الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عليه وسلم - مرحلتان وقيل ثلاث.
الفرات: بضم الفاء وبالتاء الممدودة في الخط في حالتي الوصل والوقف تكرر ذكرها في المهذب في مواضع كثيرة، وهو النهر المعروف بين الشام والجزيرة، وربما قيل بين الشام والعراق، كما قاله في باب جامع الإيمان من المهذب وهو من أنهار الجنة، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما قول ابن باطيش: يقال إنه من أنهار الجنة فعبارة قبيحة من أقبح العبارات وأنكر المنكرات، فإن هذه العبارة لا تقال فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها تقتضي تشكك القائل في معناها ونسأل الله تعالى التوفيق والهداية. وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن النيل والفرات يخرجان من أصل سدرة المنتهى. قال الحازمي في المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن: مطلع الفرات من بلاد الروم ومنقطعه في أعمال البصرة.
فراوة: مذكورة في الروضة في باب القصاص في الأطراف في التفاوت الثاني بالصفات: هي بفتح الفاء وضمها وتخفيف الراء، فأما الفتح فهو المشهور بين أهل الحديث وغيرهم، وأما الضم فحكاه الإمام الحافظ أبو سعيد السمعاني في الأنساب ويقال فيها: فراووة بواوين وهي بليدة من ثغر خراسان، وإليها ينسب الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الفقيه من أصحابنا، الذي يقال له: فقيه الحرمين، وينسب إليها أيضًا الشيخ الصالح ذو الكنى أبو القاسم أبو بكر أبو الفتح منصور الفراوي شيخ شيخنا في رواية صحيح مسلم.
حرف القاف
قبر: القبر مدفن الإنسان وجمعه قبور، والمقبرة بفتح الميم الباء أيضًا لغتان مشهورتان واحدة المقابر. وحكى شيخنا جمال الدين بن مالك رحمه الله تعالى ورضي عنه فيها لغة ثالثة وهي كسر الباء قاله الجوهري. قال: وقد جاء في الشعر المقبر.
وقال صاحب المحكم: المقبرة موضع القبور. قال الجوهري: وقبرت الميت أقبره وأقبره قبرًا أي: دفنته، وأقبرته أي: أمرت بأن يقبر. قال ابن السكيت: أقبرته أي: صيرت له قبرا يدفن فيه، وقوله تعالى:{ثم أماته فأقبره} أي: جعله ممن
يقبر، ولم يجعله يلقى للكلاب، وإن كان القبر مما أكرم به بنو آدم.
قبط: قوله في المهذب في حد باب السرقة: روي أن عثمان رضي الله تعالى عنه قطع سارقا سرق قبطية من منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقاف تضم وتكسر ثم ياء موحدة ثم طاء مهملة مكسورة ثم ياء مشددة ثم هاء.
قال أكثر أهل اللغة: وغريب الحديث هي بضم القاف. وقال الجوهري: هي بكسر القاف، وقد تضم وهي منسوبة إلى القبط الجيل المعروف، فمن كسر فلكون المنسوب إليه مكسورا، ومن ضم قال هذا مما غير في النسب، كما نسبوا إلى الدهر دهري بالضم، ولم يذكر جماعة من المتأخرين المطلعين فيها إلا الضم، منهم صاحب المطالع، واتفقوا على أن جمعها قباطي بفتح القاف، وهي ثياب تعمل بمصر كذا قاله الهروي والجمهور.
وقال الزبيدي في مختصر العين: هو ثوب من كتان يتخذ بمصر. وقال الجوهري: هي ثياب بيض رقاق من كتان يتخذ بمصر - والله تعالى أعلم - فيحتمل أن هذه القبطية كانت سترة وزينة على المنبر.
قبل: القبلة التي يصلي إليها معناها الجهة. قال الهروي: إنما سميت قبلة لأن المصلى يقابلها وتقابله. وقال الإمام الواحدي في البسيط: القبلة الوجهة وهي الفعلة من المقابلة، وأصل القبلة في اللغة الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة، وقال غيره: هذا الشيء قبالة هذا بالضم أي: في الجهة التي تقابله.
وقوله في المهذب: أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين قُبُل الكعبة، وقال: “هذه القبلة” هذا حديث متفق على صحته أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. وقوله: قبل ضبطناه بضم القاف والباء. قال صاحب المطالع: قبل كل شيء وقبله، وقبله ما استقبلك منه. قال القلعي في تفسير هذا الحديث: قبل الكعبة أي: مقابلها بحيث يقابلها ويعاينها، يقال: قبل وقبل. قلت: وجاء في رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في الصحيح فصلى ركعتين في وجه الكعبة، وهذا هو المراد بقبلها وهو أحسن ما قيل فيه إن شاء الله تعالى، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: “هذه القبلة”.
فقال الإمام أبو سليمان الخطابي رضي الله تعالى عنه معناه: أن أمر القبلة قد استقر على هذا البيت لا ينسخ بعد اليوم فصلوا إلى الكعبة أبدًا فهي قبلتكم، ويحتمل وجهًا آخر وهو أنه صلى الله عليه وسلم -
علمهم السنة في مقام الإمام واستقباله القبلة من وجه الكعبة دون أركانها وجوانبها الثلاثة، وإن كانت الصلاة من جميع جهاتها مجزية، والله تعالى أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الله تعالى مقبلا على عبده في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت صرف عنه وجهه” أي: لا يزال ثواب الله تعالى وبره ورحمته ولطفه متوجهًا إليه فإذا التفت قطع عنه ذلك. ومثله في الحديث الآخر: فإن الله تعالى قبل وجهه، وقوله في باب الأضحية المقابلة والمدابرة بفتح الباء فيهما، وقد تقدم في حرف الدال القبيلة واحدة القبائل، وقد تقدم في حرف الباء في فصل بطن بيان القبيلة والشعب والفخذ والبطن وغيرها، والقبل والمقبل نقيض الدبر والمدبر، وقبلة الرجل والمرأة معروفين قيل: إنهما من المقابلة، وأظنها من الإقبال إلى الشيء وعليه.
قثأ: القثاء بكسر القاف وضمها لغتان وبالمد وهو معروف. قال الجوهري: القثاء الخيار والواحدة قثاءة، والمقثأة والمقثوءة موضع القثاء، وأقثأت الأرض إذا كانت كثيرة القثاء. قال الإمام أبو إسحاق الثعلبي: قرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف والأشعث العقيلى وقثائها بضم القاف، وهي لغة تميم، وذكر ابن السكيت في الباب ما يضم ويكسر قثاء وقثاء.
قحد: قوله في الروضة في أول الباب الثاني من الديات: القمحدوة بقاف ثم ميم مفتوحتين ثم حاء مهملة ساكنة ثم دال مهملة مضمومة ثم واو مفتوحة ثم هاء، وهي ما خلف الرأس. قال الجوهري: جمعها قماحد والميم زائدة.
قحم: قوله في باب الوكالة من المهذب: أن للخصومات قحما، وفسره في الكتاب بالمهالك، وهو بضم القاف وفتح الحاء المهملة المخففة، وهي المهالك كما فسره.
قال الجوهري: سميت بذلك لأنها تقحم بصاحبها على ما لا يريده، واحدتها قحمة بضم القاف وإسكان الحاء كركبة وركب. قوله في باب السير من المهذب وفي كتاب قسم الغنيمة من الروضة: ولا يدخل دار الحرب فرسًا قحما هو بفتح القاف وإسكان الحاء المهملة. قال أهل اللغة: هو الهرم مثل القحل بفتح القاف وباللام.
قد: قال الإمام أبو الحسن الواحدي رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون} قد: حرف يوجب به الشيء كقولك قد كان كذا، فأدخل قد توكيدًا لتصديق ذلك، وهو جواب لقولك لم يفعل ذلك. قال: وقال النحويون: قد تقرب
الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون قد قامت الصلاة قبل حال قيامها.
قال الفراء: الحال في الفعل الماضي لا يكون إلا بإضمار قد أو بإظهارها كقوله تعالى: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} وقد ههنا يجوز أن تكون تأكيدًا لفلاح المؤمنين، ويجوز أن تكون تقريبًا للماضي من الحال، ويكون المعنى أن الفلاح قد حصل لهم، وأنه في الحال عليه هذا كلام الواحدي. وقال الجوهري: قد حرف لا يدخل إلى على الأفعال وهو جواب لقولك لما يفعل، قال: وزعم الخليل: أن هذا لمن ينتظر الخبر تقول قد مات فلان، ولو أخبره وهو لا ينتظره لم يقل قد مات، ولكن يقول مات فلان.
قال الجوهري: وقد يكون قد بمعنى ربما، وإن جعلته إسما شددته، فقلت: كتبت قدًا حسنة، وكذلك كي وهو ولو؛ لأن هذه الحروف لا دليل على ما نقص منها، فيجب أن يزاد في أواخرها ما هو من جنسها وتدغم، إلا في الألف فإنك تهمزها، ولو سميت رجلا بلا أو ما ثم زدت في آخره ألفا همزت؛ لأنك تحرك الثانية، والألف إذا تحركت صارت همزة هذا كلام الجوهري.
قدر: قال أهل اللغة: القدر بإسكان الدال وفتحها لغتان، هو قدر الله تعالى الذي يجب الإيمان به كله خيره وشره حلوه ومره نفعه وضره. ومذهب أهل الحق إثبات القدر والإيمان به كله كما ذكرناه. وقد جاء من النصوص القطعيات في القرآن العزيز والسنن الصحيحة المشهورات في إثباته ما لا يحصى من الدلالات. وقد أكثر العلماء في إثباته من المصنفات المستحسنات، فرضي الله تعالى عنهم وأجزل لهم المثوبات. وذهبت القدرية إلى إنكاره، وأن الأمر أنف أي: مستأنف، لم يسبق به علم الله تعالى الله عن قولهم الباطل علوًا كبيرًا.
