره فهو عنوان له، قال: وعننت الكتاب وأعننته وعنونته وعلونته بمعنى
واحد. قال الليث: العلوان لغة في العنوان غير جيدة. قال: وهو فيما ذكر مشتق من المعنى، هذا ما ذكره الأزهري.
وقال صاحب المحكم: جمع العنان أعنة وعنن وعنون. وقولهم في عيوب الزوج العنة بضم العين وتشديد النون والرجل عنين بكسر العين والنون. قال الأزهري: قال أبو الهيثم: سمي العنين عنينًا لأنه يعن ذكره عن قبل المرأة من عن يمينه وشماله فلا يقصده. قال أبو عبيد عن الأموي: امرأة عنينة وهي التي لا تريد الرجال. وقال ابن الأعرابي: العنن جمع العنين وجمع المعنون، يقال عن الرجل وعنن وأعنن فهو عنين معنون معن معنن. قال صاحب المحكم: التعنين الحبس، والعنين الذي لا يأتي النساء بين العنانة والعنينة والعنينية وقد عن عنها، وهو مما تقدم كأنه اعترضه ما يحبسه عن النساء، ويقال عن الشيء يعن ويعن عننًا وعنونًا ظهر أمامك، وعن وعنونا واعتن اعترض، والاسم العنين والعنان، ورجل معن يعترض في كل شيء ويدخل فيما لا يعنيه، والأنثى بالهاء، والمعانة والمعارضة، والعنة الخطيرة من الخشب تجعل للإبل والغنم تحبس فيها وجمعه عنن، والعنان السحاب، وقيل: هي من السحاب التي تمسك الماء واحدتها عنانة، وأعنان السماء نواحيها، وعنانها ما بدا لك منها إذا نظرت إليها، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري في الحديث: “لو بلغت خطيئته عنان السماء” يريد السحاب. قال: ورواه بعضهم أعنان السماء فإن كان أعنان محفوظًا فهي النواحي، وأعنان كل شيء نواحيه. قال الرافعي: شركة العنان أخذت من عنان الدابة، إما لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرفي العنان، وأما لأن كل واحد منهما يمنع الآخر من التصرف مما يشتهى كمنع العنان الدابة، وأما لأن الأخذ بعنان الدابة حبس إحدى يديه على العنان، والأخرى مطلقة يستعملها فيما أراد، كذلك الشريك منع نفسه بالشركة عن التصرف في المشترك كما يشتهي وهو مطلق التصرف في سائر أمواله، وقيل: هي من عن الشيء أي ظهر، إما لأنه ظهر لكل واحد منهما، وإما لأنهما أظهرا وجوه الشركة، ولذلك اتفقوا على صحتها، وقيل: هي من المعانة، وهي المعارضة لأن كل واحد يخرج بماله في معارضة الآخر.
عهد: قال الإمام الأزهري رحمه الله تعالى: قال أبو عبيد: العهد في أشياء
مختلفة فمنها الحفاظ ورعاية الحرمة ومنها الوصية كقول سعد حين خاصم عبيد الله بن زمعة في ابن أمته، فقال: ابن اخي عهد إلي فيه أخي أي: أوصى.
ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ} (يّس: من الآية60) يعني: الوصية. قال: والعهد الأمان. قال الله تعالى: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (البقرة: من الآية124) وقال تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ} (التوبة: من الآية4) قال: ومن العهد أيضًا اليمين يحلفها الرجل يقول على عهد الله تعالى. ومن العهد أن تعهد الرجل على حال أو في مكان فتقول عهدي به في مكان كذا وكذا أو في حال كذا. قال: وأما قول الناس أخذت عليه عهد الله تعالى وميثاقه فإن العهد ههنا اليمين وقد ذكرناه. قال الأزهري: العهد الميثاق ومنه قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (النحل: من الآية91) .
