الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في أسماء المواضع
لوب: قوله: "ما بين لابتيها أهل بيت" وفي المهذب: "ما بين لابتي المدينة" بفتح الباء وهما تثنية لابة بلا همز واللابة الحرة، وهي أرض ملسة حجارة سوداء، والمدينة زادها الله تعالى شرفا بين لابتين في جانبي الشرق والغرب. قال الجوهري: ويقال فيها لابة ولوبة، وجمعها لاب ولوب ولابات. قال: وقال أبو عبيدة: يقال لوبة ونوبة. ومنه قيل للأسود لوبي ونوبي.
حرف الميم
ما: قال الإمام السيد الشريف النسب العلامة ذو الشرفين أبو السعادات هبة الله بن عبد الله بن علي بن محمد بن حمزة العلوي الحسني المعروف بابن الشجري رضي الله تعالى عنه: وكان مولده سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفي في شهر رمضان سنة اثنين وأربعين وخمسمائة، قال في كتاب الأمالي: ما يتصرف من المعاني كتصرف ما، وهي تنقسم إلى ضربين: إسم وحرف، فالإسمية: تنقسم إلى ستة أضرب وكذا الحرفية، فالضرب الثاني كونها استفهامية كقولك ما معك، فما في موضع رفع بالابتداء، فإن قلت ما أخرت كانت في موضع نصب لأن الفعل مشغول عنها، فإن أدخلت عليها حرف خفض لزمك في الأغلب حذف ألفها من اللفظ، والخط تقول: عم سألت وفيم جئت فرقوا بهذا بينها وبين الخبرية التي بمعنى الذي كما جاء في التنزيل: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (النبأ:1){وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} (الأنعام: من الآية132) وقال في الاستفهامية: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (الحجر: من الآية54) وقال في الخبرية: {بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (البقرة: من الآية4) ومن العرب من يقول لم فعلت بإسكان الميم، قال ابن مقبل:
فما روعن منك ولا سبينا
أاحظل لم ذكرت نساء قيس
وقال الآخر:
لهموم طارقات وذكر
يا أبا الأسود لم خليتني
قال: ومن العرب من يثبت الألف، فيقول: لما تفعل كذا وفيما جئت وعلى ما تشتمني، قال حسان:
كخنزير تمرغ في دمان
على ما قام يشتمني لئيم
الدمان السرجين. وقال آخر:
أهل اللواء ففيما يكثر القتل
إنا قتلنا بقتلانا سراتكم
قال: وإنما يستفهمون بما ذوي العقول من الحيوان وغيره، وقد يستفهمون بها عن صفات ذوي العقل نحو: أن تقول من عندك، فيقول: زيد، فلا تعرفه باسمه، فتقول: وما زيد، فيقول: شاب عطار أو شيخ بزاز كما جاء في التنزيل. {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:23) وقال بعض النحويين: إنها قد تجيء بمعنى من واستشهد بقوله تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} (التين:7) قال: والمعنى فمن يكذبك لأن التكذيب لا يكون إلا من الآدميين، واستشهد أيضا بما حكاه أبو زيد عن العرب في ما الخبرية: سبحان ما سخركن لنا، هذا ما ذكره ابن الشجري.
مترس: قوله في فصل الأمان من باب السير من المهذب: إذا قال للحربي مترس فهو أمان هو بميم ثم تاء مثناة من فوق مفتوحتين ثم راء ثم سين مهملتين ساكنتين، ومعناه: لا تخف وهي لفظة فارسية، وقد حققت ما ذكرته فيها. وذكر صاحب مطالع الأنوار: أن فيها خلافا منهم من ضبطها كما ذكرناه، ومنهم من ضبطها بإسكان التاء وفتح الراء، ومنهم من يقول مطرس يبدل التاء طاء.
مثل: ذكر في المهذب في باب المصراة حديث ابن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل - أو مثلي - لبنها قمحا” هكذا وقع في المهذب مثل أو مثلي بالتثنية في قوله أو مثلي، وهكذا رواه أبو داود في سننه ورواه ابن ماجه من الطريق التي رواها أبو داود ولفظه: “فإن ردها رد معها مثل لبنها” أو قال: “مثل لبنها قمحا” فلفظة مثل مفردة في الموضعين، وهكذا ذكره البيهقي في معرفة السنن والآثار، ولفظه “رد معها مثل” أو قال “مثل لبنها قمحا” وإنما ذكرت هذه الروايات ليتضح أو يتبين أن لفظة أو في قوله أو مثل للشك لا للتقسيم، واختلاف الحال كما قاله بعضهم، وقد تقدم في حرف الحاء عند ذكر المحفلة بيان: أن هذا قوي.
قال أهل اللغة: يقال مثل بالقتيل والحيوان تمثل مثلا بالتخفيف في الجمع كقتل يقتل قتلا إذا قطع أطرافه أو كلاهما أو أذنه أو مذاكيره ونحو ذلك، والاسم المثلة، قالوا: وأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة.
مثن: قوله في المهذب في باب الصيام: لأن مما يصل إلى المثانة لا يصل إلى
الجوف هي المثانة بفتح الميم وبعدها ثاء مثلثة مخففة ثم ألف ثم نون مخففة ثم هاء. قال صاحب المحكم: المثانة مستقر البول من الرجل والمرأة، ومثن مثنا فهو مثن وأمثن، والأنثى مثناء اشتكى مثانته، ومثن مثنا فهو ممثون ومثين كذلك رجع المثانة، وهو أيضا أن لا يستمسك البول فيها.