وقد جاء في الحديث تسميتهم “مجوس هذه الأمة” لكونهم جعلوا الأفعال للفاعلين، فزعموا أن الله تعالى يخلق الخير، وأن العبد يخلق الشر جل الله تعالى عن قولهم الباطل. قال إمام الحرمين وغيره من متكلمي أصحابنا وابن قتيبة من أئمة أصحاب اللغة: اتفقنا نحن وهم على ذم القدرية وهم يسموننا قدرية لإثبات القدر ويموهون بذلك، وهذا جهل منهم ومباهتة، بل هم المسمون بذلك لأوجه: أحدها: النصوص الصريحة
في القرآن والسنة الصحيحة المشهورة في إثبات القدر. والثاني: أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم فمن بعدهم من السلف لم يزالوا على الإيمان بإثبات القدر وإغلاظ القول على من ينفيه. وفي أول صحيح مسلم عن ابن عمر قال: أخبروهم أني بريء منهم وأنهم براء مني حتى يؤمنوا بالقدر كله خيره وشره. والثالث: أنا أثبتناه لله تعالى وهم زعموه لأنفسهم، وادعوا أنهم مخترعون لأفعالهم ولم يتقدم بها علم، فمن أثبته لنفسه كان بأن ينسب إليه أولى ممن نفاه عن نفسه وأثبته لغيره، وهذا الثالث هو قول ابن قتيبة ثم إمام الحرمين رحمهما الله تعالى، والله تعالى أعلم.
قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1) اختلف في معناه على ثلاثة أقوال، أصحها وأشهرها: أن معناها أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم منجمًا في أوقات مختلفة في ثلاث وعشرين سنة أو عشرين أو خمس وعشرين على حسب الاختلاف في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة. والثاني: معناه أنزل في عشرين ليلة قدر من عشرين سنة فكان ينزل إلى السماء الدنيا في كل سنة ما يريد الله تعالى إنزاله في السماء منجمًا، ثم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة منجمًا. والثالث: معناه ابتدأ إنزاله في ليلة القدر ثم نزل في جميع الأوقات من جميع السنين.
روى الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: “أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة”. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ورواه من طريق آخر بمعناه، وقال: صحيح على شرطهما. وحكى الواحدي وغيره القول الثاني عن مقاتل وقاله أيضًا الإمام أبو عبد الله الحليمي، والقول الثالث حكاه الماوردي عن الشعبي، وهو ضعيف مخالف لما صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومحله من القرآن بالمرتبة المعروفة.
وقوله في أول باب المسابقة في الحديث: “حق على الله تعالى أن لا يرفع من هذه القدرة شيء إلا وضعه”. ذكر جماعات ممن شرح ألفاظ المهذب منهم أبو القاسم بن التوزي وابن باطيش وغيرهما: أنه القدرة بضم القاف وبالدال المهملة، قالوا: والقدرة هي بمعنى المقدور كالخلقة بمعنى المخلوق ونظائره. قال: وروي أيضًا بفتح القاف وبالذال
المعجمة أي: المستقذرة، وتكون الإشارة إلى زينة الدنيا به. وروى أبو داود هذا الحديث في أول كتاب الأدب من سننه بلفظين، أحدهما: حق على الله تعالى أن لا يرفع شيئا إلا وضعه، والثاني: أن لا يرفع شيء من الدنيا إلا وضعه.
قدم: قول الشافعي رضي الله تعالى عنه: القديم هو الذي قاله ببغداد، وصنفه في كتاب سماه كتاب الحجة، كذا قاله صاحب الشامل في خطبة الشامل، وهذا الكتاب القديم يرويه عن الشافعي أربعة من كبار أصحابه العراقيين: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والكرابيسي، والزعفراني، قال القفال في كتابه شرح التلخيص فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم: أكثر مذهب الشافعي القديم مثل مذهب مالك رضي الله تعالى عنهما.
قرأ: قال الإمام مطلقا ذو الفنون أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي رضي الله تعالى عنه في كتابه البسيط عند ذكر قول الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرأن} قال رحمه الله تعالى: القرآن اسم لكلام الله تعالى، واختلفوا في اشتقاقه وهمزه، فقرأه ابن كثير بغير همز، ثم روى بإسناده ما رواه البيهقي وغيره عن الإمام الشافعي إمامنا رضي الله تعالى عنه: أنه كان يقول القرآن اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت ولكنه اسم لكتاب الله تعالى مثل التوراة والإنجيل.
قال الشافعي: ويهمز قرأت ولا يهمز القرآن. وقال الواحدي: وقول الشافعي أنه اسم لكتاب الله تعالى تنبيه إلى أنه ليس بمشتق، وقد قال بهذا جماعات، قالوا: إنه اسم لكلامه يجري مجرى الإعلام في أسماء غيره، كما قيل في اسم الله تعالى أنه غير مشتق من معنى يجري مجرى اللقب في صفة غيره. وذهب آخرون إلى أنه مأخوذ من قرنت الشيء بالشيء إذا ضممت أحدهما إلى الآخر، فسمي به لاقتران السور والآيات والحروف؛ ولأن العبارة عنه قرن بعضه إلى بعض فهو مشتق من قرن، والاسم مهموز، ومن هذا يقال للجمع بين الحج والعمرة قران.
وذكر الأشعري رحمه الله تعالى هذا المعنى في بعض كتبه، فقال: إن كلام الله تعالى يسمى قرآنا لأن العبارة عنه قرن بعضه إلى بعض بصدق. وقال الفراء: أظن أن القرأن سمى من القرائن، وذلك أن الآيات يصدق بعضهًا بعضًا ويشابه بعضها بعضًا فهي قرائن فمذهب هؤلاء أنه غير مهموز.
وأما الذين
همزوا فاختلفوا، فقالت طائفة: إنه مصدر القراءة. قال أبو الحسن اللحياني: يقال قرأت القرآن فأنا اقرأه قراءة وقرأ وقرآنا وهو الاسم، فقوله: وهو الاسم يعني أن القرآن يكون مصدرًا لقرآت، ويكون اسما لكتاب الله تعالى، ومثل القرآن من المصادر الرجحان والنقصان والغفران، هذا هو الأصل ثم أن المقروء يسمى قرآنا لأن المفعول يسمى بالمصدر، كما قالوا: للمشروب شراب وللمكتوب كتاب، واشتهر هذا الاسم في المقروء حتى إذا طرق الأسماع سبق إلى القلوب أنه هو، ولهذا لا يجوز أن يقال إن القرآن مخلوق مع كون القراءة مخلوقة لأن القرآن اشتهر تسميته للمقروء. وقال أبو إسحاق الزجاج: معنى القرآن معنى الجمع، يقال ما قرأت الناقة سلى قط إذا لم يضطم رحمها على ولد، وهذا مذهب أبي عبيدة. قال: إنما سمي القرآن قرآنًا لأنه يجمع السور ويضمها، وأصل القرآن الجمع، ومن هذا الأصل قرء المرأة وهو أيام إجتماع الدم في رحمها.
وقال قطرب: في القرآن قولين، أحدهما: ما ذكرناه وهو قول أبي إسحاق وأبي عبيدة. والثاني: أنه يسمى قرآنا لأن القارىء يظهره ويبينه ويلقيه من فيه أخذًا من قول العرب ما قرأت الناقة سلى قط أي: ما رمت بولد ونحو هذا. قال أبو الهيثم واللحياني: ما أسقطت ولدًا قط وتأويله ماحملت قط، والقرآن يلفظه القارىء من فيه ويلقيه، فسمي قرآنا، ومعنى قرأت القرآن لفظت به.
قال أبو إسحاق: وهذا القول ليس بخارج من الصحة، فتبين على هذا أنه اسم منقول من اسم الحدث، كما أن قولنا زيد في إسم رجل منقول من مصدر زاد يزيد، فأما دخول لام التعريف بعد النقل فكدخوله في الحارث وفي الفضل والعباس بعد النقل. ومذهب الخليل وسيبويه في هذه الأسماء التي سمي بها وفيها الألف واللام: أنها بمنزلة صفات غالبة كالنابغة والصعق، وهذا فيما ينقل من الصفات، فأما الفضل فإنما دخله الألف واللام لأنه مصدر في الأصل، وعلى هذا دخلت الألف واللام في القرآن، ومن هذه الأسماء ما يكون اللام فيه تعريفًا ثانيًا كما قاله في اسم الشمس وإلاهة والآلهة، ومنها ما يكون اللام فيه زائدة نحو قوله يا ليت أم العمرو كانت صاحبي، قال: وقول من يقول إن القرآن غير مهموز، من قرنت الشيء بالشيء أخذها، وإنما هو تخفيف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها فصار اللفظ به كفعال من قريت، وليس منه ألا
ترى أنك لو سميت رجلا بقران مخفف الهمزة لم تصرفه في المعرفة كما لا تصرف عثمان، ولو أردت به فعالا من قرنت لا تصرفه في المعرفة ولا النكرة، وذكر ذلك أبو علي في المسائل الحلبية، هذا آخر ما ذكره الواحدي.
وأول ما نزل من القرآن: أول سورة اقرأ وهو قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:1: 5) } إلى هنا ثبت في صحيح مسلم. ووقع في أول صحيح البخاري إلى قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} وهو مختصر، والزيادة من الثقة مقبولة، وقيل: أول ما نزل {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} (المدثر:1) وهو غلط، والصواب أنه أول ما نزل بعد فترة الوحي كما ثبت في الصحيحين، وقد بينته في أول الشرح لصحيحي البخاري ومسلم، وآخر ما نزل من السور براءة ومن الآيات {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (البقرة: من الآية281) الآية، وقيل:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} (النساء: من الآية176) إلى آخرها، وقيل:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (التوبة: من الآية128) إلى آخر الآيتين، وقيل: آية الربا.
وأما الأقراء في العدة، فقال أهل اللغة: القرء، والقرء بفتح القاف وضمها لغتان حكاهما القاضي عياض وأبو البقاء في إعرابه وغيرهما، أشهرهما الفتح وهو الذي قاله جمهور أهل اللغة واقتصروا عليه وممن حكى اللغتين في قرء، وقرء الخطابي في معالم السنن في كتاب الحيض في أول أبواب المستحاضة وجمعه في القلة أقراء وفي الكثرة قروء.