وقال أبو الهيثم: العهد جمع العهدة وهو الميثاق، واليمين الذي تستوثق بها ممن يعاهدك. قال: وإنما سمي اليهود والنصارى أهل العهد للذمة التي أعطوها والعهدة المشترطة عليهم ولهم. قال: والعهد والعهدة واحد تقول برئت إليك من عهدة هذا العبد أي: مما يدركك فيه من عيب كان معهودًا فيه عندي. قال: ويقال استعهد فلان من فلان أي: كتب إليه عهده. قال: وإنما قيل: ولي العهد لأنه ولي الميثاق الذي يؤخذ على من بايع الخليفة والعهد ما عهدته، يقال عهدي بفلان وهو شاب أي: أدركته فرأيته كذلك وكذلك المعهد. وقال الليث: المعاهدة الاعتهاد والتعاهد والتعهد واحد وهو أخذك العهد بما عهدته. وقال ابن شميل: يقال متى عهدك بفلان أي متى رؤيتك إياه وعهده رؤيته. وقال أبو زيد: تعهدت ضيعتي وكل شيء ولا يقال تعاهدت.
قال الأزهري: وأجازهما الفراء وحكاهما ابن السكيت. قال الليث: والمعهد الموضع الذي كنت عهدته أو عهدت به هوى لك، والجمع المعاهد، ويقال: أنا أعهدك من هذا الأمر أي: أنا كفيلك، وأنا أعهدك من إباقة أي: أبرئك من إباقه، وفي عقله عهدة أي: ضعف، وفي خطه عهدة أي: إذا لم يقم حروفه، ويقال عاهدت الله تعالى أن لا أفعل كذا، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: والعهد الحفاظ، ومنه حس العهد والإيمان، والعهد الالتقاء، والعهد المنزل المعهود به الشيء سمي بالمصدر، وتعهد الشيء وتعاهده واعتهده تفقده وأخذت العهد به، وأما ضمان العهدة المعروف
فيقال فيه أيضًا ضمان الدرك كما سبق في حرف الدال، وهو أن يشتري الرجل سلعة فيضمن رجل للمشتري ثمنها الذي دفعه إلى البائع إن خرجت مستحقة وتفاصيله معروفة. قال أبو سعيد المتولي في التتمة: سمي به لالتزامه ما في عهدة البائع رده، وقيل هو مأخوذ من قول العرب الأمر عهدة أي: لم يحكم لعدو في عقله عهدة أي: ضعف، وكأنه الضامن ضمن ضعف العقد، والتزم ما يحتاج فيه من غرم.
عهر: في الحديث المشهور: “الولد للفراش وللعاهر الحجر” قال الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: العاهر الزاني. قال: وقال أبو عبيد: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: “وللعاهر الحجر” أي: لا حق له في النسب وهذا كقولك له التراب أي لا شيء له. قال: وقال أبو زيد: يقال للمرأة الفاجرة عاهرة ومعاهرة ومسافحة. وروى أبو عمرو عن أحمد بن يحيى والمبرد أنهما قالا: هي العهيرة الفاجرة، قالا والياء فيها زائدة، والأصل فيه عهرة مثل تمرة، هذا آخر ما ذكره الأزهري. وكذا قال الخطابي وغيره من الأئمة: العاهر الزاني.
وفي الحديث الآخر: “أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر” ذكره في كتاب الكتابة من المهذب، وهو حديث أخرجه الجماعة أو داود والترمذي وغيرهما بأسانيدهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: وهو حديث حسن صحيح، رواه ابن ماجه بإسناده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: لا يصح عن ابن عمر، والصحيح عن جابر. قلت: وعبد الله بن محمد بن عقيل مختلف في الاحتجاج به، فاحتج به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وضعفه جماعة كثيرون، والله تعالى أعلم.
وقال صاحب المحكم: عهر إليها يعهر عهرًا وعهورًا وعهارة وعهورة وعاهرها عهارًا أتاها ليلا للفجور، وقيل: هو الفجور أي وقت كان يكون في الأمة والحرة، وامرأة عاهر بغير هاء إلا أن يكون على الفعل ومعاهرة.
عهن: قال الأزهري: العهن الصوف المصبوغ ألوانا وجمعه عهون. وقال الليث: يقال لكل صوف عهن والقطعة عهنة. وقال صاحب المحكم: العهن الصوف المصبوغ ألوانا، وقيل: المصبوغ أي لون كان. وقيل: كل صوف عهن.