مجد: قوله في الدعاء في التشهد: “إنك حميد مجيد”. قال الواحدي: الحميد الذي تحمد فعاله، وهو بمعنى المحمود والله تعالى الحميد المحمود المستحمد إلى عباده، قال: والمجيد الماجد وهو ذو الشرف والكرم، يقال: مجد الرجل يمجد مجدا ومجادة ومجد يمجد لغتان، قال الحسن والكلبي: المجيد الكريم وهو قول أبي إسحاق. وقال ابن الأعرابي: المجيد الرفيع. قال أهل المعاني: المجيد الكامل الشرف، والرفعة، والكرم، والصفات المحمودة، وأصله من قولهم: مجدت الدابة إذا أكثرت علفها، رواه أبو عبيد عن أبي عبيدة.
قوله في الاعتدال من الركوع: “أهل الثناء والمجد أهل منصوب على النداء” قيل: ويجوز رفعه أي: أنت أهل الثناء. قال ابن دريد في الجمهرة: المجد لله عز وجل الثناء الجميل يقال: سبح الله تعالى ومجده أي: ذكر آلاءه، ذكره في الوسيط في أسنان الزكاة المجيدية. قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: ثبت من وجوه أن المجيدية بضم الميم وفتح الجيم.
مجر: في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: “أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المجر” وفسره في المهذب أنه اشتراء ما فى الأرحام، وهكذا فسره غيره، وهو بفتح الميم وإسكان الجيم، والمشهور في كتب اللغة أنه اشتراء ما في بطن الناقة خاصة. وقال الرافعي: فسره أبوعبيد بما في الرحم. قال: وقيل: هو الربا. وقيل: هو المحاقلة والمزاينة، وقد سبق ذكرهما.
مجن: قال الجوهري: قولهم مجانا أي: بلا بدل. قال: وهو فعال لأنه مصروف، والمجن بكسر الميم الترس.
مجنق: قال الجوهري: المنجنيق هو الذي ترمى به الحجارة معربة، وأصلها بالفارسية من جه نيك أي: ما أجودني وهي مؤنثة. وقال بعضهم: تقديرها مفعليل لقولهم كنا نجنق مرة ونرشق مرة، والجمع منجنيقات. وقال سيبويه: هو فنعليل الميم أصلية لقولهم في الجمع مجانيق وفي التصغير مجينيق هذا كلام الجوهري، ولم يذكر هو وكثيرون إلا فتح الميم، وذكر الجواليقي فتحها وكسرها.
مدد: قوله في باب الأذان من المهذب والتنبيه: “يتشهد مرتين سرا ثم يرجع فيمد صوته” قال جماعة: قوله فيمد ليس بجيد، وصوابه فيرفع صوته، فإن المد لا يلزم أن يكون فيه رفع، والمراد الرفع، وهذا الذي أنكروه ليس بمنكر بل يصح استعمال مد صوته بمعنى رفعه، وقد سمع ذلك عن العرب، وقد روينا في مسند أبي عوانة الاسفرايني عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، قال أصاب النبي صلى الله عليه وسلم غنيمة فأخذت منها سيفا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلنيه، فقال: “رده” فرجعت إليه مرة أخرى فقلت: أعطنيه فمد لي صوته، وقال: “رده من حيث أخذته” فقوله: فمد لي صوته معناه رفعه وزجرني عن ذلك.
مدن: المدينة معروفة والجمع مدائن بالهمز ومدائن بلا همز لغتان الهمز أفصح وأكثر وبه جاء القرآن، قال الجوهري: يقال مدن بالمكان أي: أقام به، ومنه سميت المدينة وهي فعيلة، وتجمع على مدائين بالهمز وعلى مدن ومدن بإسكان الدال وضمها، قال: وفيه قول آخر: أنها مفعلة من دنت أي: ملكت، قال: وسألت أبا علي الفسوي عن همز مدائن، فقال: فيه قولان من جعله فعيلة من قولك مدن بالمكان همزة ومن جعله مفعلة من قولك دين أي: ملك لم يهمزه كما لا يهمز معايش. قال: وإذا نسبت إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم قلت: مدني، وإذا نسبت إلى مدينة المنصور قلت: مديني، وإذا نسبت إلى مدائن كسرى، قلت: مدائني للفرق بين النسب لئلا يختلط هذا كلام الجوهري. وقوله في الفرق بين الأنساب هذا هو الأغلب، وقد جاء بخلافه وذلك معروف عند أهل الحديث، وقال قطرب وابن فارس هي من دان أي: الطاعة.
مذر: مذرت البيضة بفتح الميم وكسر الذال فسدت وأمذرتها الدجاجة، قاله الجوهري وصاحب المحكم وصاحب المجمل. وزاد صاحب المحكم: مذرت مذرا فهي مذرة. واتفق أهل اللغة أنها: بالذال المعجمة. وقوله في المهذب في باب بيع المصراة: إن كسر المبيع فوجده لا قيمة للباقي كالبيض المذر هو بفتح الميم كسر الذال وبالراء، والمراد به استحال دمًا أو نحوه بحيث لا ينتفع به، وكذا قوله في البسيط في الباب الثاني في المياه النجسة، وإن استحالت البيضة مذرة فيخرج على الوجهين، المراد استحالت دما وليس المراد مطلق الدم، فإن المذرة تطلق على التي اختلط صفارها
بياضها، وليست تلك مرادة في هذين الموضعين، والله تعالى أعلم.