قال الإمام الواحدي: هذا الحرف من الأضداد، يقال للحيض والأطهار قرء، والعرب تقول: أقرأت المرأة في الأمرين جميعًا، وعلى هذا يونس وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيد أنها من الأضدادن وهي في لغة العرب مستعملة في المعنيين جميعًا وكذلك في الشرع، ومن هذا الاختلاف في اللغة وقع الخلاف في الأقراء بين الصحابة وفقهاء الأمة، فعند علي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري ومجاهد ومقاتل وفقهاء الكوفة: أنها الحيض. وعند زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة ومالك والشافعي وأهل المدينة: أنها الأطهار. وهذا الخلاف فيما ذكر منها في العدة فأما كونه حيضًا وطهرًا، وإن اللفظ صالح لهما جميعًا فمما لا يختلف فيه أحد.
وأصل هذا اللفظ واشتقاقه مختلف فيه أيضًا. قال أبو عبيد: أصله من دنو وقت الشيء، وروى الأزهري عن الشافعي: أن القرء إسم للوقت، فلما كان الحيض يجيء لوقت والطهر يجيء لوقت، جاز أن تكون
الأقراء حيضًا وأطهارًا. وذكر أبو عمرو بن العلاء: أن القرء الوقت وهو يصلح للحيض ويصلح للطهر. ويقال: هذا قاريء الرياح لوقت هبوبها، وأنشد أهل اللغة للهذلي:
إذا هبت لقاريها الرياح
أي: لوقت هبوبها، ولهذا يقال: أقرأت النجوم إذا طلعت، وأقرأت إذا أفلت فعلى هذا الأصل: القرء يجوز أن يكون الحيض لأنه وقت سيلان الدم، ويكون الطهر لأنه وقت إمساكه على عادة جارية فيه. وقال قوم: أصل القرء الجمع، يقال ما قرأت الناقة سلى قط أي: ما جمعت في رحمها ولدا قط.
قال الأخفش: يقال ما قرأت حيضة أي: ما ضمت رحمها على حيضة، والقرآن من القرء الذي هو الجمع، وقرأ القارىء أي: جمع الحروف بعضها إلى بعض في لفظ، وهذا الأصل يقوى أن الأقراء هي الأطهار. قال أبو إسحاق يعني الزجاج: والذي عندي في حقيقة هذا أن القرء الجمع من قولهم قريت الماء في الحوض، وإن كان قد ألزم الياء فهو جمعت، وقرأت القرآن لفظت به مجموعًا. وإنما القرء اجتماع الدم في الرحم، وذلك إنما يكون في الطهر هذا كلام الزجاج. وذكر أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال: في قوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (البقرة: من الآية228) جاء هذا على غير قياس، والقياس ثلاثة أقرؤ لأن القروء للجمع الكثير، ولا يجوز أن يقال ثلاثة فلوس إنما يقال ثلاثة أفلس فإذا كثرت فهي الفلوس.
قال أبو حاتم: وقال النحويون: في هذا أراد ثلاثة من القروء. وقال أهل المعاني: لما كانت كل مطلقة يلزمها هذا دخله معنى الكثرة، فأتى ببناء الكثرة للاشعار بذلك فالقروء كثيرة إلا أنها في القسمة ثلاثة، هذا آخر ما ذكره الإمام الواحدي.
وقال الزمخشري في كتابه الكشاف: فإن قلت لم جاء المميز على جمع الكثرة قروء دون القلة التي هي الأقراء؟ قلت: يتوسعون في ذلك فيستعملون كل واحد من الجمعين مكان الآخر لاشتراكهما في الجمعية، ألا ترى إلى قوله تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} (البقرة: من الآية228) وما هي إلا نفوس كثيرة. قال: ولعل القروء كانت أكثر استعمالا في جمع قرء من الأقراء، فأوثر عليه تنزيلا لقليل الاستعمال منزلة المهمل، فيكون مثل قولهم ثلاثة شسوع. قال: وقرأ الزهري ثلاثة قرو بغير همز.
قرح: الماء القراح المذكور في غسل الميت، هو بفتح القاف وتخفيف الراء. قال الأزهري وغيره: الماء القراح هو الخالص الذي لم يجعل فيه كافور ولا حنوط.
قرر: باب الإقرار معروف. قال الرافعي: الإقرار الإثبات من قولهم قر الشيء يقر وأقررته وقررته، وليس تسمية هذا الباب إقرارًا لأنه ابتداء إثبات بل لأنه إخبار عن ثبوت ووجوب سابق.
قرص: في الحديث: “حتيه ثم اقرصيه قرصه تقطيعه وقلعه بالظفر” وقد سبق بيانه في الحاء.
قرض: قال الإمام الواحدي في تفسيره: القرض اسم لكل ما يلتمس منه الجزاء، يقال أقرض فلان فلانا إذا أعطاه ما يتجازاه منه، والاسم منه القرض، وهو ما أعطيته لتكافأ عليه هذا إجماع من أهل اللغة.
قال الكسائى: القرض ما أسلفت من عمل صالح أو سيء. وقال الأخفش: تقول العرب لك عندي قرض صدق وقرض سوء لأمر يأتي فيه مسرته ومساءته. وقال ابن كيسان: القرض أن تعطي شيئًا ليرجع إليك مثله أو ليقضى شبهه، وأصله في اللغة: القطع ومنه المقراض، ومعنى أقرضته قطعت له قطعة تجازى عليها، وانقرض القوم إذا هلكوا لانقطاع أثرهم. قال: شبه الله عز وجل عمل المؤمنين لله عز وجل على ما يرجون ثوابه بالقرض؛ لأنهم إنما يعطون ما ينفقون ابتغاء ما وعدهم الله عز وجل من جزيل الثواب. قال: والقرض في قوله عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} (البقرة: من الآية245) اسم لا مصدر، ولو كان مصدرًا لكان إقراضًا. قال أهل المعاني: هذا تطلف من الله عز وجل في الاستدعاء إلى أعمال البر لذلك أضاف الإقراض إلى نفسه، كأنه قيل من ذا الذي يعمل عمل المقرض بأن يقدم، فيأخذ أضعاف ما قدم في وقت فقره وحاجته، وتأويله من ذا الذي يقدم إلى الله عز وجل ما يجد ثوابه عنده، هذا ما ذكره الواحدي في سورة البقرة، ثم ذكر في سورة الحديد صفة القرض الحسن، فقال: قال أهل العلم: القرض الحسن أن يجمع به حلالا وأن يكون من أكرم وأجود ما يملكه لا من رديئه، وأن يكون في حال صحته وحاجته ورجائه الحياة، وأن يضعه في الأحوج الأحق بالدفع إليه، وأن يكتمه وأن لا يتبعه منا ولا أذى، وأن يقصد به وجه الله تعالى فلا يرائي به، وأن لا يستكثر ما يتصدق به، وأن يكون من أحب ماله إليه، فهذه الأوصاف إذا استكملها كان قرضًا حسنًا. وقال يحيى بن معاذ الرازي رضي الله تعالى عنه: عجبت لمن يبقى له مال ورب العرش يستقرضه.
قرع: بضم القاف وإسكان الراء من الاستهام وهي معروفة. قال الأزهري: يقال أقرعت بين الشركاء في شيء يقتسمونه فاقترعوا عليه وتقارعوا فقرعهم فلان وهى القرعة. وقال صاحب المحكم: قارعه فقرعه يقرعه أي: أصابته القرعة دونه، وقارع بينهم وأقرع، وقارعة الطريق أعلاه.
قال الأزهري والجوهري: وقيل: هو ما برز منه. وقيل: صدر الطريق. قوله في الوسيط في كتاب الحج: ولو دهن الأقرع رأسه فلا بأس، الأقرع: هو الذي صلع رأسه فلم يبق عليه شعر، ورجل أقرع وامرأة قرعاء، وهو القرع قاله الأزهري. قال الجوهري: الأقرع الذي ذهب شعر رأسه من آفة، وقد قرع فهو أقرع بين القرع، وذلك الموضع من الرأس القرعة، والقوم قرع وقرعان. وكذا قال صاحب المحكم: القرع ذهاب الشعر من داء.
قال صاحب المحكم: حية أقرع متمعط شعر الرأس لجمعه السم فيه، والتقريع قص الشعر، والتقرع بئر يخرج بالفصلان، وحاشية الإبل يسقط وبرها، وفي المثل: أجرد من القرع وقرع الشيء يقرعه قرعًا أي ضربه، والمقرعة خشبة تضرب بها البغال والحمير.
وقيل: كل ما قرع به مقرعة، والقراع والمقارعة مضاربة القوم في الحرب، وقد تقارعوا وقريعك الذي يقارعك، والقارعة القيامة، والقارعة الشدة، والقراع طائر يقرع يابس العيدان بمنقاره فيدخل فيه، والجمع قراعات، ولم يكسر، وترس قراع صلب لصبره على القرع، والقراع من كل شيء الصلب الأسفل الضيق الفم، وقرع الفحل الناقة يقرعها قرعا وقراعا ضربها، وناقة قريعة يكثر الفحل ضرابها ويبطىء لقاحها، واستقرعت البقر إذا ارادت الفحل، والتقريع التأنيب. وقيل: الإيجاع باللوم، واقترع الشي اختاره، وأقرعوه خيار مالهم أعطوه إياه، والقريعة والقرعة خيار المال، والقريع الفحل وهو من ذلك. وقيل: لأنه يقرع الناقة، وجمعه أقرعة، والمقروع كالقريع الذي هو الخيار، واستقرعه جملا فأقرعه إياه أي: أعطاه ليضرب أينقه، وقرع قرعا فهو قرع ذائد عن الشيء، والقريع الجبان، وقرعه صرفه، وقوارع القرآن منه مثل آية الكرسي، وليس لأنها تصرف الفزع عمن قرأها، وأقرع الفرس كبحه، وأقرع إلى الحق رجع، وقرعه بالحق
رماه به، وقرع المكان خلا، وقريعة البيت خير موضع فيه إن كان في حر فمظلة أو في قر فمكنة. وقيل: قريعته سقفه، والقرع حمل اليقطين الوحدة قرعة.