عوج: قال أهل اللغة: العوج بفتح العين والواو في كل منتصب كالحائط، والعود وشبهه، والعوج بكسر العين ما كان في بساط أو أرض أو دين أو معاش، ويقال فلان في دينه عود بكسر العين. وقال صاحب المطالع: قال أهل اللغة: العوج بفتح العين في كل شخص مرئي، والكسر فيما ليس بمرئي كالرأي والكلام، وانفرد عنهم أبو عمرو الشيباني فقال: هما بالكسر معا ومصدرهما معًا بالفتح، حكاه ثعلب عنه. قلت: وفي الحديث: “إن المراة خلقت من ضلع أعوج فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج” ذكره في الطلاق من المهذب، وهو مخرج في صحيحي البخاري ومسلم. واختلف في ضبط عوج فضبطه كثيرون بفتح العين، وضبطه الحافظ أبو القاسم وآخرون من المحققين بالكسر، وهو الصواب الجاري على ما ذكره أهل اللغة كما ذكرنا.
عوذ: في الوسيط في أول كتاب النكاح: ونكح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة فعلمها نساؤه أن تقول عند لقائه أعوذ بالله منك، وقلن هذه كلمة تعجبه فقالت ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد استعذت بمعاذ ألحقي بأهلك” هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، ولكن ليس فيه قوله: “فعلمها نساؤه أن تقول عند لقائه أعوذ بالله منك” فهذه الزيادة ليس لها أصل صحيح، وهي ضعيفة جدًا من حيث الإسناد ومن حيث المعنى، وقد رواها محمد بن سعد كاتب الواقدي في كتابه الطبقات لكن بإسناد ضعيف، وقد اختلف في اسمها فقيل أسماء بنت النعمان الجونية. وقوله صلى الله عليه وسلم “بمعاذ” هو بفتح الميم ومعناه بملجأ ومستجار. قال صاحب المطالع: العوذ والعياذ والمعاذ بمعنى الملجأ واللجأ واللياذ والله تعالى أعلم. ونحوه قال الهروي: وقال يقال هو عوذي أي لجاي. قال: والمعاذ في هذا الحديث الذي يعاذ به، والله تعالى معاذ من عاذ به أي: تمسك وامتنع به.
عور: قوله في المهذب: وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: “يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من الكلمة العوراء” فالعوراء بالمد. قال الهروي: قال ابن الأعرابي: العرب تقول للرديء من كل شيء من الأمور والأخلاق أعور، والأنثى من هذا عوراء، قال ومنه يقال للكلمة القبيحة عوراء، وكذا قال الإمام أبو الحسن عبد الغافر بن في كتابه مجمع الغرائب في حديث عائشة العوراء الكلمة القبيحة الزائغة عن الرشد.
عول: العول في الفرائض بفتح العين وإسكان الواو، وهو إذا ضاق المال عن سهام أهل الفروض تعال المسألة أي: ترفع سهامها على كل واحد بقدر فرضه لأن كل واحد يأخذ فرضه بتمامه إذا انفرد، فإذا ضاق المال وجب أن يقتسموا على قدر الحقوق كأصحاب الديون والوصايا.
واتفقت الصحابة رضي الله تعالى عنهم على العول في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين ماتت امرأة في خلافته وتركت زوجا وأختين، وكانت أول فريضة أعيلت في الإسلام، فجمع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقال لهم: فرض الله تعالى للزوج النصف وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا عليّ فأشار عليه العباس رضي الله تعالى عنه بالعول، وقال: أرأيت لو مات رجل وترك ستة دراهم لرجل عليه ثلاثة ولآخر أربعة أليس يجعل المال سبعة أجزاء، فأخذت الصحابة رضي الله تعالى عنهم بقوله، ثم أظهر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيه الخلاف بعد ذلك وأنكر العول. وقال: إن الذي أحصى رمل عالج عددًا لم يجعل في المال نصفًا ونصفا وثلثا، هكذا رويناه في سنن البيهقي، وكذا ذكره إمام الفرائض وغيرها أبو الحسن محمد بن يحيى بن سراقة، وعلى هذا فالمسألة التي وقعت في حال مخالفة ابن عباس كانت زوجًا وأختا وأمًا وهي المقصودة بهذا الشعر، وليس مراده التي حدثت في زمن عمر رضي الله تعالى عنه، وأما قول الغزالي: أنه قال لم يجعل في المال نصفًا وثلثين فليس بمعروف ولا منقول، ولم يأخذ بقول ابن عباس في نفي العول إلا طائفة يسيرة، حكاه ابن سراقة عن أهل الظاهر ثم أجمعت الأمة على إثبات العول، وأهل الظاهر لا يعتد بخلافهم، وابن عباس محجوج بإجماع الصحابة تفريعًا على المختار أنه لا يشترط في الإجماع انقراض العصر، ثم على مذهب ابن عباس يقدم الأقوى من ذوي الفروض، ويدخل النقص على غيره وبيانه أن كل من لا ينقص فرضه إلا إلى فرض كالزوج والزوجة والأم والجدة وولد الأم، فهو مقدم على من يسقط فرضه في حال التعصيب، وهي البنات وبنات الابن والأخوات للأبوين أو للأب، والله تعالى أعلم.