مذي: المذي: الذي يخرج من الإنسان يكون للرجال والنساء. قال إمام الحرمين: هو في النساء أكثر منه في الرجال، قال: وإذا هاجت المرأة خرج منها. قال أصحابنا: وهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند شهوة كملاعبته زوجته وأمته ونظره ونحو ذلك، ويخرج بغير شهوة ولا دفق معه ولا يعقبه فتور وربما لم يحس بخروجه. ويقال رجل مذاء إذا أعتى وخروج المذي، ويقال المذي بإسكان الذال وتخفيف الياء، والمذي بكسر الذال وتشديد الياء، والمذي بالكسر والتخفيف ثلاث لغات الأوليان مشهورتان. قال الأزهري وغيره: الإسكان أكثر، وأما الثالثة فحكاها أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح قال أبو عمر: قال ابن الأعرابي: ويقال في الفعل مذّي ومذي بتخفيف الذال وتشديدها، وبالألف ثلاث لغات: الأولى أفصح، وكذا يقال في لودى ودى وودى وأودى، وكذا في المني منى ومنى وأمنى قال: والأولى أفصح في كل ذلك.
مرى: قال الجوهري: المروءة الإنسانية، قال: ولك أن تشدد. قال أبو زيد: مرؤ الرجل أي: صار ذا مروءة فهو مريء على فعيل وتمرأ تكلف المروءة. قال الرافعي: واختلفت العبارات في المروءة، فقيل: صاحب المروءة من يصون نفسه عن الأدناس ولا يشينها عند الناس. وقيل: الذي يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه. وذكر الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في باب قول الله عز وجل: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ} (صّ: من الآية17) قال: يقال للمرأة نعجة، ويقال لها شاة، وكذا قال الواحدي العرب تكنى عن المرة بالشاة والنعجة.
مرج: المرجان المذكور في زكاة الذهب والفضة وفي كتاب السلم من المهذب هو الخرز الأحمر المعروف، والمشهور في كتب اللغة: أن المرجان هو صغار اللؤلؤ ولا يمكن حمل الذي في المهذب على صغار اللؤلؤ لأنه عطف المرجان على اللؤلؤ والعقيق، فدل على إرادته الخرز الأحمر.
وقد اختلف العلماء في قول الله عز وجل: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَان} (الرحمن: من الآية22) قال الواحدي: قال الفراء: اللؤلؤ العظام والمرجان الصغار وهو قول جميع أهل اللغة في المرجان أنه الصغار من اللؤلؤ. وقال أبو الهيثم: اختلفوا في المرجان، فقال بعضهم: هو صغار اللؤلؤ. وقال آخرون: هو البسذ وهو جوهر أحمر،
يقال: إن الجن تطرحه في البحر وهذا قول ابن مسعود وعطاء الخراساني في المرجان في هذه الآية.
وقال ابن عباس والحسن وابن زيد وقتادة: اللؤلؤ الكبير والمرجان الصغير. وقال مقاتل: ضد هذا، فقال: اللؤلؤ الصغار والمرجان العظام وهذا قول مجاهد والسدي ومرة، ورواه عكرمة عن ابن عباس هذا آخر كلام الواحدي.
قلت: والميم في المرجان أصلية والنون زائدة، وهي فعلان هكذا ذكره أهل اللغة في فصل مرج. وقال الأزهري: لا أدري ثلاثي هو أم رباعي، وهذا عجب فكيف يكون رباعيا وليس في الكلام فعلال إلا في المضاعف كالزلزال والقلقال والسلسال والوسواس. وأما ما حكاه الفراء من قولهم ناقة فيها خزعال أي: عرج فهو شاذ، ومنهم من أنكره والاقسطال وهو الغبار.
مرد: الغلام الأمرد الذي لم تنبت لحيته بعد. وأصل هذه المادة من الملاسة فسمي الأمرد لملاسة وجهه، ومثله صرح ممرد مملس، وشيطان مريد أي: متملس من الخير ومردوا على النفاق. قال الجوهري: غلام أمرد بين المرد، ولا تقل جارية مرداء. قال الأصمعي: يقال تمرد فلان زمانا ثم خرج وجهه وذلك أن يبقى أمرد حينا.
مرط: قوله: ينشق مريطاؤك، هو بضم الميم وفتح الراء ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم طاء مهملة وهي ممدودة ومقصورة لغتان وهي مؤنثة. قال الجوهري: المريطاء ما بين السرة والعانة. قال الأصمعي: وهي ممدودة، ومنه قول عمر فذكره، قال الهروي: هذه الكلمة جاءت مصغرة، وذكر أبو عمرو في شرح الفصيح فقال: ما دون السرة المثلة والمثلة، والمريط والمريطاء ممدودة والمريطي مقصورة، والمرفق والمرافق والثنة. وقال ابن فارس في المجمل: المريطاء ما بين الصدر إلى العانة.
مرو: قولهم: ثوب مروي هو بفتح الميم وإسكان الراء وتشديد الياء منسوب إلى مرو مدينة معروفة بخراسان، وينسب إليها إيضا مروزي بزيادة زاي وهو من شواذ النسب.