قال أبو حنيفة: هو القرع واحدتها قرعة فحرك ثانيها، والمقرعة منبته كالمبطخة والمقثأة، هذا آخر كلام صاحب المحكم. وقال الأزهري: قال ابن الأعرابي: القرع والسبق والندب الخطر الذي يسبق عليه يعني: المال، وأصبحت الرياض قرعا قد جردتها المواشي فلم تترك فيها شيئًا من الكلأ. وقولهم: ألف أقرع هو التام، وترس أقرع وقراع أي صلب، وفلان قريع الكتيبة وقريعها أي رئيسها، وقرعة كل شيء خياره، والقرعة الجراب الواسع يلقى فيه الطعام. وقال أبو عمرو: هو الجراب الصغير وجمعه قرع.
وفي الحديث: “قرع المسجد” أي: قل أهله كما يقرع الرأس إذا قل شعره. وفي الحديث: “نعم البضع لا يقرع أنفه” أصله: أن الرجل يأتي بناقة كريمة إلى رجل له فحل فيسأله أن يطرقها فحله فإن أخرج إليه فحلا ليس بكريم قرع أنفه، وقال: لا أريده. وقولهم: قرع سنه الندم، وقرع الإناء فم الشارب إذا استوفى ما فيه، واقترع فلان أي: اختير، وقريعة الإبل كريمتها، وجفان مقرعات أي: مثقلات، وأقرعت نعلي وخفي إذا جعلت عليهما رقعة كثيفة، وقرع التيس العنز إذا قفطها.
قال الأموي: يقال للضأن استوبلت، وللمعز استدرت، وللبقرة استقرعت، وللكلبة استحرمت، وأقرعت فلانًا كففته، وهو مقرع لكذا ومعرق أي مطبق، وقرع مكان يده من المائدة تقريعًا إذا ترك مكان يده من المائدة فارغًا، وسأتقرع أي أنقلب، وقرعهم أقلقهم وووبخهم، وأقرع المسافر دنا من منزله، وأقرع داره آجرا إذا فرشها بالآجر، وأقرع الشر دام، وأقرع الرجل عن صاحبه، وانقرع كف، وأقرع الغائص والمائح انتهى إلى الأرض، والقراعة القداحة التي يقتدح بها النار، وقوارع القرآن نحو ما قال صاحب المحكم، وقرع الرجل إذا قمر في النضال، وقرع افتقر، وقرع اتعظ، وقرعناك واقترعناك وقرحناك واقترحناك ومخرناك وامتخرناك وانتضلناك أي اخترناك، والقريع المقروع، والقريع الغالب، ويقال: أنزل الله تعالى به قارعة وقرعاء ومقرعة وبيضاء ومبيضة، وهي المصيبة التي لا تدع مالا ولا غيره، هذا آخر كلام الأزهري.
قرقب: قوله في باب السلم من المهذب: لا يجوز السلم في ثوب عمل فيه من غير غزله كالقرقوبي، هو بقاف مفتوحة ثم راء ساكنة ثم قاف مضمومة ثم واو ساكنة ثم باء موحدة مكسورة ثم ياء النسب، هكذا ضبطه بعض الأئمة الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب، وقال: كذا تقوله العامة، وإنما هو قرقبى بضم القافين من غير واو، ورأيت بعض الفضلاء يقول بضم القاف الأولى مع إثبات الواو، والواو ثابتة في النسخ، وقد فسره المصنف.
قرن: في الحديث: “إن الشمس تطلع ومعها قرن شيطان” ذكره في الساعات التي نهى عن الصلاة فيها من الوسيط، وهو حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بقرني شيطان” وأما الرواية التي وقعت في الوسيط فهي مرسلة، واختلف العلماء في المراد بقرن الشيطان على أقوال كثيرة. قال الهروي: قيل: قرناه ناحيتا رأسه، قال: وقال الحربي: هذا مثل معناه حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط. وقيل: معنى القرن القوة أي: تطلع حين قوة الشيطان، وقال غير الهروي: قرنه أمته وشيعته، والراجح عند جماعة من المحققين كونه على ظاهره، وهو أن المراد جانبا رأسه ومعناه: أنه يدنى رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليصير الساجد لها كالساجد له، والله تعالى أعلم.
وفي الحديث الآخر: “خيركم قرني” مذكور في باب الشهادات من المهذب اختلف أيضًا فيه على أقوال كثيرة. قال الهروي: القرن كل طبقة مقترنين في وقت، ومنه: قيل لأهل كل مدة أو طبقة بعث فيها نبي. قلت: السنون أو كثرت قرن. ومنه الحديث: “خيركم قرني - يعني أصحابي - ثم الذين يلونهم” يعني التابعين بإحسان، واشتقاقه من الاقتران. وقيل: القرن ثمانون سنة. وقيل: أربعون. وقيل: مائة. وقال ابن الأعرابي: القرن الوقت. وقال غيره: قيل للزمان قرن لأنه يقرن أمه بأمة وعالما بعالم، وهو مصدر قرنت جعل اسم للوقت أو لأهله، هذا آخر كلام الهروي.
وقال غيره: قوله صلى الله عليه وسلم: “خيركم قرني” المراد منه الصحابة. وقيل: جميع من كان حيًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحكى الحربي فيه أقوالا، ثم قال: وليس في هذا شيء واضح، ورأى أن القرن كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد، والله تعالى أعلم. وقرن الموضع
الذي يحرم منه، وهو ميقات أهل نجد، وهو بإسكان الراء، اتفق العلماء عليه واتفقوا على تغليط الجوهري في فتح الراء منه، وفي قوله: إن أويس القرني رضي الله تعالى عنه منسوب إليه، وهذا غلطه فيهما الإمام ابن بري، ويقال فيه قرن المنازل وهو على قدر مرحلتين من مكة، والقران في الحج معروف.
وفي حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها في غسل بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنها قالت: “فضفرنا ناصيتها ثلاثة قرون” أي: ثلاث ضفائر وذوائب، فالقرون والذوائب والضفائر والغدائر كلها بمعنى واحد، وهي خصل الشعر المضفورة، وقولهم في باب النكاح إذا وجد أحد الزوجين بالآخر جنونا أو جذامًا أو برصًا أو رتقًا أو قرنًا ثبت له الخيار. قال أهل اللغة: القرن بإسكان الراء هو العفلة بفتح العين المهملة والفاء، وهو لحمة تكون في فم فرج المرأة، والقرن بفتح الراء مصدر قرنت تقرن قرنا على وزن برصت تبرص برصا، فيجوز أن يقال هذا الذي ذكروه في كتاب النكاح بالفتح والإسكان، الفتح على ارادة المصدر والإسكان على إرادة الاسم، ونفس العفلة، إلا أن الفتح أرجح لكونه موافقًا لباقي العيوب، فإنها كلها مصادر، وعطف مصدر على مصدر أحسن من عطف اسم على مصدر، هذا الذي ذكرناه هو الصواب، وقد غلط من أنكر على الفقهاء قولهم ذلك بالفتح، بل الصواب جوازه ورجحانه.
قال الإمام العلامة أبومحمد عبد الله بن بريء. قال الفراء: القرن هو العيب، وهو من قولك امرأة قرناء بينة القرن، وأما القرن بالإسكان فاسم العفلة، والقرن بالفتح اسم العيب، والله تعالى أعلم. ويقال: قرنت بين الشيئين أقرن بضم الراء في المضارع هذه اللغة الفصيحة، ويقال كسرها في لغة قليلة.
قزع: قوله في باب السواك من التنبيه وباب العقيقة من المهذب: ويكره القزع، هو بفتح القاف والزاي، ثبت في الصحيحين من رواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع. قال الأزهري في تهذيب اللغة: قال أبو عبيد: هو أن يحلق رأس الصبي ويترك منه مواضع فيها الشعر متفرقة، وهكذا ذكره الهروي وابن فارس والجوهري. يقال: قزع رأسه تقزيعًا إذا حلق شعره، وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه. وقال الليث عن الخليل بن أحمد إمام أهل اللغة والعربية مطلقا في الحديث “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم -
عن القزع” وهو لغة أخذ بعض الشعر وترك بعضه من الرأس. وكذا قال صاحب المحكم في تفسير القزع في الحديث: هو أخذ بعض الشعر وترك بعضه.
قلت: وإلى هذا أشار في المهذب بقوله: ويكره أن يترك على بعض رأسه الشعر للنهي عن القزع، فظاهر كلامه أن مطلق البعض مكروه.
قوله في باب القصاص في الجروح والأعضاء من المهذب: وإن كانت الموضحة في مقدم الرأس أو مؤخره أو في قنزعته هي بضم القاف وإسكان النون وفتح الزاي وضمها لغتان. قال أهل اللغة: هي الشعر حوالي الرأس، وأنشدوا لحميد الأرقط يصف الصلع:
كأن طسا بين قنزعته
ويجمع على قنازع، وأرادوا بحوالي الرأس جوانبه. وأما قول ابن باطيش: القنزعة أعلى موضع في الرأس فلا نعرفه صحيحا في اللغة، وإن كان صحيح المعنى في هذا الموضع. قال صاحب المحكم: القزع أيضًا قطع من السحاب رقاق، كأنها ظل إذا مرت من تحت السحابة الكبيرة. وقيل القزع السحاب المتفرق واحدتها قزعة، وما في السماء قزعة وقزاع أي: لطخة غيم، والقُزَّعة والقُزْعة خصل من الشعر تترك على رأس الصبي كالذوائب متفرقة في نواحي الرأس، ورجل مقزع ومتفزع لا يرى على رأسه إلا شعيرات متفرقة تطاير مع الريح، والقزعة موضع الشعر المتفرق من الرأس.
وروينا بالإسناد المتقدم إلى أبي عوانة الاسفرايني، قال: ثنا موسى بن سعد الدين عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى غلاما قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: “احلقوا كله أو ذروا كله” قال الأزهري: والقزعة ولد الزنا.