وأما قول الغزالي في الوسيط والوجيز: والعول الرفع فمما أنكر عليه لأن العول مصدر عال يعول عولا فهو لازم، فسبيله أن يقول هو الارتفاع لا الرفع، فإن الأزهري وغيره
من أهل اللغة فسروه بالارتفاع والزيادة، وقالوا: يقال عالت الفريضة إذا ارتفعت مأخوذ من قولهم عال الميزان فهو عائل أي: شال وارتفع. قال الرافعي: وقد قال بعضهم يقال عال الرجل الفريضة وأعالها فيعديه، فعلى هذا يصح كلام الغزالي والله أعلم.
عيب: قال الجوهري: العيب والعيبة والعاب بمعنى واحد. يقال أعاب المتاع إذا صار ذا عيب وعبته أنا يتعدى ولا يتعدى، فهو معيب ومعيوب أيضًا على الأصل، ويقال ما فيه معابة ومعاب أي: عيب، والمعايب العيوب، وعيبه نسبه إلى العيب، وعيبه جعله ذا عيب وتعيبه مثله، والعيبة ما يجعل فيه الثياب والجمع عيب، مثل بدرة وبدر وعياب وعيبات.
قلت: والعيب ستة أقسام: عيب في المبيع، وفي رقبة الكفارة، والغرة، والأضحية والهدي والعقيقة، وفي أحد الزوجين، وفي الإجارة. وحدودها مختلفة: فالعيب المؤثر في المبيع الذي يثبت بسببه الخيار، هو ما نقصت به المالية أو الرغبة أو العين كالخصى، والعيب في الكفارة ما أضر ومعناه إضرارا بينا، والعيب في الأضحية أو الهدي أو العقيقة هو مانقص به اللحم، والعيب في النكاح ما ينفر عن الوطء ويكسر سورة التواق، والعيب في الإجارة ما يؤثر في المنفعة تأثيرًا يظهر به تفاوت الأجرة، لا ما يظهر به تفاوت قيمة الرقبة لأن العقد على المنفعة، فهذا تقريب ضبطها، وهي مذكورة في هذه الكتب بحقائقها وفروعها وعيب الغرة في الجنين كالمبيع.
عين: لفظة العين مشتركة في أشياء كثيرة، جمعها أو أكثرها شيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله تعالى عنه في كتابه المثلث مختصرة، قال: العين حاسة النظر، ومنبع الماء والجاسوس، والسحابة القبيلة، ومطر لا يقلع أيامًا، وعوج في الميزان، والإصابة بالعين وإصابة العين، والمعاينة، والدينار، والشيء الحاضر، وخيار الشيء وذاته وسيد القوم ونقرة في جانب الركبة أو مقدمها، ولغة في العين وهم أهل الدار واحد الأعيان، وهم الأخوة لأب وأم، وعين الشمس وعين القبلة معروفتان، هذا آخر كلام الشيخ جمال الدين.
قال غيره: تجمع عين الحيوان على أعين وأعيان وعيون، ذكره أبو حاتم السجستاني من المذكر والمؤنث، وذكره غيره. قال أبو حاتم: وتصغيرها عيينة بضم العين، ويجوز كسرها، وكذلك جميع ما تصغره في المذكر والمؤنث إذا كان ثانيه ياء أصلها الياء وما أشبه ذلك، يجوز في تصغيره الضم والكسر والضم أفصح، وكذلك العيون والعيوب والجيوب