مري: في كتاب الإيمان من المهذب: إذا حلف لا يأكل أدما فأكل المري حنث هو بضم الميم وسكون الراء وتخفيف الياء، وهو أدم معروف وليس هو عربيا، وهو يشبه الذي تسميه الناس الكافح، والكافح ليس هو عربيا لكنه عجمي معرب، وذكر
الجواليقي في آخر كتابه في لحن العوام فيما جاء ساكنا فحركوه المري. وقال الجوهري في صحاحه: هو المري بكسر الراء وتشديدها وتشديد الياء، قال: كأنه منسوب إلى المرارة، قال: والعامة تخففه.
مسح: قوله في الوسيط في مسائل بيع الغائب كالمسح من التوزي، هو بكسر الميم وإسكان السين المهملة وبالحاء المهملة، وهو ثوب من الشعر غليظ معروف، ويقال له البلاس بفتح الباء الموحدة. قال ابن الجواليقي: جمعه بلس وجمع المسح مسوح.
مسك: المسك بكسر الميم هو الطيب المعروف. قال الجوهري: هو معرب، قال: وكانت العرب تسميه المشموم وهو مذكر. قال أبو حاتم في كتاب المؤنث والمذكر: فإن أنثه إنسان فعلى مذهب العسل والذهب؛ لأنك تقول مسكة ومسك كما تقول ذهبة حمراء وعسلة. وأنشد الجوهري في تأنيثه:
جديد ومن أردانها المسك تنفح
لقد عاجلتني بالسباب وثوبها
وقال: أراد الرائحة، وأما المسك بفتح الميم فهو الجلد، ومنه قوله في المهذب في كتاب الصداق: القنطار ملء مسك ثور ذهبا، ومنه قول العرب: غلام في مسك شيخ، وجمعه مسوك كفلوس والسين في كل هذا ساكنة. وأما قول ابن باطيش في الجلد: أنه مسك بفتح الميم والسين جميعا فخطأ صريح، وغلط قبيح بأتفاق أهل اللغة. وأما قوله في زكاة الذهب والفضة من المهذب: روي “أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها مسكتان من ذهب” فهو بفتح الميم وفتح السين أيضا الواحدة مسكة بفتحهما أيضا، وهو سوار يتخذ من القرون غالبا، وهذا الحديث يدل على أنه يتخذ أيضا من الذهب، ويقال: أمسكت الشيء بيدي ومسكته بتخفيف السين وتشديدها ثلاث لغات: فما أمسكت ومسكت بالتشديد فمشهورتان، وأما مسكت مخففة فذكرها الهروي في الغريبين وغيره. قال الجوهري: ويقال أيضا تمسكت به واستمسكت به ومسكت به وامتسكت به كله بمعنى اعتصمت به وأمسكت عن الكلام سكت، وما تماسك أن فعل كذا أي: ما تمالك وما لبث، ويقال فيه مسكة من خير بضم الميم وإسكان السين أي: بقية. والإمساك: اسم للبخل. قال الجوهري: يقال فيه إمساك ومساك ومساكة يعني بفتح الميم فيهما أي: بخل، قال: فالمسك البخل يعني بضمتين. وفي الحديث: “إن أبا سفيان رجل مسيك” أي: شحيح بخيل، وهو عند أهل اللغة
بفتح الميم وتخفيف السين على وزن شحيح وبخيل، وأما المحدثون فيقولونه بكسر الميم وتشديد السين. قال صاحب المطالع: ضبطه أكثر المحدثين بكسر الميم، ورواية المتقنين بفتح الميم وتخفيف السين، وكذا هو لأبي بحر المستملي، قال: وبالوجهين قيدته على أبي الحسين وبالفتح ذكره أهل اللغة؛ لأن أمسك لا يبني منه فعيل إنما يبنى من الثلاثي، وقد يقال مسكة لغة قليلة، هذا كلام صاحب المطالع. قلت: ورواية المحدثين صحيحة على هذه اللغة أعني: مسكة بتخفيف السين، وقد قدمتها.
مشط: المشط فيه لغات ضم الميم مع إسكان الشين ومع فتحها أيضا وكسر الميم مع إسكان الشين، ويقال ممشط بميمين الأولى مكسورة، ويقال له المشقىء بكسر الميم وإسكان الشين المعجمة وبالقاف مهموز وغير مهموز، والمشقاء بالمد، والمكد بكسر الميم وفتح الكاف، والقيلم بفتح القاف وإسكان المثناة من تحت وفتح اللام، والمرجل بكسر الميم، ذكرها كلها أبوعمر الزاهد في أول شرح الفصيح، وفي صحيح البخاري في أول كتاب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم عند حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه” هكذا هو في جميع النسخ بمشاط. قال صاحب مطالع الأنوار: هو بكسر الميم. قلت: فيكون أما جمع مشط بكسر الميم كذئب وذئاب وبئر وبئار، وإما جمع مشط بالفتح ككلب وكلاب.
مطط: ذكر في المهذب في آخر صلاة الجمعة قال: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: يكون كلامه في الخطبة مترسلا مبينا معربا تغن ولا تمطيط. قال الأزهري في الشرح: المط الإفراط في مد الحرف، يقال مط كلامه إذا مده، فإذا أفرط فيه فقد مططه.
مطي: قوله في المهذب في باب مقام المعتدة: لا تخرج بالليل لأن الليل مطية الفساد. ووقع في بعض النسخ مظنة بالظاء المعجمة والنون وفي أكثرها بالطاء المهملة والياء المثناة من تحت، وكذا ضبطه بالمهملة بعض الأئمة الفضلاء الناقلين عن خط المصنف، وقد تقدم أيضا في حرف الظاء المعجمة في فصل ظنن.