قسط: في المهذب في باب الأحداث: في الحديث الترخيص للمغتسلة في نبذة من قسط وأظفار، هو بضم القاف، ويقال فيه كست بضم الكاف وبالتاء في آخره، وهو بخور معروف، ليس من مقصود الطيب.
قسم: قولهم كتاب القسامة: هي بفتح القاف. قال الرافعي: قال الأئمة: القسامة في اللغة اسم للأولياء الذين يحلفون على دعوى الدم، وفي لسان الفقهاء: هي اسم للأيمان، قال: وقال الجوهري: هي الأيمان تقسم على الأولياء في الدم، وعلى التقديرين فهي اسم أقيم، يقال: أقسم إقساما وقسامة كأكرم إكراما
وكرامة.
قال الإمام: ولا اختصاص لها بأيمان الدماء، إلا أن الفقهاء استعملوها فيها، وأصحابنا استعملوها في الأيمان التي يقع الابتداء فيها بالمدعي، وصورتها: أن يوجد قتيل بموضع لا يعرف قاتله ولا بينة، ويدعي وليه قتله على شخص أو جماعة، وتوجد قرينة تشعر بتصديق الولي في دعواه، ويقال له: اللوث فيحلف الولي خمسين يمينًا، ويثبت القتل فتجب الدية لا القصاص، وفي قول يجب القصاص.
قشع: قال صاحب المحكم: انقشع عنه الشيء وتقشع غشيه ثم انجلى عنه كالظلام عن الصبح، والهم عن القلب، والسحاب عن الجو، والقشع: السحاب الذاهب المتقشع عن وجه السماء، والقَشعة والقِشعة قطعة منه تبقى في أفق السماء إذا تقشع الغيم، وقد أقشع الغيم وانقشع، وتقشع وقشعته الريح قشعًا، وأقشع القوم وتقشعوا وانقشعوا إذا ذهبوا وافترقوا.
قصد: قال الجوهري: القصد إثبات الشيء تقول قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى، وقصدت قصده أي: نحوت نحوه، وأقصد السهم أي أصاب، والقصد العدل، والقصد بين الإسراف والتقتير، وهو مقتصد في النفقة، والقاصد القريب، يقال: يننا وبين الماء ليلة قاصدة أي: هينة السير لا تعب فيه ولا بطء. والقصيد: جمع قصيدة من الشعر كسفين جمع سفينة في أول باب غزاة أوطاس من صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: في رجل أراد قتله فقصدت له. وفي كتاب الأيمان من صحيح مسلم في باب من قتل رجلا من الكفار بعد أن قال لا إله إلا الله عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه: “أن رجلا من المشركين كان إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وأن رجلا من المسلمين قصد غفلته”. هذا لفظه بحروفه، وهكذا في مسلم مرتب هذا الترتيب، وفيه شيء يستظرف، وهو جمعه اللغات الثلاث في سطر واحد قصدت إليه وقصدت له وقصدته.
قصر: القصارة المذكورة في باب التفليس: وهو قصارة الثوب، هي بكسر القاف، وهكذا ما أشبهها من الصنائع مكسورة كلها.
قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه معاني القرآن العزيز في أول سورة البقرة في قول الله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (البقرة: من الآية7) وقال: كلما كان مشتملا على الشي فهو في كلام العرب مبني على فعالة نحو الغشاوة،
والعمامة والقلادة والعصابة، قال: وكذلك أسماء الصناعات، معنى الصناعة الاشتمال على كل ما فيها نحو الخياطة والقصارة، قال: وكذلك كل من استولى على شيء، فاسم ما استولى عليه الفعالة نحو الخلافة والإمارة، هذا كلام الزجاج.
وذكر الواحدي في البسيط في هذا الموضع مثله سواء، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: صلاة الأضحى والجمعة والعيدين ركعتان، قصر ذكره في بابي الجمعة والعيدين من المهذب معناه: شرعت ركعتين من أصلها، ولم تشرع أربعًا ثم قصرت. وقوله في المختصر في تفسير الحديث: أول الوقت رضوان الله تعالى، وآخره عفو الله تعالى. قال الشافعي: الرضوان إنما يكون للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين، في تسميته مقصر تأويلان لأصحابنا المتقدمين مشهوران في كتب المذهب، أحدهما: أنه مقصر بالنسبة إلى من صلى في أول الوقت، وإن كان لا إثم عليه. والثاني: مقصر بتفويت الأفضل، كما يقال من ترك صلاة الضحى فهو مقصر، وإن كان لا يأثم.
ويقال: قصر المسافر الصلاة وقصرها بتخفيف الصاد وتشديدها لغتان مشهورتان حكاهما جماعات: منهم ابن فارس في كتابه حلية الفقهاء، والتخفيف أفصح، وأشهر وبه جاء القرآن وروايات الأحاديث الصحيحة وهو القصر والتقصير، وهو رد الرباعية إلى ركعتين.
قصع: في الحديث: “ناقة تقصع بجرتها” قال الأزهري: قال أبو عبيد: القصع ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله أو تهشمه، ومنه قصع القملة، قال: وقصع الجرة شدة بعض الأسنان إلى بعض، قال أبو زيد: القصع هو المضغ بعد الدسع، والدسع هو أن تنزع الجرة من كرشها، وقال أبو سعيد: الضرير قصع الناقة الجرة استقامة خروجها من الجوف إلى الشدق غير متقطعة ولا نزرة، ومتابعة بعضها بعضًا، وإنما تفعل هذا إذا كانت مطمئنة ساكنة لا تسير، فإذا خافت شيئا قطعت الجرة ولم تخرجها، هذا كلام الأزهري.
قال صاحب المحكم: القصعة الصحفة تشبع العشرة، والجمع قصاع وقصع، وقصع الماء قصعا أبتلعه جرعا، وقصع الماء عطشه يقصعه قصعا، وقصعه سكنه وقتله، والقصع قتل الصؤاب والقملة بين الظفرين، وقصع البعير بجرته مضغها، وقيل: هو أن يردها إلى جوفه، وقيل: هو أن يملأ بها فاه.
قصى: في الحديث: “ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا
وقد استحوذ عليهم الشيطان عليك بالجماعة فإنما يأخذ الذئب القاصية” ذكره في صلاة الجماعة من المهذب، القاصية: البعيدة شبه صلى الله عليه وسلم تمكن الشيطان من المنفرد عن الجماعة، بتمكن الذئب من الشاة المنفردة البعيدة من الأهل والغنم.
قضى: قول الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} (الإسراء: من الآية23) مذكور في أول نفقة الأقارب من المهذب، قال الواحدي: قال عامة المفسرين وأهل اللغة: معنى قضى هنا أمر. وقال غيره: أوجب. وقيل: ووصى. وكذلك قرأها علي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، وروي هذا عن ابن عباس، قال: والتصقت إحدى الواوين بالصاد فصارت قافا. قال الفراء: تقول العرب تركته يقضي أمور الناس أي: يأمر فيها فينفذ أمره، والله تعالى أعلم، والقضاء الولاية المعروفة ممدود.
قال الأزهري: القضاء في الأصل إحكام الشيء والفراغ منه، ويكون القضاء أيضًا الحكم. وقيل للحاكم قاض لأنه يمضي الأحكام ويحكمها، ويكون قضى بمعنى أوجب فيجوز أن يكون سمي قاضيا لإيجابه الحكم على من يجب عليه، هذا آخر كلام الأزهري. وأما عمرة النبي صلى الله عليه وسلم المسماة عمرة القضاء وعمرة القضية فكانت في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالعمرة في ذي القعدة سنة ست، فصده المشركون ثم صالحهم، وقاضى سهيل بن عمرو على الهدنة ثم اعتمر في السنة السابعة. وقيل: لها عمرة القضاء والقضية لمقاضاة سهيل بن عمرو لا لأنها قضاء عمرة سنة ست بلى لما ذكرناه. ووقعت عمرة سنة سبع قضاء، وأما سنة ست فحسبت عمرة في الثواب، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة بأن عمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع: منها عمرة الحديبية سنة ست، وعمرة القضاء سنة سبع، وعمرة الجعرانة سنة ثمان، وعمرة مع حجة سنة عشر.
قطط: قولهم: ما فعلته قط، هي لتوكيد نفي الماضي، وفيها لغات: قط وقط بفتح القاف وضمها مع تشديد الطاء المضمومة فيهما، وقط بفتح القاف وتشديد الطاء المكسورة، وقط بفتح القاف وإسكان الطاء، وقط بكسر القاف وكسر الطاء المخففة.
قطع: قوله في المهذب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، ذكره في زكاة المعدن. قال الأزهري في تهذيب اللغة: يقال: استقطع فلان الإمام قطيعة، فأقطعه إياها إذا سأله أن يقطعها له ويبينها ملكا له فأعطاه إياها. قال الجوهري:
والاقطاع يكون تمليكا وغير تمليك. قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا صلى أحدكم فليصل إلى السترة، وليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته” ذكره في استقبال القبلة من المهذب: فيقطع مرفوع العين، وهذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه بهذا اللفظ عن سهل بن أبي خثمة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعل معناه - والله تعالى أعلم - أنه إذا لم يدن منها.
قال الأزهري: قال أبو عمرو: وقطاع النخل وقطاعه مثل الصرام والصرام، وأقطع النخل إقطاعا حان قطاعه، ومقاطع القرآن مواضع الوقوف ومبادئه مواضع الابتداء، وفلان قطع أي: شبهه في قده وخلقه، وجمعه أقطاع. قال الأزهري: ويقال قطع فلان رحمه قطعًا إذا لم يصلها، والاسم القطيعة، ويقال لقاطع رحمه قطعة وقطع بضم القاف وفتح الطاء، ويقال قطعت الحبل قطعًا فانقطع، وقطعت النهر قطعًا وقطوعا ومنقطع، كل شيء حيث ينقطع مثل منقطع الرمل والحرة وشبههما، والمقطع الشيء نفسه. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: غلبني فلان على قطعان من أرض يريد أرضا مفروزة مثل القطيعة، فإذا أردت قطعة من شيء قطع منه. قلت: قطعة والقطعة يعني بفتحتين موضع القطع من يد الأقطع، يقال ضربه بقطعته.
وقال الليث: يقولون قطع الرجل ولا يقولون قطع الأقطع لأن الأقطع لا يكون أقطع حتى يقطعه غيره، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل قطع أو قطع، قال: ويجمع الأقطع على قطعان. قال الليث: يقال قاطعت فلانا على كذا وكذا من الأجر، والعمل مقاطعة. قال: وسيف قاطع وقطاع ومقطع وكل شيء يقطع به فهو مقطع، والمقطع موضع القطع، والمقطع مصدر كالقطع، والمقطع غاية ما قطع، يقال: مقطع الثوب ومقطع الرمل للذي لا رمل وراءه، ورجل قطوع لإخوانه ومقطاع لا يثبت على مؤاخاة، وبنو قطيعة حي من العرب النسبة إليهم قطعي. قال: وقطاع الطريق الذين يعارضون أبناء السبيل فيقطعون بهم السبيل، وشيء حسن التقطيع إذا كان حسن القد، هذا آخر ما نقلته من كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: القطع إبانة بعض أجزاء الجرم من بعض فصلا، يقال قطعه يقطعه قطعا، وقطيعة وقطوعا، وقطعة واقتطعه فانقطع وتقطع، وشيء قطيع مقطوع، والقِطعة والقَطعة والقطاعة ما قطعته منه، وخص اللحياني بالقطاعة قطاعة الأديم والجوار، وهو ما قطع من الجوار أو من النخالة، وتقاطع
الشيء بان بعضه من بعض، وأقطعه أياه أذن له في قطعه، وحبل اقطاع مقطوع كأنهم جعلوه كل جزء منه قطعًا، وإن لم يتكلم به، وكذلك ثوب أقطاع وقطع، والأقطع المقطوع اليد، والجمع قطع وقطعان، ويد قطعاء مقطوعة، وقد قطع قطعا، والقَطعة والقِطعة موضع القطع من اليد.
وقيل: بقية اليد المقطوعة، ومقطع كل شيء ومنقطعه آخره، وقطع به النهر وأقطعه إياه وأقطعه به جاوزه، وهو من الفصل بين الأجزاء، وانقطع الشيء ذهب وقته ومنه انقطع الحر والبرد، وانقطع كلامه وقف فلم يمض، وقطع لسانه أسكته بإحسانه إليه، وانقطع لسانه ذهبت سلاطته، وقطعه قطعا وأقطعه بكته، وهو قطيع القول ومنه قطع، وقطع قطاعة وأقطعت الداجة انقطع بيضها، وقطع به وانقطع وأقطع وأقطع ضعف عن النكاح، وانقطع بالرجل والبعير كلاً، والقطع والقطيعة الهجران ضد الوصل، وتقاطع القوم تصارموا، وقطع رحمه قطعا، ورجل قطعة وقطع ومقطع وقطاع يقطع رحمه، واقتطع طائفة من الشيء أخذه، والقطيعة ما اقتطعته منه، وأقطعني إياها أذن لي في اقتطاعها، واستقطعه إياها سأله أن يقطعه إياها، والقطيع الطائف من الغنم والنعم ونحوه، فالغالب عليه أنه من عشر إلى أربعين. وقيل: ما بين خمس عشرة إلى خمس وعشرين، والجمع أقطاع وأقطعة وقطعان وقطاع وأقاطيع.
قال سيبويه: وهو مما جمع على غير بناء واحده، ونظيره عنده حديث وأحاديث، والقطعة كالقطيع والقطع، والقطاع اللصوص يقطعون الأرض، والقطع والقطعة والقطيع والقطع والقطاع طائفة من الليل تكون من أول الليل إلى ثلثه، وقطع الجواد الحبل خلفه ومضى، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قطف: قوله في الوسيط في بيع الأصول والثمار: الإبقاء مستحق للبائع إلى أوان القطاف يعني إلى أوان قطعه، يقال: قطاف وقطاف بكسر القاف وفتحها.
قال صاحب المحكم: قطف الشيء يقطفه قطفًا وقطفانا وقطافا وقطافا قطعه، والقطف ما قطف من الثمر، وهو أيضا العنقود ساعة يقطف، والجمع قطوف والقطاف، والقطاف: أوان قطف الثمر، وأقطف العنب حان أن يقطف. وقال الجوهري: القطاف بالكسر العنقود. وقال الهروي: القطف العنقود، وهو اسم لكل ما يقطف كالذبح والطحن. قولهما في باب الإجارة: الدابة القطوف هي بفتح
الطاء، وهو البطء في السير.
قعد: قال صاحب المحكم: القعود نقيض القيام، قعد يقعد قعودًا، وأقعدته وقعدت به، والمقعد والمقعدة، والمقعدة مكان القعود. قال سيبويه: هو مني مقعد القابلة، وذلك إذا دنا فالتزق من بين يديك، يريد بتلك المنزلة ولكنه حذف وأوصل، كما قالوا دخلت البيت أي في البيت، ومن العرب من يرفعه ويجعله هو الأول على قولهم انت مني مرأى ومسمع. والقعدة بالكسر الضرب من القعود، وبالفتح المرة الواحدة منه، وذو القعدة إسم شهر كانت العرب تقعد فيه وتحج في ذي الحجة.
وقولهم في الدعاء: إن كنت كاذبًا فحلبت قاعدًا معناه: ذهبت إبلك فصرت تحلب الغنم لأن حالب الغنم لا يكون إلا قاعدًا، وأقعد الرجل لم يقدر على النهوض، وبه قعاد أي داء يقعده، وما قعدك واقتعدك أي حبسك، ورجل قعدى وقعدى عاجز كأنه يؤثر القعود والقعدة والقعودة. والقعود من الإبل ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد، والجمع أقعدة. وقعد وقعدان وقعائد واقتعدها اتخذها قعودًا. وقيل: القعود القلوص. وقيل: القعود البكر إلى أن يثنى ثم هو جمل والقعود أيضًا الفصيل، وقاعد الرجل قعد معه، وقعيد الرجل مقاعده، وقعيدا كل إنسان حافظاه عن اليمين وعن الشمال، وقعيدة الرجل وقعيدة بيته امرأته، وقعدت المرأة عن الحيض والولد تقعد قعودا فهي قاعد انقطع عنها، والقاعدة والقاعد أصل الأس والقعدد، والقعدد الجبان اللئيم القاعد عن الحرب والمكارم، والقعدد الخامل والقعدد والقعدد أملك القرابة في النسب، وفلان أقعد من فلان أي أقرب منه إلى جده الاكبر، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري: قال أبو الهيثم: القواعد من صفات الإناث، لا يقال رجال قواعد ويقال رجل قاعد عن الغزو، وقوم قعاد وقاعدون، وقعدك الله مثل نشدتك، وقعدك الله أي الله معك، وقعيدك الله لتفعلن كذا القعيد الاب، وقعدت الرجل وأقعدته خدمته. قال الفراء: تقول العرب قعد فلان يشتمني وقام يشتمني بمعنى طفق وجعل. وقال أبو عمرو: القعدد القريب النسب من الجد الأكبر، والقعدد البعيد النسب من الجد الأكبر وهو من الأضداد. وقال النضر بن شميل: القعود في الإبل من الذكور، والقلوص من الإناث. وقال ابن الأعرابي: البكرة الأنثى قلوص، والبكر الذكر قعود، إلى أن يثنيا ثم هو جمل.
قال الأزهري: وعلى هذا التفسير قول من شاهدت من العرب لا يكون القعود إلا البكر الذكر، وجمعه قعدان والقعادين جمع الجمع، قال: ولم نسمع قعودة بالهاء لغير الليث. وأخبرني المنذري: أنه قرأ بخط أبي الهيثم ذكر الكسائى: أنه سمع من يقول قعودة للقلوص وللذكر قعود. قال الأزهري: وهذا عند الكسائى من نادر الكلام الذي سمعه من بعضهم، وكلام أكثر العرب على غيره. قال ابن السكيت: ما يقعدني عن ذلك الأمر إلا شغل أي ما حبسني. قال ابن الأعرابي: القعد الشراة الذين يحكمون ولا يحاربون. قال الأزهري: هو جمع قاعد كحارس وحرس وخادم وخدم، والقعدي من الخوارج الذي يرى رأي القعد الذين يرون التحكيم حقًا، غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس، هذا آخر كلام الأزهري.
قعر: قال صاحب المحكم: قعر كل شيء أقصاه، وجمعه قعور، ونهر قعير بعيد القعر، وكذلك بئر قعيرة وقعير وقد قعرت قعارة وقصعة قعيرة كذلك، وقعر البئر يقعرها قعرًا انتهى إلى قعرها، وكذا الإٌناء إذا شربت جميع ما فيه حتى تنتهى إلى قعره، وقعر الثريدة أكلها من قعرها، وأقعر البئر جعل لها قعرا. وقال ابن الأعرابي: قعر البئر يقعرها عمقها وقعر الحفر كذلك، ورجل بعيد القعر أي الغور، وقعر الفم داخله، وقعر في كلامه وتقعر تشدق، وتكلم بأقصى قعر فمه، ورجل قيعر وقيعار متقعر في كلامه، وإناء قعران في قعره شيء، وقصعة قعرى وقعرة فيها ما يغطي قعرها، واسم ذلك الشيء القعرة، والقعرة وقعب مقعار واسع بعيد القعر، والمقعر الذي يبلغ قعر الشيء، وامرأة قعرة وقعيرة بعيدة الشهوة. وقيل: هي التي تجد الغلمة في قعر فرجها، وضربه فقعره أي: صرعه، وقعر النخلة والشجرة قطعها من أصلها فسقطت وانقعرت. وقيل: كل ما انصرع فقد انقعر وتقعر، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري: قعر الرجل بالتشديد إذا روى فنظر فيما يغمض من الرأي حتى يستخرجه. وقال ابن الأعرابي: القعر بفتحتين العقل التام، ويقال: ما خرج من أهل هذا القعر أحد مثله، كقولك من أهل هذا الغائط مثل البصرة والكوفة.