قال أهل اللغة: المطية تذكر وتؤنث وجمعها مطايا ومطي، قيل: مأخوذة من المطا مقصور وهو الظهور وجمعه أمطاء كقفاء وأقفاء.
وقال الأصمعي: سميت مطية لأنها تمط في سيرها أي: تمد مأخوذة من المطو وهو المد. قال أبو زيد: يقال منه امتطيتها أي: اتخذتها مطية.
مع: قال صاحب المحكم: مع إسم معناه الصحبة، وكذلك مع بسكون العين غير أنه مع حركة العين يكون اسما وحرفا، ومع السكون حرف. وأنشد سيبويه:
وإن كانت زيارتكم لماما
وريشي منكم وهواي معكم
وقال اللحياني: وحكى الكسائى عن ربيعة وغنم: أنهم يسكنون العين من معْ فيقولون معكم ومعنا، قال: فإذا جاءت الألف واللام، وألف الوصل اختلفوا فيها فبعضهم يفتح العين وبعضهم يكسرها فيقولون مع القوم أو مع ابنك، وبعضهم يقولون مع القوم أو مع ابنك، أما من فتح العين مع الألف واللام فبناه على قولك كنا معَا فلما جعلها حرفا وأخرجها من الاسم حذف الألف وترك العين على فتحها، فقال: معَ القوم ومعَ ابنك، قال: وهو كلام عامة العرب يعني بفتح العين مع الألف واللام ومع ألف الوصل، قال: وأما من سكن فقال معْكم ثم كسر عند ألف الوصل فإنه أخرجه مخرج الأدوات مثل هل وبل وقد وكم، فقال معْ القوم كقولك كم القوم وبل القوم وتقول جئت من معهم أي: من عندهم بفتح الميم والعين، هذا آخر كلام صاحب المحكم.
وقال الأزهري: مع كلمة تضم الشيء إلى الشيء وأصلها معا، قال: قال الليث: وإذا أكثر الرجل من قول مع قيل هو يمعمع معمعة، ودرهم معمعي كتب عليه مع مع. وقال ابن الأعرابي: معمع الرجل إذا لم يحصل على مذهب يقول لكل أنا معك، ومنه قيل لمثله امع وامعة، والمعمعان شدة الحر والنوم، والمعمعاني شدة الحر، ويقال للحرب معمعة. وقال الجوهري: مع للمصاحبة، وقد تسكن وتنون تقول جاؤوا معا.
معى: المعا: بكسر الميم مقصور جمعه أمعاء بالمد. قال الواحدي: مثل ضلع وأضلاع، قال: وتثنيته معيان يعني بفتح العين، قال: وهو جميع ما في البطن من الحوايا. وقال غيره: الأمعاء المصارين وهو قريب منه.
مقل: في الحديث: “إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه” هو بضم القاف، وقال: مقله يمقله مقلا أي: غمسه، وهذا الحديث في صحيح البخاري. والمقلة: شحمة العين التي تجمع السواد والبياض، ويقال مقلته أي: نظرت إليه بمقلتي، حكاه الجوهري عن أبي عمرو. وفي كتاب المساقاة من
الروضة في المساقاة على شجر: المقل وجهان: هو بضم الميم وإسكان القاف. قال الجوهري: المقل ثمر الدوم.
مكس: قال أهل اللغة: المماكسة هي المكالمة في النقص من الثمن، ومنه مكس الظلمة وهو ما ينقصونه من أموال الناس ويأخذونه منهم.
ملح: قال المزني في أول المختصر: قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: كل ماء من بحر عذب أو مالح فالتطهير به جائز، هكذا قاله مالح، وأنكره المبرد وغيره ممن تتبع ألفاظ الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقالوا: هذا لحن، وإنما يقال ملح كما قال الله تعالى. وأجاب أصحابنا باجوبة أصحها: أن في الماء أربع لغات: ماء ملح، ومالح، ومليح، وملاح. قال إمام أبو سليمان الخطابي في كتابه الزيادات في شرح ألفاظ مختصر المزني: الجواب عن اعتراض هذا المعترض: أن اللغة تعطي اللفظين معا. قال الشاعر:
لأصبح طعم البحر من ريقها عذبا
ولو تفلت في البحر والبحر مالح
وقال آخر:
وأنى منها بين غاد ورائح
ومن بارد عذب زلال بمالح
وللرزق أسباب تروح وتغتدي
قنعت بثوب العدم حلة فلهذا
قال الخطابي: فيه ثلاث لغات ماء ملح، ومالح، وملاح، كما قالوا أجاج وزعاق وزلال، قال: والكل جائز، قال: وإنما نزل من اللغة العالية إلى التي هي أدنى للإيضاح والبيان وحسما للإشكال، والالتباس لئلا يتوهم متوهم أنه أراد بالملح المذاب فيظن أن الطهارة به جائزة، هذا كلام الخطابي، وأنشد أصحابنا في مالح بيتا لمحمد بن حازم:
ومازج عذبا من إخائك مالح
تلونت ألوانا علي كثيرة
وأنشدوا على مليح، قول خالد بن يزيد في رملة بنت الزبير:
مليحا شربنا ماءه باردا عذبا
ولو وردت ماء وكان قبيله
فهذا الذي ذكرناه هو الجواب الصحيح، وذكروا جوابا ثانيا: أن الشافعي إمام في اللغة فقوله فيها حجة. وجوابا ثالثًا أن هذه اللفظة ليست من كلام الشافعي، وإنما هي من كلام المزني وغير عبارة الشافعي، وهذا الجواب ليس بشيء، وكيف ينسب الخطأ إلى المزني وعنه مندوحة.