قعل: قال أهل اللغة: القعال ما تناثر عن نور العنب وشبهه من كمامه، واحدته قعالة، وأقعل النور انشقت عنه قعالته، والاقتعال تنحية القعال، والقاعلة
الجبل الطويل، وجمعه قواعل، والمقتعل السهم الذي لم يبر بريا جيدًا، والقعولة في المشي إقبال القدم كله على الأخرى، هذا كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري: القيعلة المرأة الجافية الغليظة وأيضًا العقاب الذي يسكن قواعل الجبال، والاقتعال الانتصاب في الركوب، وصخرة مقعالة منتصبة لا أصل لها في الأرض.
قفز: قد تكرر استعمال القفيز في كتب الفقه، ويريدون به التمثيل، والقفيز في الأصل مكيال معروف، وهو مكيال يسع اثني عشر صاعا، والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، هكذا قاله أهل اللغة وأصحاب الغريب وغيرهم. قال أبو منصور الأزهري في شرح ألفاط المختصر: الأردب أربعة وعشرون صاعا وهو أربعة وستون منا، والقيعل نصف الأردب، قال: والكرستون ففيزًا، والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف وهو ثلاث كيلجات، والصاع خمسة أرطال وثلث رطل، والمد ربع الصاع، والفرق ثلاثة أصوع، وهي ستة عشر رطلا.
قال الإمام أبو منصور الأزهري: وأخبرني المنذري عن المبرد أنه قال القسط وزن أربعمائة واحد وثمانين درهما. وقال في الصحاح: والقسط مكيال وهو نصف صاع. وفي الغريبين للهروي عن أبي عبيدة: أن القسط والوسق ستون صاعا، والبهار وزن ثلاثمائة رطل، والكر اثنا عشر وسقا، وهو الوقر، هذا آخر كلام الأزهري نقلته بحروفه وكماله لكثرة فوائده.
وأما القفاز الذي يلبس ذكره في باب الإحرام، وفي باب ستر العورة من المهذب: وهو بضم القاف وتشديد الفاء، وهو لباس للكف يتخذ من الجلود وغيرها، تلبسه نساء العرب ليقي أيديهن الحر ويحفظ نعومتها، ويلبسه أيضًا حملة الجوارح من البزاة وغيرها.
قلت: قوله في المهذب في باب الحجر: والقرض يروى أن المسافر وماله لعلي، قلت: قوله يروى أي: ليس هذا خبرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو من كلام بعض السلف. قيل: إنه عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وذكر ابن السكيت والجوهري في صحاحه: إن لبعض الأعراب، والقلت بفتح القاف واللام وآخره تاء مثناة من فوق وهو الهلاك. قال الجوهري: تقول منه قلت بكسر اللام والمقلتة بفتح الميم المهلكة.
قلج: القولنج المذكور في باب الوصية مرض معروف، وهو بضم القاف وإسكان
الواو وفتح اللام، ويقال فيه قولون وليس بعربي، وهو مرض يحدث بالأمعاء.
قلح: القلح المذكور في باب السواك بفتح القاف واللام. قال الجوهري وغيره: صفرة تعلو الأسنان. وقال صاحب المحكم: القلح والقلاح يعني بضم القاف في الناس وغيرهم. قال: وقيل: هو أن تكثر الصفرة على الأسنان، وتغلظ ثم تسود، أو تحضر. قال: وقد قلح يعني بكسر اللام، وكذلك صرح به الجوهري قلحًا فهو قلح وأقلح، وجمع الأقلح قلح، ومنه الحديث: “لا تدخلوا علي قلحا”.
قلد: التقليد قبول قول المجتهد والعمل به. وقال القفال في أول شرح التلخيص: هو قبول قول القائل إذا لم يعلم من أين قاله. وقال الشيخ أبو إسحاق: هو قبول القول بلا دليل. قال القفال: كأنه جعل قادة له.
قلس: في الحديث: “من قاء في صلاته أو قلس” هو بفتح القاف واللام. قال الجوهري: القلس يعني بإسكان اللام هو القذف، وقد قلس يقلس فهو قالس. قال: وقال الخليل: القلس ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه، وليس هو بقيء فإن عاد فهو القيء، هذا كلام الجوهري.
قلت: وقوله: قاء أو فلس يحتمل أن يكون شكا من الراوي في إحدى اللفظتين، ويحتمل أن يكون للتقسيم يعني سواء كان هذا أو ذاك، وهذا الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، وأما القلنسوة التي تلبس فالنون فيها زائدة، وهي معروفة، وفيها لغتان ذكرهما الجوهري وغيره. قال الجوهري: القلنسوة والقلنسية إذا حسنة القاف ضممت السين، وإذا ضممت القاف كسرت السين وقلبت الواو ياء، فإذا جمعت أو صغرت فأنت بالخيار في حذف الواو والنون لأنهما زائدتان، فإن شئت حذفت الواو فقلت قلانس، وإن شئت حذفت النون فقلت قلاس، وإنما حذفت النون لالتقاء الساكنين، وإن شئت عوضت فيهما ياء فقلت قلانيس أو قلاسي، وتقول في التصغير قلينسة، وإن شئت قلت قليسية، ولك أن تعوض فيهما فتقول قلينيسة، وقليسية بتشديد الياء الأخيرة، وإن جمعت القلنسوة بحذف الهاء فقلت قلنس وأصله قلنسو، إلا أن الواو رفضت لأنه ليس في الأسماء اسم آخره حرف علة وقبله ضمة، فإذا أدى إلى ذلك قياس وجب رفضه، وتبدل من الضمة كسرة فيصير آخر الاسم ياء مكسورًا ما قبلها فيصير كقاض وغاز في التنوين، وكذا
القول في أحق وأدل جمع حقو ودلو، ويقال قلسيته فتقلسي وتقلنس وتقلس أي: ألبسته القلنسوة فلبسها، هذا آخر كلام الجوهري.
قلع: قولهم: فإذا حاصر الإمام قلعة هي بفتح القاف وإسكان اللام، وهي الحصن وجمعه قلوع، قاله الأزهري عن ابن الأعرابي، وسيأتي كلام صاحب المحكم فيها.
قال الأزهري: وأقلع الرجل عن عمله إذا كف عنه، والقلاع الساعي إلى السلطان بالباطل، والقلاع القواد، والقلاع النباش، والقلاع الكذاب. قال ابن الأعرابي: القلاع الذي يقع في الناس عند الأمراء يسمى قلاعا لأنه يأتي المتمكن عند الأمير فلا يزال يقع فيه ويشي به حتى يزيله، ويقلعه من مرتبته، والقلاع شراع السفن، والجمع قلع، والقلاع والخراع واحد، وهو أن يكون صحيحا فيقع ميتا، وانقلع وانخرع والقلع الكنف تكون فيه الأدوات، والقلعة يعني بفتح القاف واللام السحابة الضخمة، والجمع قلع، والحجارة الضخمة أيضًا قلع، والقلع بكسر القاف وإسكان اللام الرجل البليد الذي لا يفهم، والقلع أيضا الذي لا يفهم، والقلع أيضا الذي لا يثبت على الخيل، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم “إذا مشى تقلع”، وفي رواية: “إذا زال زال تقلعا” معناهما واحد أي يرفع رجليه رفعا ثابتا لا كمن يمشي اختيالا، والقليع المرأة الضخمة الجافية، وكل هذا مأخوذ من القلعة، وهي السحابة الضخمة، وكذلك قلعة الجبل والحجارة.
قال الفراء: القلاعة والقلاعة تخفف وتشدد هي قشر الأرض الذي يرتفع عن الكمأة، قال: ومرج القلعة اسم للقرية التي دون حلوان، ولا يقال القلعة. قال الأصمعي: القلع الوقت الذي تقلع فيه الحمى، والقلوع اسم من الانقلاع، قال الليث: القلاع الطين الذي ينشق إذا أنضب عنه الماء كل قطعة منه قلاعة يعني بالتشديد فيهما، والقلاع بالتخفيف من أدواء الفم معروف، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: القلع انتزاع الشيء من أصله قلعه يقعله قلعا وقلعه واقتلعه وانقلع واقتلع وتقلع. قال سيبويه: قلعت الشيء حولته عن موضعه، واقتلعته لمولاهم والقلاع والقلاعة والقلاعة قشر الأرض الذي يرتفع عن الكمأة فيدل عليها، والقلاع أيضًا الطين الذي يتشقق إذا نضب عنه الماء فكل قطعة منه قلاعة، والقلاع أيضًا الطين اليابس، واحدته قلاعة، والقلاعة المدرة المقتلعة، ورمى بقلاعة أي: بحجة
تسكته، وهي على المثل، والقلاع صخور عظام مقتلعة، واحدته قلاعة، والقلعة صخرة عظيمة تنقلع عن الجبل صعبة المرتقى، والقلعة حصن منيع في جبل، وجمعها قلاع وقلع. وقيل: القلعة بسكون اللام حصن مشرف، وجمعه قلوع، وقلع الوالي قلعا وقلعة فانقلع عزل، والدنيا دار قلعة أي: انقلاع، والقلعة من المال ما لا يدوم، والقلعة الرجل الضعيف، وقلع الرجل قلعا، وهو قلع وقلع وقلعة وقلعة وقلاع لم يثبت على السرج، والقلع والقلع الكنف، وجمعه قلعة وقلاع، وأقلع المطر والحمى وغيرهما انجلى، والقلع حين إقلاع الحمى، والقلعة الشقة وجمعها قلع، والقلوع طائر أحمر الرجلين، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
قلل: قوله في الركوع: “وما استقلت به قدمي” معناه: حملته. قال صاحب المحكم: استقله حمله ورفعه. قال ابن الأثير في كتابه الشافي في شرح مسند الشافعي رضي الله تعالى عنه في قوله: “وما استقلت به قدمي” أقللت الشيء واستقللت به إذا حملته، قال: والسين في استقللت يجوز أن تكون سين التكلف والتعاطي، وأن تكون سين التفرد بالشيء والمراد به ما حملته قدمي أي: جميع جسمي، قال: وفائدة قوله: “وما استقلت به قدمي” بعد قوله “سمعي وبصري وعظمي”، وإن كانت هذه الأشياء قد جمعت أكثر جسد الإنسان، فإنه تأكيد وتتميم لما عسى أن يكون قد أحل به هذا اللفظ فلم يشمله فاستدرك، فقال: “ما استقلت به قدمي” فأنى بهذا اللفظ الحاوي لجميع البدن.
قمط: في باب الصلح من الوسيط معاقد القمط. قال أهل اللغة: القمط بكسر القاف وإسكان الميم ما تشد به الاخصاص. قال الجوهري: القمط يعني بكسر القاف وإسكان الميم ما تشد به الاخصاص، قال: ومنه معاقد القمط. قال الشافعي رحمه الله تعالى في المختصر: ولا نظر إلى من إليه الدواخل ولا الخوارج ولا أنصاف اللبن ولا معاقد القمط. قال الأزهري في شرح المختصر: والخوارج ما خرج من أشكال البناء مخالف لأشكال ناحيته، وذلك تحسين وتزيين لا يدل على ملك يثبت وحكم يجب، قال: ومعاقد القمط يكون في الأخصاص التي تبنى وتسوى من الحصر وشقايف الخوص، قال: والقمط هي الشرط، وهي حبال دقاق تشد بها الحصر التي تسقف بها الاخصاص وحواجزها، فلا يحكم بمعاقدها ودواخلها وخوارجها
لأنها لا تثبت ملكا، وإن كان العرف جرى أن ما دخل يكون أحسن مما خرج، هذا آخر كلام الأزهري.
قمل: القمل معروف واحدتها قملة، وقد قمل رأسه بفتح القاف وكسر الميم قملا بالفتح فيهما إذا كثر قمله. قال في المحكم: ويقال لها قمال يعني في الواحدة.
قنا: قوله في باب الحيض من المهذب: “دم الحيض هو المحتدم القانىء الذي يضرب” والقانىء بهمز آخر كالقارىء يقال: قنأ يقنىء فهو قانىء مثل قرأ يقرأ فهو قارىء، والمصدر قنوء على وزن ركوع هذا أصله، ويجوز تخفيف همزته. قال أهل اللغة: القانىء هو الذي اشتدت حمرته. وقال أصحابنا: هو الذي اشتدت حمرته حتى صارت تضرب إلى السواد.
قنت: قال الجوهري: القنوت الطاعة هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى:{وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ} (الأحزاب: من الآية35) ثم سمي القيام في الصلاة قنوتا، ومنه الحديث: “أفضل الصلاة طول القنوت” ومنه قنوت الوتر، هذا آخر كلام الجوهري.
قنطر: قال الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} (النساء: من الآية20) قال أبو البقاء العكبري في إعرابه في أول سورة آل عمران: النون في القنطار أصل ووزنه فعلال مثل حملان، قال: وقيل: النون زائدة، واشتقاقه من قطر يقطر إذا جرى، والذهب والفضة يشبهان الماء في الكثرة وسرعة التقلب، هذا كلام أبي البقاء وجزم أبو منصور الجواليقي في كتابه المعرب حكاية عن ابن الانبارى والمشهور في كتب اللغة: أنه رباعي ونونه أصل، وبهذا جزم الهروي في الغريبين والزبيدي في مختصر العين، وذكر المفسرون في قوله تعالى في سورة آل عمران في والقنطير اختلافا كثيرا، فذهب جماعة إلى أن القنطار هو مال عظيم محدود. وحكى أبو عبيدة عن العرب: أنهم يقولون هو وزن لا يحد، وذهب الأكثرون إلى تحديده ثم اختلفوا فقيل: هو اثنا عشر ألف أوقية، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه ألف دينار. وقيل: ألف ومائتا أوقية، رواه أبي بن كعب وهو قول ابن عمر ومعاذ بن جبل، ورواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وقيل: اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار وهو قول الحسن. وقيل: هو ملأ جلد ثور ذهبًا أو فضة. وقيل: هو ثمانية آلاف مثقال ذهب أو فضة. وقيل: أربعة آلاف دينار. وقيل: ألف ومائتا مثقال. وقيل: ثمانون ألفا. وقيل:
سبعون ألفا. وقيل: أربعون مثقال. وقيل: غير ذلك. والله تعالى أعلم.
قنع: قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحج: من الآية36) تقدم تفسيرهما في حرف العين في فصل عرر. والمقنعة والمقنع بكسر الميم فيهما اسم لما تقنع به المرأة رأسها، قاله اللحياني وصاحب المحكم وغيرهما. قال صاحب المحكم: قنع بنفسه قنعا، وقناعة رضي، ورجل قانع من قوم قنع وقنع من قنعين وقنيع من قنيعين وقنعاء، وامرأة قنيع وقنيعة من نسوة قنائع، ورجل قنعاني وقنعان ومقنع وكلاهما لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث يقنع به ويرضى برأيه وقضائه، وربما ثني وجمع وفلان قنعان من فلان لنا أي: تقنع به بدلا منه، يكون ذلك في الدم وغيره، ورجل قنعان يرضى باليسير، وقنع يقنع قنوعا ذل للسؤال. وقيل: سأل وقد استعمل القنوع في الرضى. وقيل: هي قليلة، حكاهما ابن جني، وأنشد فيهما بيتين. وقيل: القنوع الطمع، والقانع خادم القوم وأجيرهم.
وفي الحديث: “لا تقبل شهادة القانع” وأقنع يديه في القنوت مدهما، واسترحم ربه سبحانه وتعالى، وأقنع رأسه رفعه، وشخص ببصره نحو الشيء لا يصرفه عنه، وأقنعت الإناء في النهر استقبلت به جريته ليمتلىء أو أملته لتصب ما فيه، وقنعه بالسيف والسوط والعصا علاه به، والقنوع بمنزلة الحدور من سفح الجبل مؤنث، والقنع ما بقي من الماء في قرب الجبل، والمقنع والمقنعة ما تغطي به المرأة رأسها، والقناع أوسع من المقنعة، وقد تقنعت به وقنعت رأسها، وألقى عن وجهه قناع الحياء وهو على المثل، وربما سموا الشيب قناعا لكونه موضع القناع من الرأس، ورجل مقنع عليه بيضة ومغفر، وتقنع في السلاح دخل، والمقنع المغطى رأسه، والقنع والقناع الطبق من عسب النخل يوضع فيه الطعام، والجمع أقناع وأقنعة، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري: قال ابن السكيت: من العرب من يجوز القنوع بمعنى القناعة، وكلام العرب الجيد الفرق بينهما، وأقنعني كذا أي: أرضاني، والقناع والمقنعة ما تغطي به المرأة رأسها ومحاسنها من ثوب. وقال الليث: القناع أوسع من المقنعة. قال الأزهري: ولا فرق عند الثقات من أهل اللغة بين القناع والمقنعة، وهو مثل اللحاف والملحفة والقرام والمقرمة، هذا آخر كلام الأزهري.
قنن: العبد القن بكسر القاف
وتشديد النون هو عند الفقهاء: من لم يحصل فيه شيء من أسباب العتق ومقدماته بخلاف المكاتب والمدبر والمعلق عتقه على صفة والمستولدة هذا معناه في اصطلاح الفقهاء، وسواء كان أبواه مملوكين أو معتقين أو حرين أصليين بأن كانا كافرين واسترق هو أو أحدهما بصفة، والآخر بخلافها. وأما أهل اللغة: فإنهم يقولون القن هو العبد إذا ملك هو وأبواه كذا صرح به صاحب المجمل والجوهري وغيرهما. قال الجوهري: ويستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث، قال: وربما قالوا عبيد أقنان لم يجمع على أقنة، والله تعالى أعلم.
قال الجوهري: القوانين: الأصول، واحدها قانون وليس بعربي. قال: مستهلكها بكسر القاف والتشديد هي ما يجعل فيه الشراب، والجمع القناني.
قهد: قوله في المهذب في باب الربا في بيت لبيد:
لمقعر قهد
هو بفتح القاف وسكون الهاء. قال الجوهري في هذا البيت: القهد مثل القهب، وهو الأبيض الأكدر. وقال صاحب المحكم: القهد الأبيض، قال: وخص بعضهم به البيض من أولاد الظباء والبقر. قال: وجمعه قهاد.
قول: قال أهل اللغة: القول والقال والقيل والقولة، وأما قول الأصحاب جاز. وقيل: لا يجوز، وشبه ذلك فهو ترجيح للأول، وأن الاعتماد عليه والثاني ضعيف. قال الرافعي: في أول استقبال القبلة إذا أطلق المذهبيون الحكم ثم قالوا: وقيل: كذا فهو إشارة إلى ترجيح الأول إلا إذا نصوا على خلافه. قلت: وقوله: إلا إذا نصوا على خلافه فيه فائدة حسنة يجاب بها عن قوله في التنبيه في مواضع قليلة، منها قوله في كتاب الغصب: وإن أراد صاحب الثوب قلع الصبغ وامتنع الغاصب أجبر. وقيل: لا يجبر وهو الأصح.
قيأ: القيء معروف الفعل منه قاء بالمد. قال الأزهري في باب العين: والثاء المثلثة. قال ابن الأعرابي: قع يقع وايقع يقع واثع يثع وهاع وياع كل ذلك إذا قاء. قال الأزهري: وروى الليث هذا الحرف تع بالتاء المثناة من فوق إذا قاء. قال الأزهري: وهذا خطأ إنما هو بالمثلثة لا غير، هذا كلام الأزهري. وقال صاحب المحكم في باب العين: والتاء المثناة تع تعًا واتع قاء كثع كلاهما عن ابن دريد، ثم قال في باب العين: والمثلثة ثععت يعني بكسر العين ثعا وثععا وتععت قئت وتععت بفتح العين اتع بكسرها تعا مثلها. وقال