وقولهم لم يذكر الشافعي: هذا ليس بصحيح، وقد أنكره الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي الشافعي فقال في رسالته إلى الشيخ
أبي محمد الجويني: أن أكثر أصحابنا ينسبون الغلط في هذا إلى المزني، ويزعمون أن هذه اللفظة لم توجد للشافعي. قال البيهقي: وقد سمى الشافعي البحر مالحا في كتابين أحدهما: في أمالي الحج في مسألة كون صيد البحر حلالا للمحرم، والثاني: في المناسك الكبير، وذكر البيهقي أيضا هذين النصين في كتابه كتاب رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي. قال البيهقي: وذكر الإمام أبو منصور الأزهري محمد بن عبد الله الفقيه الأديب قال: أخبرني أبو عمر غلام ثعلب قال: سمعت ثعلبا يقول: كلام العرب ماء مالح وسمك مالح، وقد جاء عن العرب ماء ملح.
قال أبومنصور: وإذا حكى ثعلب هذا عن العرب كان حجة. قال أبو منصور: وسألت أبا حامد الجارولجي صاحب التكملة عن قول الشافعي ماء مالح، فقال: صحيح جائز تقول ماء ملح ومالح وكلاهما لغة. قال البيهقي: وفيما حكى أبو منصور الخمشادي في كتابه عن أبي محمد بن درستويه صاحب المبرد، قال: ويقال ماء مالح ومليح. قال أبو مصنور: وسألت أبا العلاء الحسن بن كوشاد وهو أوحد أهل عصره أدبا وفصاحة عن هذا، فقال: يقال ماء ملح إذا كان أصله ملحا ومالح إذا مازجته ملوحة.
قال البيهقي: وقد روينا في السنن الكبير عن أبي هريرة، قال: أتى نفر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نصيد في البحر ومعنا الماء العذب فربما تخوفنا العطش فهل يصلح أن نتزود من البحر المالح، فقال: “نعم”. وروى البيهقي حديثا آخر مرسلا بإسناده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا شرب الماء قال: “الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم يجعله مالح أجاجا بذنوبنا” والملاح: بفتح الميم وتشديد اللام. وفي الحديث: “ضحى بكبشين أملحين” قال أهل اللغة: الأملح الذي فيه بياض وسواد وبياضه أكثر.
ملك: الملك بضم الميم مصدر الملك بكسر الميم، ومنه قولهم في التلبية: إن الحمد لك والملك، وقولهم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وإما ملك من مال أو غيره فيقال فيه هو ملك فلان، وملك يمينه بكسر الميم وفتحها وضمها ثلاث لغات: الكسر أفصح وأشهر، والملاك: والملاك بكسر الميم وفتحها، والأملاك كله بمعنى التزويج والأملاك أفصح وأشهر. روينا في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “
خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم”.
ملل: قال أهل اللغة: يقال مللت الشيء بكسر اللام أمله بفتحها ومللت منه مللا وملالة وملة أي: سئمته واستمللته بمعنى مللته، ورجل ملول ومل وملولة وذو ملة، وامرأة ملولة، وأمله وأمل عليه أي: أماله، يقال أدل فأمل وأمل عليه بمعنى: أملى، والملة الدين، وفلان يتملل على فراشه ويتململ إذا لم يستقر من الوجع كأنه على ملة، وهي الرماد الحار. وقوله في خطبة الوسيط: الذي هو داعية الإملال أي: السآمة.
ملأ: قال الجوهري: أمليت الكتاب أملي وأمللته أمله لغتان جيدتان جاء بهما القرآن، واستمللته الكتاب سألته أن يمليه عليَّ، وأقمت عنده ملوة من الدهر، وملاوة وملاوة وملوة وملاوة أي: حينا وبرهة، حكاهن الفراء. والملى: من الزمان الطويل، ومضى ملى من النهار أي: ساعة طويلة، والملوان: الليل والنهار، وأمليت له في غيه أي: أطلت، وأملى الله تعالى له أي: أمهله.
قلت: والاملاء من كتب الشافعي رحمه الله تعالى يتكرر ذكره في هذه الكتب وغيرها من كتب أصحابنا، وهو من كتب الشافعي الجديدة بلا خلاف، وهذا أظهر من أن أذكره، ولكن استعمله في المهذب في مواضع استعمالا يوهم أنه من الكتب القديمة، فمن تلك المواضع في باب صلاة الجماعة في مسألة من أحرم منفرداً ثم دخل في الجماعة، وفي باب مواقيت الصلاة في فصل وقت العشاء فنبهت عليه، وقد أوضحت في شرح المهذب حاله، وأزلت ذلك الوهم بفضل الله تعالى.
وقد ذكر الإمام الرافعي في مواضع كثيرة بيان كونه في الكتب الجديدة، وذكره في صلاة الجماعة والصلاة على الميت وغيرهما، وكأنه خاف ما خفته من تطرق الوهم، وأما الأمالي القديمة الذي ذكره في المهذب في آخر باب إزالة النجاسة فمن الكتب القديمة وهو غير الإملاء المذكور.
من: تكرر في الأحاديث الصحيحة: “من غشنا فليس منا”، “من حمل علينا السلاح فليس منا”، ”من لم يتغن بالقرآن فليس منا” قال جمهور العلماء: المراد بهذا كله ليس على سنتنا أو على هدينا أو أدبنا أو مكارم أخلاقنا. وروينا في كتاب الترمذي رحمه الله تعالى في أبواب البر والصلة: في باب
عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى: أنه كان ينكر هذا التفسير، ومراده والله تعالى أعلم: أن هذا التفسير يخفف النهي، ويجرء الجاهل على انتهاك الحرمات، والنبي صلى الله عليه وسلم عبر بهذه العبارات ليكون أبلغ في الزجر، فلا ينبغي أن يفسر ويشاع تفسيرها، هذا مراد سفيان الثوري رحمه الله تعالى.
وقول الفقهاء: باع منه كذا، هكذا يستعملونه بمن، وقد عد هذه جماعة من لحن الفقهاء، وقالوا: صوابه باعه كذا يعدى بنفسه، وهذا الانكار غير صحيح، بل قد صح استعمالها عن العرب، ففي صحيح البخاري في حديث وصية الزبير عن عبد الله بن الزبير قال: “باع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف” يعني: نصيبه الذي استوفاه من ابن الزبير. وفي حديث آخر: “فباع منه فرسا” وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن عبد الرحمن بن وعلة النسائي وهو عربي، ومن الثقات، وقد روى له مسلم في صحيحه قال: سئل ابن عباس عن بيع الخمر من أهل الذمة، وذكر الحديث.
في صحيح البخاري في كتاب النكاح في باب من قال لا نكاح إلا بولي: عن معقل بن يسار قال: زوجت أختا لي من رجل. قيل: اسم هذه جميل بضم الجيم، وذكرها في تفسيره، وعبد الغني في المؤتلف، وفي صحيح مسلم في باب الأمر بوضع الجوائح عن جابر بن عبد الله قال: قال: “أرايت لو بعت من أخيك تمرا ثم أصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، ثم تأخذ مال أخيك بغير حق” فعلى هذا يجوز أن تكون اللفظة تعدى بنفسها وبمن، ويجوز أن تكون من زائدة على مذهب الأخفش في جواز زيادة من في الواجب. وفي البخاري في أول البيوع في باب ما قيل في الصواغ: عن علي قال: “واعدت رجلا أن يرتحل معي فيأتي بأذخر أردت أن أبيع من الصواغين وأستعين به” هكذا هو في جميع الأصول من الصواغين، وكذا هو في صحيح مسلم من الصواغين. وفي أول كتاب البيوع من البخاري في باب من اشترى شيئا فوهبه من بايعه: عن ابن عمر: أن عمر كان له جمل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “بعنيه” فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أول الباب عن ابن عمر قال: “بعت من عثمان مالا بالوادي”. وفي صحيح مسلم في حديث جابر في بيعه الجمل، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بعنيه” فبعته منه بخمس أوراق.
منن: المنون: الموت. قال أبو حاتم السجستاني: سمعناها مؤنثة، قال: وقد ذكرها
قوم كثيرون، ويروى لأبي ذؤيب:
أمن المنون وريبه تتوجع
ويروى: وريبها وهو أكثر. قال: وقد جعلوا المنون جمعا. قال عدي بن زيد:
من ذا عليه من أن يضام خفير
من دانت المنون عن ابن أم
قال الإمام أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن عمر بن إسحاق الأسدي في كتاب شرح اللمع في باب المفعول له: أعلم: أن الباء تقوم مقام اللام، قال الله تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ} (النساء: من الآية160) وكذلك، قال الله تعالى:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ} (المائدة: من الآية32) .
منى: المنى بفتح الميم مقصور على وزن العصا، هو رطل وتثنيته منوان، وجمعه أمناء، وقد يقال في لغة قليلة في الواحد من بتشديد النون، وكذا وقع في أكثر نسخ الوسيط في مسألة القلتين، وذكره في المهذب في بيع الغرر في مسائل بيع الصبرة والسمن في ظرفه يقال من على اللغة الفصيحة.
مهر: قوله في كتاب زكاة الإبل المهرية: هي بفتح الميم وإسكان الهاء منسوبة إلى مهرة ابن حيدان بفتح الحاء المهملة وإسكان المثناة تحت ابن عمرو بن الحارث بن قضاعة قبيلة كبيرة، كذا قاله السمعاني في الأنساب إلا أنه لم يقل إن الإبل منسوبة إليه، ولكن قاله جماعات غيره. وقال الواحدي في البسيط في تفسير الأحقاف: قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الأحقاف واد بين عمان والمهرة وإليه ينسب الجمال المهرية.
موت: في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “موتان الأرض لله تعالى ولرسوله ثم هي لكم مني” ذكره في إحياء الموات من المهذب. قال أهل اللغة: الموتان بفتح الميم والواو هو الموات. قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: يقال للأرض التي ليس لها مالك ولا بها ماء ولا عمارة ولا ينتفع بها، ألا أن يجري إليها ماء، وتستنبط فيها عين، أو تحفر فيها بئر موات وميتة، وموتان بفتح الميم والواو وكل شيء من متاع الأرض لا روح فيه فهو موتان ويقال فلان يتبع الموتان، فأما ما كان ذا روح فهو الحيوان، وأرض ميتة إذا يبست ويبس نباتها، فإذا سقاها السماء صارت حية بما يخرج من نباتها، ورجل موتان الفؤاد إذا ذكي ولا فهم يعني بإسكان الواو، ووقع في المال موتان وموات
يعني: بضم الميم فيهما وهو الموت الذريع، هذا آخر كلام الأزهري.
قال أهل اللغة: ويقال مات الإنسان يموت ويمات فهو ميت وميت والجمع موتى وأموات وميتون وميتون، ويقال أماته الله تعالى وموته والمتماوت صفة للناسك المرائي قاله الجوهري، والمستميت للأمر المسترسل له والمستميت أيضا المستقتل الذي لا يبالي في الحرب من الموت. قال الجوهري: ويستوي في قولك ميت وميت المذكر والمؤنث قال الله تعالى: “لنحى به بلدة ميتا” ولم يقل ميته، قال: قال الفراء: يقال لمن لم يمت أنه مائت عن قليل وميت، ولا يقولون لمن مات هذا مائت.
قال أهل اللغة والفقهاء: الميتة ما فارقته الروح بغير زكاة وهى محرمة كلها إلا السمك والجراد فإنهما حلالان بإجماع المسلمين، وإلا جلد الميتة إذا دبغ فإن في حله إذا كان الحيوان مأكول اللحم قولين: وإن كان غير مأكول فطريقان أحدهما: لا يحل قولا واحدا. والثاني: أنه على الخلاف في المأكول وإلا الجنين بعد زكاة أمه إذا انفصل ميتا، والصيد إذا قتله الكلب المعلم والسهم وما في معناهما: إذا أرسله من هو من أهل الزكاة ولم تدرك زكاته، وقد يقال في هذا هذه زكاة ولكن عده صاحب الحاوي وغيره في الميتات المستثناة، وكل الميتات نجسات إلا هذه المذكورات، وإلا الأدمي فإنه ظاهر على أصح القولين مسلما كان أو كافرًا، وإلا ما ليس له نفس سائلة فإنه طاهر على وجه ضعيف، والمختار المشهور أنه نجس لكن لا ينجس ما مات فيه على المذهب الصحيح، وإلا دود الخل والجبن والتفاح والباقلاء والتين وما أشبهها، فإن في جواز أكلها ثلاثة أوجه أصحها يجوز أكلها مع ما مات فيه، ولا يجوز أكلها منفردة، والثاني: يجوز مطلقا، والثالث: لا يجوز أكلها مطلقا.
وقد أوضحت كل هذه المسائل بدلائلها وبسطت القول فيها في شرح المهذب ثم في شرح التنبيه، وإنما أشرت إلى أحرف منها هنا لذكر الميتة، والله تعالى أعلم.
وفي الحديث: “من مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية” ذكره في المهذب في أول قتال أهل البغي: وهي بكسر الميم وإسكان الياء. قال أهل اللغة: والميتة بكسر الميم إسم للحالة، وكذلك القتلة والذبحة، ويقال مات فلان ميتة حسنة وطيبة. وأما قوله صلى الله عليه وسلم في البحر: “الحل ميتته” فبفتح الميم بلا خلاف بين أهل اللغة والحديث والفقه، ومعناه: الحيوان
الميت فيه. قال أهل اللغة: والموتة بضم الميم وإسكان الواو ضرب من الجنون، وأمات فلان إذا مات له ابن أو بنون، وأماتت المرأة إذا مات ولدها. وفي الحديث: “طريق مئتاء” بكسر الميم وبعدها همزة وبالمد وتسهل فيقال: ميتاء بياء ساكنة كما في نظائره. قال صاحب المطالع: معناه كثير السلوك عليه مفعال من الإتيان، قال: وقال أبو عبيد: وقال بعضهم: طريق مأتي أي يأتي عليه الناس، وهو صحيح أيضا.
موث: يقال: ماث التمر ونحوه في الماء يموثه ويميثه لغتان بالواو والياء ومثته بكسر الميم أميثه، ويقال “أماثه في الماء” لغة قليلة حكاها الهروي وصاحب المطالع، والمشهور الأول ماث ثلاثي، وقد ثبت أماث بالألف في صحيح البخاري في كتاب الوليمة في حديث سهل بن سعد، قال: “بلت المرأة تمرا ثم أماثته”.
مول: روينا في حلية الأولياء عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى، قال: سمي المال لأنه يميل القلوب. قلت: وهذه مناسبة في المعنى، وإلا فليس مشتقا من ذلك فإن عين المال واو والإمالة من الميل ياء، ومن شروط الاشتقاق: الاتفاق في الحروف الأصلية. قال الجوهري: تصغير المال مويل ومال الرجل يمول ويمال مولا ومؤولا إذا صار ذا مال وتمول مثله وموله غيره. ورجل مال أي: كثير المال.
ميل: وأما القصر ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي. فقال أبو الحسن علي بن سعيد بن عبد الرحمن العبدري من أصحابنا في كتاب الكفاية في مسائل الخلاف بين العلماء كلهم: الميل أربعة آلاف خطوة كل خطوة ثلاثة أقدام بوضع قدم أمام قدم ويلصق به. قال القلعي: الميل أربعة آلاف خطوة أو ستة الآف ذراع أو اثنا عشر ألف قدم، والذراع أربعة وعشرون أصبعا، والأصبع ثلاث شعيرات مضمومة بعضها إلى بعض عرضا، هكذا قال ثلاث شعيرات وهو غلط وصوابه ست شعيرات، والله تعالى أعلم.